الإصحاح الأول – تفسير رسالة كورونثوس الثانية – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الثانية إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الأول

العدد 1

آية (1): -

"1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، إِلَى كَنِيسَةِ اللهِ الَّتِي فِي كُورِنْثُوسَ، مَعَ الْقِدِّيسِينَ أَجْمَعِينَ الَّذِينَ فِي جَمِيعِ أَخَائِيَةَ.".

مكدونية وأَخَائِيَةَ = مقاطعات رئيسية في اليونان وكورنثوس عاصمة إخائية.

بُولُسُ، رَسُولُ... بِمَشِيئَةِ اللهِ = الرسالة الأولى صححت كثيراً من الأوضاع في كورنثوس. ولكن يبدو أن قلة إستمرت في العناد وإستمروا يشككون في رسولية بولس. وهنا يظهر الرسول أساس سلطانه أنه رسول يسوع المسيح بمشيئة الله. لكي يثبت صحة تعاليمه فلا يتشككوا فيما قاله لهم. تِيمُوثَاوُسُ = المعروف لديهم جيداً. مَعَ الْقِدِّيسِينَ أَجْمَعِينَ = أي المؤمنين.

العدد 2

آية (2): -

"2نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.".

نِعْمَةٌ = كلمة يونانية. وَسَلاَمٌ = كلمة عبرية. فالمسيح أتى للجميع. والنعمة أيضاً هي عمل المسيح والروح القدس والذي نشأ عنه السلام. مِنَ اللهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ = النعمة والسلام منسوبان للآب كما للإبن دليل وحدة الجوهر.

العدد 3

آية (3): -

"3مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ.".

مُبَارَكٌ اللهُ.. = أى له كل الحمد والشكر والتسبيح، فالرسول يبدأ الآية بالتسبيح وينهيها بقولـه إِلهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ = فالله هو مصدر كل تعزية للمؤمنين. ولكن يفهم من الآية أنها تبدأ بالتسبيح وتنتهي بالتعزية. فالتسبيح يزيدنا من الإمتلاء من الروح القدس فنمتلئ من التعزيات. وبهذا يُعَلِّم الرسول أهل كورنثوس أن ينشغلوا بتمجيد الله وتسبيحه عوضاً عن شقاقات لا معنى لها، ومن يسبح سيحصل على هذه التعزية، أمّا من يدخل في شقاقات فلن يحصد سوى المرارة والرسول يشير للتعزية فهو سيتكلم الآن كثيراً عن التعزيات وسط الضيقات.

أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ = الآب هو أبو ربنا يسوع من ناحية اللاهوت وهو إلهه من حيث الطبيعة الناسوتية. وهذا التعبير محبب عند الرسول، فأبوة الآب للإبن صارت أبوة لنا حينما إتحدنا بإبنه. أَبُو الرَّأْفَةِ = مصدر كل رحمة "الله يسر بأن يعاملنا بالرأفه" (مى7: 18). فمن يصوم ويقمع جسده، فالله يُسَّرْ بأن يتعامل مع جسده بكل رأفة فلا يخور. وهكذا فالله يعاملنا بكل رأفة وسط آلامنا وضيقاتنا. ففي الآيات 3 – 10 جاءت كلمة تعزية 10 مرات. وكلمة ضيقة وألم وموت 10 مرات. فبقدر الآلام، يعطى الله التعزيات. وراجع ألام بولس وتعزياته (راجع في المقدمة الصليب والآلام عند بولس الرسول + كيف فهم بولس الرسول أهمية الألم والصليب). وبولس كان له الكثير من الرؤى والمواهب، لذلك سمح الله بزيادة الآلام حتى لا ينتفخ، ومع زيادة الآلام زادت التعزيات حتى لا ينكسر. وهذا معنى "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني" (نش 2: 6).

العدد 4

آية (4): -

"4الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.".

لاحظ أن الرسول لا يكتب ونفسه مملوءة مراراً منهم بسبب اتهاماتهم وتشكيكهم في صدق رسوليته، وذلك بسبب كثرة تعزياته، فالله لم يتركه وسط هذه الضيقات وحيداً، بل دخلت به الآلام لمزيد من التعزيات. ونفهم من الآية أن من إختبر نوعاً من الضيق وتعزى يستطيع أن يعزى أولئك الذين هم في نفس الضيقة. وهو إختبر هذه التعزيات، ويبشرهم بها حتى يطلبوها من الله وسط ضيقاتهم. بل أن الله يسمح لخدامه أن يدخلوا بعض الضيقات ليختبروا التعزيات فيعزوا المتضايقين. والخادم الذي تألم حاملاً صليبه يصير خادماً كاملاً مثل ما حدث مع المسيح الذي تكمل بالآلام (عب 2: 10) فإن كان المسيح قد تكمل بالآلام فكم وكم ينبغي علينا نحن أن نتكمل بالآلام. والمسيح تكمل بالألام ليشابهنا فى كل شئ حتى الألام. أما نحن فنكمل بالألام لنشبهه. أضف لهذا أن الخادم المتألم يكون حنوناً في معاملة الناس. والتعزية ليست هي الخلاص من الألم ولكنها عون يهبه الله لنا في الضيقة. أي الخلاص مما يمكن أن ينتج عن الآلام والضيقات من شعور باليأس والفشل.

