الأصحاح الرابع عشر – سفر زكريا – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع عشر

نرى في هذا الإصحاح خراب الأمة اليهودية وأورشليم في أيام النهاية وما يصاحب ذلك من تدخل الله ليساند الذين آمنوا به من شعب اليهود أي البقية، وما يصاحب هذا من ظواهر عجيبة. ثم كلمة ختامية عن بركات الكنيسة، وحرمان غير المؤمنين من هذه البركات،.

العدد 1

آية (1): -

"1هُوَذَا يَوْمٌ لِلرَّبِّ يَأْتِي فَيُقْسَمُ سَلَبُكِ فِي وَسَطِكِ.".

هوذا يوم = لا يعني هذا يوم محدد بأربعة وعشرين ساعة، ولكن يفهم هذا بأن الأحداث الآتية ستتحقق حتى وإن طال الإنتظار، ولكن هناك وقت محدد لهذه الأحداث في علم الله. وفي هذا اليوم يكون سقوط رهيب لأورشليم فيقسم سلبك في وسطك = دلالة نهايتها التامة، فعادة يقتسم الجنود ما سلبوه خارج المدن حتى لا يهاجمهم أهل المدينة، ومعنى في وسطك أن الشعب في المدينة إما قتل أو في حالة لا تخيف أحد، وهذا ما ذكره في الإصحاح السابق من أن الثلثين يقطعان ويموتان، والثلث يبقى فيها لكن يدخل إلى النار. وقد إنتهت أمة اليهود كهنوتياً يوم الصليب يوم إنشق حجاب الهيكل وإنتهت كدولة سنة 70م على يد تيطس، لكن يبدو أن قصة خراب أورشليم ستتكرر فى نهاية الأيام.

العدد 2

آية (2): -

"2 وَأَجْمَعُ كُلَّ الأُمَمِ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِلْمُحَارَبَةِ، فَتُؤْخَذُ الْمَدِينَةُ، وَتُنْهَبُ الْبُيُوتُ، وَتُفْضَحُ النِّسَاءُ، وَيَخْرُجُ نِصْفُ الْمَدِينَةِ إِلَى السَّبْيِ، وَبَقِيَّةُ الشَّعْبِ لاَ تُقْطَعُ مِنَ الْمَدِينَةِ.

في الأيام الأخيرة سيتكرر مشهد سقوط أورشليم، وكأن سقوطها بيد تيطس كان رمزاً لما سيحدث في الأيام الأخيرة، حين يجتمع أمم كثيرة ضد أورشليم (حز38، 39). وبقية الشعب لا تقطع من المدينة = بالنسبة لأيام تيطس فقد هرب المسيحيين بمعجزة من حصار أورشليم حينما إنسحب الجيش الروماني لعدة ساعات، وتذكر المسيحيين الآيات (مت15: 24، 16) فهربوا. وبعد عدة ساعات عاد الجيش الروماني لحصار أورشليم حتى سقوطها المروع الذي قتلوا فيه ما يقرب من المليون يهودي بعد مجاعة رهيبة. وبالنسبة للأيام الأخيرة قد تعني الآية أن المؤمنين من اليهود (البقية) الذين سيؤمنون بالمسيح سينقذهم الله بطريقة خاصة. وروحياً فمن يؤمن بالمسيح يحيا وتكون له حياة أبدية ولا يقطع، أما من يستمر في عناده يسقط في سبي إبليس.

العدد 3

آية (3): -

"3فَيَخْرُجُ الرَّبُّ وَيُحَارِبُ تِلْكَ الأُمَمَ كَمَا فِي يَوْمِ حَرْبِهِ، يَوْمَ الْقِتَالِ.".

هذه الصورة متطابقة مع التفصيل الموجود في (حز38، 39) وهي أن هناك ممالك كثيرة ستقوم بغزو أورشليم التي سيمتلكها اليهود في عدم إيمان بالمسيح، وسوف ينجح الغزو في بدايته فتؤخذ المدينة وتفضح النساء ثم يتدخل الله ويحارب تلك الأمم حينما يَكْمَل دخول البقية من اليهود بالمسيح الذي طعنوه. وستعرف هذه البقية من اليهود المسيح كما عرف إخوة يوسف أخوهم الذي باعوه.. "أنا يسوع الذي بعتموه لبيلاطس" وقد يكشف المسيح نفسه لهم فيؤمن الكثيرين كما آمن بولس بالمسيح حين ظهر له. والله قد حفظ اليهود هذه السنين كلها لأن له بقية ستؤمن به في هذه الأيام الأخيرة، ومن أجل وعوده لأبائهم.

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

"4 وَتَقِفُ قَدَمَاهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ الَّذِي قُدَّامَ أُورُشَلِيمَ مِنَ الشَّرْقِ، فَيَنْشَقُّ جَبَلُ الزَّيْتُونِ مِنْ وَسَطِهِ نَحْوَ الشَّرْقِ وَنَحْوَ الْغَرْبِ وَادِيًا عَظِيمًا جِدًّا، وَيَنْتَقِلُ نِصْفُ الْجَبَلِ نَحْوَ الشِّمَالِ، وَنِصْفُهُ نَحْوَ الْجَنُوبِ. 5 وَتَهْرُبُونَ فِي جِوَاءِ جِبَالِي، لأَنَّ جِوَاءَ الْجِبَالِ يَصِلُ إِلَى آصَلَ. وَتَهْرُبُونَ كَمَا هَرَبْتُمْ مِنَ الزَّلْزَلَةِ فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا. وَيَأْتِي الرَّبُّ إِلهِي وَجَمِيعُ الْقِدِّيسِينَ مَعَكَ.".

في تدخل الله الإعجازي لينقذ المؤمنين، قد تتحقق هذه الآيات حرفياً، وينشق جبل الزيتون، فمن نقل جبل المقطم يوماً قادر أن يشق جبل الزيتون. ومن شق البحر الأحمر لينجي شعبه، قد يصنع ذلك فعلاً لينجي شعبه، وليظهر لهم قوته ليؤمنوا به. وحين ينشق الجبل يهربون إلى جواء جبالي = أي وادي الجبال ويصلون إلى آصل = آصل = أي مكان منعزل. وهذا المكان المنعزل أعده الله للبقية التى آمنت به ليهربوا من الضربات التى سوف تحدث.

وتهربون من الزلزلة = وربما تكون هذه الزلزلة هي التي أدت لشق جبل الزيتون، وبهذا يسهل الله لهم طريقاً للهرب من أعدائهم بينما أن هذه الزلزلة نفسها تكون دماراً على أعدائهم "(في بعض الزلازل تنشق الأرض وتبتلع مدناً بكاملها).

وهناك تأمل روحي في هذه الآيات: (لأبونا القمص تادرس يعقوب) فجبل الزيتون هو الجبل الذي صعد منه الرب يسوع إلى السماء، وبعد المسيح زال السياج الذي كان يفصل بين اليهود وبين الأمم فأورشليم كانت محاطة بجبال، ومنها جبل الزيتون، كأن اليهود كانوا معزولين عن العالم، ولكن بعد صعود المسيح إنشق هذا الحاجز (أف14: 2) المرموز له بشق جبل الزيتون. وأصبح هناك وادٍ أي طريق متسع يسمح للجميع بدخول أورشليم أي الكنيسة. والمؤمنين غرسوا كأشجار زيتون فهم مملوئين من الروح القدس (الزيت رمز للروح القدس). وهؤلاء المؤمنين كالعذارى الحكيمات أو كالعذارى الجاهلات. فالحكيمات آنيتهن مملوءة زيتاً منتظرين العريس القادم من الشرق، والجاهلات آنيتهن فارغة، وليس لديهم هذا الإشتياق فهم في الغرب، وهذا معنى أن الجبل إنشق ناحية الشرق أي المنتظرين المسيح بفرح. وأما الغرب فهم الرافضين للمسيح. ونصف المؤمنين المنتظرين المسيح يكونون في حرارة روحية (يعبر عنها وجودهم في الجنوب الحار) والنصف الآخر في برودة روحية (يعبر عنها وجودهم في الشمال البارد). والمؤمنين الحقيقيين يهربون من شر هذا العالم إلى جواء جبالي (إلى وادي الجبال) أي كنيسة العهد الجديد كنيسة السماويات، وهذه الكنيسة تصل إلى آصل أي مكان منعزل فهم إذاً يحيون كغرباء في هذا العالم، فالمسيح دعا المؤمنين وأفرزهم لنفسه. وهؤلاء المؤمنين يهربون من الزلزلة أي من غضب الله على العالم. فالزلزلة التي حدثت أيام عزيا، كانت رهيبة، ولذلك ذكرها عاموس النبي (عا1: 1) ولدرجة أن زكريا يذكرها بعدما حدثت بمئات السنين. وقد تكون هذه الزلزلة قد حدثت بسبب خطية عزيا وتعديه على الكهنوت. وأيضاً فقد أصاب البرص عزيا بسبب فعلته.

