الفصل الخامس الكنيسة بيت الخلاص

هذا الفصل هو جزء من كتاب: كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى.

الفصل الخامس

الكنيسة بيت الخلاص

1 - ما هو غاية بناء بيت الرب فى وسط شعبه؟

يقول القديس يوحنا الحبيب: "سمعت صوتاً عظيماً من السماء قائلاً: هوذا مسكن الله مع الناس وهو سيسكن معهم وهم يكونون له شعباً، والله نفسه يكون معهم إلهاً لهم" (رؤ21: 3).

لم تجد السماء اسماً للأرض الجديدة والسماء الجديدة ولأورشليم الجديدة (رؤ21: 1 - 2) يليق بها سوى أن تدعوها "مسكن الله مع الناس"، لأن اشتياق الناس للسكنى معه لا يُقاس ولا يُقارن باشتياق الله للسكنى معنا. يا لعظم محبة الله الفائقة! كأن الله ينتظر الأبدية ليستريح بالسكنى معنا، مع أننا نعلم أنه ليس محتاجاً إلى عبوديتنا بل نحن المحتاجون إلى ربوبيته ([157]). وإذ أراد الله أن يتذوق المؤمنون عربون السماء، سمح لنا ببناء بيت له وسط شعبه، لنتمتع بعذوبة الحضور الإلهى وعمله الدائم لخلاصنا.

رفع سليمان الملك قلبه نحو السماء وقدم صلاة أثناء تدشين الهيكل، جاء فيها: "هل يسكن الله حقاً على الأرض؟ هوذا السماوات وسماء السماوات لا تسعك، فكم بالأقل هذا البيت الذى بنيت؟ فالتفت إلى صلاة عبدك وإلى تضرعه أيها الرب إلهى، واسمع الصراخ والصلاة التى يصليها عبدك أمامك اليوم. لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلاً ونهاراً على الموضع الذى قلت إن اسمى يكون فيه، لتسمع الصلاة التى يصليها عبدك فى هذا الموضع. واسمع تضرع عبدك وشعبك إسرائيل الذين يصلون فى هذا الموضع واسمع أنت فى موضع سكناك فى السماء، وإذا سمعت فاغفر" (1مل8: 27 - 30). هكذا ما شغل قلب سليمان الحكيم فى بناء هيكل الرب حضرة الرب وغفران خطايا شعبه.

2 - لماذا حذر إرميا النبى من تسبحة الشعب: هيكل الرب، هيكل الرب هو؟

الله فى محبته للبشر ينزل إليهم ويسمح بتخصيص بيت له، ويفتح أبوابه ليحتضن القادمين إليه بروح التوبة. إنه يغفر لهم خطاياهم، ويقيم منهم كنيسة واحدة مقدسة، يحسبها ابنته وعروسه، الملكة التى تجلس عن يمينه.

لا يقف مفهومنا للكنيسة عند المبنى سواء فى العهد القديم أو العهد الجديد. لذلك حذّر إرميا النبى الكهنة واللاويين والشعب كما الملك والقادة من الاتكال على وجود هيكل الرب فى أورشليم مع تجاهل قداسة الحياة والطاعة للوصية الإلهية والحب العملى لله والناس. لقد قال: "لا تتكلوا على كلام الكذب، قائلين: هيكل الرب، هيكل الرب، هيكل الرب هو!" (إر7: 4).

بينما كان حلقيا رئيس الكهنة يتعاون مع مشير الملك وكاتبه شافان فى جمع التبرعات والتقدمات للإصلاح إذا بإرميا النبى يؤكد الحاجة إلى تقدمة القلب لا المال. وبينما كان البناؤون والنجارون وكل العاملين فى الإصلاح يسمعون كلمات الإطراء من كل أحد، إذا بإرميا يبكت ويؤنب. الكل يتحدث عن التقدم فى البناء والإصلاح بفرح واعتزاز، بينما كان إرميا النبى يطلب التوبة الصادقة والنوح والبكاء حتى لا يطردهم الموضع الذى لا يستحقونه، إذ يقول على لسان الرب: "أصلحوا طرقكم وأعمالكم فأسكنكم فى هذا الموضع" (إر7: 3).

هم يظنون أنهم قد أرضوا الله بإصلاح الهيكل، وكأنهم دائنون له بهذا العمل الجبار الذى لم تمارسه أجيال سابقة، بينما كان إرميا النبى يهددهم بالطرد منه، بل ومن كل الأراضى المقدسة، لأنهم غير مستحقين للسكنى فيها بسبب شرهم.

كان يدعوهم إلى الإصلاح الداخلى بتحويل التسبيح من كلمات منطوق بها إلى حياة مُعاشة وسلوك... حياة مفرحة متهللة فى الداخل مع استعذاب للوصية الإلهية.

يمثل الهيكل حضرة الله وسط شعبه لتقديسهم، فإن تمسكوا بوجود البيت دون الاهتمام بتقديس حياتهم يفقد البيت مفهومه، بل ويتحول من بيت تسبيح إلى "مغارة لصوص" (إر7: 11)، وهو ذات التعبير الذى استخدمه السيد المسيح حين طرد باعة الحمام والصيارفة من الهيكل (مت21: 13).

