الفصل الثالث الزفاف السماوي الأصحاح الرابع – سفر نشيد الأنشاد – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

العدد 1

آية (1): -

"1هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ! عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ مِنْ تَحْتِ نَقَابِكِ. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ مِعْزٍ رَابِضٍ عَلَى جَبَلِ جِلْعَادَ.".

العريس يصف جمال عروسه التى عادت لجهادها وسارت فى موكب النصرة السمائى وقد ملكت العريس على قلبها فإنعكس عليها جماله. وقد استجاب لطلبتها فى (4: 1) حينما قالت "إجذبنى وراءك فنجري" فنجدها وقد صارت خادمة لعريسها تجذب له نفوس كثيرة = متئم (2: 4) وكارزة (3: 4) ومعلمة بكلمة الله (5: 4) وكلها ثمار ورائحتها حلوة فنحن رائحة المسيح الزكية (2كو15: 2) ويحذرها من السقوط فهى مازالت على الجبال المشعبة (8: 4).

حمامتان = الحمام له اتجاه واحد يطير إليه هو بيته أو برجه. وهذا ما جعلهم يستخدمون الحمام الزاجل فى نقل الرسائل. وهذا معنى أن الحمام يشير للبساطة فكلمة بساطة تترجم فى الكتاب المقدس Singleness of heart. والبساطة إذا فى المسيحية هى أن يكون لنا هدف واحد هو مجد المسيح ولا نعرج بين الفرقتين. والحمام أيضاً معروف بطهارته فالذكر لا يعرف سوى أنثاه.

عيناك حمامتان من تحت نقابك = لكِ عينان بسيطتان لا تطلبان إلاّ كل ما هو لله ولا تعرفان الشر، تبصران المسيح بالروح القدس الوديع. ولكن رؤيتك ليست كاملة فهي من تحت نقاب الجسد، فالنفس التي يكلمها العريس مازالت في الجسد على الأرض، ووجودنا في الجسد يمنع عنا رؤية الأمجاد، نراها كما فى لغز أو كما فى مرآة (1كو9: 13، 12) وما تدركه هذه النفس يكون كما من تحت نقاب (فالجسد الذى سكنت فيه الخطية يمنع الرؤية الواضحة "لا يرانى الإنسان ويعيش" (خر33: 20). والروح القدس هو الذى يكشف لنا (1كو2: 9 - 12). ولكن ما يكشفه لنا الروح القدس حتى لو كان كلغز فهو كاف أن نقول "لى إشتياق أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جدا" (فى1: 23).

شعركِ = الشعر يشير لشعب الله، فالشعر يلتصق بالرأس سواء شعر الرأس أو اللحية والرأس هو المسيح، وشعبه ملتصق به. وحينما أراد الله أن يعبر عن حكمه ضد أورشليم ورفضه لها أمر حزقيال النبي أن يحلق شعره ويضربه بالسيف ويحرق بعضه (حز5). والعكس في (مز133)، فحينما يتقدس الشعب ويكون في محبة ينسكب الروح القدس كالدهن من على الرأس المسيح على شعبه (لحيته). كقطيع ماعز = شعب الله مشبه هنا بقطيع ماعز، والماعز لونه أسود عادة. وكلما ارتفع القطيع على الجبل يراه الناظر كأنه وحدة واحدة، لا يميز الواحدة عن الأخرى. ولون الشعر الأسود يشير للشباب، والكنيسة يتجدد مثل النسر شبابها. إلا أن هناك تأمل آخر في قطيع الماعز فهي تسير مطمئنة آمنة وراء راعيها، رؤوسها إلى الأرض تبحث عن طعامها. لا ترى منها سوى أجساماً بلا رؤوس، فقد إختفت رؤوسها. وهذا ما يجب أن نفعله كشعب للمسيح، أن لا نفكر في الغد، إذ لنا ثقة في راعينا أنه يدبر كل شئ. ولكن إذا ما حدث ما يزعج القطيع فإنك تجد الرؤوس ترتفع كلها في الحال وتنظر العيون شاخصة لا إلى مصدر الخطر بل إلى الراعي، تلتمس عنده الرأي والمشورة والعون. ودليل أن السفر مكتوب بصيغة رمزية أنه هنا يشبه القطيع بشعر الماعز الأسود وكأنه بلا رؤوس، إشارة لشباب الكنيسة الدائم. وفي آية (2) يشبهه بقطيع ماعز تم جز شعره، والشعر هنا يرمز لأعمال الجسد الخاطئة. وهذا القطيع رابض على جبل جلعاد = وهو جبل عالٍ مشهور بمرعاه، إشارة لأن راعينا يقودنا للسماويات فسيرتنا هي في السماويات.