العدد 5

آية (5): -

"5لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضًا.".

آلاَمُ الْمَسِيحِ = تعنى: -.

  1. الآلام التي نجتازها ونتعرض لها مثل المسيح المتألم.
  2. الآلام التي نتعرض لها بسبب إيماننا بالمسيح. فألامنا لأجل المسيح تنبع من نفس المنبع الذي جاءت منه آلامه أي مقاومة الظلمة للنور الذي فينا.
  3. آلامنا هي ألام المسيح نفسه (كو1: 24) فالألم الذي يقع علينا هو واقع على المسيح فنحن جسده وهو يحيا فينا، فهو "فى كل ضيقهم تضايق" (إش63: 9).

وهنا توجيه من الرسول لهم.. أنه بدلاً من أن تنشغلوا بالمباحثات الغبية عليكم أن تنظروا للصليب الموضوع عليكم، بكونه شركة مع المسيح فتجدوا تعزية، وإذا تألمتم معه ستتمجدون معه (رو 8: 17) فالصليب والآلام هي المدرسة الحقيقية لمعرفة المسيح وتعزياته وليس العلم والدراسة، لذلك صار الألم هبة (في 1: 29) ولاحظ أنه كلما زادت الآلام زادت التعزيات.

العدد 6

آية (6): -

"6فَإِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمُ، الْعَامِلِ فِي احْتِمَالِ نَفْسِ الآلاَمِ الَّتِي نَتَأَلَّمُ بِهَا نَحْنُ أَيْضًا. أَوْ نَتَعَزَّى فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وَخَلاَصِكُمْ.".

إِنْ كُنَّا نَتَضَايَقُ = نتحمل ألام الكرازة ولكن ألامنا هذه كانت لتصل إليكم كلمة الله فتؤمنوا وتتعزوا وتخلصوا = فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ وخلاصكم. فكان بولس يمكن له أن يترك الكرازة ويستريح من كل الهجوم عليه وآلامه التي يواجهها، ولكن لو فعل، لما آمنوا ولما كانوا قد تعزوا ولا كان لهم خلاص. ولكن الإيمان الذي تقبلونه والتعزية التي ستفرحون بها ليس معناها أنه لن يقع عليكم أي ضيقات بل ستحتملوا ألاماً مثلنا = نَفْسِ الآلاَمِ الَّتِي نَتَأَلَّمُ بِهَا نَحْنُ أَيْضًا. فالشيطان والعالم يهاجمون المسيح الذى فينا والذى فيكم (يو15: 18، 19).

الْعَامِلِ فِي احْتِمَالِ نَفْسِ الآلاَمِ أَوْ نَتَعَزَّى فَلأَجْلِ تَعْزِيَتِكُمْ = قوله العامل فى إحتمال هذا يعنى أن ألامنا وضيقاتنا التى ترونها فينا لها عمل معكم وتأثير فعال فيكم إذ تصبرون على ألامكم، وتختبرون نفس التعزيات التى نختبرها، لذلك يسمح لنا الله أن نجتاز فى هذه الألام: -.

1) فإذا تألمت فالله لا يتركني بل يعزيني فأفيض عليكم تعزيات (يو7: 37 - 39).

2) حينما تنظرون إلينا ونحن في حالة تعزية بالرغم من آلامنا فإنك تتشجعون وتثبتون وهذا يساعد على خلاصكم.

3) الخادم المتألم الذي إختبر التعزية يكون أكثر مقدرة على تعزية المتألمين فرقة الأحاسيس تأتى عن طريق الآلام. ومن لم يتألم يكون عادة خشناً جداً، لم يدخل ولم يتهذب في مدرسة الألم.

العدد 7

آية (7): -

"7فَرَجَاؤُنَا مِنْ أَجْلِكُمْ ثَابِتٌ. عَالِمِينَ أَنَّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي الآلاَمِ، كَذلِكَ فِي التَّعْزِيَةِ أَيْضًا.".

الرجاء الثابت أنه ستزداد تعزياتهم مع زيادة ألامهم ناشئ عن إختباره الشخصي، فمع إزدياد ألامه إزدادت تعزياته (آية 5).

العدد 8

آية (8): -

"8فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدًّا فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضًا.".

