الاصحاح الثالث – سفر الأمثال – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر الأمثال – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثالث

خلاصة هذا الإصحاح أنه هو دعوة لكل إنسان أن يرضى الله فيبارك الله حياته.

فمن يسلك بحسب وصاياه يحصل على طريق السعادة (الآيات 1 - 4).

ومن يتكل عليه بالكامل يحصل على الأمان الكامل (الآيات 5 - 6).

ومن يخاف الله تكون له صحة الجسد (الآيات 7 - 8).

ومن يخدم الله بما يملك يغتني (الآيات 9 - 10).

ومن يحتمل الألام يكمل ويتأدب (الآيات 11 - 12).

ومن يجتهد ليحصل على الحكمة يقتنيها ويستفيد منها (الآيات 13 - 20).

ولذلك على كل إنسان أن يعيش ليصنع خيراً فالله سيعطينا.

بحسب ما نفعل خيراً كان أم شراً. (الآيات 27 - 35).

الأعداد 1-4

الآيات (1 - 4): -

"1يَا ابْنِي، لاَ تَنْسَ شَرِيعَتِي، بَلْ لِيَحْفَظْ قَلْبُكَ وَصَايَايَ. 2فَإِنَّهَا تَزِيدُكَ طُولَ أَيَّامٍ، وَسِنِي حَيَاةٍ وَسَلاَمَةً. 3لاَ تَدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ. تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ. اُكْتُبْهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ، 4فَتَجِدَ نِعْمَةً وَفِطْنَةً صَالِحَةً فِي أَعْيُنِ اللهِ وَالنَّاسِ.".

شريعتي = تعليمي أو توجيهي والكلمة الأصلية تفيد مد اليد كما في إرشاد مسافر في طريقه (أى حين يسألك مسافر إلى أى طريق أتجه فتشير له بيدك). ليحفظ = أي يحرس، كما يحرس إنسان بيته أو كرمه وكلمة يحفظ جاءت في هذا السفر 25 مرة، فالشريعة هنا عملها أن تحفظ قلب الإنسان من الغواية "فالقلب أخدع من كل شئ وهو نجيس من يعرفه" (إر17: 9). وصاياي = الكلمة مشتقة في الأصل من فعل "وصف" كما يصف الطبيب الدواء للمريض. فسليمان يعتبر وصاياه لأبنائه هنا كمرشد لهم في الطريق. والله أعطى الوصايا عموماً لشعبه كطبيب لمريضه حتى ينعم بالصحة، ومن يسلك بحسب وصايا الله فلفائدته هو ولسلامة حياته على الأرض وضماناً لحياته الأبدية. وهناك من الفلاسفة من فهموا أن الوصايا الإلهية هي أن الله يريد أن يتحكم في البشر ضد حرياتهم. وهذا غير صحيح، فالله يريد من الوصايا سعادة البشر. تزيدك طول أيام = علامة الرضا الإلهي في العهد القديم (وصية اكرام الوالدين إرتبطت بهذا الوعد). وسنى حياة وسلامة = بمفهوم العهد القديم تعنى البركة في نتاج الأرض والكرم والأولاد والصحة وبمفهوم العهد الجديد يضاف لهذه البركة المادية السلام الإلهي الذي يملك على القلب، وأن يشعر الإنسان في حياته بالأمان والإكتفاء والرضى. وعموماً فالعهد القديم حين يعد بطول الأيام لا يقصد حياة طويلة مؤلمة بل حياة طويلة كلها فرح. ليحفظ قلبك وصاياي = "إن أحبني أحد يحفظ كلامي (يو23: 14). وحفظ القلب لوصايا الله بهذا المعنى لا يعني فقط الرضوخ للواجب بل تكريس القلب في حب لله والطاعة الكاملة في حب لمشيئته. وخلاصة القول، علينا أن نطيع وصايا الله طاعة قلبية بكل المشاعر ونخبئ وصاياه في القلب كما كان لوحي الشريعة يختبآن داخل تابوت العهد. ولن يحفظ القلب الوصايا إلا لو فهم حكمة الوصايا وتذوق لذتها (أم2: 10) والطريق لذلك هو التغصب.