العدد 2

آية (2): -

"2أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ الْجَزَائِزِ الصَّادِرَةِ مِنَ الْغَسْلِ، اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ، وَلَيْسَ فِيهِنَّ عَقِيمٌ.".

أسنانك = هنا إشارة للخدام الذين يمضغون الطعام كالمرضعات ويقدمونه لبناً لحديثي الإيمان، الذين لا يحتملون الطعام الدسم. الصادرة من الغسل = أي هم خارجون من المعمودية. وهم مغسولون بالتوبة = جزائز = فإزالة الشعر تشير لإزالة أعمال الجسد. فالشعر خارج من الجسد، فهو يعبر عما فى داخل الجسد. كما لو كان هناك خزان مملوء بسائل ما، فما يخرج من الخزان سيكون هو نفس ما فى داخله. والجسد سكنت فيه الخطية (رو7: 17 - 20) فيكون إزالة الشعر رمزا للتوبة وللنقاوة، وأنه قد أزيل عنهم كل ما إلتصق بهم من خطايا وأوساخ العالم. وفي (تث11: 22) "لا تلبس ثوباً مختلطاً صوف مع كتان". فالصوف وهو شعر ماعز يشير للخطية بلونه الأسود، بينما الكتان الأبيض يشير للبر، فلا شركة للنور مع الظلمة "(2كو14: 6، 15). والآن نحن أمام معمدين تائبين لهم قدرة على أكل الطعام القوي ويحولونه إلى لبن فمن المؤكد سيكون لهم أولاد في الإيمان. وليس هذا فقط بل الطعام القوى يهضم ويذهب كل ما هو مفيد للدم. والدم ينقل هذا إلى ثديى الأم ليتحول إلى طعام للمولود. فإذا فهمنا أن الدم هو حياة الإنسان، يصير المعنى أن المخدوم يتأثر بحياة الخادم أكثر من تأثره بتعاليمه.

كل واحدة متئم وليس فيها عقيم = أي كل واحدة تلد توأم إشارة لوفرة الأبناء. فالسامرية أتت بشعب السامرة للمسيح.

فى الإصحاح الثالث وجدنا العروس تفرح بعودتها لعريسها بعد أن وجدته، وصارت مجاهدة. وهنا نرى علامة المحبة الحقيقية وهى أنها صارت كارزة وخادمة تأتى بنفوس عذارى لحبيبها (4: 1). وهذا ما سيظهر فى صورة أخرى فى (7، 6: 6)، إذ بعد أن عادت العروس بالتوبة (إصحاح5) يمدح العريس هنا جمالها كخادمة تجذب النفوس لحساب عريسها، فالخدمة علامة المحبة.

العدد 3

آية (3): -

"3شَفَتَاكِ كَسِلْكَةٍ مِنَ الْقِرْمِزِ، وَفَمُكِ حُلْوٌ. خَدُّكِ كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ تَحْتَ نَقَابِكِ.".

شفتاك كسلكة القرمز = ما دمنا قد تكلمنا عن الكرازة فيشير هنا للشفتان الكارزتان بدم المسيح (القرمز). وهي كسلكة، أي رقيقة لا تجرح أحد. فنحن نكرز بالمسيح دون أن نهاجم أحداً. بل كلمات العروس كلها رقة وعذوبة وعطف وحب، ولا تنطق بما لا يليق بها كعروس. وأيضاً فهاتان الشفتان لا يمكن أن يكونا كارزتان إن لم يغتسلا ويتقدسا بدم المسيح، وهذا ما حدث مع إشعياء (إش5: 6 - 7). ولأن الشفتان مقدستان بالدم قيل أنهما قرمز. وفمكِ حلوٌ = يخرج تسابيح وصلوات. وخدُّك كفلقة رمانة تحت نقابك = أي هي في حالة خجل من خطاياها، والخد أو الوجه يظهر ما في الداخل. وخدها أحمر من خجلها وحيائها واحتشامها. وإحمرار وجهها يشبه رمانة مقطوعة (لونها أحمر). أما الرمانة غير المقطوعة أو غير المفلوقة يكون لونها نحاسياً، واللون النحاسي يشير للوقاحة إذ لا تخجل النفس من خطاياها، وتشير لصلابة الوجه والجبهة، أي يخطئ ولا يهتم.

