الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ – رسالة بولس الرسول رومية – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: رسالة بولس الرسول إلى رومية – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ

الاختيـار والإيمـان.

(1) حزن بولس على عدم إيمان اليهود (ع 1 - 5):

1أَقُولُ الصِّدْقَ فِى الْمَسِيحِ، لاَ أَكْذِبُ، وَضَمِيرِى شَاهِدٌ لِى بِالرُّوحِ الْقُدُسِ: 2إِنَّ لِى حُزْنًا عَظِيمًا وَوَجَعًا فِى قَلْبِى لاَ يَنْقَطِعُ! 3فَإِنِّى كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِى مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ، لأَجْلِ إِخْوَتِى أَنْسِبَائِى حَسَبَ الْجَسَدِ، 4الَّذِينَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ، وَلَهُمُ التَّبَنِّى وَالْمَجْدُ وَالْعُهُودُ وَالاِشْتِرَاعُ وَالْعِبَادَةُ وَالْمَوَاعِيدُ، 5 وَلَهُمُ الآبَاءُ، وَمِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ، الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلَهًا مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ، آمِينَ.

الأعداد 1-2

ع1 - 2:

يعلن القديس بولس فى هذا الإصحاح مدى حبه وغيرته على خلاص اليهود الذين لم يؤمنوا قائلاً، بكل الصدق النابع من اتحاده بالمسيح، وشهادة كل من ضميره والروح القدس أنه لا يكذب عندما يقول، أنه حزين جدًا من أعماق قلبه بسبب عدم إيمان كثير من اليهود بالمسيح.

العدد 3

ع3:

يتمنى بولس خلاص اليهود حتى لو كان على حساب نفسه، مثلما فعل موسى قديمًا فى شفاعته عن بنى إسرائيل عندما أخطأوا، فقال موسى لله "الآن إن غفرت خطيتهم وإلا فامحنى من كتابك الذى كتبته" (خر32: 32). ولا يجب أن يؤخذ كلام بولس الرسول حرفيًا، فهو بالقطع لا يريد أن يُحرم من المسيح ذاك الذى قال عنه فى الإصحاح السابق "من سيفصلنا عن محبة المسيح"، وإنما قال هذا الكلام لينفى عن نفسه تهمة أنه قد ضحى بهم وأنكرهم كشعبه وأقاربه وأنسبائه بالجسد بعد إيمانه بالمسيح، بل ويظهر محبته الباذلة نحوهم لأنه تأثر بمحبة المسيح الفادى على الصليب.

العدد 4

ع4:

لا ينسى بولس الامتيازات العظيمة التى خصهم بها الله دوناً عن سائر الشعوب فهم:

إسرائيليون: اللقب الذى أخذه يعقوب من الله ليصير نسله شعباً خاصاً له.

ولهم التبنى: أنتم أولاد للرب إلهكم "(تث 14: 1).

ولهم المجد: الشعب الوحيد فى العالم الذى رأى مجد الله فى صورة عمودى السحاب والنار فى البرية وفى الخيمة.

العهود: فكم من عهود حب أقامها الله معهم، ولكن يا للعجب أنهم رجعوا عن عهودهم مع الله.

الاشتراع: الشريعة التى كشفت إرادة الله وهذبت الإنسان.

العبادة: علمهم كيف يعبدون الله بالصلاة والطقوس وتقديم الذبائح.

المواعيد: وهى التى ترتبط بمجئ المسيا مخلص العالم.

العدد 5

ع5:

الآباء: وهم إبراهيم وإسحق ويعقوب، المحبوبون لدى الله.

وأهم من كل ما سبق هو مجئ السيد المسيح من نسلهم من جسد العذراء مريم، ولكنه ليس إنساناً عادياً بل إلهاً أزلياً أبدياً له كل المجد والبركة إلى الأبد آمين.

إن كان الله قد منحك ظروف تساعدك على الحياة الروحية، فاستغلها وتمتع ببنوتك لله، لئلا إذا أهملتها تدينك فى اليوم الأخير. إنتهز كل فرصة وتجاوب مع صوت الله اليوم لتقترب إليه.

