الأصحاح السابع – تفسير رسالة كورونثوس الأولى – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السابع

إعتباراً من هذا الإصحاح يجيب الرسول على الأسئلة التي وجهت إليه ولمعالجة كثير من المشاكل. ومنها أن المسيحيين توقعوا في بداية المسيحية سرعة مجيء السيد المسيح، فظن كثيرون أنه من الواجب أن يتركوا ممتلكاتهم وزوجاتهم وبيوتهم مِمَّا كان سيقوض البيوت المسيحية لولا إنتباه الرسل. وهنا الرسول يرد على تساؤلات بخصوص الزواج والطلاق والبتولية. ولقد ثارت هرطقات كثيرة تدعو لنجاسة الزواج وربما تأثر بها الكورنثيون. وكان لهم تساؤلات عن العلاقات الزوجية. ونفهم من ردود الرسول أن العلاقات الجسدية من خلال سر الزواج علاقات طاهرة، فالله خلقنا هكذا. ولكن نجد الرسول يفضل البتولية على الزواج، فالموضوع درجات، فهناك درجة أعلى من درجة. وكل له طريقه الذي رسمه له الله، ولنتصور أن الشعب المسيحي كله إختار طريق الرهبنة أو البتولية، بهذا ستنقرض الكنيسة كلها خلال عدة سنوات. والله هو الذي أسس سر الزواج حين قال الله لآدم أن "يلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً" (تك 2: 24). والبتولية ليست هدفاً في حد ذاتها، بل المطلوب تكريس الطاقات كلها لعبادة الله. وبولس يوصى المتزوجون أن يمتنعوا عن العلاقات الجسدية لفترات يتفرغون فيها للصوم والصلاة فقط، فلو إنشغل المتزوج بشهواته وملذاته الحسية ينخفض مستواه الروحي، ويضيع منه تذوق الفرح. وشتان الفرق بين اللذة الحسية التى تستمر لحظات وبين الفرح الدائم والذى لا ينزعه أحد منا (يو16: 22). وحين يتفرغ المتزوج للصوم والصلاة فقط دون الانشغال بالشهوات الجسدية يتدرب على الحياة السمائية ففي السماء لا توجد علاقات جسدية. على أن الرسول يشترط موافقة الطرفين (الزوج والزوجة) على هذا الامتناع حتى لا تفقد الأسرة سلامها. أي من حق طرف أن يمارس العلاقات الجسدية حتى في وقت الصوم "فالزواج أصلح من التحرق" ولكن يبقى من يفعل ذلك في درجة روحية أقل. وقطعاً فمن يرفض الامتناع عن العلاقات الجسدية فهذا راجع لأنه في مستوى روحي ضعيف، ولكنه حين يرتفع مستواه الروحي نجده قادراً على الامتناع. فالمسألة مستويات. ولا يصح أن يجبر ذو المستوى العالي روحياً، الطرف الآخر ذو المستوى الأقل على الامتناع. عموماً كلما ننمو في الروحيات نزهد في الجسديات حتى المحلل منها. وكلما ننمو في الروحيات تاركين شهواتنا متفرغين لعبادة الرب نتذوق طعم السمائيات والحياة السمائية، والتعزيات السمائية، وهذا ما يطلبه الرسول. لذلك نجده في آية 29 يطلب من المتزوجين أن يعيشوا كأنهم بلا زوجات، فبهذا فقط ينتصروا علي ضيق هذا العالم (آية 26). فمن يحيا حياة اللذات الحسية وتأتي عليه ضيقات هذا العالم نجده ينهار، أما من يحيا متذوقاً طعم اللذة الروحية ينتصر علي التجربة ولا ينهار. ولقد فهم البعض قول الرسول أنه علي المؤمنين ألا يتزوجوا وينجبوا بسبب الإضطهاد الروماني، حتى لا يتألموا لألام زوجاتهم وأولادهم وهذا تفسير عجيب وغير صحيح بالمرة. لأنه وإن لم يتزوج الشخص، فهل لا يتألم لألام أبوه وأمه وأخوه وأخته وقريبه وجيرانه..

العدد 1

آية (1): -

"1 وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الأُمُورِ الَّتِي كَتَبْتُمْ لِي عَنْهَا: فَحَسَنٌ لِلرَّجُلِ أَنْ لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً.

لاَ يَمَسَّ امْرَأَةً = المقصود الاتصال الجنسي أي الزواج. ومن هنا نفهم أن الرسول يفضل البتولية علي الزواج. وهذا كما رأينا فى ختام الإصحاح الماضى حتى يتذوق الانسان الفرح الروحى الذى لا يستطيع أحد أو ألم أو مرض أن ينزعه منا (يو 16: 22).

العدد 2

آية (2): -

"2 وَلكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا، لِيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ امْرَأَتُهُ، وَلْيَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَجُلُهَا.".