تحت نقابك = سر خجلها وقداستها هو في مجدها الداخلي (مز13: 45).

إذا فهمنا أن النقاب إشارة للجسد، يكون ما تحت النقاب هو الإنسان الداخلى، قلبها ومشاعرها وضميرها. وفى العهد الجديد يولد فينا إنسان داخلى جديد فى المعمودية، وهذا الإنسان الداخلى يخجل لو أخطأ، أما الإنسان العتيق فهو يتباهى بخطاياه (عد25: 6).

العدد 4

آية (4): -

"4عُنُقُكِ كَبُرْجِ دَاوُدَ الْمَبْنِيِّ لِلأَسْلِحَةِ. أَلْفُ مِجَنٍّ عُلِّقَ عَلَيْهِ، كُلُّهَا أَتْرَاسُ الْجَبَابِرَةِ.".

عنقك كبرج داود المبني للأسلحة = لكِ عنق مرتفع به تستطيعين تمييز العدو حين يأتي من بعيد (فبرج داود كانوا ينظرون منه للقتال من بعيد ويراقبون منه الأعداء). وهي لا تميز الأعداء فقط، بل لها أسلحة سماوية فرقم ألف يشير للسماويات. والمجن والأتراس هي للدفاع ضد ضربات سهام الشرير الموجهة للعروس (2كو4: 10). ونجد العريس هنا مستمراً في شرح جمال عروسته، وسر جمالها هنا أنها عروس مجاهدة.

برج داود = كانت المدن تحاط بأسوار وعلى الأسوار أبراج عالية يقف بها حراس ليراقبون من بعيد إقتراب الأعداء. ولكن هذا البرج ليس للمراقبة فقط بل فيه وسائل دفاعية مجن وأتراس. وهو برج داود أبو المسيح بالجسد. وإذا وضعنا هذه الآية أمامنا "إسم الرب برج حصين، يركض إليه الصديق ويتمنَّع" (أم18: 10). وإذا فهمنا أن الشيطان هو عدونا الأسد الزائر الذى يجول يلتمس من يبتلعه، فيكون إسم يسوع إبن داود هو حصننا الذى نحتمى فيه من هجمات أفكار الشيطان. فإذا هاجمتنا أفكار إبليس فلنصرخ "يا ربى يسوع المسيح إرحمنى أنا الخاطئ وأعنى".

العدد 5

آية (5): -

"5ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْ ظَبْيَةٍ، تَوْأَمَيْنِ يَرْعَيَانِ بَيْنَ السَّوْسَنِ.".

خشفتي ظبية = أي أولاد الظبية التوأم الصغار، وهم لهم عيون حادة. والثديان = بهما ترضع الأم أولادها الصغار. والكنيسة ترضع أولادها بكلمات الكتاب المقدس في العهد الجديد والعهد القديم، وهما توأمان فلهما مصدر واحد هو الروح القدس، وهما متكاملان فالعهد القديم تنبأ عن العهد الجديد والعهد الجديد شرح العهد القديم. وعيون الظبي الحادة تشير لما سيكتسبه المؤمن فهو سيرى عدوه ويعرف طرقه وحربه وحيله، فكلمة الله تعرفنا ما لنا من أسلحة. يرعيان بين السوسن = السوسن يشير للكنيسة التي تشبهت بعريسها، وكلمة الله ترضع وترعى السوسن.

رأينا فى الآية السابقة أن إسم يسوع فيه حماية، وهنا نرى أن كلمات الكتاب المقدس بها نكتشف العدو، وبها نرد على حيله وأفكاره، فالمسيح كان يجاوب إبليس بأيات من الكتاب المقدس.

العدد 6

آية (6): -

"6إِلَى أَنْ يَفِيحَ النَّهَارُ وَتَنْهَزِمَ الظِّلاَلُ، أَذْهَبُ إِلَى جَبَلِ الْمُرِّ وَإِلَى تَلِّ.

اللُّبَانِ. ".

أمام مديح العريس لعروسته، نجد العروس هنا تعلن لعريسها إستعدادها لأن تتبعه حتى إلى الصليب = المر، وهذا كما فعل القديس يوحنا لمحبته القوية للمسيح إذ هو وحده من التلاميذ كان تحت الصليب دون خوف.