(2) وعد الله للمختارين فقط (ع 6 - 13):

6 وَلَكِنْ لَيْسَ هَكَذَا، حَتَّى إِنَّ كَلِمَةَ اللهِ قَدْ سَقَطَتْ. لأَنْ لَيْسَ جَمِيعُ الَّذِينَ مِنْ إِسْرَائِيلَ هُمْ إِسْرَائِيلِيُّونَ، 7 وَلاَ لأَنَّهُمْ مِنْ نَسْلِ إِبْرَاهِيمَ هُمْ جَمِيعًا أَوْلاَدٌ. بَلْ «بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ. » 8أَىْ لَيْسَ أَوْلاَدُ الْجَسَدِ هُمْ أَوْلاَدَ اللهِ، بَلْ أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ يُحْسَبُونَ نَسْلاً. 9لأَنَّ كَلِمَةَ الْمَوْعِدِ هِىَ هَذِهِ: «أَنَا آتِى نَحْوَ هَذَا الْوَقْتِ وَيَكُونُ لِسَارَةَ ابْنٌ. » 10 وَلَيْسَ ذَلِكَ فَقَطْ، بَلْ رِفْقَةُ أَيْضًا وَهِىَ حُبْلَى مِنْ وَاحِدٍ، وَهُوَ إِسْحَاقُ أَبُونَا، 11لأَنَّهُ وَهُمَا لَمْ يُولَدَا بَعْدُ، وَلاَ فَعَلاَ خَيْرًا أَوْ شَرًّا لِكَىْ يَثْبُتَ قَصْدُ اللهِ حَسَبَ الاِخْتِيَارِ، لَيْسَ مِنَ الأَعْمَالِ، بَلْ مِنَ الَّذِى يَدْعُو، 12قِيلَ لَهَا: «إِنَّ الْكَبِيرَ يُسْتَعْبَدُ لِلصَّغِيرِ. » 13كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ وَأَبْغَضْتُ عِيسُوَ. ».

الأعداد 6-7

ع6 - 7:

لعل البعض يظن أن كلمة الله قد سقطت، أى وعد الله بخلاص شعب إسرائيل. فنفى بولس ذلك مؤكداً أن كلمة الله ووعوده ثابتة لا تسقط عبر الأزمنة. لأن وعد الله هو فقط للإسرائيلى الحقيقى الروحى الذى سيرتبط بالمسيح المخلص الموعود به، والذى هو غاية العهد القديم وليس لكل بنى إبراهيم بحسب الجسد، بدليل أن إسماعيل ابن لإبراهيم بالجسد ولكن لم ينل الوعد، بل أن الوعد يتم بإسحق الذى سيحافظ على الإيمان ثابتاً كأبيه إلى أن يأتى المسيح، الذى هو غاية الوعد والبركة لإبراهيم.

العدد 8

ع8:

البنوة أساسًا هى بنوه لله، وشرط البنوة لله ليست البنوة لإبراهيم بالجسد، بل الإيمان والتمسك بوعود الله أى الإيمان بالمسيح.

العدد 9

ع9:

عندما وعد سارة أنه سيكون لها ابن فى شيخوختها، صارت سارة مستودعًا لإقامة نسل لله.

العدد 10

ع10:

لكى يؤكد القديس بولس أن اختيار الله غير قاصر على النسب الجسدى، قدم مثلاً قوياً بيعقوب وعيسو التوأمين من بطن رفقة زوجة أبينا إسحق والمتشابهين من حيث الأب والأم.

العدد 11

ع11:

هنا لم يختار الله الإثنين، بل بسابق علمه نظر إلى مستقبل كل منهما فوجد يعقوب الأصغر أكثر حباً له وأكثر حرصاً على إرضائه من أخيه، فاختاره الله بالرغم من أن يعقوب لم تكن أعماله كاملة، إذ سقط فى خطيتى الخداع والكذب. وكلمة (ليس من الأعمال) بمعنى أنه مهما بلغت أعمال الإنسان من البر فهو لم يصل بعد إلى درجة استحقاقه لاختيار الله له، ولكن الاختيار هو هبة ونعمة فائضة من الله المحب للبشر المتجاوبين معه، لتسندهم وترفعهم إلى كماله.

