التقليد و الصوم 28 02 1989 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو – البابا شنودة الثالث

 

التقليد:

التقليد أقدم من الكتاب المقدس  و أن الكتاب المقدس لم يذكر لنا كل شىء و التقليد أكمل ما لم يذكره الكتاب المقدس. كل كلمات المسيح لم تصل الينا ولا كل تعاليم الرسل قد وصلت الينا ولا كتبت فى رسائل الرسل ما وضعه الرسل من أنظمة.

ما هو تعريف التقليد: التقليد هو كل تعليم لم يذكر فى الكتاب المقدس و وصل الينا عن طريق الرسل او عن طريق الاباء و لكنه لا يعارض الكتاب المقدس و ليس ضد تعليمه. أخوتنا البروتستانت لا يؤمنون بالتقليد و أيضا لا يؤمنون بأقوال الاباء ولا يلتزمون بها ولا يؤمنون بقوانين الكنيسة ولا بما وضعته المجامع المسكونية ولا المكانية و يقتصرون على الكتاب المقدس. لتحليل ذلك الفكر نحلله لنقاط:

اولا التقليد أقدم من الكتاب المقدس: أول شريعة وصلت الينا كتبت بواسطة موسى النبى بين 1400-1500 ق م, اذا كيف عاشت الكنيسة الاف السنين قبل تلك الشريعة المكتوبة.

ثانيا التعليم: مثال هابيل الصديق قدم ذبيحة فمن أين أخذ هابيل فكرة الذبيحة؟ و لم يكن هناك كتاب مقدس او شريعة مكتوبة, لاشك انه أخذ الفكرة عن طريق أدم و أدم أخذ الفكرة عن طريق الله نفسه. أذا التقليد موجود منذ أبينا أدم. بولس الرسول فى أول الرسالة الى العبرانيين 11: 4 “بالايمان قدم هابيل لله ذبيحة افضل من قايين” فكيف عرف هذا الا بالتقليد. أيضا جميع المحرقات التى قدمت و لم يكن يأكل منها أنسان و كانت النار تحرقها الى ان تتحول الى رماد من أين عرفوا “من التقليد” فالمحرقا تالتى قدمها نوح و أبرام و أسحق و يعقوب كلها وصلت الينا بالتقليد و من أين أخذوا فكرة بناء المذابح بالطبع بالتقليد. بعد الفلك نسمع ان نوح قدم من كل الحيوانات و الطيور الطاهرة ذبائح للرب, فمن أين أخذ فكرة ان تكون الحيوانات تكون من الحيوانات الطاهرة؟ بل مجرد معرفة الحيوانات الطاهرة او غير طاهرة من أين؟ تسلمه بالتقليد. نقرأ عن أبراهيم و ملكى صادق فى تكوين 14: 18 “ملكي صادق، ملك شاليم، أخرج خبزا وخمرا. وكان كاهنا لله العلي” فمن أين عرفت البشرية الكهنوت قبل الشريعة المكتوبة؟ و كيف قيل عن ملكى صادق انه بارك أبراهيم فى تكوين 14: 19 “وباركه وقال: «مبارك أبرام من الله العلي مالك السماوات والأرض” فكرة ان الكهنوت يبارك؟ الا بالتقليد. و نسمع فى نفس القصة فى تكوين 14: 20 “فأعطاه عشرا من كل شيء” أعطاء أبراهيم للعشور لملكى صادق الكاهن فمن أين عرف أبرهيم أعطاء العشور؟ ففى تلك الفترة لم تكن هناك وصية تقول أدفع العشور بل أتت فى أيام موسى النبى لكن أيام أبرام من أين عرف العشور و دفعها للكهنوت لابد انه استلمه بالتقليد. نسمع أيضا عن يعقوب أب الاباء لما رأى الرؤيا و السلم الواصل من السماء و الارض قال فى تكوين 28: 18-20 “بكر يعقوب في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودا، وصب زيتا على رأسه. ودعا اسم ذلك المكان «بيت إيل»، ولكن اسم المدينة أولا كان لوز. ونذر يعقوب نذرا قائلا: «إن كان الله معي، وحفظني في هذا الطريق الذي أنا سائر فيه، وأعطاني خبزا لآكل وثيابا لألبس” فيعقوب أستلم فكرة العشور عن أبينا أبراهيم و أبينا أبراهيم أخذها هكذا أيضا بالتقليد. الجميل فى رؤيا يعقوب أخذ الحجر الذى تحت رأسه و صب عليه زيت فلاول مرة نسمع عن بيت الله فمن أين عرفها يعقوب؟ و فكرة التدشين بأقامه الحجر و صب الزيت عليه من أين وصل ليعقوب فكرة التدشين لبيت الله و هذا التدشين يكون بواسطة الزيت؟ كل تلك الاحداث حدثت مع عدم وجود شريعة مكتوبة تتكلم عن أى من تلك الامور.