وتستعين على ألامها بالصلاة = اللبان... إلى أن يفيح النهار. والنهارهو نهار الأبدية = أي يشرق. ولاحظ أنه أعطى لإحتمال الصليب صفة جبل = جبل المر، وأعطى للصلاة صفة أقل إرتفاعا = تل اللبان، فالصلاة والتسابيح ترفعنا للسماويات، ولكن إحتمال الصليب بشكر وقبول يرفعنا إلى درجات سماوية أعلى من التى ترفعنا إليها الصلاة، فالصليب هو إختبار عملى للشركة مع المسيح.

ولاحظ أن أول حروب إبليس هى رفض الألام ورفض حمل الصليب، فحين قال الرب لتلاميذه أنه سيصلب قال له بطرس "حاشاك يا رب. لا يكون لك هذا. فإلتفت وقال لبطرس اذهب عني يا شيطان. انت معثرة لي لانك لا تهتم بما لله لكن بما للناس (مت16: 22، 23). وقول المسيح" يا شيطان "هو موجه للشيطان الذى جعل بطرس يرفض فكرة الصليب ويقنع المسيح برفضها. ورأينا أن المسيح كان برج داود الذى إكتشف العدو الشيطان الذى أتى ليضع فكرة رفض الصليب على لسان بطرس.

العدد 7

آية (7): -

"7كُلُّكِ جَمِيلٌ يَا حَبِيبَتِي لَيْسَ فِيكِ عَيْبَةٌ.".

جمال النفس ظهر بسبب قبولها الصليب، وبسبب حياة الصلاة.

ليس فيك عيبة = هذه كما قال الشاعر العربى "عين المحب عن كل عيب كليلة". فهكذا يرانا الله المحب كاملين، حينما نكون فى المسيح (كو1: 28 + أف1: 4). وهذا ما قاله الله عن أيوب "رجل كامل ليس مثله" (أى1: 8) ثم يتضح من السفر أن أيوب كان له أخطاءه التى ينقيه الله منها ليكمل.

العدد 8

آية (8): -

"8هَلُمِّي مَعِي مِنْ لُبْنَانَ يَا عَرُوسُ، مَعِي مِنْ لُبْنَانَ! انْظُرِي مِنْ رَأْسِ أَمَانَةَ، مِنْ رَأْسِ شَنِيرَ وَحَرْمُونَ، مِنْ خُدُورِ الأُسُودِ، مِنْ جِبَالِ النُّمُورِ.".

هلمي معي من لبنان... معي من لبنان = لبنان مكان من أجمل ما يمكن، جباله خضراء فإلى ماذا يشير لبنان ولماذا يكرر معي من لبنان.

  1. يشير لبنان للعالم بإغراءاته وخداعاته. وكأن الله يقول لعروسته هلمي معي ولا يخدعك العالم بملذاته وجماله فهو كالحية لها مظهر جذّاب لكنها سامة، بل هذه الجبال الجميلة خطرة جداً. فبها خدور الأسود وبها نمور = وهذا يشير للحروب التي سنجدها في هذا العالم مثل الخطية الساكنة في الجسد ولإبليس الأسد الزائر وسلاحه لذات العالم. سلاح إبليس الأول هو رفض الألم، وهنا نجد السلاح الثانى وهو إغراءات العالم. وإبليس رأى النفس وقد إتخذت قرارها بأن تذهب لجبال المر واللبان، ونجد عريسنا ينبه لا تنجذبوا لإغراءات العالم.
  2. قد يشير لبنان لحياة التعزية والفرح والراحة في بدء الحياة الروحية، ولكن الله يعلن بأن هناك حروب يجب أن نجتازها فليست الحياة الروحية كلها تعزيات، بل من المؤكد سنجد أسود ونمور في الطريق.

هلمى معى = وتكرارها مرتين فهذا يعنى رفض العالم وخطاياه ورفض حياة الراحة بدون صليب. ونجد المسيح ليلة الصليب بينما كان يتكلم مع تلاميذه إذ به يقول لهم "قوموا ننطلق من ههنا" (يو14: 31) ويقصد بهذا قوموا نذهب إلى حيث يأتى يهوذا مع عساكر الرومان ليأخذونى إلى الصليب. وهنا دعوة للخروج مع العريس تاركين العالم منعزلين عن إغراءاته وخطاياه بل وراحته "أخرجوا منها يا شعبى لئلا تشتركوا فى خطاياها، ولئلا تأخذوا من ضرباتها" (رؤ18: 4). ورفض حروب الشيطان وأفكاره وإغراءاته، هذه الحرب الروحية هى بقيادة الرب نفسه الذى خرج غالبا ولكى يغلب (رؤ6: 2)، وهي للرب ولحسابه وبإسمه، لذلك لابد وسننتصر، بل سننمو بأن نحارب وننتصر. ولكن كيف نحارب؟

أنظري من رأس أمانة = أي تنظر من قمة جبل أمانة الذي يعني إيمان أي تنظر بعين الإيمان. والإيمان المطلوب أمام إغراءات العالم وضيقات الحياة والصليب الموضوع علينا يتلخص في نقطتين: -.