قد لا يستطيع كل إنسان أن يحيا حياة بتولية، إذاً فليتزوج، لأن الزواج حصن للحياة الطاهرة ضد الزنا = وَلكِنْ لِسَبَبِ الزِّنَا = إذاً نري أنه من ضمن دوافع الزواج المحافظة علي الحياة الطاهرة الغير دنسة. وهناك تعليم خاطئ أن الزواج فقط للإنجاب. وهذا مخالف لهذه الآية. ونلاحظ أن الزواج مقدس في نظر الرسول (عب 13: 4) بل أنه شبه الزواج بعلاقة المسيح بكنيسته (أف 5: 25 – 27). ولكن الموضوع درجات.

العدد 3

آية (3): -

"3لِيُوفِ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ حَقَّهَا الْوَاجِبَ، وَكَذلِكَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا الرَّجُلَ.".

هم تصوروا أنه مع إقتراب مجيء المسيح، علي الرجل أن يترك إمرأته. ولكن هنا يشرح بولس الرسول عكس هذا، فلا يجب أن يمتنع طرف عن أن يعطي الآخر حقه، فالمضجع غير دنس (عب 13: 4). والله هو الذي أسس الزواج (تك 2).

العدد 4

آية (4): -

"4لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذلِكَ الرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ.".

بالنسبة للعلاقات الخاصة بين الرجل والمرأة فعلي المرأة أن تعرف أنها ليست صاحبة السلطان علي جسدها بل السلطان للرجل والعكس صحيح.

العدد 5

آية (5): -

"5لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُوافَقَةٍ، إِلَى حِينٍ، لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، ثُمَّ تَجْتَمِعُوا أَيْضًا مَعًا لِكَيْ لاَ يُجَرِّبَكُمُ الشَّيْطَانُ لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ.".

لاَ يَسْلُبْ أَحَدُكُمُ الآخَرَ = لا يمتنع أحد الزوجين عن الآخر. إلاّ أن يكون بموافقة الطرف الآخر. كأن يمتنع الطرفين عن علاقتهما لقضاء فرصة روحية أطول في الصوم والصلاة، يكون فيها سمو عن العلاقات الجسدية. علي أن تعود العلاقات الجسدية مرة أخري حتى لا يتعرض أحد الطرفين إلي تجربة الشيطان بسبب الامتناع عن هذه العلاقة = لِسَبَبِ عَدَمِ نَزَاهَتِكُمْ = الأصل يعني عدم ضبط النفس والإنقياد للشهوة الجنسية فيسقط طرف في الزنا. ولاحظ أن الرسول لم يقل هنا إمتنعوا من أجل الصلاة والصوم، وإلاّ صارت العلاقات الجسدية خطية لأنها تمنعنا عن الصلاة والصوم. لكنه قال لِكَيْ تَتَفَرَّغُوا لِلصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ، أي تزداد أوقاتكم التي تقضونها مع الله. ويزداد تكريس القلب والعواطف لله، فتزداد التعزيات الإلهية ويتذوق الانسان الفرح الروحى.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَلكِنْ أَقُولُ هذَا عَلَى سَبِيلِ الإِذْنِ لاَ عَلَى سَبِيلِ الأَمْرِ.".

عَلَى سَبِيلِ الإِذْنِ = موضوع التفرغ للصلاة وإبتعاد طرف عن آخر ليس أمراً أو وصية إلهية، بل الرسول يعطي إذن بذلك، والرسول يقول هذا حتى لا يظن من لا ينفذ ذلك أنه قد كسر وصية إلهية. الأمر متروك لمستوي النضج الروحي، فهذا طريق الكمال للقادرين.

العدد 7

آية (7): -

"7لأَنِّي أُرِيدُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ كَمَا أَنَا. لكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ مَوْهِبَتُهُ الْخَاصَّةُ مِنَ اللهِ. الْوَاحِدُ هكَذَا وَالآخَرُ هكَذَا.".

بولس يفضل أن يكون الجميع بتوليين مثله، لكنه يرجع فيقول أن البتولية موهبة معطاة من الله لا يقدر عليها كل واحد. وليس سمو مرتبة البتولية معناه رفض الزواج، فكما قلنا أن الذي أسس سر الزواج هو الله نفسه (تك 2: 24) + "ما جمعه الله لا يفرقه إنسان" (مت 19: 6). والمسيح علي جبل التجلي كان معه موسى المتزوج وإيليا البتول. فالله إختار للبعض أن يحيا في بتولية وإختار للبعض أن يتزوج لينجب أطفال، وإلاّ لتوقف العالم.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَلكِنْ أَقُولُ لِغَيْرِ الْمُتَزَوِّجِينَ وَلِلأَرَامِلِ، إِنَّهُ حَسَنٌ لَهُمْ إِذَا لَبِثُوا كَمَا أَنَا.".

مرة أخري نراه يفضل البتولية. وللأرمل أن لا يتزوج ثانية.

العدد 9

آية (9): -

"9 وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَضْبُطُوا أَنْفُسَهُمْ، فَلْيَتَزَوَّجُوا. لأَنَّ التَّزَوُّجَ أَصْلَحُ مِنَ التَّحَرُّقِ.

