اَلأَصْحَاحُ التَّاسِعُ عَشَرَ – سفر الملوك الثاني – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر الملوك الثاني – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح التاسع عشر

الأعداد 1-7

الآيات (1 - 7): -

"1فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ حَزَقِيَّا ذلِكَ، مَزَّقَ ثِيَابَهُ وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَدَخَلَ بَيْتَ الرَّبِّ. 2 وَأَرْسَلَ أَلِيَاقِيمَ الَّذِي عَلَى الْبَيْتِ وَشِبْنَةَ الْكَاتِبَ وَشُيُوخَ الْكَهَنَةِ مُتَغَطِّينَ بِمِسْحٍ إِلَى إِشَعْيَا النَّبِيِّ ابْنِ آمُوصَ، 3فَقَالُوا لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ حَزَقِيَّا: هذَا الْيَوْمُ يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ، لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ وَلاَ قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ. 4لَعَلَّ الرَّبَّ إِلهَكَ يَسْمَعُ جَمِيعَ كَلاَمِ رَبْشَاقَى الَّذِي أَرْسَلَهُ مَلِكُ أَشُّورَ سَيِّدُهُ لِيُعَيِّرَ الإِلهَ الْحَيَّ، فَيُوَبِّخَ عَلَى الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ. فَارْفَعْ صَلاَةً مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ».

5فَجَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ حَزَقِيَّا إِلَى إِشَعْيَا، 6فَقَالَ لَهُمْ إِشَعْيَا: «هكَذَا تَقُولُونَ لِسَيِّدِكُمْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ تَخَفْ بِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ، الَّذِي جَدَّفَ عَلَيَّ بِهِ غِلْمَانُ مَلِكِ أَشُّورَ. 7هأَنَذَا أَجْعَلُ فِيهِ رُوحًا فَيَسْمَعُ خَبَرًا وَيَرْجعُ إِلَى أَرْضِهِ، وَأُسْقِطُهُ بِالسَّيْفِ فِي أَرْضِهِ». ".

أى ملك يصل لهُ تهديد كهذا لابد وأن يجمع مجلس الحرب ليقرر ماذا يفعل ولكن حزقيا لهُ إله يلجأ لهُ ونبى يصلى لأجله فأرسل للنبى. ونجد هنا حزقيا متأثراً بالإهانة التى لحقت بإسم الله لذلك مزق ثيابه. ولاحظ أن الملك لم يرد على ربشاقى بل ترك الله يرد عليه فماذا نفعل أمام أعدائنا الأقوياء المتكبرين سوى أن نلجأ لله وهو القادر أن يتعامل معهم. والرسل الذين أرسلهم الملك لإشعياء هم أعلى درجة فى القصر وهذا يدل على إعتبار الملك لإشعياء وهم الذين سمعوا كلام الربشاقى فهم قادرين على نقل صورة واضحة لإشعياء. ونلاحظ أن الرسل لبسوا مسوحاً كملكهم = يَوْمُ شِدَّةٍ وَتَأْدِيبٍ وَإِهَانَةٍ لأَنَّ الأَجِنَّةَ قَدْ دَنَتْ إِلَى الْمَوْلِدِ = هذا معناه أن نفوسنا مليئة بالألم للإهانة من كبرياء العدو وقد لحقنا طعنة شديدة بسبب إهانة إلهنا، وحالنا متردى جداً ولا نرى حل مشكلتنا مع أن قضيتنا عادلة وشعبنا مؤمن ولكن هم أقوى منا ونحن فى محنة. ولكن نجد هنا مفهوم روحى متقدم فهم فهموا أن هذا الألم هو تأديب فالله لا يسمح لأولاده بألم إلا لو كان لتأديبهم (عب 6: 12). والآن هى لحظة مناسبة حتى نتخلص من الألم فبعد كل ألم يسمح به الله فمن المؤكد أن وراءه فرح (يو 21: 16) (مثال الأم التى تلد). فالآن هو الوقت المناسب طالما سمح الله بالألم فهو يُعِدَّنا لخير كبير ونحن منتظرين هذا الجنين (أمة جديدة تم تنقيتها). لكن لا قُوَّةَ لِلْوِلاَدَةِ = نحن متعبين من التجربة فصلى لأجلنا حتى يساعدنا الله على إجتياز هذه الساعات المؤلمة. إذاً الصورة التى يصورها الملك لأمتهُ هى صورة لأم ولادتها متعسرة وألام الولادة هى أصعب ألام ويطلب صلوات معونة حتى تمر هذه الأيام لتولد أمة جديدة مزدهرة فى سلام وكان رد إشعياء رداً مطمئناً لاَ تَخَفْ = فربشاقى يتكلم ويجدف ويملأ الدنيا كلاماً ولكن الله حين يتدخل يرعب كل المتكبرين وها نحن سنسمع حالة الرعب التى إنتابتهم من موت 185000 ثم يسمعون خبراً أن ترهاقة سيهاجم أشور نفسها فيرتعبون ثم يرجع ملك أشور لأرضه ويقتله إبناه. عجيب أن يتكبر أى إنسان على الله فحزقيا إتضع أمام الله فتمجد الله ونجح، أما سنحاريب فتكبر فهزم وهلك جيشه ومات بيد إبناه مِنْ أَجْلِ الْبَقِيَّةِ الْمَوْجُودَةِ = يقصد يهوذا فإسرائيل (10 أسباط) ذهبوا للسبى وضاعوا وإحترقت السامرة. هم طلبوا شفاعة النبى ومن المهم أن نطلب الشفاعة لكن بدون صلاتنا فلا معنى لذلك. فهم طلبوا صلوات النبى ولكننا نجد الملك يصلى ومن المؤكد فصلاة الملك سحبت قلوب شعبه ليصلوا.

