الفصل الرابع الحياة الزوجية الأصحاح الخامس الفصل الخامس – سفر نشيد الأنشاد – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

العدد 1

آية (1): -

"1قَدْ دَخَلْتُ جَنَّتِي يَا أُخْتِي الْعَرُوسُ. قَطَفْتُ مُرِّي مَعَ طِيبِي. أَكَلْتُ شَهْدِي مَعَ عَسَلِي. شَرِبْتُ خَمْرِي مَعَ لَبَنِي. كُلُوا أَيُّهَا الأَصْحَابُ. اشْرَبُوا وَاسْكَرُوا أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ.".

في آخر الإصحاح السابق دعت العروس عريسها ليأتي إلى جنته وها هو قد إستجاب فوراً ونزل إليها فهو يشتهي هذا. مرى مع طيبي = المر يشير للصليب الذى تحملته فى صبر فكان لها رائحة طيبة كالمر. أما الطيب فيشير للدفن في القبر فهى قد دفنت مع المسيح فى المعمودية (موت) وإستمرت ميتة عن خطايا العالم (إماتة) (رو6: 1 – 14 + كو3: 5). وكأن أحداث الخلاص ممتدة في حياة عروسه، فهو يرى أن كأس المر الذي تشربه إنما هو كأسه. أكلت شهدي مع عسلي = كأنه دخل أرض الميعاد أرض الراحة، ووجد في عروسه راحته، فهي أرض الميعاد بالنسبة له، كل ما فيها حلو. شربت خمري مع لبني = الخمر هو خمر الحب والخمر رمز للفرح، فالعريس فرح بعروسه وهى بالرغم من ألامها فهى فرحة به، واللبن هو لبن إيمانها البسيط عديم الرياء (2تي5: 1). وهذا الإيمان ناشئ من تعاليم صحيحة شربناها من كلمة الله. كلوا أيها الأصحاب = هم السمائيين "يصير فرح في السماء بخاطئ يتوب". إسكروا = إفرحوا بشدة فالخمر تشير للفرح. اللبن والعسل كما رأينا فى الإصحاح السابق (آية11) يشيران لأرض الميعاد والمعنى راحة الله فى هذه النفس. ونجد هنا أن العريس يضيف الخمر إلى اللبن والعسل إشارة لفرحه بالنفس بالإضافة للراحة.

العدد 2

آية (2): -

"2أَنَا نَائِمَةٌ وَقَلْبِي مُسْتَيْقِظٌ. صَوْتُ حَبِيبِي قَارِعًا: «اِفْتَحِي لِي يَا أُخْتِي، يَا حَبِيبَتِي، يَا حَمَامَتِي، يَا كَامِلَتِي! لأَنَّ رَأْسِي امْتَلأَ مِنَ الطَّلِّ، وَقُصَصِي مِنْ نُدَى اللَّيْلِ».".

يبدو أن الحالة الروحية لا تسير على وتيرة واحدة. فها هي قد عادت ونامت ولم تستطع أن تسهر معه ساعة واحدة. هكذا الإنسان دائماً يميل للتراخي في حب الله بالرغم من كل ما يقدمه له الله. فللأسف محبتنا فاترة بالرغم من كل ما عمله ويعمله الله لنا. ولكن يحسب لهذه النفس أن قلبها مستيقظ = ولأن الله رأى قلبها أنه مازال مستيقظاً فهو لن يكف عن نداءه عليها. بل ينزل ليقرع على بابها ولكنه لا يقتحم النفس اقتحاماً فالله يحترم حريتنا، هو ينادي ليفتح وإن إستجبنا وفتحنا يدخل (رؤ20: 3 + يو20: 6، 21). ولأن قلبها كان مستيقظاً كانت تسمع صوت حبيبها قارعاً (رؤ20: 3). ومن يسمع هذا الصوت هو من يكون قلبه مستيقظاً. قارن مع رسالة لاودكية فى سفر الرؤيا إصحاح (3) فالحالتان متشابهتان. هما حالة فتور وفى كلا الحالتين ترك المسيح النفس وإبتعد عنها قليلاً حتى تستيقظ وتتوب. فهنا قال إن الحبيب تحول وعبر وفى رسالة لاودكية قال "أنا مزمع أن أتقيأك". لكننا هنا نجد أن هذا العلاج أتى بنتيجة إيجابية لكن فى حالة ملاك لاودكية لم يخبرنا الكتاب عنه شئ.