ويأتي الرب إلهي وجميع القديسين معك = إيمان اليهود في الأيام الأخيرة علامة النهاية ومجيء المسيح الثاني الذي فيه يأتي مع ملائكته وقديسيه. ولنلاحظ أن بين المؤمنين الحقيقيين المملوئين زيتاً، والآخرين الفارغين هوة عظيمة يمثلها الوادي العظيم بين نصفي الجبل. فالمؤمنين الحقيقيين ينتظرون مجيء الرب يسوع قائلين "آمين تعال أيها الرب يسوع"، أما غيرهم فيهربون من مجرد ذكر هذا اليوم لرعبهم منه. وكون أن إيمان البقية من اليهود علامة على نهاية الأيام والمجيء الثاني للرب يسوع على السحاب نجدها في (رو15: 11). وأيضا قال الرب يسوع "هوذا بيتكم يترك لكم خرابا. لاني اقول لكم انكم لا ترونني من الان حتى تقولوا مبارك الاتي باسم الرب" (مت23: 38، 39).

الأعداد 6-11

الآيات (6 - 11): -

"6 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّهُ لاَ يَكُونُ نُورٌ. الْدَّرَارِي تَنْقَبِضُ. 7 وَيَكُونُ يَوْمٌ وَاحِدٌ مَعْرُوفٌ لِلرَّبِّ. لاَ نَهَارَ وَلاَ لَيْلَ، بَلْ يَحْدُثُ أَنَّهُ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ يَكُونُ نُورٌ. 8 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ مِيَاهًا حَيَّةً تَخْرُجُ مِنْ أُورُشَلِيمَ نِصْفُهَا إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ، وَنِصْفُهَا إِلَى الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ. فِي الصَّيْفِ وَفِي الْخَرِيفِ تَكُونُ. 9 وَيَكُونُ الرَّبُّ مَلِكًا عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ الرَّبُّ وَحْدَهُ وَاسْمُهُ وَحْدَهُ. 10 وَتَتَحَوَّلُ الأَرْضُ كُلُّهَا كَالْعَرَبَةِ مِنْ جَبْعَ إِلَى رِمُّونَ جَنُوبَ أُورُشَلِيمَ. وَتَرْتَفِعُ وَتُعْمَرُ فِي مَكَانِهَا، مِنْ بَابِ بِنْيَامِينَ إِلَى مَكَانِ الْبَابِ الأَوَّلِ، إِلَى بَابِ الزَّوَايَا، وَمِنْ بُرْجِ حَنَنْئِيلَ إِلَى مَعَاصِرِ الْمَلِكِ. 11فَيَسْكُنُونَ فِيهَا وَلاَ يَكُونُ بَعْدُ لَعْنٌ. فَتُعْمَرُ أُورُشَلِيمُ بِالأَمْنِ.".

هذه آيات كلها وعود بالبركة وإنتشار ملكوت الله، وكل هذا بدأ بيوم الصليب، ولكن كل ما حصلنا عليه حتى الآن، ما هو إلا عربون لما سوف نحيا فيه في الأبدية. وطالما كان الكلام السابق على المجيء الثاني، نفهم أن ما يتحدث عنه هنا هو أمجاد السماء، وما سيحدث بعد المجيء الثاني، حين يخضع الجميع للآب بعد إنتهاء صورة هذا العالم (1كو28: 15).

لا يكون نور. الدراري تنقبض.. لا نهار ولا ليل.. وقت المساء يكون نور = وهذا حدث يوم الصليب حيث صارت ظلمة على الأرض، وإنطفأت أنوار الدراري (أي النيرات وهي الشمس والقمر). فلم يكن هناك نهار لأن ظلمة كالليل جاءت، ولم يكن ليل فهو وقت نهار. وبالصليب إنتهى العهد القديم المشار له بالمساء، فظلمة العهد القديم إنقشعت بالصليب فكان نور العهد الجديد. وعموماً فالكنيسة تقابل إضطهادات كثيرة عبر الزمن، ولكن وسط ليل هذه الألام هناك دائماً نور وتعزية ورجاء يغلب الضيقات، وهذه بعض بركات الصليب التي نحصل عليها في حياتنا على الأرض، لكن كل ما نحصل عليه ما هو إلا عربون لما سنحصل عليه في الأبدية. * إذ يشرق نور الأبدية وقت مساء ألام هذا العالم، وفي نهاية حياتنا بالموت يكون هناك نور الحياة الأبدية. وفي الأبدية لا يكون شمس ولا قمر فالسماء والأرض تزولان بصورتهما الحالية (مت18: 5 + رؤ1: 21). وفي الأبدية لن نحتاج لنور الشمس، فالمسيح سيكون النور الذي نستنير به، ولن يكون ليل (رؤ5: 21). * وفي نهاية أيام هذا العالم الدراري تنقبض = أي أجرام السماء تنقبض diminish يبدأ نورها يقل ويتلاشى (وعملياً فمن المعروف أن الأرض كانت منيرة كالشمس ثم برد سطحها وتحولت لجسم معتم، وهذا ما سيحدث للشمس بعد وقت أيضاً). وإذا إنطفأت الشمس سينطفئ أيضاً القمر. * ولكن وسط هذا الليل سيكون المؤمنين متمتعين بنور المسيح. وقد تعني الآية حدوث ظواهر طبيعية في الأيام الأخيرة مثل إختفاء النور فعلاً صباحاً وظهور نور سماوي وسط هذا الظلام. يوم واحد معروف للرب = يوم النهاية لا يعرفه أحد سوى الله. واذا ظهر الله بمجده فكل ما كان منيرا ينخفض ضوءه، كما ينقبض ضوء شمعة اذا ظهرت الشمس.

