الأصحاح الرابع – سفر الخروج – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر الخروج – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الرابع

الأعداد 1-9

الآيات (1 - 9): -

"1فَأَجَابَ مُوسَى وَقَالَ: « وَلكِنْ هَا هُمْ لاَ يُصَدِّقُونَنِي وَلاَ يَسْمَعُونَ لِقَوْلِي، بَلْ يَقُولُونَ: لَمْ يَظْهَرْ لَكَ الرَّبُّ». 2فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَا هذِهِ فِي يَدِكَ؟ » فَقَالَ: «عَصًا». 3فَقَالَ: «اطْرَحْهَا إِلَى الأَرْضِ». فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ فَصَارَتْ حَيَّةً، فَهَرَبَ مُوسَى مِنْهَا. 4ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ وَأَمْسِكْ بِذَنَبِهَا». فَمَدَّ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ، فَصَارَتْ عَصًا فِي يَدِهِ. 5«لِكَيْ يُصَدِّقُوا أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ لَكَ الرَّبُّ إِلهُ آبَائِهِمْ، إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِلهُ إِسْحَاقَ وَإِلهُ يَعْقُوبَ». 6ثُمَّ قَالَ لَهُ الرَّبُّ أَيْضًا: «أَدْخِلْ يَدَكَ فِي عُبِّكَ». فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا، وَإِذَا يَدُهُ بَرْصَاءُ مِثْلَ الثَّلْجِ. 7ثُمَّ قَالَ لَهُ: «رُدَّ يَدَكَ إِلَى عُبِّكَ». فَرَدَّ يَدَهُ إِلَى عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ عُبِّهِ، وَإِذَا هِيَ قَدْ عَادَتْ مِثْلَ جَسَدِهِ. 8«فَيَكُونُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوكَ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الآيَةِ الأُولَى، أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَ صَوْتَ الآيَةِ الأَخِيرَةِ. 9 وَيَكُونُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوا هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِكَ، أَنَّكَ تَأْخُذُ مِنْ مَاءِ النَّهْرِ وَتَسْكُبُ عَلَى الْيَابِسَةِ، فَيَصِيرُ الْمَاءُ الَّذِي تَأْخُذُهُ مِنَ النَّهْرِ دَمًا عَلَى الْيَابِسَةِ».".

أمام إعتذار موسى لله وخوفه من أن الشعب لا يصدقه أعطاه الله أن يصنع عدة آيات أو معجزات بها يظهر قوة فائقة للطبيعة حتى يصدقه الشعب وحتى يصدقه فرعون.

كيف فهم الشعب هذه المعجزات.

العصا تشير للسلطان والسيادة، هو صولجان. وتحويل العصا إلى حية يشير للشعب الذي كان حراً وله سيادة ثم تحول إلى عبيد يعملون في الطين مثل هذه الحية التي تلعق التراب. ثم تحويل الحية إلى عصا مرة أخرى كان يحمل معنى أن موسى قادر أن يعيد لهم مجدهم المفقود. وتحويل اليد السليمة لبرصاء ثم رجوعها سليمة أشار للشعب أن موسى قادر أن يلحق بالمصريين الضربات ويرفعها عنهم ثانية. وهو قادر أن ينقذ الشعب من أمراضه ووثنيته التي لحقت به في مصر. إذاً هذه المعجزات لها معنى وليست مجرد ألعاب سحرية مثل سحر المصريين.

سؤال موسى لله عن إسمه (3: 13، 14).

طلب الله من موسى أنه سيرسله ليخرج الشعب ويحررهم من يد المصريين. وموسى الذى يعلم قوة المصريين العسكرية والعلمية، بل قدرة السحرة... إلخ. جعلت موسى يسأل الله هذا السؤال عن إسمه. والإسم فى العبرانية يشير لشخصية وقدرات وإمكانيات الشخص. ويكون معنى السؤال.... هل يا رب أنت قادر أن تعطينى قوة أمام كل هذا وأنا وحدى. فكان رد الله بأن جعل موسى يعمل ما عمله ليطمئن أن الله سوف يعطيه قدرات خارقة.

