الأصحاح السادس – سفر نشيد الأنشاد – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السادس

العدد 1

آية (1): -

"1أَيْنَ ذَهَبَ حَبِيبُكِ أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ؟ أَيْنَ تَوَجَّهَ حَبِيبُكِ فَنَطْلُبَهُ مَعَكِ؟".

إذ شهدت النفس لعريسها بدأ غير المؤمنين يتساءلون عنه ويطلبونه معها. أيتها الجميلة لقد ظهر عليها جمال عريسها. وهو جمال من نوع عجيب، فهم لم يطلبوها هي بل طلبوا عريسها وهم أدركوا أنهم سيعرفونه من خلالها لذلك يسألونها، ونحن نعرف المسيح خلال الكنيسة. وهذه هى الكرازة المطلوبة من الكنيسة أن يرى الناس فينا صورة المسيح فيطلبونه.

العدد 2

آية (2): -

"2حَبِيبِي نَزَلَ إِلَى جَنَّتِهِ، إِلَى خَمَائِلِ الطِّيبِ، لِيَرْعَى فِي الْجَنَّاتِ، وَيَجْمَعَ السَّوْسَنَ.".

نزل إلى جنته = أي تواضع هذا أن ينزل العريس السماوي، هو تواضع المحبة أن ينزل ليصعدنا معه للسماء. والمسيح داخل كنيسته دائماً وداخل كل نفس آمنت به. وما دام المسيح داخل كنيسته فمن العبث البحث عنه خارجها. والكنيسة كانت قفراً (أو النفس) أولاً ولكن بعد أن رواها ماء الروح تحولت إلى جنة، بها خمائل طيب = لقد قيل في (13: 5) أن خداه كخميلة الطيب. والآن نرى أن هذا وصف لعروسه (الكنيسة) فهي أخذت صورته وهي خميلة طيب أي مجموعات مختلفة من الأشجار، ثمارها متنوعة وكثيرة وكلها طيب. ويجمع السوسن = السوسن كان صفة للعريس فأصبح صفة العروس "يا أولادي الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم". والمسيح أتي ليجمع أولاده في كنيسته، يجمع أولاد الله المتفرقين إلى واحد. (يو52: 11 + يو20: 17 - 26). فجنة المسيح هي أولاد الله الذين صارت لهم صورة المسيح، وكلهم مجتمعين في وحدة ومحبة داخل كنيسته (جنته) وهو في وسط هذه الجنة "إذا اجتمع إثنين أو ثلاثة باسمي فأنا أكون في وسطهم".

العدد 3

آية (3): -

"3أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي. الرَّاعِي بَيْنَ السَّوْسَنِ.".

أنا لحبيبي وحبيبي لي = (16: 2). من المهم أن يشعر كل واحد أن له علاقة شخصية بالمسيح والعروس هنا تعطي نفسها لحبيبها بكامل حريتها، لا تعطي له فقط ما تملكه بل تعطي نفسها له لأنه سبق وأعطاها نفسه كما قالت النفس فى بداية معرفتها بالمسيح الذى بذل نفسه لأجلها (نش2: 16). هو عطاء كامل متبادل.

العدد 4

آية (4): -

"4أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ، حَسَنَةٌ كَأُورُشَلِيمَ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ.

كترصة = العريس يشَبِّه عروسه بمدينة جميلة وهي ترصة، وهذه كانت عاصمة لإسرائيل لمدة 50 سنة ومعنى اسمها فرح. وهو إسم أصغر بنات صلفحاد اللواتي كان لهن إصرار على الحصول على الميراث (عد1: 27 - 11). والعريس يرى أن جمال كنيسته هو إيمانها وجهادها وإصرارها أن تحصل على ميراثها السماوي. وهي كأورشليم = هي مدينة الملك السمائي العظيم وتمثل الأقداس السماوية. وقد جعلها سليمان بهجة كل الأرض وفخر العالم وكفاها أنها المدينة المقدسة. وهذا ما صنعه سليماننا المسيح ملك السلام الذي جعل كنيسته سماوية مقدسة وملك عليها. وهي مرهبة كجيش بألوية = فجمالها ممتزج بالقوة، والقوة راجعة للمسيح الذي فينا، وحين يكون المسيح فينا نكون مرعبين للشياطين ولنا سلطان أن ندوسهم (لو19: 10 + 2كو4: 10، 5). وقوله ألوية يدل على أنها جيش منظم فإلهنا ليس إله تشويش "(1كو14: 33) +" أمرهم أن يجعلوا الجميع يتكئون... مئة مئة وخمسين خمسين.. "(مر6: 39، 40).