تعرض الرسول في آسيا لألام وضيقات فوق ما تحتمله طبيعة البشر = فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا = أي يأسنا مِنَ الْحَيَاةِ = أي لم يعد لنا رجاء في أننا سننجو بحياتنا. فهو يبدو أنه وقع في مشكلة كبيرة حتى ظن أنه مائت لا محالة، وربما كان هذا إشارة لما حدث في أفسس (أع 19) أو لما أشير إليه في (أع 20: 3) أو حادثة أخرى لم تذكر في سفر الأعمال.

العدد 9

آية (9): -

"9لكِنْ كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ، لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا بَلْ عَلَى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ.".

كَانَ لَنَا فِي أَنْفُسِنَا حُكْمُ الْمَوْتِ = أي أننا في أنفسنا ما كنا نتوقع شيئاً غير الحكم بالموت، وأن الموت سيكون نهاية للضيقة التي كنا فيها. لِكَيْ لاَ نَكُونَ مُتَّكِلِينَ عَلَى أَنْفُسِنَا = الله يسمح بضيقات ميئوس من الخروج منها لكي يرى المؤمنون يده التي تنجى وتنقذ. فلا يعودوا يتكلون على قوتهم الذاتية، بل يكون رجاؤهم على الدوام فى اللهِ الَّذِي يُقِيمُ الأَمْوَاتَ. ويُفهم أن الرسول تعرض ليس فقط للإهانات بل لألام فوق طاقة البشر. وأن الله يسمح بهذا ليزداد إيماننا وإختبارنا لتدخل الله وذراعه القوية. وهذا هو أسلوب الله دائماً. فلماذا سمح الله بأن لا يجد الشعب ماءاً في البرية بعد خروجهم من مصر، وسمح بضيقات كثيرة لهم. كان هذا بسبب أنهم لو قابلوا هذه الضيقات بصبر، فإنهم كانوا سيرون ذراع الله القوية تتدخل في الوقت المناسب فيزداد إيمانهم. وهذا عمل الله دائماً أنه ينقل المؤمن من مرحلة العيان إلى مرحلة الإيمان، بل وينمو إيمانه يوما بعد يوم. فاليهود رأوا في مصر بالعيان كيف ضرب الله المصريين وكيف شق البحر، فهم عرفوا الله بالعيان. ولكن بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه (عب11: 6) لذلك أدخلهم الله مدرسة الإيمان خلال هذه الضيقات لينقلهم من العيان للإيمان. ونحن كمؤمنين، يتبع الله معنا نفس الأسلوب وعلينا أن نقابل الضيقات بشكر فيزداد إيماننا حين نرى يد الله (كو2: 7).

اللهِ الَّذِي يُقِيمُ من الأَمْوَاتَ. =.

  1. الله حَوَّلَهُ من مُضطهد للمسيحية إلى كارز عظيم.
  2. الله حَوَّلَهُ من خاطئ إلى قديس عظيم، هو تذوق بهجة القيامة من الأموات. والله الذى أقامه من خطيته القيامة الأولى، سيقيمه فى اليوم الأخير فى القيامة الثانية لحياة أبدية بجسد ممجد.
  3. هذا إشارة للحادثة التي كاد أن يموت فيها وأنقذه (أع 19: 14).
  4. هو رأى يد الله وذراعه الرفيعة وكيف أنقذه من الموت وإزداد إيمانه.
  5. هذه الآلام الرهيبة كانت سبباً فى تعزياته الكثيرة.
  6. هو يكتب ما يكتبه لا ليدافع عن نفسه فهو فى حكم الميت، بل يكتب لأجلهم ليتعزوا.

العدد 10

آية (10): -

"10الَّذِي نَجَّانَا مِنْ مَوْتٍ مِثْلِ هذَا، وَهُوَ يُنَجِّي. الَّذِي لَنَا رَجَاءٌ فِيهِ أَنَّهُ سَيُنَجِّي أَيْضًا فِيمَا بَعْدُ.".

إن الله قد أنقذنا من مثل هذه المخاطر العظيمة التي تعرضنا لها والتي كانت ستؤدى بلا شك إلى موتنا. والله على الدوام يُنَجِّي = وقوله ينجى لا يعنى أنه يتوقع كرامات زمنية فى المستقبل بل مزيد من الآلام ومزيد من النجاة التي يعطيها له الله. ولكن بولس مات أخيراً شهيداً بسيف نيرون فلماذا لم ينجيه الله؟! السبب أنه كان قد أنهى عمله الذي خلقه الله لأجله (أف 2: 10) إذاً ليترك هذه الحياة بألامها ويذهب للراحة، وليكن هذا بأي وسيلة مثل سيف نيرون. فنيرون لم يكن له سلطان البتة إن لم يكن قد أُعطى من فوق (يو 19: 11).

الآيات (11– 14): -.

