الاصحاح السادس – تفسير إنجيل يوحنا – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل يوحنا – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السادس

مقدمة للإصحاح السادس:

حينما إنفصل الإنسان عن الله بسبب الخطية، شعر الإنسان بالإحتياج المستمر (إحتياج مادي ونفسي وروحي) وكان المريض الذي شفاه المسيح نموذج لهذا، فهو كان مريضاً جسدياً ونفسياً وروحياً. وعبَّر عن هذا بقوله "ليس لي إنسان" (يو7: 5). فللأسف لم يعد الإنسان قادراً أن يرى الله أو يعرفه وما عاد له سوى أن ينظر للإنسان الذي حوله كمصدر لإحتياجاته، ولكن هيهات، فالإنسان مهما كان فهو عاجز وفانٍ ولا شئ وهذا مما سبب كآبة للجنس البشري.

ورأينا في الإصحاح السابق أن المسيح أتى ليشفي ويعطي حياة. ومن عرف المسيح هو من تم شفاؤه، عرف المسيح كمصدر نحصل منه على كل احتياجاتنا. وفي هذا الإصحاح نرى المسيح هو المشبع لمن يعرفه.. صار لنا كل شئ.

يشبع جسدياً: معجزة الخمس خبزات والسمكتين وإشباع الجموع بهم.

يشبع نفسياً: وسط إضطراب البحر والعواصف أتى لتلاميذه فهدأ إضطرابهم فالبحر المضطرب رمز للعالم المضطرب وهذا يسبب إضطراب النفس.

يشبع روحياً: هنا نسمع عن الجسد والدم كسر حياة وثبات في المسيح.

ولذلك فبينما قال المريض "ليس لي إنسان" قال بطرس "الذي لي فإياه أعطيك، بإسم يسوع المسيح الناصري قم وإمشي" (أع6: 3) فالمسيح أتى ليكون لنا كل شئ، معه لا نشعر بالإحتياج. وهذا أحد معاني يهوه.. أنا أكون.. لكم كل شئ. وما أحلى ما قاله يهوشافاط الملك "نحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك أعيننا" (2أي12: 20).

وفي إصحاح (6) نرى يسوع المشبع لكل إحتياجاتنا (نفساً وجسداً وروحاً) وفي إصحاح (7) نرى يسوع مصدر الماء الحي. وفي إصحاح (8) نرى يسوع نور العالم. وفي إصحاح (9) يفتح عيوننا لنراه ونعرفه. فعلاً هو صار لنا كل شئ. وفي إصحاح (10) نجده الراعي الصالح لنا. وفي إصحاح (11) هو القيامة والحياة. فمريض بيت حسدا يقول ليس لى إنسان فهو ينظر للبشر لذلك فهو دائم الشعور بالإحتياج أما بطرس فنجده يشعر بأن المسيح له، وهذا تطبيق لقول عروس النشيد "أنا لحبيبي وحبيبي لي" (نش3: 6).

وهنا في إصحاح (6) نجد يسوع يقدم نفسه على أنه خبز الحياة، لأنه كما أن الإنسان حين يأكل الخبز العادي يتحول لأنسجة ودم وتكون له حياة. هكذا من يتناول من جسد المسيح يتحد به وتكون له حياة هى المسيح. والمسيح يسمى نفسه خبز فلا حياة بدون الخبز. فيعقوب أرسل لإبنه يوسف هدايا من أرض فلسطين بندق ولوز.. وطلب خبزاً ليحيا هو وأولاده. فالبندق واللوز لا يعطيان حياة، فقط الخبز، أما البندق واللوز فهما إشارة لملذات العالم.

إتحادنا به هو حياة فهو بذلك إنتصار على أعتى أعداء الإنسان أي الموت.

وهذه الذبيحة هي نفسها ذبيحة الصليب، لذلك فهي غفران للخطايا.

وطالما غفرت الخطايا فلا سلطان لإبليس علينا.

وهذه الثلاثة هي أعداء الإنسان (الموت / الخطية / إبليس) فهو هزم أعداءنا وأعطانا الشبع الكامل وبالتالي الشفاء الكامل. وعلامة الشفاء الكامل الأعين المفتوحة التي ترى في المسيح المشبع لكل إحتياجاتها، فتلقي كل همها عليه. "الرب يرعاني فلا يعوزني شئ" (مز23) وعكس هذا "ملعون الرجل الذي يتكل على الإنسان ويجعل البشر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه" (إر5: 17).

الله وحده هو المشبع للإنسان.

الله خلقنا على صورته وشبهه "وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" (تك1: 26).

على صورتنا = فنحن ثالوث فى واحد (انا كائن عاقل حى).... كشبهنا = (والله كائن عاقل حى)... لكن لنلاحظ الفرق بين الله غير المحدود والإنسان المحدود. فالله كائن بذاته، أزلى بلا بداية ولا يعتمد فى كينونته على أحد، بينما نحن مخلوقين لنا بداية ونعتمد فى وجودنا عليه. والله عاقل، بأقنومه الثانى خلق العالم ويحفظه أما أنا فبالكاد عقلى قادر على الفهم فى أضيق الحدود. والله حى ويحيى كل الخليقة بروحه، أما أنا فلا أحيا بذاتى وسأموت وقت أن يريد الله، وغير قادر أن أحيى أحد.

وهذا يقال أيضا على أننا مخلوقين على صورة الله فى الكمال، والقداسة، والحرية، والسلطان... الخ لكن مع ملاحظة أن قوله كشبهنا تعنى الفارق بين غير المحدود والمحدود.

ولأننا مخلوقين على صورة الله اللانهائى بينما نحن محدودين فى طبيعتنا، نجد فى داخلنا حنيناً الى اللانهائى، ولن يشبعنا العالم المحدود، لن يشبعنا سوى الله الغير المحدود. وشبه هذا بأن الدائرة لا يملأها أى شكل سوى دائرة مثلها (الدائرة ترمز للانهائية فهى بلا بداية ولا نهاية). وهذا هو موضوع هذا الإصحاح. ولأجل هذا السبب جاءت وصية لا تشته (خر20: 17) من الوصايا العشر. فالعالم مخادع وهكذا ملذاته تخدع الإنسان بأنها سوف تشبعه أماناً بأمواله ومراكزه وسلطانه، وتشبعه ملذات وأفراح بشهواته.. وهكذا. وكل هذا كذب من الكذاب وأبو الكذاب (يو8: 44) أى إبليس. ولن يَشبَع الإنسان من هذا العالم بكل ما فيه فهو باطل وقبض الريح (مثل السراب). لن يُشبِع الإنسان سوى الله غير المحدود.

الآيات (يو6: 1– 15) (معجزة إشباع الجموع).

لمزيد من التفاصيل يرجى الرجوع لـ (إنجيل متى 14).

الأعداد 1-15

الآيات (يو6: 1– 15): -

"1بَعْدَ هذَا مَضَى يَسُوعُ إِلَى عَبْرِ بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَهُوَ بَحْرُ طَبَرِيَّةَ. 2 وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لأَنَّهُمْ أَبْصَرُوا آيَاتِهِ الَّتِي كَانَ يَصْنَعُهَا فِي الْمَرْضَى. 3فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى جَبَل وَجَلَسَ هُنَاكَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ. 4 وَكَانَ الْفِصْحُ، عِيدُ الْيَهُودِ، قَرِيبًا. 5فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعًا كَثِيرًا مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: «مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟ » 6 وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. 7أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: «لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَسِيرًا». 8قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ: 9«هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟ » 10فَقَالَ يَسُوعُ: «اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُونَ». وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ. 11 وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا. 12فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ». 13فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ. 14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ! » 15 وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انْصَرَفَ أَيْضًا إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.".

المسيح هنا إنتقل من اليهودية وأورشليم إلى الجليل حيث أجرى المعجزة. وهذه المعجزة هي الوحيدة المذكورة في الأربعة أناجيل (مت13: 14 - 21 + مر30: 6 - 44 + لو10: 9 - 17) وهذا لأهميتها فهي معجزة خلق حقيقي تثبت لاهوت المسيح. فالناس أكلوا أكل حقيقي وتبقى 12 قفة. ولكن يوحنا لا يكرر ما جاء في البشائر الأربعة ولكنه ذكر هذه المعجزة لإرتباطها بما سيذكره فيما بعد عن يسوع خبز الحياة. والمسيح في كل قداس يحضر في الوسط ويكسر ويعطي شبعاً لنا ويحول الحياة الحاضرة لحياة أبدية. ففي كل قداس يكرر المسيح معجزة إشباع الجموع ولكن على مستوى الحياة الأبدية. لذلك ينبه يوحنا أن الفصح كان قريباً. فالمسيح أعطانا جسده مأكلاً ودمه مشرباً في الفصح الذي يلي هذا الفصح، فصار هو فصحنا الجديد، جسد المسيح المكسور لإشباع العالم. فالفصح القديم كان رمزاً للعشاء الرباني والمن الأرضي كان رمزاً للمن السماوي. فالمن الأرضي يسند في برية سيناء والمن السماوي يسندنا في جهادنا في برية هذا العالم. وكما أمر الله موسى بحفظ جزء من المن تبقى هنا 12قفة.

إبتداء من إصحاح (6) وحتى إصحاح (12) يسمى إنجيل الإستعلان. فالمسيح يستعلن ذاته. ويتكلم المسيح عن نفسه بأنا هو = (يهوه). وفي إصحاح (6) نسمع عن المسيح خبز الحياة "من يأكلني يحيا بي" وهو الخبز الحي النازل من السماء، وبدونه لا حياة للإنسان. وهذه الآيات (1 - 15) تتكرر كثيراً في القداسات ونسميها إنجيل البركة.

هنا نرى المسيح سر الشبع الذي لا ينتهي. وهو قادر أن يملأنا من شخصه ونشبع به (نفساً وجسداً وروحاً). موسى أنزل مناً من السماء أشبع بطونهم ولكن المسيح هنا يقدم نفسه كخبز للحياة فيه شبع بلا حدود. وقارن مع الإصحاح السابق الذي فيه بعض اليهود قد رفضوا المسيح لترى مدى خسارتهم. وعن الشبع بالمسيح تنبأ إشعياء (8: 49 - 10). ولأن الناس لن تفهم في سطحيتها معنى الشبع بشخص المسيح، عمل السيد هذه المعجزة، فالناس لا تفهم سوى شبع البطن، والمعنى أنه كما أشبعت بطونكم أنا قادر أن أشبع نفوسكم وأرواحكم.

وفي آية (4) يقول "وكان الفصح عيد اليهود قريباً" فهو يريد أن يربط بين المعجزة والفصح "فالمسيح فصحنا ذبح لأجلنا" (1كو7: 5) فهذا الإشباع رمز للإفخارستيا. ولذلك يقول عن الفصح عيد اليهود، فهو لم يعد عيد لله بعد أن جاء المرموز إليه. فالفصح الحقيقي هو ذبيحة الصليب وهو بعينه الإفخارستيا على المذبح.

والسمكة كانت الرمز الذي يتعامل به المسيحيين الأوائل، فسمكة باليونانية "إخثيس" وهي من خمس حروف، هي نفسها الحروف الأولى من الجملة "يسوع المسيح إبن الله مخلص". والسمكة كانت رمز سرى أيام الإضطهاد الروماني، فكان المسيحيون يتعرفون على بعضهم بعلامة السمكة. وكان السمك رمز للمؤمنين في معجزتي صيد السمك (لو5 + يو21). والسمكة لها زعانف لذلك تسير عكس التيار في الماء إشارة للمؤمن الذي بواسطة النعمة يسير عكس تيار الخطية الذي في العالم. ولذلك ننتقل لمعنى آخر أن السمكة تعيش في البحر (العالم) ولا تموت رمز للمسيحي الذي يعيش في العالم ولا يتأثر بخطاياه فيحيا ولا يموت.