لكن هذه المعجزات أشارت لعمل المسيح.

عصا موسى وقد سميت عصا الله (آية 20) تشير للسلطة والقوة والسيادة. وإذا فهمنا أن المسيح هو قوة الله (1كو24: 1). فتحويل العصا إلى حية يشير لتجسد المسيح وأنه حمل خطايانا وهو على الصليب [فالحية النحاسية رمز للمسيح المصلوب (يو14: 3)] والحية رمز للخطية والمسيح صار خطية لأجلنا (2كو21: 5). إذ لبس شبه طبيعتنا الخاطئة. ولكن المسيح كان بلا خطية وهذا ما يشير له النحاس، فالنحاس لا يخطئ بل كما سنري ان النحاس يشير للدينونة (راجع مقدمة خيمة الاجتماع) فالمسيح لبس شبه جسد الخطية ليدين الخطية بجسده إذ يحملها ويموت بها علي الصليب (رو 8: 3). وعودة الحية إلى عصا مرة أخرى تشير للمسيح الصاعد إلى السموات ليقيمنا معه ويجلسنا معه بعد أن قتل خطايانا. ويد موسى كانت تشير ليد الله الآب أي الإبن قوة الله وذراعه وحين تحولت اليد إلى يد برصاء أشار هذا للمسيح الذي حمل خطايانا فالبرص يشير للخطية. وعودة اليد سليمة إشارة إلى أن القداسة التي في المسيح ابتلعت الموت والخطية ليغسلنا ويقدسنا ليعود بنا إلى حضن أبيه أصحاء بلا خطية. البرص يشير لموت المسيح وشفاء اليد تشير لقيامته.

ثم تحويل الماء لدم فيه إشارة إلى أن التقديس والخلاص والتطهير لن يكونوا إلا بالدم وتحويل الماء لدم هذا كان إشارة لفرعون وعبيده حينما لا يفهمون بالمعجزتين الأولى والثانية أن هناك ضربات آتية وأولها تحويل الماء إلى دم.

إذاً معجزات موسى حملت ظلاً للخلاص والتجسد الإلهي والصليب.

آية (2) ما هذه في يدك = الله لا يسأل لأنه لا يعرف بل حتى لا ينسى موسى أنها عصا وحتى يشعر بقوة المعجزة حين تتحول إلى حية.

آية (3) فهرب موسى منها = هو خاف وهرب لأنه شعر وأدرك قوة العمل الإلهي.

العدد 10

آية (10): -

"10فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ».".

نجد هنا اعتذار جديد لموسى بأنه ثقيل الفم واللسان. ولكن إسطفانوس قال عنه "أنه كان مقتدراً في الأقوال والأعمال" (أع22: 7) وتفسير هذا أنه: -.

  1. ربما أخذ قوة جديدة بعد إرساليته لم تكن له من قبل، فالله يعطي النعمة وقت الاحتياج.
  2. ربما كان عجزه في الكلام راجع لنسيانه اللغة المصرية لتغربه 40 سنة أو أن يكون له عيوب في النطق فعلاً "وعجيب أن من بدأ خدمته معتمداً على فصاحة لسانه وقوته يعتذر الآن بثقل لسانه" وربما أتاه هذا العيب بعد كبر سنه فعمره الآن 80 سنة. أو ربما كانت المشكلة هي أنه ليس صاحب موهبة في الخطابة وقوة الحجة. كل هذه عيوب، لكن ما يقصده إسطفانوس أن أقواله كانت بقوة إلهية فهو حين يأمر بضربة تأتي الضربة. منذ أمس ولا أول من أمس ولا من حين كلمت عبدك = يبدو أن الله كلم موسى عدة أيام وهنا موسى يقول أن لسانه لم ينصلح من أول يوم كلمه الرب وحتى الآن. ومعنى كلام موسى أن العيب مازال في لساني حتى بعد أن تكلمت معك. ولكن الله يعطي النعمة وقت الاحتياج إليها إذا قبلنا العمل بالإيمان بالرغم من الشعور بضعفنا.