مرة أخري نراه يقول هذا هو الأفضل أن لا يتزوج الأرمل أوغير المتزوج ولكن إن لم يستطع فليتزوج، فالاستحسان في آية (8) لا يرقي لمرتبة الأمر. التحرق = الاشتعال بنار الشهوة، وخيرٌ من ذلك الزواج.

العدد 10

آية (10): -

"10 وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُونَ، فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ، أَنْ لاَ تُفَارِقَ الْمَرْأَةُ رَجُلَهَا،".

فَأُوصِيهِمْ، لاَ أَنَا بَلِ الرَّبُّ = يقصد الرسول أن المسيح سبق وعلم بهذا، أن لا تنفصل المرأة عن رجلها. فالمسيح علم بأنه لا طلاق إلاّ لعلة الزنا (مت 5: 32) + (مر 10: 1 – 12) + (لو 16: 18). وبولس لم يشر لموضوع الزنا كعلة للطلاق، فهو لا يقدم بحثاً كاملاً عن الموضوع.

العدد 11

آية (11): -

"11 وَإِنْ فَارَقَتْهُ، فَلْتَلْبَثْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ، أَوْ لِتُصَالِحْ رَجُلَهَا. وَلاَ يَتْرُكِ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ.".

كثيراً ما تحدث منازعات بين الرجل وإمرأته ليس لعلة الزنا، بل لأي سبب آخر، فتترك الزوجة منزل رجلها = فَارَقَتْه وهنا لا يسمح بالطلاق لكن يظلوا منفصلين. فإن لم تستطع الزوجة أن تضبط نفسها فلتعود إلي زوجها فهذا أفضل، وعلي الرجل أن لا يترك إمرأته تفارق بيتها بل عليه أن يحاول أن يصالحها.

العدد 12

آية (12): -

"12 وَأَمَّا الْبَاقُونَ، فَأَقُولُ لَهُمْ أَنَا، لاَ الرَّبُّ: إِنْ كَانَ أَخٌ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُ مُؤْمِنَةٍ، وَهِيَ تَرْتَضِي أَنْ تَسْكُنَ مَعَهُ، فَلاَ يَتْرُكْهَا.".

الْبَاقُونَ = هنا سؤال مهم وجهه أهل كورنثوس لبولس الرسول. إن كان هناك زوجين وثنيين وقَبِلَ أحدهم الإيمان، فهل ينفصل المؤمن عن الطرف غير المؤمن بسبب عدم إيمانه. الرسول يوصي بأن لا يفارق، حتى لا تنهار البيوت ويتشرد الأطفال. أَنَا، لاَ الرَّبُّ = أي أن الرب يسوع لم يناقش هذا الموضوع، ولم يذكر وصايا في هذا الموضوع. الدعوة المسيحية إذن لا تحل الزواج القائم بل تزيده حباً وإرتباطاً. أمّا إذا شاء غير المؤمن أن يفارق ليرتبط بطرف آخر فينطبق عليه وضع الزاني، ويسمح للطرف المؤمن بالزواج ثانية، علي أن يتزوج من مؤمن في هذه الحالة كما قال في آية 39 "لكي تتزوج بمن تريد في الرب فقط".

العدد 13

آية (13): -

"13 وَالْمَرْأَةُ الَّتِي لَهَا رَجُلٌ غَيْرُ مُؤْمِنٍ، وَهُوَ يَرْتَضِي أَنْ يَسْكُنَ مَعَهَا، فَلاَ تَتْرُكْهُ.".

الوضع للرجل كما للمرأة.

العدد 14

آية (14): -

"14لأَنَّ الرَّجُلَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ الْمُؤْمِنَةِ مُقَدَّسَةٌ فِي الرَّجُلِ. وَإِلاَّ فَأَوْلاَدُكُمْ نَجِسُونَ، وَأَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ.".

مُقَدَّسٌ فِي الْمَرْأَةِ = أي له فرصة الإيمان بمعاشرة الطرف المؤمن وبصلواته. وطهارة الطرف المؤمن تغلب الدنس الذي في الطرف غير المؤمن. لقد توهم الطرف الذي آمن أنه يتنجس بمعاشرة الطرف الذي لم يؤمن، والرسول رفض هذا المبدأ، فإن الذي يراه الرسول أن الطرف المؤمن لن يتنجس بل سيقدس غير المؤمن وسيؤثر فيه. وإذا كانت الأسرة مستقرة في ظل الناموس الوثني فهل دخول المسيحية إليها يزعزعها؟ قطعاً لا. فإستقرار الأسرة والأطفال مطلب مسيحي. أَمَّا الآنَ فَهُمْ مُقَدَّسُونَ.

  1. هم لهم فرصة الإيمان من الطرف المؤمن، بل ربما قام الطرف المؤمن بتعميد الطفل.
  2. هم ليسوا أولاد زنا بل ثمرة علاقة شرعية هي الزواج.
  3. الروح القدس سمح بهذا. أليس هو الذي أوحي لبولس بما قال.

