الأصحاح الرابع – تفسير رسالة كورونثوس الأولى – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الرابع

راجع موضوع الصليب والآلام عند بولس الرسول فى المقدمة. ولقد لاحظ بولس الرسول أن أهل كورنثوس يسعون وراء المواهب ليحصلوا على كرامات زمنية. وفى هذا الإصحاح نرى مفهوم بولس الرسول أن الكرامة الحقيقية ليست في المواهب بل في حمل الصليب مع المسيح، ونراه يقول عن نفسه نحن جهال / ضعفاء / بلا كرامة / ُنشتَم / ُيفتَرى علينا / صرنا أقذار العالم.... فهو يقبل أن يهان في خدمته من أجل المسيح. ألم يهان المسيح لأجله. وبولس الرسول رأى في شقاقاتهم وتحزباتهم وراءه ووراء أبلوس أن ذاتهم (الأنا) متضخمة. وكان رأيه أن لا ينتفخوا ويتشيعوا وراء خادم معين، بل يتركوا الحكم لله. فكما رأينا أن الله يضع الخدام فى طريقنا لأجل خلاص نفوسنا.

العدد 1

آية (1): -

"1هكَذَا فَلْيَحْسِبْنَا الإِنْسَانُ كَخُدَّامِ الْمَسِيحِ، وَوُكَلاَءِ سَرَائِرِ اللهِ،".

إذاً لا تنظروا إلينا كرؤساء وسادة، بل أنظروا إلى كل واحد منا كخادم للمسيح وكمؤتمن على الحقائق السماوية غير المعروفة والتي كشفها الله لنا.

كَخُدَّامِ = أصلها اليونانى عبيد، فنحن عبيد لله ننفذ أوامره. ولا نطلب إلاّ مجده.

فَلْيَحْسِبْنَا = لا تنظروا إلى شعبيتي أو خلافه، فأنا لست شيئاً بل مجرد عبد لله.

وُكَلاَءِ = إستلم أمانة من الله ليعمل في كرمه (لو 12: 41 – 47). والوكالة ليست في أشياء مادية بل على سَرَائِرِ اللهِ = جاءت سرائر باليونانية ميستيريون mystries وتعنى قوة خفية، أو معتقد أو مبدأ خفى. وهى تنطبق على الأسرار الكنسية اللازمة لتقديس الإنسان، وتجعله عضواً حياً في جسد المسيح، وتهيأه لحياة الشركة مع الرب الإله. إذاً كلمة وكيل سرائر الله تشير لعمله ككاهن يخدم أسرار الله (رو 15: 16).

العدد 2

آية (2): -

"2ثُمَّ يُسْأَلُ فِي الْوُكَلاَءِ لِكَيْ يُوجَدَ الإِنْسَانُ أَمِينًا.".

ثُمَّ يُسْأَلُ moreover it is required أي أن ما هو مطلوب من الوكلاء أن يكونوا.

أمناء ومخلصين فيما أوكل إليهم. هو يبدأ هنا في إعطاء درس عن كيفية التعامل مع الخدام بعيداً عن روح التعصب والتحزب. ونراه هنا يقول أن تعاليم الخدام يجب أن تفحص لنرى هل هي متفقة مع تعاليم الكنيسة أو أن هناك شذوذ عن تعاليم الكنيسة. يُسْأَلُ = تفحص نوعية تعاليمهم.

العدد 3

آية (3): -

"3 وَأَمَّا أَنَا فَأَقَلُّ شَيْءٍ عِنْدِي أَنْ يُحْكَمَ فِيَّ مِنْكُمْ، أَوْ مِنْ يَوْمِ بَشَرٍ. بَلْ لَسْتُ أَحْكُمُ فِي نَفْسِي أَيْضًا.".