والمسيح طبيب النفوس أراد أن يشفي إيمان فيلبس الضعيف فسأله "من أين نبتاع خبز" وكانت إجابة فيلبس "لا يكفيهم خبز بمئتي دينار" أي حتى لو وجد المكان الذي نبتاع منه فأين النقود. ولاحظ في آية (6) أنه قال هذا ليمتحنه لأنه هو علم ما هو مزمع أن يفعل. والمعنى أن المسيح كان يسأل ليشفى إيمان فيلبس، لاحظ أن الطعام أشبع الكل، والكل أخذوا بقدر ما شاءوا، وتبقى 12قفة. فالمسيح يعطي بفيض وليس فقط للملء. ولكن حتى الآن نيأس إذ نجد مشاكل لا حل لها ونظن أنه لو وُجِدَ المال تحل المشاكل، وننسى أن المسيح معنا.

سؤال: لو تمسك الطفل بخبزاته القليلة ماذا كان سيحدث؟ وماذا سيحدث لو قلت لنفسي المال مالي والوقت هو لي أستمتع به، لما بارك فيه المسيح. ولاحظ أن المسيح يعطي بفيض أمام القليل الذي تقدمه.

والمسيح بعد المعجزة ذهب للجبل وحده آية (15) وذلك إشارة لأنه السماوي فالجبل رمز للسماويات وخوفاً من أن الجموع تقوم بثورة لتُمَلِّكَه فيثيروا عساكر الرومان ضدهم. واليهود ظنوا أن المسيح كملك سيدمر لهم الرومان. لكن المسيح أتى لليهود وللرومان.

الآيات (يو6: 1–2): - "1بَعْدَ هذَا مَضَى يَسُوعُ إِلَى عَبْرِ بَحْرِ الْجَلِيلِ، وَهُوَ بَحْرُ طَبَرِيَّةَ. 2 وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ لأَنَّهُمْ أَبْصَرُوا آيَاتِهِ الَّتِي كَانَ يَصْنَعُهَا فِي الْمَرْضَى.".

ذهب يسوع للجليل وصنع فيها معجزات فبدأ الشعب يتبعه. بعد هذا = ركب يسوع مركباً هو وتلاميذه من كفرناحوم وعبروا بحيرة طبرية (بحر الجليل أو بحيرة جنيسارات). وكانت كفرناحوم مركز إقامته. وفي (لو10: 9) نجد السيد عبر من كفرناحوم ليذهب إلى بيت صيدا شرقاً. والجموع الذين تبعوه سيراً على الأقدام ساروا 5,13 كم.

الآيات (يو6: 3–4): - "3فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى جَبَل وَجَلَسَ هُنَاكَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ. 4 وَكَانَ الْفِصْحُ، عِيدُ الْيَهُودِ، قَرِيبًا." في (مر34: 6) يصور الجموع كخراف وها هو الراعي الصالح المهتم بإشباع خرافه. ولاحظ فالقديس يوحنا ما عاد يعترف بأعياد اليهود ويسميها عيد لليهود. ولكنه هنا يذكر أن هذا العيد هو الفصح بالذات لأن معجزة إشباع الجموع هى رمز للفصح الجديد أى الإفخارستيا موضوع هذا الإصحاح.

الآيات (يو6: 5–7): - "5فَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ أَنَّ جَمْعًا كَثِيرًا مُقْبِلٌ إِلَيْهِ، فَقَالَ لِفِيلُبُّسَ: «مِنْ أَيْنَ نَبْتَاعُ خُبْزًا لِيَأْكُلَ هؤُلاَءِ؟ » 6 وَإِنَّمَا قَالَ هذَا لِيَمْتَحِنَهُ، لأَنَّهُ هُوَ عَلِمَ مَا هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَفْعَلَ. 7أَجَابَهُ فِيلُبُّسُ: «لاَ يَكْفِيهِمْ خُبْزٌ بِمِئَتَيْ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئًا يَسِيرًا».".

يتضح هنا شخصية فيلبس وأنه يقوم بحساب كل خطوة حساباً دقيقاً، والمسيح يسأله ليعطيه درساً أن البركة لا تعترف بالحسابات ولا الحكمة الإنسانية، والمسيح يسأل فيلبس ليعلمه ويعلمنا فهو المعلم. ومازالت هذه طريقتنا مع الله، نريد أن نفرض عليه حلولنا العاجزة بحسب عدم إيماننا. ومازالت هذه هي طريقة المسيح معنا، فهو يسمح بتجربة لنرى يده حينما يتدخل ليحل المشكلة، كما سأل فيلبس. والسبب ليزداد إيماننا كما عالج المسيح ضعف إيمان فيلبس إذ رأي المعجزة. يمتحنه = فالمسيح هو المعلم. يسأله لإظهار ضعف إيمانه والهدف شفاء ضعف إيمانه. والمسيح سأل فيلبس من أين وفيلبس أجاب على شئ آخر وقال بمئتي دينار = فالإنسان يجيب بما يشغل باله.

الآيات (يو6: 8–9): - "8قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، وَهُوَ أَنْدَرَاوُسُ أَخُو سِمْعَانَ بُطْرُسَ: 9«هُنَا غُلاَمٌ مَعَهُ خَمْسَةُ أَرْغِفَةِ شَعِيرٍ وَسَمَكَتَانِ، وَلكِنْ مَا هذَا لِمِثْلِ هؤُلاَءِ؟ ».".

أندراوس أيضاً كان له نفس الخطأ الذي وقع فيه فيلبس فهو يحكم على عمل الله بحسب الإمكانيات البشرية وليس بحسب إمكانيات الله غير المحدودة. وهنا درس آخر في إحترام المواهب الصغيرة، فهنا غلام معه إمكانيات ضعيفة ولكنها ببركة الرب أشبعت الجموع. وخبز الشعير هو خبز الفقراء والسمكتان يقول دارسو الكتاب أنهما كانتا مملحتين كعادة أهل السواحل في الإحتفاظ بفائض الأسماك (ومازال الأقباط يحتفلون في يوم شم النسيم التالي لعيد القيامة (الفصح) بخروجهم للحدائق (كما كان المسيح هنا في مراعي خضراء) وأكلهم الأسماك المملحة. وكانت الأسماك التي مع الغلام أسماكاً صغيرة (بساريا وباليونانية إبساريون) وغالبا كانت مملحة كعادة أهالى الصيادين أن يبيعوا ما يبيعونه والمتبقى يملحونه لإستعمالهم الشخصى. القليل في يد المسيح يزداد بلا حدود: طفل صغير معه 5 خبزات شعير (أرخص خبز + سمكتين صغار).

آية (يو6: 10): - "10فَقَالَ يَسُوعُ: «اجْعَلُوا النَّاسَ يَتَّكِئُونَ». وَكَانَ فِي الْمَكَانِ عُشْبٌ كَثِيرٌ، فَاتَّكَأَ الرِّجَالُ وَعَدَدُهُمْ نَحْوُ خَمْسَةِ آلاَفٍ.".

النساء والأطفال لا يدخلون في حسابات اليهود. ونلاحظ بحسب الأناجيل الأخرى أنهم جلسوا في ترتيب خمسين خمسين فإلهنا إله ترتيب ونظام وليس إله تشويش. وكان في المكان عشب كثير = أي مرعى فالمسيح هو الراعي الصالح (مز23) وهذه الصورة تذكرنا بصورة سفر الخروج (9: 24 - 11) حين أكلوا وشربوا في حضرة الله. ونلاحظ أن يسوع يعطي لمن يقدم كل ما عنده. فهؤلاء ما كانوا يملكون سوى الخمس خبزات. وفي معجزة تحويل الماء إلى خمر قال إملأوا الأجران فهذا أقصى ما يستطيعونه. وما نقدمه يسمى الجهاد. ولاحظ فنعمة المسيح تعطي لمن يجاهد بأقصى ما عنده.

آية (يو6: 11): - 11 وَأَخَذَ يَسُوعُ الأَرْغِفَةَ وَشَكَرَ، وَوَزَّعَ عَلَى التَّلاَمِيذِ، وَالتَّلاَمِيذُ أَعْطَوُا الْمُتَّكِئِينَ. وَكَذلِكَ مِنَ السَّمَكَتَيْنِ بِقَدْرِ مَا شَاءُوا.

شكر ووزع = هنا حدثت البركة وتم التحول السري العجيب. والمادة الميتة أخصبت بروح الحياة فتحول المحدود إلى اللامحدود. وشكر = أي أنه يشرك الآب في هذه البركة فهو خبز بحسب مشيئة الآب. ومشيئة الآب هي مشيئة الابن فهما واحد. وما يفرح الآب والابن هو اشباع الناس ليحيوا، وهذه هي إرادة الله إعطاء البشر حياة والحفاظ على حياتهم. والمسيح الذى يستعلن الآب، بهذا الشكر يعلن إرادة الآب. ولأنها إرادة واحدة فهو يشرك الآب هنا. ولذلك لا يتم التحول في سر الإفخارستيا إلاّ بالدعاء بإسم الآب والإبن والروح القدس. فإعطاء الحياة هو عمل الثالوث. والألفاظ المستخدمة هنا شكر ووزع وأعطى هي نفسها المستخدمة في سر الإفخارستيا فما حدث هنا رمز للسر ولشرح معنى الشبع بالسر. وشكر باليونانية هي إفخارستيا. وهي المقابل لكلمة بارك اليهودية (BEREKAH) التي استخدمت في الأناجيل الأخرى. وبينما تستعمل الأناجيل الأخرى كلمة وكسر إستخدم يوحنا كلمة وزع فيوحنا ملتزم بأن المسيح لا يُكسر منه عظم (يو33: 19 - 36) فيوحنا يكتب هذه المعجزة ويطابق بينها وبين ما حدث على الصليب، وكأن يوحنا يريد أن يقول أن الخبز الحي النازل من السماء لا يتجزأ ولا يُكسر بل يعطي ككل. لذلك ونحن نتناول لا نتناول كسرة خبز بل المسيح كله. ونلاحظ أن يوحنا لا يُصوِّر هنا ما حدث على الصليب فقط بل يصور ما حدث ليلة العشاء السري فالمسيح أيضاً شكر ووزع.

الآيات (يو6: 12–13): - "12فَلَمَّا شَبِعُوا، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «اجْمَعُوا الْكِسَرَ الْفَاضِلَةَ لِكَيْ لاَ يَضِيعَ شَيْءٌ». 13فَجَمَعُوا وَمَلأُوا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مِنَ الْكِسَرِ، مِنْ خَمْسَةِ أَرْغِفَةِ الشَّعِيرِ، الَّتِي فَضَلَتْ عَنِ الآكِلِينَ.".