لا تدع الرحمة والحق يتركانك = الرحمة والحق من صفات الله. وهما صفتان إنطبقتا بالكامل على المسيح، ولأنه كان هو مصدر الحق والرحمة كان يتقدم في النعمة والحق (لو52: 2) ونلاحظ قوله الرحمة قبل الحق، فالمسيح قدَّم رحمته في الصليب قبل أن يحكم علينا بالحق. وبالمسيح كانت النعمة والحق. وهنا دعوة أن نتعلم من المسيح ونسلك في نفس خطواته فنتعلم الرحمة والحق. الرحمة تجاه إخوتنا البشر، والحق تجاه الله أي الإلتزام الكامل بوصاياه. ونتعلم أن نقول ونتعامل بالحق لكل إنسان ولكن في محبة ورحمة تجاه كل إنسان. وكل من يسلك بالرحمة والحق يتوقع أن ينمو في النعمة والفطنة في رضا الله الذي يفيض عليه كليهما. وإذا كانت الرحمة والحق من صفات الله، فإذا تعلمهما إنسان يصعد هذا الإنسان إلى أعلى مستويات الكمال الإنساني وبهذا فقط أي بالرحمة والحق يفتخر الإنسان = تقلدهما على عنقك = أي تشعر بالسعادة والفخر وأنت تطبق وصايا الله، وتضعها أمام عينيك كمن يلبس قلادة على عنقه ويتأملها دائماً لتقوده في طريقه، أى يلتزم بعمل الرحمة لكل إنسان والسلوك بالحق، فيتقلدهما على عنقه كقطعة ثمينة من الحلي، ويفتخر بسلوكه هذا حتى لو سخر منه أحد.

إكتبهما على لوح قلبك اللوح هو ما كان يكتب عليه في العهد القديم (إر1: 17 + إر33: 31 + لو63: 1) والمعنى في كتابة الوصايا على القلب أن تكون وصايا الله هي المحرك لكل أعمال الإنسان بل وكل مشاعره. وكيف تكتب الوصايا على لوح القلب؟ نلاحظ قول السيد المسيح من يحبني يحفظ كلامي.. إذاً السر في الحب.. وكيف نحب؟ نلاحظ قول بولس الرسول في (رو5: 5).. أن محبة الله قد إنسكبت في قلوبنا بالروح القدس. إذاً الله أعطانا الروح القدس الذي يملأ قلوبنا محبة بها تنقش على قلوبنا وصايا الله. وهذا معنى وعد الله في (إر33: 31).

فتجد نعمة = أي رضى من الله والناس. وفطنة صالحة = فهماً وذكاء، والفطنة هي التصرف السليم الناشئ عن الحكمة التي تعلمها الانسان. والحكمة هذه لمن يحب أن يسلك بالحق والرحمة. أي يجد الإنسان نعمة في عيني الله، وقبولا في أعين الناس إذا إزدان بالرحمة والحق. أى تفهمه الناس وتحبه ويجد نجاحاً في وسط الناس حين يثقوا به.

الأعداد 5-6

الآيات (5 - 6): -

"5تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. 6فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ.".

توكل على الرب = أي آمن وثق واحتمي بالله في إتكال كامل عليه، آمن وثق بأن الله قادر وقدير، قادر أن يفعل ما يريد وآمن بأنه حكيم سيصنع الصالح وأنه صالح سيصنع الخير لمن يحبه ويخدمه ويطيعه، بل آمن أن الله منبع كل خير وصلاح. بكل قلبك = أي لا يكن لك ثقة في غيره. وعلى فهمك لا تعتمد = من يثق في الله ينجح ومن يثق في نفسه يفشل (أم26: 28). وهكذا سقطت حواء إذ تركت وصية الله وظنت أنها تحصل على السعادة بما تراه أنه حسن ومبهج من وجهة نظرها هي.