ما نقوله عن التقليد فى العهد القديم نقوله أيضا على العهد الجديد. فالتقليد المسيحى أقدم من الاناجيل, فالاناجيل كتبت بعد سنوات من أنتشار المسيحية و لم تكن هناك أناجيل فكيف عاش العالم المسيحى قبل كتابة الاناجيل؟ عاشوا عن طريق التسليم الرسولى و التقاليد الرسولية, فالرسل أخذوا من السيد المسيح و سلموا للناس و الناس لغيرهم. كما قال بولس الرسول فى تيموثاوس الثانية 2: 2 ” وما سمعته مني بشهود كثيرين، أودعه أناسا أمناء، يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضا” فبولس تسلم من السيد المسيح و من الرسل و سلم تيموثاوس و تيموثاوس سلم ناس أمناء و هم يسلموا أخرين. جيل يسلم جيل و هذا هو التقليد. لما بدأ الرسل بشارتهم لم يكن هناك أناجيل.

الكتاب المقدس لم يذكر كل شىء, فالرسل أختاروا بعض المعجزات و سجلوها و تركوا الباقى و أختاروا بعض أحاديث المسيح و سجلوها و تركوا الباقى. هذا الامر واضح فى أخر أنجيل يوحنا فى يوحنا 21: 25 ” و اشياء اخر كثيرة صنعها يسوع ان كتبت واحدة واحدة فلست اظن ان العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة امين” فليس كل الاحداث كتبت و يوحنا أختار 8 معجزات لم تذكر فى أى من الاناجيل الاخرى, فى عظة المفلوج كان يوعظ فى بيت مقفول و لم يذكر ما كان يقوله, كذلك فى المركب لا نعرف ما كان يقوله فيها و بعد القيامة نسمع أن المسيح قابل تلميذى عمواس فى لوقا 24: 27 ” ثم ابتدا من موسى و من جميع الانبياء يفسر لهما الامور المختصة به في جميع الكتب” فهنا القديس العظيم لوقا الانجيلى التفسير الذى قاله السيد المسيح لتلميذى عمواس من أيام موسى لايامه لم تكتب منه شىء لا لم يكتب. لو لوقا الرسول كتب الكلام الذى قيل لتلميذى عمواس كان وحده يكون كتاب و يكون أسمه المسيح من أول موسى و بكل النبؤوات. أيضا فى نفس الاصحاح فى لوقا 24 : 44-45 ” قال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به و انا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى و الانبياء و المزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب” ايضا لم يذكر هنا ما قاله السيد المسيح للتلاميذ ليفتح أذهانهم على النبوات و جميع الكتب و الانبياء و المزامير كل هذا لم يكتب لكنه وضعه التلاميذ فى أذهانهم و علموا به و وصل الينا عن طريق التقليد. السيد المسيح حسب أعمال 1: 3 ” الذين اراهم ايضا نفسه حيا ببراهين كثيرة بعدما تالم و هو يظهر لهم اربعين يوما و يتكلم عن الامور المختصة بملكوت الله” ما هى تلك الامور المختصة عن ملكوت الله لا نعرفها لان الاباء الرسل لم يكتبوها, ربما كان كلام للقادة و ربما كان كلام فى الطقوس و ربما كلام فى حياة الكنيسة فهل نلوم الرسل أنهم لم يكتبوه لا لان كان هناك أمور كانت تكتب و أمور كنت تعلم و تسلم و تحياها الكنيسة,أى ان التقليد وصل لنا على نوعين نوع داخل الكتب كتبه الرسل