العدد 5

آية (5): -

"5حَوِّلِي عَنِّي عَيْنَيْكِ فَإِنَّهُمَا قَدْ غَلَبَتَانِي. شَعْرُكِ كَقَطِيعِ الْمَعْزِ الرَّابِضِ فِي جِلْعَادَ.".

حولي عني عينيك فانهما قد غلبتاني = فبكاء المرأة الخاطئة وتنهدات اللص اليمين اجتذبا لهما مراحم السيد المسيح. فالله لا يحتمل إنسحاق إنسان (1مل19: 21).

الأعداد 6-7

الآيات (6 - 7): -

"6أَسْنَانُكِ كَقَطِيعِ نِعَاجٍ صَادِرةٍ مِنَ الْغَسْلِ، اللَّوَاتِي كُلُّ وَاحِدَةٍ مُتْئِمٌ وَلَيْسَ فِيهَا عَقِيمٌ. 7كَفِلْقَةِ رُمَّانَةٍ خَدُّكِ تَحْتَ نَقَابِكِ.".

لاحظ تكرار الصفات، فالعروس استعادت مكانتها الأولى بعد التوبة من حالة الفتور. وهكذا أعاد الله بطرس لدرجة الرعاية بعد أن أنكره.

العدد 8

آية (8): -

"8هُنَّ سِتُّونَ مَلِكَةً وَثَمَانُونَ سُرِّيَّةً وَعَذَارَى بِلاَ عَدَدٍ.".

هنا يمتدح المسيح كنيسته خلال لغة الأرقام. ستون ملكة = رقم ستون سبق تفسيره. ولكن كان رقم (60) سابقاً مقروناً بالجبابرة في الحرب. وهنا نجده مقترناً بمن صاروا ملكات. ونفهم أن الذين كانوا جبابرة في الحرب صاروا الآن ملكات، فهم صاروا عرائس المسيح الملك. ثمانون سرية = السرية هي من عاشت تستعبد نفسها لوصايا المسيح. والسرية ليست لها حقوق الزوجة التي في العلن ولكن لها شركة سرية مع زوجها أو سيدها. وهكذا شركتنا مع المسيح هي شركة سرية الآن. ورقم 80 = 8×10. ورقم 8 يشير للمجد الأبدي ورقم (10) يشير للوصايا. فمن استعبد نفسه لوصايا الله وصارت له علاقة سرية فى المخدع مع المسيح، سيتذوق المجد الأبدي. عذارى بلا عدد = هن عذارى بمعنى أن القلب لله، هذه حالة تكريس. وهنّ بلا عدد لأن من في السماء لم يستطع أحد أن يعدهم (رؤ9: 7).

العدد 9

آية (9): -

"9 وَاحِدَةٌ هِيَ حَمَامَتِي كَامِلَتِي. الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِيَ. رَأَتْهَا الْبَنَاتُ فَطَوَّبْنَهَا. الْمَلِكَاتُ وَالسَّرَارِيُّ فَمَدَحْنَهَا.".

لندرك رمزية السفر. فقد قيل سابقاً أنهم 60 ثم قيل 80 ثم قيل بلا عدد، والآن هى واحدة = فهي كنيسة واحدة وحيدة، جسد واحد وروح واحد، إيمان واحد يوحد الكنيسة واحدة هي حمامتي = فالذي يوحد الكنيسة هو الروح القدس الذي يعطي للمؤمنين شركة مع الله وشركة بين بعضهم البعض ويثبتهم فى جسد المسيح الواحد. وهذا بالتبكيت والمعونة ويخبرهم عن المسيح فيحبونه (يو16: 8 - 14 + رو8: 26).