وفي (8) المياه الحية تخرج من أورشليم = المياه الحية إشارة للروح القدس (يو37: 7 - 39). والكنيسة لها سلطان أن تعطي الروح القدس بوضع يد الأساقفة أو في سر الميرون، فأورشليم هي كنيسة العهد الجديد (أع1: 19 - 6). البحر الشرقي هو البحر الميت، والبحر الغربي هو البحر المتوسط. وهذه حدود أرض فلسطين. وفلسطين هنا إشارة لكل العالم، والعالم مشبه في الكتاب المقدس بالبحر لأن الذي يشرب منه يموت (أي يحيا ويجري وراء لذات العالم). والروح القدس فاض على العالم ليزيل ملوحة البحر فيعطي حياة للعالم (حز1: 47 - 12). والحياة التي يعطيها الروح القدس للمؤمنين، هي حياة أبدية، وما نأخذه الآن ما هو إلا مجرد عربون لما سنحصل عليه في السماء. * أما بالنسبة للحياة الأبدية فهناك صورة يرسمها يوحنا الرائي لنهر صافي من ماء حياة ليعطي حياة للمؤمنين (رؤ1: 22). في الصيف والخريف = وفي الإنجليزية "في الصيف والشتاء" ففي الشتاء يجمد الماء، وفي الصيف تجف مجاري المياه، ولكن في الكنيسة فالروح القدس يفيض دائماً بلا عائق (رؤ16: 7، 17). وفي (9) * في الأبدية سيملك الله تماماً على الأرض حين تكتمل الأيام وتنتهي هيئة هذا العالم (1كو28: 15 + عب5: 2 - 9). وفي (10) تتحول الأرض كلها كالعربة = العربة تعنى سهل منبسط. وهذا ما سبق إشعيا وتنبأ عنه "قَوِّمُوا في القفر سبيلاً لإلهنا، كل وطاء يرتفع وكل جبل وأكمة ينخفض ويصير المعوج مستقيماً والعراقيب سهلاً فيعلن مجد الرب ويراه كل بشر (إش3: 40 - 5). فالمرتفعات تشير لخطايا الكبرياء والمنخفضات تشير لخطايا النجاسة أو صغر النفس، والله سيزيل كل العقبات حتى يعطي فرصة للماء الخارج من أورشليم أن يفيض على الأرض كلها (آية 8). وترتفع وتعمر = أي أورشليم التي ستصير سماوية وأولادها مثمرين وتفيض الروح القدس على كل العالم. * وهذه الصورة ستكتمل في أورشليم السماوية، في الحياة الأبدية إذ ستزال كل العقبات، فنحن سنكون بلا خطية تماماً في السماء. جبع = شمال أورشليم. ورمون = جنوب أورشليم. باب بنيامين = شرق أورشليم وباب الزوايا = غرب أورشليم = هذا يعني كل المدينة من الشمال للجنوب ومن الشرق للغرب، أي الله يريد أن يعطي حياة، ويفيض من روحه القدوس على كل العالم، ويصل الماء الحي للجميع بلا موانع. وباب بنيامين = يشير لأن كل من يؤمن بالمسيح ويرتوي من الماء الحي يكون من أبناء اليمين أي وارث مع المسيح الجالس عن يمين الآب. وباب الزوايا = يشير لأن كل من يؤمن بالمسيح ويرتوي من المياه الحية يكون عضواً في جسد المسيح، الذي فيه المسيح هو حجر الزاوية وكل من المؤمنين هو حجر حي في هذا البيت (1بط4: 2 - 6). وحجر الزاوية رفضه البناؤون، فنحن حتى وإن رفضنا العالم سنكون مقبولين في المسيح. ومن برج حننئيل إلى معاصر الملك = هذه حدود مراحم الله التي ستشملنا من برج حننئيل أي الله يتحنن (وبرج = أي أن المؤمنين متحصنين في رحمة وحنان الله فإسم الله برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع). ومعاصر الملك = هي إشارة للخمر الروحي أي الأفراح الأبدية المعدة لنا في السماء. فتعمر أورشليم بالأمن.. ولا يكون بعد لعن = * في السماء ستنتهي الأرض القديمة التي نعيش عليها الآن بصورتها الحالية، فهذه سبق الله ولعنها بقوله" ملعونة الأرض بسببك "وننعم هناك بالأمن في أورشليم السماوية. وهذه الصورة الحلوة في السماء نأخذ عربونها ونتذوقها الآن جزئياً، فالكنيسة تنعم بمراحم الله وبفيض الروح القدس، والله جعل الطريق مستوياً أمام الكنيسة من جبع إلى رمون = وكلمة جبع تعني شهادة ورمون تعنى مكان مرتفع عالٍ، فمن يشهد للرب ويرتفع عن الأرضيات يتمتع ببركات الكنيسة.

كل ما أمامه هذه العلامة * يشير لمعنى الآيات وما سنحصل عليه فى الأبدية.

الأعداد 12-15

الآيات (12 - 15): -

"12 وَهذِهِ تَكُونُ الضَّرْبَةُ الَّتِي يَضْرِبُ بِهَا الرَّبُّ كُلَّ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَجَنَّدُوا عَلَى أُورُشَلِيمَ. لَحْمُهُمْ يَذُوبُ وَهُمْ وَاقِفُونَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَعُيُونُهُمْ تَذُوبُ فِي أَوْقَابِهَا، وَلِسَانُهُمْ يَذُوبُ فِي فَمِهِمْ. 13 وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ اضْطِرَابًا عَظِيمًا مِنَ الرَّبِّ يَحْدُثُ فِيهِمْ، فَيُمْسِكُ الرَّجُلُ بِيَدِ قَرِيبِهِ وَتَعْلُو يَدُهُ عَلَى يَدِ قَرِيبِهِ. 14 وَيَهُوذَا أَيْضًا تُحَارِبُ أُورُشَلِيمَ، وَتُجْمَعُ ثَرْوَةُ كُلِّ الأُمَمِ مِنْ حَوْلِهَا: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَمَلاَبِسُ كَثِيرَةٌ جِدًّا. 15 وَكَذَا تَكُونُ ضَرْبَةُ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْجِمَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ الْبَهَائِمِ الَّتِي تَكُونُ فِي هذِهِ الْمَحَالِّ. كَهذِهِ الضَّرْبَةِ.".

بعد أن ينتهي الزمان الحاضر، هناك مكانين: -.

[1] السماء بأمجادها للأبرار من أبناء الله.

[2] العذاب الأبدي في جهنم للأشرار الذين رفضوا المسيح كمخلص.

والآيات السابقة (6 - 11) رأينا فيها بركات وأمجاد الأبرار في السماء. وفي هذه الآيات (12 - 15) نرى فيها العكس أي دينونة الأشرار الذين طالما إضطهدوا الكنيسة (وهذا نراه في قول السيد المسيح يو28: 5، 29). وعلى رأس الأشرار طبعاً إبليس وجنوده (رؤ10: 20). هنا نرى الأهوال التي ستقع على أعداء الكنيسة = الذين تجندوا على أورشليم. لحمهم يذوب.. عيونهم تذوب.. لسانهم يذوب = أجسادهم التي استخدموها في الشر وفي اضطهاد الكنيسة وعيونهم التي نظرت للكنيسة تدبر لها السوء، ولسانهم الذي نطق بتجاديف ضد المسيح. وما ذُكِر قد يكون أمراض فتاكة (فملاك واحد ضرب من أشور 185000) وبلغة حروب اليوم قد تكون هذه نتيجة أسلحة نووية أو كيميائية. وقد تكون هذه ضربة ضد أعداء أورشليم في الأيام الأخيرة مصاحبة للزلزلة. وهم واقفون = أي الضربات ستصيبهم وهم أحياء وقد تفسر على أن هذه الآيات هي صورة للعذاب في البحيرة المتقدة بالنار ويكون الأسلوب المستخدم هو أسلوب بشري على قدر ما نفهم. وهم واقفون أي أن عذاب الأبدية هو عذاب أبدي بلا نهاية. وفي (13) صورة لإضطراب الأمم ورعبهم وبلبلتهم = فيمسك الرجل بيد قريبه = من الخوف. ولكن ستكون هناك شقاقات وحروب بينهم = تعلو يده على يد قريبه = سيقومون بعضهم على بعض. وهذه صورة عجيبة، فبينما هم متماسكون إذ بهم يضربون بعضهم وهذا نوع من التخبط (قض22: 7 + 2أي23: 20). وفي (14) ويهوذا أيضاً تحارب أورشليم = هذه مترجمة في الإنجليزية Judah also will fight at Jerusalem فيهوذا هي الكنيسة عموماً، وغالباً أورشليم هي البقية المؤمنة في أورشليم فالكنيسة ستحارب (طبعاً بصلواتها ودموعها وأصوامها) مع أورشليم، حتى يسند الله البقية المتألمة من إضطهاد ضد المسيح لهم. وفي تأمل آخر فإن المسيح الخارج من سبط يهوذا يحارب عنا الحروب الروحية (فنحن أورشليم). عموماً هذه الحروب هي حروب الكنيسة التي يقودها مسيحها عبر الزمان (رؤ2: 6) الكنيسة هي الفرس الأبيض، والذي يخضع للمسيح يقوده المسيح للخلاص. ولنعلم أننا في حروب روحية العمر كله (أف12: 6) فإما ان نخضع للمسيح ليقودنا في هذه المعركة فنغلب ونصير آنية ذهب وفضة (2تي20: 2، 21) وبهذا تجمع الكنيسة كل هؤلاء المؤمنين كثروة لها من الأمم = تجمع ثروة كل الأمم فالمسيح يقود كنيسته في معركة ليغتصب الطاقات التي كانت تستخدم من قبل للشر كغنيمة للمسيح. والمسيح يحارب في كنيسته ليجمع إليها ثروة الأمم أي كل البشر، فثروة الأمم التي تفرح المسيح هم البشر المؤمنون (إش11: 53 - 13). فالله يريد أن الجميع يخلصون، هو يحارب، وكنيسته تحارب ليجمع كل إنسان إلى داخل أورشليم (الكنيسة). المسيح ملك حقيقي يحارب في كل نفس ومع كل نفس ومع الكنيسة ليهبها النصرة والغنى، فتزين له كملكة سماوية. وفي (15) نرى العكس، نرى صورة من يرفض المسيح سالكاً وراء شهواته وهذا يصير كالبهائم... فالخيل = تشير لإشتهاء الإنسان امرأة صاحبه (إر8: 5) والبغال = تشير للعقم الروحي. والحمير = تشير لعدم الفهم يحملون أحمالاً ورؤوسهم منحنية للأرض، لا ينظرون للسماء. والجمال = تشير للدنس بحسب الناموس فهي ليست مشقوقة الظلف. يمكن أن تفهم الآية على أن الله سيضرب جيوش الأعداء المحيطين بأورشليم مع حيواناتهم، ولكن الأهم أن نفهم المعنى الروحي، أن من سلك وراء إبليس منخدعاً من شهوته (يع14: 1) تاركاً عمل نعمة الله التي تغير طبيعته فيصير خليقة جديدة في المسيح (2كو17: 5)، مثل هذا يُشبَّه بالحيوانات السالكة وراء شهوتها، هذا سيكون نصيبه البحيرة المتقدة بالنار مثل إبليس أبيه = كذا تكون ضربة الخيل.. كهذه الضربة هذه تسمى قيامة الدينونة (يو29: 5 + رؤ10: 20 - 15 + 1يو7: 3 - 10).