شبعوا = في أصلها اليوناني إمتلأوا. فمازال يوحنا يتحدث عن المعجزة وفي ذهنه سر الإفخارستيا الذي يملأنا نفسياً وروحياً راحة وسرور ففي هذه المعجزة صار الخبز العادي في يد المسيح خبزاً سماوياً فائقاً للطبيعة أعلى من الأرقام والكميات فأصبح من يشبعهم ليس هو الخبز بل المسيح نفسه الذي يشبع أبدياً. لذلك فهذه المعجزة هي [1] رمز لسر الإفخارستيا [2] إعلان أن المسيح يسد كل إحتياج للإنسان (روح ونفس وجسد) ويشبعه ويملأه ويبارك في القليل الذي عنده. وفي (26: 6) حينما يتكلم عن الذين لم يدركوا السر يستخدم كلمة أخرى تشير للشبع الجسدي، فهؤلاء لم يدركوا المسيح بعد أن أعطاهم أن يتذوقوا نعمته فجروا وراء الشبع الجسدي، بل طلبوا معجزة مثل أن ينزل لهم المسيح مناً من السماء كما فعل موسى ليشبعوا بطونهم. وماذا عنا هل نطلب المسيح لأجل شبع بطوننا فقط وللماديات فقط، أو نطلبه لنمتلئ به نفساً وروحاً. القفة = كانت لأكلهم هم أنفسهم فاليهودى يخاف من أن يأكل أكل خارجى يمكن أن يكون قد تلامس مع وثنى أو سامرى. والمسيح طلب "إجمعوا الكسر" = ويقصد الخبز فكلنا جسد واحد، خبز واحد، فالمسيح يهتم بكل نفس (39: 6) بكل المؤمنين الذي يأكلون جسده، أن لا يتلفوا وينحلوا بل تكون لهم قيامة. وكلمة لا يضيع هنا ولا يتلف في آية (39) تشيران في اليونانية للفظ لا ينحل. فمن يأكل من الخبز الإفخارستي لا تضيع حياته ولا تتلف بل تبقى وتحيا (فهذه المعجزة رمز لما حدث ليلة العشاء السري). 12قفة = هي رمز لكنيسة المسيح، كنيسة الإثنى عشر تلميذا، التي إجتمعت حول المسيح لتصير واحداً في المسيح يسوع. وبنفس المفهوم يهتم الكاهن بأن لا يترك في الصينية أي جزء متبقي. وتفهم الكسر أيضاً على أنها أي بركة يعطيها لنا المسيح (وقت، فلوس..) علينا أن لا نهملها فهي من الممكن أن تشبع آخرين.

الآيات (يو6: 14–15): - "14فَلَمَّا رَأَى النَّاسُ الآيَةَ الَّتِي صَنَعَهَا يَسُوعُ قَالُوا: «إِنَّ هذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ النَّبِيُّ الآتِي إِلَى الْعَالَمِ! » 15 وَأَمَّا يَسُوعُ فَإِذْ عَلِمَ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَأْتُوا وَيَخْتَطِفُوهُ لِيَجْعَلُوهُ مَلِكًا، انْصَرَفَ أَيْضًا إِلَى الْجَبَلِ وَحْدَهُ.".

فهم الجموع المعجزة بطريقة خطأ، فهموها بطريقة بشرية، وأرادوا أن يملكوا المسيح فهو سيشبعهم دون مجهود ويحررهم من الرومان. بل في جهالتهم قرروا أنه لو رفض المسيح يختطفونه ويجعلونه ملكاً حسب إرادتهم. وحماس الجماهير كان بسبب معجزات الشفاء وهذه المعجزة العجيبة. وهم فهموا المسيح بطريقة خاطئة كما نفهمه حتى الآن، فكل ما نريده هو الشبع والخيرات المادية وحل مشاكلنا مع الآخرين، فكأننا نريد أن نملكه على العالم، ولكننا لا نهتم كما لم تهتم هذه الجماهير بالشبع الروحي. هم إهتموا بالخلاص من مشاكلهم وعبوديتهم للرومان، وفكروا في أن المسيح هو المخلص من هذه العبودية ولم يفهموا هدف المسيح من الشبع الروحي والإيمان وتمجيد الله. حقاً كان هناك في فكر المسيح عمل رحمة في هذه المعجزة حتى لا يصرفهم جائعين ولكن الهدف الأسمى هو مجد الله. ولأنهم لم يفهموا إختفى المسيح من وسطهم. فهو لا يريد مُلكاً في العالم، بل أن يملك على الصليب. إختفاء المسيح كان إعلاناً أنه لن يبقي في الأرض بل هو السماوي سيصعد للسماء (ويرمز لها هنا بصعوده إلى الجبل).

هذه المعجزة نرى فيها بوضوح المنهج الأرثوذكسي في الخلاص وهو الجهاد والنعمة فنعمة الله إنسكبت بفيض وغزارة في هذه المعجزة ولكن كان مهماً وجود الجهاد الذي يمثله الخمس خبزات والسمكتين. والذي مثله ملأ الأجران في قانا الجليل والذي مثله إزاحة الحجر عن قبر لعازر.

الآيات (يو6: 16–21) (السير على الماء).

لمزيد من التفاصيل يرجى الرجوع لـ (مت14).

الأعداد 16-21

الآيات (يو6: 16–21): -

"16 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ نَزَلَ تَلاَمِيذُهُ إِلَى الْبَحْرِ، 17فَدَخَلُوا السَّفِينَةَ وَكَانُوا يَذْهَبُونَ إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَكَانَ الظَّلاَمُ قَدْ أَقْبَلَ، وَلَمْ يَكُنْ يَسُوعُ قَدْ أَتَى إِلَيْهِمْ. 18 وَهَاجَ الْبَحْرُ مِنْ رِيحٍ عَظِيمَةٍ تَهُبُّ. 19فَلَمَّا كَانُوا قَدْ جَذَّفُوا نَحْوَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ أَوْ ثَلاَثِينَ غَلْوَةً، نَظَرُوا يَسُوعَ مَاشِيًا عَلَى الْبَحْرِ مُقْتَرِبًا مِنَ السَّفِينَةِ، فَخَافُوا. 20فَقَالَ لَهُمْ: «أَنَا هُوَ، لاَ تَخَافُوا! ». 21فَرَضُوا أَنْ يَقْبَلُوهُ فِي السَّفِينَةِ. وَلِلْوَقْتِ صَارَتِ السَّفِينَةُ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي كَانُوا ذَاهِبِينَ إِلَيْهَا.".

هذه المعجزة الملازمة لإشباع الجموع أوردها متى ومرقس أيضاً ونفهم من (مر45: 6 - 46) أن السيد ألزم تلاميذه أن يركبوا السفينة ويسبقوا إلى العبر، أمّا هو فمضى إلى الجبل ليصلي والرب وعدهم أنه سيلحق بهم ولكنه لم يوضح كيف فلماذا ألزمهم السيد أن يركبوا السفينة وهو عالمٌ بما سوف يلاقونه من رياح؟! غالباً فالتلاميذ حزنوا إذ رفض المسيح الملك، فكلٌ منهم تصور لهُ دوراً عظيماً إذا صار المسيح ملكاً. والرب أرادهم أن يعرفوا أن العالم كالبحر مضطرب، هائج لا يصح أن نشتهيه ونشتهي مجده، بل نشتهي السماويات، لذلك قيل أن المسيح إنصرف إلى الجبل. فالجبال في الكتاب المقدس تشير للسماويات. أمّا هم فلأن فكرهم مازال أرضي فلينزلوا إلى البحر الهائج ليأخذوا درساً. وبعد أن أخذوا الدرس أتاهم المسيح ماشياً على البحر المضطرب ليفهموا أنهم سيواجهون متاعب شتى في خدمتهم وحياتهم ولكن المسيح له سلطان على كل شئ. ففي المعجزة السابقة رأيناه وله سلطان على المادة ونراه هنا وله سلطان على البحر والهواء، بل له سلطان على كل العالم فهو قد غلب العالم. بل حينما دخل المركب وصلت في الحال للبر. المسيح هنا يقول للتلاميذ لا تخافوا حين يهيج العالم إذا كان المسيح وسطكم ففي اللحظة التي يراها مناسبة يتدخل. ولما كان المساء = المساء تشمل معنى غياب الإيمان، أو الخلاف مع المسيح بسبب موضوع الملك. وأن المسيح ليس معهم. فإذا إختفى المسيح من حياتي فهو المساء (16) وهو الظلام (17) وهياج البحر (18). وإذا حدث هذا نتعرض لتجربة خطيرة كهياج البحر. فمع ضعف الإيمان ينشط إبليس. وهنا بصفته رئيس سلطان الهواء أهاج رياحاً عظيمة (اف2: 2) فغياب المسيح أدى لظهور المجرب (مر47: 6 - 48). ونفهم أن الريح كانت ضدهم وكانوا هم معذبين من الجذف (عرض البحيرة 8كم في زمان المسيح والآن هي 12كم وطولها 21كم. والغلوة = 200م. أي أن عرض البحيرة = 40 غلوة. وكان التلاميذ قد جدفوا مسافة 25 - 30غلوة أي 5 - 6كم بعيداً عن الشاطئ وبحسب مرقس فلقد إستغرق منهم هذا وقتاً طويلاً فهم صاروا في الهزيع الرابع حين أتاهم الرب ماشياً أي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل، أي كانوا يجدفون حوالي 10ساعات متواصلة. والرب أتاهم كما يأتي لكل متألم ينتظره وكأن داود النبي رأي ما حدث حين قال (مز23: 107 - 31). ونرى هنا سلطان المسيح على الريح وعلى البحر (مر37: 4 - 41). المسيح كان موجوداً لكنهم لم يروه بسبب ظلمة قلوبهم. ربما لإختلافهم معه. وكثيراً نحن في ضيقاتنا نظن الله غير موجود بسبب ظلمة قلة إيماننا.

فرضوا أن يقبلوه = المعنى في اليونانية أنهم كانوا متلهفين على أن يدخل السفينة. ومن مرقس نفهم أن الرب سار بمحاذاة السفينة ولم يدخلها، وكان يبدو أنه يريد أن يعطي طمأنينة لتلاميذه، لكنهم صرخوا وخافوا إذ ظنوه خيالاً. فطمأنهم بقوله أنا هو لا تخافوا = أنا يهوه ثقوا فيَّ ولا تخافوا لا من العالم ولا من الشيطان. فرضوا = أي تحوَّل خوفهم إلى إيمان وفرحوا بوجوده معهم. ونفهم من (مت25: 14 - 28) أن بطرس طلب أن يسير على الماء مثله ليتأكد أنه المسيح. فأراد أن يتجاوزهم = فالرب يتراءى وقت الضيقة لنصرخ له. وإذا صرخنا يدخل فتهدأ سفينتنا. وهذا ما حدث مع تلميذي عمواس إذ تظاهر أنه منطلق بعد عمواس وحينما دعوه ذهب معهما فإنفتحت أعينهما وتحول عدم إيمانهما إلى إيمان. فالمسيح يظهر لنا دائماً أنه فوق الضيقات وفوق الأمواج الهائجة. هو ضابط الكل. هو المتحكم في كل شئ والمسيطر على كل شئ فلماذا الخوف. وإذا دعوناه ليدخل حياتنا يعطينا هدوء وسلام وإيمان. ويوحنا البشير يضيف معجزة أخرى أن السفينة صارت للوقت إلى الأرض (مز29: 107 + 30). وهكذا كل من يقبل المسيح في حياته ولا يرفضه يبلغ شاطئ الأمان ويحيا في سلام ونحن يكون حالنا أفضل والبحر هائج ولكن يسوع وسط السفينة من أن نكون في سلام زائف بعيداً عن يسوع. ولاحظ أن عينا المسيح كانت عليهم في ضيقهم وأنه أتى في الوقت المناسب.

ويوحنا لم يذكر سير بطرس على الماء، فموضوع يوحنا هو أن المسيح هو إبن الله المشبع فلم يهتم بذكر قصة بطرس.

