الإصحاح التاسع – تفسير رسالة كورونثوس الثانية – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الثانية إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح التاسع

العدد 1

آية (1): -

"1فَإِنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْخِدْمَةِ لِلْقِدِّيسِينَ، هُوَ فُضُولٌ مِنِّي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ.".

عبارة رقيقة من الرسول، أي أنتم لستم في إحتياج أن أذكركم بالجمع لفقراء أورشليم، فأنتم لكم غيرتكم ونشاطكم وإجتهادكم.

العدد 2

آية (2): -

"2لأَنِّي أَعْلَمُ نَشَاطَكُمُ الَّذِي أَفْتَخِرُ بِهِ مِنْ جِهَتِكُمْ لَدَى الْمَكِدُونِيِّينَ، أَنَّ أَخَائِيَةَ مُسْتَعِدَّةٌ مُنْذُ الْعَامِ الْمَاضِي. وَغَيْرَتُكُمْ قَدْ حَرَّضَتِ الأَكْثَرِينَ.".

إخائية = مقاطعة عاصمتها كورنثوس. والمعني أن لكم محبتكم ونشاطكم = إستعدادكم الذي حرض الكثيرين علي الدفع. ولقد إفتخرت بكم في مكدونية (فيها تسالونيكي وفيلبي) قارن مع (8: 2 – 5) ولاحظ أسلوب بولس، فهو يمدح كنيسة كورنثوس أمام مكدونية ويمدح كنيسة مكدونية أمام كورنثوس. هو يذكر النقاط المضيئة دائماً في كل واحد.

الأعداد 3-4

الآيات (3 - 4):

- "3 وَلكِنْ أَرْسَلْتُ الإِخْوَةَ لِئَلاَّ يَتَعَطَّلَ افْتِخَارُنَا مِنْ جِهَتِكُمْ مِنْ هذَا الْقَبِيلِ، كَيْ تَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ كَمَا قُلْتُ. 4حَتَّى إِذَا جَاءَ مَعِي مَكِدُونِيُّونَ وَوَجَدُوكُمْ غَيْرَ مُسْتَعِدِّينَ لاَ نُخْجَلُ نَحْنُ ­ حَتَّى لاَ أَقُولُ أَنْتُمْ ­ فِي جَسَارَةِ الافْتِخَارِ هذِهِ.".

إذاً بولس سيصل إلي كورنثوس ومعه إخوة مقدونيون لحمل تقدمة أهل كورنثوس لفقراء أورشليم، وهو لا يريد أن يفاجئهم لذلك يرسل لهم لكي يستعدوا، فهو لا يريد بعد أن إفتخر بأهل كورنثوس أمامهم، يجد ان أهل كورنثوس لم يجمعوا شيئاً، لذلك هو يحثهم علي الجمع، فإذا جاء مع المكدونيين لا يخجل هو أمامهم = ولاَ أَقُولُ أَنْتُمْ = كأنهم هم المفروض أن يخجلوا من بخلهم ولكن بولس هو الذى سيخجل بسبب إفتخاره السابق بهم أمام المقدونيون.

العدد 5

آية (5): -

"5فَرَأَيْتُ لاَزِمًا أَنْ أَطْلُبَ إِلَى الإِخْوَةِ أَنْ يَسْبِقُوا إِلَيْكُمْ، وَيُهَيِّئُوا قَبْلاً بَرَكَتَكُمُ الَّتِي سَبَقَ التَّخْبِيرُ بِهَا، لِتَكُونَ هِيَ مُعَدَّةً هكَذَا كَأَنَّهَا بَرَكَةٌ، لاَ كَأَنَّهَا بُخْلٌ.".

بَرَكَتَكُمُ = أى عطيتكم ويسميها بركة فالعطية تكون سبب بركة لمن يعطي. وأرسلت الإخوة لينظموا عملية الجمع حتي لا تكون علي سبيل بخل (لو دفعوا قليل) بل على سبيل بركة إذا دفعوا بسخاء، بدافع حبكم للخير وليس عن إضطرار وبكرم وليس ببخل، فالبخل معناه شدة المحبة للمال، وعدم الرغبة أن يهب شيئاً للآخرين.