وهذا ما حدث في الإتحاد السوفيتي حين إنتشرت دعوة الإلحاد الماركسي بين الأباء والأمهات إلاّ أن الذي كان يربي الأطفال الصغار هم جداتهم الكبار الذين علموا الأطفال كيف يحبون المسيح. ولقد رأيت هؤلاء الجدات الكبار يأخذون الأطفال الصغار للكنائس ويطلبون منهم تقبيل الأيقونات ويشرحون لهم. وهذا الزواج المختلط كان وضع إستثنائي في بداية المسيحية، وقد يتكرر في بلد تدخل فيه المسيحية الآن. ولكن للأسف فقد طبق الإخوة الكاثوليك هذه الآية بطريقة خطأ وسمحوا بالزواج مع غير المؤمنين وهذا مردود عليه: -.

  1. كان هذا وضعاً إستثنائياً.
  2. هو قال "إن كان أخ له إمرأة غير مؤمنة" آية 12. ولم يقل إن أراد أحد أن يأخذ زوجة غير مؤمنة. فالمقصود أن هناك زواج قائم بالفعل بين طرفين وثنيين، ثم آمن أحدهما. وليس الأمر إقامة زواج جديد بين طرف مؤمن وطرف غير مؤمن.
  3. منع الرسول الارتباط بين مؤمن وغير مؤمن (2كو 6: 14 – 18).
  4. في نهاية الإصحاح (7) وفي آية 39 ينص صراحة علي أن من يريد أن يتزوج فليكن هذا في الرب فقط (للأرملة التي مات رجلها).

العدد 15

آية (15): -

"15 وَلكِنْ إِنْ فَارَقَ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، فَلْيُفَارِقْ. لَيْسَ الأَخُ أَوِ الأُخْتُ مُسْتَعْبَدًا فِي مِثْلِ هذِهِ الأَحْوَالِ، وَلكِنَّ اللهَ قَدْ دَعَانَا فِي السَّلاَمِ.".

إن آمن طرف فأراد الطرف الآخر أن يفارق فليفارق، فإن عاشوا في سلام يكون أفضل، وأما إن رفض غير المؤمن فليفارق لأنه لن يكون سلام بين الطرفين، وسيكون هناك صراع مستمر بين المسيحي والوثني. والمهم أن يكون هناك سلام في البيوت.

ولكننا نري أن بولس غير مهتم ببقاء هذا الزواج فهو عقد بدون صلوات لله، فالله لم يجمع هذين الزوجين، وبالتالي يصير هذا الزواج غير ملزم.

العدد 16

آية (16): -

"16لأَنَّهُ كَيْفَ تَعْلَمِينَ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، هَلْ تُخَلِّصِينَ الرَّجُلَ؟ أَوْ كَيْفَ تَعْلَمُ أَيُّهَا الرَّجُلُ، هَلْ تُخَلِّصُ الْمَرْأَةَ؟".

إن أمكن أن يحيا الطرفين في سلام فهذا أفضل. ولكن إن أراد طرف الانفصال فلينفصل في هدوء، فربما يتصور الطرف المؤمن أنه عليه أن يجبر غير المؤمن علي الإيمان فيتمسك ببقائه ولا يتركه، والرسول يقول كَيْفَ تَعْلَمِينَ أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، هَلْ تُخَلِّصِينَ الرَّجُلَ = أي هل تضمنين أيتها المرأة المؤمنة أن تخلصي زوجك إن أبقيته معك عنوة، الإيمان ليس بالإجبار، بل أن العنف لن يأتي بشيء إلا بزيادة عناد الطرف الآخر.

العدد 17

آية (17): -

"17غَيْرَ أَنَّهُ كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، كَمَا دَعَا الرَّبُّ كُلَّ وَاحِدٍ، هكَذَا لِيَسْلُكْ. وَهكَذَا أَنَا آمُرُ فِي جَمِيعِ الْكَنَائِسِ.".

الله حينما يدعو ويُقَسِّم لا يظلم أحد، بل هو يعلم إستجابة الإنسان لدعوته وبناء علي سابق علمه بميول الإنسان ورغباته واستجابته، وفي عدل مطلق يعطي الله الفرصة للجميع لكي يتوبوا ويؤمنوا وإن فعلوا يخلصوا.

كَمَا قَسَمَ اللهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ، كَمَا دَعَا الرَّبُّ كُلَّ وَاحِدٍ، هكَذَا لِيَسْلُكْ = إن دعا الله أحد وهو متزوج فلا يترك زواجه حتى وإن كان من غير مؤمن، وإن دعا الله عبد فلا يهرب من سيده بدعوى أن المسيح حرره، وإنما كل مؤمن يسلك بحسب الحالة التي كان فيها عند قبوله الإيمان. وعلي كل واحد فينا أن يقتنع ويكون راضياً بما قسم الله له. المؤمن الحقيقي دائم الشكر علي ما هو عليه، لا يتذمر طالباً تغيير وضعه فالله يستغل الظروف الخارجية أي الأمور الحاضرة والأمور المستقبلة ليوصلنا للسماء (1كو 3: 22). فالله قادر أن يوصلك للكمال من خلال وضعك أياً كان وضعك ومهما كانت ظروفك. وفي مثل الوزنات نجد أن الله أعطي لواحد 10 وزنات ولآخر 5 وزنات ولثالث وزنة واحدة، والله سيحاسب كل واحد بحسبما أعطاه. فليبق كل واحد في عمله وليكن أميناً فيه، عبداً كان أم حراً، متزوجاً أو بتولاً.. والرسول يقول هذا حتى لا يترك المؤمنين أعمالهم فينقلب النظام الاجتماعي للكنيسة وللمجتمع. فلنشكر الله علي ما أعطانا فلن نعرف ما ينفعنا أكثر منه، ولن نعرف طريق خلاصنا أكثر منه.