ويتحدث القديس جيروم عن هيكل الرب الداخلى الذى يمكن للمؤمن أن يقتنيه أينما وُجد، بينما كثير من سكان أورشليم والأراضى المقدسة حرموا منه. إنه يقول:

[يليق بالذى يقولون: "هيكل الرب، هيكل الرب" (إر7: 4) ان يصغوا إلى كلمات الرسول: "أنتم هيكل الله الحىّ" (2كو6: 16)، والروح القدس "يسكن فيكم" (رو8: 11).

الوصول إلى البلاط السماوى سهل سواء بالانطلاق من بريطانيا أو أورشليم، لأن "ملكوت الله داخلكم" (لو17: 21).

أنطونيوس وطغمة الرهبان الذين فى مصر ومصيصة وبنتس وكبادوكية وأرمينيا لم يروا أورشليم قط، لكن انفتح لهم باب الفردوس. الطوباوى هيلاريون، مع أنه مواطن فلسطينى وقاطن هناك، لم ير أورشليم إلا يوماً واحداً. إذ كان قريباً من الأماكن المقدسة لم يشأ أن يهمل رؤيتها، وفى نفس الوقت لم يرد ان يحد الله بأماكن محدودة ([158])].

أوضح النبى أنه لكى ينعم الشعب ببركات بيت الرب يلزمهم ان يصلحوا الطريق الذى يسلكونه مجرين العدل بين الإنسان وصاحبه (إر7: 5)، وأن يقدموا عمل المحبة خاصة للغريب واليتيم والأرملة (إر7: 6)، وألا يسفكوا دم زكياً (إر7: 6)، وأخيراً ألا يعرجوا بين الفريقين، قائلاً: "أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل، وتسيرون وراء آلهة أخرى لم تعرفوها، ثم تأتون وتقفون أمامى فى هذا البيت الذى دُعى اسمى عليه وتقولون: قد أنقذنا". (إر7: 9 - 10).

هيكل الرب هو القصر الملوكى، مركز ملكوت الله الذى هو ملجأ للأرامل والأيتهام والغرباء، سخى لكل نفس محتاجة ومرذولة. فإن مارس الشعب العنف والقسوة يُحسبون خارج الهيكل حتى إن دخلوه بأجسادهم وقدموا عطايا وتقدمات وذبائح!

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [كان هذا الهيكل جميلاً وعجيباً مقدساً، لكن حين فسد الذين يستعملونه صار محتقراً ومرذولاً ودنساً، حتى دُعى قبل السبى "مغارة لصوص"... وسُلم بعد ذلك فى أيدى البرابرة الفاسدين النجسين ([159])].

ويؤكد الرب لشعبه: "أنا أنا الرب، وليس غيرى مخلص" (إش43: 11؛ 45: 21؛ هو13: 4)، لهذا فغاية بيت الرب ان يجتمع الشعب بالله مخلصه. هذه هى رسالة الكنيسة الرئيسية بل والوحيدة. كل عبادة وأنشطة تقدم فى الكنيسة غايتها خلاص الناس.

ومن الجانب الآخر، كل من يعزل نفسه عن الكنيسة، إنما يحرم نفسه من الارتماء فى أحضان المخلص. هذا ما دعا المرتل أن يقول: "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن فى بيت الرب كل أيام حياتى، لكى أنظر إلى جمال الرب وأتفرس فى هيكله" (مز27: 4؛ 23: 6).

يقول العلامة أوريجينوس: [راحاب تمثل الكنيسة، والحبل القرمزى يرمز إلى دم المسيح، والذين فى البيت هم فقط الذين خلصوا. من أراد أن يخلص فليأت إلى هذا البيت، حيث دم المسيح علامة الفداء... ينبغى ألا يخدع أحد نفسه، فإنه لا يخلص أحد خارج البيت، أعنى خارج الكنيسة ([160])].

ويقول القديس كبريانوس: [أتظنون أنكم قادرون أن تصمدوا وتحيوا إن انسحبتم لتقيموا لأنفسكم بيوتاً ومواضع مختلفة، وقد قيل لراحاب: "اجمعى إليك فى البيت أباك وأمك وإخوتك وسائر بيت أبيك، فيكون أن كل من يخرج من أبواب بيتك إلى خارج، فدمه على رأسه، ونحن نكون بريئين!" (يش2: 18 - 19)... فى هذا أعلن السرّ، أن الذين يريدون أن يحيوا ويهربوا من هلاك العالم يلزمهم ان يجتمعوا معاً فى بيت واحد وحدهم، أى فى الكنيسة، أما من يخرج من بين هؤلاء المجتمعين هناك معاً، أى إن كان أحد بالرغم من نواله نعمة فى الكنيسة يتركها ويخرج خارجاً، فدمه على رأسه، هو مسئول عن هلاك نفسه، الأمر الذى أوضحه بولس موصياً بتجنب الهرطوقى (رو16: 17) ([161])].