العدد 11

آية (11): -

"11فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «مَنْ صَنَعَ لِلإِنْسَانِ فَمًا؟ أَوْ مَنْ يَصْنَعُ أَخْرَسَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا الرَّبُّ؟".

العدد 12

آية (12): -

"12فَالآنَ اذْهَبْ وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَأُعَلِّمُكَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».".

هذا هو قول السيد المسيح في (لو15: 21) وهذا دليل على أن الرب يسوع هو يهوه.

العدد 13

آية (13): -

"13فَقَالَ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، أَرْسِلْ بِيَدِ مَنْ تُرْسِلُ».".

اعتذار أخير لموسى أثار غضب الله. فجيد أن نتواضع أمام الرب شاعرين أن لا قوة لنا للخدمة وأننا نحتاج لقوة ولكن لا يكون إعتذارنا دائماً فهذا ضد التواضع، فالإتضاع الحقيقي هو أنني لا أستطيع شيئاً ولكنني أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني (فى4: 13). وأقبل الخدمة معتمداً على قدرة الذي دعاني.

الأعداد 14-16

الآيات (14 - 16): -

"14فَحَمِيَ غَضَبُ الرَّبِّ عَلَى مُوسَى وَقَالَ: «أَلَيْسَ هَارُونُ اللاَّوِيُّ أَخَاكَ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ هُوَ يَتَكَلَّمُ، وَأَيْضًا هَا هُوَ خَارِجٌ لاسْتِقْبَالِكَ. فَحِينَمَا يَرَاكَ يَفْرَحُ بِقَلْبِهِ، 15فَتُكَلِّمُهُ وَتَضَعُ الْكَلِمَاتِ فِي فَمِهِ، وَأَنَا أَكُونُ مَعَ فَمِكَ وَمَعَ فَمِهِ، وَأُعْلِمُكُمَا مَاذَا تَصْنَعَانِ. 16 وَهُوَ يُكَلِّمُ الشَّعْبَ عَنْكَ. وَهُوَ يَكُونُ لَكَ فَمًا، وَأَنْتَ تَكُونُ لَهُ إِلهًا.".

عجيب أن موسى يرفض الخدمة بينما كان الله شريكاً له في الخدمة ويقبلها حين يسمع أن هرون شريكاً له. وهذا من أسباب غضب الله. ومما يغضب الله علينا أننا نعتمد على إنسان وليس عليه. ولكن الله في محبته قبل هذا الضعف من موسى وليس سوى الله يقبل هذا الضعف. ولكن لقد خسر موسى أن ينفرد بالرسالة بل صار له هرون معطلاً في بعض الأحيان (قصة العجل الذهبي ثم تمرد هرون على موسى..) إلا أن الله يحول كل شئ للخير فهرون صار كاهناً يشفع في الشعب ويسند موسى في خدمته وصار إلتصاق موسى بهرون هو إلتحام الوصية والناموس مع العبادة للعمل بروح الرب من أجل خلاص الشعب. يكون لك فما = أي يتكلم للشعب ولفرعون بما تلقنه أنت له وأنت تكون له إلهاً = أي رئيساً ومرشداً وملقناً لما يقول. والمعنى أن يكون موسى نائباً لله وهرون نائباً عن موسى. هرون اللاوي = إعلان عن بدء الكهنوت اللاوي.

العدد 17

آية (17): -

"17 وَتَأْخُذُ فِي يَدِكَ هذِهِ الْعَصَا الَّتِي تَصْنَعُ بِهَا الآيَاتِ».".

القوة ليست في العصا بل في الله. كما أن ماء المعمودية وزيت الميرون.. الخ لهم قوة ليست من المادة نفسها بل من الله.