"11 وَأَنْتُمْ أَيْضًا مُسَاعِدُونَ بِالصَّلاَةِ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يُؤَدَّى شُكْرٌ لأَجْلِنَا مِنْ أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ، عَلَى مَا وُهِبَ لَنَا بِوَاسِطَةِ كَثِيرِينَ. 12لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ. 13فَإِنَّنَا لاَ نَكْتُبُ إِلَيْكُمْ بِشَيْءٍ آخَرَ سِوَى مَا تَقْرَأُونَ أَوْ تَعْرِفُونَ. وَأَنَا أَرْجُو أَنَّكُمْ سَتَعْرِفُونَ إِلَى النِّهَايَةِ أَيْضًا، 14كَمَا عَرَفْتُمُونَا أَيْضًا بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ أَنَّنَا فَخْرُكُمْ، كَمَا أَنَّكُمْ أَيْضًا فَخْرُنَا فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.".

الرسول مقتنع بأمانة وصحة مجهوداته فى تقديم المسيح للكورنثيين وهذا ما يؤهله لطلب مشاركتهم له ومؤازرتهم إياه فى صلواتهم. وأنه بَشَّرَهُم بالمسيح بالحق والإخلاص. وهو لا يغير شيئاً مما علمه لهم سابقاً. وحتى إن لم يعرفوا أمانته معهم الآن فلسوف يدركون ذلك فى يوم الرب يسوع.

العدد 11

آية (11): -

"11 وَأَنْتُمْ أَيْضًا مُسَاعِدُونَ بِالصَّلاَةِ لأَجْلِنَا، لِكَيْ يُؤَدَّى شُكْرٌ لأَجْلِنَا مِنْ أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ، عَلَى مَا وُهِبَ لَنَا بِوَاسِطَةِ كَثِيرِينَ.".

وَأَنْتُمْ أَيْضًا مُسَاعِدُونَ بِالصَّلاَةِ لأَجْلِنَا = إن الله ينجينا طالما أنكم أنتم تساعدونا بصلواتكم. والحياة التي يهبها لنا الله يجب أن ننظر إليها على أنها هبة من الله = عَلَى مَا وُهِبَ لَنَا = بل كل ما عمله بولس الرسول من خدمات هو هبة من الله. لِكَيْ يُؤَدَّى شُكْرٌ لأَجْلِنَا = عندما تستجاب صلواتكم عنا وننجو وتنجح خدمتنا تقدمون صلوات شكر على نجاح الخدمة وهذا النجاح يمجد الله. ولاحظ تشجيع بولس لهم، فهو ينجو ويخدم بصلواتهم. وهذا ما تعمله الكنيسة، فهي تصلى للبطريرك والأساقفة والكهنة والخدام، لكي تتم الخدمة بنجاح. وبهذا يتمجد اسم الله القدوس، خاصة حينما نشكر الله علي ما أعطاه من نجاح للخدمة. والصلاة للآخرين هي عمل محبة والله محبة، وحينما تتوافق إرادتنا مع إرادة الله تحدث أعمال عجيبة، لذلك فسمة المسيحية أن يهتم كل واحد بالآخر وليس بنفسه.

العدد 12

آية (12): -

"" 12لأَنَّ فَخْرَنَا هُوَ هذَا: شَهَادَةُ ضَمِيرِنَا أَنَّنَا فِي بَسَاطَةٍ وَإِخْلاَصِ اللهِ، لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ بَلْ فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ، وَلاَ سِيَّمَا مِنْ نَحْوِكُمْ. ".

إن لدينا الحق أن نطلب منكم أن تصلوا من أجلنا، لأن هذا الذي نفتخر به هو شهادة ضميرنا، بالرغم من تقولات الآخرين، أننا قد سلكنا وسط العالم ووسطكم فى بَسَاطَةٍ = ليس لنا إلاّ هدف واحد واضح هو مجد الله (وهذا معنى كلمة بساطة). وليس لأي مكسب شخصى مثل زيادة أموالي أو شعبيتي. وَإِخْلاَصِ = دون غش ولا مكر ولا رياء. لاَ فِي حِكْمَةٍ جَسَدِيَّةٍ = فاليونانيون يفتخرون بالحكمة الجسدية والفلسفات أمّا أنا ومن معي فِي نِعْمَةِ اللهِ، تَصَرَّفْنَا = أي إعتمدنا على ما وهبه الروح القدس من إستنارة وهبات وعطايا. هذا كله سبب راحة ضميره، أنه فى بساطة وإخلاص وبنعمة الله علمهم. وهذا سيعرفونه بالأكثر فى يوم الرب العظيم آية (14).

تَصَرَّفْنَا فِي الْعَالَمِ = تصرف الرسول فى العالم كان مطابقاً لتعاليمه.

العدد 13

آية (13): -

"13فَإِنَّنَا لاَ نَكْتُبُ إِلَيْكُمْ بِشَيْءٍ آخَرَ سِوَى مَا تَقْرَأُونَ أَوْ تَعْرِفُونَ. وَأَنَا أَرْجُو أَنَّكُمْ سَتَعْرِفُونَ إِلَى النِّهَايَةِ أَيْضًا.".