ملحوظة: -.

ترهاقة كان يملك على مصر وهو ملك إثيوبي. وغالباً خرج فى هذا الوقت ليحارب أشور.

الأعداد 8-19

الآيات (8 - 19): -

"8فَرَجَعَ رَبْشَاقَى وَوَجَدَ مَلِكَ أَشُّورَ يُحَارِبُ لِبْنَةَ، لأَنَّهُ سَمِعَ أَنَّهُ ارْتَحَلَ عَنْ لَخِيشَ. 9 وَسَمِعَ عَنْ تُرْهَاقَةَ مَلِكِ كُوشٍ قَوْلاً: «قَدْ خَرَجَ لِيُحَارِبَكَ». فَعَادَ وَأَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً: 10«هكَذَا تُكَلِّمُونَ حَزَقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا قَائِلِينَ: لاَ يَخْدَعْكَ إِلهُكَ الَّذِي أَنْتَ مُتَّكِلٌ عَلَيْهِ قَائِلاً: لاَ تُدْفَعُ أُورُشَلِيمُ إِلَى يَدِ مَلِكِ أَشُّورَ. 11إِنَّكَ قَدْ سَمِعْتَ مَا فَعَلَ مُلُوكُ أَشُّورَ بِجَمِيعِ الأَرَاضِي لإِهْلاَكِهَا، وَهَلْ تَنْجُو أَنْتَ؟ 12هَلْ أَنْقَذَتْ آلِهَةُ الأُمَمِ هؤُلاَءِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمْ آبَائِي، جُوزَانَ وَحَارَانَ وَرَصْفَ وَبَنِي عَدَنَ الَّذِينَ فِي تَلاَسَّارَ؟ 13أَيْنَ مَلِكُ حَمَاةَ وَمَلِكُ أَرْفَادَ وَمَلِكُ مَدِينَةِ سَفْرَوَايِمَ وَهَيْنَعَ وَعِوَّا؟ ».

14فَأَخَذَ حَزَقِيَّا الرَّسَائِلَ مِنْ أَيْدِي الرُّسُلِ وَقَرَأَهَا، ثُمَّ صَعِدَ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ، وَنَشَرَهَا حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ. 15 وَصَلَّى حَزَقِيَّا أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ، الْجَالِسُ فَوْقَ الْكَرُوبِيمَ، أَنْتَ هُوَ الإِلهُ وَحْدَكَ لِكُلِّ مَمَالِكِ الأَرْضِ. أَنْتَ صَنَعْتَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 16أَمِلْ يَا رَبُّ أُذُنَكَ وَاسْمَعْ. اِفْتَحْ يَا رَبُّ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ، وَاسْمَعْ كَلاَمَ سَنْحَارِيبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ لِيُعَيِّرَ اللهَ الْحَيَّ. 17حَقًّا يَا رَبُّ إِنَّ مُلُوكَ أَشُّورَ قَدْ خَرَّبُوا الأُمَمَ وَأَرَاضِيَهُمْ، 18 وَدَفَعُوا آلِهَتَهُمْ إِلَى النَّارِ. وَلأَنَّهُمْ لَيْسُوا آلِهَةً، بَلْ صَنْعَةُ أَيْدِي النَّاسِ: خَشَبٌ وَحَجَرٌ، فَأَبَادُوهُمْ. 19 وَالآنَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا خَلِّصْنَا مِنْ يَدِهِ، فَتَعْلَمَ مَمَالِكُ الأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ الإِلهُ وَحْدَكَ». ".

