الأصحاح الثاني – سفر زكريا – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني

الرؤيا الأولى ظهر فيها المخلص في الظل يعد طريق الخلاص بالتجسد، وفي الرؤيا الثانية ظهر تدبير الله بالصناع لتحطيم قرون الشر الروحية. وفي الرؤيا الثالثة يكشف الله خطة الخلاص من السبي الحقيقي بإقامة أورشليم الجديدة بمقاييس روحية تحمل سمات الساكن فيها.

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1فَرَفَعْتُ عَيْنَيَّ وَنَظَرْتُ وَإِذَا رَجُلٌ وَبِيَدِهِ حَبْلُ قِيَاسٍ. 2فَقُلْتُ: «إِلَى أَيْنَ أَنْتَ ذَاهِبٌ؟ » فَقَالَ لِي: «لأَقِيسَ أُورُشَلِيمَ، لأَرَى كَمْ عَرْضُهَا وَكَمْ طُولُهَا».".

يتقدم السيد المسيح بنفسه هنا كرجل بيده حبل قياس، وهذا يعطي لليهود الذين يبنون أورشليم راحة وإطمئنان، فالله هو الذي يبني ويحدد أبعاد مدينتهم أورشليم، وهذا تنفيذ للوعد في (زك16: 1). ولكن هذه الآية تعني أيضاً أن الله هو الذي يبني بيته أي كنيسته، جسده، بروحه القدوس. وحبل القياس يعطي معنى أن الله يعرف كل واحد فينا ويعرفنا بالعدد "أعرف خاصتي" وخاصته هى "القطيع الصغير"، وقال عنهم الرب "الذين أعطيتنى حفظتهم ولم يهلك منهم أحد" وهذا معنى "الـ 153 سمكة" فى شبكة بطرس (يو10: 14 + لو12: 32 + يو17: 12 + يو21: 11) والبيت الذي يبني هو "هيكل جسده" (يو2: 18 – 22 + أف5: 30)، "وبيته نحن" (عب6: 3). وهؤلاء هم الذين يخلصون "ثم اعطيت قصبة شبه عصا ووقف الملاك قائلا لي قم وقس هيكل الله والمذبح والساجدين فيه." (رؤ11: 1). فرفعت عيني = جميل أن نرفع أعيننا لنرى الله ونتأمل في السماويات بدلاً من أن نخفضها لنتلذذ بالأرضيات.

العدد 3

آية (3): -

"3 وَإِذَا بِالْمَلاَكِ الَّذِي كَلَّمَنِي قَدْ خَرَجَ، وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ لِلِقَائِهِ.".

الملاك الذي كلمني = هو المسيح الذي خرج ليقيس أورشليم. وخرج ملاك آخر = هو ملاك عادي.

العدد 4

آية (4): -

"4فَقَالَ لَهُ: «اجْرِ وَكَلِّمْ هذَا الْغُلاَمِ قَائِلاً: كَالأَعْرَاءِ تُسْكَنُ أُورُشَلِيمُ مِنْ كَثْرَةِ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ فِيهَا.".

قال له إجر = المسيح أرسل الملاك الآخر ليشرح لزكريا. وكلم هذا الغلام = الغلام هو زكريا وسماه غلاماً فهو شاباً في الروح ومستعد أن يتلقى تعاليم الملاك. كالأعراء = أي مدينة بدون أسوار فهي بلا حدود وهذه تشير للكنيسة فعدد المؤمنين لا حدود له، وهي مفتوحة للجميع (إش19: 49، 20) وعدد سكانها كثير (رؤ9: 7). وداخل الكنيسة هناك مؤمنين سماويين سالكين بالروح = الناس. وآخرين جسدانيين سالكين بالجسد، أى شهوانيين = البهائم. والمدينة أيضاً أعراء لأن الرب نفسه هو سور لها.

العدد 5

آية (5): -

"5 وَأَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ، أَكُونُ لَهَا سُورَ نَارٍ مِنْ حَوْلِهَا، وَأَكُونُ مَجْدًا فِي وَسَطِهَا.

الله لنا سور من نار = فإلهنا نار آكلة (عد15: 9، 16) تلهب قلوبنا محبة وغيرة وتحرق خطايانا وهو نار تحرق أعدائنا إن اقتربوا. أنا أكون مجداً = مجده لحساب الكنيسة. ولا مجد للكنيسة سوى بوجود ربها داخلها. وأي مجد بغير وجود الله هو لا شئ بل نفاية ستزول بل أن كلمة مجد لا معنى لها سوى بوجود الله. وانظر لفكر الانسان عن كلمة المجد، فلقد ذكرت كلمة المجد لاول مرة في الكتاب المقدس في (تك 31: 1). وكان ذلك عن قطيع من الخراف والماعز. ويصل الله بنا هنا للفكر الصحيح لمفهوم المجد، وأنها كلمة خاصة بالله.

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6«يَا يَا، اهْرُبُوا مِنْ أَرْضِ الشِّمَالِ، يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنِّي قَدْ فَرَّقْتُكُمْ كَرِيَاحِ السَّمَاءِ الأَرْبَعِ، يَقُولُ الرَّبُّ. 7تَنَجَّيْ يَا صِهْيَوْنُ السَّاكِنَةُ فِي بِنْتِ بَابِلَ،".

