الأصحاح العاشر – سفر زكريا – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح العاشر

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1اُطْلُبُوا مِنَ الرَّبِّ الْمَطَرَ فِي أَوَانِ الْمَطَرِ الْمُتَأَخِّرِ، فَيَصْنَعَ الرَّبُّ بُرُوقًا وَيُعْطِيَهُمْ مَطَرَ الْوَبْلِ. لِكُلِّ إِنْسَانٍ عُشْبًا فِي الْحَقْلِ. 2لأَنَّ التَّرَافِيمَ قَدْ تَكَلَّمُوا بِالْبَاطِلِ، وَالْعَرَّافُونَ رَأَوْا الْكَذِبَ وَأَخْبَرُوا بِأَحْلاَمِ كَذِبٍ. يُعَزُّونَ بِالْبَاطِلِ. لِذلِكَ رَحَلُوا كَغَنَمٍ. ذَلُّوا إِذْ لَيْسَ رَاعٍ.".

رأينا في الاصحاح السابق الإفخارستيا وهي التناول من جسد المسيح ودمه سر حياتنا وثباتنا في المسيح (يو6: 56) لكن الخطية تعود وتفصلنا عنه، فمن يعيدنا للثبات فيه؟ هذا عمل الروح القدس فينا. وهذا موضوع الآيات التالية.

وعد الرب شعبه بالبركات، وهنا يذكرهم بأن يطلبوها منه هو وليس من أي أحد آخر، وهنا يطلب منهم أن لا يطلبوا من الترافيم = وهذه تماثيل على صورة الإنسان يقيمونها في البيوت لتحرسها ويستشيرونها في كل تصرف. والمطر المتأخر = هو الذي يسقط قبل تمام نضج المحصول فيساعد على نضجه أما المطر المبكر فيسقط بعد البذار فيساعد على تفتحها. والمطر يشير للروح القدس الذي سكبه الله على البشر يوم الخمسين بفيض = ويعطيهم مطر الوبل أي المطر الغزير (يؤ28: 2). ولاحظ أهمية الصلاة حتى ينكسب الروح القدس ويملأ الكنيسة ويملأ النفس فيكون لها ثمار = أطلبوا من الرب "يعطي الروح القدس للذين يسالونه" (لو13: 11). عشباً في الحقل = إشارة للثمار. وكل من يستشير أحد غير الله يضل، فهم أي الشياطين يعزون بالباطل = [1] يعطون لمن يمشي وراءهم لذات عالمية وهذه باطلة. [2] يعطون وعوداً كاذبة بالسلام مع وجود الخطية كما يفعل الأنبياء الكذبة. وهذا وذاك باطل ومن يخدع بهما يتشتت بعيداً. لذلك رحلوا كغنم، أي شعب الله الذين ضلوا وراء خداعات الشياطين. والنتيجة = ذلوا فالمسيح وحده يعطي بسخاء ولا يُعيِّر أما الشيطان فيعطي لذات للجسد ثم يذل الإنسان الذي أخذ منه تاركاً المسيح الراعي الصالح = إذ ليس راعٍ. الراعى موجود لكنهم لم يسيروا وراءه فضلوا.

ولنلاحظ الان: - إن من يطلب ثمرا من الأرض، فليطلب من الله مطرا من السحاب. ومن يطلب ثمار الروح فليطلب الإمتلاء من الروح. والروح القدس عمله عمل كامل في الانسان من يوم المعمودية وبها نولد ميلادا جديدا وتتفتح بذرة الحياة فينا (المطر المبكر). ويظل يعمل فينا لننضج ونثمر (المطر التأخر) ونظل أحياء للأبد. أما من يسعي وراء خداعات الشياطين ويظن أن الشهوات الجسدية مشبعة فالشياطين تذله. ولا تكون له حياة ابدية.

العدد 3

آية (3): -

"3«عَلَى الرُّعَاةِ اشْتَعَلَ غَضَبِي فَعَاقَبْتُ الأَعْتِدَةَ، لأَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ تَعَهَّدَ قَطِيعَهُ بَيْتَ يَهُوذَا، وَجَعَلَهُمْ كَفَرَسِ جَلاَلِهِ فِي الْقِتَالِ.".

يبدأ الله بعقاب الأعتدة = والكلمة مترجمة عظماء في (إش9: 14). إذن قد يكونوا هم رؤساء الأمة أو رعاتها وولاتها أو الأنبياء الكذبة أو هم الشياطين الأقوياء الذين أذلوا شعب الله، وخدعوا أعتدة الشعب من الرعاة فصاروا على شاكلتهم. والله حين وجد الرعاة قد إنحرفوا تعهد هو قطيعه = لذلك قال السيد المسيح "كل من جاءوا قبلي هم سراق ولصوص". فهو الراعي الحقيقي الذي قدم ذاته عن خرافه. وجعلهم كفرس جلاله = فالمؤمنون هم الفرس الأبيض الذي يركبه المسيح ويقوده (رؤ1: 6، 2). هم "كفرس في مركبات فرعون" (نش9: 1). فبعد أن كانوا كغنم مشتتة حَوَّلهم لخيل قتال يقودهم في معركة النصرة.