في (12) أوقابها = الوقب هو تجويف العين. وفي (14). وملابس كثيرة جداً كانت الملابس تعتبر في ذلك الزمان غنيمة حرب وثروة، وكما فهمنا فالثروة الحقيقية هي المؤمنون. ولنرى صورة للمؤمن بالمسيح، فهو قد صار سماويا = ذهب. ولقد تقدس بكلمة الله = الفضة، وخلع خطاياه أي ملابسه القديمة ليلبس المسيح.

الأعداد 16-21

الآيات (16 - 21): -

"16 وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ الْبَاقِي مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ الَّذِينَ جَاءُوا عَلَى أُورُشَلِيمَ، يَصْعَدُونَ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ لِيَسْجُدُوا لِلْمَلِكِ رَبِّ الْجُنُودِ وَلِيُعَيِّدُوا عِيدَ الْمَظَالِّ. 17 وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَصْعَدُ مِنْ قَبَائِلِ الأَرْضِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيَسْجُدَ لِلْمَلِكِ رَبِّ الْجُنُودِ، لاَ يَكُونُ عَلَيْهِمْ مَطَرٌ. 18 وَإِنْ لاَ تَصْعَدْ وَلاَ تَأْتِ قَبِيلَةُ مِصْرَ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْهَا، تَكُنْ عَلَيْهَا الضَّرْبَةُ الَّتِي يَضْرِبُ بِهَا الرَّبُّ الأُمَمَ الَّذِينَ لاَ يَصْعَدُونَ لِيُعَيِّدُوا عِيدَ الْمَظَالِّ. 19هذَا يَكُونُ قِصَاصُ مِصْرَ وَقِصَاصُ كُلِّ الأُمَمِ الَّذِينَ لاَ يَصْعَدُونَ لِيُعَيِّدُوا عِيدَ الْمَظَالِّ. 20فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ عَلَى أَجْرَاسِ الْخَيْلِ: «قُدْسٌ لِلرَّبِّ». وَالْقُدُورُ فِي بَيْتِ الرَّبِّ تَكُونُ كَالْمَنَاضِحِ أَمَامَ الْمَذْبَحِ. 21 وَكُلُّ قِدْرٍ فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي يَهُوذَا تَكُونُ قُدْسًا لِرَبِّ الْجُنُودِ، وَكُلُّ الذَّابِحِينَ يَأْتُونَ وَيَأْخُذُونَ مِنْهَا وَيَطْبُخُونَ فِيهَا. وَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ لاَ يَكُونُ بَعْدُ كَنْعَانِيٌّ فِي بَيْتِ رَبِّ الْجُنُودِ.

وبعد أن رأينا في الصور السابقة البركات السماوية لمن يؤمن، والهلاك الأبدي لمن يقاوم المسيح. يعرض الله هنا صورة لما يجب أن تكون عليه الكنيسة (16). وفي (17) نرى صورة لمن يتمرد من الأمم رافضاً الإيمان فهذا سيحرم من بركات الروح القدس. وفي (18، 19). نرى أن المتمرد يخسر كل البركات حتى البركات الزمنية. وفي (20، 21). نفهم أن كل من في الكنيسة من مؤمنين بطاقاتهم وما يملكون هم مكرسون للرب. وفي (16) عيد المظال = كانوا يحتفلون به ثمانية أيام، 7 أيام يعيشون في خيام ليتذكروا غربتهم وتوهانهم في البرية، وفي اليوم الثامن أفراح عظيمة، وكان هذا العيد مرتبط بالحصاد، فهم يفرحون ويسبحون الله على الحصاد الكثير الذي أعطاه الله لهم. ويذكرون فضل الله عليهم في غربتهم، وكيف أتى بهم إلى أرض مملوءة حصاداً. والمظال تشير لغربتهم وتنقلهم في البرية مع موسى النبي. وطبعاً فالله لا يريد من المسيحيين أن يحتفلوا بعيد المظال، بل الله يستخدم ألفاظ يهودية للتعبير عن مفاهيم كنسية. فالحصاد هم المؤمنين سواء من الأمم أو اليهود (لو2: 10) وكما كان اليهود يذكرون فضل الله عليهم في غربتهم، فالمؤمنين لابد أن يذكروا بروح الشكر فضل الله عليهم في إيمانهم وخلاص نفوسهم، وكما كان اليهودي يعيش 7 أيام في مظال (غربة)، فالمسيحي عليه أن يعيش بروح الغربة طالما هو في هذا الجسد، فالجسد الحالي يرمز له بمظلة أو خيمة (2كو1: 5)، وذلك كل أيام العمر (7 أيام تشير لكل أيام العمر)، وكما كان اليهودي يظل طوال السبعة الأيام بينما هو في المظلة يتطلع لليوم الثامن يوم الفرح العظيم، علينا أن نحيا متطلعين باشتياق لليوم الثامن أي يوم الأبدية ولسان حالنا يقول "آمين تعال أيها الرب يسوع" وعلى كل مسيحي أن يفهم أن مظلته أي جسده قد تقدس للرب فيأتي ويسجد للملك رب الجنود طوال أيام عمره، أي عابداً الرب ساجداً بالروح والحق (2كو1: 5 - 4 + 2بط14: 1 + يو23: 4). جاءوا على أورشليم لِيَسْجُدُوا لِلْمَلِكِ رَبِّ الْجُنُودِ = هؤلاء هم من آمنوا بالمسيح ودخلوا الكنيسة. وإذا كانت الآية تشير لأفراح الأبدية، فالمقصود أن كل مؤمن عاش بروح عيد المظال، سيكون له فرح في الأبدية، وسيتشبه بالسمائيين إذ يسجد ويتعبد إلى الأبد للرب الإله (رؤ9: 4 - 11) (لاحظ سجود السمائيين). إذاً الشرط لدخول الأمجاد السماوية هو الإيمان بالمسيح وأن نحيا بروح الغربة.

وفي (17) من لا يعيش بهذه الروح ولا يسجد ولا يتعبد للمسيح فهو يحرم نفسه من بركات الروح القدس = المطر. فالروح القدس يأتي من السماء كما يأتي المطر من السماء فيعطي ثمار للأرض (الجسد). ومن لا يؤمن بالمسيح فلا أفراح روحية هنا إذ هو بلا ثمار (ومن ثمار الروح الفرح). وبلا أفراح أبدية. والروح هو الذى يجدد طبيعتنا فنخلص.

آيات (18، 19): مصر تمثل الإنسان الذي له مصادر دخل ثابت (يمثلها نهر النيل) ولا يتكل على مصادر دخل متنوع كالمطر (تث8: 11 - 12). وكما أن الله قادر أن يمنع المطر فهو قادر أيضاً أن يوقف هذه الخيرات المستمرة كأن يجفف نيل مصر (إش5: 19). هنا مصر بنيلها وأرضها الخصبة تمثل الإنسان الذي أعطاه الله بركات وخيرات زمنية فتمرد على الله وجرى في كبريائه (مصر تمثل خطية الكبرياء) تاركاً الله، ساعياً وراء شهواته، مثل هذا الإنسان، الله قادر أن يحرمه من هذه الخيرات الزمنية. فالطريقة الوحيدة للحصول على بركات الله ونعمه أن نحيا بروح الغربة كل الأيام وبتواضع. ففي (17) رأينا من يتمرد على الله يُحرَم من الخيرات الروحية أي الروح القدس وفي (18، 19) نرى المتمرد المتكبر رافض الإيمان والسجود يُحرَم أيضاً من البركات الزمنية. وقطعاً فمثل هذا المتكبر يُحرَم من الحياة الأبدية.