  1. الألام التى نواجهها هى لا شئ بجانب المجد المُعَّد "لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا. ونحن غير ناظرين الى الاشياء التي ترى بل الى التي لا ترى. لان التي ترى وقتية واما التي لا ترى فابدية (2كو4: 17، 18). هذا بالإضافة للتعزيات المرافقة للصليب" يمينه تعانقنى "(نش2: 6). وراجع (2كو1) فالتعزيات بقدر الألام.
  2. الشيطان لا يعطى الملذات مجانا، بل هى طُعْمْ ليجذب الفريسة ليهاجمها، لذلك يصور النشيد هنا أن الشيطان يجذبنا إلى جمال لبنان أى إغراءات خطايا العالم لنفاجأ بالنمور والأسود تلتهمنا فالشيطان يتلذذ بعذاب البشر.

ومن رأس حرمون = حرمون أي محرَّم أو مقدس لله ومكرس له. وهذا هو المطلوب من كل نفس أن تحرم ذاتها من ملذات العالم وشهوات العالم بل تحسب نفسها أنها مكرسة لله وأنها ليست للعالم، مؤمنة أنها ستنتصر لأن عريسها معها.

رأس شنير = تعنى المنير لانعكاس نور الشمس على قمته الثلجية. ورأس شنير هو أحد قمم جبل حرمون ولاحظ ترابط التكريس لله مع أن يكون الإنسان منيراً.

العدد 9

آية (9): -

"9قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ. قَدْ سَبَيْتِ قَلْبِي بِإِحْدَى عَيْنَيْكِ، بِقَلاَدَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ عُنُقِكِ.".

بإحدى عينيك = فكل واحد له عينان، عين جسدية وعين روحية. وحين تتضع العين الداخلية الروحية وتبكي في توبة صادقة تسبي قلب الله أي تغلبه كما قال بعد ذلك (5: 6). النفس خلال جهادها أنَّتْ ورفعت للمسيح عين باكية (مز1: 123). والله لا يحتمل العين الباكية بل ينجذب بالرحمة والحب إليها (1مل24: 21 - 29). والله يُسبَى أيضاً بطاعة النفس. بقلادة واحدة من عنقك = with one link of your necklace. العنق الغليظ هو إشارة لمن يرفض الطاعة بل يتذمر على الله. أما الذي يطيع الله فيصبح عنقه سهل الإنقياد، بل يفرح به الله ويلبسه قلادة، وكلما زادت طاعة النفس يزيد الله القلادات Links. بقلادة واحدة = الله يفرح بطاعتنا حتى لوصية واحدة. (راجع 1: 10).

ونفهم إحدى عينيك أن العين الجسدية هى التى ترى جمال العالم فتنجذب له (التى يشار لها بلبنان فى آية 8). والنفس إتخذت قرارا بإغلاق هذه العين تنفيذا لقول بولس الرسول "أميتوا أعضاءكم التى على الأرض" (كو3: 1 – 5) والنعمة تعطى معونة بل تفتح العين الأخرى التى تعاين السماويات، وحينئذ تحتقر ما كانت تنجذب إليه سابقا. فقالت النفس مع بولس الرسول "حسبت كل الأشياء نفاية بعد أن رأيت أن معرفة المسيح هى الأفضل" (فى 3). أما العين الروحية هى التى إنفتحت لنقاوتها فرأت الله (عريس نفسها) وهذه النفس التى أغلقت عينها عن ملذات العالم وخطاياه، فتحها الروح القدس على جمال عريسها فأحبته (آية10)، وهذا ما أسماه بولس الرسول "الحواس المدربة" (عب5: 14). فتركت لبنان أى العالم لذلك كرر القول من لبنان فى آية (8) لأن خداعات العالم قادرة على جذب العروس لذلك يحذرها من أن تنجذب مرة أخرى وتسير وراء ما تراه بعينها الجسدية. وتسعى لنقاوة قلبها ثابتة فى طريق الله، فترى الله (مت8: 5) + عب (14: 12) وترى ما لم تره عين، بل تعرف فكر المسيح (1كو2: 9 – 16).