كاملتي = وإذ تستجيب النفس لعمل الروح القدس يعيدها للثبات فى عريسها المسيح. وإذ تثبت الكنيسة فى المسيح الكامل تصير كاملة (كو1: 28). وقيل أن هذه الواحدة الكاملة هي العذراء مريم، وعموماً فالعذراء هي أم الكنيسة.

الْوَحِيدَةُ لأُمِّهَا هِيَ. عَقِيلَةُ وَالِدَتِهَا هِى - فلماذا التكرار؟

الكنيسة جمعها المسيح فى جسده من اليهود والأمم، وجعل الإثنين واحدا (أف2: 14). كنيسة العهد القديم وكنيسة العهد الجديد هما زيتونة واحدة، أصل واحد. فلقد بدأ تدبير الخلاص بعزل أبونا إبراهيم ومنه جاء الشعب اليهودى الذى خرج منه المسيح والعذراء مريم والتلاميذ والرسل، فبدأت الكنيسة.

وإمتدت الكنيسة لكل العالم الأممى. وكان الأمم أغصان زيتونة برية ولكن تم تطعيمهم فى الزيتونة الأم بالنعمة. ومن آمن بالمسيح من اليهود ثبت فى الزيتونة الأم، ومن رفضوا تم قطع هذه الأغصان من الزيتونة (رو11).

والآن نحن لا نتكلم عن يهود وأمم بل عن كنيسة واحدة وحيدة. كنيسة تكونت من اليهود ومن كل الشعوب والقبائل والأمم. صار الكل جسد المسيح. الكنيسة هى عروس المسيح المختارة المحبوبة. هى الزيتونة والكرمة والتينة الحقيقية أى الثابتة، كنيسة المسيح وهيكل جسده التى خرجت من الزيتونة الأم الوالدة أى الأمة اليهودية. هذه الأمة اليهودية، الأم للكنيسة قيل عنها "اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به امه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه" (نش3: 11). وحينما صلبه اليهود رفضهم الله من أن يكونوا شعبه. وصارت الكنيسة هى الزيتونة الحقيقية بالأغصان التى بقيت عليها، وبالأغصان التى طعمت فيها هى العروس المختارة الجديدة = عقيلة والدتها أى مختارة والدتها = الكنيسة التى خرجت من الأمة اليهودية لتصير هى المختارة.

وعلى الصليب قال رب المجد لأمه عن يوحنا "يا إمرأة هوذا إبنك" ثم قال ليوحنا "هوذا أمك" (يو19: 26، 27). وكان هذا معناه أن العذراء مريم صارت أما للكنيسة جسد المسيح. حواء القديمة أم كل الخليقة أخذت إسم إمرأة. والآن أخذت العذراء لقب إمرأة، إذ صارت أما لجسد المسيح الحى أى كنيسته.

الوحيدة لأمها = هنا الأم هى العذراء مريم الإمرأة الجديدة، حواء الجديدة أم جسد المسيح. كنيسته الواحدة الوحيدة.

واضح أن الأم هى الوالدة، لكن الوحى إستخدم تعبيرين ليميز بين الأم القديمة التى خرج منها المسيح أى الأمة اليهودية التى توجته بإكليل شوك يوم عرسه، وبين الأم الجديدة التى جاز فى نفسها سيف يوم عرسه على الصليب (لو2: 35). الأم القديمة صارت أما لشعب من الأموات صلبوا المسيح وجعلوا دمه على رؤوسهم، والأم الجديدة صارت أما لأحياء آمنوا بالمسيح وثبتوا فى جسده الحى.

لذلك نقول أن الوالدة فى هذه الآية هى الأمة اليهودية.

والأم هى العذراء مريم.

الوالدة = خرجت منها الكنيسة المختارة = لذلك قيل عن الكنيسة عقيلة والدتها هى.

الأم = صارت أما للكنيسة الواحدة الوحيدة = لذلك قيل عن الكنيسة الوحيدة لأمها هى.

