الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ – رسالة بولس الرسول رومية – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول إلى رومية – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ

واجبات المسيحى فى المجتمع وتوبته.

(1) واجبات المسيحى نحو المجتمع (ع1 - 7):

1لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِىَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ، 2حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. 3فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ، فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ، 4لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلَكِنْ، إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِى يَفْعَلُ الشَّرَّ. 5لِذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ. 6فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هَذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ، مُواظِبُونَ عَلَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ. 7فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ.

العدد 1

ع1:

عاشت المسيحية فى أغلب عصورها تحت حكم أناس غير مسيحيين، وهنا يشير القديس بولس إلى أن السلطة جيدة بصفة عامة، لأنها نظام اجتماعى لتنظيم الحياة والعلاقات بين الناس، وهذا أفضل من المجتمعات البدائية التى تسودها الفوضى وحكم العصابات. والله يفرح بالسلطة لأنه إله نظام وليس إله تشويش، فالسلطة ترتيب يوافق عليه الله لتنظيم المجتمع، ويوصينا الرسول بالخضوع له والتجاوب معه.

العدد 2

ع2:

من يقاوم السلطة أى يرفضها أو يعارضها ويحاربها، كأنه يقاوم الله نفسه، ويعرض نفسه أيضا للدينونة الأرضية أى عقاب الحكام. وحتى فى العصور التى كان السلاطين يقاومون ويضطهدون المسيحيين، كان المطلوب هو الخضوع الذى وصل إلى حد الاستشهاد، ذاك الذى كان بسماح من الله إذ أنه كان سبب بركة وانتشار للمسيحية. ولذلك لم تسمح المسيحية طوال عصورها بقيام ثورات أو شغب ضد الدول أو السلطات المضطهدة لها، بل احتملت الاضطهادات ببسالة وشجاعة وفرح.

العدد 3

ع3:

نعود مرة أخرى إلى نُظُم الحكم العادية أى الغير مضطهدة للمسيحية، حيث يقول القديس أن الحكم والحكام ليسوا مخيفين أو معاقبين للذين يعملون الصلاح، ولكن سبب خوف وتأديب لصانعى الشر مثل اللصوص – القتلة – المرتشين – المزورين... إلخ؛ لذلك من يريد أن يعيش مطمئناً تحت نظام أى حكم، فليفعل الصلاح أى ما هو مطلوب منه أو مصرح به من قبل قوانين الدولة، فيصير مواطناً صالحاً.

الأعداد 4-5

ع4 - 5:

السيف: معاقبة الأشرار بالقتل.

المسئول هو خادم الله، أقامه ليحكم بالعدل بين الناس، فيسود الأمن والعدل والطمأنينة فى المجتمع، وبذلك يتطهر المجتمع. ومن أجل هذا يوجه القديس بولس نصيحة لكل إنسان، يصنع الشر حتى:

أولا: لا يدخل فى دائرة الخوف والقلق والعقاب من الحكام.

ثانياً: لأن ضميرنا المسيحى المحب للتواضع والطاعة وبذل الذات، لا يرضى إلا بتنفيذ وصية المسيح بالخضوع للرياسات. فالمسيحية ديانة مسالمة ليست معترضة أو مقاومة أو مشاغبة. وليس معنى ذلك ألا يطالب الإنسان بحقه أو يدافع عنه، ولكن فليطالب بحقه بطرق سليمة منطقية وليس بأساليب ملتوية أو جدال غير منطقى. فقد ظهر فى عصور الاضطهاد مدافعون عظماء دافعوا عن الديانة المسيحية بكل قوة.

إن كنا مطالَبين بالخضوع لرؤسائنا الغير مؤمنين فى العالم، فكم وكم بالحرى يجب علينا الخضوع لرعاتنا الروحيين كالكهنة والمرشدين ولآبائنا وأمهاتنا.

العدد 6

ع6:

إن كان الإنسان المسيحى يخضع للرئاسات فى كل شئ بما لا يتعارض مع وصايا الله، فبديهى أن هذا يعنى الخضوع فى الأمور البسيطة مثل دفع الجزية أى الضرائب لأنها تؤدى خدمات عامة للمجتمع كله. وإن كانت الكنيسة قد طوبت العطاء للمحتاجين (احتياجات القديسين)، فإنها تحسب جامعى الضرائب مثل خدام الله الذين يجمعون التبرعات لخدمة الآخرين، وكذلك الخدمات العامة التى يتمتع بها جميع المواطنين.

العدد 7

ع7:

الجزية: هى ضريبة على النفوس أو العقارات تُعطَى لجامعى الجزية.

الجباية: هى ضريبة على السلع التجارية تعطى لجامعى الجباية.

أعطانا السيد المسيح نفسه مثلا عندما دفع الجزية وقال "أعطوا إذا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" (لو20: 25). كل لابد أن يأخذ حقه، ويجب أن نقدم الاحترام لكل ذى مركز بتقدير ومخافة وليس عن رياء أو وصولية، فنخاف من الشر ولا نفعله خوفا من عقوبته، وكذلك نكرم ذوى المراكز فى الدولة بالإكرام المعتاد لهذه الرتب، فنؤكد موافقتنا وخضوعنا لنظام المجتمع المفيد فى ضبط كل شئ.

أنت أيها الحبيب فلتراجع موقفك من جهة رؤسائك، وتسأل نفسك.