يَوْمِ بَشَرٍ = هو أطلق على المحكمة البشرية يوم بشر بالمقارنة مع يوم المحكمة الإلهية (يوم الدينونة) المسمى يوم الرب. وليس معنى كلام الرسول هنا هو عدم الإهتمام بكلام الناس بصورة مطلقة، فالسيد المسيح طلب منا أن يرى الناس أعمالنا الصالحة ويمجدوا أبونا الذي في السموات. لكن المقصود هو أن نهتم أولاً بحكم الله وبأن نرضى الله، لا بأن نحوز رضا الناس، فالناس أحكامهم وقتية، وهى حسب الظاهر ولا تخلو من التعصب والجهل بأمور الخدمة. وأحكام الناس تأثيرها لا يمتد طويلاً. ومن يبحث عن رضا الناس وبالتالى عن أن يكون لهُ شعبية كبيرة سيكون بالتالي يبحث عن مجد ذاته. وفى (آية 2) نجده يقول أنه يجب أن يفحص الناس في تعليم الخادم، وفى (آية 3) يقول أنه لا يهتم بما يقوله الناس والحل سهل، فما يهتم به الخادم بالدرجة الأولي هو أن يُرضى الله، أما لو إهتم بأن يرضى الناس فسيحاول أن يجد ويقول ما يعجبهم ليحوز على إعجابهم، وهذا فخ للخدام. المهم أن يبحث الخادم عن صوت الله داخله ويردده. بل هو حتى لا يهتم بحكم نفسه على نفسه، فضمير الإنسان لا يخلو من خطأ وهو غير معصوم، ومصيره النهائي لن يتقرر بحكمه على نفسه. بل أن الرسول حين حكم على نفسه قال "الخطاة الذين أولهم أنا" (1 تى 1: 15) وحين تكلم عن خدمته قال "لا أنا بل نعمة الله التي معي" (1كو 15: 10). هو في الآية السابقة قال لهم أنه مستعد أن يحاسبوه، ولكنه هنا يحذرهم أن يكون حكمهم خاطئاً وعلى سبيل الإدانة، لأن الناس تعودوا أن يحاسبوا ويدينوا الخدام، وقد يخطئوا فيوبخوا من يستحق الكرامة أو العكس. بل نجد الرسول هنا لا يحاول أن يبرئ نفسه، هو يترك من يتكلم ويدين ليفعل ما يريده، ويترك التصرف لله الذي يرى كل شئ.

العدد 4

آية (4): -

"4فَإِنِّي لَسْتُ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ فِي ذَاتِي. لكِنَّنِي لَسْتُ بِذلِكَ مُبَرَّرًا. وَلكِنَّ الَّذِي يَحْكُمُ فِيَّ هُوَ الرَّبُّ.".

بالرغم من أن ضميري لا يؤنبني على تقصير ما فى خدمتي فهذا لا يعنى كمال أمانتي "فالله ينسب لملائكته حماقة" (أي 4: 18). هنا يلجأ لشهادة ضميره وهو كثيراً ما كان يفعل ذلك (أع 23: 1 + 2كو 1: 12). ولكن حتى يصلح الضمير للحكم ينبغى أن يسلك الإنسان كما يرضى الله، ومع شهادة ضميره أنه لم يخطئ وجد أن هذا لا يبرره أيضاً، وهذا ما علم به رب المجد "متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا إننا عبيد بطالون. لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا" (لو 17: 10) هذا هو الشعور المفروض أن يكون داخل كل خادم، أنه عبد بطال، تاركاً الحكم لله.

العدد 5

آية (5): -

"5إِذًا لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ.".

لا تستعجلوا في إصدار الأحكام على أي منا (بولس أو أبلوس) فهذا من حق الرب وحده، وحتى لا تسقطوا في خطية الإدانة، حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ = أي يوم الدينونة حين ينير الرب خَفَايَا الظَّلاَمِ = أي يظهر الأفكار الداخلية. أما الناس فيحكموا على الخادم من المظهر الخارجي، كلامه ووعظه. عموماً ماذا يفيد الخادم من قول الناس عنه أنه ليس مثله، المهم رأى الله فيه في يوم الرب.

العدد 6

آية (6): -

"6فَهذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ حَوَّلْتُهُ تَشْبِيهًا إِلَى نَفْسِي وَإِلَى أَبُلُّوسَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لِكَيْ تَتَعَلَّمُوا فِينَا: «أَنْ لاَ تَفْتَكِرُوا فَوْقَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ»، كَيْ لاَ يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الآخَرِ.".