العدد 6

آية (6): -

"6هذَا وَإِنَّ مَنْ يَزْرَعُ بِالشُّحِّ فَبِالشُّحِّ أَيْضًا يَحْصُدُ، وَمَنْ يَزْرَعُ بِالْبَرَكَاتِ فَبِالْبَرَكَاتِ أَيْضًا يَحْصُدُ.".

هنا يشبه العطاء بالزرع. ولاحظ أن من يزرع كيلة يحصد أردب، وهذا ما قاله السيد المسيح "من يترك شيء يأخذ 100 ضعف". وأنظر ما تركه بطرس وما أخذه. والحصاد هو من نفس جنس البذار التي ألقيت في الحقل. وهذا ما يريد الرسول أن يقوله.. أن عليكم أن تعلموا أن الجزاء من جنس العمل، فمن يعطي كثيراً يعوضه الله كثيراً، ومن يعطي قليلاً يكون جزاؤه قليل. ولذلك أطلق إسم بركة علي العطية، فمن يعطي سيباركه الله، أى لن يشعر بنقص ما عنده بل سيشعر بالبركة فيما عنده. وهذه الآية تطبق روحياً، فمن يعطي الله وقتاً كبيراً (صلاة وتسبيح ودراسة كتاب) يبارك له الرب ويعطيه بركات روحية كثيرة، ومن يعطي الله ببخل لن يجني بركات كثيرة. وهنا نفهم أن من يَزْرَعُ = يجاهد روحياً.. هذا يَحْصُدُ نعمة وبركة روحية (راجع غل 6: 7 – 10 + أم 11: 18 + 11: 24). ولاحظ قوله بِالْبَرَكَة وليس بالسخاء. فالعطاء يسبب بركة.

العدد 7

آية (7): -

"7كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ اضْطِرَارٍ. لأَنَّ الْمُعْطِيَ الْمَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللهُ.".

العطاء يجب أن يكون خالياً من الشعور بالإلزام. ولكن الدافع يجب أن يكون الحرية الشخصية والإستعداد الذاتي وحباً في العطاء. فالله يحب الذي يعطي من قلبه بسرور. وهذا الذى يعطي بسخاء يكون له إيمان أن الله سيعوضه عن الفانيات بالأبديات، بل لن يتركه يحتاج شيء علي الأرض، لذلك فالله يحب من له هذا الإيمان. ولاحظ أن العطاء هو منفعة للطرفين، المحتاج يأخذ أموالاً والعاطي يأخذ فرح وسرور. إذاً الله جعل العطاء لمصلحة الجميع.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَاللهُ قَادِرٌ أَنْ يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ عَمَل صَالِحٍ.".

الله قادر أن يجعل كل عطية وكل هبة مقدمة لكم من مراحمه تزداد لكم، وحينما تزداد خيراتكم، تزداد عطاياكم، وحينما تزداد عطاياكم تزداد بركاتكم، فتفيضوا على الآخرين وهكذا. وَلَكُمْ كُلُّ اكْتِفَاءٍ = أى قناعة وهذه تعنى أن يكتفي المرء بما عنده ويرى أن أي زيادات عنده يمكن إعطاءها للآخرين. ولاحظ تكرار كلمة كُلَّ = فالله يبارك في كل شيء. والبركة ليست بركة جزئية بل لكل شيء ولكل حين، وأهم بركة هي الشعور بالإكتفاء والرضا والقناعة أي عدم الإحتياج.

العدد 9

آية (9): -

"9كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «فَرَّقَ. أَعْطَى الْمَسَاكِينَ. بِرُّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ».".

الإقتباس من (مز 112: 9). والمعني أن الإنسان البار الذي يعطي للمساكين، فإن عمله الصالح هذا = بره يبقي له إلى الأبد. الله سيعوضه عن بره هنا وفى الأبدية.

العدد 10

آية (10): -

"10 وَالَّذِي يُقَدِّمُ بِذَارًا لِلزَّارِعِ وَخُبْزًا لِلأَكْلِ، سَيُقَدِّمُ وَيُكَثِّرُ بِذَارَكُمْ وَيُنْمِي غَّلاَتِ بِرِّكُمْ.".