الأعداد 18-19

الآيات (18 - 19): -

"18دُعِيَ أَحَدٌ وَهُوَ مَخْتُونٌ، فَلاَ يَصِرْ أَغْلَفَ. دُعِيَ أَحَدٌ فِي الْغُرْلَةِ، فَلاَ يَخْتَتِنْ. 19لَيْسَ الْخِتَانُ شَيْئًا، وَلَيْسَتِ الْغُرْلَةُ شَيْئًا، بَلْ حِفْظُ وَصَايَا اللهِ.".

المسيحية لا تتطلب تغييرات شكلية كالختان، بل تغيير قلبي، فيه نحفظ وصايا الرب. فَلاَ يَصِرْ أَغْلَفَ = لا يسلك في سلوكيات الأغلف أي الوثنيين أي لا يصير أغلف القلب. وقد حدث أن بعض اليهود المختونين المرتدين حاولوا تغيير أشكال أجسامهم حتى لا يسخر منهم اليونانيين. فَلاَ يَخْتَتِنْ = الختان غير هام للخلاص (أع 15: 28) فهذا قرار مجمع أورشليم. لكن علينا أن نعلم أننا صرنا سماويين فلنلتزم بالوصايا السماوية.

الأعداد 20-21

الآيات (20 - 21): -

"20اَلدَّعْوَةُ الَّتِي دُعِيَ فِيهَا كُلُّ وَاحِدٍ فَلْيَلْبَثْ فِيهَا. 21دُعِيتَ وَأَنْتَ عَبْدٌ فَلاَ يَهُمَّكَ. بَلْ وَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَصِيرَ حُرًّا فَاسْتَعْمِلْهَا بِالْحَرِيِّ.".

علي من قبل الإيمان أن لا يغير حالته التي يكون عليها من حيث وضعه الاجتماعي. فَلاَ يَهُمَّكَ = لا تدع هذا يسبب لك قلقاً لأن المسيحية حرية في كافة نواحي الظروف الاجتماعية حتى لو كان الشخص عبداً لإنسان آخر، وذلك حتى لا تكون المسيحية فرصة لثورة اجتماعية (كو 3: 22 – 25) + (أف 6: 5 – 9). ولكن إذا أمكن للعبد أن يصبح حراً بموافقة سيده، فليستغل الفرصة ويتحرر. ولكن لا يضيرك في شيء أن تظل عبداً. المهم أن تعلن مسيحيتك في الأمانة والإخلاص والمحبة والفرح بالحياة الجديدة، فربما تقود سيدك للإيمان.

العدد 22

آية (22): -

"22لأَنَّ مَنْ دُعِيَ فِي الرَّبِّ وَهُوَ عَبْدٌ، فَهُوَ عَتِيقُ الرَّبِّ. كَذلِكَ أَيْضًا الْحُرُّ الْمَدْعُوُّ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ.".

فَهُوَ عَتِيقُ الرَّبِّ = أي العتق الباطني الروحي، لقد أعطاه المسيح حرية الروح وحرره من إبليس ومن شهوات الجسد، وليس مهماً بعد ذلك وضع الجسد حراً كان أم عبداً فهذه عبودية ظاهرية ستنتهي بالموت. والحرية الحقيقية هي في العبودية للمسيح = الْحُرُّ ُ هُوَ عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ = أي ليس حراً ليفعل ما يشاء. ونفهم من هذا أن الإنسان إمّا يكون عبداً للمسيح الذي حرره أو عبداً للشيطان، ومن يترك عبودية المسيح يستعبده الشيطان من جديد.

العدد 23

آية (23): -

"23قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ، فَلاَ تَصِيرُوا عَبِيدًا لِلنَّاسِ.".

اشْتُرِيتُمْ = المعني هو شراء عبد. إذاً نحن مرتبطين بمن اشترانا أي المسيح. قارن مع (1كو 6: 20) بثمن = دم المسيح. فَلاَ تَصِيرُوا عَبِيدًا لِلنَّاسِ = ليس المفهوم أن العبد يرفض خدمة سيده فهذا يتعارض مع ما سبق وقاله في آية 21 لكن المقصود أن لا تقبل خطايا تُسْتَعْبَد بسببها للناس.