الأعداد 4-5

الآيات (4 - 5): -

"4مِنْهُ الزَّاوِيَةُ. مِنْهُ الْوَتَدُ. مِنْهُ قَوْسُ الْقِتَالِ. مِنْهُ يَخْرُجُ كُلُّ ظَالِمٍ جَمِيعًا. 5 وَيَكُونُونَ كَالْجَبَابِرَةِ الدَّائِسِينَ طِينَ الأَسْوَاقِ فِي الْقِتَالِ، وَيُحَارِبُونَ لأَنَّ الرَّبَّ مَعَهُمْ، وَالرَّاكِبُونَ الْخَيْلَ يَخْزَوْنَ.".

منه الزاوية ومنه الوتد = المسيح هو حجر الزاوية الذي يسند البناء (كنيسته). وهو الوتد الذي إتكال الجميع عليه. والوتد هو الخطاف الذي يثبت في جدار البيت وتعلق عليه أواني المنزل أو أدوات الحرب عادة. إذاً لفظ الوتد يوحي هنا بشئ جدير بأن يُعوَّل عليه. منه قوس القتال = أي القوة لمقاومة الشر والشرير إبليس. ومنه يخرج كل ظالم = تفهم أن الله سيطرد كل ظالم من أمامه، أو لو كان هناك ظالم لشعبه مثل إبليس فهو بسماح منه وذلك لتأديب شعبه فهو ضابط الكل مصدر كل قوة ومدبر كل الأشياء. ألم يسمح الله لإبليس الظالم بأن يضرب أيوب وبولس الرسول فيَكمُلوا وصاروا جبابرة = ويكونون كالجبابرة = هذه تشبه "أنت مرهبة كجيش بألوية" فنحن بالمسيح نصير جبابرة ندوس طين العالم = أي نعتبر العالم بأمجاده الفانية كنفاية وطين، لأن عيوننا تنظر للسماء. والراكبون الخيل = هناك فرق بين راكب الخيل والفارس، لأن المسيح هو الفارس، والخيل هي نحن المؤمنين (رؤ2: 6). نحن فرس القتال (آية3). أما راكب الخيل فهو الذي يعتمد على قوته البشرية ليحارب وهذا سوف يخزى، والله لا يحب هذا النوع (مز10: 147). هذا النوع هو المضروب بخطية البر الذاتي.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَأُقَوِّي بَيْتَ يَهُوذَا، وَأُخَلِّصُ بَيْتَ يُوسِفَ وَأُرَجِّعُهُمْ، لأَنِّي قَدْ رَحِمْتُهُمْ. وَيَكُونُونَ كَأَنِّي لَمْ أَرْفُضْهُمْ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ فَأُجِيبُهُمْ.".

بيت يهوذا وبيت يوسف = هؤلاء هم العائدين من السبي، إشارة لمن حررهم المسيح. (يوسف كناية عن إسرائيل، لأن أفرايم إبن يوسف هو أقوى وأكبر أسباط إسرائيل أى المملكة الشمالية). ويهوذا وإسرائيل كانتا مملكتين متحاربتين وبعد السبي عادا أمة واحدة، وفي المسيح يجتمع الجميع في وحدة.

والمسيح خرج بالجسد من بيت يهوذا وقدم نفسه غذاء للعالم كما فعل يوسف، وبهذا وحد الجميع في جسد واحد وماذا يعطي المسيح لهذا الجسد، قوة = وأقوى. وخلاص = أخلص. وميراث سماوي = وأرجعهم. فنحن بالخطية صرنا ضعفاء، معرضين للسقوط، والمسيح أعطانا قوة، فلم يعد للخطية سلطان علينا (رو14: 6). وأعطانا الخلاص فما فقدناه من أمجاد وميراث سماوي أرجعه لنا المسيح ثانية.

العدد 7

آية (7): -

"7 وَيَكُونُ أَفْرَايِمُ كَجَبَّارٍ، وَيَفْرَحُ قَلْبُهُمْ كَأَنَّهُ بِالْخَمْرِ، وَيَنْظُرُ بَنُوهُمْ فَيَفْرَحُونَ وَيَبْتَهِجُ قَلْبُهُمْ بِالرَّبِّ.".

كان أفرايم أقوى أسباط إسرائيل والمحرض على الشر. ولكن قوة دم المسيح غيرت طبيعته؟ فصار كجبار بعد ان كان ضعيفا "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة" (2كو17: 5) ولاحظ تكرار كلمة الفرح، فالفرح صار سمة الخليقة الجديدة (في4: 4).