الأعداد 22-27

الآيات (يو6: 22–27): -

"22 وَفِي الْغَدِ لَمَّا رَأَى الْجَمْعُ الَّذِينَ كَانُوا وَاقِفِينَ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ سَفِينَةٌ أُخْرَى سِوَى وَاحِدَةٍ، وَهِيَ تِلْكَ الَّتِي دَخَلَهَا تَلاَمِيذُهُ، وَأَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَدْخُلِ السَّفِينَةَ مَعَ تَلاَمِيذِهِ بَلْ مَضَى تَلاَمِيذُهُ وَحْدَهُمْ. 23غَيْرَ أَنَّهُ جَاءَتْ سُفُنٌ مِنْ طَبَرِيَّةَ إِلَى قُرْبِ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَكَلُوا فِيهِ الْخُبْزَ، إِذْ شَكَرَ الرَّبُّ. 24فَلَمَّا رَأَى الْجَمْعُ أَنَّ يَسُوعَ لَيْسَ هُوَ هُنَاكَ وَلاَ تَلاَمِيذُهُ، دَخَلُوا هُمْ أَيْضًا السُّفُنَ وَجَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ يَطْلُبُونَ يَسُوعَ. 25 وَلَمَّا وَجَدُوهُ فِي عَبْرِ الْبَحْرِ، قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، مَتَى صِرْتَ هُنَا؟ » 26أَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَقَالَ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: أَنْتُمْ تَطْلُبُونَنِي لَيْسَ لأَنَّكُمْ رَأَيْتُمْ آيَاتٍ، بَلْ لأَنَّكُمْ أَكَلْتُمْ مِنَ الْخُبْزِ فَشَبِعْتُمْ. 27اِعْمَلُوا لاَ لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هذَا اللهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ».".

الجموع مازالت تحاصر يسوع لعلها تنجح أن تجعله ملكاً. غير أنه جاءت سفن = بعض السفن جنحت نتيجة عاصفة الأمس، أو أن الريح التي عاكست سفينة التلاميذ في إتجاهها غرباً ساعدت السفن المتجهة شرقاً. فلمّا لم تجد الجموع الذين شبعوا بالأمس، يسوع، ركبوا هذه السفن التي تصادف أنهم وجدوها على البر الشرقي ربما لجنوحها، ورجعوا إلى كفرناحوم ليبحثوا عن المسيح، فلما وجدوه إزدادت حيرتهم كيف وصل؟ فليس هناك سوى طريقين [1] الطريق البري ويستحيل أن يسير فيه مساءً لأنه طويل ومحفوف بالمخاطر ومهجور ومملوء صخوراً [2] أن يركب سفينة وهم لم يروه يركب سفينة. وغالباً فهم سألوا تلاميذه وعرفوا قصة سيره على الماء فإزداد إعجابهم. متى صرت هنا = هم يريدون بهذا السؤال أن يكشف لهم سر قوته، والمسيح لم يخبرهم أنه سار على الماء هرباً من المجد الذاتي. ولكن كل حماسهم لم يخرج عن المحيط السياسي والمادي لذلك بدأ المسيح يصحح لهم مفاهيمهم حتى يعملوا لا للطعام البائد.. فبكتهم على أفكارهم المادية = لأنكم أكلتم من الخبز فشبعتم. هدف المعجزة أن يعرفوا من هو فيأتوا إليه لشخصه المشبع، لكن لم تفهموا من أنا بل طلبتم المزيد من الماديات. تطلبونني لا للآيات = أي تطلبونني بسبب المعجزة وليس لأنكم إكتشفتم من أنا. فكلمة آية تشير لعمل يعلن عن الشخص. إذاً المعنى تطلبونني لا لشخصي بل لعطاياي. وهذه مازالت مشكلتنا أننا ننشغل بعطايا المسيح عن شخص المسيح. ولاحظ أن الله يعطينا الطعام الجسدي حتى لو لم نطلبه. لكن الطعام الباقي علينا أن نجاهد لأجله. علينا أن لا ننشغل بالماديات فالأهم أن الله يعطينا ذاته. هناك خطأ شائع أن يتحول المسيح في فهمنا ليصبح وسيلة وليس غاية. ولكن المسيح يصنع المعجزات ليثير فينا الإيمان به وبشخصه المشبع وبالإيمان ستكون لنا حياة أفضل. وإذا فهمنا هذا فكل طلب نطلبه يعطيه الله لنا إن كان له نفع في زيادة إيماننا، ولكن إن لم يكن كذلك فسيشابه ملء بطون الجليليين بالطعام البائد وقوله شبعتم هنا تعني ملء البطون. أما ما يريده المسيح لنا أن نمتلئ منه كما جاءت كلمة شبع في آية (12). فهو يشبع الأرواح والنفوس ويملأنا فرحاً فضلاً عن أنه يشبع البطون. فلنطلب من الله، فإذا لم يعطنا يكون رفضه الإستجابة لأن إستجابة هذا الطلب لن تفيد في زيادة إيماننا حتى لو كان طلب شفاء مريض. وقوله بائد = فهو يتحلل ولأن العالم كله سيبيد. على أن الله مسئول أيضاً عن هذا البائد ويعطيه لنا. المهم ألا ننشغل به عنه. أما الباقي = فهو ما سيعطي أجسادنا قيامة في الأبدية وديمومة. وهو لا يفنى ولا يتغير إذاً هو الله خبز الحياة. ليس لأنكم رأيتم آيات = رأيتم هنا تعني أدركتم من أنا، وإستفدتم من المعجزة بطريقة صحيحة أي فهمتم القصد من الآية. فالمعجزة هدفها أن نعرف شخص المسيح وشخصه الذى يشبعنا فرحاً. لأن هذا الآب قد ختمه = ختمه أي كمن ختم على وثيقة أن المسيح إبنه، وختمه أي شهد له الآب بقداسته وميَّزه عن أي أحد آخر (رؤ2: 7 - 3). وختمه أيضاً يشير لأن الآب عينه للذبح وبالتالي عينه ليكون طعاماً وخبزاً للحياة الأبدية، فالخراف التي كانت تقدم كذبائح كانت تفحص أولاً من الكهنة ثم يختمها الكهنة أنها بلا عيب وصالحة لتقدم كذبيحة. وهنا نسمع لأول مرة قوله الله الآب، فبذبيحة الإبن سيصير الله أباً لجميع المؤمنين. وقوله الآب قد ختمه هى نفسها "فالذي قدسه الاب" (يو10: 36) والمعنى الآب خصصه لذبيحة الصليب.

الأعداد 28-40

الآيات (يو6: 28– 40): -

"28فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللهِ؟ » 29أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ». 30فَقَالُوا لَهُ: «فَأَيَّةَ آيَةٍ تَصْنَعُ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ بِكَ؟ مَاذَا تَعْمَلُ؟ 31آبَاؤُنَا أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ خُبْزًا مِنَ السَّمَاءِ لِيَأْكُلُوا».

32فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، 33لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ». 34فَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ». 35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا. 36 وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. 37كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا. 38لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 39 وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 40لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ». ".

آية (يو6: 28): - "28فَقَالُوا لَهُ: «مَاذَا نَفْعَلُ حَتَّى نَعْمَلَ أَعْمَالَ اللهِ؟ ».".

في الآية السابقة قال السيد إعملوا وهنا يسألون ماذا نفعل. وسؤالهم يبدو أنه في محله ولكن في نيتهم ماذا نفعل لنتحرر من الرومان ونسود العالم، أو ماذا نفعل من الأعمال الطقسية حتى يتم لنا هذا، فهل الناموس ناقص ليسألوا عن شئ آخر؟! أو هم يريدون عملاً يرضون به الله يؤدونه ليدخلوا الحياة الأبدية. فاليهود تصوروا أن الخلاص هو بأعمالهم هم فقط. لذلك نجد المسيح هنا يصحح مفاهيمهم ويقول لهم... أن دخول الحياة الأبدية هو عمل يعمله الله بأن يرسل إبنه، ليعد لنا مكانا بدخول جسده للسماء. لذلك أجابهم المسيح أن المطلوب ليس أعمال بل إيمان به، وأن العمل هو عمل الله وليس عملهم هم. العمل بدون إيمان بالمسيح لا يرضي الله. الإيمان المقرون بالأعمال الصالحة شرط أساسي للحياة الأبدية. فالإيمان مدخل وبدونه لا حياة مع الله ولا حياة أبدية. وبعد ذلك لابد من الأعمال والجهاد، ومن يؤمن ويجاهد يعطيه المسيح حياته ويعمل فيه. ومن يعمل وحده بدون المسيح يجد الأعمال ثقيلة. بل أن الأعمال بدون ايمان لافائدة منها للخلاص. وللمؤمنين بالمسيح نجد نيره هين وحمل الوصية خفيف.

آية (يو6: 29): - "29أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «هذَا هُوَ عَمَلُ اللهِ: أَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِي هُوَ أَرْسَلَهُ».".

المسيح يكشف لهم أن هدف معجزاته هو الإيمان البسيط وليس إثارة شهوتهم في الملك. وعمل الله = أنه أرسل لهم المسيح المخلص وما عليهم سوى الإيمان به فالإيمان به هو عمل في حد ذاته، فالناموس أرشدهم للمسيح. والخلاص يتضمن الشبع والحرية والحياة الروحية والخلاص من الموت. وهم سألوا عن أعمال والمسيح أجاب بقوله عمل واحد هو الإيمان به. فالمسيح يصحح إتجاه أفكارهم ولا يستبدل عمل بعمل آخر. والمسيح بهذا يشير لأنهم لم يؤمنوا به بعد المعجزة. ولنلاحظ أهمية الأعمال بعد الإيمان بالمسيح. لكن بدون الإيمان بالمسيح فأي عمل نعمله هو بلا قيمة.

الآيات (يو6: 30–31): - "30فَقَالُوا لَهُ: «فَأَيَّةَ آيَةٍ تَصْنَعُ لِنَرَى وَنُؤْمِنَ بِكَ؟ مَاذَا تَعْمَلُ؟ 31آبَاؤُنَا أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: أَنَّهُ أَعْطَاهُمْ خُبْزًا مِنَ السَّمَاءِ لِيَأْكُلُوا».".

لقد رأوا معجزة إشباع الجموع وسمعوا عن سيره على الماء وهم أرادوا أن ينصبوه ملكاً، ومع هذا يطلبون آيات أخرى، وكان هذا غالباً بسبب تشكيك الفريسيين فيه. وغالباً كان هذا الحوار في المجمع في كفرناحوم، وسؤالهم عن المن راجع لأن اليهود كانوا يعتقدون أن المسيا سينزل لهم مناً من السماء ليشبعهم كما عمل موسى، وسيكون هذا علامة أنه المسيا. ولم يفهموا أن المسيح سيكون لهم خبزاً سماوياً (كان نزول المن أعظم معجزة عند اليهود) هم أرادوا خبزاً من السماء كل الأيام لتصير حياتهم سهلة فيؤمنوا به. وللآن نتصور أنه إن كان الله يحبني فلابد أن يعطيني ما أريد.

الآيات (يو6: 32–33): - "32فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ مُوسَى أَعْطَاكُمُ الْخُبْزَ مِنَ السَّمَاءِ، بَلْ أَبِي يُعْطِيكُمُ الْخُبْزَ الْحَقِيقِيَّ مِنَ السَّمَاءِ، 33لأَنَّ خُبْزَ اللهِ هُوَ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ الْوَاهِبُ حَيَاةً لِلْعَالَمِ».".