لا أكتب أشياء أخرى تختلف عما سبق وكرزنا به إليكم. وكما سبقتم وعرفتم من تعاليمنا الأولى ومن سلوكنا الأول نحوكم، ومن رسالتنا الأولى لكم، فإني أرجو أيضاً أنكم حتى نهاية حياتنا سوف تعرفوننا، أننا نتصرف فى بساطة وإخلاص ولا نغير كلامنا، فنحن استلمناه من الرب والرب لا يتغير. وأن أعمالي وحياتي يتفقان مع كرازتى وتعاليمي.

العدد 14

آية (14): -

"14كَمَا عَرَفْتُمُونَا أَيْضًا بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ أَنَّنَا فَخْرُكُمْ، كَمَا أَنَّكُمْ أَيْضًا فَخْرُنَا فِي يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ.".

بَعْضَ الْمَعْرِفَةِ = الرسول يشير فى رقة أنهم لم يعرفوا تماماً كل محبته لهم وإخلاصه لهم. وهذا عتاب لهم أنهم لم يرفضوا الإتهامات الموجهة ضده.

كَمَا عَرَفْتُمُونَا = ستعرفون أننا الان على نحو ما سبق وقد عرفتمونا، أي أننا لم نتغير فى مسلكنا نحوكم، وهكذا سنكون فى المستقبل. وإذا عرفتم إخلاصنا وبساطتنا سنكون فَخْرُكُمْ = فخراً لكم، ستفتخرون بأن من عَلَّمَكُمْ كان يسلك بإخلاص مستنيراً بالروح القدس وأن ما علمتكم إياه كان العقيدة الصحيحة والإيمان الصحيح الذى به كان خلاصكم. كَمَا أَنَّكُمْ أَيْضًا فَخْرُنَا = فلقد تقبلتم بإقتناع وثبات ما كرزنا به إليكم. وستكونون أنتم فخرنا فى هذا اليوم = يوم الرب يسوع، إذ أن إيمانكم هو ثمرة عملنا. وسوف تعرفوننا أكثر فى يَوْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ = إذ يُظهر الرب إخلاصنا. نلاحظ هنا أن الرسول فى ذهنه دائماً يوم الرب يسوع، ومجد هذا اليوم. وهو يخدم بإخلاص، ليأتي بنفوس كثيرة لله فى ذلك اليوم ويقول "ها أنا والأولاد الذين أعطانيهم الله" (عب2: 13) يقولها بفرح، فما يفرح الله يفرحه أيضاً، وخلاص النفوس يفرح الله. وهؤلاء المؤمنين الذين نالوا المجد سيفرحون ويطلبون من الله مكافأة الرسول على عمله وخدمته لهم، فهم عرفوا الرب عن طريقه.

العدد 15

آية (15): -

"15 وَبِهذِهِ الثِّقَةِ كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ أَوَّلاً، لِتَكُونَ لَكُمْ نِعْمَةٌ ثَانِيَةٌ.".

فى هذه الثقة (ثقته فيهم وثقتهم فيه) أنه خدمهم بإخلاص (شهادة ضميره) وأنه فخرهم وهم فخره، كان يريد أن يجئ إليهم قبل أن يتوجه إلى مكدونية لِتَكُونَ لَكُمْ نِعْمَةٌ ثَانِيَةٌ = فهو كرسول للمسيح يُعتبر كقناة تصل من خلاله النعمة الإلهية من تعاليمه وصلواته، وبهما يتثبت المؤمنون فى إيمانهم، وبهذا يضمن خلاصهم. هنا يبدأ فى تفسير ما حدث، فهو كان ناوياً أن يأتى إليهم، لكن الله وضع أمامه خدمات أخرى فلم يذهب. وحينما وَعَدَ بالحضور إليهم ولم يذهب قالوا عنه أنه خفيف. وبولس يدافع عن نفسه ليثبت أنه ليس هكذا، فالتهمة الموجهة لهُ أنه يتصرف بخفة ويغير تعاليمه كل يوم.

العدد 16

آية (16): -

"16 وَأَنْ أَمُرَّ بِكُمْ إِلَى مَكِدُونِيَّةَ، وَآتِيَ أَيْضًا مِنْ مَكِدُونِيَّةَ إِلَيْكُمْ، وَأُشَيَّعَ مِنْكُمْ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ.".

بذلك يمكنني أن أكون قد سافرت إليكم مرتين، فيكون لكم نعمة مضاعفة وتعزية روحية من الزيارتين. هذه كانت خطته لكن الله غيرها بحكمته.

العدد 17

آية (17): -

"17فَإِذْ أَنَا عَازِمٌ عَلَى هذَا، أَلَعَلِّي اسْتَعْمَلْتُ الْخِفَّةَ؟ أَمْ أَعْزِمُ عَلَى مَا أَعْزِمُ بِحَسَبِ الْجَسَدِ، كَيْ يَكُونَ عِنْدِي نَعَمْ نَعَمْ وَلاَ لاَ.".