تعليق: نحن أمام حالة فتور وليست حالة موت روحي، إنسان أهمل خلاص نفسه وجهاده. قد يكون بسبب سعيه وراء شهوة عالمية.. الخ، ولكن ما زال ضميره حياً. ولكن هناك من يصل لدرجة الموت، موت الضمير فيشرب الإثم كالماء. ولكن حتى هذا فالمسيح قادر أن يقيمه كما أقام لعازر. ودليل أن هذه النفس لها ضمير مازال حياً أنها تحركت حينما عرفت أن الله غاضب منها وحين رأت جراحاته. ولكن مثل هذه النفس تكون إرادتها ضعيفة، ولذلك يوقظها الله بأن يقرع على بابها. ونلاحظ كلمات التشجيع للنفس يا أختي يا كاملتي فالله لا يوبخ بل يقول "أيوب رجل كامل".

رأسي إمتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل = هذه إعلان للنفس أن فتورها سبَّب له هذه الألام، فالليل يشير لخطايانا، وهو حمل خطايانا على رأسه (إش4: 53، 5 + إش27: 4). وهذه النفس في الليل، ليل العالم وليل الضيقات والأحزان وليل الفتور والخطية وقد دخل عريسها هذا الليل من أجلها وحمل أحزانها وحمل الغضب الإلهي.

حمامتى = كما قلنا من قبل فان الحمام مهما إبتعد عن بيته فهو يعود دائماً إلى بيته وهذه هى صفة الحمام الزاجل. فما يجعل قلب المسيح فرحا هو عودة عروسه إليه مهما إبتعدت كما عادت حمامة نوح إلى الفلك لانها وجدت الجيف والنتانة خارجاً فلم تحتمل وجودها خارجا وعادت.

يا حمامتى يا كاملتى = حين عادت النفس للمسيح صارت فيه كما صارت الحمامة فى فلك نوح، ومن هو فى المسيح يحسب كاملا، وهذا هو ما علَّم به بولس الرسول (أف1: 4 + كو1: 28) ولذلك طلب المسيح منا أن نثبت فيه (يو15: 4).

نائمة وقلبى مستيقظ = النفس هنا دخلت فى حالة فتور، وعلامة الفتور حالة إسترخاء فى الجهاد (إذاً لا صلاة ولا تسبيح ولا خدمة ولا بذل ذات). والنائم كسول لا يريد أن يعمل، ولكن محبة هذه النفس محبة نظرية فى القلب جعلتها مستيقظة، لكنها لا تريد ان تعمل مع حبيبها. بينما المحبة الحقيقية هى بذل وتعب، وهذا ما عبَّر عنه بولس الرسول بقوله "لأن الإرادة حاضرة عندى وأما أن أفعل الحسنى فلست أجد (رو7: 18). وهذا ما عمله المسيح بصليبه أنه تعب لأجلنا. أما هذه النفس الكسولة لا تريد أن تتعب وتعتذر بأنها لا تريد أن تتسخ رجليها من الخدمة (آية3) أى حين تصطدم بالناس وبعوائق الخدمة وبالعثرات، ولا تعلم أن المسيح يغسل أرجل تلاميذه الذين يتعبون معه.

هذه حالة نفس فى حالة فتور وتكاسل بلا جهاد. ولكن الروح القدس لم ينطفئ داخلها. وهذا معنى أن قلبها ما زال مستيقظا. هى ما زالت تسمع صوت تبكيت الروح القدس داخلها، ولكنها لا تستجيب.

كان الروح القدس يقود شعب الله فى البرية على شكل عمود سحاب نهارا وعمود نار ليلا. وما زال الروح القدس يقود شعب الله يعزى نهارا (من هم حارين بالروح) فالسحاب يقلل من تأثير حرارة الشمس. ويبكت ليلا (من هم فى الخطية أو فى فتور)، إذ أن عمود النار كان فى محلة إسرائيل طوال الليل وهم نائمون خلال رحلتهم فى البرية.

وهنا نجد نفس الصورة، الروح يسعى وراء هذه النفس النائمة أى التى لا تسهر على خلاص نفسها يبكتها ويحكى لها عن محبة عريسها وفدائه. ولم يتركها حتى عادت إلى بيتها (عريسها المسيح)، ولذلك ظهر الروح القدس على هيئة حمامة يوم عماد المسيح فى الأردن، الحمامة التى لها إتجاه واحد هو بيتها. والروح القدس يسعى وراء كل نفس ولكن لا يسمع صوته إلا من كان قلبه ما زال مستيقظا، أى لم يصل إلى درجة أن الروح قد إنطفأ عند هذا الشخص. لذلك يقول بولس الرسول "لا تطفئوا الروح" (1تس5: 19).

العدد 3

آية (3): -

"3قَدْ خَلَعْتُ ثَوْبِي، فَكَيْفَ أَلْبَسُهُ؟ قَدْ غَسَلْتُ رِجْلَيَّ، فَكَيْفَ أُوَسِّخُهُمَا؟".