ملحوظة: - فى آية 6 يستخدم إسم يوسف للتعبير عن إسرائيل، فيوسف هو الذى أشبع العالم كرمز للمسيح الذى جمع اليهود والأمم فى جسده وأشبعهم.

وفى آية 7 يستخدم إسم أفرايم السبط الذى إشتهر بولعه بالخمر والمسكر (إش28: 1)، وهنا يتكلم عن الفرح الروحى والذى يرمز له الخمر، فبعد عمل نعمة المسيح تحول المفهوم وبدلا من البحث عن الأفراح العالمية طلبوا الروحيات = وَيَفْرَحُ قَلْبُهُمْ كَأَنَّهُ بِالْخَمْرِ. ونلاحظ فى الآيتين 6، 7 أن المسيح يعطى الشبع والفرح فلا نحتاج لغيره.

العدد 8

آية (8): -

"8أَصْفِرُ لَهُمْ وَأَجْمَعُهُمْ لأَنِّي قَدْ فَدَيْتُهُمْ، وَيَكْثُرُونَ كَمَا كَثُرُوا.".

أصفر لهم = كما يصفر إنسان ليجمع نحله، وكما يصفر الرعاة ليجمعوا قطعان الغنم هكذا يفعل المسيح ليجمع خرافه فهو الراعي الصالح، وخرافه تسمع صوته وتعرفه (يو3: 10 - 5). والصفير قد يكون صوت التلاميذ الذين خرجوا ليكرزوا بالإنجيل ليجمعوا الشعوب الذين فداهم الرب. ويكثرون = نبوة عن كثرة المؤمنين (رؤ7: 9).

العدد 9

آية (9): -

"9 وَأَزْرَعُهُمْ بَيْنَ الشُّعُوبِ فَيَذْكُرُونَنِي فِي الأَرَاضِي الْبَعِيدَةِ، وَيَحْيَوْنَ مَعَ بَنِيهِمْ وَيَرْجِعُونَ.".

أزرعهم بين الشعوب = كأن المؤمنين والرسل بذار ألقيت في العالم وأتت بمحصول. والشهداء كانوا بذاراً أيضاً. وبنيهم = أولادهم الروحيين الذين آمنوا بكرازتهم.

العدد 10

آية (10): -

"10 وَأُرْجِعُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَأَجْمَعُهُمْ مِنْ أَشُّورَ، وَآتِي بِهِمْ إِلَى أَرْضِ جِلْعَادَ وَلُبْنَانَ، وَلاَ يُوجَدُ لَهُمْ مَكَانٌ.".

أرض مصر وأرض أشور = هي أرض العبودية وأرض التشتت وهذه ردنا منها المسيح حين حررنا وجمعنا فيه (يو8: 36). أرض جلعاد = أرض مراعي فنحن غنم رعيته وهو الراعي الصالح الذي يرعانا في مراعٍ خضراء. ولبنان = إشارة لدخول الكثيرين فتمتد الأرض لتشمل لبنان. ولكن لبنان تشير للجمال والسمو أى السمائيات، بجبالها العالية الخضراء والخضرة رمز الحياة. وهذه سمات الحياة مع المسيح. ولا يوجد لهم مكان = هذه عن العدد فهم من الكثرة سيمتدون شرقاً وغرباً.

العدد 11

آية (11): -

"11 وَيَعْبُرُ فِي بَحْرِ الضِّيقِ، وَيَضْرِبُ اللُّجَجَ فِي الْبَحْرِ، وَتَجِفُّ كُلُّ أَعْمَاقِ النَّهْرِ، وَتُخْفَضُ كِبْرِيَاءُ أَشُّورَ، وَيَزُولُ قَضِيبُ مِصْرَ.".

يعبر في بحر الضيق = "في العالم سيكون لكم ضيق" وسيقابل المؤمنين إضطهادات وضيقات، ولكن الله سيذلل كل شئ كما شق البحر الأحمر وجفف الأردن من قبل = ويضرب في اللجج = الله يضرب في الضيقات كما شق البحر الأحمر. وتجف كل أعماق النهر = إشارة لنهر الأردن والمعنى أن الله سيزيل كل المعوقات لكي لا يمنعنا شيئا عن الوصول الي كنعان السماوية. ولن تقوى محاربات إبليس أي مصر وأشور على وقف عمل الله فينخفض كبرياؤهما لفشلهما في مقاومة الله وشعبه.

العدد 12

آية (12): -

"12 وَأُقَوِّيهِمْ بِالرَّبِّ، فَيَسْلُكُونَ بِاسْمِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ».".

وأقويهم بالرب = سيرسل روحه القدوس ليقويهم فيتكلوا على الرب وحده. يسلكون باسمه = مسلك المؤمنون سيكون بمقتضى مشيئة الله.

No items found

الأصحاح الحادي عشر - سفر زكريا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح التاسع - سفر زكريا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر زكريا الأصحاح 10
تفاسير سفر زكريا الأصحاح 10