ومصر كما هى رمز للكبرياء هى رمز لمن يضربه الله ليؤدبه فيتمرد رافضا التوبة، وكان هذا هو موقف فرعون من الضربات العشر. وهذا ما سوف يحدث فى الأيام الأخيرة إذ يضرب الله العالم ليكف الناس عن الخطية، "ولكنهم لن يتوبوا" (رؤ9: 20). وهذه الخطية أطلق الكتاب عليها "تدعى روحيا.... مصر...." (رؤ11: 8) أى كل من يسلك مسلكا روحيا برفض التوبة مع تأديب الله، كما عملت مصر فرعون. وتأديب الله هنا يقال عنه = ولا مطر عليها. وعدم التوبة قال عنه = وأن لا تصعد ولا تأت... والخطية المشار إليها هى رفض الحياة بروح الغربة = أن يعيِّدوا عيد المظال. والمعنى إصرارهم على التمتع بالملذات الزمنية ورفض الصعود أى رفض الإرتفاع إلى حياة سماوية مع الله كما قال الرسول: "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فأطلبوا ما فوق حيث المسيح.." (كو3: 1 - 4).

الآيات 20، 21: كان محظوراً على اليهود أن يقتنوا خيلاً. إذ يقرر الكتاب بحزن عميق أن سليمان جلب خيلاً من مصر وإتخذها كعلامة لسقطته (1مل28: 10 + 2أي16: 1، 17 + تث16: 17 + مز10: 147) فكانت الخيل تعبِّر عن إعتماد الملوك على قوتهم بكبرياء، والله كان يريد أن شعبه يعتمد عليه فهو سور من نار لهم (زك5: 2) "هؤلاء بالخيل وأما نحن باسم الرب نغلب" (مز7: 20). أما في الكنيسة فكل ما لنا وكل طاقاتنا وقوتنا هي مكرسة للرب، هي قدس للرب وتعمل لحساب الرب، كما كان رئيس الكهنة مكرس للرب ويوجد على رأسه صفيحة منقوش عليها "قدس للرب" هكذا يكون على أجراس الخيل قدس للرب = أي كل قوة لدينا هي مكرسة للرب. فالمؤمن مكرس وطاقاته مكرسة للرب. أجراس الخيل = هي أدوات إنذار، فنحن نور للعالم بحياتنا المملوءة تقوي نعلن رسالة الإنجيل، كإنذار (أجراس) لكل رافض للإيمان. ويحيا المؤمنين والمشبهين هنا بالقدور هي نحن المؤمنين أي الآنية (2تي20: 2 + 2كو7: 4). كمناضح فالمنضح يُملأ من دم الذبيحة ليسكب على المذبح. ونحن نحيا بدم المسيح الذي ذبح ليعطينا دمه عهداً جديداً وسر حياة "لي الحياة هي المسيح" (في21: 1). "لأن دمي مشرب حق.. من يشرب دمي يثبت فيَّ وأنا فيه.. من يأكلني فهو يحيا بي" (يو55: 6 - 57). والدم هو الحياة (تك4: 9). فالمسيح أعطانا حياته نحيا بها ونخلص بها (غل20: 2 + رو10: 5). ومن صار المسيح حياته يتشبه بالمسيح، ويكون مستعداً أن يسكب حياته لأجل المسيح، ويقدم نفسه ذبيحة حية أولاً، ويكون مستعداً أن يسكب دمه فعلاً لأجل ذاك الذي مات عنه (رو1: 12 + رو36: 8 + 2تي6: 4). وهذا هو معنى القدور في بيت الرب (المؤمنين في الكنيسة) تكون كالمناضح (مملوءة دماً هو حياة المسيح) أمام المذبح (مستعدة لأن تنسكب في أي وقت وتمات من أجل المسيح. المذبح هنا هو صليب الاستشهاد والألم الذي يجب على كل مؤمن أن يحمله) ويشارك المسيح صليبه، فيصير له تلميذاً.

كل قدر في أورشليم = كل مؤمن في الكنيسة = تكون قدساً للرب أي مكرس للرب، ومقدس. وكل الذابحين = هؤلاء هم كهنة العهد الجديد الذين يقدمون ذبيحة الافخارستيا التي تقدس شعب الكنيسة، يأخذون منها = هذه تقدمات المؤمنين للكنيسة، والكهنة في القداسات يصلون فتتحول القرابين إلى جسد ودم المسيح الذي يقدس، والذي يعطي لغفران الخطايا (مت28: 26). ولأن الصلوات في القداسات تكون لتحويل الخبز والخمر لجسد المسيح ودمه. وجسد المسيح ودمه أعطيا لنا ليكونا لنا مأكلاً ومشرباً فتكون لنا حياة. قيل هنا أن الذابحين (الكهنة) يطبخون فيها = أي يأخذ المؤمنين هذا الجسد وهذا الدم ويأكلونه ليصير فيهم حياة. ونصير بالتناول آنية مقدسة = قدور تحمل جسد المسيح ودمه. ومن يتغذى على جسد المسيح ودمه تغفر خطاياه ولا يصير ملعوناً بعد = لا يكون بعد كنعاني في بيت رب الجنود = فالكنعانيون ملعونون (تك25: 9) ولكن داخل الكنيسة لا توجد لعنة، وهذه الصورة ستكمل تماماً في السماء، التي لا يدخلها رجسين (رؤ27: 21).

دراسة فى نبوة زكريا

زكريا كاهن يشتاق لممارسة عمله الكهنوتى وينظر للهيكل المُحطَّم بحزن ويصرخ لله. والله يُريه 9 رؤى ويُطمئنه أن الهيكل سيُبنى، لكن الله جعل بصره يمتد فرأى عمل المسيح الخلاصى.

  1. الرؤيا الأولى:

رجل راكب على فرس أحمر ووراءه خيل حُمر وبيضاء وبعضها مُنقَّطه ببقع سوداء. والراكب على الفرس الأحمر كان فى الظل. وملاك يقول للرجل إلى متى أنت لا ترحم أورشليم يارب الجنود؟ والرب يُطمئنه بأنه سيعود ويبنى أورشليم والهيكل سيُبنى. والراكب الفرس إذاً هو الرب يسوع. كان فى الظل لأنه كان لم يتجسد بعد والظل هو نبوات العهد القديم. (عب1: 10) وهو راكب على فرس أحمر فهو سيفعل هذا بدم صليبه. ويُحرِّرنا من عبودية إبليس. وهذا ردْ على قول الملاك أن الرب ترك شعبه 70 سنة فى سبى بابل، أو ترك العالم فى يد الشيطان. والخيل هم ملائكة تُساعد شعب الله فى كل زمان ومكان.

خيل حُمر... فى وقت الإضطهادات الدموية.

خيل بيض... فى وقت السلام والبر ليحفظوا هذا السلام.

خيل سوداء ومنقطة... فى وقت خطايا الشعب وأوقات إنتشار الهرطقات.

ولاحظ إهتمام الملائكة بنا. وظهروا فى شكل الخيل، فالخيل أدوات الحرب فى ذلك الزمان.

المسيح سيأتى ليُحررنا ويبنى هيكل جسده. لكن عبر العصور فالملائكة تُحارب لحماية شعبه.

  1. الرؤيا الثانية:

أربعة قرون تضرب شعب الله. ولكن وراءها 4 صُنَّاع تُبدِّدها.

القرون = قوة الأعداء. الصُنَّاع = تُترجم حدَّاد يَسْتَخِدم المبرد. إذاً أعداء الكنيسة شعب الله عموماً أقوياء (الشيطان / بابل / آشور...).

رقم 4 = يُشير للعمومية فأعداء شعب الله موجودين فى كل زمان ومكان والله يتركهم ليُؤدبوا شعبه. وبعد نهاية التأديب يُرسل عليهم صُنَّاع يَجعَلهم يتآكلون (كمبرد يأكل الحديد).

فرعون كان قرنا قوياً، وموسى كان صنَّاع.

أريوس كان قرنا قوياً، وأثناسيوس كان صنَّاع.

أشور كان كان قوياً، وبابل كان صنَّاع.

لماذا الخوف يا شعبى؟. الرب يُحارب عنكم وله أدواته يستخدمها لإنقاذكم.

  1. الرؤيا الثالثة:

رجل بيده حبل قياس ليقيس أورشليم ويقول:

كالأعراء تُسْكَن أورشليم من كثرة الناس والبهائم فيها، وأنا يقول الرب أكون لها سور من نار وأكون مجداً فى وسطها.