او علموه لتلاميذهم و تلاميذهم وصلوه من جيل لجيل و النوع الثانى سلموه للكنيسة فعاشت به و وجد فى حياة الكنيسة و ليس فى الكتب و مارسته الكنيسة و عاشته و وصل الينا. مثلا بولس الرسول يقول فى تيطس 1: 5 ” من اجل هذا تركتك في كريت لكي تكمل ترتيب الامور الناقصة و تقيم في كل مدينة قسوسا كما اوصيتك” تلك الامور لم يذكرها و كيف يقيم القسوس لم يذكر و ما هى الوصية التى اوصاه بها لم يقولها لكن عاشتها الكنيسة بانك ترى فى رشامة القسيس يقف و يتم وضع اليد عليه و يقول الصلاة فهنا هذا سلم للكنيسة و عاشته الكنيسة فليس بالضرورة كتابته فى كتبه لكنه وجد فى الحياة الخاصة بالكنيسة. فليس كل كلام الذى قاله السيد المسيح ضاع, لا لم يضع بل السيد المسيح قبل صعوده فى نهاية متى 28: 19-20 ” فاذهبوا و تلمذوا جميع الامم و عمدوهم باسم الاب و الابن و الروح القدس. و علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به و ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين” اى ليس ضرورى ما أوصاهم به ان يكتب فى كتب لا بل علموهم ان يمارسوه و يعيشوا فيه و هكذ وجد تقليد كتبه الرسل و تقليد علموه شفاهتا و سلم من جيل الى جيل و تقليد عاشته الكنيسة و أخذناه من حياة الكنيسة. من غير المعقول ان يقول لنا الرسل كيف نعمل القداس فالانجسل ليس كتاب طقوس لكن يعلموا الناس و يمارسوا و ندخل الكنيسة نمارس ما عاشته الكنيسة طبقا ل علموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به فهناك ما يحفظ بالعقل و هناك ما يحفظ بالممارسة. تدشين الكنائس من غير المعقول ان يكتب فى الانجيل كيف تدشن الكنائس سيكون محتاج خاص به وحده أيضا و من غير المعقول ان يكتب فى الانجيل كيف يرشم القسيس لكن أخذ بالتقليد فى الحياة الخاصة بالكنيسة. لذلك لو قلنا ان التقليد هو التعليم غير المكتوب نضيف اليه ان التقليد أيضا هو الحياة التى أستلمتها الكنيسة من الرسل و نفذتها و عاشتها و وصلت الينا. لاشك ان هذا الموضوع تدخل فيه الطقوس و الاسرار الكنسية و كل الليتورجيات التى تمارس. لو سئلنا أنفسنا هل معقول أن العظة على الجبل هى كل ما قاله السيد المسيح من عظات؟ أكيد لا لانه ظل يوعظ على مدى أكثر من 3 سنين فكل الوعظ لتلك الفترة اين هو. أكيد ليس فقط الموجود بالاربع أناجيل, الرسل حياتهم كلها كانت وعظ أين هو؟ لم يصل الينا منه شىء. مثال أخر يعقوب الرسول و هو قديس عظيم هل معقول كل تعليمه فى الكنيسة هو الخمس أصحاحات برسالته؟ يهوذا الرسول هل كل تعليمه هو الاصحاح الذى برسالته؟ غير معقول هذا, أين الباقى “سلم شفاها” و باقى الرسل أين تعليم مثلا يعقوب الكبير و برثلماوس و تداوس و فيلبس و توما؟ كل هذا لم يكتب بل حفظ فى حياة الكنيسة و التقليد. غير معقول ان تعليم الرسل ذهب هباء مع الريح. الذين ينكرون التقليد يضيعون معه التراث الضخم الذى ترك لنا من المسيح و من الاباء الرسل.