العدد 12

ع12:

بالرغم من أن عيسو هو الأكبر، فقد اختار الله يعقوب فصار سيدًا لعيسو، لأنه مؤهل أكثر لميراث فضائل وبركة إسحق أبيه.

العدد 13

ع13:

لذا جاءت محبة الله ليعقوب ليس كمحاباه من الله له، بل لأنه سبق ورآه مستحقًا لهذه المحبة. فجاءت أعمال يعقوب الحسنة بعد ذلك مؤكدة لدقة اختيار الله له، وكتقدمة بسيطة من يعقوب لله المحب، بينما جاءت بغضة الله لعيسو ليس ظلمًا له ولكن بناء على سابق علم الله أن عيسو إنسان قاسى القلب مستهتر بالنعمة.

 وأيضا ليس كل من فى الكنيسة مختارًا، فالكنيسة كرفقة تحمل الإنسان المختار والإنسان المرفوض. فاحرص أيها الحبيب أن تكون من المختارين المرضيين لقلب الله بطاعتك لوصاياه.

(3) اختيار الله وحرية الإنسان (ع 14 - 29):

14فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ عِنْدَ اللهِ ظُلْمًاٌ؟ حَاشَا! 15لأَنَّهُ يَقُولُ لِمُوسَى: «إِنِّى أَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ، وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ. » 16فَإِذًا؛ لَيْسَ لِمَنْ يَشَاءُ وَلاَ لِمَنْ يَسْعَى، بَلْ لِلَّهِ الَّذِى يَرْحَمُ. 17لأَنَّهُ يَقُولُ الْكِتَابُ لِفِرْعَوْنَ: «إِنِّى لِهَذَا بِعَيْنِهِ أَقَمْتُكَ، لِكَىْ أُظْهِرَ فِيكَ قُوَّتِى، وَلِكَىْ يُنَادَى بِاسْمِى فِى كُلِّ الأَرْضِ. » 18فَإِذًا؛ هُوَ يَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَيُقَسِّى مَنْ يَشَاءُ. 19فَسَتَقُولُ لِى: «لِمَاذَا يَلُومُ بَعْدُ، لأَنْ، مَنْ يُقَاوِمُ مَشِيئَتَهُ؟ » 20بَلْ مَنْ أَنْتَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الَّذِى تُجَاوِبُ اللهَ؟ أَلَعَلَّ الْجِبْلَةَ تَقُولُ لِجَابِلِهَا: «لِمَاذَا صَنَعْتَنِى هَكَذَا؟ » 21أَمْ لَيْسَ لِلْخَزَّافِ سُلْطَانٌ عَلَى الطِّينِ، أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ، إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ؟ 22فَمَاذَا إِنْ كَانَ اللهُ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ وَيُبَيِّنَ قُوَّتَهُ، احْتَمَلَ بِأَنَاةٍ كَثِيرَةٍ آنِيَةَ غَضَبٍ مُهَيَّأَةً لِلْهَلاَكِ؟ 23 وَلِكَىْ يُبَيِّنَ غِنَى مَجْدِهِ عَلَى آنِيَةِ رَحْمَةٍ قَدْ سَبَقَ فَأَعَدَّهَا لِلْمَجْدِ، 24الَّتِى أَيْضًا دَعَانَا نَحْنُ إِيَّاهَا، لَيْسَ مِنَ الْيَهُودِ فَقَطْ، بَلْ مِنَ الأُمَمِ أَيْضًا. 25كَمَا يَقُولُ فِى هُوشَعَ أَيْضًا: «سَأَدْعُو الَّذِى لَيْسَ شَعْبِى: شَعْبِى، وَالَّتِى لَيْسَتْ مَحْبُوبَةً: مَحْبُوبَةً. 26 وَيَكُونُ فِى الْمَوْضِعِ الَّذِى قِيلَ لَهُمْ فِيهِ: لَسْتُمْ شَعْبِى، أَنَّهُ هُنَاكَ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ الْحَى. » 27 وَإِشَعْيَاءُ يَصْرُخُ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ: « وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِى إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ، فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ، 28لأَنَّهُ مُتَمِّمُ أَمْرٍ وَقَاضٍ بِالْبِرِّ، لأَنَّ الرَّبَّ يَصْنَعُ أَمْرًا مَقْضِيًّا بِهِ عَلَى الأَرْضِ. » 29 وَكَمَا سَبَقَ إِشَعْيَاءُ فَقَالَ: «لَوْلاَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ أَبْقَى لَنَا نَسْلاً، لَصِرْنَا مِثْلَ سَدُومَ، وَشَابَهْنَا عَمُورَةَ. ».