عموما الكنيسة أم ولود تلد أولادا لله. منهم من يقبلوا المسيح ويجاهدوا فيخلصوا وهم المختارين، ومنهم من يرفضوا المسيح. والكنيسة هى والدتهم التى ولدتهم من بطنها أى المعمودية، وأورشليم السماوية تنتظر وصولهم للسماء. الوحيدة لأمها = هى وحيدة واحدة، جسد واحد أعضاء جسد المسيح عريسها، يقول عنها بولس الرسول "فاننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد لاننا جميعنا نشترك في الخبز الواحد" (1كو10: 17). والبنات طوبنها = فالسمائيين فرحوا بها.

العدد 10

آية (10): -

"10مَنْ هِيَ الْمُشْرِفَةُ مِثْلَ الصَّبَاحِ، جَمِيلَةٌ كَالْقَمَرِ، طَاهِرَةٌ كَالشَّمْسِ، مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ؟".

مشرفة كالصباح = كما ينفجر نور الصباح ويظهر، هكذا ظهور نور الكنيسة عروس المسيح. جميلة كالقمر = لإنعكاس نور عريسها (شمس البر عليها). طاهرةٌ كالشمس = هو طهرها بميلاده منها واتحاده بها وكان تطهيرها بدمه، وبأن أرسل لها روحه المعزي روح الإحراق. يجددها ويثبتها فى جسد المسيح. وبثباتها فى مسيحها صار الآب يراها كاملة فى إبنه شمس البر (ملا4: 2)، صار لا يرانا فى خطيتنا بل يرى إبنه إذا كنا ثابتين فيه. والروح القدس يجدد فينا طوال فترة حياتنا على الأرض (تى3: 5). لنكون على صورة المسيح "ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير الى تلك الصورة عينها من مجد الى مجد كما من الرب الروح" (2كو3: 18). ويقول بولس الرسول "يا اولادي الذين اتمخض بكم ايضا الى ان يتصور المسيح فيكم" (غل4: 19). نحن مخلوقين على صورة الله. وفقدنا هذه الصورة بالخطية. وكان الفداء ليطهرنا ويجدد طبيعتنا لنعود ونشبه المسيح، فإن كان المسيح هو شمس البر نكون نحن كالشمس أى نشبهه.

العدد 11

آية (11): -

"11نَزَلْتُ إِلَى جَنَّةِ الْجَوْزِ لأَنْظُرَ إِلَى خُضَرِ الْوَادِي، وَلأَنْظُرَ: هَلْ أَقْعَلَ الْكَرْمُ؟ هَلْ نَوَّرَ الرُّمَّانُ؟".

أمام مديح المسيح لكنيسته أو للنفس، نزلت النفس التي أحبت المسيح للعمل لحساب عريسها لتفرح قلبه، هي نزلت للبستان لتفرح بالثمار وتطمئن على توبة الكثيرين ورجوعهم. جنة الجوز = الجوز يشير للكتاب المقدس، فهو لغير المؤمنين كثمرة الجوز لها قشر يابس من الخارج. وللمؤمنين الذين يدخلون إلى العمق فالكتاب المقدس كَلُب الجوز الحلو المفيد. ومن يقرأ الكتاب المقدس بروح الصلاة يكتشف حلاوته. وسميت الكنيسة هنا جنة الجوز لأنها تعيش تقتات على الكتاب المقدس "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" وهذا التعبير إستخدم هنا بالذات فالعروس نزلت لتخدم فماذا تستخدم في كرازتها وخدمتها إلا كلمة الله تفسرها لمن يسمع أي تكسر ثمرة الجوز حتى تظهر حلاوتها لمن يسمع.

العدد 12

آية (12): -

"12فَلَمْ أَشْعُرْ إِلاَّ وَقَدْ جَعَلَتْنِي نَفْسِي بَيْنَ مَرْكَبَاتِ قَوْمِ شَرِيفٍ.".

لقد رأينا النفس العروس تجاهد وتتوب وتعود لمركزها السابق بل تعمل في كرم عريسها، هي تجاهد في حياتها ضد الخطية، تنضم لموكب المجاهدين الشريف والخدام الأمناء وهذا الموكب موكب شريف فقائد الموكب هو المسيح نفسه ملك الملوك. وهذا جعلها كما لو كانت ملكة لها مركبة وسط المركبات CHARIOTS. فالنفس المجاهدة يكرمها الله.