كما يقول: [من يبقى خارج الكنيسة فهو خارج معسكر المسيح ([162])].

[لا يكون مسيحياً من هو ليس داخل كنيسة المسيح ([163])].

[كيف يمكن أن يكون أحد مع المسيح إن كان لا يسلك داخل عروس المسيح، وإن لم يوجد فى كنيسته؟! ([164])].

ويقول القديس أغناطيوس الثيؤفورس: [لا يخدعن أحد نفسه، فإذا كان الإنسان خارج الهيكل يُحرم من خبز الله... ومن لا يأتى إلى الاجتماع معاً يتكبر ويقطع نفسه عن الشركة ([165])]. كما يقول [من كان داخل المذبح فهو نقى، وأما من كان خارج المذبح فهو ليس نقياً ([166])].

3 - ما هى علاقة الكنيسة بالمسيح المخلص؟

الكنيسة هى جسد المسيح، تحيا به، كما يحيا الجسد الطبيعى بالنفس، والمؤمن الذى ينتمى إليها هو بمثابة عضو فى هذاالجسد ([167]). يقول العلامة أوريجينوس: [يعلن لنا الكتاب المقدس أن كنيسة الله ككل، هى جسد المسيح، تحيا بابن الله. أما أعضاء هذا الجسد فهم المؤمنون. فكما ان النفس تُحيى الجسد وتُحركه، هذا الذى ليس له فى ذاته القوة الطبيعية على الحركة ككائن حىّ، كذلك الأمر فيما يختص بالكلمة التى تنشط كل فرد من اعضائها المنتمين إليها، حتى لا يفعلوا شيئاً خارج الكلمة ([168])].

4 - لماذا يقول القديس أغناطيوس الثيؤفورس: "الكنيسة موضع الذبيحة Thysiasterion؟

لأن الكنيسة غايتها خلاص البشرية الذى يتحقق بذبيحة الصليب. وغاية المؤمن أن يُصلب مع المسيح ليقوم معه، فيترنم: "مع المسيح صلبت، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فىّ، فما أحياه الآن فى الجسد فإنما احياه فى الإيمان إيمان ابن الله الذى أحبنى وأسلم نفسه لأجلى" (غل2: 20).

لا ندهش من قول القديس أغناطيوس الثيؤفورس لتراجان الملك فى جرأة إنه يشتاق إلى تقديم ذاته ذبيحة لأجل إيمانه بالمسيح. كما قال له: "زادك الله غنى، تكّرم بهذه المنح على من يعتبرونها ويرغبون فيها، فأنا كاهن سيدى يسوع المسيح وله أقدم الذبيحة فى كل يوم، وأرغب فى أن اقدم حياتى ذبيحة، كما قدم حياته ذبيحة حباً بى".

يقول البابا أثناسيوس الرسولى: [لأن هذه هى الحياة الحقة التى يعيشها الإنسان فى المسيح، فبالرغم من أن (المؤمنين) أموات عن العالم، لكنهم يعيشون كمن هم فى السماء، مهتمين بالأمور العلوية. من يحب مثل هذه السكنى، يقول: "إن كنا نسير على الأرض لكننا نقطن فى السماء" ([169])].

5 - هل من واجبنا أن نطلب الخلاص لإخوتنا؟

إذ اجتمع السيد المسيح فى بيت وأحاط به فريسيون ومعلمو الناموس جاءوا من كل قرية من الجليل واليهودية وأورشليم، كان يعلمهم. وإذ رأى مفلوجاً يدليه أربعة رجال من السقف قطع حديثه ليهب غفراناً للمفلوج وشفاء لجسده، وكأنه فى صداقته معنا لا يحب التعليم فى ذاته كما يفعل بعض المعلمين، وإنما يطلب راحة البشريّة وخلاصهم على صعيد الروح والجسد معاً.

لقد لفت أنظار آباء الكنيسة فى هذه المعجزة اهتمام الإنجيليين بالكشف عن فاعلية حياة الشركة الروحية، فيستند المؤمن على إخوته فى المسيح يسوع ربنا، كما يسند هو أيضاً الآخرين، ويعيش الكل ككيان واحد متكامل يرتكز على "المسيح يسوع" حجر الزاوية (لو5: 17 - 20).

لقد حمل المؤمنون المفلوج، وشفاه الرب من أجل إيمانهم، إذ يقول متى الإنجيلى: "فلما رأى يوسع إيمانهم قال للمفلوج: ثق يا بنىّ. مغفورة لك خطاياك" (مت9: 2). ما أحوجنا أن نُحمل بإيمان الآخرين، ونحمل نحن أيضاً الآخرين بإيماننا!