الرسل حفظوا كلام المسيح اليس من الجائز ان هناك أشياء نسيوها جائز لكن المسيح قال فى يوحنا 14: 26 ” وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم” فالروح القدس يذكرهم و طبعا لا يعودوا ينسوه ثانيا بل يعلموه للناس و الناس يسلموه من جيل الى جيل. اذا التقليد ليس أختراع نحن نخترعه او ندعيه او صنع بشر لكنه تعليم الهى سلمه المسيح للرسل و الرسل سلموه الى تلاميذهم و تلاميذهم الى أناس أمناء أكفاء ان يعلمو أخرين و هكذا بدأ ينتشر. الرسل لم يكتبوا كلهم و ما قالوه لم يكتب كله, نحن نسمع مثلا ان بولس الرسول أول مره بدأ يوعظ حتى نصف الليل و أفتيخوس وقع من الطاقة فالكتاب ذكر أن أفتيخوس وقع لكنه لم يذكر ما قاله بولس حتى نصف الليل, هل كل هذا الكلام ضاع!! تكون خسارة للكنيسة بالتأكيد لم يضيع بل الكنيسة كانت تحفظ هذا الكلام فى قلبها و كانت تعلمه لاولادها و كانت تعيشوه و يظهر فى حياتها التى تنتقل من جيل لجيل فى حياة الكنيسة. رشك ان الرسل وضعوا أنظمة للكنيسة و هذه الانظمة الموضوعة للكنيسة لم تكتب فى كتب. القديس يوحنا الرسول فى رسالته الثانية 1: 12 ” اذ كان لي كثير لاكتب اليكم لم ارد ان يكون بورق و حبر لاني ارجو ان اتي اليكم و اتكلم فما لفم لكي يكون فرحنا كاملا” يفهم منها انهم كانوا يفضلون التعليم الشفاهى أكثر من التعليم المكتوب, هل هذا التعليم الشفاهى ضاع؟ غير ممكن لوجود الكنيسة لان الكنيسة هى مستودع حى لكلام السيد المسيح و كلام الرسل و كلام الاباء. حياة الكنيسة هى تقليد عملى و حى و نحياة كل يوم و التعليم لا يقف على الحبر و الورق. لو طلب أحد منك كل حاجة لازم أية من الكتاب نقوله هو الكتاب ذكر كل شىء دعنا نرى فالكتاب نفسه قال انه لم يذكر كل شىء. فى رسالة يوحنا الثالثة 1: 13-14 ” و كان لي كثير لاكتبه لكنني لست اريد ان اكتب اليك بحبر و قلم.  و لكنني ارجو ان اراك عن قريب فنتكلم فما لفم” هل تعليم الرسل هنا ضاع؟ أكيد لا

الكلام الذى قاله السيد المسيح و الذى قاله الرسل تحول الى حياة مثل ما قال السيد المسيح فى يوحنا 6: 63 ” الكلام الذي اكلمكم به هو روح و حياة” وصار حياة فى الكنيسة و أستلمنا هذه الحياة. نقرأ مثلا عن سر الافخارستيا ما يقوله بولس الرسول فى رسالته الاولى لاهل كورنثوس 11: 23 ” لانني تسلمت من الرب ما سلمتكم ايضا ان الرب يسوع في الليلة التي اسلم فيها اخذ خبزا” نقف هنا يا أبانا القديس بولس كيف تسلمت هذا و كيف و أين؟؟ الكتاب المقدس لم يذكر, ليس كل الاشياء كتبت. قال فى نفس الاصحاح بينما شرح فى أعمال الرسل ان المسيح ظهر لبولس و انه مجرد قيل ان الرب دعاه لكن واضح أنه ظهر له ثانيا و سلمه ما كتبه فى كورنثوس الاولى 11 أين ظهر له؟ لم يذكر فليس كل الاشياء كتبت. فى نفس الاصحاح كورنثوس الاولى 11: 34 ” اما الامور الباقية فعندما اجيء ارتبها” بالطبع ذهب و رتب ما قال عنه هنا و هل هذه الامور كتبت هنا لا و لكنها تم ترتيبها و عاشته الكنيسة. من الامثلة الواضحة تحويل السبت الى الاحد واضح فى الوصايا العشر فى خروج 20: 8 “أذكر يوم السبت لتقدسه” و تثنية 5: 12 ” احفظ يوم السبت لتقدسه” لكن بصراحة لا توجد أية صريحة تقول أذكر يوم الاحد لتقدسه, أذا من أين عرفنا موضوع تقديس يوم الاحد من التقليد تحول السبت الى الاحد و عاشت الكنيسة بالاحد بأستمرار حتى الان, لن تجد أية صريحة لكن تجد حياة صريحة للكنيسة بالتقليد. هناك تعاليم لا تكتب لكن تمارس.