ليس موسى = فموسى كان واسطة. لكن المصدر هو الله. أبي يعطيكم = يعطي هنا مضارع مستمر. أي الآب أرسلني وأنا الخبز الحقيقي وليس أي معجزة. المسيح هنا يشرح أن المن لم يكن إلا رمزاً له، وهو الخبز الحقيقي الذي نزل من السماء. وكما أرسل الله المن لموسي، هكذا أرسل المسيح لهم الآن خبزاً حقيقياً. إذاً المن كان رمزاً. وكلمة حقيقي أي يعطى حياة أبدية وليس كالخبز العادى من يأكله يموت بعد حين. خبز الله = هم يطلبون خبزاً ينزله لهم الله من السماء بواسطة المسيح. والمسيح يكلمهم عن خبز حقيقي من الله ومقدم إلى الله ولا ينتن ويُدَوِّد كالمن ولا يتحول ولا ينتهي وهو المشبع حقيقة. أما خبز العالم فمن يأكله يجوع، ويموت ولكن المسيح من يأكله يحيا للأبد. (هذا معنى كلمة حقيقي، وبنفس المفهوم فالمسيح هو النور الحقيقى فهو نور أزلى أبدى أما الشمس فسيأتى عليها يوم وتنطفئ). النازل = في الأصل اليوناني دائم النزول، فهو موجود في السماء قبل تجسده. والمن مهما كان معجزة فهو مجرد طعام للجوف، والمسيح يريد أن يبعد عن أذهانهم ما عَلَقَ فيها من أفكار مادية جسدانية. ومازال هذا الفكر اليهودي أي الشبع الجسدي كعلامة للمسيح، موجود عند أصحاب مذهب الألف سنة، أمّا المسيح فيشرح أن عطاياه الأهم هي على مستوى الروح، ولهذا أتى وتجسد. الواهب حياة للعالم = بينما أن المن كان لليهود فقط. وهو يعطي حياة بينما أن من أكلوا المن ماتوا.

آية (يو6: 34): - "34فَقَالُوا لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَعْطِنَا فِي كُلِّ حِينٍ هذَا الْخُبْزَ».".

نفس سؤال السامرية، فهم يريدون خبزاً بلا مشقة، هم ظنوه خبزاً ينزل من السماء بلا جهد كل يوم كالمن.. وبينما إعترفت السامرية بخطيتها لأنها منكسرة وتعرف أنها خاطئة، منع كبرياء اليهود وبرهم الذاتى من الإعتراف بإحتياجهم فإنصرفوا فارغين (رؤ3: 16، 17).

آية (يو6: 35): - "35فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا.".

قبل ذلك كان يقول خبز الله لكنه هنا أوضح أنه هو خبز الحياة = أنا هو خبز الحياة. فالمسيح هو خبز يعطيه الله الذى يريد أن يعطى حياة للإنسان. والمسيح يكلم دارسين للعهد القديم سمعوا عن شجرة الحياة (تك9: 2 + 22: 3) فتعبير الحياة فى مسامع اليهود يعنى الحياة الأبدية كمن يأكل من شجرة الحياة. وسمعوا عنها أيضاً في (أم13: 3 + 18 + أم30: 11 + مز8: 36 - 9) وتفسير هذا نجده في (رؤ7: 2 + 1: 22 + 6). والمسيح هنا يقدم نفسه مأكلاً ومشرباً. من يقبل إلىَّ فلا يجوع = هذا يعنى أنه يسدد كل إحتياجاتنا فلا نحتاج إلى أحد غيره. نأكله ونشربه هنا بالسر، وهناك في الأبدية نشبع ونرتوي فيه بالحق إلى الأبد. فالمسيح هو شجرة الحياة من يأكله يحيا للأبد فجسده فيه حياة أبدية. ونرى السامرية وقد إرتوت فعلاً بعد أن آمنت بالمسيح فهو لا يخيب رجاء من يقبل إليه. ولكن المسيح عرف أن الجليليين لن يقبلوه ولن يؤمنوا به لأنهم لا يريدون عطايا روحية. من يؤمن بي لا يجوع (فهو خبز الحياة) ولا يعطش (فهو ماء الحياة كما قال للسامرية). وهذا يعنى أن المسيح يرسل الروح القدس لكل من يؤمن به فيرتوى، "وقف يسوع ونادى قائلا ان عطش احد فليقبل اليَّ ويشرب من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه. لان الروح القدس لم يكن قد اعطي بعد. لان يسوع لم يكن قد مجد بعد" (يو7: 37 - 39). والشرط أن نقبل إليه أي نؤمن ونصدق، ونتحرك ونأخذ خطوة ناحية المسيح بإشتياق. يؤمن بي = موقف القلب الداخلي والضمير. والتحرك نحو المسيح مرتبط بالإيمان. المسيح هنا يحول نظرهم من أشياء يأخذوها منه إلى شخصه والشبع به هو.

آية (يو6: 36): - "36 وَلكِنِّي قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ قَدْ رَأَيْتُمُونِي، وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ.".

فكل ما يريدونه مطالب دنيوية، خبز نازل من السماء بدون جهد. قد رأيتموني = وهذا يدينهم أنهم رأوا المسيح ورأوا وجهه المقدس وهيئته الإلهية ورأوا معجزاته وسمعوا أقواله ومع هذا لم يؤمنوا. وذلك لأن شهوة الجسد وتعظم المعيشة والمطالب والرغبات الشخصية المتعارضة مع إرادة الله تتلف البصيرة الداخلية فلا يرى الإنسان الحقيقة. هذا يتلف حواس الإنسان الروحية فلا يتعرف على المسيح. والمدخل لحل هذه المشكلة أن يتعلم الإنسان معنى صلاة "لتكن مشيئتك".

آية (يو6: 37): - "37كُلُّ مَا يُعْطِينِي الآبُ فَإِلَيَّ يُقْبِلُ، وَمَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ لاَ أُخْرِجْهُ خَارِجًا.

كل ما يعطيني الآب = هنا نرى دور الله في إيمان الإنسان فالله يجذب الإنسان ليؤمن. فالله يريد أن جميع الناس يخلصون... "(1تى2: 4). ولكن للإنسان حريته في أن يقبل. والله يحاول مع كل واحد بالإقناع والإلحاح" أقنعتنى يا رب فإقتنعت وألححت علىَّ فغلبت "(إر20: 7). وهذا عمل الروح القدس" وليس احد يقدر ان يقول يسوع رب الا بالروح القدس "(1كو12: 3). ومن يتجاوب مع دعوة الروح القدس ولا يعاند يُقبِل للمسيح. كلُّ.. فإلىَّ يقبل = كل بالجمع وإلىَّ يقبل بالمفرد. فعلاقتنا مع المسيح علاقة فردية كعريس بعروسه. ولكن المسيح يجمعنا كلنا في وحدة واحدة متكاملة. لا أخرجه خارجاً = في أصلها اليوناني يستحيل بأي حال أن أخرجه. وبالتالي فهؤلاء اليهود لم يأتوا للمسيح ولم يؤمنوا به فرفضهم الآب وطردهم لأنهم لم يؤمنوا بالمسيح ولا قبلوه. (أف3: 1 - 5) = كل ما يعطيني الآب. فمن يعطيه الآب للإبن يجعله الابن جزءا من جسده ويغطيه بدمه (قارن مع تفسير يو17: 6). ومن الذي يخرجه خارجاً، الشيطان ومن ليس عليهم ثوب العرس (عرس إبن الملك). إذاً حتى لا أكون خارجاً، فالمطلوب منى [1] الإيمان [2] التوبة.

الآيات (يو6: 38–39): - "38لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ، لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي، بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي. 39 وَهذِهِ مَشِيئَةُ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَا أَعْطَانِي لاَ أُتْلِفُ مِنْهُ شَيْئًا، بَلْ أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ.".

مشيئة الآب الذي أرسل المسيح أن يهب الحياة الأبدية لكل من يؤمن، وهذا يكمل قوله في آية (37) أن من يقبل إليه لا يخرجه خارجاً، ويضيف هنا أنه لن يتلف فهو سيحفظه أمام هجمات العدو الشرير. كان سؤالهم في آية (30) ماذا تعمل. وهنا نسمع أنه يعمل مشيئة الآب أن لا يتلف أحد بل يقيمه (يقيمه تكررت 4مرات). فهذه مشيئة الآب أن الجميع يخلصون وتكون لهم حياة أبدية. لذلك فالمسيح لا يرفض من يأتي إليه.

آية (يو6: 40): - "40لأَنَّ هذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الابْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ».".

كل ما مضى كان رد المسيح على الجليليين "ماذا نعمل" والمسيح يشرح أن العمل هو عمل الله وليس عملهم هم. وكل ما هو مطلوب منهم أن يصدقوا ويؤمنوا بالمسيح. وكل من لا يؤمن يكون قد رفض مشيئة الله الآب. فالخلاص متوقف إذاً على إرادتي. كل من يرى الإبن = ليس بالعين البشرية ولكنها رؤية بالقلب والفكر الروحي فاليهود رأوه ولم يؤمنوا ونحن لم نراه بالجسد لكن نؤمن به. ولابد أن نرى الإبن هكذا أولاً حتى نؤمن به فنحن لن نؤمن إلاّ بمن نعرفه ونثق فيه. وهذا يأتي بالتأمل في كلمة الله المكتوبة في الكتاب المقدس، فنرى الإبن كلمة الله برؤية عقلية يعطيها لنا الروح القدس "الذى يأخذ من المسيح ويخبرنا" (يو16: 14)، فنؤمن به ثم نشبع به ونرتوي. والكلمة يرى باليونانية تشير لرؤية الحقائق الإلهية حيث يستنير الفكر بالنور الإلهي الداخلي. ومن يرى المسيح هكذا تكون له حياة وقيامة. حياة أبدية = تبدأ من هنا على الأرض. بالمعمودية ثم بالثبات في المسيح "إثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو4: 15) وهذا قطعاً بالتوبة والتناول من جسد الرب ودمه.

الأعداد 41-71

الآيات (يو6: 41– 71): -

"41فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». 42 وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ، الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ هذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟ » 43فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ. 44لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 45إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: وَيَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ. 46لَيْسَ أَنَّ أَحَدًا رَأَى الآبَ إِلاَّ الَّذِي مِنَ اللهِ. هذَا قَدْ رَأَى الآبَ. 47اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ. 48أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. 49آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا. 50هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ. 51أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ». 52فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟ » 53فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. 54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ، 55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق÷ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق. 56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. 57كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي. 58هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 59قَالَ هذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ. 60فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟ » 61فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هذَا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ 62فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! 63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ، 64 وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. 65فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي». 66مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ. 67فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟ » 68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ، 69 وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ». 70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ! » 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ، لأَنَّ هذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

الآيات (يو6: 41–42): - "41فَكَانَ الْيَهُودُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَيْهِ لأَنَّهُ قَالَ: «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ». 42 وَقَالُوا: «أَلَيْسَ هذَا هُوَ يَسُوعَ بْنَ يُوسُفَ، الَّذِي نَحْنُ عَارِفُونَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ؟ فَكَيْفَ يَقُولُ هذَا: إِنِّي نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ؟ ».".

النازل من السماء = يقصد أن طبيعته سماوية لكنهم هم فهموا أنه نزل من السماء بجسده الذي يرونه أمامهم وهم يعرفون أباه وأمه. يتذمرون = هذه طبيعة بنى إسرائيل منذ خرجوا من أرض مصر. وواضح أن صورة المسيح البشرية، إذ رأوه إنساناً وقفت كعثرة في قبول لاهوته. رأوه بعيونهم البشرية ولم يروه بالعيون الداخلية كما في آية (40). لذلك فيوحنا تحاشى الكلام عن نسب المسيح وولادته وتكلم عن لاهوته. ولقد صنع المسيح معجزة إشباع الجموع ليساعدهم على أن يؤمنوا بكلامه لكنهم كانوا مذبذبين، تارة يؤمنوا به وتارة يتذمرون عليه. فهم لم يروا إنسان يأتي من السماء ويهب حياة أبدية. وفهموا من كلامه أنه أعظم من موسى.