العدد 24

آية (24): -

"24مَا دُعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ فِيهِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَلْيَلْبَثْ فِي ذلِكَ مَعَ اللهِ.".

ليثبت كل واحد علي الحال الذي كان عليه وقت دعوته للإيمان لكن عليه أن يهتم أن يرضي الله = فليثبت في ذلك مع الله فالمسيحية ليست ثورة اجتماعية بل هي إصلاح للداخل، تغيير الباطن فينصلح الخارج وحده.

العدد 25

آية (25): -

"25 وَأَمَّا الْعَذَارَى، فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ، وَلكِنَّنِي أُعْطِي رَأْيًا كَمَنْ رَحِمَهُ الرَّبُّ أَنْ يَكُونَ أَمِينًا.".

وَأَمَّا الْعَذَارَى = من هم العذارى (وقارن مع آية 36) هناك رأيان: -.

  1. أ – أن العذراء هي بنت رأى أبوها أن لا تتزوج وأن يتكفل بها ويجعلها بتول للمسيح.
  2. ب – زوجان تزوجا وإتفقا أن يظلا بلا علاقات زوجية في حياة بتولية، أي أن العذارى هنا هن الأبكار اللواتي لم يسبق لهن معاشرة أزواجهن مع أنهن في حوزة أزواجهن لكنهن إستمروا أبكار.

فَلَيْسَ عِنْدِي أَمْرٌ مِنَ الرَّبِّ فِيهِنَّ = ليس معني كلامه أن رأيه هذا ليس من الروح القدس، فالكتاب كله موحى به من الله، لكن المسيح لم يعطي وصيته بخصوص هذه النقطة حينما كان علي الأرض بالجسد. ولكن الرسول يعطي رأياً كإنسان مُعيَّن من قِبَلْ الرب ليقوم بمهمة تعليمهم. هو يقول هذا حتى أن من يعاشر زوجته العذراء لا يعتبر أنه يرتكب خطية ضد وصايا الله. الرسول يوصي بالبتولية لكن دون إلزام.

العدد 26

آية (26): -

"26فَأَظُنُّ أَنَّ هذَا حَسَنٌ لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ، أَنَّهُ حَسَنٌ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَكُونَ هكَذَا:".

لِسَبَبِ الضِّيقِ الْحَاضِرِ = وجودنا في هذا العالم هو ضيق، فالعالم مملوء ضيقات لن تنتهي سوى بالمجيء الثاني. وهنا الرسول يفضل ثانية الإستمرار في حياة البتولية، فكلما زهد الإنسان العالم وشهواته يرتفع فوق مستوى ألام هذا العالم، ويعيش في سلام المسيح. هذا المبدأ سيتضح في بقية كلام الرسول في الآيات التالية، المقصود هو عدم الإنشغال بالعالم. ولاحظ أن ليس معني كلام الرسول أن الزواج خطأ، فهذا نص عليه صراحة في آية 28 "لكنك وإن تزوجت لم تخطيء" إذاً الأحسن الذي يتكلم عنه الرسول لا يختص بالزواج والتبتل، إلاّ من حيث إتصالهما بالإنشغال بالأمور العالمية أو في التفرغ لعبادة الرب والإهتمام بالحياة الأبدية. فلا تشغلنا أمور هذه الحياة عن حياتنا الأبدية. الرسول يقصد أن المتبتل أعطى كل وقته ومحبته للمسيح، وهذا يجعله يتذوق فرحاً، به يثبت أمام الإضطهاد الحالى من اليهود والأمم فلا ينكر إيمانه.

العدد 27

آية (27): -

"27أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ، فَلاَ تَطْلُبِ الانْفِصَالَ. أَنْتَ مُنْفَصِلٌ عَنِ امْرَأَةٍ، فَلاَ تَطْلُبِ امْرَأَةً.".

أَنْتَ مُرْتَبِطٌ بِامْرَأَةٍ، فَلاَ تَطْلُبِ الانْفِصَالَ = ليس معني كلامي أن يهجر الأزواج زوجاتهن. بل علي غير المتزوج أو المنفصل أن يظل هكذا.

العدد 28

آية (28): -

"28لكِنَّكَ وَإِنْ تَزَوَّجْتَ لَمْ تُخْطِئْ. وَإِنْ تَزَوَّجَتِ الْعَذْرَاءُ لَمْ تُخْطِئْ. وَلكِنَّ مِثْلَ هؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ. وَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُشْفِقُ عَلَيْكُمْ.".

مِثْلَ هؤُلاَءِ يَكُونُ لَهُمْ ضِيقٌ فِي الْجَسَدِ = بسبب ما يتطلبه الزواج من مسئوليات تشغلنا عن الإهتمام بالأمور السماوية والتكريس الكامل لله. وبالتالي حرماننا من التمتع بالسمائيات والتعزيات الإلهية التي تخفف الضيق، والضيق هو طبيعة الحياة التي نحياها في هذا العالم.

العدد 29

آية (29): -

"29فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ، لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ،".

الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ = في إحدى الترجمات الإنجليزية جاءت هكذا.