يا لها من أعذار واهية تقدمها النفس في فتورها الروحي وتنشغل براحة جسدها. خلعت ثوبي = لقد ألبسها الله ثوب البر "إلبسوا الرب يسوع" + (لو22: 15 + غل27: 3). غسلت رجليَّ = غَسَلَتْهما بماء برها الذاتي ليستريح ضميرها إلى حين ولكن لغفران الخطية لابد من غسل القدمين بواسطة الرب (يو8: 13).

العدد 4

آية (4): -

"4حَبِيبِي مَدَّ يَدَهُ مِنَ الْكَوَّةِ، فَأَنَّتْ عَلَيْهِ أَحْشَائِي.".

من الكوة = كان للبيوت في ذلك الوقت فتحة فوق القفل لإدخال المفتاح، وتتسع لإدخال اليد، وكانت توجد فتحة أخرى يطل منها الساكن ليتكلم ويرى القارع (شراعة). حبيبي مد يده = التي بها أثار الجراحات. ولما رأتها أنت فيها أحشائها حينما مد يده أي أظهر ألامه وأدركت العروس أن كل هذا بسببها تحركت عواطفها نحوه.

العدد 5

آية (5): -

"5قُمْتُ لأَفْتَحَ لِحَبِيبِي وَيَدَايَ تَقْطُرَانِ مُرًّا، وَأَصَابِعِي مُرٌّ قَاطِرٌ عَلَى مَقْبَضِ الْقُفْلِ.".

قمت لأفتح = لقد إستجابت كما إستجاب الإبن الضال. ويداها تقطران مراً = المر طعمه مر ورائحته حلوة. فهي راجعة بتغصب بعد إستهتار وفتور، عادت بدموع توبتها الحقيقية وفيها ألم وتغصب للنفس، فيها قبول لأن تموت مع المسيح تاركة لذات العالم وشهواته الخاطئة. ولكن هذا الألم وهذا التغصب ( = الجهاد) له رائحة طيبة أمام الله فهو الذى دعانا إليه ليكون لنا نصيب فى ملكوت السموات (مت11: 12). ولكن حالة التغصب لا تستمر كثيراً، والشعور بالحرمان من لذة الخطايا لا يستمر كثيراً وسرعان ما يعزي الله النفس فتكتشف أن ما تركته ما هو إلا نفاية بجانب معرفة المسيح التى إكتشف بولس الرسول أنها الأفضل (فى 3). ولاحظ أنها تغصبت ومنعت نفسها عن ملذاتها = يداها تقطران مراً = وهذا التغصب اشتمه الله كرائحة حلوة.

العدد 6

آية (6): -

"6فَتَحْتُ لِحَبِيبِي، لكِنَّ حَبِيبِي تَحَوَّلَ وَعَبَرَ. نَفْسِي خَرَجَتْ عِنْدَمَا أَدْبَرَ. طَلَبْتُهُ فَمَا وَجَدْتُهُ. دَعَوْتُهُ فَمَا أَجَابَنِي.".

تحول وعبر = هنا الله يؤدب النفس على تراخيها لأنها إستهانت بمراحمه فالنفس التي تعرف أن الله رحيم فتصنع الشر وتقول أن الله سيغفر لو قلت له إرحمنى، مثل هذه النفوس المستهترة حين تعود لله يشعرها الله بالتخلي = دعوته فما أجابني. بل ربما يسمح لها الله بضربة تأديب حتى تستيقظ، مثل سماحه بمرض أو فشل في مشروع ما. ولكن تخلى الله يكون إلى حين.. "لا تتركني إلى الغاية" (مز8: 119). وأمام هذا الموقف، حين تشعر النفس أن صلواتها غير مقبولة وأنها لا تجد الله، يكون لها موقفان: - [1] أن تلوم النفس الله على تخليه فتزداد قساوة القلب وينحرف الإنسان بالأكثر. [2] أن يلوم الإنسان نفسه ويقول "أنا السبب يا رب" ويقدم توبة، ويكتشف أنه بدون الله هو لا شئ، وفي منتهى الضعف فتزداد صلواته للبحث عن الله ويتخلى عن بره الذاتي ولا يعود يقول "غسلت رجليَّ" بل يقول "إغسل يا رب رجليَّ" (رؤ7: 14). "وإغفر وغطيني بدمك" إذاً هذا الترك والتخلي كان فيه محبة وعناية إلهية. وهذه النفس التي أمامنا (عروس النشيد) إتخذت الموقف الثاني فعادت لمكانتها.