ما أسم الساحريين الموجودين أيام موسى النبى؟ موجودة فى تيموثاوس الثانية 3: 8 “وكما قاوم ينيس ويمبريس موسى. كذلك هؤلاء أيضا يقاومون الحق” من أين أتى بولس الرسول بأسمائهم وهى غير مكتوبه فى أسفار  موسى الخمسة ؟؟؟ من التقليد و هو الحل الوحيد ليعرف بولس. فى رسالة يهوذا 1: 9 ” و اما ميخائيل رئيس الملائكة فلما خاصم ابليس محاجا عن جسد موسى لم يجسر ان يورد حكم افتراء بل قال لينتهرك الرب” من أين وجد يهوذا هذا الكلام وهو غير مذكور فى العهد القديم؟؟ من التقليد.]أذا هناك حقائق أثبتها الرسل أنها حدثت بالعهد القديم و لم تكتب بالعهد القديم[ يكمل أيضا فى نفس الرسالة فى رسالة يهوذا 1: 14 ” و تنبا عن هؤلاء ايضا اخنوخ السابع من ادم قائلا هوذا قد جاء الرب في ربوات قديسيه” هذه لم تذكر من قبل فى العهد القديم أيضا فكل ما ذكر عن أخنوخ فى العهد القديم فى تكوين 5: 24 ” وسار أخنوخ مع الله، ولم يوجد لأن الله أخذه” لكن كون أن أخنوخ تنبأ و ما تلك النبؤة لم تذكر فى العهد القديم؟؟ من جيل الى جيل عبر التقليد. كذلك فى رسالة يهوذا 1: 11 ” ويل لهم لانهم سلكوا طريق قايين و انصبوا الى ضلالة بلعام لاجل اجرة” ضلالة بلعام جاءت فى سفر العدد أصحاح 24 و 25 لا تعرف ما هى ضلالته بالتحديد لكن نجد هنا عنها و كذلك فى رسالة بطرس الثانية 2: 15 ” قد تركوا الطريق المستقيم فضلوا تابعين طريق بلعام بن بصور الذي احب اجرة الاثم” و فى سفر الرؤيا 2: 14 ” و لكن عندي عليك قليل ان عندك هناك قوما متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق ان يلقي معثرة امام بني اسرائيل ان ياكلوا ما ذبح للاوثان و يزنوا” تلك التفاصيل لم تذكر بسفر العدد لكنها وصلت عن طريق التقليد. يتكلم بولس الرسول فى رسالته للعبرانيين 12: 21 ” كان المنظر هكذا مخيفا حتى قال موسى انا مرتعب و مرتعد” و لم تذكر فى العهد القديم من قبل لكن وصلت بالتقليد.

التقليد له فوائد كثيرة فبه عرفنا الكتاب نفسه, فالذى يقول لك لى بالكتاب و ليس بالتقليد تقول و كيف عرفت الكتاب؟ الا بالتقليد فمن قال لك ان الاناجيل هى متى و مرقس و لوقا و يوحنا؟ غير بالتقليد الكنيسة هى التى قالت لك هذا لكن هل فى أية فى الكتاب المقدس تقول الاناجيل هى متى و مرقس و لوقا و يوحنا بالطبع لا توجد فلم نعرفها كأية و لكن بالتقليد. و بالتقليد وصلت الينا قواعد الايمان و الطقوس و الاسرار و كل التراث القديم حتى تفسير الكتاب لان لو ترك كل شخص لتفسيره الخاص لتعددت وجهات التفاسير و وجدت مدارس متعددة لكن التقليد حدد لنا التقليد. بالتقليد عرفنا علامة الصليب فمن قال لنا علامة الصليب و لا كيف يرشم الصليب او حتى طريقة الرشومات؟؟ هى غير موجودة بالكتاب المقدس. بالتقليد أيضا وصلت لنا وحدة الزيجة ممكن أستنتاجها من أيات لكن الكنيسة مارستها و وصلت الينا بالتقليد. أيضا وصلت الينا الصلاة على المنتقلين كيف تكون عن طريق التقليد فكل ما نعرفه من بولس عندما يقول فى تيموثاوس الثانية 1: 16-18 ” ليعط الرب رحمة لبيت انيسيفورس.. ليعطه الرب ان يجد رحمة من الرب في ذلك اليوم” لكن طقس الصلاة على المنتقلين لم يكتب. طقوس السيامات عرفناها عن طريق التقليد و غيرها.