حَوَّلْتُهُ تَشْبِيهًا إِلَى نَفْسِي وَإِلَى أَبُلُّوسَ = أنا تكلمت عن نفسي وعن أبلوس مع أنني أقصد أن جميع الخدام عليهم أن لا يحسبوا أنفسهم سوى أنهم خدام للمسيح فقط ولا أزيد، هو لا يريد أن يجرح خدام كنيسة كورنثوس لكنه لم يأتى بسيرتهم حتى لا يغتاظوا أو يغضبوا.

فَوْقَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ = قد يكون المكتوب "سأبيد حكمة الحكماء وأرفض فهم الفهماء" (1كو 1: 19). لأن من يدين ويحكم على غيره فهو قد إعتبر نفسه حكيماً فهيماً، والإدانة هي أن أسلب الله حقه كديان. وقد يكون الرسول بقوله هذا "ما هو مكتوب" لا يقصد آية معينة، بل يقصد أن هذا ما تعلمناه من الكتاب المقدس عموماً أن ننظر إلى أنفسنا وإلى الآخرين بشيء من التواضع، إذاً علينا ألاّ ننتفخ بروح التبعية والتحزب والتفاخر بإنسان، بولس أم أبلوس أم صفا...

العدد 7

آية (7): -

"7لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟".

لأَنَّهُ مَنْ يُمَيِّزُكَ = هذه للمعلمين الذين كانوا يطلبون الثناء ويفتخرون بأنفسهم ويؤلفون أحزاباً تدين لهم. وهو يقول لهم لماذا تفتخرون بأنفسكم فكل شئ حسن أخذناه من الله "لا تضلوا يا أخوتي كل عطية صالحة هي نازلة من فوق" (يع 1: 17). فلماذا تفتخر بما أخذته من الله كأنه من عندك. وما يوجه للناس هو أن كل خادم مميزاته التي عنده هي من الله فلماذا تفتخرون بمعلم أو بخادم وكل ما عنده هو من الله. وعلى كل واحد أن لا يفتخر بموهبته فلا يوجد إنسان خلق موهبته، لكن الموهبة هي من عند الله (1بط4: 10). فلماذا تفتخر بموهبتك كأنك أنت عملتها لنفسك ولم تأخذها من الله. وأهل كورنثوس كانت لهم مواهب يفتخرون بها. وعلى كل إنسان أن يفكر هكذا، أن أي ميزة عنده (ذكاء / مال / مركز...) هي من الله، وليشكر الله على ما أعطاه، وأن ينظر لمن ليس عنده ويطلب من الله أن يعطيه، بل يطلب من الله أن يرشده كيف يخدمه ويمجد إسمه بالعطية التي أعطاها لهُ. ولاحظ أن الشيطان إذ لم يفعل سقط من كثرة ما عنده فقال ليس مثلى (إش 14: 12 – 16). فلنفتخر بالله ليس بما نملكه من مواهب.

العدد 8

آية (8): -

"8إِنَّكُمْ قَدْ شَبِعْتُمْ! قَدِ اسْتَغْنَيْتُمْ! مَلَكْتُمْ بِدُونِنَا! وَلَيْتَكُمْ مَلَكْتُمْ لِنَمْلِكَ نَحْنُ أَيْضًا مَعَكُمْ!".

بولس هنا وضع يده على خطية أهل كورنثوس ألا وهى الكبرياء الذي أخذ شكل التدين المريض والتعصب الأعمى. لقد شعروا بسبب المواهب التي أعطاها الله لهم أنهم شبعوا وإستغنوا عن الله سريعاً، وهذا خداع من إبليس أن يُسقط حديثي الإيمان في خطية الكبرياء والبر الذاتي، هذه ضربة يمينية لكل مبتدئ، وقارن مع (في 3: 12 – 14). فهم شعروا أنهم وصلوا لقامات عالية جداً، بل إمتلكوا السماء، بينما الرسل أنفسهم مازالوا يجاهدون. بل سعوا للمواهب التي فيها مظهريات ومجد ذاتي كالألسنة ليتفاخروا بها. أما التدين السليم، فمن عنده موهبة يشعر أنه لا يستحقها لخطيته. ولذلك فالله لا يعطينا مواهب كثيرة حتى لا ننتفخ ونتكبر فنضيع، بل في أحيان كثيرة يؤخر التعزيات مع كل جهادنا لخوفه علينا من خطية الكبرياء.