إستخدم الرسول هنا القول "نعم نعم ولا لا" للإشارة للتردد والكذب والجبن الناشئ عن الإرادة والحكمة البشرية القابلة للتردد وهذه تجعل الإنسان يقول نعم يوماً ويوماً آخر يقول لا لنفس الموضوع. وإستخدم تعبير نعم (آية 19) للإشارة إلى القول الواحد الحق الذي بدون إلتواء ولا كذب، وهذا ما إستخدمه بولس فى كرازته، فقوله واحد هو الحق.

اسْتَعْمَلْتُ الْخِفَّةَ = الخفة تعبير يقال عن السفينة التي بلا أثقال فهي غير متزنة. والمعنى هل غيرت قصدي بتعجل دون بحث أو روية وبعبث وعدم تقدير للأمور. بِحَسَبِ الْجَسَدِ = هل قراراتي تقوم على إعتبارات جسدية أي إرادتي البشرية الخاضعة للتبديل والتغيير كَيْ يَكُونَ عِنْدِي نَعَمْ نَعَمْ وَلاَ لاَ = تترجم أنى أقول نعم ولا على نفس الحدث فى نفس الوقت. فمرة أقول نعم ومرة يكون قراري لا، أي متذبذب فى قراراتي. فالقرار الإنساني بين نعم ولا عكس القرار الخاضع لتوجيه الروح القدس وإرشاده. وقصد الرسول أن يشرح أنه غير خاضع للإرادة البشرية المذبذبة، بل لإرشاد الروح القدس فأنا أخذت قراري أن آتى إليكم، ولكن الروح القدس كان لهُ رأى آخر وأنا كخاضع لإرشاد الروح القدس لا بد أن أغير قراري وفقاً لإرشاد الروح. فأنا لا أقرر لنفسي.

العدد 18

آية (18): -

"18لكِنْ أَمِينٌ هُوَ اللهُ إِنَّ كَلاَمَنَا لَكُمْ لَمْ يَكُنْ نَعَمْ وَلاَ.".

كَلاَمَنَا = كرازتنا. فهم إتهموه أنه مذبذب يقول ولا يفعل، فمن يضمن تعاليمه أنها غير مذبذبة كقراراته. لذلك يقول أن تعاليمه ليست نعم ولا. ما يقصده الرسول هو أن يقول أن حتى تحركاته، مجيئه أو عدم مجيئه هو خاضع فيها لإرشاد الروح القدس، فحياته وتصرفاته وتعاليمه غير خاضعين لأهوائه بل لإرشاد الروح. فهو كان يريد أن يأتى لكورنثوس، ولكنه لم يأتى لأن الروح هو الذي كان يوجهه، هكذا أيضاً كانت تعاليمه ثابتة بلا تغيير فالروح القدس هو الذى يضع الكلام على فمه.

أَمِينٌ هُوَ اللهُ = الله الذي يرشدني لا يخادع، وهو يعرف أين الصالح لكل واحد، ومن هو الأكثر إحتياجاً لخدماتي.

العدد 19

آية (19): -

"9لأَنَّ ابْنَ اللهِ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، الَّذِي كُرِزَ بِهِ بَيْنَكُمْ بِوَاسِطَتِنَا، أَنَا وَسِلْوَانُسَ وَتِيمُوثَاوُسَ، لَمْ يَكُنْ نَعَمْ وَلاَ، بَلْ قَدْ كَانَ فِيهِ نَعَمْ.".

إن كرازتنا عن المسيح بينكم أنا وَسِلْوَانُسَ وَتِيمُوثَاوُسَ (سيلا فى سفر الأعمال). ليس فيها أي تشكك لأن المسيح لا يتغير. والمسيح الذي قبلتموه لم تقبلوه بين نعم ولا، بل قبلتم كل ما يتصل به على أنه شئ أكيد وثابت = فِيهِ نَعَمْ.

العدد 20

آية (20): -

"20لأَنْ مَهْمَا كَانَتْ مَوَاعِيدُ اللهِ فَهُوَ فِيهِ «النَّعَمْ» وَفِيهِ «الآمِينُ»، لِمَجْدِ اللهِ، بِوَاسِطَتِنَا.".

مَوَاعِيدُ اللهِ = فى العهد القديم كانت مواعيد الله عبارة عن نبوات عن شخص المسيح وتحققت بمجيئه وفدائه. وفى العهد الجديد كانت كرازة الرسل ودعوتهم لقبول شخص المسيح الذي ننعم فيه بهذه المواعيد الصادقة والأمينة، ففيه نجد الحق والرحمة ويتمجد الله فينا. وفيه نتصالح مع الله ونتمتع بحبه أبدياً. وكل مواعيد الله بالمسيح قد تحققت وتأكدت به وقبلت بالتصديق من أجل أن يتمجد الله بواسطة خدمات وكرازة الرسل = بِوَاسِطَتِنَا ونفهم أن هذا دورنا الآن، أننا بالمسيح الذي فينا نشهد له لمجد إسمه.