الآيات (يو6: 43–47): - "43فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لاَ تَتَذَمَّرُوا فِيمَا بَيْنَكُمْ. 44لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يُقْبِلَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يَجْتَذِبْهُ الآبُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. 45إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِي الأَنْبِيَاءِ: وَيَكُونُ الْجَمِيعُ مُتَعَلِّمِينَ مِنَ اللهِ. فَكُلُّ مَنْ سَمِعَ مِنَ الآبِ وَتَعَلَّمَ يُقْبِلُ إِلَيَّ. 46لَيْسَ أَنَّ أَحَدًا رَأَى الآبَ إِلاَّ الَّذِي مِنَ اللهِ. هذَا قَدْ رَأَى الآبَ. 47اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ.".

إن لم يجتذبه الآب = هذا عمل داخلي للآب بالروح القدس الذي ينخس القلب ويوقظ الضمائر بنور إلهي يشرق في القلب ويقنع، فيأتي الشخص للمسيح ويؤمن به ولكن الآب يجتذب كل من يعطي قلبه لله ويفتح أعين قلبه لقبول مشيئته. ومشيئة الله هي عمل المسيح ورسالته. الآب يقنع الإنسان ويملأه نعمة حتى يؤمن بالمسيح رباً. لكن مع إحترام حرية الإنسان. فالله يستخدم قوته النابعة من شدة محبته ليجذب النفوس المترددة، والآب يجذب في مقابل مقاومة الإنسان، بقوة إقناع (إر7: 20) لكن دون إجبار. ولاحظ أن عدو الخير يجذبنا بعيدا عن المسيح عن طريق الإغراءات وملذات العالم وفلسفاته وشكوكه، ولكن الروح يعطى نعمة أعظم (يع4: 6). وبدون هذا النور الإلهي لا يمكن لأحد أن يؤمن بالمسيح (1كو3: 12). وكل أقنوم يقود للأقنوم الآخر بلا أنانية. فالأقانيم مرتبطة في وحدة بالحب. فالآب يجذب ويقود للإبن، والإبن يقود للآب "من أراد الإبن أن يعلن له" (لو22: 10). والروح القدس يقود للإبن (يو14: 16). ولزوم أن الآب يجذبنا هذا راجع لقصور العقل البشري وحده عن أن يدرك الله فيؤمن. ولكن كيف يجتذب الآب المؤمن؟ الإجابة. ويكون الجميع متعلمين من الله. أي أن الله يعلمهم فالمعرفة البشرية لا يمكن أن تؤدي وحدها لمعرفة المسيح.. وكيف يعلمهم الله؟ بأن الروح القدس يكتب على قلوبهم (إر33: 31 - 34) ويكون هذا بالحب الذي رأيناه على الصليب. الآب يرسل الروح القدس فيسكب محبة الله في قلوبنا (رو5: 5) وبهذا الحب ننجذب. وكيف يسكب الروح القدس محبة الله فى قلوبنا؟ هذا بأنه يخبرنا ويحكى لنا عن شخص المسيح، ويفتح عيوننا على حلاوة شخصه فنحبه وننجذب إليه (يو16: 14). ومن ينجذب ويأتي يعلمه الله. الآن الروح القدس فينا يعلمنا (يو14: 26). أما اليهود فكان المسيح أمامهم يعلمهم. فالتعليم لن يصبح حكراً على الفريسيين بل هو للجميع، لكل من يريد. ولكن من أعطى قلبه لإبليس يصير إبليس أباه وقطعاً سيرفض تعليم الله (يو43: 8 - 44). وهذا هو سر رفضهم للمسيح. فهم لم يستجيبوا لجذب الآب لهم بل أعطوا قلوبهم لكبريائهم أي لإبليس. وكان تلاميذ المسيح برهان صادق على أن الروح القدس بدأ يكتب على قلوبهم ويعلم من يقبل. والمسيح يعلم عن الله ليس كأي معلم قرأ كتباً ويعلمها بل لأنه رأى الله ويعرفه = ليس أحداً رأي الآب إلاّ الذي من الله. لذلك فمن يسمع من المسيح فهو يسمع من الله رأساً. وكلمات المسيح هى عندنا الآن مدونة فى الإنجيل. وأيضا من يسمع لصوت الروح القدس يسمع من الله، فالروح القدس هو روح الله "وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به" (يو16: 13). فما يريده الآب ينفذه الإبن والروح القدس، فلأن الإبن والروح القدس هما فى الآب فهما يعرفان ما يريده الآب ويعلناه فهما أقنومى التنفيذ. أما حتى موسى فهو رأى شبه الله (عد5: 12 - 8). أمّا المسيح فهو من طبيعة الله وجوهره فهو قد رآه في ذاته. فالرؤيا هنا هي رؤية الذات للذات، فالآب والإبن ذات واحدة لذلك فعلى البشر أن يتعلموا من المسيح فهم لم يروا الله. والله أرسل المسيح ليعلن الآب. (راجع مت27: 11 + يو30: 10 + 9: 14 + 10: 17). ولأنه الوحيد الذي رأى الآب ويعرفه صار الإيمان به هو الطريق الوحيد لنوال الحياة الأبدية = من يؤمن بي فله حياة أبدية = فرسالته هي الحياة الأبدية التي أرسله الله الآب ليكملها. ومختصر الكلام أن المسيح هو الوحيد الذي رأى الآب لأنه الإبن الوحيد الجنس، لذلك إن سمعوا له وآمنوا به يكونوا قد سمعوا الآب وبالتالي ينالوا القصد من رسالته. ورسالته هي أن ينالوا الحياة الأبدية = أقيمه في اليوم الأخير. كل من سمع من الآب وتعلم = أي إستجاب لدعوة الآب في قلبه وتعليم الروح القدس. الدور البشري هو الإستجابة وعدم المقاومة.

الآيات (يو6: 48–51): - "48أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. 49آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا. 50هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإِنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ. 51أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. إِنْ أَكَلَ أَحَدٌ مِنْ هذَا الْخُبْزِ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي الَّذِي أَبْذِلُهُ مِنْ أَجْلِ حَيَاةِ الْعَالَمِ».".

أنا هو خبز الحياة = المسيح سيقدم جسده فى صورة خبز نأكله فنتحد به لنوال الحياة الأبدية فهو حي ومحيي والحياة موجودة في شخصه (يو19: 14). وذلك لأن "أنا هو" المحيي أي الكيان الإلهي إتحد بالخبز الذي هو جسده البشري فصار خبزاً حياً، من يأكله تكون هناك حياة لروحه، وحتى إن مات جسده يكمل حياته التي بدأها على الأرض. وبدون هذا الخبز تموت الروح حتى وإن كان الجسد حياً، وذلك بسبب الخطية. ولا يوجد من هو بلا خطية. لكن من يريد هذه الحياة الأبدية عليه أن يؤمن بالمسيح أولاً. وكما أن الجسد يموت إن لم يأكل الخبز المادي، هكذا تموت الروح إن لم تأكل هذا الخبز الحي الذي هو جسد المسيح. الخطية مفعولها في الإنسان هو الموت والتناول من جسد المسيح ودمه هو عملية نقل حياة لهذا الميت روحياً بسبب الخطية، والخطية تنتج موتا. هذا مثل من عنده مرض في الدم فيحتاج بصفة مستمرة لعملية نقل دم. أما في السماء فلن نحتاج للتناول فلا خطية ولا موت. لكن سيكون هناك الإتحاد الكامل بالمسيح. فهو سيكون حياتنا وشفاءنا وفرحنا وشبعنا وأبدياً بلا إنفصال. والحياة التي في الجسد والدم سببها إتحاد لاهوت المسيح بناسوته. والمسيح تجسد ليعطي جسده الحي ليكون بذرة الخليقة الجديدة، نأكل جسده لنتحد به، وما نحصل عليه هو بسبب إتحاد ناسوته الذى نأكله بلاهوته - ونحن نأخذ ما نحتاجه فقط مما لا يوجد سوى فى لاهوته - أى حياة أبدية وقداسة ومجد وفرح أبدى لا ينطق به ومجيد.

الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ = هم يبحثون عن مَنْ ينزل مِن السماء. ويرد المسيح على سؤالهم عن المن بأن أباؤهم أكلوا هذا المن ولكنهم ماتوا روحياً ولم يدخلوا إلى الراحة بل هم ماتوا جسدياً أيضاً ولم ينفعهم المن. ولكن من يأكل جسد المسيح لن يموت روحياً. فالمسيح ليس إنسانا عاديا بل هو من السماء، وأخذ له جسدا من الأرض. فمن يأكل من جسده، فهو حقاً سيموت جسدياً ولكن يظل غير منفصل عن الله. يشبع من الله هنا على الأرض وتسرى فيه حياة بعد موت، أي أن الموت الجسدي لا يؤذيه. لذلك يكرر السيد هنا وأنا أقيمه في اليوم الأخير (39 - 40 - 44 - 54). أبذله = المسيح يكشف هنا عن نيته في الصليب. وبالصليب سيبذل جسده وهذه هي الطريقة التي نأكل بها الجسد فنحيا. فالافخارستيا هي نفسها ذبيحة المسيح. الخبز الحي = أي الذي يعطي حياة أبدية للإنسان. إن أكل = تشمل الإيمان به وقبوله. الخبز الذي أنا أعطى هو جسدي = من هنا دخل المسيح في مرحلة أخرى فيها يتكلم صراحة عن جسده كمأكل حق. هو يعطي جسده للموت ليكون للناس حياة أبدية. ولاحظ في (32) يقول أبي يعطيكم وفي (51) يقول أنا أعطيكم. وهذه هى إرادة الآب والإبن أن يحيا الجميع أبديا لا أن يحصلوا على مَنْ مِنَ السماء يأكلونه ويحيوا أياما على الأرض ثم يموتوا أبديا.

آية (يو6: 52): - "52فَخَاصَمَ الْيَهُودُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَقْدِرُ هذَا أَنْ يُعْطِيَنَا جَسَدَهُ لِنَأْكُلَ؟ ».".

إن لم يأتي الإنسان بالإيمان إلى المسيح لن يتقبل هذه الحقائق. فخاصم = البعض فهم الكلام على المستوى الروحي. والبعض رفضه لأنه فَكَّرَ بأسلوب جسدي. وللأسف فهذه الخصومة مازالت حتى اليوم بين الكنائس التقليدية والكنائس البروتستانتية. بين الإرتفاع للمستوى الروحي السرائري والمستوى المادي الطبيعي العقلاني. فيقولون نفس الكلام!! (وهل يمكن أن يتحول الخبز لجسد والخمر لدم، إنما هما رمز فقط).

آية (يو6: 53): - "53فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ، فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ.".