شَبِعْتُمْ = في خيالكم. مَلَكْتُمْ بِدُونِنَا = استحوذتم على ملكوت السموات بمفردكم دون أن تشركوننا معكم نحن معلميكم، وهذه سخرية من بولس عليهم، إذ هم تصوروا أنهم سبقوا معلميهم كبولس نفسه، فكأن بولس مازال يجاهد ليحصل على ملكوت السموات، أما هم فوصلوا إليه. وَلَيْتَكُمْ مَلَكْتُمْ لِنَمْلِكَ = فوصول المخدوم للمسيح هو تاج مجد للخادم، فلو كانوا قد ملكوا لكان بولس قد شعر ببركات هذا الملك، فله الفضل في هذا الملك. هنا نجد دعوة من بولس لهم ليتضعوا ويشعروا بشعور دائم بالحاجة إلى الله، فالكبرياء هي أن أشعر أنني شئ بدون الرب يسوع (رؤ 3: 17).

العدد 9

آية (9): -

"9فَإِنِّي أَرَى أَنَّ اللهَ أَبْرَزَنَا نَحْنُ الرُّسُلَ آخِرِينَ، كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ. لأَنَّنَا صِرْنَا مَنْظَرًا لِلْعَالَمِ، لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ.".

آخِرِينَ = أنتم تشعرون شعوراً زائفاً أنكم شبعتم وصرتم في المقدمة، أما نحن قد أظهرنا الله أمام أعين الناس كما لو كنا في المؤخرة (وكان الرومان يضعون الأسرى المحكوم عليهم بالموت في آخر موكب النصرة الذي يتصدره القائد المنتصر وجنوده) = كَأَنَّنَا مَحْكُومٌ عَلَيْنَا بِالْمَوْتِ = نظهر كمتهمين حُكِمَ عليهم بالموت "نُمات كل النهار، حسبنا كغنم للذبح" معرضين لأخطار رهيبة بسبب كرازتنا، أما أنتم فلا تواجهون هذه الأخطار. وهذا درس من الرسول أن الشبع الحقيقي ليس هو في المواهب بل في إحتمال هذه الضيقات والإضطهادات، بل درس في إتضاع الرسول إذ يضع نفسه في مؤخرة الصفوف كمن هو غير مستحق الوقوف معهم. وبهذا يعطيهم درساً. فهم تصوروا أنهم ملكوا وهو يقف في الآخِر لا ينتظر كرامة من أحد، صِرْنَا مَنْظَرًا لِلْعَالَمِ، لِلْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ = أعمالنا تنال تقدير الملائكة وألامنا تنال إشفاقهم وهم يتمنون ظفرنا، أما الناس فيحتقروننا ويتمنون فشلنا، هو قد صار منظراً رديئاً بالنسبة للأشرار، وصار عملنا منظراً مكرماً من الملائكة الأخيار.

العدد 10

آية (10): -

"10نَحْنُ جُهَّالٌ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ فِي الْمَسِيحِ! نَحْنُ ضُعَفَاءُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَقْوِيَاءُ! أَنْتُمْ مُكَرَّمُونَ، وَأَمَّا نَحْنُ فَبِلاَ كَرَامَةٍ!".

هذه الآية سخرية منهم علي تخيلاتهم ومقارنة بالواقع الذي يجب أن يروه في حياة الرسول. فهم يبحثون عن الكرامة في العالم، ولكن عليهم أن يتشبهوا بالرسل الذين يبحثون عن الصليب الذي فيه كرامة لله. مشكلة أهل كورنثوس أنهم كانوا بلا ألام فإنتفخوا، أما من يحمل صليبه فلا يصاب بالكبرياء (2كو 12: 7).

نَحْنُ جُهَّالٌ = كما يرانا غير المؤمنين. أَمَّا أَنْتُمْ فَحُكَمَاءُ = كما ترون أنفسكم، في نظرة افتخار وغرور، وفي حقيقة الأمر أنتم تجهلون الحقائق الروحية. بل هم إدعوا الحكمة ونسبوا للرسل الجهل إذ أدانوهم.

العدد 11

آية (11): -

"11إِلَى هذِهِ السَّاعَةِ نَجُوعُ وَنَعْطَشُ وَنَعْرَى وَنُلْكَمُ وَلَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ،".