THE APPOINTED TIME HAS GROWN VERY SHORT.

أي وقت مجيء ربنا يسوع (أو وقت موتنا) يقترب، فطالما الوقت محدد فإن كل يوم يمضي يجعلنا نقترب من اليوم المحدد لمقابلة المسيح. إذاً علي المؤمنين أن ينشغلوا بروحياتهم، فأيام الإنسان قصيرة علي الأرض، هي تعبر سريعاً. والله أعطانا فرصة حياة واحدة، علينا أن نهتم بأن نمجده فيها ولا ننشغل بملذات الدنيا.

الَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ = علي المتزوجين ألا يعطوا كل قلوبهم وكل حياتهم لأسرهم وينشغلوا عن حياة العبادة، بل علي المتزوج أن يمارس حياته الروحية كما لو كان غير متزوجاً، يحيا حياة مقدسة وليست حياة شهوة، فإن لم يفعل كيف يواجه اليوم الأخير الذي إقترب.

العدد 30

آية (30): -

"30 وَالَّذِينَ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ، وَالَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَفْرَحُونَ، وَالَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ،".

الَّذِينَ يَبْكُونَ (لخسارتهم بموت شخص عزيز أو لخسارة مادية) كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ لأن لهم عزاء سماوي، وسريعاً ما سيقابلون من فارقوهم بالموت في السماء. وكيف نحزن علي خسارة مادية والعالم كله سيفني. وَالَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَفْرَحُونَ = فنحن لا نفرح بما يفرح به العالم بل بالسماء. فيجب أن لا يطغي علينا هذا الفرح المادي بل لندرك أن أي فرح مادي دنيوي هو زائل. الذين هم في بداية الطريق الروحي يفرحون جداً بالماديات ويحزنون جداً علي خسارتها. وهذه ليست طبيعة الروحيين الَّذِينَ يَشْتَرُونَ = أملاك وعقارات كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ = ما إمتلكوه لن يستمر طويلاً فالعالم زائل. عموماً أفراح العالم وبلاياه كلها زائلة ولا ثبات لها. فلذلك لا يليق بالمسيحي العاقل أن يتعلق قلبه بخيرات الأرض، ولا يضيق صدره لبلاياها.

العدد 31

آية (31): -

"31 وَالَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هذَا الْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هذَا الْعَالَمِ تَزُولُ.".

ينبغي أن نحتقر كل شيء فهذا العالم فانٍ. الماء لازم لتطفو السفينة عليه، لكنه خطر إذا دخل للسفينة. فعلينا أن لا ندخل محبة العالم لقلوبنا ولا نتعلق به، ولا نغرق في إستخدامه بكل شغف ولهفة وإندفاع مغتنمين كل ربحه ومسراته الزائدة كأنما هي غاية الحياة. فحياتنا في هذا العالم هدفها أن نقضي فترة غربتنا لا نشتهي شيئاً فلا نخاف شيئاً. علينا أن نكتفي بما هو لازم وضروري لحياتنا.

الأعداد 32-33

الآيات (32 - 33): -

"32فَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا بِلاَ هَمٍّ. غَيْرُ الْمُتَزَوِّجِ يَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ كَيْفَ يُرْضِي الرَّبَّ، 33 وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجُ فَيَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ يُرْضِي امْرَأَتَهُ.".

بِلاَ هَمٍّ = بلا مسئوليات أسرية تعطل عن الإنشغال بالرب، فلو أراد طرف التفرغ للصلاة والصوم ورفض الطرف الآخر، يكون الطرف الآخر عائقاً. إذاً بولس الرسول لا يجعل من الزواج خطية، لكنه يريد أن يحرر كل واحد من كل إهتماماته ليتفرغ للرب. فالمتزوج له إرادة أخري تتحكم فيه غير إرادة الله وإرادته، وهي إرادة زوجته، وذلك بحسب الحقوق التي لها. ملخص فكر الرسول فى هذه النقطة التى يُلِّح عليها فى هذا الإصحاح هى أن الأفضل لنا أن نتفرغ لله، فنتذوق حلاوة عشرته والفرح الذى يعطيه الله. أما الذى ينشغل بأى شئ آخر حتى لو كان الزواج المُكَرَّم، فأفراحه الروحية تتأثر لإنشغالاته. ومن هذا المنطلق سعى الكثيرون للرهبنة.

العدد 34

آية (34): -

"34إِنَّ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْعَذْرَاءِ فَرْقًا: غَيْرُ الْمُتَزَوِّجَةِ تَهْتَمُّ فِي مَا لِلرَّبِّ لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً جَسَدًا وَرُوحًا. وَأَمَّا الْمُتَزَوِّجَةُ فَتَهْتَمُّ فِي مَا لِلْعَالَمِ كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا.".

لِتَكُونَ مُقَدَّسَةً = أي مخصصة ومكرسة للرب، ولاحظ أنه لم يقل أن المتزوجة غير مقدسة بل إن إهتمامها بالرب أقل = كَيْفَ تُرْضِي رَجُلَهَا. بينما غير المتزوجة تستطيع أن تهب جسدها ونفسها ووقتها وجهدها للرب.