العدد 7

آية (7): -

"7 وَجَدَنِي الْحَرَسُ الطَّائِفُ فِي الْمَدِينَةِ. ضَرَبُونِي. جَرَحُونِي. حَفَظَةُ الأَسْوَارِ رَفَعُوا إِزَارِي عَنِّي.".

الحرس الطائف = هنا تفسيرين لمن هم الحرس الطائف.

  1. هم الشياطين: الذين إذ أحسوا أن حبيبها تحوَّل وعبر، ضربوها وجرحوها ورفعوا إزارها عنها أي عروها = فضحوا خطاياها. هنا الله تركها لتتذوق مرارة إستهتارها فالله لا يريد تدليل النفس. وهذا درس لكل واحد، فحين لا يكون عريسنا معنا نصبح فريسة سهلة للشياطين التي تضرب وتجرح وتفضح. ولكن نلاحظ أيضاً خطأ آخر لهذه النفس فهي خرجت تبحث عن عريسها مرة أخرى وسط الشوارع بينما هو في داخلها.
  2. هم خدام الله: الذين بسيف كلمة الله فضحوا برها الذاتي وكشفوا لها خطيتها أي فضحوها، حتى تكتشف إحتياجها للمسيح وتقدم توبة صادقة.

رأينا من قبل في أصحاح 3 أن الحرس الطائف هم الخدام الذين أرشدوا النفس للمسيح وهنا رأينا إنهم الشياطين. إذاً الحرس الطائف هم كل من يصحح مسيرة النفس ويعيدها لله. وقد إستخدم الله الشيطان ليصحح مسيرة أيوب وهكذا مع بولس إستخدمه الله ليحمى بولس الرسول من الكبرياء.

العدد 8

آية (8): -

"8أُحَلِّفُكُنَّ يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ إِنْ وَجَدْتُنَّ حَبِيبِي أَنْ تُخْبِرْنَهُ بِأَنِّي مَرِيضَةٌ حُبًّا.".

لم يكن التأديب والترك وسماح الله للشياطين أن تضرب بلا سبب، فكل الأمور تعمل معاً للخير.. لتكميل الإنسان.. وها هي عادت مريضة حباً أي حبها عاد كالأول.

العدد 9

آية (9): -

"9مَا حَبِيبُكِ مِنْ حَبِيبٍ أَيَّتُهَا الْجَمِيلَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ! مَا حَبِيبُكِ مِنْ حَبِيبٍ حَتَّى تُحَلِّفِينَا هكَذَا!".

هذه النفس التائبة تحولت إلى كارزة (مثل السامرية) فحين ظهر حبها لعريسها سألها الآخرون ما حبيبك = أي إخبرينا عنه، من هو ولماذا تحبينه هكذا؟ "لكي تكونوا مستعدين لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم" (1بط15: 3). هذا السؤال يوجه مثلاً للشهداء، لماذا تموتون هكذا من أجل المسيح؟!

وهنا يسميها أصحابها الجميلة بين النساء = فالرب يجعل كنيسته جميلة في أعين الآخرين. ونلاحظ أهمية الخبرة الشخصية في الكرازة.

العدد 10

آية (10): -

"10حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ.".

أبيض = اللون الأبيض يشير للطهارة والبر، لذلك قال المسيح "من منكم يبكتني على خطية". أما البياض فقد كانت ملابسه يوم التجلي بيضاء فهي إشارة لمجد اللاهوت. ومع كل مجده قدَّم لي دمه = أحمر على الصليب ليغسلني فأبيض أكثر من الثلج. لأغسل ثيابي وأبيضها في دم الخروف (رؤ14: 7). ولون العريس الأبيض هنا ليس هو اللون الشاحب الذي يدل على الموت (كالقبور المبيضة + أع3: 23). ولكن بياض مخلصنا مشوب بالحمرة مما يدل على الحياة. كذلك اللون الأحمر لا يشير للخطية والدموية (رؤ4: 6 + إش18: 1) بل هو إحمرار دمه المسفوك في بره الأبيض (إش1: 63) بل ليبيضنا فنحمل إنعكاسات بهاءه فينا. فكلمة أبيض هنا جاءت بمعنى بهي (رؤ4: 3 + 9: 7) وفي القيامة كانت ملابس الملائكة بيضاء. مُعْلَمٌ بين ربوة = أي مميز حتى لو كان وسط 000,10 شخص. قبل أن تدخل النفس في علاقة حب مع حبيبها كان هذا الحبيب مثله مثل باقي الآخرين، لهم جميعاً نفس قوة الجذب. أما بعد أن أحبته فقد وجدته الجوهرة الكثيرة الثمن، مميزاً حتى إن كان بين 000,10 شخص.