كيف نفهم هذا الكلام؟ لو واجهنا مشكلة وكان هناك عدة حلول للمشكلة ولكنها بأساليب عالمية وذكاء بشرى فيه خبث وتتعارض مع وصايا الله فلنلتزم بالوصية ولا نعتمد على ذكائنا. مثال لذلك، لو أخطأ أحد فى حقنا، وكان أمامنا فرصة للإنتقام، فهل ننتقم مخالفين وصية "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء" (رو12: 19). لو فعلنا فقد إعتمدنا على فهمنا ولم نعتمد على الله.

في كل طرقك إعرفه = أي بتسليم كل شئ له والإتكال الكامل عليه وبأنه السيد المطلق على حياتنا فنحفظ وصاياه أى لا يكون قرارنا فيه تعدى على وصايا الله. وقوله في كل طرقك نطبقه عملياً بأن نبدأ كل مشروع لنا أو نبدأ يومنا بالله، بالصلاة ليشترك الله معنا في عملنا ونصلي في أثناء عملنا حتى يبارك الله عملنا ويومنا، نصلي طالبين المعونة والبركة قبل أن نبدأ وفي أثناء أي عمل، وبعد أن ننتهي نصلي شاكرين لله ما بدأه وأنهاه معنا. يُقَوِّم سبلك = كلمة يُقَوِّم في معناها الأصلي تحمل معنى التقسيم والفصل فعندما تتشعب السبل أمام الإنسان ويتحير في أيهما يسلك، يتدخل الرب ويفصل بين هذه السبل ويرشده إلى السلوك في الطريق الصالح. وفي كثير من الاحيان حين نتحير ما بين طريقين كلاهما لا خطية ولا شر فيهما، فلنصلى ونختار بحرية أيهما أفضل فى نظرنا، إذ يقول بولس الرسول "طوبي لمن لا يدين نفسه فيما يستحسنه" (رو 14: 22). والله يغلق أمامنا الطريق الخطأ الذي إخترناه أثناء حيرتنا. فقط علينا أن نطيعه ونتبعه ومن يمشي وراء السحابة لابد وسيصل إلى كنعان السماوية، وكل ما علينا عمله أن نصلي دائماً وبلا إنقطاع طالبين معونته وإرشاده وهو يفتح أعيننا لنرى الطريق الصحيح وهذا معنى في كل طرقك إعرفه ويكون هذا بالصلاة دائماً.

ولكن قوله هنا إعرفه تعنى الإتحاد به، فهناك معرفة على مستوى اللاهوت، فالآب والإبن واحد لذلك يقول السيد المسيح "لا أحد يعرف الآب إلا الإبن..." (مت11: 27). وهناك معرفة على مستوى الجسد "عرف آدم إمرأته فولدت...، وهناك معرفة نعرف فيها المسيح أى نتحد به" وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك... "(يو17: 3). وفى هذه المعرفة أى فى إتخاذك لقرار فلتبتعد عن كل قرار خاطئ حتى تظل متحدا بالمسيح، فما يفصلنا عن المسيح هو الخطية" فلا شركة للنور مع الظلمة "(2كو6: 14). وإذا إستمر الإتحاد بيننا وبين المسيح هُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ.

الأعداد 7-8

الآيات (7 - 8): -

"7لاَ تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. اتَّقِ الرَّبَّ وَابْعُدْ عَنِ الشَّرِّ، 8فَيَكُونَ شِفَاءً لِسُرَّتِكَ، وَسَقَاءً لِعِظَامِكَ.".

