الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ – رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ

الخادم والخدمة والخلاص.

(1) الإنسان الجسدانى (ع 1 - 4):

1 وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ، كَأَطْفَالٍ فِى الْمَسِيــحِ 2سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ، 3لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ. فَإِنَّهُ، إِذْ فِيكُمْ حَسَدٌ وَخِصَامٌ وَانْشِقَاقٌ، أَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ وَتَسْلُكُونَ بِحَسَبِ الْبَشَرِ؟ 4لأَنَّهُ مَتَى قَالَ وَاحِدٌ: «أَنَا لِبُولُسَ» وَآخَرُ: «أَنَا لأَبُلُّوسَ» أَفَلَسْتُمْ جَسَدِيِّينَ؟

العدد 1

ع1:

لا يستطيع الرسول أن يكلمهم كأناس نضجوا روحياً، بل كمبتدئين فى معرفة المسيح، كأنهم مثل أطفال من جهة معرفة حكمة الله ومشيئته، لأنهم ما زالوا منشغلين بالأمور الجسدية أى المادية.

العدد 2

ع2:

فكما يُقَدَم اللبن للأطفال لأنه ليس لهم قدرة على هضم طعام البالغين، هكذا تحدث معم بولس الرسول، كمبتدئين روحياً، بأساسيات المسيحية فقط، لأنهم لم يقتنوا بعد القدرة على الدخول إلى عمق المعرفة الروحية.

العدد 3

ع3:

الحسد سببه عواطف منحرفة، والخصام سببه مناقشات بالكبرياء والذات، والإنشقاق سلوك عملى لما سبق. والدليل على انطباق صفة الإنسان الجسدانى عليهم، هو وجود الحسد والخصام والتحزب بينهم، التى هى سمات الذين يسلكون بحسب رغبات الجسد، ويتساوى سلوكهم مع سلوك الذين لم يقبلوا الإيمان بعد.

  • فلننظر داخل أنفسنا لنرى مدى تأثير رغباتنا الحسية على حياتنا، هل نحسد الآخرين على الماديات التى يمتلكونها ولا نملك مثلها، هل نخاصم بعضنا بعضاً؟ إن كان هذا هو الواقع، فلنفهم أننا ما زلنا دون الروحانية التى يجب أن يتصف بها أبناء الملكوت، تلك الروحانية التى هى الهدف الحقيقى الذى يسعى إليه كل مسيحى وتحقيقه لا يكون إلا حينما تتحد رغباتنا مع مشيئة الله.

العدد 4

ع4:

فى تساؤل تعجبى، يؤكد المستوى الجسدانى الذى يسلكون بحسبه حينما يتحزب بعضهم بتبعيته لبولس وآخرون لأبلوس، فما زالت الدوافع الداخلية ليست للمسيح.

(2) عمل الله وعمل الخادم (ع 5 - 9):

5فَمَنْ هُوَ بُولُسُ وَمَنْ هُوَ أَبُلُّوسُ؟ بَلْ خَادِمَانِ آمَنْتُمْ بِوَاسِطَتِهِمَا، وَكَمَا أَعْطَى الرَّبُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ: 6أَنَا غَرَسْتُ، وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لَكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِى. 7إِذًا؛ لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِى، بَلِ اللهُ الَّذِى يُنْمِى. 8 وَالْغَارِسُ وَالسَّاقِى هُمَا وَاحِدٌ، وَلَكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ. 9فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلاَنِ مَعَ اللهِ، وَأَنْتُمْ فَلاَحَةُ اللهِ، بِنَاءُ اللهِ.

العدد 5

ع5:

فى تساؤله: من هو بولس ومن هو أبلوس، يلفت بولس الرسول نظر أهل كورنثوس أن بولس وأبلوس لا يزيدان عن كونهما خادمين للرب، استخدمهما كواسطة لتوصيل رسالته إليهم بما أعطى الرب لكل واحد منهم من مواهب وإمكانيات تعينهم على توصيل الرسالة.