الله هو أصل النعم والبركات، مادية وروحية. يُكَثِّرُ بِذَارَكُمْ. وَخُبْزًا للأكل = الله يهب لكم الخيرات المادية. غَّلاَتِ بِرِّكُمْ = يزيد من ثمار أعمالكم الصالحة = ثمار بركم. وهذه عطايا روحية.

العدد 11

آية (11): -

"11مُسْتَغْنِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِكُلِّ سَخَاءٍ يُنْشِئُ بِنَا شُكْرًا ِللهِ.".

مُسْتَغْنِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ = تزداد عطايا الله لكم بغنى فتكونوا أغنياء. وحينما يغنيكم الله تكونون أسخياء فى كل شئ = لِكُلِّ سَخَاءٍ. وهذا السخاء المقدم للمحتاجين ينشئ مجالاً وفرصة لأن يقدم شكر لله = يُنْشِئُ بِنَا شُكْرًا ِللهِ. وهذه صلاة بركة ليبارك الله فيما بين أيديهم إذا أعطوا للمحتاجين.

العدد 12

آية (12): -

"12لأَنَّ افْتِعَالَ هذِهِ الْخِدْمَةِ لَيْسَ يَسُدُّ إِعْوَازَ الْقِدِّيسِينَ فَقَطْ، بَلْ يَزِيدُ بِشُكْرٍ كَثِيرٍ ِللهِ.".

افْتِعَالَ = من فعل أى تدبير وفعل هذِهِ الْخِدْمَةِ لا يعود فقط بالخير على المحتاجين، ولكنه يؤدى من ناحية أخرى إلى تقديم الشكر الكثير لله أى تسبيح الله وتمجيده. ويزيد إيمان كثيرين من الناس ومحبتهم للكنيسة ولله ولإرتباطهم بالكنيسة.

العدد 13

آية (13): -

"13إِذْ هُمْ بِاخْتِبَارِ هذِهِ الْخِدْمَةِ، يُمَجِّدُونَ اللهَ عَلَى طَاعَةِ اعْتِرَافِكُمْ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ، وَسَخَاءِ التَّوْزِيعِ لَهُمْ وَلِلْجَمِيعِ.".

ذلك لأنهم يلمسون من عطاياكم السخية دليلاً على إيمانكم بالإنجيل، وحفظكم لوصاياه فيمجدون الله من أجل هذا. طَاعَةِ اعْتِرَافِكُمْ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ = أى طاعة الإنجيل الذى يأمر بالحب العملى والعطاء لإخوة الرب.

العدد 14

آية (14): -

"14 وَبِدُعَائِهِمْ لأَجْلِكُمْ، مُشْتَاقِينَ إِلَيْكُمْ مِنْ أَجْلِ نِعْمَةِ اللهِ الْفَائِقَةِ لَدَيْكُمْ.".

هم سيُصَّلون لكم، ويتولد عندهم الحب لكم = مُشْتَاقِينَ إِلَيْكُمْ. من أجل محبتكم التى ظهرت فى عطاياكم = نِعْمَةِ اللهِ الْفَائِقَةِ لَدَيْكُمْ. لاحظ أنه يسمى العطية نعمة من الله وهبهم الله إياها.

العدد 15

آية (15): -

"15فَشُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا.".

بولس يختم كلامه عن العطاء بأن يشكر الله على عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا = هذه ليست أموال ولا صحة، فهذه يعبر عنها، أمّا العطية التى لا يعبر عنها فهى ليست سوى المسيح يسوع، فليس عطية أعظم منه، أعطاه الله للبشرية كفادى لها وليتحد بها. هذه العطية أى المحبة التى لا يعبر عنها التى ظهرت فى التجسد وفى الصليب، ونحن حتى الآن لا نعرف حدودها، هى إلهام لأى عطية نعطيها لله أو للفقراء، بل إن أعطينا كل أموالنا وأنفسنا وحياتنا وأرواحنا فهى لا شئ أمام العطية التى لا يعبر عنها. هى السبب فى هذه المحبة التى تربط مؤمنى كورنثوس بفقراء أورشليم، بل المحبة التى تربط كل أعضاء الكنيسة ببعضهم البعض فى جسد المسيح الواحد.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح العاشر - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثامن - تفسير رسالة كورونثوس الثانية - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 9
تفاسير كورونثوس الثانية الأصحاح 9