هذه هي أوسمة الشرف الحقيقية للخادم وليس كما يتصور الكورنثيون أنها المواهب.

والإنتفاخ بها. ألام الكرازة هي المجد الحقيقي.

نُلْكَمُ = هذه للعبيد. في مقابل شعورهم بأنهم ملكوا. لَيْسَ لَنَا إِقَامَةٌ = فهو يجول يكرز في كل مكان، دائم التنقل، قد لا يجد ثيابا كافية في برد الشتاء = نَعْرَى.

العدد 12

آية (12): -

"12 وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ.".

هو في كرازته لا يثقل علي أحد. بل يتحمل سخرية غير المؤمنين وشتائمهم ولا يقابل الشر بالشر. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ = يصلي لأجل من يشتموه. نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ = الكلمة الأصلية لنحتمل سائلين الخير لمن يضطهدنا.

العدد 13

آية (13): -

"13يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ.".

بينما يتكلمون علينا بالكلام الرديء وينسبون إلينا أشياء غير صحيحة فإننا نقابلهم بالكلام الطيب والإرشاد والوعظ. صِرْنَا كَأَقْذَارِ = أصبحنا في نظر من نكرز لهم محتقرين مرذولين ومتهمين ومفترى علينا، ويسيء غير المؤمنين إلي سمعتنا.

صِرْنَا وَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ. هو يفتخر بهذه الآلام فبها يشارك المسيح.

العدد 14

آية (14): -

"14لَيْسَ لِكَيْ أُخَجِّلَكُمْ أَكْتُبُ بِهذَا، بَلْ كَأَوْلاَدِي الأَحِبَّاءِ أُنْذِرُكُمْ.".

لم أذكر آلامي وأقارن بينها وبين ما تدعونه من غني مواهبكم لأخجلكم بل قصدت أن أنصحكم وأرشدكم وأنبهكم، فلا أقصد الإشارة إلي نقائصكم بل أقصد نصحكم بما فيه خيركم. وبعد ما قال بدأ يُظهر محبته وأبوته فيما يلي.

العدد 15

آية (15): -

"15لأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَكُمْ رَبَوَاتٌ مِنَ الْمُرْشِدِينَ فِي الْمَسِيحِ، لكِنْ لَيْسَ آبَاءٌ كَثِيرُونَ. لأَنِّي أَنَا وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ بِالإِنْجِيلِ.".

ربوات = إشارة للكثرة (الربوة = 10000). المرشدين = في اليونانية المرشد هو الذي يوكل له بالطفل فيصحبه للمدرسة ويدربه علي الأخلاق الحميدة. أباء = الأب له ميزة علي المرشد قطعا. وبولس ولدهم إذ آمنوا علي يديه فعليهم أن يطيعوه واثقين في أنه يحبهم كأب فيثقوا فى تعليمه فهو بنكلم ويعلم عن محبة، فهو الذي بذر بذرة الإيمان، ومن أتي بعده كان يهتم بالتوجيه والتعليم (غل 4: 19). ونري هنا بولس يقول أنه أب لهم إذ وَلَدْتُكُمْ فِي الْمَسِيحِ. وهذا رد علي من يفهمون قول السيد المسيح "لا تدعوا لكم أبا علي الأرض" (مت 23: 9) بطريقة خاطئة، ويرفضون الأبوة في الكهنوت. فحين قال السيد المسيح هذا، كان يقصد اليهود الذين يظنون أنهم يفتخرون بالألقاب ويسمون أنفسهم هكذا، وأن هذا لفضل فيهم ولعلمهم. ولكن المسيحية تفهم الأبوة الروحية والبنوة الروحية كما قال بولس الرسول هنا تماما أنها في المسيح أي أن الكاهن في المسيح والمولود منه في المعمودية وفي الإيمان هو أيضا في المسيح. كلاهما في المسيح، فلا أبوة خارجة عن المسيح، والكاهن يُثَبِّت أولاده في المسيح.

العدد 16

آية (16): -

"" 16فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَنْ تَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي. ".