العدد 6

ع6:

هنا يشبههم الرسول بحقل ألقى فيه بولس بذار المعرفة الروحية المؤدية إلى الخلاص، من خلال بشارته، ثم قام أبلوس بسقى هذه البذار من خلال تعاليمه الروحية، ولكن العمل الأهم هو عمل الرب الذى ينمى هذه البذار، وبدون عمله لا يمكن جمع المحصول.

العدد 7

ع7:

لكن بولس وأبلوس لا يملكان قوة الإنماء التى يملكها الله وحده، وبدونها لا يكون لإلقاء البذار وسقيها أى نتيجة. وهذا لا يلغى عمل الخدام، بل يوضح أن النجاح بعمل الله.

العدد 8

ع8:

من يلقى البذار أو يسقيها يقوم بجزئية فى عمل واحد، لذلك لا يصح أن يكون هذا سبباً للتبعية المنفصلة أى الإنشقاق، فالعمل واحد وكل منهما سيأخذ مكافأة من الرب بقدر اجتهاده فى العمل.

العدد 9

ع9:

هنا يعيد تشبيههم بحقل وببناء، فكل من بولس وأبلوس عاملان يستخدمهما الرب فى فلاحة الحقل أو فى تأسيس البناء، ذلك العمل الذى يتممه الرب بقدرته ومشيئته.

  • إن كنت تقدم خدمة أو رعاية لأحد سواء فى بيتك لأقاربك أو فى الكنيسة، فاعلم أنك أداة فى يد الله، وهو الأب والراعى الحقيقى. لذلك أطلب معونته، لا تتكبر أو تفتخر بما تعمله أو تلوم الآخرين لعدم تقديرهم تعبك، واشكر الله على كل نجاح يتم، وإياك أن تفرح بمديح وتجمع الناس حولك فأنت مجرد خادم لله، فلا تسرق مجده وتحوله لنفسك.

(3) البنيان الروحى وتقييم الخدمة (ع 10 - 15):

10حَسَبَ نِعْمَةِ اللهِ الْمُعْطَاةِ لِى، كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاسًا، وَآخَرُ يَبْنِى عَلَيْهِ. وَلَكِنْ، فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِى عَلَيْهِ. 11فَإِنَّهُ لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِى وُضِعَ، الَّذِى هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ. 12 وَلَكِنْ، إِنْ كَانَ أَحَدُ يَبْنِى عَلَى هَذَا الأَسَاسِ ذَهَبًا، فِضَّةً، حِجَارَةً كَرِيمَةً، خَشَبًا، عُشْبًا، قَشًّا، 13فَعَمَلُ كُلِّ وَاحِدٍ سَيَصِيرُ ظَاهِرًا، لأَنَّ الْيَوْمَ سَيُبَيِّنُهُ. لأَنَّهُ بِنَارٍ يُسْتَعْلَنُ، وَسَتَمْتَحِنُ النَّارُ عَمَلَ كُلِّ وَاحِدٍ مَا هُوَ. 14إِنْ بَقِىَ عَمَلُ أَحَدٍ قَدْ بَنَاهُ عَلَيْهِ، فَسَيَأْخُذُ أُجْرَةً. 15إِنِ احْتَرَقَ عَمَلُ أَحَدٍ فَسَيَخْسَرُ، وَأَمَّا هُوَ فَسَيَخْلُصُ، وَلَكِنْ كَمَا بِنَارٍ.

العدد 10

ع10:

إننى بنعمة الله المعطاة لى كرسول صرت كالبنَّاء الماهر، فوضعت الأساس القوى وهو الإيمان بالمسيح، ولكن على كل من يبنى أعمالا حسنة وخدمات على هذا الأساس أن يهتم بما يبنى فتكون أعماله من قلب طاهر وبأمانة.

العدد 11

ع11:

لا يمكن لأحد أن يضع أساساً بديلاً لما وضعته أنا كأساس لبنيانكم الروحى، وهو الإيمان بيسوع المسيح وكنيسته.