لابد أن نفرق بين تقليد و تقليد فأخوتنا البروتستانت يأخذون الايات التى فيها السيد المسيح ينتقد التقاليد الباطلة و الخاطئة التى أخترعها اليهود و يطبقوها على كل التقليد. بالطبع لا فنحن لا نوافق عليها ففى متى 15: 3-6 ” فأجاب وقال لهم: وأنتم أيضا، لماذا تتعدون وصية الله بسبب تقليدكم… فقد أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم” فمن اللطيف و العجيب أيضا أن أخوتنا البروتستانت فى ترجمتهم للكتاب المقدس كل كلمة بمعنى تقليد يترجموها تعليم و عندما يأتوا للتقاليد المرفوضة التى أنتقدها المسيح يترجموها تقليد!!! هى نفس الكلمة هنا تكتبوها تعليم و هنا تقليد؟ لمهاجمة التقليد. نحن لا ننادى بالتقليد الذى قال به الناس او أخطأوا فيه او كانوا ضد وصية الله, أما التقليد عندنا له مصادره الالهية ولا يتعارض مطلقا مع تعاليم الكتاب و هذا من شروط التقليد الا يتعارض مع شروط الكتاب.

الصوم:

يقول أخوتنا البروتستانت ان من يريد أن يصوم يصوم فى الخفاء كما فى متى 6: 16-17 ” ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين، فإنهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين. الحق أقول لكم: إنهم قد استوفوا أجرهم. وأما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واغسل وجهك” وأن الصيام ليس لكل الناس و كما لو كان الصيام مسئلة شخصية او عبادة فردية ولا توجد أصوام عامة, يحتجون أيضا بما جاء فى كولوسى 2: 16-17 ” فلا يحكم عليكم احد في اكل او شرب او من جهة عيد او هلال او سبت. التي هي ظل الامور العتيدة و اما الجسد فللمسيح” و أيضا ينكرون الطعام النباتى الذى نأكله بالصوم و يعتمدوا على ما ورد فى تيموثاوس الاولى 4: 1-3 ” في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة و تعاليم شياطين … امرين ان يمتنع عن اطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين و عارفي الحق” سيتم الرد على كل نقطة:

أولا الصوم فى السر: ينبغى أن نفرق بين الصوم الخاص و الصوم العام, الصوم الخاص يكون فى السر و لا تظهر للناس صومك و لكن هناك أصوام عامة لجميع الشعب. مثل ما هناك صلوات خاصة ذكرت فى نفس الاصحاح متى 6 تدخل الى مخدعك و تصلى فى الخفاء و هذه الصلاة لا تمنع الصلاة العامة للمؤمنين معا, مثل عندما صلت الكنيسة كلها لبطرس عندما كان فى السجن و صلت من أجل أن يرفع الله الاضطهادات و صلت بروح واحد و نفس واحدة حتى تزعزع المكان من صلاتهم. فالصلاة العامة لا تمنعها الصلاة الخاصة و كما هناك توجد صدقة خاصة فى متى 6: 3 “فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك” و فى نفس الوقت هناك صداقات عامة مثل عندما داوود جمع تبرعات لبناء الهيكل و قال أن الشعب كله فرح و مثال أخر وضع الصدقات فى الهيكل أيام المسيح و قصة المرأة صاحبه الفلسيين, فهناك صدقة فى الخفاء و صلاة فى الخفاء و صوم فى الخفاء و يوجد صلوات عامة و صداقات عامة و أصوام عامة. فهذه الاصوام الكنسية هى العبادة العامة المشتركة أو الحياة العامة فى الكنسية فكانوا يحضروا معا و يكسروا الخبز معا و كل واحد يضع امواله عند أقدام الرسل فكانت عبادات عامة. الذين يقصرون العبادة على العبادة الخاصة ينكرون العبادة العامة و هى موجودة كثير بالكتاب المقدس.

الصوم العام موجود مثل الصوم فى قصة أستير كان صوم خاص أم عام ففيه صام الشعب كله فهل يقول لا تصومى حتى لا يعرف الناس أنك تصومين, الناس تعرف أنك صائم لما تعلن للناس صومك الخاص لكن لو الشعب كله صائم فأنت لا تعلن شىء. أذا أردت أن تخفى تقدر أن تخفى درجة الصوم, هل بالصوم الكبير مثلا يأتى شخص و يقول لا أريد أحد أن يعرف أنى صائم!!! تأتى مثلا أمام الناس و تأكل جبنة حتى لا تظهر صومك! لا لان مادام الشعب كله صائم تكون تلك عبادة عامة الكل يشترك فيها بروح واحد. صوم أستير كان صوما عاما و صوم أهل نينوى كان صوم عاما للشعب كله من الملك حتى الاجير, الصوم أيام يوئيل قال فى يوئيل 1: 14 “قدسوا صوما نادوا باعتكاف”, الصوم الذى فرضه نحميا فى نحميل 9: 1 ” في اليوم الرابع والعشرين من هذا الشهر اجتمع بنو إسرائيل بالصوم، وعليهم مسوح وتراب” و الصوم فى عزرا 8: 21 ” وناديت هناك بصوم على نهر أهوا لكي نتذلل أمام إلهنا لنطلب منه طريقا مستقيمة لنا ولأطفالنا ولكل مالنا.” فكل تلك كانت أصوام عامة للشعب كله.