العدد 14

ع14:

بالقطع ليس الله ظالمًا، فاختيار الله لإنسان دون الآخر ليس معناه أبدًا أن الله قد حدد للبعض النعيم الأبدى وللبعض الهلاك الأبدى، وإلا لكان الإنسان غير مسئول عن حياته، ولكن الحقيقة أن اختيار الله مبنى على سابق علمه بقلب الإنسان وسلوكه وأعماله وكل تفاصيل حياته.

إذًا الخلاصة أن الله يختار الإنسان الذى يريد أن يختار الله.

العدد 15

ع15:

لذلك قال الله لموسى مع كل تقديرى للإنسان فى جهاده وأعماله، فإن هذا لا يعنى أن ما يناله الإنسان من عطايا سماوية هى ثمن هذا الجهاد، بل هى نعمة لا تقدر بثمن تُمنح بالقطع للمجاهدين وتُمنع عن المتراخين. لذلك قال الله، إنى أرحم من أرحم وأتراءف على من أتراءف، لأن الفضل كله فى النعمة يرجع إلى رحمتى ورأفتى وبالتالى ليس من حق إسرائيل أن يغضب بسبب اختيارى للأمم، لأن رحمتى ورأفتى المبنية على سابق علمى تخصنى أنا وحدى كإله.

العدد 16

ع16:

ليس لمن يشاء: لا تعنى أن الله لا يقيم وزناً للمشيئة الإنسانية والسعى الإنسانى بالأعمال الصالحة، بل معناها أن الإنسان بمشيئته وسعيه غير قادر على الوصول إلى مستوى جيد يستحق عليه الرأفة والرحمة، وإن فعل الصلاح هو من مراحم مساندة نعمة الله للعجز الإنسانى كما قال السيد المسيح "بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو15: 5)، لذلك جاءت النتيجة ليس لمن يشاء بل لله الذى يرحم.

لا تصر على شر فى قلبك مهما كان لك أعمال صالحة، فهى لن تنفعك. يلزم أن تنقى قلبك بالتوبة والتسامح حتى تخلص.

الأعداد 17-18

ع17 - 18:

عندما أراد الله أن يخلص شعبه إسرائيل من أرض مصر، اختار فرعون القاسى القلب المقاوم لله ليظهر طول أناة الله فى احتماله معاطلة فرعون وعناده طوال فترة الضربات العشر. واختار موسى الحليم ورحمه ومجده ليخلص الشعب من يد فرعون. وكلمة يقسى من يشاء تعنى أن الله سمح لفرعون أن يظهر قساوته الموجودة أصلاً فيه ويتحدى الله، لكن لو شاء الله لأهلك فرعون من أول ضربة، ولكنه تركه فى قساوته مرة بعد مرة ليتمجد الله فى النهاية.

العدد 19

ع19:

قد أساء البعض فهم الآية السابقة، فظنوا أن الله يتلاعب بقلوب البشر فيضع الرحمة فى البعض والقساوة فى البعض الآخر رغماً عن إرادتهم، وبالتالى لا يحق له لوم أى أحد، وكأن الإنسان مسيرَّ لا مخيَّر.

العدد 20

ع20:

هنا يعود القديس بولس للحديث إلى اليهود، الذين أنكروا على الله حقه بأن يضم الأمم إلى حظيرة الإيمان. فيرد القديس بولس عليهم بشدة "من أنت أيها اليهودى حتى تحاكم الله"، فمشيئة الله وإرادته ورحمته أمور تخصه وحده ومن صميم عمله كإله له كل القدرة وعمق الفكر وكمال العدل فى اختياراته، ولا يحق لأى إنسان أن يحاسب الله لأن المخلوق لا يحق أن يحاكم الخالق إذ أن فهمه يعد لا شئ أمام حكمة الله الغير محدودة.