قارن مع (1تس 2: 5 – 12 + 1تس 1: 6، 7). كأولادي تمثلوا بي كما يتمثل الإبن بأبيه. وهذا يلقي حملاً كبيراً علي الخدام، فهم قدوة. ولذلك نصلي "نجني من الدماء يا الله..." فكم نفس تهلك بسبب قدوتنا السيئة لهم.

العدد 17

آية (17): -

"17لِذلِكَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ تِيمُوثَاوُسَ، الَّذِي هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ وَالأَمِينُ فِي الرَّبِّ، الَّذِي يُذَكِّرُكُمْ بِطُرُقِي فِي الْمَسِيحِ كَمَا أُعَلِّمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ.".

هدف إرسال تيموثاوس أن يصلح طرقهم وحياتهم بأن يذكرهم بالطريقة التي كان بولس يكرز بها فِي كُلِّ مَكَانٍ، فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ ليتمثلوا به (ببولس).

العدد 18

آية (18): -

"18فَانْتَفَخَ قَوْمٌ كَأَنِّي لَسْتُ آتِيًا إِلَيْكُمْ.".

علي أن بعضاً منكم كانوا يكذبون حقيقة مجيئي إليكم، ومن إنتفخوا ومن تمادوا في.

خطيتهم كمن زني مع إمرأة أبيه ظنوا أنني لن أجيء وأعاقب.

العدد 19

آية (19): -

"19 وَلكِنِّي سَآتِي إِلَيْكُمْ سَرِيعًا إِنْ شَاءَ الرَّبُّ، فَسَأَعْرِفُ لَيْسَ كَلاَمَ الَّذِينَ انْتَفَخُوا بَلْ قُوَّتَهُمْ.".

حين يأتي الرسول سيختبر قوة هؤلاء الذين كانوا يتكلمون وهل لهم قوة حقيقية من الروح القدس، أو مجرد كلمات إنتفاخ وذلك من ثمارهم أو العكس أي تدينهم الظاهري وجدلهم العقيم وإحتقارهم للسلطان الرسولي.

العدد 20

آية (20): -

"20لأَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ لَيْسَ بِكَلاَمٍ، بَلْ بِقُوَّةٍ.".

ملكوت الله ليس كلاماً جميلاً نردده بل هو حياة نعيشها بقوة الله. وهو يتأسس في النفوس ليس بالكلام، إنما بقوة عمل الله في النفوس التي تجذب القلوب وتدفعها للإيمان بالمسيح، فتعيش هذه النفوس بالتقوى بقوة معونة الله، ولنري في حياة القديسين أمثلة جبارة، فهذا شاب يربطونه إلي عامود ويدخلوا إليه إمرأة عاهرة لتسقطه فتخرج من عنده مؤمنة بالمسيح.

العدد 21

آية (21): -

"21مَاذَا تُرِيدُونَ؟ أَبِعَصًا آتِي إِلَيْكُمْ أَمْ بِالْمَحَبَّةِ وَرُوحِ الْوَدَاعَةِ؟".

هو يطلب إليهم أن يصلحوا أحوالهم حتى لا يأتي إليهم بِعَصًا = تأديب وتأنيب ولوم. بل يرونه كأب محب في وداعة. وبولس بحكمة الروح القدس عَرِف متي يستخدم العصا ومتي يستخدم الوداعة مع خاطئ كورنثوس، هذه الآية مقدمة لإصحاح (5) الذي فيه نري الرسول يستخدم العصا. وهو عموما كأب حكيم يعرف متي يستخدم العصا ومتي يستخدم المحبة ليجذب النفوس لله. ولكننا رأينا في سفر الأعمال كيف أن بطرس عاقب حنانيا وسفيرة بالموت وهنا نري بولس يُسلم الزاني للشيطان لهلاك الجسد. فكانت العقوبات في بداية المسيحية لإظهار أن الله قدوس لا يحتمل الخطية، وحتى لا يشعر.

الناس في البداية أن الحرية في المسيحية معناها فوضي. فالعصا كانت هي السلطان.

الرسولى والذي به يعاقب الرسل الخطاة.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الخامس - تفسير رسالة كورونثوس الأولى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث - تفسير رسالة كورونثوس الأولى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير رسالة كورونثوس الأولى الأصحاح 4
تفاسير رسالة كورونثوس الأولى الأصحاح 4