يقول القديس أمبرسيوس: [ "فلما رأى إيمانهم، قال له أيها الإنسان، مغفورة لك خطاياك" (لو5: 20). عظيم هو الرب الذى يغفر للبعض من أجل طلبة الآخرين، ويقبل تضرعات البعض من أجل غفران خطايا الغير!... خادم الله له الحق ان يطلب عنك، وله دالة فيُستجاب له!... تعلّم أيها المريض كيف تتضرع، وإن كنت لا ترجو غفراناً لخطاياك فالجأ لمن يشفع عنك، إلى الكنيسة التى تصلى من أجلك، ومن أجلها يهبك الرب الغفران].

6 - ماذا يقول أوريجينوس عن الكنيسة بيت الخلاص؟

لا يمكن أن يوجد خلاص بدون هذه الكنيسة. فهى فُلك الخلاص، تستقبل النور من يسوع المسيح، ولديها القدرة على تفسير الكتاب المقدس. يقول أوريجينوس أنه لا خلاص خارج الكنيسة بيت الفداء. فبالنسبة له تمثل "راحاب" (يشوع2) الكنيسة مجازياً، والحبل القرمزى يرمز إلى دم المسيح، ولا يخلص سوى أهل بيتها.

يقول أوريجينوس: [إن أراد إنسان أن يخلص، يأتى إلى هذا البيت، حيث دم المسيح، علامة الفداء. وقد كان هذا الدم نفسه لإدانة الذين صرخوا قائلين: "دمه علينا وعلى أولادنا" (مت27: 25). جاء يسوع "لسقوط وقيام كثيرين" (لو2: 34). فلأولئك إذن، المتكلمين ضد علامته، سيكون دمه مُوجه للعقاب، أما للمؤمنين فهو مُوجه للخلاص. لا يخدع أحد نفسه. فإنه خارج هذا البيت، أى خارج الكنيسة، لن يخلص احد. لقد أُعطيت علامة الخلاص (الحبل القرمزى) من خلال نافذة، لأن المسيح بتجسده أعطانا رؤية نور اللاهوت كما من خلال نافذة، لكى ينال الكل الخلاص بواسطة تلك العلامة، التى ستوجد فى بيت من كانت فى يوم ما زانية، ثم تطهرت بالماء والروح، وبدم ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، الذى له المجد والقوة إلى الأبد آمين ([170])]. ويقول: [قد جاء يسوع "لسقوط وقيام كثيرين" (لو2: 32). فبالنسبة لمن ينكر علامته، يوجه دمه للعقاب، أما من آمن، فللخلاص. خارج هذا البيت إذن، أى خارج الكنيسة، لن يخلص أحد. فإن هجرها إنسان، يتحمل مسئولية موته ([171])].

7 - كيف يفسر أوريجينوس فلك نوح وأبعاده كرمز للكنيسة بيت الخلاص؟

يفسر أوريجينوس فُلك نوح وأبعاده بأسلوب رمزى، على أنه كنيسة المسيح. يقول: [بالنسبة لعرض الفلك، يُذكر رقم 50، وهو رقم مُقدس يرمز إلى الغفران والصفح. فطبقاً للناموس، كان هناك وقت محدد لإسقاط الديون، وهو مرة كل خمسين سنة (لا25: 10). والآن، فالمسيح، نوح الروحى، فى فلكه، أى الكنيسة التى يخلص فيها الجنس البشرى من الهلاك. وقد نُسب هذا الرقم الذى يرمز للغفران إلى عرض الفلك. فلم لو تُمنح المغفرة للمؤمنين، لما امتدت الكنيسة فى العالم أجمع ([172])].

أمامنا هنا ربط السيد المسيح بالمغفرة، كما يُرمز إليها بالعدد50، ولكن بدون تلميح إلى ليتورجيا البنطقستى، الأمر الذى نجده فى مكان آخر [فرقم 50 يتضمن المغفرة بحسب سرّ اليوبيل الذى يُقام مرة كل خمسين سنة، أو العيد الذى يُحتفل به فى يوم البنطقستى (لا25: 11) ([173])].

هذه المجازية الخاصة بالنطقستى كإشارة إلى الغفران لها أهميتها الخاصة بالنسبة لأوريجينوس، فإنه يرى فى السبعة الأسابيع الطقسية، صورة لامتداد الأسابيع الرمزية، والتى خلالها تتحقق المغفرة الكاملة من جميع الخطايا وتستعيد الإنسانية كمالها... [لابد أن نبحث عما إذا كانت النصوص المتعلقة بالتوقيتات، بالأيام والشهور والسنين، لا تنطبق أيضاً على العصور (aiones). لأنه إذا كان الناموس هو ظل البركات العتيدة، فبالتالى تكون السبوت ظلال لسبوت أخرى. ثم ماذا يمكننا أن أقول فيما يتعلق بعيد أيام الأسابيع السبع ([174])].

من المثير أيضاً ملاحظة أن أوريجينوس فى عظاته على سفر العدد، فقد بحث حتى وجد فى الإنجيل ما يوحى برمزية عيد النبطقستى للغفران: [يتضمن الرقم 50 سرّ الغفران والعفو، كما أوضحنا مراراً فى العديد من فقرات الكتاب المقدس. اليوم الخمسين بعد الفصح هو عيد بحسب الناموس، وكذلك الأمر فى الإنجيل. وفى المثل الخاص بالمغفرة والعفو تحدث الرب عن المدين بخمسين ديناراً ([175])].