العدد 13

آية (13): -

"13اِرْجِعِي، ارْجِعِي يَا شُولَمِّيثُ. ارْجِعِي، ارْجِعِي فَنَنْظُرَ إِلَيْكِ. مَاذَا تَرَوْنَ فِي شُولَمِّيثَ، مِثْلَ رَقْصِ صَفَّيْنِ؟".

رحلة جهاد العروس هي رحلة رجوع دائم إلى الله. قد تنجذب للأرضيات فتسمع حالاً صوت عريسها إرجعي إرجعي. يا شولميث = لقد أعطاها العريس إسمه فشولميث هو مؤنث شالم أو سليمان. فالعروس حملت شخص عريسها المسيح في داخلها. وسر فرحة المسيح بها هي أنها في حالة رجوع دائم إليه ومهما سقطت ترجع "الصديق يسقط في اليوم سبع مرات ويقوم". فننظر إليك = هنا الثالوث يتكلم بفرح عنها، وهي أيضاً في عودتها ورجوعها تفرح وكأنها ترقص = مثل رقص صفين = رقص داود أمام تابوت العهد ورقصت مريم بعد عبور البحر الأحمر وحصولهم على الحرية. وقوله مثل رقص أي فرح داخلي لا يُعبَّر عنه، هذا هو عمل التوبة في النفس. وقوله صفين، أي جيشين ووردت الكلمة الأصلية "محنايم" (تك1: 32، 2). فيعقوب أطلق على المكان محنايم لأنه كان هناك جيشين "الجيش الأول هو أسرته" "والجيش الثاني كان الملائكة" والمسيح ينظر بفرح لجيشين "الأول هو الكنيسة المحاربة المجاهدة على الأرض" "والثاني هو الكنيسة المنتصرة في السماء بالإضافة للملائكة السمائيين". والمسيح ينظر بفرح لتسبيح كل هؤلاء تعبيراً عن فرحهم الداخلي. وهذا التسبيح مرهب جداً للشياطين كأن جيشين يحاربانهم.

والكنيسة تردد تسبحة الساعة الثانية عشرة يوم الجمعة العظيمة كجيشين أحدهما في الهيكل (الشمامسة ويمثلون السماء) والآخر في صحن الكنيسة (ويمثل الكنيسة على الأرض) الكل يسبح الله.

والآن نفهم معنى القول ستون ملكة وثمانون سرية، فالستون هم الكنيسة المجاهدة على الأرض فرقم ستة يشير للإنسان على الأرض والثمانون هم الكنيسة المنتصرة فى السماء وهؤلاء هم الصفين اللذين يسبحان الله وهن واحدة فكنيسة الله المجتهدة والمنتصرة هما كنيسة واحدة ورقم عشرة يشير للكمال فالكنيسة تحسب كاملة فى المسيح. ومع أنها واحدة لكنها عدديا لا يمكن لأحد أن يعد عدد المخلصين فيها الذين هم فى السماء (رؤ7: 9).

وأيضاً نفهم قوله فى آية (4) من نفس الاصحاح "أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي كَتِرْصَةَ حَسَنَةٌ كَأُورُشَلِيمَ مُرْهِبَةٌ كَجَيْشٍ بِأَلْوِيَةٍ" (نش4: 6). فترصة تمثل الكنيسة المُجاهدة على الأرض، بينما أورشليم تمثل أورشليم السماوية.

جميلة كترصة = سر جمالها هو حياتها السماوية وجهادها ورفضها لإغراءات إبليس.

فالسيد المسيح قيل عنه "طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ" (مز9: 18). أى أحنى السموات وجعلها على الأرض. لقد أعطانا أن نحيا فى السماويات وهو وسطنا "وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوع" (أف6: 2) + "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ» (متى20: 28) +" لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ "(متى20: 18). وحيثما وُجِدَ المسيح فالمكان الذى فيه يصير سماءً، فصارت الكنيسة المجاهدة لها جمال الكنيسة المنتصرة. لأننا مازلنا على الأرض، وهناك حروب تحاول أن تجذبنا من الحياة السماوية، فنحن فى حرب مع الشيطان" فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ "(أف12: 6). وعلمنا السيد المسيح أن نُصلى" وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ "(لو4: 11)، حتى نستمر فى حياتنا السماوية ونصلى من أجل هذا" كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ "(لو2: 11)، وبهذا يفرح المسيح بكنيسته ويقول عنها" أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي "(نش4: 6) مثل الكنيسة المنتصرة فى السماء. والكنيسة المُجاهدة لها جمال فى نظر الله لأنها إختارت الله رافضة ملذات وإغراءات العالم.