العدد 10

آية (10): -

"10مَا أَحْسَنَ حُبَّكِ يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ! كَمْ مَحَبَّتُكِ أَطْيَبُ مِنَ الْخَمْرِ! وَكَمْ رَائِحَةُ أَدْهَانِكِ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ الأَطْيَابِ!".

كما تفرح النفس بعريسها أكثر من الخمر، هكذا العريس يفرح بالنفس التائبة. ووسط ألامها يعلن العريس لعروسه بكلمات مشجعة حبه لها، وأنها في مجد رغم ألامها. ولاحظ أن أوصاف المسيح لعروسه هنا هي نفس أوصافه في (2: 1، 3) فقد أعطانا جماله، ورائحة أطيابنا هي ثمر أطيابه العاملة فينا، هو يعطينا ما له ثم يعود فينسبه لنا.

ما أحسن حبك = هو الذي سكب فينا هذا الحب (رو5: 5) ويعود ويفرح إذ يجده داخلنا لم يتسرب للعالم فالعين التى كانت ترى العالم قد أغلقت فى الآية السابقة، فهذه العين التى كانت ترى العالم وتتلذذ به يتسرب حب الله من خلالها.

رَائِحَةُ أَدْهَانِكِ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ الأَطْيَابِ = الأدهان إشارة للروح القدس. وكل مسيحى مُعَمَّد سكن فيه الروح القدس. ولكن هناك من أطفأ الروح القدس. أما هذه النفس فقد جاهدت فإمتلأت من الروح القدس الذى ملأها ثمار لها رائحة أطيب من كل الأطياب. ففى (آية9) رأينا أن هذه النفس قد إتخذت قرارا بإغلاق عينيها أمام إغراءات خطايا العالم. ولاحظ أن عريسها لم يتركها وحدها فى المعركة بل هو زودها بألف مجن وعيون حادة ترى حيل العدو (آية4). وهذا ما نسميه الجهاد السلبى. ولكن كان لهذه النفس أيضا جهادها الإيجابى، فهى تصلى وتحتمل الألم (آية6). وإنطلقت تخدم عريسها (آية5).

العدد 11

آية (11): -

"11شَفَتَاكِ يَا عَرُوسُ تَقْطُرَانِ شَهْدًا. تَحْتَ لِسَانِكِ عَسَلٌ وَلَبَنٌ، وَرَائِحَةُ ثِيَابِكِ كَرَائِحَةِ لُبْنَانَ.".

شهداً = هو تسبحة هذه النفس وصراخها لله في وسط الألم، والشهادة لله أمام الآخرين (راجع تفسير هو14: 2). والشهد هو ثمار عمل النحل، والنحل إشارة للنفس المجاهدة، التي تجمع من زهور الكتاب المقدس شهداً، تجمع النفس من هذه الزهور فتمتلئ النفس حكمة تظهر على شفتيها. والعسل = يشير لكلمة الله التي ذاقها حزقيال وإرمياء وداود ويوحنا في الرؤيا فوجدوها كالعسل (حز3: 3 + مز103: 119 + رؤ9: 10). وكان المن كرمز للمسيح طعمه كرقاق بعسل. ولبن = طعام الصغار. فالنفس التي تحب المسيح عندها طعام مناسب لكل شخص. لقد وعد الله شعبه بأرض راحة يسيل منها العسل واللبن والآن تحولت النفس مكاناً لراحة الله، مكان راحة الثالوث فهي تفيض لبناً وعسلاً. رائحة ثيابك كرائحة لبنان = فهي خلعت ثياب الخطية ولبست المسيح، خلعت ثيابها الأرضية ولبست السمائية، لبست أى ظهر عليها وفيها ثمار الروح القدس، ولبنان أرض مثمرة. هي لبست المسيح نفسه = صارت صورته (غل4: 19).

العدد 12

آية (12): -

"12أُخْتِي الْعَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقَةٌ، عَيْنٌ مُقْفَلَةٌ، يَنْبُوعٌ مَخْتُومٌ.".

أختى العروس = إبن الله تجسد فصار "بكرا بين إخوة كثيرين" (رو8: 29). وهذه العروس فى العهد القديم حينما شعرت وفهمت مجيئه متجسدا قالت "ليتك كأخ لى الراضع ثديى أمى" (نش8: 1). وحينما فهمت نبوات العهد القديم قالت "صوت حبيبي. هوذا اَتٍ طافرا على الجبال قافزا على التلال" (نش2: 8). إشعياء النبى حينما فهم من النبوات أن المسيا سيأتى من السماء قال "ليتك تشق السموات وتنزل" (إش64: 1). أما هذه النفس فإرتفعت فى مستوى النبوة لإدراك أن الإبن سيتجسد ويتأنس ويشابهنا فى كل شئ ما عدا الخطية وحدها (عب2: 17 + يو8: 46).