8 - هل للكنيسة سلطان لمغفرة الخطايا؟

يقول أرنست لاتكو: تكشف دراسة دقيقة، دون أى خطأ، لنصوص وجدت فى أعمال أوريجينوس الأولية والتى جاءت فيما بعد، أن الكنيسة تملك سلطان على المفاتيح، أى قوة مغفرة الخطايا. إنه يشير إلى هذا السلطان المرة بعد الأخرى. ولكن لم يُجمع كل الدارسين على أن هذا هو موقفه. فقد أسس البعض نتائجهم على نص أو آخر من النصوص الصعبة، التى يمكن توضيحها بكل تاكيد بمقارنتها بعقيدته ككل، حتى بلغوا إلى استنتاج أن أوريجينوس كان ينكر على الكنيسة هذا السلطان.

كتب هارناك أن الباب كاليستوس هو أول من أصرّ على أن للكنيسة سلطان مغفرة الخطايا، وأن هذا القرار قد أبرز تغييراً طرأ على المفهوم الفعلى للكنيسة. فقد كانت الكنيسة الأولى، كما يقول، تنظر إلى نفسها "كجماعة قديسين"، وتُرجع سلطان مغفرة الخطايا إلى الله وحده ([176]). إنه يقول: [كما أن الشمس والقمر ينيران أجسادنا، كذلك تستنير أذهاننا بالمسيح والكنيسة ([177])].

9 - ما هو دور الكنيسة كأم للمؤمنين؟

يقول العلامة أوريجينوس عن أمومة الكنيسة: [بحسب الروح، أبوكم هو الله، وأمكم هى "أورشليم السماوية" (راجع غلا4: 26؛ عب12: 22). تعلموا هذا من شهادات الأنبياء والرسل. وقد تضمن موسى هذا المعنى فى تسبحة: "أليس هو أباك ومُقتنيك؟!" (تث32: 6) ([178]). كما يقول: [أما الرسول فيقول عن "أورشليم السماوية" "هى أمنا جميعاً، فهى حرة" (غلا4: 26). لذلك أبوك هو الله الذى أنجب روحك، والذى يقول: "ربيت بنين ونشأتهم" (إش1: 2). أما بولس فيقول أيضاً: "أفلا نخضع بالأولى جداً لأبى الأرواح فنحيا؟! (عب12: 9) ([179])].

ويقول الشهيد كبريانوس: [من ليس له الكنيسة أماً، لا يقدر أن يكون الله أباه! ([180])].

10 - هل تحزن الكنيسة من أجل الخطاة؟

ستظل الكنيسة مع رأسها، ربنا يسوع، فى حزن على الخطاة حتى يعودوا إلى إلههم ويخضعون للآب. ويعلق أوريجينوس على الكلمات، "وأقول لكم إنى من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى" (مت26: 29)، قائلاً إن الخمر فى الكتاب المقدس يرمز إلى الفرح الروحى. لقد وعد الله شعبه أنه سيبارك فى خمرهم، أى سيمنحهم وفرة من الفرح الروحى. لهذا يمنع الكهنة من شرب الخمر عند دخولهم الهيكل، إذ يريدهم أن يكونوا فى حالة حزن وهم يقدمون القرابين عن الخطاة. فإذا تمت مصالحة الخطاة مع الله، عندئذ يكمل فرحهم. يعتقد أوريجينوس أن المسيح نفسه مع قديسيه يكون فى انتظار توبة الخطاة، ففرحهم إذن، لا يزال غير كامل.

يقول العلامة أوريجينوس: [يجب ألا نظن أن بولس يحزن من أجل الخطاة ويبكى لتجاوزاتهم، بينما يكف المسيح عن البكاء، حين يقترب من الآب، ويقف عند المذبح ليُقدم ذبيحة التكفير عنا. هذا ليس شرب خمر الفرح "حين يصعد إلى المذبح"، إذ أنه لا يزال يحمل بعد مرارة خطايانا. لذلك فهو غير راغب أن يشرب وحده من الخمر فى ملكوت أبيهن بل ينتظرنا، وكما قال: "حتى أشربه معكم". فنحن إذن نؤخر فرحه بالتهاون فى حياتنا ([181])].

كما يقول: [لا يزال عمله غير مكتمل طالما أنا غير كامل، وغير خاضع للآب، فلا يُقال عنه هو أيضاً "يخضع" (1كو15: 28). ليس لأنه محتاج إلى الخضوع بذاته أمام الآب، ولكن من أجلى أنا، الذى لم يكتمل عمله فىّ، قيل إنه لم يخضع بعد، فمكتوب أننا "جسد المسيح وأعضاءه جزئياً" (1كو12: 27).