العدد 12

ع12:

ذهب. فضة. حجارة كريمة: خدمات روحية سماوية مؤثرة فى المخدومين لأن الذهب يرمز للسماء والفضة لكلام الله والحجارة الكريمة للفضائل الروحية.

خشب. عشب. قش: خدمات اجتماعية ورياضية وأنشطة ليس لها غرض أو علاقة بالروحيات، فالخشب والقش والعشب مواد سهلة الإحتراق والزوال ترمز لكل الخدمات السطحية التى سرعان ما ينتهى تأثيرها.

العدد 13

ع13:

ثمار الخدمة ستكون ظاهرة. فالخادم من النوع الأول خدمته يكون لها ثمر صالح فى المخدومين، وأما الخادم من النوع الثانى فلن يكون لخدمته ثمر فى المخدومين مثل الأول، لأن تعاليمه كانت ضعيفة. وهذا سيظهر يوم الدينونة (الإمتحان بالنار أى الحكم الإلهى).

العدد 14

ع14:

إن ثبت تأثير الخدمة فى المخدومين وتقدموا روحياً، سينال الخادم مكافأة فى السماء.

العدد 15

ع15:

إن لن يثبت المخدومون أمام نيران الشدائد والضيقات، أى ستحترق وتتلاشى كل أتعاب الخادم، ويبعد المخدومون عن الله، سيخسر الخادم أجر خدمته لأنها كانت خدمة سطحية وضعيفة ولكن سيخلص من أجل إيمانه رغم فشله فى الخدمة. فعبارة يخلص تعود على الخادم الذى لم تأتِ خدمته بالنتيجة المرجوة، لكن حياته الشخصية كانت بإيمان وعمل صالح، وعبارة يخسر تعود على الأجر عن الخدمة. وهذا يوضح أهمية جهاد الخادم فى الخدمة، ويوضح أيضاً أن هناك مجازاة على الأعمال.

الكلام كله عن أتعاب الخدمة وتقييمها يوم الدينونة، إما أن تكون ذات قيمة فننال مكافأة، أو ضعيفة فتحترق أى تصير بلا قيمة وليس للكلام علاقة بخلاص الخادم الشخصى، فهو سيخلص لأجل إيمانه ولكن كما بنار أى بالكاد لأجل عدم وجود أعمال صالحة وخدمة ذات قيمة أمام الله. وليس معنى هذا وجود نار فى السماء يتعذب بها الأبرار قبل دخولهم الفردوس كما يدعى أصحاب بدعة المطهر.

(4) الكنيسة هيكل الله (ع 16 - 17):

16أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ، وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ 17إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ، الَّذِى أَنْتُمْ هُوَ.

العدد 16

ع16:

ألستم تعلمون أنكم قد تقدستم بعضويتكم فى جسد المسيح، وصرتم كقدس الأقداس الذى للرب، وقد حل فيكم روحه القدوس وسكن فيكم بالميرون المقدس.

العدد 17

ع17:

إن كان أحد الخدام يشيع فيكم روح الإنقسام والتحزب، فإنه بذلك يمزق الجسد الواحد أى جسد المسيح الذى هو الكنيسة، وهذا الخادم سيحرم من عمل الروح القدس فيه ويصبح خلاصه عسيراً.

وهذا يوضح أننا كمؤمنين لسنا ملكاً لأنفسنا بل لله. وكذلك من يصر على تدنيس حواسه وإفسادها بالخطية، يسئ إلى جسده الذى هو ملك لله، وإلهنا عادل فسيعاقبه بالهلاك والفساد الأبدى بالإضافة إلى تعرض الإنسان فى أحيان كثيرة لأمراض تصيب جسده نتيجة سقوطه فى خطايا تضر جسده مثل الزنا والغضب.

  • إحفظ حواسك نقية وإهرب من الشر لتتمتع بجسد نقى، فهو هيكل لله، وإذا أفسدته بأى خطية أسرع بالتوبة لتعيد إليه نقاوته.