من حقك أن تتكلم مع الله بكل ما فى قلبك ببراءة الابن، وثق أنه يحبك ويريد أن يسمع صوتك. فقط اتضع أمامه وتكلم كما تريد حتى لو أخطأت التعبير، فهو سيرشدك لأنه أبوك الحنون.

العدد 21

ع21:

استشهد بولس بمثل الخزاف الذى له سلطة مطلقة على العجينة الواحدة من الطين، أن يصنع منها إناء للكرامة كتحفة فنية جميلة، أو إناء للهوان كإصيص زرع.

العدد 22

ع22:

آنية الغضب هو فرعون القاسى القلب أصلا، الهالك فى جميع الأحوال، هذا قد استغله الله كوسيلة إيضاح ليبين غضبه على الأشرار وقوة انتقامه منهم، بأن أغرق فرعون والمصريين فى البحر الأحمر، بعدما احتمله طوال فترة الضربات العشر. ونلاحظ أن القديس بولس لم يقل أن الله هو الذى صنع آنية الغضب، بل فقط احتملها لأن الإنسان بشره يصير آنية تغضب الله.

العدد 23

ع23:

آنية الرحمة هى إسرائيل المتذلل من العبودية فى أرض مصر، فأخذهم إلى أرض الموعد، وأصبحوا شعبا ذا شأن وجعل لهم اسمًا عظيمًا ممجدًا بين الشعوب، وهنا ظهرت عظم رحمة الله بهم. وكذلك الله يفعل مع كثيرين يظهرون مضطهدين ومذلين فى العالم من أجل اسمه، ولكنه يسندهم ثم يمجدهم فى السماء.

العدد 24

ع24:

كما اختار الله اليهود البؤساء ليرحمهم، هكذا أيضاً امتدت رحمته لتشمل الأمم البؤساء، ليصنع منهم شعبه أى كنيسة العهد الجديد جنباً إلى جنب مع المسيحيين من أصل يهودى.

العدد 25

ع25:

موضوع اختيار الله للأمم ليس موضوعاً جديداً على اليهود، لأن نبوات كثيرة من العهد القديم تحدثت عن دخول الأمم إلى الكنيسة مثل هوشع (2: 23)، الذى قال إن الأمم الذين لم يكونوا من شعب الله أصبحوا شعبه والذين كانوا مبغضين أصبحوا محبوبين.

العدد 26

ع26:

الشعوب والأماكن التى رفضت عبادة الله سابقاً، أصبحوا أولاداً لله.

تعلمنا الكنيسة ألا نحكم على أحد بأنه هالك أبداً، مهما كان خاطئا، إلى أن يموت. فخاطئ اليوم قد يكون قديس الغد، والعكس صحيح. ولا نتسرع أيضا بإعلان قداسة إنسان إلا بعد نياحته واطمئنان الكنيسة على صدق سيرته. فارفع صلوات من أجل كل إنسان يخطئ، وقدم محبتك له أكثر من المؤمنين الصالحين.

العدد 27

ع27:

أما إسرائيل الشعب الكثير العدد كرمل البحر، فرفض المسيح، ولكن فى نهاية الأيام سيؤمن بعض اليهود بالسيد المسيح ويخلصون (إش10: 22).

الأعداد 28-29

ع28 - 29:

متمم أمر: الله سيطيل أناته حتى يتم قصده ومحبته بخلاص بعض اليهود فى نهاية الأيام.

قاضى بالبر: يشبه الله أى حاكم عادل سيحكم ببر اليهود الذين سيؤمنون فى نهاية الأيام.

أبقى لنا نسلا: البقية التى ستؤمن من اليهود فى نهاية الأيام.