ترك ربشاقى رسالته لأورشليم ولم يتلقى إجابة فترك جيشه أمام أورشليم وذهب إلى ملكه سنحاريب فوجده يحارب لبنة (ولبنة ولخيش قريبان من بعضهما وعلى جبال يهوذا).

ولِبْنَةَ هذه هى التى سبق وتمردت على يهوذا. وكان سنحاريب قبلاً عند لخيش ثم إرتحل إلى لبنة ولا نعرف السبب، ربما لأنها لا تستحق ولكنه سمع عن خروج ترهاقة ليواجه جيشهم وهذا جعلهُ يتعجل إسقاط أورشليم ليتفرغ للقاء ترهاقة لذلك أعاد تهديداته لحزقيا وهو يعلم أنه شخص يمكن أن يستسلم حينما يهدده فقد فعل ذلك من قبل (4: 18). ونلاحظ كذب ربشاقى فهو يصور أنه الأقوى والذى لا مثيل له وهو خائف من أخبار ترهاقة. وهكذا الشيطان هو كذاب وأبو الكذاب ودائماً يضخم من قدرة نفسه.

الأعداد 20-34

الايات (20 - 34): -

"20فَأَرْسَلَ إِشَعْيَا بْنُ آمُوصَ إِلَى حَزَقِيَّا قَائِلاً: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي صَلَّيْتَ إِلَيْهِ مِنْ جِهَةِ سَنْحَارِيبَ مَلِكِ أَشُّورَ: قَدْ سَمِعْتُ. 21هذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ: احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ، وَنَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا. 22مَنْ عَيَّرْتَ وَجَدَّفْتَ؟ وَعَلَى مَنْ عَلَّيْتَ صَوْتًا؟ وَقَدْ رَفَعْتَ إِلَى الْعَلاَءِ عَيْنَيْكَ عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ! 23عَلَى يَدِ رُسُلِكَ عَيَّرْتَ السَّيِّدَ، وَقُلْتَ: بِكَثْرَةِ مَرْكَبَاتِي قَدْ صَعِدْتُ إِلَى عُلْوِ الْجِبَالِ، إِلَى عِقَابِ لُبْنَانَ وَأَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ وَأَفْضَلَ سَرْوِهِ، وَأَدْخُلُ أَقْصَى عُلْوِهِ، وَعْرَ كَرْمَلِهِ. 24أَنَا قَدْ حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا غَرِيبَةً، وَأُنَشِّفُ بِأَسْفَلِ قَدَمَيَّ جَمِيعَ خُلْجَانِ مِصْرَ. 25أَلَمْ تَسْمَعْ؟ مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ، مُنْذُ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ صَوَّرْتُهُ. الآنَ أَتَيْتُ بِهِ. فَتَكُونُ لِتَخْرِيبِ مُدُنٍ مُحَصَّنَةٍ حَتَّى تَصِيرَ رَوَابِيَ خَرِبَةً. 26فَسُكَّانُهَا قِصَارُ الأَيْدِي قَدِ ارْتَاعُوا وَخَجِلُوا، صَارُوا كَعُشْبِ الْحَقْلِ وَكَالنَّبَاتِ الأَخْضَرِ، كَحَشِيشِ السُّطُوحِ وَكَمَلْفُوحٍ قَبْلَ نُمُوِّهِ. 27 وَلكِنِّي عَالِمٌ بِجُلُوسِكَ وَخُرُوجِكَ وَدُخُولِكَ وَهَيَجَانِكَ عَلَيَّ. 28لأَنَّ هَيَجَانَكَ عَلَيَّ وَعَجْرَفَتَكَ قَدْ صَعِدَا إِلَى أُذُنَيَّ، أَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ وَلِجَامِي فِي شَفَتَيْكَ، وَأَرُدُّكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ.

29« وَهذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ: تَأْكُلُونَ هذِهِ السَّنَةَ زِرِّيعًا، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً. وَأَمَّا السَّنَةُ الثَّالِثَةُ فَفِيهَا تَزْرَعُونَ وَتَحْصِدُونَ وَتَغْرِسُونَ كُرُومًا وَتَأْكُلُونَ أَثْمَارَهَا. 30 وَيَعُودُ النَّاجُونَ مِنْ بَيْتِ يَهُوذَا، الْبَاقُونَ، يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَل وَيَصْنَعُونَ ثَمَرًا إِلَى مَا فَوْقُ. 31لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ، وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هذَا.