أعراء = ليس لها سور، فالله هو سور يحميها "من يَمِسَّكُم يمس حدقة عينه".

سور نار حولها = يحرق أعداؤها من خارج ويحمى من فى الداخل.

مجد = أول مرَّة ذُكِرَت كلمة مَجد فى الكتاب المقدس كانت عن قطيع ماعز (تك1: 31).

فهذا هو فكر البشر أن أى ثروة هى مجد (أو أى مركز عالمى...) وهنا نفهم أن المجد الحقيقى هو فى وجود الله وسطنا.

حبل قياس = لقد صارت الكنيسة ميراث الرب (أف18: 1) وحبل القياس يُستخدم لقياس الأرض فى الميراث = الرب يرث يهوذا نصيبه.

كثرة الناس والبهائم = الناس من يحيون فى تقوى والبهائم إشارة لمن يعيش فى شهواته. والمُخَلَّصين هم بلا عدد (رؤ9: 7)، والله يدعو شعبه لترك خطايا العالم المُستعبد للخطية لينجوا "إهربوا من أرض الشمال" (إشارة إلى بابل)، "تنجى يا صهيون الساكنة فى بابل (بابل أرض السبى)، ومن يفعل يفرح" ترنمى وإفرحى يا بنت صهيون "، ووعد بمجئ المسيح ويتجسد فى أورشليم، وأيضاً يدخل الأمم" آتى وأسكن فى وسطك يقول الرب فيتصل أمماً كثيرة بالرب فى ذلك اليوم "، وأعداء الكنيسة يدخلون للإيمان" فيكونون سلباً لعبيدهم "(الرومان مثلاً).

المسيح يتجسد ويبنى كنيسته من اليهود والأمم وهذا ميراثه.

  1. الرؤيا الرابعة:

يهوشع رئيس الكهنة يرتدى ملابس قذرة. والشيطان يشتكيه. والملاك (هو الرب نفسه) يأمر بخلع هذه الثياب ويُلبسوه ثياباً مزخرفة ويُكلِّلوه. ولكن يوصيه بالسلوك فى وصايا الله فيكون له نصيب مع الملائكة، ثم نبوة بمجئ المسيح الغُصن مُتجسداً. وهو الحجر الذى سيُزيل إثم تلك الأرض، فيحيا الناس فى سلام وفرح، قيل عن المسيح هنا عبدى الغصن فهو أخلى ذاته آخذاً شكل العبد وهو غصن نما من شجرة داود التى قُطِعت فى أيام صدقيا.

غصن = نازارث لذلك دُعى المسيح ناصرياً.

هو حجر = صخرة رجائنا وفدائه كان قوياً وهو يَحمى كنيسته.

أزيل إثم الأرض فى يوم واحد = هو يوم الصليب.

يهوشع يُمثِّل الشعب فهو رئيس كهنة الشعب (الملابس القذرة هى خطايا الشعب).

وإتُخِذ كرمز لأن المسيح صار رأساً للكنيسة، ورئيس كهنة قدَّم ذبيحة نفسه، بعد أن صار خطية لنصبح نحن بر الله فيه (2كو21: 5).

وألبسنا رداء البر = ثياب مُزخرفة = إلبسوا المسيح.

وقيل عن يهوشع رمز الشعب المُخلَّص = شُعلة مُنتشلة من النار (الهلاك) بشرط عدم الإرتداد عن حفظ الوصايا فنرث السماء مع الملائكة. وإذا إشتكى الشيطان علينا سيجد أن الديّان هو المُحامى عنا، هو المسيح نفسه (رو8). وكنيسة المسيح هذه تدعو كل واحد للإيمان ليختبر حلاوة الفرح والمحبة فى ذلك اليوم يُنادى كل إنسان قريبه تحت الكرمة وتحت التينة. الكرمة والتينة رمزين للكنيسة: -.

الكرمة = الخمر رمز الفرح، والفرح سمة الكنيسة.

التينة = هى الكنيسة (رمز للحب بحلاوة طعمها داخلها بذور بجانب بعضها = المؤمنين "هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معا" مز 133).

المسيح رئيس كهنتنا يُقدِّم ذبيحة نفسه ليُبرِّرنا ونحيا فى فرح.

  1. الرؤيا الخامسة:

الملاك يوقظ زكريا ليرى منارة.

قال زكريا للملاك ما هذه: قال لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحى قال رب الجنود... لأنه من إزدرى بيوم الأمور الصغيرة. يدى زربابل قد أسستا البيت فيداه تتممانه.

الزيت = هو عمل الروح القدس الذى سيسكن فى الكنيسة وفى المؤمنين وهو سيعمل فيهم لبناء الكنيسة بعد أن يُتمِّم المسيح الفداء.

يدا زربابل = رمز للمسيح الذى أسس البيت (به كان كل شئ) والآن يبنى هيكل جسده.

الكوز = جسد المسيح الذى ملأه الروح القدس لحساب الكنيسة فتستمد منه الكنيسة إحتياجها وتصبح منارة. وهو رأس الكنيسة.

(مز133) + (كو9: 2، 10).

الأمور الصغيرة = هو جهادنا والعمل يكمُل بالنعمة أى عمل الروح القدس "تكفيك نعمتى لأن قوتى فى الضعف تُكْمَلْ".

الملاك أيقظنى = الروح القدس يحل بعد قيامة المسيح، ونحن نمتلئ من الروح القدس إذا قُمنا من موت الخطية.

الزيتونتان = عمل المسيح ككاهن وملك هما مصدر ملء الكنيسة بالروح، كاهن = فداء، ملك = يملك علينا لنثبت فيه فيحملنا إلى حضن الآب.

إبنا الزيت = وهما:

1. إمّا عمل المسيح ككاهن وملك. ويرمز لهما يهوشع وزربابل.

2. إقنومى الإبن والروح القدس، هما إقنومى التنفيذ، فالله يُريد وهما يُنفذان عمل الخلاص أى ألوهية الإبن والروح.

الروح القدس الذى يملأ الكنيسة يجعلها منارة ويُجددها.

  1. الرؤيا السادسة:

دَرْج طائر (ورقة طائرة) 20x 10 ذراع (أبعاد القدس) هو اللعنة الطائرة بسبب الخطية (الخطية تُفسد كل شئ صالح فى حياتنا وتحول البركة إلى لعنة). هذه الرؤيا أتت بعد المنارة التى يملأها الزيت، فالمملوء من الروح القدس له بركة والذى يطفئ الروح القدس عليه لعنة فهو لن تغفر خطاياه.

20x 10 = مقاسات القدس الذى يُشير لجسد المسيح. وبه المنارة ومائدة خبز الوجوه ومذبح البخور. فمن لم يستفد من شفاعة المسيح (مذبح البخور) ولم يستفد من التناول ولا من حلول الروح القدس فيه. وإستمر فى خطاياه، تتحول البركات فى حياته إلى لعنة. وأمّا من إستفاد وصار منارة. فالمسيح صار لعنة لأجلنا لنصبح نحن منارة.

الذى يُصِّر على خطاياه لا يستفيد من الفداء.

  1. الرؤيا السابعة:

نبوة غامضة نوعاً ما تتحدث عن خراب أورشليم ثانية وذهاب الشعب للسبى بسبب خطاياهم. وشُبِّه اليهود هنا بإيفة خارجة يطير بها طائر اللقلق النجس إلى أرض السبى.

والآن صارت النبوة واضحة فاليهود غشوا أو تعاموا عن فهم النبوات التى تتكلم عن المسيح، ووصلت خطاياهم لصلب المسيح لذلك ستعود أورشليم وتخرب ويُهْدَم الهيكل. ولذلك كانت النبوة غامضة لليهود، فلو فهموها فى وقتها ما بنوا الهيكل.

إيفة = مكيال للحبوب.

خارجة = مغشوشة (فهم غشُّوا كلمة الله).

الإيفة بين الأرض والسماء = لا هم فى الأرض فهم يؤمنون بالله، ولا هم فى السماء فهم لم يؤمنوا بالمسيح بل صلبوه. وللآن هم مصرين على رفض المسيح.

طائر اللقلق = طائر نجس حمل اليهود وتشتتوا فى نجاسة فى العالم كله 2000 سنة. وهم في نجاسة، فكل انسان يخطئ، وهم لم يؤمنوا بالمسيح فكيف يطهروا، وصاروا غير قادرين أن يشهدوا لله أو يسبحونه فرحاً، بسبب موازينهم الغاشة فى تفسير الكتاب المقدس.