لأنه طالما كان فى داخلى "يشتهى الجسد ضد الروح، والروح ضد الجسد" (غل5: 17)، ولم أستطيع بعد إخضاع جسدى لروحى، فمن المؤكد إنى "خاضع" لله، لا بجملتى بل جزئياً،.. أما إن أمكننى أن اجتذب جسدى وكل أعضائى الأخرى فى تناغم مع روحى، فسأبدو كما لو أننى صرت خاضعاً تماماً.

لكنه لا يشرب الآن، إذ هو واقف أمام المذبح حزيناً على خطاياى. إنه سيشرب بعدئذ، عندما يخضع له الكل، وبعد خلاص الكل وموت الخطيئة (1كو15: 26، 28؛ رو6: 16). عندئذ لن يكون ضرورياً بعد، أن تُقدم "ذبيحة خطيئة" (لا 6: 30)، فسيكون هناك فرح، "وتبتهج العظام المتواضعة" (مز51: 8)، ويتحقق ما كُتب: "ويهرب الحزن والتنهد" (إش35: 10).

لأن القديسين، عند رحيلهم من هذا العالم لا يحصلون مباشرة على مكافأتهم كاملة عن استحقاقاتهم، فهم ينتظروننا بالرغم من أننا سنتأخر. فلا يكون لهم الفرح الكامل وهم حزانى من أجل أخطائنا وخطايانا.

من الذى يقول هذا، إذ من أكون أنا حتى أجزم بعقيدة كهذه؟ لكنى سأسوق لك شهادة ممن لا تشك فيهم. فالرسول بولس "مُعلم الأمم فى الإيمان والحق" (1تى2: 7)، فى رسالته إلى العبرانيين، وبعد أن عدّد أسماء الآباء القديسين الذين قد تبَّرروا فى الإيمان، أضاف: "فهؤلاء كلهم مشهود لهم بالإيمان، لم ينالوا الموعد، إذ سبق الله فنظر لنا شيئاً أفضل لكى لا يُكملوا بدوننا (عب11: 39 - 40). فأبونا إبراهيم، كما ترى، مازال فى انتظار أن يحصل على ما هو كامل. كذلك الأمر مع آبائنا إسحق ويعقوب وجميع الأنبياء، كلهم ينتظروننا لنحصل معاً على الطوباوية الكاملة. لذلك، ستفرح أنت إذ ترحل عن هذه الحياة إن كنت مقدساً. لكن فرحك لن يكون كاملاً، إذا ما افتقدت أعضاء من الجسد. إنك تنتظر الآخري، كما سبق أن انتظرك من سبقوك.

فإن كان فرحك لا يبدو كاملاً وأنت العضو، إذا ما افتقدت عضواً آخر، فكم بالأحرى يكون الأمر بالنسبة إلى ربنا ومخلصنا "وهو الرأس" (أف4: 15 - 16) والأصل للجسد كله؟ إنه يعتبر فرحه ليس بكامل مادام يرى أحد أعضاء جسده ناقصاً. ربما لهذا السبب أفاض بصلاته أمام الآب: "والآن مجّدنى أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذى كان لى عندك قبل كون العالم" (يو5: 17). أنه لا يريد أن يأخذ مجداً كاملاً بدوننا، أى أنه يرغب فى أن يحيا فى هذا الجسد الذى هو كنيسته، وفى هذه الأعضاء من شعبه، كما أيضاً فى أنفسهم، حتى تكون نبضاتهم وأعمالهم طبقاً لمشيئته. ليتحقق فينا قول النبى: "وأجعل مسكنى فى وسطهم وأسيربينهم" (لا 12: 26).

غير أننا مادمنا غير "كاملين وما زلنا بعد فى خطايانا" (فى3: 15؛ 5: 8)، فهو فينا جزئياً. لذلك نحن "نعلم بعض العلم، ونتنبأ بعض التنبؤ" (1كو13: 9)، إلى أن يصير كل منا مستحقا أن يصل إلى المستوى الذى يقول عنه الرسول: "فأحيا، لا أنا بل المسيح يحيا فىّ" (غلا2: 20). كما يقول أيضا "نحن جسد المسيح وأعضاؤه" (1كو12: 27)، بل "وأفراداً نحن عظامه" ([182])].

11 - كيف نشرب الكأس الجديدة مع السيد المسيح فى السماء (مت26: 29)؟

يكمل العلامة أوريجينوس حديثه السابق، قائلاً: [من هنا ترى أنه من المستحيل عليه أن يشرب الكأس الجديدة للحياة الجديدة من لا يزال "مرتدياً إنسانه العتيق مع أعماله". وكما قيل: "لا يضع أحد خمراً جديدة فى زقاق عتيقة". فإن أردت إذاً أن تشرب من "الخمر الجديدة"، فلتجدد ذاتك وتقول: "إذا خلعنا الإنسان العتيق، ولبسنا الجديد الذى يتجدد يوماً فيوماً" (كو3: 9؛ مت3: 17؛ 2كو4: 16). ومن المؤكد أن هذا التعبير فيه ما يكفى فيما يتعلق بهذه الأمور ([183])].