فكما توجد أصوام شخصية فهناك أصوام عامة. هناك أيضا صوم الرسل فالسيد المسيح قال فى لوقا 5: 35 ” لكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام” و فى مرقس 2: 20 ” لكن ستأتي أيام حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون في تلك الأيام” أذا الكل سيصوم و لن يصوموا فى الخفاء و فى أختيار شاول و برنابا فى أعمال الرسل 13: 2-3 ” بينما هم يخدمون الرب و يصومون قال الروح القدس افرزوا لي برنابا و شاول للعمل الذي دعوتهما اليه. فصاموا حينئذ و صلوا و وضعوا عليهما الايادي ثم اطلقوهما” اذا كان هناك صوم عمومى و كذلك صوم بولس و ركاب السفينة فى أعمال الرسل 27: 21 ” فلما حصل صوم كثير حينئذ وقف بولس في وسطهم” كل تلك أصوام عامة لا تمنع أطلاقا الاصوام الخاصة و من يريد يستطيع أن يخفى درجة صومه. تلك الاصوام العامة لا يوجد فيها رياء و لا ينطبق عليها ما قيل فى متى 6 لان الشعب كله صائم و أنما هى أصوام تدل عن وحدة الروح و الشركة فى العبادة و أن الشعب كله يقدم عبادة واحدة لله.

نقطة أن الاصوام فى أيام محددة هل هى تعليم كتابى؟ نجد فى سفر زكريا 8: 19 “هكذا قال رب الجنود: إن صوم الشهر الرابع وصوم الخامس وصوم السابع وصوم العاشر يكون لبيت يهوذا ابتهاجا وفرحا وأعيادا طيبة” اليست تلك أصوام محددة بالكتاب المقدس و كون ان الكنيسة تنظم العبادة العامة ليس أمرا عجبا او بدعة و فى العبادة الخاصة تخص كل شخص لكن العبادات العامة لابد ان تكون منظمة.

نقطة كولوسى 2: 16 فى انه لا يحكم احد فى أكل او شرب, فبولس الرسول لم يكن هنا يتكلم عن الصوم أطلاقا بل لما قامت المسيحية ظهرت حركة تسمى تهويد المسيحية بأدخالهم للعادات اليهودية فى الحياة المسيحية فتكون مسيحية تؤم نبالفداء و الكفارة و الثالوث و غيرها و معها أصوام اليهود و أعياد اليهود و السبت اليهودى و الختان اليهودى و تكون خليط بين اليهودية و المسيحية, فبولس الرسول يقول هنا ” فلا يحكم عليكم احد في اكل او شرب او من جهة عيد او هلال او سبت, التي هي ظل الامور العتيدة و اما الجسد فللمسيح ” و تلك هى الامور اليهودية وليس عن الصوم بل عن أن لا يأتى احد يقول انه غير مسموح لك بأكل معين لانه نجس و مسموح بأخر لانه طاهر هنا تحكم طبقا للعادات اليهودية و ذكره أيضا فى الاية هلاب لان اليهود كانوا يحتفلون أوائل الشهور اليهودية و مع ظهور الهلال له عيد لديهم, يكمل فى باقى الاية أن تلك الامور كانت رموزلما يأتى فى العهد الجديد, فهنا الكلام على حركة تهويد من جهة نجاسات و التطهير و الاعياد اليهودية و أوائل الشهور و تم الرد عليها فى الرؤيا التى رأها بطرس الرسول فى أعمال الرسل 11: 9 ” فأجابني صوت ثانية من السماء: ما طهره الله لا تنجسه أنت” اذا لا يحكم أحد عليكم بشىء أنه نجس او طاهر للاكل.