اليهود لن يقبلوا المسيح وسيذهبون للشتات بسبب صلب المسيح وإنكاره حتى الآن.

  1. الرؤيا الثامنة:

أربع مركبات بين جبلين من نحاس ويجرهم خيول لها ألوان يُسميها أرواح السماء (ملائكة).

الله يستخدم الملائكة ليُحقِّق إرادته فى تأديب الأشرار وهذه الملائكة هى التى تُحرِّك رؤساء شعوب لتُؤدِب شعوب أخرى شريرة.

رقم 4 هو رقم العمومية. فالله هو ملك الأرض كلها. فبابل تؤدب أشور، بل تؤدب شعب الله حين أخطأوا، والفرس يؤدبون بابل.

جبلا النحاس = 1) مشورة الله وراء الحوادث ثابتة وأزلية.

2) النحاس يشير للدينونة.

وفى هذه الرؤيا حين دُمِرَتْ بابل يقول عن الذى دمَّرها أنهم "سَكَّنوا روحى" فبابل تُشير للشيطان الذى دمَّر الإنسان هيكل الله.

بل الرؤيا تُشير ضمناً لأن المسيح سيأتى أيام الدولة الرومانية.

ترى فيها دينونة الأشرار عموماً.

9) الرؤيا التاسعة:

الله يقول للنبى عن بعض العائدين من بابل يُقدمون تقدمات ذهب وفضة "خُذ تقدماتهم وإصنع إكليل ليهوشع" وقبل أن يظُنْ يهوشع أن هذا الإكليل له. يقول الله هوذا الرجل الغُصن إسمه... ويبنى هيكل الرب. ويصنع تيجان للعائدين ثم يضعها فى الهيكل تذكاراً، فالعائدين من السبى هُم التائبون. والرجل الغُصنْ ورمزه يهوشع يستحق الإكليل فهو المسيح الذى بدمه صار للتائبين خلاص. بل هناك أكاليل نُصرة للتائبين لكنها توضع فى الهيكل، فهم ليسوا السبب فى برهم بل المسيح، لكن المسيح سيذكُرهم ( = تذكاراً)، ويكافئهم فى يوم القيامة. وأنظر لوعود الله للغالبين "ويكون إذا سمعتم سمعاً صوت الرب إلهكم..." وترك المكافأة بلا تعليق إذ لن نُدرك ما أعده الله لنا.

مجد عظيم فى إنتظار الأبرار الغالبين.

والآن نفهم إسم النبى وعلاقته بنبوته:

زكريا (الله يذكُر) بن برخيا (الله يُبارك) بن عدو (فى الوقت المُناسب) = لذلك أسْموه نبى الرجاء، والله أرسله ليُحِثْ الشعب مع مجئ النبى لبناء الهيكل المُتهدِّم.

الأصحاحين 7، 8:

فرض اليهود على أنفسهم بعد السبى وتحطيم الهيكل أربعة أيام يصومون فيها ليتذللوا فيها أمام الله ليرحمهم. وكانت الأربعة أيام فى مناسبات مؤلمة كيوم حرق الهيكل، ولما عادوا من السبى وبدأوا فى بناء الهيكل أرسلوا يسألون هل نستمر فى هذه الأصوام؟ وكان رد الله أنه ليس فى حاجة إلى أصوامهم بل إلى تقواهم، فهذا مايُريده لهم. وإن أرادوا أن يصوموا فليكُنْ بروح التوبة وهذا ما يُعيد لهم البركات، أما عنادهم أمام الله فهو سبب مصائبهم.

ثم تتغيَّر نغمة الحديث عن إشتياق الله أن يرحم شعبه ويسكُنْ وسطهم ويُحوِّل لهم أصوامهم أعياداً وأحزانهم أفراحاً. أمَّا الضربات فكانت للتأديب.

غِرت على صهيون = لا يغير أحد على أحد إلا لو كان يُحِبَّه.

ها أنذا أُخلِّص شعبى من أرض المشرق ومن أرض المغرب وآتى بهم فيسكنون فى وسط أورشليم = كل الأمم والشعوب ينضمون للكنيسة، وما يطلبه الله من كنيسته = ليُكلِّم كل إنسان قريبه بالحق.

نبوة زكريا تنقسم إلى ثلاث أجزاء:

  1. الإصحاحات1 - 6 عدد 9 رؤى.
  2. الإصحاحات 7، 8 الله يود ويَعِدْهُم أن يُحوِّل آلامهم أعياداً.

الأصحاحات 9 - 14 (النبوات): هى نبوات عن العصر الماسيانى. ونبوات ضد الأمم أعداء شعب الله، والأعداء الحقيقيين هم الشياطين. ونبوات عن مجد أورشليم (الكنيسة) وما سيحدث فى نهاية الأيام ومجئ المسيح. والمجد للأبرار والدينونة للأشرار.

الأصحاح التاسع: لنرى الآن كيف تأتى النبوات؟

الأصحاح العاشر:

والمسيح يُرسِل لنا الروح القدس بغنى لكن علينا أن نطلبه.

أطلبوا من الرب المطر... يُعطيهم مطر الوَبْل (الغزير).

فيُثْمِر المؤمنون = لكل إنسان عشباً فى الحقل.

لأن الترافيم تكلموا بالباطل = الترافيم تماثيل أصنام.

والشيطان يَعِد السعادة ولكنه يُعطى خداع. لذلك فلنطلب الروح القدس فهو الذى يُعطى الفرح الحقيقى = ويُفرِّح قلبهم كأنه بالخمر.

عاقبت الأعتدة = الشياطين أو الرعاة الظالمين.

رب الجنود تعهد قطيعه = فهو الراعى الصالح.

أُصَفِّر لهم وأجمعهم لأنى فديتهم ويكثرون... وأجمعهم من أرض مصر وأجمعهم فى جلعاد (جبل مراعى) = فالمسيح يجمع شعبه المُستعبد فى ذلْ ويجمعهم فى مرعى سماوى خِصْب، ويعبرون فى بحر الضيق (فى العالم سيكون لكم ضيق)، ويضرب اللجج فى البحر (لكنه ينتصر على الصعاب كما شق البحر أمام الشعب).

الإصحاح الحادى عشر:

هو نبوة بخراب أورشليم على يد الرومان، وخراب الهيكل ثانية لرفضهم المسيح. ولكنه بإسلوب غامض فلو عرفوا أن الهيكل سيخرَب ثانية لما كانوا قد أكملوا البناء.

إفتح أبوابك يا لبنان فتأكل النار أرزك = يسمى أورشليم لبنان حتى لا يفهموا ويُكمِّلوا بناء الهيكل. ولبنان مشهور بجماله، وجمال أورشليم فى وجود هيكل الله المُغطى بأرز لبنان = الأرز سقط.

صوت ولولة الرعاة = (الكهنة) لأن فخرهم خَرِبْ = (خراب الهيكل) وهذا تم فى عصر الرومان.

الله يُعطى النبى أن يكون رمزاً للمسيح الراعى المرفوض من شعب اليهود، فأرسله لرعاية بعض الغنم عند أحد أصحاب المراعى. كما أرسل المسيح راعى الخراف الحقيقى = الراعى الصالح.

الراعى يرعى غنم الذبح = المسيح جاء إلى اليهود خاصته وحينما رفضوه وصلبوه ذبحهم الرومان.

الذين يذبحهم مالكوهم ولا يأثمون = رؤساء الكهنة ضللوا الشعب اليهودى فرفضوا المسيح فعرضوهم لمذابح الرومان. ولكن كان الكل يستحق هذا لخطاياهم وفسادهم وكبريائهم.

فرعيت غنم الذبح لكنهم أذل الغنم = هذه عن تلاميذ المسيح المتواضعين.

ثم رفض أصحاب القطيع زكريا كراع لغنمهم فقال لهم إعطونى أجرتى، فثمنوه بثمن حقير "فوزنوا أجرتى ثلاثين من الفضة. فقال لى الرب إلقها إلى الفخارى الثمن الكريم الذى ثمنونى به.

وفى نهاية الأيام يقبل اليهود ضد المسيح "فقال لى الرب خذ لنفسك بعد أدوات راع أحمق"، فمن يرفض المسيح يملك عليه الشيطان ويذله. وبينما كان المسيح راع يبذل نفسه عن الخراف يأتى ضد المسيح يأكل لحم السمان.