العدد 11

آية (11): -

"11رَأْسُهُ ذَهَبٌ إِبْرِيزٌ. قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ.".

رأسه ذهب إبريز = أي خالص ونقي. والذهب يشير للاهوته فرأس المسيح هو الله (1كو3: 11)، وملكه السماوي ليس من هذا العالم، بل هو يجعل كنيسته سماوية بإتحاده معها. قصصه مسترسلة حالكة = شعره هو كنيسته وهي سوداء لا تشيخ فهو يجدد كالنسر شبابها. والكنيسة مشبهة بالشعر أيضاً لأنه لن تسقط شعرة إلا بإذن منه.

العدد 12

آية (12): -

"12عَيْنَاهُ كَالْحَمَامِ عَلَى مَجَارِي الْمِيَاهِ، مَغْسُولَتَانِ بِاللَّبَنِ، جَالِسَتَانِ فِي وَقْبَيْهِمَا.".

عيناه كالحمام = أي ينظر بوداعة علينا كمؤمنين أما أعداء كنيسته فنظرته لهم مثل لهيب النار. وعينه علينا طول السنة لا ينعس ولا ينام. عيناه على مجاري المياه = المياه تشير للروح القدس. إذاً هو عيناه على هذه المجاري فهو مهتم أن نولد من الماء والروح وأن نمتلئ بالروح. الله لا يهتم بأن نكون أغنياء مثلاً بل بكل ما يجعل مجاري المياه مستعدة دائماً أن تفيض علينا. وهذا ما نراه في سفر الرؤيا (5: 4، 6) فنحن نجد أمام العرش أي أمام عيني الله أي محل اهتمامه [1] سبعة مصابيح نار هي سبعة أرواح الله [2] بحر زجاج هو الكنيسة. فالله مهتم بأن الروح القدس يكمل كنيسته، عروسه، ويعدها للسماء. مغسولتين باللبن = الله مهتم بأن يقدم لمؤمنيه الإيمان الخالص والتعاليم الخالصة غير المغشوشة غذاء لنفوسهم. وهذا هو عمل الروح القدس "يعلمكم ويذكركم" (يو26: 14 + عب11: 8). واللبن يشير لهذا التعليم والإيمان الخالص الذي يضرم فينا موهبة الروح فتكون مجاري المياه مستعدة أن تفيض. وقد تشير العينان للخدام الذين ينظرون لشعب الله ويعطونهم إحتياجاتهم من التعليم. جالستان في وقبيهما = الوقب كل نقرة في الجسد كنقرة العين والكتف. ومعنى أن الله جالس = هذه تعنى أنه هادئ غير مضطرب (إش18: 4)، فالمستقبل مرسوم أمامه كالماضى وهو يدبره كما يريد فهو ضابط الكل. نحن البشر ننظر للمستقبل بقلق أما الله فبهدوء وثقة فهو يعرف المستقبل ونهاية كل أمر فهو الذى يدبره، أما نحن فالهدوء والثقة يكونوا بالإيمان بأن الله ينظر لنا نحن أولاده ليرعانا ويدبر لنا كل أمور حياتنا كإله محب وقدير وصانع خيرات.

وإذا فهمنا أن الحمام له إتجاه واحد فكون أن المسيح عيناه حمامتان فهذا يشير أن له إهتمام واحد هو مجارى المياه وهذا إشارة للروح القدس (يو37: 7 - 39) والمعنى أن المسيح مهتم بأن يملأ الروح القدس الكنيسة. وكون العينان مغسولتان باللبن فقوله مغسولتان إشارة للصبغة التى تصبغ القماش باللون الذى نريده. فالروح القدس له أعمال كثيرة فى الكنيسة والمسيح أكثر ما يهتم به هو عمل التعليم فالشعب يهلك من عدم المعرفة (هو6: 4) واللبن يشير للتعليم (1كو2: 3) وعمل الروح القدس هو التعليم (يو26: 14). وقوله أن العينان جالستان فى وقبيهما إشارة لأن المسيح بعد أن أنهى عمل الفداء صعد إلى السماء وجلس عن يمين الآب وأرسل الروح القدس.

العدد 13

آية (13): -

"13خَدَّاهُ كَخَمِيلَةِ الطِّيبِ وَأَتْلاَمِ رَيَاحِينَ ذَكِيَّةٍ. شَفَتَاهُ سُوْسَنٌ تَقْطُرَانِ مُرًّا مَائِعًا.".