يوحنا إكتفى بما أورده هنا عن جسد المسيح ودمه والتناول منهما فلم يورد ما حدث ليلة تأسيس العشاء السري يوم خميس العهد. خصوصاً أنه كتب سنة 100م بعد أن كان هذا السر منتشراً ويمارس في كل الكنائس بالإضافة إلى أن الإنجيليين الثلاثة الآخرين كتبوا عنه. كان سؤالهم كيف يقدر؟... وكان رد المسيح بأن تأكلوا جسده وتشربوا دمه وهذا إشارة للصلب الذي فيه ينفصل دمه عن جسده، أي بتقديم المسيح نفسه كذبيحة. وسر الإفخارستيا الذي نأكل فيه الجسد ونشرب الدم هو إمتداد لذبيحة الصليب. كل قداس هو نفس الذبيحة. هو نفس المسيح في كل مكان وكل زمان. كما تشرق الشمس كل يوم، هي نفسها. ولو وضعت ملايين الأواني التي بها ماء لظهرت صورة الشمس فيها كلها. لذلك فأي جوهرة هي المسيح كله. والسر معناه نوال نعمة غير منظورة تحت أعراض شئ منظور، فما نتناوله هو خبز وخمر وفي الحقيقة هو جسد ودم. وكان شرب الدم محرماً عند اليهود (تك4: 9 + تث23: 12) لأن الروح في الدم، وذبيحة المسيح تختلف عن باقي الذبائح إذ أنه يعطينا حياته التي في دمه لتقديسنا (عب13: 9 - 14)، فحياة المسيح الأبدية التي في دمه تنتقل إلى من يشربه. وكلمة هذا التي وجهها اليهود للمسيح في إحتقار رد عليها بقوله أنه إبن الإنسان ليذكرهم برؤيا دانيال (13: 7 - 14).

آية (يو6: 54): - "54مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ،".

أي أن تكون له حياة لا تزول من الآن وتستعلن في اليوم الأخير عند القيامة. ولذلك ففي كل مرة نتناول جسد المسيح ودمه نبشر بموته ونعترف بقيامته إلى أن يجئ. ويأكل ويشرب هنا في اليونانية تشير للأكل الدائم المسرور والشرب بمعنى الشركة الدائمة. ولاحظ أن الآيتين (40، 54) فيهما تشابه، لكن آية (40) تتكلم عن الإيمان بينما أن آية (54) تتكلم عن سر الإفخارستيا بوضوح، ولكن لا تناول من سر الإفخارستيا سوى بالإيمان أولاً. ولكن الإيمان وحده فقط لا يكفي فلابد من التناول من الجسد والدم أي سر الإفخارستيا. الذي فيه نأخذ حياة الله لأن الجسد متحد باللاهوت. والأكل يتضمن الموت مع المسيح والقيامة معه.

آية (يو6: 55): - "55لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَق وَدَمِي مَشْرَبٌ حَق.".

جسد المسيح هو المأكل الحق. وهذا الكلام رد على طلب اليهود أن يعطيهم مناً من السماء كعلامة على أنه المسيا. حق = أي غير مزيف بل حقيقي يختص بحاجة الإنسان الحقيقية وليس لسد حاجة الجوع، والحاجة الحقيقية تختص بالروح والحياة الأبدية وليس لمجرد عمل إعجازي دنيوي مظهري كما يطلب اليهود. ولكن في حوار المسيح الآن لم يفصح أن السر سيتم بالخبز والخمر، هذا تركه ليصنعه أمام التلاميذ ليلة الخميس المقدسة. وقوله مأكل حق ومشرب حق = فهو يشير لأكل حقيقي وليس للإيمان.

آية (يو6: 56): - "56مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ.".

أكل المن لم يغير شيئاً من طبيعة من أكله، بل من أكله مات، ولكن من يأكل جسد المسيح يبقي فيه ويصير فيه المسيح بصفاته، موت المسيح يصير موتاً لنا عن العالم وفداءً لنا، وحياته تصير لنا حياة أبدية. والثبوت هنا هو ثبوت جسد المسيح بالإنسان (أف30: 5) وهذا ما ينشئ فينا القيامة، إنه إلتحام حي، شخص بشخص، ينشئ إتحاداً ووحدة. ونلاحظ أن الثبات متبادل = يثبت فيَّ وأنا فيه. فهو لو قال يثبت فيَّ فقط نكون معرضين للإنفصال فإمكانياتنا ضعيفة وإيماننا ضعيف ولكنه أضاف وأثبت فيه لتأمين الإتحاد خوفاً من ضعف الإنسان، هذا فعل محبة من المسيح.

يثبت فىَّ = كما يثبت ويتحد الغذاء بالجسد، ويتحول الخبز الذى نأكله إلى أنسجة فى الجسم. هكذا نتحد بجسد المسيح فنصير أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه (أف5: 30). وأثبت فيه = حياته تثبت فىَّ. ففى جسد الإنسان أعضاء ولو إنقطع الدم (الحياة) عن عضو يصاب بالغرغرينا ويموت. وحينما تثبت فىَّ حياة المسيح أقول مع بولس الرسول "لى الحياة هى المسيح" (فى1: 21).

آية (يو6: 57): - 57كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ، وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ، فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي.

صفة الآب أنه حي (تث26: 5 + مز9: 36). والابن هو أيضا حى بذاته. طبيعة الإبن أنه مولود من الآب وله حياة فى ذاته كما أن الآب له حياة فى ذاته (راجع تفسير الآية يو5: 26).

أنا حيٌ بالآب = الإبن لا يحيا وحده بدون الآب ولكن حياة الآب هي حياة الإبن. فالآب والإبن هما واحد والآب في الإبن والإبن في الآب (يو30: 10 - 38). ويفهم من الأصل اليوناني أن الآب ليس سبب حياة الإبن لكن المعنى "أنا حي بنفس حياة الآب".

أما القول أنا حيٌ بالآب تفيد إتحاد الأبوة بالبنوة في حياة واحدة غير منفصلة. بل الإبن قال عن نفسه "أنا هو القيامة والحياة". فالمسيح إذاً له نفس حياة الله بسبب اللاهوت المتحد بجسده. وحياته ليست في سلطان آخر (يو18: 10).

لكن نفهم من العبارة أن المسيح ابن الانسان بسلطانه في حالة خضوع لإرادة الآب فيسلم حياته، ليكون لنا نحن حياة في إتحاد مع الله. فإذا أكلنا الجسد وشربنا الدم فنحن لا نعود نحيا وحدنا بل نحيا حياة المسيح النابعة من نفس ينبوع الآب. وهكذا يتم الرباط الإلهي بين الإنسان والله الآب بحياة المسيح التي ننالها من الإفخارستيا ونحيا بها. والمسيح يضع علاقته بالآب مثلاً يحتذي (قارن مع يو18: 17 + 9: 15 + 21: 17 + 14: 10 - 15). وهنا نفس الشئ فنحن نحيا بالمسيح كما هو حي بالآب.

وقوله أنا حيٌ بالآب يفهم منه أيضاً أنه من الآب وليس الآب منه. ويقال هذا دون مساس بالمساواة بينهم.

أرسلني = أي صرت في الجسد. من يأكلني = يأخذ ويأكل جسدى الحى لأنه متحد بلاهوتى الحى المحيى. ويحيا بي = يأخذ الحياة التي فيَّ وهي حياة أبدية.

آية (يو6: 58): - "58هذَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ. لَيْسَ كَمَا أَكَلَ آبَاؤُكُمُ الْمَنَّ وَمَاتُوا. مَنْ يَأْكُلْ هذَا الْخُبْزَ فَإِنَّهُ يَحْيَا إِلَى الأَبَدِ».".

المسيح يكرر حتى لا يطلبوا المن القديم ولكن للأسف لم يفهموا. هذا هو الخبز = كما يظهر لنا لكنه فيه حياة أبدية.

آية (يو6: 59): - "59قَالَ هذَا فِي الْمَجْمَعِ وَهُوَ يُعَلِّمُ فِي كَفْرِنَاحُومَ.".

المتكلم هنا هو يوحنا البشير ويحدد مكان أقوال المسيح هذه. فالمسيح لم يعلمها في السر أو في زاوية من الزوايا.

الآيات (يو6: 60–63): - "60فَقَالَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، إِذْ سَمِعُوا: «إِنَّ هذَا الْكَلاَمَ صَعْبٌ! مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟ » 61فَعَلِمَ يَسُوعُ فِي نَفْسِهِ أَنَّ تَلاَمِيذَهُ يَتَذَمَّرُونَ عَلَى هذَا، فَقَالَ لَهُمْ: «أَهذَا يُعْثِرُكُمْ؟ 62فَإِنْ رَأَيْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ صَاعِدًا إِلَى حَيْثُ كَانَ أَوَّلاً! 63اَلرُّوحُ هُوَ الَّذِي يُحْيِي. أَمَّا الْجَسَدُ فَلاَ يُفِيدُ شَيْئًا. اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ،".

فقال كثيرون = قالوا في قلبهم. تلاميذه = ليس الـ12 ولا الـ70 رسول ولا الـ500 أخ الذين رأوه بعد قيامته. فالمسيح كان له تلاميذه ولكن له أتباع كثيرون. الروح هو الذي يحيي أما الجسد فلا يفيد شيئاً = المسيح يلح على العقل البشري أن لا يهبط بالإلهيات إلى مستوى التراب. فمع نيقوديموس إذ عجز عن فهم سر الميلاد الثاني قال له المسيح المولود من الجسد هو جسد والمولود من الروح هو روح، أما كيف يتم ذلك فمن المستحيل على العقل البشري متابعته، كما لو أردت أن تتبع ريحاً تهب، فأنت ترى الإنسان يتغير من حال إلى حال ولا تعرف كيف. ومع المرأة السامرية أراد أن يسقيها الماء الحي الذي هو الروح القدس، ولما تابت شربت منه ولا نعرف كيف ولكننا رأيناها وقد تحولت إلى كارزة وهم نظروا للمسيح إبن يوسف النجار فإستصعبوا كلامه لأنهم إنما نظروا إليه جسدياً. وهنا يكلمهم عن التناول من الجسد والدم فعجزوا عن الفهم. فطلب منهم أن يؤمنوا أولاً حتى يدركوا سر جسده المذبوح والقائم بحياة أبدية، رآه القديس يوحنا فى الرؤيا "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ5: 6). فلما تعثروا في الفهم أكَّد أن كلامه على مستوى الروح أي لا يمكن ملاحقته عقلياً تماماً بالمنطق البشرى. كما أنه لا يمكننا أن نلاحق كيف صار الكلمة جسداً. وهكذا وبنفس السرية يصير الإنسان بالأكل والشرب من الجسد والدم إنساناً روحياً يتغذى بالروح وبالمسيح كلمة الله كسر خلاص. أمّا من يؤمن بأن التناول هو مجرد رمز أو عمل إيماني وأن الخلاص هو بالكلمة المنطوقة التي تؤخذ بالفهم يجب أن يفهم أن الله لم يخلص العالم بالكلمة المنطوقة بل بالكلمة المتجسد المذبوح. الجسد هنا في كلام المسيح يشير للفهم الجسداني والروح يشير للإستنارة التي يعطيها الروح القدس فندرك الحق.

الروح هو الذى يحيى = الروح هو الروح القدس الذى سوف يرسله المسيح كلمة الله بعد صعوده = فإن رأيتم إبن الإنسان صاعداً، فبعد الصعود يرسل المسيح كلمة الله الروح. والروح هو الذى يحول الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه، وهو الذى يثبتنا فى المسيح فنحيا. لذلك هو الروح القدس المحيى.

الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة = الكلام الذى يقوله المسيح هو كلام الله، لذلك فالمسيح كلمة الله االذى يرسل الروح، يعطينا حين نسمع كلامه أن نمتلئ بالروح، فيعطى الروح حياة لمن يستجيب وينفذ، فهو الروح المحيى. أما من يقاوم ويعاند يطفئ الروح. والروح يعلمنا ويذكرنا بكل تعاليم المسيح ويعيننا على تنفيذها (يو14: 26 + رو8: 26). ومن ينفذ تعاليم الروح القدس يثبته الروح فى المسيح فيحيا بحياة المسيح. والروح لا يجبر أحد بل يقنع من يعطى أذنه له إر20: 7).