حسنة كأورشليم = ولكن يصف السماء بأنها حسنة وهو وصف الكتاب للعالم قبل السقوط واللعنة. وقطعاً لا مقارنة بين حال أورشليم السماوية والكنيسة المجاهدة الآن مهما كان جمال السماويات على الأرض. فهناك راحة بلا ألم ولا تجارب شريرة أو مؤلمة. هناك تحيا النفوس فى سلام وفرح بلا شئ ينغص عليها فرحها فى إنتظار يوم المجد الأبدى.

والحال فى السماء والكمال حينما تختفى أثار الخطية واللعنة لا يُقاس بجمال الجنة الأرضية عَدْنْ (تك1، 2). فهبة المسيح أعظم بما لا يقاس بنتائج الخطية: "وَلَكِنْ لَيْسَ كَالْخَطِيَّةِ هَكَذَا أَيْضاً الْهِبَةُ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيرا ًنِعْمَةُ اللهِ وَالْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ" (رو15: 5).

ونلاحظ ان العذراء مريم حين حل عليها الروح القدس وحل المسيح في أحشائها انطلقت الي الجبال فمن يحيا المسيح فيه يحيا في السماء.

وهكذا علمنا السيد المسيح أن نصلي الصلاة السماوية:

أبانا الذي في السموات: أبونا سماوي.

ليتقدس اسمك: القداسة أصلها اللغوي هو اللا أرضيات والمعني أنه بأعمالنا وحياتنا السماوية يتمجد أبونا السماوي ويظهر للناس علوه وسموه.

ليأتى ملكوتك: من يملك المسيح عليه يحوله إلى سماء.

لتكن مشيئتك: وبهذا نحيا في السماويات كما في السماء.

كما فى السماء كذلك على الأرض: لنحيا السماويات علي الأرض.

خبزنا الذي للغد اعطنا اليوم: والمعني أن نشبع بالمسيح وبهذا نزهد في الأرضيات ونحيا في السماويات.

واغفر لنا ذنوبنا: واذا لم يغفر لنا الله كيف نحيا في السماويات.

كما نغفر: فكيف نحيا في السماويات وقلوبنا فيها كراهية.

ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير: أعنا يا رب حتي لو أدخلنا العدو الشرير فى تجربة لا نضعف ونخطئ فنسقط، وتضيع وتضيع منا الحياة السماوية فهذا هو هدف الشرير من التجربة (اف6: 12).

لأن لك الملك: وهذا هو الحال في السماويات (عب 2: 8).

وهناك من يرفض هذه الحياة السماوية ظنا منه أن الملذات الأرضية فيها الشبع. هؤلاء قيل عنهم فى (إش 8: 5 – 8) أن الشعب رذل مياه شيلوه الجارية بسكوت وأرادوا ان يرتووا بمياه النهر القوية وهؤلاء سيعودون للعبودية. وشيلوه هنا إشارة للأفراح الروحية السماوية، ومياه النهر القوية هي إشارة لملذات العالم الخاطئة وهذه يعطيها الشرير رئيس هذا العالم (يو 14: 30). لكن هذا الشرير يعطي ويعيِّر ويذل وبهذا يفقد الإنسان سلامه أما الله فيعطي بسخاء ولا يعيِّر (يع 1: 5). والله يعطي سلاما يفوق كل عقل وفرح.

(في 4: 4 – 7) وهذا هو المشار إليه بمياه شيلوه.

No items found

الأصحاح السابع - سفر نشيد الأنشاد - القمص أنطونيوس فكري

الفصل الرابع الحياة الزوجية الأصحاح الخامس الفصل الخامس - سفر نشيد الأنشاد - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح 6
تفاسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح 6