خدّاه = أي مظهره. وما في الداخل يظهر في الخارج. وخد المسيح تحملا الهزء (إش6: 50). والآن تراهما الكنيسة حاملين دلائل الحب. وكيف يُشَبِّه الخدان = كخميلة الطيب = الخميلة هي مجموعة أشجار لها رائحة طيبة من كل نوع. وأتلام رياحين = أي باقات زهور، وقد تشير لرائحة المسيح التي تفوح من كنيسته. شفتاه سوسن = تنسكب منهما النعمة مثلما تنسكب نعمة الجمال من منظر السوسن. (يو46: 7) فكلام المسيح لم يكن له مثيل وسط البشر. والسوسن يشير للجمال وشبه به ملابس سليمان. يقطران مراً نسمع منه أخبار صليبه التي فاحت منها رائحة محبته الحلوة فنشتهي من محبتنا أن نشترك معه في صليبه ثم في مجده.

العدد 14

آية (14): -

"14يَدَاهُ حَلْقَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، مُرَصَّعَتَانِ بِالزَّبَرْجَدِ. بَطْنُهُ عَاجٌ أَبْيَضُ مُغَلَّفٌ بِالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ.".

يداه حلقتان = الحلقة بلا بداية ولا نهاية، ومن ثمَّ فعطاياه لا حدود لها. والحلقتان من ذهب = إشارة لأن عطاياه سماوية. وعطاياه بغني قادرتان أن تشبعنا روحياً وجسدياً. مرصعتان بالزبرجد = الزبرجد حجر كريم لونه أخضر. والخضرة رمز للحياة فعطاياه محيية. بطنه عاج أبيض = بطنه أو أحشاؤه تشير لمشاعره وأحاسيسه وهذه كلها حب وحنان (في8: 1 + 1: 2). وإلى أي حد وصلت هذه المشاعر؟ وصلت للموت عنا ولذلك شبهت عواطفه بالعاج الأبيض، فالعاج ينزع من الفيل بعد موته، وهكذا ظهرت محبة المسيح في موته "ليس حب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه.." مغلف بالياقوت الأزرق = أي أن حبه له سمة سماوية، وأهدافه سماوية ويرفعنا للسماويات. أما البشر لو أعطوا سيعطون ماديات قد تتسبب في ضياع السماء منا.

العدد 15

آية (15): -

"15سَاقَاهُ عَمُودَا رُخَامٍ، مُؤَسَّسَتَانِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ مِنْ إِبْرِيزٍ. طَلْعَتُهُ كَلُبْنَانَ. فَتًى كَالأَرْزِ.".

ساقاه عمودا رخام = أى ساقاه ثابتتان، فقراره بالخلاص بالصليب قرار ثابت لن يتغير ولن يتردد فيه، فلما إقترب يوم الصليب "ثبت وجهه لينطلق إلى أورشليم" (لو9: 51)، وليلة الصليب بينما هو يتحدث مع تلاميذه إذ به يقول لهم "قوموا ننطلق من ههنا" ليجده يهوذا والجنود فى جثسيمانى (يو14: 31). وساقاه لا يهتزان أمام الأحداث مهما كانت قسوتها فالأحداث كلها بسماح منه وذلك هدفه خلاص الكنيسة، وهذا معنى قول إشعياء "إنى أهدأ وأنظر فى مسكنى كالحر الصافى (التجارب التي يسمح بها الله) على البقل (حتى ينمو البقل وذلك إشارة لإثمار الكنيسة) وكغيم الندى فى حر الحصاد (تعزيات الله وسط الضيقات لشعبه)" (إش4: 18).