12 - هل يهتم كل المؤمنين بخلاص نفوسهم؟

فى مناسبات عديدة، عبّر أوريجينوس عن حزنه فيما يتعلق بالكنيسة (فى قيصرية)، مؤنباً سامعيه فى محبة. كان يتوقع أن يتواجد جميع المؤمنين والموعوظين فى الاجتماعات الصباحية اليومية والقداسات، لكن كثيرين منهم تراخوا فى الحضور، وآخرون كانوا غيرمنتبهين، بل وغادروا الاجتماع بعد قراءة الإنجيل.

يقول أوريجينوس: [يأتى كثيرون إلى الوليمة، لكن القليل منهم يتكئ على المائدة (لو14: 24) ([184])].

كما يقول: [أليس مما يبعث الحزن والأسى (فى الكنيسة) أن لا تجتمعوا لسماع كلمة الله؟ وحتى فى المناسبات النادرة كالأعياد، عندما تأتون إلى الكنيسة، إنما تفعلون ذلك، لا عن رغبة فى سماع الكلمة، بقدر ما هو لأجل بالاحتفال، والحصول بطريقة ما على التسالى الاجتماعية فقط ([185])].

[أخبرنى يا من لا تأتى إلى الكنيسة إلا فى يوم عيد، هل بقية الأيام ليست بأعياد؟ فالمسيحيون الحقيقيون يتناولون كل يوم من جسد الحمل، أى يأكلون يومياً جسد الكلمة ([186])].

[ما الفائدة من أن نكدح فى مناقشة بعض القضايا فى وقت يستخف بنا السامعون المنشغلون، والذين يقفون بالكاد فى حضرة كلمة الله، إلى جزء من ساعة، ليصلوا إلى لا شئ؟... يوجد من يفهمون بقلوبهم ما يقرأ، ويوجد آخرون لا يفهمون ما يقال على الإطلاق، بل عقولهم وقلوبهم مركزة على صفقات أعمالهم وعدد مكاسبهم. وماذا نقول بالأخص عن النساء، هل يمكنهن أن يفهمن بقلوبهن، بينما هن يثرثرن وينزعن بحكاياتهن الهدوء؟! ماذا يمكننى أن أقول عن عقولهن وقلوبهن، إن كانت أفكارهن منشغلة بأطفالهن واحتياجات منازلهن؟! ([187])].

[يغادر البعض الكنيسة بعد الاستماع إلى القراءات المختارة مباشرة، بل أن البعض لا ينتظرون فى صبر هذه القراءات، كما أن هناك آخرون لا يعلمون ما إذا كانت قد قُرئت أم لا، إذ هم منشغلون بقصص دنيوية فى الأركان البعيدة من بيت الرب ([188])].

13 - هل من ضرورة للتفسير الحرفى وأيضاً التفسير الأخلاقى وتجاهل التفسير الروحى والرمزى؟

أبدى أوريجينوس ضيقه لأن بعض أعضاء الشعب قد اعترضوا على أسلوب تفسيره للكتاب المقدس، وبالأخص اكتشافه الجوانب الروحية فيه، فى وقت صار فيه المعنى اللغوى (الأدبى) أو الأخلاقى بدأ يسود حديثاً. ففى إحدى عظاته قال: [إن رغبت فى الحفر بعمق للكشف عن (عروق) خفية من الماء الحىّ، فبمجرد شروعى فى ذلك سيهب (الفلسطينيون) للجهاد ضدى. يثيرون الجدال، ويوجهون إلى هجماتهم الحقودة. ثم يبدأون فى ردم آبارى بالتراب والطين ([189])].

كما قال: [لأنه إن كان يجب علىّ، طبقاً لما يراه بعض الناس ممن هم فى صفوفنا، أن أتبنى المعنى البسيط (المعنى اللغوى للكتاب المقدس)، وأن أتفهم بصوت يعطى الناموس بغير زخرفة لفظية أو مجاز مريب، فى سخريتهم بنا، فسأكون، أنا رجل الكنيسة، الذى يحيا تحت الإيمان، ويقف فى وسط الكنيسة، ملتزماً بسلطان الناموس الإلهى على تقديم ذبائح الكباش والحملان، وتقديم قرابين الدقيق مع البخور والزيت. أولئك الذين يلزموننا أن نقضى وقتنا فى سرد القصص وتطبيق الناموس حرفياً، هم الذين يصنعون ذلك بنا. لكن قد حان الوقت بالنسبة لنا، أن نستخدم كلمات سوسنة العفيفة ضد الشيخين المجردّين من المبادئ الأخلاقية، وهى كلمات يجحدونها ببترهم قصة سوسنة من قائمة الكتب المُوحى بها. أما نحن فنقبل هذه القصة كجزء من الكتاب، بل ونوجه إليهم كلماتها، إذ تقول: "الضيقات قد اكتنفتنى". لأنى إن أنا جاريتكم واتبعت الناموس بالمعنى اللغوى، "فالموت هو نصيبى". وإن لم أفعل "فلن أفلت من أيديكم ولكن الوقوع فى أيدكم بغير جريرة أفضل لى من أن أخطئ إلى الرب" (راجع دانيال 13: 22 - 23) ([190])].