نقطة الطعام النباتى الذى نأكله فى كتاب روحانية الصوم هناك فصل طويل عن هذا الموضوع, و بأختصار فأدم و حواء كانا يأكلان أكل نباتى من الثمار و البقول كما ذكر فى تكوين 1, لم يصرح بأكل اللحم الا بعد خروج نوح من الفلك فى تكوين 9: 3 ” كل دابة حية تكون لكم طعاما. كالعشب الأخضر دفعت إليكم الجميع” و عندما قاد الله الشعب فى البرية أعطاهم المن و هى مثل فطائر بزيت فهو أيضا أكل نباتى و لما تذمروا على الله وطلبوا لحم غضب الله و أعطاهم اللحم مع ضربة من أجل شهوة اللحم و مات منهم عدد كبير و سموا هذا المكان ” قبروت هتأوة” و تعنى قبور الشهوة فى عدد 11: 33-34 ” وإذ كان اللحم بعد بين أسنانهم قبل أن ينقطع، حمي غضب الرب على الشعب، وضرب الرب الشعب ضربة عظيمة جدا. فدعي اسم ذلك الموضع «قبروت هتأوة» لأنهم هناك دفنوا القوم الذين اشتهوا.” و نجد أيضا مثال للاكل النباتى فى أكل دانيال و الثلاثة فتية فى دانيال 1: 12 ” فليعطونا القطاني لنأكل وماء لنشرب” و نجده أيضا فى دانيال 10: 2-3 ” في تلك الأيام أنا دانيآل كنت نائحا ثلاثة أسابيع أيام. لم آكل طعاما شهيا ولم يدخل في فمي لحم ولا خمر” فيقول انه لم يأكل لحم و لا طعاما شهيا, ففى صومك لو أكلت شيكولاتة صيامى, بسكوت صيامى, حلويات صيامى ينطبق عليك طعاما شهيا هنا. نقطة الامتناع عن أطعمة معينة التى ذكرت فى تيموثاوس الاولى 4: 3 “امرين ان يمتنع عن اطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين” نجد أن الكلام لا ينطبق علينا أبدا فهو أولا يقول فى الايام الاخيرة و نحن نمارس الصوم ليس حديثا و الرسول يقول هنا فى تيموثاوس الاولى 4: 1-3  ” أنه في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة و تعاليم شياطين. مانعين عن الزواج و امرين ان يمتنع عن اطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين” فنحن لا نمنع الزواج و تلك البدع على من يحرمون أطعمة معينة أى يعتبروا تلك الاطعمة نجسة من يأكلها يتنجس لكن نحن لا نمنع عن الاطعمة بدليل ان الاشياء التى نمتنع عنها فى الاصوام نأكلها كلها, فالذين يحتجون بهذه الاية لابد أن يفرقوا بين النسك و التحريم. فالرهبان يمتنعون عن الاطعمة ليس لانها نجسة فى ذاتها انما ذهدا و نسكا. مثال لما قال دانيال أنه كان صائما و نائحا ثلاثة أسابيع و لم يدخل فمى لحم ولا خمر ولا طعاما شهيا نقول له وقعت فى بدعة أواخر الايام!! لا لكنها نسكا و ذهدا فى فترة الصوم, مثال أخر يوحنا المعمدان كان طعامه بسيطا نقول انت امتنعت عن الاطعمة و وقعت فى بدعة أخر الايام!! هذا الاية تقال عن المانيين الذين كانوا يحرموا الزواج و الخمر و اللحم بينما نحن لا نحرمهم.

نتيجة ترك الصوم العام للعبادة الفردية أنتهت الى أهمال الصوم نهائيا. فحاليا الصوم غير موجود عند البروتستانت و صار تقريبا أيضا ليس له وجود عند الكاثوليك, نحن الكنيسة المحافظة على القديم و لم نترك الصوم للعبادة الفردية والا لانتهى الصوم لكن الكنيسة كلها تصوم بروح واحد و قلب واحد وفكر واحد كما كانت هناك أصوام فى العهد القديم عامة.

مواهب التكلم بألسنه 04 03 1989 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو - البابا شنودة الثالث

أسئلة متنوعة جزء 2 21 02 1989 محاضرات الكلية الإكليريكية فيديو - البابا شنودة الثالث

محاضرات الإكليريكية - 1988-1989 - البابا شنودة الثالث
محاضرات الإكليريكية - 1988-1989 - البابا شنودة الثالث