سيظل الله يدعو اليهود للإيمان حتى نهاية الأيام، وسيؤمن به عدد يسميهم نسل قليل، ومن أجل هؤلاء يتأنى على شعب إسرائيل إلى هذا اليوم، ولم يهلكهم كأهل سدوم وعمورة (إش1: 9). فهذا يعلن أن هناك عددا من اليهود سيؤمنون بالمسيح رغم أن كثيرين منهم قد رفضوا الإيمان.

ألا تلاحظ معى أيها الحبيب طول أناة الله ورأفته. فهو الذى احتمل فرعون مرات كثيرة، وصبر على شعب إسرائيل طوال حوالى 2000 عام، وهكذا يصبر علينا ليعطينا كل الفرص للتوبة، حتى إن كنا قساه القلوب نخجل من محبته ونسرع إليه بالتوبة.

(4) سبب تبرر الأمم وعثرة اليهود (ع 30 - 33):

30فَمَاذَا نَقُولُ؟ إِنَّ الأُمَمَ الَّذِينَ لَمْ يَسْعَوْا فِى أَثَرِ الْبِرِّ، أَدْرَكُـوا الْبِرَّ، الْبِرَّ الَّذِى بِالإِيمَـانِ. 31 وَلَكِنَّ إِسْرَائِيلَ وَهُوَ يَسْعَى فِى أَثَرِ نَامُوسِ الْبِرِّ، لَمْ يُدْرِكْ نَامُوسَ الْبِرِّ! 32لِمَاذَا؟ لأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ، لَيْسَ بِالإِيمَانِ، بَلْ كَأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. فَإِنَّهُمُ اصْطَدَمُوا بِحَجَرِ الصَّدْمَة، ِ 33كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «هَا أَنَا أَضَعُ فِى صِهْيَوْنَ حَجَرَ صَدْمَةٍ، وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ، وَكُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُخْزَى. ».

الأعداد 30-31

ع30 - 31:

الأمم الذين عاشوا فى ظلمات الجهل الروحى، ولم يسيروا فى طريق أعمال الناموس، وصلوا الآن إلى التبرير بالإيمان؛ بينما شعب إسرائيل الذى قضى طوال حياته يسعى فى طريق تنفيذ الناموس بكل حرف فيه، لم يدرك عمق ناموس البر وإنه المؤدى للوصول للمسيح، وكانت النتيجة أنه لم يحصل على البر الحقيقى.

العدد 32

ع32:

يقدم القديس بولس سبب عدم إدراك إسرائيل للبر، وهو أنه لم يسعَ للبر عن طريق الإيمان بالمسيح، بل سعى إليه كثمن يستحقه كنتيجة طبيعته لسلوكه بأعمال الناموس، فاصطدم الإسرائيليون بحجر، وهو السيد المسيح، الذى فضح رياءهم ورفض برهم الذاتى وكبرياءهم، فما كان منهم إلا أن صلبوه وقتلوه وأنكروا قيامته.

العدد 33

ع33:

استشهد القديس بولس على كلامه بسفر إشعياء (إش8: 14)، بأن اليهود الذين رفضوا المسيح اصطدموا به، فسقطوا وخرجوا من حظيرة الإيمان. أما المتكل على السيد المسيح، صخر الدهور وحجر الزاوية وأساس الكنيسة، فهذا لن يخجل ولن يتعرض للخزى الأبدى فى الدينونة.

لذا فلنسجد شكرًا لإلهنا، ذاك الذى سعى إلينا ببره، وحسبنا كآنية رحمة، فاختارنا وتراءف علينا، وجعلنا آنية للكرامة والمجد كحسب مشيئته. ولكن علينا أيها الحبيب أن نثبت نحن فى هذا الاختيار وإلا رفضنا نحن أيضاً، كما رفض إسرائيل بسبب قساوة قلبه.

وكل هذا لا يبطل ولا يلغى مكانه وأهمية الناموس فى العهد القديم، بل الناموس كقائد عظيم يتقاعد الآن ويسلم القيادة للقائد الجديد ربنا يسوع المسيح له كل المجد والكرامة.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير رسالة بولس الرسول رومية - الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ
تفاسير رسالة بولس الرسول رومية - الأَصْحَاحُ التَّاسِعُ