النَّعَمْ = يونانية والآمِينُ = عبرية. والرسول يقصد بهذا.

  1. أن حق الله موجه للكل يهود وأمم.
  2. تكرار المعنى يشير للتأكيد مما يقال أن مواعيد الله ثابتة غير متغيرة. كلمة نعم وكلمة الآمين معناهما الحق.

العدد 21

آية (21): -

"21 وَلكِنَّ الَّذِي يُثَبِّتُنَا مَعَكُمْ فِي الْمَسِيحِ، وَقَدْ مَسَحَنَا، هُوَ اللهُ.".

نرى فى هذه الآية عمل الثالوث معنا.

الآب........... = الله....... الآب يريدنا ثابتين فى إبنه لنعود كأبناء له.

الإبن........... = المسيح.. بالمعمودية نصير فى المسيح أى ثابتين فيه.

الروح القدس... = مسحنا... الروح القدس هو يثبتنا فى المسيح (رو 6).

بولس يدافع عن نفسه بأنه لم يستعمل الخفة بل هو مثلهم ثابت فى المسيح بالروح القدس. هنا يوجه الرسول نظرهم لعمل الثالوث. الآب قدم الوعود الإلهية، والإبن تحققت فيه الوعود والروح القدس يثبت الجميع (الرسول وشعب كورنثوس) فى المسيح للثبات فيما ينالونه فى المسيح يسوع. فالله نفسه هو الذي يمسحنا بالروح القدس فى سر الميرون وليس الكاهن. مرة أخرى نرى عمل الثالوث (راجع في المقدمة، عقيدة الثالوث القدوس). فبعد أن سقط الإنسان فقد البنوة لله. وها نحن نرى أن الله يريد أن يعيدنا للبنوة، فالآب يريد، والإبن ينفذ عمل الفداء، والروح يثبتنا فى المسيح الإبن فنصبح أبناء. وهذا يكون فى سر المعمودية الذي هو موت وقيامة فى اتحاد مع المسيح (رو 6: 3 – 6). وبالميرون يحل فينا الروح القدس، الذي يبكتنا لو أخطأنا ويعيننا أن نتوب لنظل ثابتين فى الإبن. ونلاحظ أن التثبيت فى الإيمان لم يعطه الرسل للمؤمنين بل أعطاه الله للرسل والمؤمنين معاً. فلا قوة لنا شخصياً على أي شئ، ولكن الله يثبتنا فى المسيح بأن أعطانا الروح القدس. وهو قال هذا بعد أن قال فى آية 20 بواسطتنا. والمعنى أن الكرازة كانت بواسطة بولس وَلكِنَّ الثبات فى المسيح هو عمل الله (الله الذي ينمى 1كو3: 7) وَقَدْ مَسَحَنَا = أعطانا أن يسكن الروح القدس فينا. وعمل المسحة الذي يتم الآن فى سر الميرون لحلول الروح القدس للتثبيت كان يقابله فى العهد القديم مسحة الدهن الذي به كان يمسح الأنبياء والكهنة والملوك. والمسيح سُمِّى هكذا إذ هو ممسوح بالروح القدس يوم العماد.

العدد 22

آية (22): -

"22الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضًا، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا.".

خَتَمَنَا = كانوا يختمون الماشية والعبيد علامة الملكية. ونحن قد صرنا قطيعاً للمسيح وملكاً له، ملكاً لسيدنا المسيح الذي اشترانا. وهو خَتَمَ صورته فينا. واضعاً علينا علامة لا تمحى، عبارة عن نار فى داخلنا لكنها غير مرئية "إضرم موهبة الله التي فيك بوضع يديَّ" (2تى 1: 6). عَرْبُونَ الرُّوحِ = إذاً نحن فى إنتظار كل الملء، وهذا سيحدث فى السماء (رؤ7: 17). الله أعطى فى قلوبنا روحه القدوس كعربون وكضمان بأننا سوف نستكمل فيما بعد كل ما وهبه لنا من مواعيد فى إنجيله. وبمعنى آخر أن المؤمنين، بواسطة الروح القدس، قد حصلوا فى هذا العالم أو فى حياتهم الحاضرة على عربون أي على جزء مما سوف يحصلون عليه فيما بعد. فكلمة عربون كما نستعملها عادة تشير إلى جزء من كل. فالروح القدس وهبنا جزءاً مما سوف يوهب للمؤمنين فيما بعد فى الحياة الأخرى. وهبنا الإنتصار والسلطان على الخطية كعربون للإنتصار الكامل على الخطية فيما بعد. وحينما يحدث الإنتصار النهائى على الخطية سننتصر نهائياً على الموت. كل ما حصلنا عليه هنا هو عربون (الفرح / السلام / البنوة...) لكن ما نأخذه الآن يعطينا أن نشتاق للسماويات. وهذا الختم الذي نأخذه هو علامة إن كانت موجودة فينا، ولم تنطفئ، تأخذنا الملائكة للسماء كقطيع للمسيح. أمّا لو إنطفأ الروح فينا، لا يكون الختم موجود، أي العلامة غير موجودة، إذاًهذه النفس ليست من قطيع المسيح. (وهذه العلامة دليل على من هو مالك النفس، وهى علامة غير مرئية للعين المادية البشرية لكنها مرئية للملائكة والملائكة أرواح).