فالكلام عن تناول الجسد هو كلام حقيقي ولكن لا يفهم بالفكر بل يفهم روحياً بالإيمان. ومن يفهمه روحياً تكون له حياة لروحه، أما إذا فهموه جسدياً فلن ينتفعوا لا لأرواحهم ولا لأجسادهم. فالجسد لا يفيد شيئاً ولكن الروح والحياة اللذان في الجسد والدم يفيدان في كل شئ. والروح والحياة لم يستعلنا لنا ولن يستعلنا فينا إلا بشركة فعلية في الموت وفي القيامة. وهذا يتم فينا بأكل الجسد الذي فيه سر الموت وشرب الدم الذي فيه سر الحياة. ولاحظ أنه حينما نقبل كلام الله يكون خضوعنا لكلام الله وسيلة للإمتلاء من الروح القدس فيكون ذلك لنا حياة.

(في آية63) الجسد أي الفهم الجسدي أننا نأكل المسيح كلحم ودم، والروح أي نتحد بالمسيح تحت أعراض الخبز والخمر. هذا الكلام صعب = سبق سمعان الشيخ وقال "ها إن هذا وُضع لسقوط وقيام كثيرين" (لو34: 2). وها نحن نرى أن كثيرين سقطوا على المستوى الروحي. من تلاميذه = ليس الإثنى عشر (قارن مع آية67). فكان الـ12 من الذين قاموا بحسب كلام سمعان الشيخ. فمن آمن وسلَّم فرح ومن حكَّم العقل والمنطق سقط. من يقدر أن يسمعه = لهم أذان روحية مغلقة لم تنفتح بكل ما قاله المسيح من كلام روحي. وهم تعثروا في أنهم يعرفون أن المسيح هو إبن يوسف لذلك قال لهم المسيح.. فإن رأيتم إبن الإنسان صاعداً إلى السماء حيث كان أولاً وهذا يعني يا ليتكم يرتفع فكركم إلى المستوى السمائي الذي أنا منه وذاهب إليه فلا تعثروا أيضاً في كيف نأكل جسده ونشرب دمه لأنكم لن تأكلوا جسداً ودماً ماديين جسديين بل روحيين تحت أعراض الخبز والخمر، هما جسد ودم إلهيين ولكن بصورة سيعطيها هو أي خبز وخمر. فالأكل الجسدي أي بمفهوم الشبع الجسدي لن يفيد شيئاً ولكن الأكل الروحي للجسد بالروح يُحيي. المسيح هنا بهذه العبارة يتمنى لو إرتفع فكرهم أو صعد فكرهم للسماويات بدلاً من أن يفكروا في الجسديات فالموضوع ليس أكل خبز وشرب خمر بل هو حياة سماوية أبدية يعطيها لنا المسيح. والمسيح بعد القيامة أصبح قادرا أن يُظْهِر جسده بالشكل الذى يريده، فمريم المجدلية لم تراه أولا (هنا الجسد موجود وهو قادر أن يخفيه) ثم تراه ولا تعرفه وتظنه البستانى وهكذا حدث مع تلميذى عمواس (هنا الجسد قادر أن يظهر فى صورة مختلفة وهكذا ظهر للأنبا بيشوى وغيره من القديسين فى هيئة مختلفة) ثم رأته المجدلية وعرفته. وفى الإفخارستيا وهو الله القادر على كل شئ هو قادر أن يقدم جسده فى صورة خبز وخمر.

فإن رأيتم إبن الإنسان صاعداً = هذه مثل ما قال السيد للمجدلية "لأنى لم أصعد بعد إلى أبى" = إن لم تفهمى يا مريم أننى والآب متساويان، فأصعد فى نظرك إلى مستوى الآب. ويكون معنى فإن رأيتم = فإن صارت لكم الرؤيا الصحيحة وعرفتم من أنا، وأننى لست مجرد إنسان عادى هو إبن ليوسف ومريم = هذا معنى الجسد لا يفيد شيئا = أى فهمكم أننى جسد إنسان عادى وأنكم ستأكلون هذا الجسد الذى أمامكم كما لو كنتم من آكلى لحوم البشر، فهذا الفهم لن يفيدكم شيئا.

لكن لو فهمتم أننى إبن الله النازل من السماء، وسأصعد للسماء بجسدى. وهذا يكون لمن يعمل بكلامى ولا يقاوم عمل الروح القدس. حينئذ يعمل فيكم الروح القدس المحيى فتكون لكم حياة. لأن من يعطى هذه الرؤية الصحيحة عنى، وهذا الفهم، هو الروح القدس "الذى يأخذ مما لى ويخبركم" (يو16: 14). وحينما تفهمون تؤمنوا فتكون لكم حياة. وسأرسل الروح القدس إليكم بعد صعودى. ولكن هذا إن لم تعاندوا وتقاوموه.

الآيات (يو6: 64–66): - "64 وَلكِنْ مِنْكُمْ قَوْمٌ لاَ يُؤْمِنُونَ». لأَنَّ يَسُوعَ مِنَ الْبَدْءِ عَلِمَ مَنْ هُمُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ، وَمَنْ هُوَ الَّذِي يُسَلِّمُهُ. 65فَقَالَ: «لِهذَا قُلْتُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ إِلَيَّ إِنْ لَمْ يُعْطَ مِنْ أَبِي». 66مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ.".

منكم قوم لا يؤمنون = هنا نرى قوة إحتمال عجيبة للرب يسوع فهو كان يعلم قلب كل واحد ومن منهم لن يؤمن لكنه إحتمل الجميع. من البدء = بلغة القديس يوحنا هي عبارة تشير لأزلية السيد المسيح ولاهوته. المسيح هنا يوجه كلامه إلى مجموعة كبيرة من تلاميذه، ربما كان من بينهم السبعين رسولاً، وهو هنا يعلن لاهوته من خلال درايته بالقلوب. وأمام عين المسيح الفاحصة تركه كل من وضعه المسيح أمام ضميره وكشف عدم إيمانه، فمن العسير أن يخادع أحداً الله. والمسيح يعلن أن من يأتي إليه فهو قد أعطاه له الآب، لذلك فهو غير آسف على المفقود وغير خائف على الموجود. فالمفقود ليس من نصيبه أصلاً والموجود لا يستطيع أحد أن يخطفه من يده لأنه أخذه من يد الآب. لذلك لم يكن المسيح يمالئ أحداً أو يهادن أحداً، ولكن من يطلب يجد، ومن يستجيب لجذب الآب يجد المسيح. ومن يبقى هو من قبل دعوة الآب كما هي لا كما يريد هو. فهم يريدون مسيحاً يملك زمنياً. يأتي إلىَّ = ليس من الخارج لكن يقبلني ويثق في كلامي ويحبني وهذا عمل داخلي في القلب بالروح القدس. رجع كثيرون من تلاميذه = أي تركوا طريق المسيح. ولم يعودوا يمشون معه = فتلاميذ المسيح كانوا يعيشون معه ويعاشرونه. وللآن فهناك كثيرون يرجعون بسبب مصالحهم الشخصية أو لذاتهم الدنيوية أو لأنهم يجدون أن وصايا المسيح صعبة. والسيد لم يقل لهؤلاء شيئاً فهو لا يرغم أحد على البقاء معه. فمن لا يريد أن يبقى معه ثابتا فيه يتقيأه من فمه أى يخرجه من الثبات فيه (رؤ3: 16). هؤلاء تركوه إذ لم يكن لهم إيمان حقيقي. فمن له الإيمان الحقيقي يظل تابعاً للمسيح حتى لو لم يفهم تماماً ما يقوله. ثقتي في المسيح تجعلني أتبعه حتى لو لم أفهم الآن ما يقول أو ما يصنع.

الآيات (يو6: 67–68): - "67فَقَالَ يَسُوعُ لِلاثْنَيْ عَشَرَ: «أَلَعَلَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا تُرِيدُونَ أَنْ تَمْضُوا؟ » 68فَأَجَابَهُ سِمْعَانُ بُطْرُسُ: «يَارَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ،".

كلام الحياة الأبدية عندك = كل كلمة تقولها وقلتها تعطي حياة. فالرب يعطي حياة أبدية. المسيح يضع الإثنى عشر أمام حريتهم ليختاروا. وكان رد بطرس هو الرد على موقف التلاميذ الذين إنسحبوا ورد بطرس متفق مع قول المسيح "الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة. ولكن لنلاحظ أن الآية (67) موجهة لكل من لا يؤمن بسر الجسد والدم. فالمسيح بإصرار أصر على أننا نتناول جسده ودمه وليس على شكل رموز كما تقول بعض الطوائف الآن. فالمسيح حين رأي أن تلاميذه يتركونه لم يقل أنتم لم تفهموا، فما يؤكل هو مجرد رمز، بل نظر إلى الإثني عشر وقال لهم إن لم تقبلوا إنصرفوا أنتم أيضاً. وما كان أسهل على المسيح أن يشرح لهم قصة الرمز والأكل بالإيمان ولا يخسر تلاميذه الذين إنصرفوا عنه وتركوه (آية66).

الإثني عشر = إستمر هذا إسماً للتلاميذ حتى بعد غياب يهوذا.

آية (يو6: 69): - "69 وَنَحْنُ قَدْ آمَنَّا وَعَرَفْنَا أَنَّكَ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ».".

بطرس إختار المسيح بعد أن عقد مقارنة بين المسيح وبين كل من سواه فوجد المسيح هو إبن الله الحي مؤكداً تبعيته للمسيح. آمنا = تصديق كلام المسيح وعرفنا = نتيجة الإختبار والعشرة. والإيمان يأتي أولاً ثم المعرفة. وبطرس هنا يجيب بالنيابة عن الإثني عشر.

الآيات (يو6: 70–71): - "70أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ، الاثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ! » 71قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ، لأَنَّ هذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

التلاميذ إكتشفوا أن يهوذا سارق وأبلغوا المسيح. ومن المؤكد أن المسيح كان يعلم حتى دون أن يخبروه ولكنه برحابة قلب تركه للنهاية ليعطيه فرصة أخرى، ولم يشأ أن يفضحه ويعلن إسمه لكنه أعلن أن أحد الإثنى عشر شيطان أي واقع تحت تأثير الشيطان.

أليس إني أخترتكم = تعليق من الرب يسوع على كلام بطرس، والمعنى أنه يعلم كل شئ ويعلم ما في القلوب وأنهم يحبونه ويؤمنون به وسيكرزون بإسمه لذلك إختارهم. وأيضاً تشير لحب المسيح للجميع حتى وهو يعلم بخيانة أحدهم. لما رفضه كثيرون والتلاميذ رفضوا أن يتركوه. قال لهذا إخترتكم.

الإسخريوطي = أي الذي من قيريوط وهي في اليهودية وبالتالي فيهوذا هو التلميذ الوحيد الذي من خارج الجليل. المسيح هنا يصحح قول بطرس، إذ قال نحن قد آمنا فيشير أنه يعلم أن منهم وفي وسطهم يهوذا غير المؤمن الذي يفعل إرادة الشيطان. واليهود كانوا يحتقرون الجليليين ولكن لاحظ أن الخيانة جاءت من الذي من اليهودية.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الاصحاح السابع - تفسير إنجيل يوحنا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الخامس - تفسير إنجيل يوحنا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل يوحنا الأصحاح 6
تفاسير إنجيل يوحنا الأصحاح 6