أرض الشمال = هي بابل واليهود الذين مازالوا ساكنين فيها ولا يريدون العودة لأورشليم رغبة منهم في الحفاظ على ممتلكاتهم في بابل. وهؤلاء يدعوهم الله يا يا = أي بلا إسم أمامه، لأنهم مازالوا في بابل بعيداً عن أورشليم وهذا إشارة للخطاة المصرين على إبتعادهم عن الكنيسة. ودعوة الله لهم هنا [1] ليهربوا من غضب الله الذي سينصب على بابل (أو العالم الشرير) [2] ليشتركوا في البركات التي يفيض بها الله على أورشليم (الكنيسة). وهذا موجه لكل منا حتى نهرب من وسط الخطية (أرض سبي الشيطان) = تنجي يا صهيون الساكنة في بابل. هكذا ردد يوحنا في (رؤ4: 18) وقال هذا إشعياء في (إش20: 48). ومن يستجيب للنداء سيكون من المخلصين المعدودين فى الآيات (1، 2).

العدد 8

آية (8): -

"8لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: بَعْدَ الْمَجْدِ أَرْسَلَنِي إِلَى الأُمَمِ الَّذِينَ سَلَبُوكُمْ، لأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ.".

بعد المجد = قال في آية (5) أكون مجداً في وسطها. أي بعد حلول الرب في وسط شعبه، وهذا حدث بعد أن إشترانا الرب بدم صليبه وردنا من سبي الشيطان وسكن فينا. أرسلني إلى الأمم = يقصد بالأمم هنا إما الأمم فعلاً الذين أذلوا شعب الله، أو الشياطين الذين استعبدوا أولاد الله = الذين سلبوكم = أي استعبدوكم. فبعد أن أقام الله بيته وأقام وسطه وفيه عاد ليعاقب من أذلوا شعبه. من يمسكم يمس حدقة عينه = وعينه هذه قد ترجع إلى الله، ويكون المعنى أن من يمس أولاد الله يكون كمن يمس حدقة عيني الله فلابد أن يؤدبه الله. أو يكون المقصود أن الشرير الذي يمس شعب الله يكون بذلك قد مس حدقة عينه هو، أي تسبب في أذى نفسه. وعموماً فالشرير بصنعه الشر يزداد عماه، والشيطان كذلك أيضاً. والشرير بشره يفقد بصيرته الروحية. وكأن الشرير وهو قاصد بشره أن يؤذي جسد أخيه، إذ به يُصَوِّب ضرباته لعيني نفسه الداخليتين فيمس حدقة عينه هو، فلا يستطيع أن يعاين الله "فطوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله".

العدد 9

آية (9): -

"9لأَنِّي هأَنَذَا أُحَرِّكُ يَدِي عَلَيْهِمْ فَيَكُونُونَ سَلَبًا لِعَبِيدِهِمْ. فَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي.".

تفهم سلباً لعبيدهم بأن الشياطين الذين سبق أن سلبوا شعب الله قد أصبحوا عبيداً لشعب الله، وشعب الله لهم سلطان عليهم. وتفهم أيضاً أن الأمم الذين أذلوا شعب الله سابقاً سيدخلون الإيمان بإختيارهم. والكارزين والمبشرين بالإنجيل يسلبونهم للرب.

العدد 10

آية (10): -

"10«تَرَنَّمِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ، لأَنِّي هأَنَذَا آتِي وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ، يَقُولُ الرَّبُّ.".

سمة بر المسيح هي السلام الداخلي والتسبيح، وهذه عكس (مز137)، هنا كانوا في السبي والعبودية غير قادرين على التسبيح. فلا أحد يستطيع التسبيح إن لم يحرره المسيح.

العدد 11

آية (11) -

"11فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِالرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا فَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ، فَتَعْلَمِينَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ.".

نبوة عن دخول الأمم وهي أيضاً تفسر آية (9) "سلباً لعبيدهم".

العدد 12

آية (12): -

"12 وَالرَّبُّ يَرِثُ يَهُوذَا نَصِيبَهُ فِي الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَيَخْتَارُ أُورُشَلِيمَ بَعْدُ.".

الرب يرث يهوذا = الله بقبوله الأمم لم يرفض يهوذا ولكن إن آمنت يهوذا يرثها الرب، في هذه الحالة ستكون جزءاً من كنيسة المسيح.

العدد 13

آية (13): -

"13اُسْكُتُوا يَا كُلَّ الْبَشَرِ قُدَّامَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِهِ».".

اسكتوا = ليصمت كل بشر أمام حكمة الرب، فأمام موضوع قبول يهوذا والأمم حكمة متناهية لا نفهمها وهكذا عبر بولس الرسول (رو33: 11 - 36) لأنه قد إستيقظ = الله لا ينام ولكن نحن نتصور أحياناً في ضيقاتنا أنه لا يبالي كمن هو نائم ونحن في ضيقاتنا نكون كالنيام، وحينما نستيقظ نحن نقول عن الله أنه استيقظ. وراجع قصة نوم المسيح فى السفينة والبحر هائج (مر4: 35 – 41).

No items found

الأصحاح الثالث - سفر زكريا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الأول - سفر زكريا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر زكريا الأصحاح 2
تفاسير سفر زكريا الأصحاح 2