لا تكن حكيماً في عيني نفسك = من يتصور أنه حكيم يتكل على ذاته، ومن يثق في نفسه وفي حكمته فهذا يتعارض مع الثقة الكاملة في الله. ومن لا يثق ثقة كاملة في الله يفشل. إتق الرب وأبعد عن الشر = تقوى الله هي مخافته، ومخافته هي في حفظ وصاياه والابتعاد عن الشر. وهذه التقوي هي الحكمة الحقيقية وطريق الفرح، لكن هناك من يتصور أن الخطية هي مصدر الفرح، وهذا ما نسميه خداع إبليس وأسماه هنا لا تكن حكيما في عيني نفسك. وليست التقوي طريقا للسعادة اى الراحة النفسية فقط بل لصحة الجسد أيضا = شفاء لسرتك وسقاءً لعظامك = أي صحة للجسد كله. والسرة (في السبعينية جاءت جسد) فالسرة هي مدخل الغذاء للجنين، بل هي المصدر الوحيد لغذائه، ولو إنقطع الحبل السري الذي يأتي بالطعام للجنين يموت فوراً. فشفاء السرة كناية عن صحة الجسد كله، وهكذا حفظ وصايا الله هي ضمان الحياة لنا وضمان الصحة. وسليمان إختار السرة لأنها مصدر خارجى للتغذية، ولكن بعد الولادة الجديدة فليكن مصدر التغذية سماوى من كلمة الله. وسقاء لعظامك هو تعبير يقصد به صحة العظام ونضارتها بواسطة النخاع الذي بدونه تصير العظام هشة والجسم غير قادر على الوقوف.

فعلينا أن نقاوم بحزم ميلنا الطبيعي للشر ولا نتجاوب مع شهوات الجسد، والله يعطي قوة لذلك. والبعد عن الشر فيه صحة وغذاء للجسد وللنفس وفيه قوة لكليهما.

الأعداد 9-10

الآيات (9 - 10): -

"9أَكْرِمِ الرَّبَّ مِنْ مَالِكَ وَمِنْ كُلِّ بَاكُورَاتِ غَلَّتِكَ، 10فَتَمْتَلِئَ خَزَائِنُكَ شِبْعًا، وَتَفِيضَ مَعَاصِرُكَ مِسْطَارًا.".

اكرم الرب من مالك = كل بركة عندي هي من الرب، وإذا أعطينا الرب فإننا نعترف بأن كل شئ منه وله (1أي14: 29) وبهذا يبارك الرب فيما عندنا بركة مادية فلن يحتاج المؤمن لشئ (مز25: 37) وبركة روحية تشبع النفس وتملأ القلب فرحاً = خزائنك تمتلئ شبعاً وتفيض معاصرك مسطاراً. هنا سليمان يحثنا على العطاء، بل تكريس كل شئ للرب. ونحن حين نعطي فهذا فيه إعلان بأننا لا نهتم بالأرضيات ولا نتمسك بها بل نتمسك بالسماويات، وفيه إعلان إيماننا بأن الأرضيات (المال والثروات.. الخ) ما هي إلا أشياء تافهة وأننا لو أعطينا الرب لن ننقص. عموما إعطي الرب وهو لا يبقي مديونا.

الأعداد 11-12

الآيات (11 - 12): -

"11يَا ابْنِي، لاَ تَحْتَقِرْ تَأْدِيبَ الرَّبِّ وَلاَ تَكْرَهْ تَوْبِيخَهُ، 12لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ، وَكَأَبٍ بِابْنٍ يُسَرُّ بِهِ.".

هذه الآية أخذها بولس الرسول (عب5: 12، 6) ولكن بحسب الترجمة السبعينية وسليمان هنا يطلب أن لا نستخف بتأديب الرب، ولا نتذمر عليه = لا تحتقر تأديب الرب بل علينا أن نفكر لماذا يعاقبنا الله فنقدم توبة. ولنفهم أن الألام هي طريق تكميل الإنسان وتأديبه. والله هو المؤدب كأب وليس كقاضٍ أي تأديبه يكون برحمة وحب. وتأديب الله يكون كما من يد طبيب ماهر يعرف دواءنا تماماً ومقدار إحتمالنا.