العدد 18

آية (18): -

"18فَمَضَى مُوسَى وَرَجَعَ إِلَى يَثْرُونَ حَمِيهِ وَقَالَ لَهُ: «أَنَا أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى إِخْوَتِي الَّذِينَ فِي مِصْرَ لأَرَى هَلْ هُمْ بَعْدُ أَحْيَاءٌ». فَقَالَ يَثْرُونُ لِمُوسَى: «اذْهَبْ بِسَلاَمٍ».".

من تواضع موسى أنه لم يخبر حميه برؤياه ولا بإرساليته العظيمة.

العدد 19

آية (19): -

"19 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى فِي مِدْيَانَ: «اذْهَبْ ارْجِعْ إِلَى مِصْرَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ جَمِيعُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ».".

هذا القول كان ليعطي موسى إطمئنان بأن الفرعون الذي كان يطلب نفسه قد مات.

العدد 20

آية (20): -

"20فَأَخَذَ مُوسَى امْرَأَتَهُ وَبَنِيهِ وَأَرْكَبَهُمْ عَلَى الْحَمِيرِ وَرَجَعَ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ. وَأَخَذَ مُوسَى عَصَا اللهِ فِي يَدِهِ.".

نفهم من هذه الآية أن موسى أخذ معه إلى مصر زوجته وإبنيه. ومن إصحاح 18 نجد أن يثرون حمو موسى أخذ صفورة والولدين وذهب إلى موسى، مما يفهم منه أن صفورة والولدين كانوا عند يثرون ولم يذهبوا مع موسى إلى مصر وهناك احتمالين لهذا:

  1. قد يكون موسى أخذ معه صفورة والولدين ثم أعادهم معه بعد ختان إبنه الصغير (24: 4 - 26) خصوصاً أنه لن يتحمل السفر إلى مصر بهذه الحالة. أو أن موسى فضل بعد هذه الحادثة أن يكون حراً في تحركاته دون قيود من زوجة وأولاد تعيقه.
  2. لعل صفورة والولدين ذهبا إلى مصر مع موسى وبعد عبور الشعب إلى سيناء ذهبوا لزيارة أبيها يثرون وقصا عليه كل ما حدث فأخذهم معه ليقابل موسى (1: 18 - 7).

العدد 21

آية (21): -

"21 وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «عِنْدَمَا تَذْهَبُ لِتَرْجعَ إِلَى مِصْرَ، انْظُرْ جَمِيعَ الْعَجَائِبِ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِي يَدِكَ وَاصْنَعْهَا قُدَّامَ فِرْعَوْنَ. وَلكِنِّي أُشَدِّدُ قَلْبَهُ حَتَّى لاَ يُطْلِقَ الشَّعْبَ.".

ولكني اشدد قلبه حتى لا يطلق الشعب = فرعون رفض الحق وقاومه، ورفض نور شهادة الله فأسلمه الله لذهن مرفوض فقاده إبليس لمصيره (2تس11: 2، 12 + رو28: 1) والله ترك فرعون لقساوة قلبه (هذا معنى أن الله شدد قلبه أو قسى قلبه) ولم يعمل على أن يلين حتى يرى الشعب الإسرائيلي ويؤمن بالله القدير وحتى يرى الشعب المصري ضعف آلهته فيتخلى عن العبادة الوثنية. فالله وضع أمامهم آيات كثيرة ليفهموا ولما لم يريدوا تركهم الله (فرعون وشعبه) لعماهم فهلكوا.

الأعداد 22-23

الآيات (22 - 23): -

"22فَتَقُولُ لِفِرْعَوْنَ: هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ: إِسْرَائِيلُ ابْنِي الْبِكْرُ. 23فَقُلْتُ لَكَ: أَطْلِقِ ابْنِي لِيَعْبُدَنِي، فَأَبَيْتَ أَنْ تُطْلِقَهُ. هَا أَنَا أَقْتُلُ ابْنَكَ الْبِكْرَ».".