السيف على ذراعه = قوى فى البطش والقتل.

وعلى عينه اليُمنى = خداعات فكرية مُضلِّلة – لكن الله لا يتركه.

ذراعه تيبس = ليُعطى الله فرصة لنجاة شعبه.

وعينه اليُمنى تكل كلولاً = يتخبط بلا حكمة فى قراراته وتظلم مملكته. وراجع ضربات مملكته المذكورة في (رؤ 16).

الأصحاح الثانى عشر:

إضطهادات شديدة ضد الكنيسة = يجتمع عليها كل أمم الأرض.

لكن الله يعينها = أفتح عينى على بيت يهوذا.

فتثبت الكنيسة = تثبت أورشليم فى مكانها.

إذاً لماذا الخوف؟ الرب باسط السموات = هو ضابط الكل القدير.

جابل روح الإنسان = خلق الإنسان ليحيا أبدياً... إذاً لن يموت، بل تكون الكنيسة مُرعبة لأعداء شعب الله = أجعل أورشليم كأس ترنح لجميع الشعوب حولها. وأفتح عينى على بيت يهوذا.

وأيضاً على يهوذا (عين الله ستكون على الكنيسة فى العالم) تكون فى حصار أورشليم (وعلى شعبه المُحاصر فى أورشليم).

الشعب المُحاصر فى أورشليم هم البقية من اليهود التى ستؤمن بالمسيح، إذاً عين الله على الكل.

ويُخلِّص الرب خيام يهوذا أولاً = الخلاص للمسيحيين فى العالم أولاً الذين ليسوا من أصل يهودى. ثم يُخلِّص الرب البقية اليهودية المؤمنة. وذلك حتى لا يعودوا لكبريائهم = لكيلا يتعاظم إفتخار بيت داود وإفتخار سكان أورشليم (البقية المؤمنة من أصل يهودى) على يهوذا (الكنيسة فى كل العالم).

لم يظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أُظهِر نكون مثله لأننا سنراه كما هو (1يو2: 3).

الكنيسة تأخذ شكل مسيحها فى المجد ويفيض عليها بنعمته فيبكى القديسين حباً فى المسيح "الذى طعنوه"، أمَّا الأشرار فينوحون فى مرارة وبلا تعزية.

آية 8: - يكون العاثر مثل داود = حينما أخطأ داود قدم توبة، فرفع الله عنه خطيته وعاد الي رتبته. وهكذا بالمسيح يعود كل خاطئ تائب ويصير ابنا لله.

وبيت داود مثل الله = شعب كنيسة المسيح يصيرون شكل المسيح علي الارض.

(غل 4: 19)، وفي السماء = (1 يو 3: 2).

الأصحاح الثالث عشر:

الإصحاح السابق إنتهى بأن رأينا المسيح مطعوناً = الذى "طعنوه" فخرج من جنبه دمٌ وماء لتطهيرنا من خطايانا = ينبوع مفتوح... للخطية والنجاسة.

فى ذلك اليوم أقطع أسماء الأصنام = فمن تطهَّر سيطلب الله ويؤمن، بل إن الأنبياء الكذبة يطعنهم أباءهم وأمهاتهم فيخزى الأنبياء الكذبة الذين إعتادوا أن يجرحوا أنفسهم فى طقوسهم. إذا سألهم أحد: ماهذه الجروح فيقولوا هى التى جُرِحت بها فى بيت أحبائى. وهى طبعاً نبوة عن المسيح:

  1. الذى إعتبره اليهود ضال ومُضِّلْ.
  2. جُرِح فى بيت أحباءه اليهود.

وهذه الآية جاءت بعد طعن المسيح. فاليهود هم الذين فعلوا ذلك، وكان هذا تدبير إلهى للخلاص = "إستيقظ يا سيف على راعىَّ وعلى رجل رفقتى. إضرب الراعى فتتشتت الغنم = هرِب التلاميذ".

ثلثين يقطعان ويموتان = الرومان أبادوا ثلثى سكان أورشليم.

والثلث يبقى فيها = البقية المؤمنة التى هربت أثناء حصار الرومان لأورشليم.

الأصحاح الرابع عشر:

خراب الأمة اليهودية فى نهاية الأيام. والله يتدخل ليساند الذين آمنوا به. ويُصاحب هذا ظواهر عجيبة. ثم نرى بركات الكنيسة، وحرمان غير المؤمنين منها.

  1. حرب ضخمة ضد أورشليم: وتسقط أورشليم، ويحدث زلزال رهيب فينشق جبل الزيتون، ويتكون منفذ ليهرب منه البقية التى آمنت. وبعد هذا المجئ الثانى = "ويأتى الرب إلهى وجميع القديسين معك".
  2. وعود بالبركة للكنيسة: ويُشرق نور الأبدية وسط مساء هذا العالم "فى وقت المساء يكون نور".

ومن علامات هذه الأيام: الشمس لا تُعطى نورها = "الدرارى تنقبض" والدرارى هى كواكب السماء. ففى الأبدية أمام نور المسيح يكون نور الشمس كلا شئ بل لن نحتاج لنورها فالمسيح نور أورشليم السماوية (رؤ5: 22). وهُناك يفيض الروح القدس دائماً بغزارة "مياهاً حيَّة تخرج من أورشليم إلى البحر الشرقى (البحر المتوسط) والبحر الغربى (البحر الميِّت) (حدود أورشليم)" (رؤ 7: 17).

فالروح القدس يُحوِّل الملوحة القاتلة إلى حياة أبدية وفرح.

وهناك لا خطايا "تتحول الأرض كلها كالعربة (سهل مُنبسط).

بلا مرتفعات (كبرياء) وبلا منخفضات (عثرات وصِغر نفس).

"وهناك لا يكون بعد لعن فتعمر أورشليم بالأمن = سلام أبدى.

  1. رعب الأشرار فى الدينونة: عكس ما مضى، فمن رفض المسيح تقع عليه ألاماً مُرعبة فى جهنم. ولكن مسيحنا الخارج من سبط يهوذا حارب وجمع كُلْ أولاده فى السماء حتى لا يهلك منهم أحد "ويهوذا (المسيح الخارج من سبط يهوذا) أيضاً تُحارب أورشليم (تترجم تُحارب عند أورشليم) وتجمع ثروة كل الأمم (كل من كان ذهب أو فضة يُنقيه المسيح ويُخلصه)... ذهب..."، أمَّا من سلك فى شهواته كالبهائم يهلك. وكذا تكون ضربة الخيل والبغال...
  2. صورة للأبدية وأفراحها: المؤمنين الذين جاءوا على أورشليم يصعدون من سنة إلى سنة ليسجدوا للملك رب الجنود ويُعيِّدوا عيد المظال ومن لا يفعل يُحرم من المطر.

عيد المظال = كانوا يعيشون فيه 7 أيام مُتغربين عن بيوتهم واليوم الثامن فرح عظيم. ومن عاش بروح الغُربة فى العالم يحيا فى فرح عظيم فى الأبدية. ومن لا يفعل يخسر بركات الروح القدس = المطر. وكل من ينفصل عن الله مُعتمداً على ماعنده من خيرات مادية يُحرم حتى من بركاته المادية (مثل النيل هو بركة مصر). وعلى المؤمنين هُنا أن يُقدِّسوا كُلْ قوتهم وطاقاتهم لحساب الله "يكون على أجراس الخيل قُدس للرب".

ومن يفعل يمتلئ من حياة المسيح = "والقدور فى بيت الرب تكون كالمناضح".

المؤمن يكون كالقدر = إناء خزفى... "لنا هذا الكنز فى أوان خزفية" (2كو7: 4).

والمناضح آنية تملأ بدم الذبيحة، والدم هو حياة نأخذها فى سر الإفخارستيا. وكل المؤمنين مُقدَّسين للرب أى مُكرَّسين له "فى ذلك اليوم لا يكون بعد كنعانى فى بيت رب الجنود".

الكنعانى = تُجَّار غشاشين من أصل كنعانى. والكنعانيين ملعونين.

وهذه هى السماء. الكُلْ فى فرح، مكرِّسين كُلْ طاقاتهم للرب بلا لعنة فقد زالت اللعنة، مملوئين من الروح ومن حياة المسيح. ولا يدخُل خاطئ لهذا المكان (رؤ27: 21).

No items found

الأصحاح الثالث عشر - سفر زكريا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر زكريا الأصحاح 14
تفاسير سفر زكريا الأصحاح 14