العدد 23

آية (23): -

"23 وَلكِنِّي أَسْتَشْهِدُ اللهَ عَلَى نَفْسِي، أَنِّي إِشْفَاقًا عَلَيْكُمْ لَمْ آتِ إِلَى كُورِنْثُوسَ.".

لم أرد أن آتي حتى لا أعاقبكم، ونرى هنا سلطانه على العقاب. والمعنى أننى سآتي بعد أن تصلحوا أنفسكم فلا أضطر أن أعاقب. هنا نجد الرسول كأب محب لأولاده ولكن فى حزم. والرسول سبق فى آية 15 وقال "وَبِهذِهِ الثِّقَةِ كُنْتُ أَشَاءُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ أَوَّلاً". وبهذا نرى مشاعر الرسول الأبوية تجاه أولاده، فهو يشتاق أن يذهب لهم ويفرح برؤياهم كما قال مرة لأهل رومية "إن تملَّأت أولا منكم جزئيا" (رو15: 24) [أى هو مشتاق أن يملأ عينيه من رؤيتهم، ولكنه مهما تطلع فيهم لن يشبع وهذا معنى قوله جزئيا]. ولكن هنا يقول أنه يريد أن يذهب لهم ليفرح بهم وبإيمانهم ولا يريد أن يذهب ليعاقبهم فهذا لا يفرح قلب الأب أن يذهب لأولاده فى غضب ويعاقبهم. وهذه طبيعة المشاعر الإنسانية إذ هو يتردد فى إرادته بين أن يذهب وأن لا يذهب. ولكن الرسول إذ يعبِّر عن مشاعره نراه لا يسير وفقا لهذه المشاعر الإنسانية بل لما يمليه عليه الروح القدس، فهو لا يسير بحسب أهواء الجسد والمشاعر الإنسانية = أَمْ أَعْزِمُ عَلَى مَا أَعْزِمُ بِحَسَبِ الْجَسَدِ. لكنه يسير وفق صوت الروح القدس الساكن فى قلبه = وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا (آية 22). راجع تفسير الآية (2كو7: 8).

العدد 24

آية (24): -

"24لَيْسَ أَنَّنَا نَسُودُ عَلَى إِيمَانِكُمْ، بَلْ نَحْنُ مُوازِرُونَ لِسُرُورِكُمْ. لأَنَّكُمْ بِالإِيمَانِ تَثْبُتُونَ.".

لَيْسَ أَنَّنَا نَسُودُ عَلَى إِيمَانِكُمْ = لا أقول هذا لإظهار سيادة وسلطان عليكم بَلْ نَحْنُ مُوازِرُونَ لِسُرُورِكُمْ = كل ما أعمله سواء كرازة أو عقاب أو تهديد أو رسائل أرسلها لكم هو صوت الله لكم وبإرشاد الروح القدس أعمل وأتكلم. وهدف الله العامل فىَّ هو إستمرار سروركم = وموازرون أى مساعدتكم أن يظل سروركم. فالإنحراف عن الإيمان الصحيح يكون سببا فى ضياع الفرح الحقيقى. فأنا بكل ما أعمله وأعلمكم به، كأب محب لكم، أساعدكم فى جلب السرور لكم.

والله نفسه لا يرغم أحداً على الإيمان. وأيضاً بولس لا يريد أن يقهر أحد ويرغمه على الإيمان الصحيح، بل هو يريدهم برغبة حرة أن يستجيبوا فيزداد سرورهم. لأَنَّكُمْ بِالإِيمَانِ تَثْبُتُونَ = قوة الله تعمل فيهم من خلال إيمانهم فيثبتوا وسط تيارات الخطية والتضليل والهرطقات التي يتعرضون لها. وتعاليم بولس وتهديداته هي ليثبت إيمانهم فيتأكد سرورهم أمّا لو إنحرفوا عن الإيمان تابعين معلمين كذبة وهرطقات سيتحول سرورهم إلى مرارة. الإيمان الصحيح هو الطريق لحياة الفرح الحقيقى.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الثاني - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 1
تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 1