إسرائيل ابني البكر = فإسرائيل هم أول شعب عرف الله وكانوا هم شعبه وهو كان لهم إلهاً. ولكن بسبب إصرارهم على خطاياهم فقدوا بكوريتهم وصارت للمسيحيين وهذا ما حدث مع رأوبين وعيسو وقايين.. الخ. إسرائيل كانت لهم البكورية جسدياً والمسيحيين صارت لهم البكورية الروحية عوضاً عن اليهود. بل صارت الكنيسة كلها كنيسة أبكار في المسيح الإبن البكر (عب23: 12). ها أنا أقتل ابنك البكر = هذا إنذار بآخر ضربة توجه لفرعون. والله لا يضرب أبداً بدون إنذارات. بل أن الضربات العشر كانت إنذارات موجهة له قبل هذه الضربة المؤلمة.

الأعداد 24-25

الآيات (24 - 26): -

"24 وَحَدَثَ فِي الطَّرِيقِ فِي الْمَنْزِلِ أَنَّ الرَّبَّ الْتَقَاهُ وَطَلَبَ أَنْ يَقْتُلَهُ. 25فَأَخَذَتْ صَفُّورَةُ صَوَّانَةً وَقَطَعَتْ غُرْلَةَ ابْنِهَا وَمَسَّتْ رِجْلَيْهِ. فَقَالَتْ: «إِنَّكَ عَرِيسُ دَمٍ لِي». 26فَانْفَكَّ عَنْهُ. حِينَئِذٍ قَالَتْ: «عَرِيسُ دَمٍ مِنْ أَجْلِ الْخِتَانِ».".

يبدو أن صفورة زوجة موسى خافت على إبنها من آلام الختان فرفضت ختانه ويبدو أن موسى قد إستجاب لها. وهذه نقطة ضعف في حياة هذا العملاق. والله كان لا يريد لموسى أن يذهب لعمل عظيم في خلاص الشعب وواضع للناموس وهو مخالف للناموس. وحساب الله يكون عسيراً على من كانت قامته عالية. فموسى العظيم الذي رأي الله وكلمه تكون خطيته أعظم من خطايا البشر العاديين. فموسى أحب زوجته وزوجته أحبت إبنها فإمتنعا عن ختان الولد بينما كانا كلاهما لابد أن يخضعا لناموس الله. "من أحب أباً أو أماً.. أكثر مني فلا يستحقني" لذلك طلب الله أن يقتل موسى وغالباً فقد أصاب موسى مرض شديد وخافت صفورة، وغالباً فقد نبه موسى زوجته بأن السبب في غضب الله هو عدم ختان الصبي. فقامت صفورة بختان الولد مستخدمة صوانة أي سكين من الصوان كعادة المصريين. ومست صفورة رجلي موسى بغرلة الولد أي بالدم. وقالت إنك عريس دم لي = أي أنها إفتدت موسى بدم ابنها وكأن موسى بنجاته رُدَّ إليها عريساً من جديد. فهي حينما مست موسى بدم الولد إنفك عنه المرض ونجا. وصفورة شرحت ما تقصده في.

العدد 26

آية (26): -

أنها بختانها للولد عاد موسى لها عريساً بسبب الدم. وصار هذا رمزاً للعلاقة بين العريس (المسيح) وكنيسته (العروس) فالمسيح صار عريساً لكنيسته بالدم، هو عريس دم. ولنلاحظ أن الإمتناع عن الختان كاد أن يقتل موسى والمعنى الروحي أنه يجب أن نختن قلوبنا أي نقطع منها محبة الخطية حتى تكون لنا حياة (كو10: 2 - 12). وقد حدثت القصة كلها في المنزل في الطريق = المنزل هنا أي النزل أو الفندق في أثناء السفر.

الختان: عرف الختان عند معظم شعوب الشرق. ولكن كان للختان عند اليهود معنى ديني هو العهد مع يهوه. والكتاب لم يطلق لفظ أغلف إلا على الفلسطينيين غالباً لأنهم كانوا لا يختتنون. وغالباً فقد كان الختان مرتبطاً بالزواج قبل أن يكون طقس ديني، لذلك يسمى العريس بالختن، وكذلك قالت زوجة موسى عنه "عريس دم" وبهذا المنطق أقنع أولاد يعقوب أهل شكيم أن يختتنوا قبل زواج إبنهم من دينة.