الأعداد 13-18

الآيات (13 - 18): -

"13طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَجِدُ الْحِكْمَةَ، وَلِلرَّجُلِ الَّذِي يَنَالُ الْفَهْمَ، 14لأَنَّ تِجَارَتَهَا خَيْرٌ مِنْ تِجَارَةِ الْفِضَّةِ، وَرِبْحَهَا خَيْرٌ مِنَ الذَّهَبِ الْخَالِصِ. 15هِيَ أَثْمَنُ مِنَ الَّلآلِئِ، وَكُلُّ جَوَاهِرِكَ لاَ تُسَاوِيهَا. 16فِي يَمِينِهَا طُولُ أَيَّامٍ، وَفِي يَسَارِهَا الْغِنَى وَالْمَجْدُ. 17طُرُقُهَا طُرُقُ نِعَمٍ، وَكُلُّ مَسَالِكِهَا سَلاَمٌ. 18هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا، وَالْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ.".

طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة = كلمة يجد في الأصل تأتي بمعنى يستخرج كما من منجم بالحفر والتنقيب، فهو يستخرجها من مخازن الحق الإلهي (الكتاب المقدس) وكون أن الإنسان يستخرجها فهذا يشير [1] أنها ليست من عنده بل يسعى لإقتنائها [2] هي من عند الله يأخذها بصلاته كما فعل سليمان [3] يصلي بلجاجة ويتأمل في كلمة الله ويدرسها ويلهج بها كمن يتعب ويجتهد ليشق منجم.

لأن تجارتها خير من.. = كلمة تجارة تشير لإستخدام الحكمة في خدمة الآخرين والتعامل معهم، فمن حصل على خمس وزنات يتاجر ليحصل على خمس وزنات أخر. وإكتساب وزنات جديدة (ربح نفوس للمسيح) خير من أي تجارة أخرى أو مكسب آخر (ذهب، فضة..) وكل جواهرك = حرفياً تعني كل ما تجد فيه لذتك وسرورك وما تشتهيه. كنوز الارض كلها لو وضعتها في يد إنسان غير حكيم يضيعها، والعكس فالحكيم قادر بحكمته أن يغتني من كنوز الارض. في يمينها.. وفي يسارها = كأن الحكمة لها يدان تعانق بهما من يقتنيها فتحيطه بطول الأيام (على الأرض وحياة أبدية في السماء) وأيامه تكون أيام سعادة وغنى ومجد. ولاحظ أن الحكمة تعطى بكلتا يديها. ولأن الحكمة هي المسيح سمعنا بولس الرسول يقول أن محبة المسيح تحصره أي يحيطه بكلتا يديه ويطوقه في حب ورعاية.

طرق نِعَم = من يرضى الله عن طرقه يفيض عليه من نعمته. هي شجرة حياة = مصدر دائم النمو للحياة لمن يحصل عليها، هي مصدر حياة وسعادة وصحة، وهي تعطي حياة أبدية (تك9: 2، 22: 3 + رؤ7: 2) فبالخطية كان الموت وبالمسيح شجرة الحياة كانت الحياة. ولنلاحظ في هذا النص أن المسيح هو الحكمة وهو اللؤلؤة الثمينة (مت46: 13) وهو شجرة الحياة. بينما أن كنوز العالم طالما كانت مصدرا للشقاء والتعاسة لمن يقتنيها بينما من يمتلك الرب يسوع يمتلك كل شئ ويمتلك حكمة الله وسلام يفوق كل عقل.

الأعداد 19-20

الآيات (19 - 20): -

"19الرَّبُّ بِالْحِكْمَةِ أَسَّسَ الأَرْضَ. أَثْبَتَ السَّمَاوَاتِ بِالْفَهْمِ. 20بِعِلْمِهِ انْشَقَّتِ اللُّجَجُ، وَتَقْطُرُ السَّحَابُ نَدًى.".