وهو أسس مملكته بالخلاص الذي تم على الصليب، وكان عمله قوياً مؤسساً على الصخر (الرخام). وكل من يتحد بالمسيح تكون له القدرة على السير نحو السماء بثبات (لو51: 9). على قاعدتين إبريز = الخلاص قاعدته أي هدفه سماوي يرفعنا عن الأرضيات. وإذا فهمنا من الآية 11 أن الإبريز يشير للاهوت، فالخلاص مبنى على أن المسيح لاهوته (الإبريز) لم يفارق ناسوته فيكون فداءه لا نهائياً يغفر خطايا الجميع لذلك طوب المسيح بطرس حينما قال له أنت المسيح إبن الله (مت17: 16) وإعتبر أن هذا الإيمان هو الصخرة التى تبنى عليها الكنيسة (مت18: 16). طلعته كلبنان = وجهه جميل دائم البشاشة "هو أبرع جمالاً من بني البشر" (مز45: 2). فتى كالأرز = الأرز شامخ مستقيم طويل العمر جداً لا يشيخ ودائم الخضرة، وموجود على جبال لبنان الشاهقة ورائحته زكية. وقوله فتى إشارة لأن المسيح شارك البشرية كل مراحلها ما عدا الشيخوخة، فهو كان طفل وصبي فشاب فرجل، ولكنه لم يشيخ. حتى لا تحمل كنيسته صورة الشيخوخة (مز5: 103). فالجسد قد يضعف ويشيخ لكن الروح لا تشيخ أبداً لأولاد الله ولكنيسة المسيح. وعلو الأرز ووجوده على الجبل العالى إشارة لأنه سماوى. الشجرة موجودة على الأرض ومرتفعة للسماء، فالمسيح ربط كنيسته (جسده) التى على الأرض بكنيسته التى فى السماء. هو صار رأسا للسمائيين والأرضيين "لتدبير ملء الازمنة، ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السماوات وما على الارض، في ذاك" (أف1: 10). قال المرنم عن الهيكل أنه "موطئ قدمى الله" (مز132: 7). فإذا فهمنا أن الهيكل يشير لهيكل جسد المسيح الذى بدأ يكونه بتجسده ووجوده بجسده على الأرض. لكن الآن فإن الكنيسة جسده الواحد الآن هى كنيسة مجاهدة ما زالت على الأرض وكنيسة منتصرة فى السماء. وهو رأس الكنيسة فى السماء كسابق لكنيسته.

العدد 16

آية (16): -

"16حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ. هذَا حَبِيبِي، وَهذَا خَلِيلِي، يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ.".

حلقه حلاوة = كلامه كله حلاوة. (مز103: 119) وفيه روح وحياة، من يأكل منه يشتاق إليه وطوبى للجياع والعطاش إلى البر فإنهم يشبعون. "لكل كمال وجدت منتهى أما وصاياك فواسعة جداً" وهو يعطي مع كلامه قوة للتنفيذ، فترتفع الوصية بالإنسان ليدخل إلى معرفة أسرار السموات فتنطلق النفس من مجد إلى مجد. وكله مشتهيات فالمسيح كما يعلنه الروح القدس للنفس هو جذاب لكن لا يمكن التعبير عنه، هنا عجز عن التعبير.

نظرة شاملة على الأصحاح الخامس.

نجد هنا سقطة جديدة لهذه النفس تتلخص فى كلمة: الأنا وليس المسيح، وهى قصة الكتاب المقدس. فآدم أكل من الشجرة ومات (هذه خطية مركبة، حللها قداسة مثلث الرحمات البابا شنودة فى كتابه عن آدم بأنها أكثر من عشرون خطية معاً). مات آدم لأن الله قال له إن أخطأت موتاً تموت. فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14). والخطية ظلمة إذاً هى إنفصال عن الله وبالتالى موت فالله حياة. ويحاول آدم أن يستُر نفسه بأوراق التين إذ إفتضح وتعرى. والله يقول: لا. فالذبيحة هى التى تستر، وهو تجسد ومات وقام ليعطينا حياته. وكما قال بولس الرسول "صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ... ونَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ." (رو5: 10)... وهذه النفس هنا نجدها إذ إكتشفت مواهبها والنعمة التى تتمتع بها قالت أنا وليس المسيح. وهذه الخطية كانت بسبب كثرة ثمارها (ص4) فإنتفخت وهذه خطية شهيرة تحدث للخدام الناجحين. هذه ضربة يمينية بينما خطايا (ص3) هى ضربات يسارية. بل هى شَعَرَتْ بأن ثوب البر هو ثوبها وأنها هى التى تغسل أرجلها. فالبر راجع لها. والعريس يقول بل أنا الذى أُلبِس ثوب البر لأحبائى فلا تقولى كيف ألبسه، إذ أن البر هو برى "إلْبَسُوا الْمَسِيحَ" (رو13: 14). وأخذ العريس يُريها يديه لتشعر أن البر هو بدم عريسها الذى سال من يده.. حبيبى مدّ يده. ورُبما هى قد أنَّت بسبب ألامه، لكنها لم تُدرك أن ألامه هى السبب فى تبريرها، إذ أن الأنا فى داخلها جعلتها نائمة. ويُحسب لها أن قلبها مازال مستيقظاً. ويتوارى عنها عريسها ليظهر لها أنها بدونه عارية (راجع رؤ3: 16 و17) فهى نفس الحالة إذ قال المسيح لهذا الملاك "لست تعلم أنك شقى وبائس وفقير وأعمى وعريان". وفى رسالة كنيسة لاودكية قال المسيح "أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي" أى لا يعود فى المسيح فيفتضح عريه فالمسيح هو الذى يسترنا إذا كنا فيه ثابتين. كما حدث مع الإبن الضال إذ ترك نعمة بيت أبيه جاع وإفتضح وخَسِر أمواله (أى كل النعمة) التى كان يتمتع بها إذ كان فى بيت أبيه = فى المسيح، ونفس ما عمله الله مع الإبن الضال عمله مع هذه النفس عن طريق الحرس الطائف، أى سمح الله لها بالسقوط لتشعر أن برَّها كان بالمسيح وفى المسيح، وليس منها فتظل حريصة على ثباتها فى المسيح "إثبتوا فىَّ وأنا فيكم". وكان تحول المسيح عنها لتشعر بضعفها بدون نعمته فتُشفى من كبريائها وتُشفى من الأنا. المهم أن قلبها كان مستيقظاً فشعرت بتبكيت الروح القدس فقالت نفسى خرجت عندما أدبر = روحى راحت منى أو إنخلع قلبى منى = ذهب سلامى منى عندما خسرت حال النعمة. وكانت وهى فى حال خطيتها وكبريائها قد إظلمت عيناها فأنقياء القلب فقط هم الذين يعاينون الله. وحينما عادت رأت أن عريسها هو سبب نعمتها فوصفته قائلة:

"حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ" = البر ليس هو برها بل بره هو ( = أبيض) وبدمه بررنى ( = أحمر). لذلك نلبس المعمد ثوب أبيض ( = التبرير) وزنار أحمر (التبرير بالدم).

"رَأْسُهُ ذَهَبٌ إِبْرِيزٌ" = هو السماوى وسيرفعنى للسماويات.

"قُصَصُهُ مُسْتَرْسِلَةٌ حَالِكَةٌ كَالْغُرَابِ" = جعل عروسه أى كنيسته شابَّة مُلتصقة به.

"عَيْنَاهُ كَالْحَمَامِ" = يُرسل روحه لكنيسته يملأها ويُحييها ويُجدد شبابها.

"سَاقَاهُ عَمُودَا رُخَامٍ مُؤَسَّسَتَانِ عَلَى قَاعِدَتَيْنِ مِنْ إِبْرِيزٍ" = هذا الخلاص مبنى على أن لاهوته غير محدود ففدائه غير محدود (الإبريز = الذهب هو رمز للاهوت).

وكما ألبس الآب الإبن الضال الثوب الأول ألبس هذه النفس إذ تابت عن كبريائها، وماعادت تقول ثوبى أنا، وعدم وجود ثوب البر هذا هو السبب فى أن نخرج من عرس إبن الملك (مت22). وماعادت تقول غسلت رجلىَّ بعد أن أدركت أن المسيح هو الذى غسل أرجل تلاميذه أى بررهم من خطاياهم ليكون لهم نصيب معه (يو13: 8).

قصة هذا الأصحاح هى قصة الكتاب المقدس كله...

هل أنا أشعر بذاتى وإمكانياتى وبرى وقوتى وجمالى بالإنفصال عن الله، أم أنا أشعر أننى فى الله وبالله، وأنا لله بكاملى. وهذا الإتجاه الواحد لله هو ما إصْطُلح على تسميته بالبساطة صفة الحمام = حمامتى.

الإنفصال عن الله والشعور بالذات هو الشعور بالمحدود الذى هو أنا، وكل محدود له نهاية. وكل ما له نهاية = موت "لو أكلت موتاً تموت". والإتحاد بالله يُعطينى إمكانيات لا نهائية وحياة أبدية. وهذا هو الأكل من شجرة الحياة، أى تجسد المسيح ليتحد بنا ويُعطينا جسده بعد أن يبررنا لنحيا به بعد أن إنفصلنا عنه بالخطية فمُتنا، وهذا ما يُسمى لاهوت بولس الرسول: "أنا فى المسيح"، "أَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ الَّذِي يُقَوِّينِي" (فى4: 13)، "أَنَا لِحَبِيبِي وَحَبِيبِي لِي" (نش 6: 3). هنا إكتشفت أن حبيبها أعطاها كل شئ فأعطته نفسها وهنا عاد لها جمالها وفرحها وتسبيحها = مثل رقص صفين (13: 6). لقد صارت فى وحدة مع السمائيين. فالكنيستين هما كنيسة واحدة رأسها ومصدر نعمتها وفرحها هو العريس. العريس الذى كالأرز، أسس كنيسته على الأرض على جبل عالٍ أى جعلها سماوية ووحدها مع الكنيسة المنتصرة فى السماء.

No items found

الأصحاح السادس - سفر نشيد الأنشاد - القمص أنطونيوس فكري

الفصل الثالث الزفاف السماوي الأصحاح الرابع - سفر نشيد الأنشاد - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح 5
تفاسير سفر نشيد الأنشاد الأصحاح 5