وكلمة عريس بالعبرانية وكل مشتقاتها تجئ من الفعل العبراني "ختن". وكون أن الختان سابق للناموس، فواضح من أن الله أعطاه لإبراهيم كعلامة عهد، وراجع أيضاً قول السيد المسيح (يو22: 7) فاليهود إعتبروا أن موسى قد شرَّع الختان. وكان الختان هو العلامة الخارجية للدخول في عهد الله، فالدخول في عهد يتطلب دائماً علامة خارجية (إر8: 34 + تك9: 15 + تك44: 31).

وكما قلنا أن مفهوم الختان هو أن يصبح الرجل عريساً وبالتالي يكون له نسل وأولاد، وهذه هي علامة البركة، أن يكون للرجل كثرة من البنين. ومن هنا كان الختان علامة العهد مع الله، لأنه حين يدخل الشخص في عهد مع الله يباركه الله، وهذا ما نفهمه من (تك28: 1) أن الله بارك آدم وحواء وقال لهما أثمروا وأكثروا وإملأوا الأرض. وبهذا المفهوم نفهم النص (لا23: 19، 24). فالشجرة التي لا يأكلون ثمرها يسميها شجرة غلفاء. وبالتالي فهي شجرة غير مختونة حين لا يكون لها ثمار، وتكون شجرة مختونة حين يكون لها ثمار. وبهذا المفهوم نفهم معنى الأذن المختونة والقلب المختون.

يضاف لذلك أن الختان فيه قطع لجزء من الجسم وتركه ليموت فيحيا باقي الجسم في عهد مع الله وذلك إشارة ورمز للمعمودية التي هي موت وحياة ونقوم منها كأولاد لله. وتكون الأذن المختونة هي التي لا تريد أن تسمع كلمات بطالة والقلب المختون هو القلب الذي مات فيه حب الخطية بعمل الروح القدس (رو29: 2 + رو13: 8). والأذن المختونة والعين المختونة والقلب المختون هم كموتي أمام كل ما هو خطية. فتكون لهم حياة أمام الله.

الأعداد 27-31

الآيات (27 - 31): -

"27 وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ: «اذْهَبْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لاسْتِقْبَالِ مُوسَى». فَذَهَبَ وَالْتَقَاهُ فِي جَبَلِ اللهِ وَقَبَّلَهُ. 28فَأَخْبَرَ مُوسَى هَارُونَ بِجَمِيعِ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي أَرْسَلَهُ، وَبِكُلِّ الآيَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا. 29ثُمَّ مَضَى مُوسَى وَهَارُونُ وَجَمَعَا جَمِيعَ شُيُوخِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 30فَتَكَلَّمَ هَارُونُ بِجَمِيعِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى بِهِ، وَصَنَعَ الآيَاتِ أَمَامَ عُيُونِ الشَّعْبِ. 31فَآمَنَ الشَّعْبُ. وَلَمَّا سَمِعُوا أَنَّ الرَّبَّ افْتَقَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنَّهُ نَظَرَ مَذَلَّتَهُمْ، خَرُّوا وَسَجَدُوا.".

واضح هنا فرح الشعب بإرسالية موسى. ومما حدث نجد أن تخوف موسى من أنهم لن يقبلوه كان بلا أساس. والسبب أن الله وراء العمل وهو يسهل لموسى طريقه. ولو كان الشعب قد رفض دعوة موسى لكانوا في الحقيقة قد رفضوا عمل الله وليس موسى. وهذا ما حدث مع إرمياء فهم رفضوا الله حين رفضوا إرمياء وراجع (1صم7: 8).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخامس - سفر الخروج - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث - سفر الخروج - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر الخروج الأصحاح 4
تفاسير سفر الخروج الأصحاح 4