هنا سليمان يريد أن يظهر أهمية الحكمة حتى يدفعنا أن نطلبها باجتهاد فيظهر أن الله بحكمته أسس الأرض وأثبت السموات.. ونلاحظ أن المسيح هو الذي به كان كل شئ، فهو أقنوم الحكمة (يو3: 1). فما يعطي للحكمة أهمية قصوى أن الله خلق بها العالم وهو بالحكمة يديره، وحينما سقط الإنسان كانت حكمة الله هناك لتعيده كخلقة جديدة. والله الذي له كل هذه الحكمة مستعد أن يعطينا حكمة حقيقية من عنده، والحكمة الحقيقية التي يعطيها الله بالتالي هي إمتلاك للغني الحقيقي والمجد الحقيقي والسعادة والشبع الحقيقيين. فالذي يضبط الكون بحكمته يعطينا من حكمته. وأي فرح ومجد أن يعطينا الله من حكمته.

الأعداد 21-26

الآيات (21 - 26): -

"21يَا ابْنِي، لاَ تَبْرَحْ هذِهِ مِنْ عَيْنَيْكَ. احْفَظِ الرَّأْيَ وَالتَّدْبِيرَ، 22فَيَكُونَا حَيَاةً لِنَفْسِكَ، وَنِعْمَةً لِعُنُقِكَ. 23حِينَئِذٍ تَسْلُكُ فِي طَرِيقِكَ آمِنًا، وَلاَ تَعْثُرُ رِجْلُكَ. 24إِذَا اضْطَجَعْتَ فَلاَ تَخَافُ، بَلْ تَضْطَجعُ وَيَلُذُّ نَوْمُكَ. 25لاَ تَخْشَى مِنْ خَوْفٍ بَاغِتٍ، وَلاَ مِنْ خَرَابِ الأَشْرَارِ إِذَا جَاءَ. 26لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ مُعْتَمَدَكَ، وَيَصُونُ رِجْلَكَ مِنْ أَنْ تُؤْخَذَ.".

لا تبرح هذه من عينيك = أي دائماً تكون وصايا الله أمام أعيننا. وهذه = إشارة للحكمة والتعاليم المتضمنين في التعاليم التي ستأتي بعد ذلك، أو هو يقصد بقوله هذه هنا طلب الحكمة الإلهية والمعرفة الإلهية عموماً وهذا موضوع هذا الإصحاح إحفظ الرأي والتدبير = إحفظ بمعنى السهر والملاحظة الدقيقة كما يحرس إنسان كنزاً ثميناً. والرأي هو الحكمة الصحيحة أو المشورة الصالحة. والتدبير هو التدبر والتفكير. فيكونا حياة لنفسك = أي نكون في صحة نفسية من الداخل وصحة جسدية من الخارج. ونعمة لعنقك = أي نتزين بالنعمة، وتكون كقطعة حلي ثمينة تحيط بالعنق، يراها كل واحد علينا، أي يظهر عمل الله فينا ونعمته المنسكبة علينا أمام الناس. آمناً = تحيطك حماية الله فتسلك في حياتك شاعراً بسلام داخلي وحماية خارجية. لا تعثر = فمن يسلك في النور لا يعثر. يلذ نومك = يكون نومك بلا قلق بل في سلام وشعور بالطمأنينة. لا تخشى من خوف باغت = هو شعور داخلي بحماية الله وعكس هذا فالشرير دائماً في خوف من المجهول. يصون رجلك من أن تؤخذ = لا تقع رجلك في الشبكة التي ينصبها العدو لك لأن الله سيحفظك منها وينير لك الطريق. إلا أن الله يسمح في بعض الأحيان أن يكون الأشرار أداة تأديب لشعبه الأبرار (السبئيين والكلدانيين في حالة أيوب) ولكن يكون ذلك بسماح من الله وليس بحريتهم الشخصية.