جنة مغلقة = بمعنى مُسيَّج حولها. جنة تعني حديقة بها ثمار وهي مغلقة أي مكرسة لله، لا تنفتح للعالم، مغلقة فالله سور لها يحميها (زك2: 5). حواسها لا تقبل أي شئ، فالذي يترك حواسه مفتوحة تدخل منها الثعالب الصغار بل والكبار، بل كل وحش مفترس، هي لا تقبل أي شئ جديد يأتي به العالم "سبحي الرب يا أورشليم لأنه قوى مغاليق أبوابك" سبعينية (مز147: 12 - 14) "لانه قد شدد عوارض ابوابك. بارك ابناءك داخلك. الذي يجعل تخومك سلاما ويشبعك من شحم الحنطة". هي مغلقة لا تترك نفسها لكل منظر معثر أو فكرة جديدة معثرة أو مذهب جديد يدخلها ويدوسها. فالجنة غير المغلقة هى التى قال عنها السيد فى مثل الزارع "أن البذور سقطت على الطريق" فداستها الأرجل (مت13).

عين مقفلة = عين أي تفيض ماء لهذه الجنة. ومقفلة هنا بمعنى أنها لا تفيض إلى الخارج، أي الشوارع. والمعنى أنها لا تبعثر مواهبها وطاقاتها في الخطايا كما ضيع الابن الضال ثروة أبيه.

وينبوع مختوم = مختوم هنا تشير لعمل الروح القدس مع النفس (أف30: 4 + 2كو22، 21: 1). وفي إمتلائها تفيض على الآخرين (يو38: 7) بتعزيات وكلام الله. لقد صار للنفس إمكانيات الروح القدس الساكن فيها تمجد بها الله فهى مختومة = مكرسة لله. وكان الختم يوضع على العبد يشير لملكية سيده له، والختم يشير لصحة المكتوب، والختم يشير أيضا لخاتم الشخص الذى يمهر به أوراقه المالية ليصرف بها من أمواله (كما يوقع شخص الآن على شيك ليصرف من أمواله التى فى البنك، أو لمن لا يعرفون الكتابة، فهؤلاء لهم ختم يوقعون به وبهذا المفهوم أعطى الأب إبنه العائد الذى كان ضالا خاتم فى يده ليصرف به من أموال أبيه). والمعنى أن النفس صار كلامها من ينبوع الروح القدس.

ونلاحظ أن المسيح دخل العلية والأبواب مغلقة، ودخل بطن العذراء وأبوابه كانت وظلت مغلقة، ودخل قبر جديد لم يدخله أحد. والمسيح يرتاح داخل النفس ذات الأبواب المغلقة للعالم، ألم تتخذ هذه النفس قرارا بغلق إحدى عينيها، لذلك فالمسيح يفتحها هو لنفسه فترى النفس ما لا يراه العالم من أفراح السماء، وإذا المسيح فتح فلا أحد يغلق. ونحن بحفظنا للوصايا نغلق على أنفسنا، ولا نفتح لأحد ليدخل سوى المسيح، وهنا نصير جنة مغلقة. ولا نعود نبدد وزناتنا ومواهبنا في العالم فنصير عين مقفلة.

ثم نتحول لينبوع مختوم نفيض على الآخرين لحساب مجد الله بكلمات هى من الروح القدس وعلى كلماتنا هذه علامات أنها صحيحة ومن الروح القدس، فنحن عبيده المختومين لأنه إشترانا بدمه.

العدد 13

آية (13): -

"13أَغْرَاسُكِ فِرْدَوْسُ رُمَّانٍ مَعَ أَثْمَارٍ نَفِيسَةٍ، فَاغِيَةٍ وَنَارِدِينٍ.".

نرى هنا ثمار الروح في الجنة المغلقة. ومن الثمار ما هو للأكل (الرمان) وما هو للعطور (فاغية) وما هو للأطياب (لبان). هي عروس غنية في كل شئ. لديها طعام يشبع وشراب يروي وأطياب ثمينة وأدوية للعلاج. ولاحظ تكرار كلمة كل في آية (14) فهي غنية لا ينقصها شئ (2كو8: 9 + كو9: 1، 11). والرمان = عصيره في لون الدم، فعصيرها إذاً هو نفس عصير دم حبيبها، أي أن ثمارها ثمار الحب الباذل. والفاغية والناردين يستخدموا كأطياب وللزينة وهما غاليا الثمن فرائحة ثمارها حلوة ومعطرة.