  1. هل أنا أمين فى ما هو مطلوب منى، أم أنا متكاسل ومخالف فى أعمالى؟
  2. هل أطالب بحقى بطرق مستقيمة إذا ظُلمت، أم تُرى ألجأ لطرق ملتوية أو عنيفة لأخذ حقى؟

(2) محبة كل إنسان فى العالم (ع8 - 10):

8لاَ تَكُونُوا مَدْيُونِينَ لأَحَدٍ بِشَىْءٍ إِلاَّ بِأَنْ يُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، لأَنَّ مَنْ أَحَبَّ غَيْرَهُ فَقَدْ أَكْمَلَ النَّامُوسَ. 9لأَنَّ «لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَشْتَهِ» وَإِنْ كَانَتْ وَصِيَّةً أُخْرَى، هِىَ مَجْمُوعَةٌ فِى هَذِهِ الْكَلِمَةِ: «أَنْ تُحِبَّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. » 10اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَصْنَعُ شَرًّا لِلْقَرِيبِ، فَالْمَحَبَّةُ هِىَ تَكْمِيلُ النَّامُوسِ.

الأعداد 8-9

ع8 - 9:

يوصى بولس الرسول الإنسان المسيحى بحب الآخرين فى المجتمع، لأن الله وضع محبة فائضة فى قلب كل مسيحى ليوزعها على الآخرين وكأنها دين عليه ملزم بسداده للآخرين، لأن المسيحى هو نور العالم وملجأ لكل متعب وصدر حنون لكل محتاج إلى الحب. ولا يجب على المسيحى أن يكون مديوناً لأحد، أى يأخذ شئيا ماديا أو معنويا من الناس ولا يرده، لأنه بهذا سيصبح وكأنه سارق.

والناموس منقسم إلى قسمين:

أ) قسم خاص بوصايا نحو الله.

ب) قسم خاص بوصايا نحو الناس (لا تزن – لا تقتل... إلخ) وملخصها هو أن تحب قريبك كنفسك. ولاحظ أن السيد المسيح فسر معنى القريب فى مثل السامرى الصالح بأى إنسان محتاج فى العالم.

العدد 10

ع10:

من يحب أحد لا يقدر أن يصنع به سوءًا، والذى عنده محبة يجد نفسه لا يخطئ فى أى واحدة من وصايا الناموس، أى كاملاً فى كل وصايا الناموس، فالمحبة هى تكميل الناموس.

لذلك أيها الحبيب، إن كنت ساقطاً فى خطايا كثيرة، أو فاشلاً فى تدريباتك الروحية لمقاومة الخطية، فاعلم إذاً أن أسهل وأقصر الطرق لنوال الفضائل هى المحبة. فنقِِ قلبك من الحقد والكراهية، حينئذ ستتدفق الفضائل إلى قلبك واحدة فواحدة حتى الكمال.

(3) التوبة الآن قبل ضياع الوقت (ع11 - 14):

11هَذَا، وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ، فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. 12قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ، فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبـَسْ أَسْلِحَةَ النُّـورِ. 13لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِى النَّهَارِ، لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسـَدِ، 14بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.

الأعداد 11-12

ع11 - 12:

ينبهنا بولس الرسول إلى عدم إضاعة الوقت فى ملذات العالم أو أشياء باطلة، ولسنا ندرى كم تبقى لنا من العمر. فكل يوم يمر علينا يقربنا من لقاء المسيح، وقد يأتينا الموت أقرب مما نتصور أو قد يأتى المسيح نفسه فى مجيئه الثانى فى أى وقت.

إذاً فلنقم ونترك أعمال الظلمة، وهى الشرور، ونعمل أعمال النور التى هى الفضائل. وقد شبه الفضيلة بالسلاح لما لها من قوة للانتصار على محاربات العدو.

ويشبه حياتنا على الأرض بالليل لما فيه من ظلمة وكآبة وتعب، ولقاءنا بالمسيح فى الفردوس بالنهار المبهج السعيد.

لاحظ أيها الحبيب جمال آية "تناهى الليل"، فهى تعطى عزاء لكل متعب بأن كل شر وظلم سيزول قريباً. فاحتمل بشكر من يد الله واثقاً بالمكافأة الأبدية، فتنال أيضاً سلامًا وعزاءً على الأرض.

العدد 13

ع13:

البطر: المرح بوقاحة.

المضاجع والعهر: كل أنواع الزنا والشذوذ.

فلنسلك بأعمال لائقة وتصرفات حسنة كما لو كنا فى النهار، أى كأن كل إنسان يرانا. ولا يصح أن ننغمس فى الشهوات الشريرة. والغريب أنه أضاف الخصام والحسد بعد الخطايا الصعبة كالزنا، ليوضح أنها كلها تحرمنا من الملكوت.

من التدريبات اللطيفة لترك الخطية هو أن أسأل نفسى:

هل كنت سأفعل هذه الخطية لو أن الناس يروننى الآن؟ والسؤال الأهم هل أقدر أن أفعل هذه الخطية والله يرانى الآن؟

إذاً درب نفسك على الشعور بحضرة الله كما يقول إيليا النبى "حى هو الرب الذى أنا واقف أمامه" (1مل17: 1)، فتبعد بهذا عن كل خطية.

العدد 14

ع14:

تدبيرا للجسد لأجل الشهوات: الميل والتخطيط لصنع الشهوات الشريرة وانغماس الجسد فى الملذات الدنيوية.

أما أعظم وسيلة لغلبة الخطية فهى أن نلبس الرب يسوع، أى التأمل دائماً فى حياة الرب يسوع واتباع سلوك المسيح والاتحاد به والثبات فيه فى سر الإفخارستيا والشبع من حبه وحنانه ورعايته، وبهذا لن نجد فينا الميل لشهوات الجسد ولن نقدر أن نغضب الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير رسالة بولس الرسول رومية - الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ
تفاسير رسالة بولس الرسول رومية - الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ عَشَرَ