[كان يوجد مؤمنون، عندما كان هناك الاستشهاد. فبمجرد عودتنا بعد تشييع الشهداء إلى المقابر، كنا نجتمع معاً. كانت الكنيسة بأسرها موجودة، ولكنها لم تكن فى حالة كرب على الإطلاق. كان الموعوظون يتلقون التعليم مع المعترفين، وبين المنتقلين الذين اعترفوا بالإيمان حتى الموت. لم يكن يشعر أحداً بأى قلق أو اضطراب، إذ كانوا مملوئين بالإيمان بالله الحىّ. كم من علامات رائعة شاهدناها حينذاك. كان عدد المؤمنون قليل، ولكنهم كانوا بالحقيقة مؤمنين، اجتازوا الطريق الضيق المؤدى إلى الحياة. أما وقد صرنا كثيرين، فقليلون حقاً هم المعترفون بالعقيدة المسيحية، الذين سوف يحظون بالاختيار الإلهى والتطويب ([191])].

[تحزن الكنيسة وتتنهد إذا تخلفت عن الاستماع إلى كلمة الله. فقد صار ذهابك إلى الكنيسة بالكاد مقتصراً على مناسبات الأعياد. وإذا ذهبت، فليس عن رغبة فى سماع الكلمة، بقدر ما هو للاشتراك فى مناسبة عامة ([192])].

14 - هل يليق بالراعى أن يداهن الشعب على حساب خلاص نفوسهم؟

يرفض العلامة أوريجينوس ذلك تماماً، ومن كلماته فى هذا الشأن: [كيف أزين باللؤلؤ آذاناً صماء لهؤلاء الذين تحولوا بعيداً؟ ([193])] وقوله: [ربما ترون فى هذا قسوة بالغة. لكن هل يمكننى أن أغطى أية مادة على حائط سوف ينهار؟ ([194])].


[157] [] عن القداس الإغريغورى بتصرف.

[158] [] St. Jerome: Epistle 3: 58.

[159] [] St. John Chrysostom: Conc. Stat. 11: 17.

[160] [] Homilies on Josh. , 3.

[161] [] Unity of the Church, 8; Epistle 4: 75.

[162] [] Epistle 40 to Cornelius.

[163] [] Epistle 43 to Antonius.

[164] [] Epistle 42 to Cornelius.

[165] [] Ephes. 5.

[166] [] Trall. 7.

[167] [] Against Celsus 48: 6; in Matt. 17: 14.

[168] [] Contra Cels. 6,48 ANF.

[169] [] Festal Letters 4: 5; 3: 7.

[170] [] In Lib. Issu Nave 5: 3 (Battenson, p. 3360 - 7).

[171] [] In Josh. Hom 5: 3.

[172] [] In Gen. Hom. 5: 2.

[173] [] In Matt. Hom. 3: 11; PG 908: 13A.

[174] [] De Oratione 14: 27; Koetschau, 373,14.

[175] [] In Num. hom. 2: 5 see also 2: 25.

[176] [] A. Harnack, Lehrbuch der Dogmengeschichte (4 ed. Rev. Tuebingen: J. Mohr, 1909) p. 439 sq. Ernest Latko, Origen's Concept of penance, Laval 1949, p. 69.

[177] [] In Gen. hom. 7: 1.

[178] [] Homilies on Leviticus 9: 9 (Cf. Frs. Of the Church).

[179] [] Homilies on Leviticus 3: 11 (Cf. Frs. Of the Church).

[180] [] Unity of the Church, 6.

[181] [] Homilies on Leviticus 2: 7 (see Frs. Of the Church).

[182] [] Homilies on Leviticus 2: 7 (see Frs. Of the Church).

[183] [] Homilies on Leviticus 2: 7 (see Frs. Of the Church).

[184] [] PG 1524: 13.

[185] [] Homily on Genesis 1: 10 (Heine, 157).

[186] [] Ibid. 3: 10 (Heine, 162 - 163).

[187] [] Ibid. , 3: 13 (Heine, 378).

[188] [] Homily on Exodus2: 12 (Heine, 369).

[189] [] Homily on Genesis 4: 12 (Heine, 180 - 81).

[190] [] Homily on 1 Samuel 28,1.

[191] [] Hom. On Jer. 3: 4; Joseph Wilson Trigg: Origen, SCM Press, 1985, p. 177 - 178.

[192] [] On Gen. Hom. , 1: 10; On Jer. Hom. , 7: 18 - 10; Carl A. Volz: Life and Practice in the Early Church, Minneapolis, 1990, p. 115.

[193] [] In Gen. hom 1: 10.

[194] [] In Gen. hom 1: 10.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الفصل السادس يا لسمو الكنيسة!

الفصل الرابع أعمال الكنيسة الفريدة

فهرس المحتويات
فهرس المحتويات

المحتويات