العدد 14

آية (14): -

"14نَارِدِينٍ وَكُرْكُمٍ. قَصَبِ الذَّرِيرَةِ وَقِرْفَةٍ، مَعَ كُلِّ عُودِ اللُّبَانِ. مُرٌّ وَعُودٌ مَعَ كُلِّ أَنْفَسِ الأَطْيَابِ.".

يسترسل في وصف ثمارها. كركم = له إستخدامات طبية ويشفى العديد من الأمراض (إبحث عن فوائده فى جوجل) والكركم لونه أصفر علامة الضعف البشري.

فمع أن رائحتها حلوة = ناردين وقادرة على شفاء الآخرين = كركم إلا أنها ضعيفة، فكنزها في أوانٍ خزفية (2كو7: 4). بل أن قوة المسيح تعمل فى ضعفنا "فقال لي تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل. فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح. لذلك اسر بالضعفات والشتائم والضرورات والاضطهادات والضيقات لاجل المسيح. لاني حينما انا ضعيف فحينئذ انا قوي" (2كو12: 9، 10).

وقصب الذريرة والقرفة = هي نباتات عطرية تدخل في دهن المسحة وتستخدم كأدوية مع الكركم. وعود اللبان تصير أفراحها صلوات وتسابيح فاللبان يستخدم في صنع البخور.

عود = يستخدم لتعطير المنازل فله رائحة زكية حين يحرق. (يو37: 7 - 39).

ولكن لماذا تتكرر كلمة ناردين؟ ربما تتعجب النفس هل يمكن أن يصير لها هذه الرائحة.

فالعريس يكرر ويقول... نعم أقول أنه سيكون لكم هذه الرائحة (الناردين) بل وستكونون قادرين على شفاء الآخرين (الكركم) بالرغم من ضعفكم = الكركم. فنحن رائحة المسيح الزكية (2كو15: 2). والمعنى أن رائحتك الحلوة يا عروس هى ليست منك ولكن لوجودى فيك فلا تشكى فى التجديد القادر أن يعمله فيك الروح القدس فيجعلك خليقة جديدة (2كو5: 17).

العدد 15

آية (15): -

"15يَنْبُوعُ جَنَّاتٍ، بِئْرُ مِيَاهٍ حَيَّةٍ، وَسُيُولٌ مِنْ لُبْنَانَ.".

حينما نحمل الرب يسوع في داخلنا تفيض من داخلنا سيول الروح لتجذب الآخرين للأبدية كما تجذبنا نحن أنفسنا للأبدية.

ونحن نجذب الآخرين:

  1. برائحتنا التى هى رائحة المسيح (الناردين والعود والفاغية وأنفس الأطياب).
  2. بالحب الباذل الذى يرويه فينا (الرمان) وإحتمال الألم (المر).
  3. بكلمات الكتاب المقدس المعزية التى فيها شفاء لألام وأحزان الآخرين (القرفة والكركم)، راجع أيات 14، 13 فى نفس الإصحاح.

العدد 16

آية (16): -

"16اِسْتَيْقِظِي يَا رِيحَ الشَّمَالِ، وَتَعَالَيْ يَا رِيحَ الْجَنُوبِ! هَبِّي عَلَى جَنَّتِي فَتَقْطُرَ أَطْيَابُهَا. لِيَأْتِ حَبِيبِي إِلَى جَنَّتِهِ وَيَأْكُلْ ثَمَرَهُ النَّفِيسَ.".

الله لا يهتم بعد كل ما قيل أن تأتي رياح التجارب وتهب على النفس، ورياح التجارب أنواع فمنها ما يأتي من الشمال (برودة روحية) ومنها ما يأتي من الجنوب ألام ساخنة من الظروف الخارجية. بل إن هذه الرياح ستُثَبِّت خبراتها وتنمي إيمانها بأن المسيح عريسها يسندها في تجاربها. وحينما تزداد خبرتها وعلاقتها مع عريسها ويزداد إيمانها تقطر أطيابها ويأكل عريسها من ثمره النفيس (إش11: 53).

No items found

الفصل الرابع الحياة الزوجية الأصحاح الخامس الفصل الخامس - سفر نشيد الأنشاد - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث - سفر نشيد الأنشاد - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح 4
تفاسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح 4