(5) الحكمة الإلهية (ع 18 - 20):

18لاَ يَخْدَعَنَّ أَحَدٌ نَفْسَهُ. إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِى هَذَا الدَّهْرِ، فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَىْ يَصِيرَ حَكِيمًا! 19لأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ هِىَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ، لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ. » 20 وَأَيْضًا: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ. ».

العدد 18

ع18:

لا يخدع أحد نفسه فيظن أنه حكيم لأجل تميزه فى الذكاء والفهم، فبهذا الكبرياء يضر نفسه وقد يسبب مشاكل وانقسامات فى الكنيسة، ويلزمه أن يتضع أمام الله كجاهل ليتعلم منه الحكمة الروحية.

العدد 19

ع19:

إن حكمة هذا العالم، التى لا تستطيع أن تفهم حقيقة هذا الخلاص والفداء الذى تم على الصليب، هى الجهل بعينه عند الله. لأنه مكتوب إن رفضهم قبول الحكمة الحقيقية سيؤدى بهم فى النهاية إلى هلاك نفوسهم، فيرى الجميع أن حكمتهم الأرضية لم تحقق لهم الخلاص.

العدد 20

ع20:

أيضا الله يعلم أن الحكمة الأرضية لا تساعد على خلاص أحد، فهى باطلة أى عديمة القيمة فى فهم هذا الخلاص.

  • لكى نقتنى الحكمة علينا أن نتمسك بعبادتنا الروحية وكل أعمال الرحمة، ونسلك فى الخير فنتأهل لحلول الحكمة، وعندما نقتنى الحكمة نزداد فى الخير والصلاح فينعم الله علينا بحكمة أوفر، وهكذا فالحكمة والصلاح ينمى كل منهما الآخر.

(6) كل شئ لكم وأنتم للمسيح (ع 21 - 23):

21إِذًا؛ لاَ يَفْتَخِرَنَّ أَحَدٌ بِالنَّاسِ، فَإِنَّ كُلَّ شَىْءٍ لَكُمْ: 22أَبُولُسُ أَمْ أَبُلُّوسُ أَمْ صَفَا أَمِ الْعَالَمُ أَمِ الْحَيَاةُ أَمِ الْمَوْتُ أَمِ الأَشْيَاءُ الْحَاضِرَةُ أَمِ الْمُسْتَقْبَِلَةُ، كُلُّ شَىْءٍ لَكُمْ. 23 وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلِلْمَسِيحِ وَالْمَسِيحُ لِلَّهِ.

العدد 21

ع21:

يعود هنا بولس الرسول فينهيهم عن تبعيتهم لأشخاص معينة، الذين يكونون موضع فخرهم وإعجابهم بإمكانياتهم العقلية أو الخطابية، لأن هذه الإمكانيات هى هبات من الله أُعطِيتَ لهؤلاء الأشخاص لتكون لمنفعة الكنيسة وخلاص نفوس أعضائها.

العدد 22

ع22:

كل الخدام وما فى العالم والحياة والموت والحاضر والمستقبل هو عمل الله فى الخدام وبهم لأجل إتمام خلاصهم. فالحياة عند المؤمنين فرصة لعشرة الله والاستعداد للأبدية، والموت هو عبور نحو الملكوت.

العدد 23

ع23:

أما أنتم فملك المسيح الذى اشتراكم بدمه الثمين، وهو ابن للآب بالطبيعة وواحد معه فى الجوهر، وجعلنا نحن أبناء لله بالتبنى.

  • إن إمكانياتك هى عطايا إلهية لك ينبغى استخدامها لمجد الله، فلا تهملها لأنها ملك الله وسيحاسبك عنها هل استخدمتها لمنفعتك فقط أم لفائدة من حولك؟ وماذا يمكن أن تقدمه للكنيسة وأنت متغافل عنها؟؟

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس - الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
تفاسير رسالة بولس الرسول الأولى إلى كورنثوس - الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