العدد 35

آية (35): -

"35هذَا أَقُولُهُ لِخَيْرِكُمْ، لَيْسَ لِكَيْ أُلْقِيَ عَلَيْكُمْ وَهَقًا، بَلْ لأَجْلِ اللِّيَاقَةِ وَالْمُثَابَرَةِ لِلرَّبِّ مِنْ دُونِ ارْتِبَاكٍ.".

وَهَقًا = أصل الكلمة شركاً، أي لا أقول هذا لأنصب لكم شركاً او أقتنصكم لإرادتي، لا أريد أن اضع عليكم شيئاً فوق طاقتكم أن تحتملوه. إذا كنت حدثتكم عن أفضلية البتولية فلست بهذا أريد أن أثقل عليكم، بل أريد لكم حياة هادئة بعيدة عن الإرتباكات العالمية.

العدد 36

آية (36): -

"36 وَلكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِدُونِ لِيَاقَةٍ نَحْوَ عَذْرَائِهِ إِذَا تَجَاوَزَتِ الْوَقْتَ، وَهكَذَا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ، فَلْيَفْعَلْ مَا يُرِيدُ. إِنَّهُ لاَ يُخْطِئُ. فَلْيَتَزَوَّجَا.".

راجع آية 25 وتفسيرها. إن كان احد = إن كان أب قد منع إبنته العذراء من الزواج ليكرسها للمسيح، ثم رأي أن هذا التصرف فيه عدم لياقة فليزوجها = فَلْيَتَزَوَّجَا هي وخطيبها. أو أن المقصود زوجان تعهدا بالبتولية ثم عادا وإكتشفا أنهما غير قادرين فَلْيَتَزَوَّجَا. إِذَا تَجَاوَزَتِ الْوَقْتَ = في الإنجليزية إنقضت زهرة شبابها أي صارت كبيرة سناً. فإن رأي الوالد (أو الزوجان البتوليان) أن في الزواج حلاً لمتاعبهما فإن الزواج خيرٌ من التحرق. في حالة التحرق فالزواج هو الأفضل. فالزواج هو القاعدة والبتولية هي الإستثناء. وليس من حق الأب أن يرغم إبنته علي شيء لا تستطيع عمله، ولكن بولس حتى لا يغير العادات الاجتماعية لا يطلب من البنت الثورة علي أبيها بل يطلب من الأب السماح لإبنته بالزواج ممن تريده = فَلْيَتَزَوَّجَا.

العدد 37

آية (37): -

"37 وَأَمَّا مَنْ أَقَامَ رَاسِخًا فِي قَلْبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ اضْطِرَارٌ، بَلْ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى إِرَادَتِهِ، وَقَدْ عَزَمَ عَلَى هذَا فِي قَلْبِهِ أَنْ يَحْفَظَ عَذْرَاءَهُ، فَحَسَنًا يَفْعَلُ.".

إن أمكن فالأفضل البتولية إن رغبت الفتاة وإستحسنت هذا وبدون ضغط عليها.

العدد 38

آية (38): -

"38إِذًا، مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ، وَمَنْ لاَ يُزَوِّجُ يَفْعَلُ أَحْسَنَ.".

هنا خلاصة ما يريد الرسول قوله. مَنْ زَوَّجَ فَحَسَنًا يَفْعَلُ فالله بارك آدم وحواء ليكثرا ويملآ الأرض، فالله يريد تعمير الأرض.

العدد 39

آية (39): -

"39الْمَرْأَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِالنَّامُوسِ مَا دَامَ رَجُلُهَا حَيًّا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَ رَجُلُهَا، فَهِيَ حُرَّةٌ لِكَيْ تَتَزَوَّجَ بِمَنْ تُرِيدُ، فِي الرَّبِّ فَقَطْ.".

راجع تفسير آية 14. فالمرأة مرتبطة برجلها (مؤمناً كان أم غير مؤمن) طالما هو حي ولكن إن مات فلا تتزوج إلا من رجل مؤمن = فِي الرَّبِّ فَقَطْ.

العدد 40

آية (40): -

"40 وَلكِنَّهَا أَكْثَرُ غِبْطَةً إِنْ لَبِثَتْ هكَذَا، بِحَسَبِ رَأْيِي. وَأَظُنُّ أَنِّي أَنَا أَيْضًا عِنْدِي رُوحُ اللهِ.".

بنفس منطق الرسول فالأفضل للأرملة أن تظل بلا زواج لكي تجد وقتاً لله ولكن الزواج الثاني غير نجس. أَظُنُّ أَنِّي أَنَا عِنْدِي رُوحُ اللهِ = كلام الرسول في تواضع، فكلامه موحى به من الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح الثامن - تفسير رسالة كورونثوس الأولى - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السادس - تفسير رسالة كورونثوس الأولى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير رسالة كورونثوس الأولى الأصحاح 7
تفاسير رسالة كورونثوس الأولى الأصحاح 7