الأعداد 27-31

الآيات (27 - 31): -

"27لاَ تَمْنَعِ الْخَيْرَ عَنْ أَهْلِهِ، حِينَ يَكُونُ فِي طَاقَةِ يَدِكَ أَنْ تَفْعَلَهُ. 28لاَ تَقُلْ لِصَاحِبِكَ: «اذْهَبْ وَعُدْ فَأُعْطِيَكَ غَدًا» وَمَوْجُودٌ عِنْدَكَ. 29لاَ تَخْتَرِعْ شَرًّا عَلَى صَاحِبِكَ، وَهُوَ سَاكِنٌ لَدَيْكَ آمِنًا. 30لاَ تُخَاصِمْ إِنْسَانًا بِدُونِ سَبَبٍ، إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَنَعَ مَعَكَ شَرًّا. 31لاَ تَحْسِدِ الظَّالِمَ وَلاَ تَخْتَرْ شَيْئًا مِنْ طُرُقِهِ،".

تحتوي على أمثال قصيرة منفصلة، وفيها ما يتفق مع تعاليم معلمنا يعقوب في (يع16: 2 + 13: 3 - 18). فهنا يوصي بأن نهتم بأعمال المحبة، ونلاحظ أن المحبة وصية في عنق كل إبن لله (رو8: 13). والامتناع عن عمل المحبة للآخرين يحمل معنى وجود الطمع في القلب. لا تمنع الخير عن أهله = هذه تتضمن عدم منع العشور والبكور والنذور، وتتضمن أيضاً عدم تسديد الديون لأصحابها. بل تتضمن الإلتزام بتقديم أي خدمة لكل من يحتاجها. فأعطيك غداً وموجود عندك = فقد تموت أنت أو يموت هو في هذه الليلة، ولماذا تتركه أصلاً معذباً لمدة ليلة. لا تخترع شراً = المعنى الأصلي لا تدبره، أي لا تدبر الشر على الآخرين وأشر أنواع الخيانة هو خيانة إنسان ساكن لديك آمناً = أي يضع ثقته فيك. وقد يفهم أيضاً عدم تلفيق الشر ضد أحد. لا تخاصم = بل المسيح يطلب أن أسامح الجميع. لا تحسد الظالم = الذي يجمع ثروة عن طريق الظلم، هذا لا تحسده، وهل نحسد من يقف الله ضده، ومصيره هلاك أبدي وخراب زمني قد يكون بعد حين، فلا تحسد النجاح الوقتي. لا تختر شيئاً من طرقه = أي طرق الاغتصاب والسرقة حتى تكون قوياً غنياً مشهوراً مثله.

الأعداد 32-35

الآيات (32 - 35): -

"32لأَنَّ الْمُلْتَوِيَ رَجْسٌ عِنْدَ الرَّبِّ، أَمَّا سِرُّهُ فَعِنْدَ الْمُسْتَقِيمِينَ. 33لَعْنَةُ الرَّبِّ فِي بَيْتِ الشِّرِّيرِ، لكِنَّهُ يُبَارِكُ مَسْكَنَ الصِّدِّيقِينَ. 34كَمَا أَنَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِالْمُسْتَهْزِئِينَ، هكَذَا يُعْطِي نِعْمَةً لِلْمُتَوَاضِعِينَ. 35الْحُكَمَاءُ يَرِثُونَ مَجْدًا وَالْحَمْقَى يَحْمِلُونَ هَوَانًا.".

هذه الآيات تحمل مفارقات واضحة بين طريقتين، أحدهما هو طريق يبغضه الرب والطريق الآخر يؤدي للتوافق الحقيقي مع الله.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الرابع - سفر الأمثال - القمص أنطونيوس فكري

الاصحاح الثاني - سفر الأمثال - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر الأمثال الأصحاح 3
تفاسير سفر الأمثال الأصحاح 3