32«لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ مَلِكِ أَشُّورَ: لاَ يَدْخُلُ هذِهِ الْمَدِينَةَ، وَلاَ يَرْمِي هُنَاكَ سَهْمًا، وَلاَ يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا بِتُرْسٍ، وَلاَ يُقِيمُ عَلَيْهَا مِتْرَسَةً. 33فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ يَرْجعُ، وَإِلَى هذِهِ الْمَدِينَةِ لاَ يَدْخُلُ، يَقُولُ الرَّبُّ. 34 وَأُحَامِي عَنْ هذِهِ الْمَدِينَةِ لأُخَلِّصَهَا مِنْ أَجْلِ نَفْسِي وَمِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِي». ".

فى (20) قَدْ سَمِعْتُ = "إسألوا تعطوا" إذاً الله لابد أن يستجيب للصلاة لذلك لن يجد سنحاريب سوى الخجل والإضطراب والذل والكسر وسيكون سخرية أورشليم = اسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ = هو ظن نفسه رعبا لإبنة صهيون. وبرعبه سيجعلها تستسلم ولكن هى ستحتقره وتهزأ به. فكل من يعادى الله يصير بائساً ولابد أن تكون هذه الرسالة قد وصلت إلى سنحاريب بطريقة ما فهى موجهة لهُ. وفى (24، 23). ترديد لكلام الكبرياء الذى كان سنحاريب يردده. أَقْطَعُ أَرْزَهُ الطَّوِيلَ = كان الملوك يكسرون الأشجار لتمر مركباتهم الحربية وإشتهر ملوك أشور بهذا بل تفاخروا بقدرتهم عليه. ولكن عبارة الأرز الطويل تستخدم عادة للملوك بمعنى أنه لا ملك إستطاع أن يقاومه. لم يرد فى كلام سنحاريب ورسالته التى رددها ربشاقى ما ورد فى الآيات (24، 23) وربما قالها ولم تكتب وربما هى فى قلبه والله هنا يكشف ما فى القلوب فهو وحده القادر على ذلك. وهو يحاسب على تصورات القلب وهنا يكشف الله فكر سنحاريب المتكبر وأنه يتوهم نفسه قادراً على تذليل أى صعاب فإذا قابله جبل صعده وإذا قابله نهر جففه. حَفَرْتُ وَشَرِبْتُ مِيَاهًا غَرِيبَةً = هزمت بلاداً غريبة دخلتها مع جيوش وجنيت ثرواتها. أُنَشِّفُ بِأَسْفَلِ قَدَمَيَّ = جيوش جبارة وعديدة وجرارة وهى قادرة على شرب مياه الأنهار كلها فى البلدان التى أحاصرها وأحاربها وتكون الآية (23) موجهة لملوك البلدان، وآية (24) موجهة لشعوب البلدان التى نهب ثرواتها. لا أحد يستطيع أن يقف أمامهُ أو يصمد قدام جبروته. وفى الآيات (25 - 28) رد الله على تصوراته ومعنى الكلام أن كل ما فعلته يا سنحاريب فعلته بمشورتى وخططى الأزلية وبدون سماحى لم تكن قادراً على فعل شىء. ففى آية (11) كان ربشاقى يخيف حزقيا قائلاً ألم تسمع ما فعله ملوك أشور وهنا الله يقول لهُ بل إسمع ما فعلته أنا، فأنا الذى نشفت البحر امام شعبى فعلاً وهذا ما حدث منى وليس أوهام كأوهامك، وكان هذا لآتى بشعبى وأسكنه كنعان بعد أن إجتازوا مصاعب عديدة فأين ما فعلته أنت بجانب ما فعلته أنا. أما ما فعلته من خراب فى أرض يهوذا فأنت ما كنت سوى آلة فى يدى الله = الآنَ أَتَيْتُ بِهِ (25). بل كان ما فعلته فى تصورى وإرادتى وتخطيطى منذ الأزل مُنْذُ الْبَعِيدِ صَنَعْتُهُ = وها أنت تنفذ الآن مشوراتى. وكان هذا لعقاب هذا الشعب المتمرد إسرائيل ويهوذا على شرورهم فهل تفتخر العصا على من يمسكها أو الفأس على الذى يمسكها (إش 15، 14، 13: 10) وفى (27) كل ما تفعله أنا أعرفه، هيجانك علىَّ صعد إلى أذنى، ولكنك بكل قوتك تحت سيطرتى وأنا واَضَعُ خِزَامَتِي فِي أَنْفِكَ = أى مسيطر عليك تمام السيطرة. ووضع الخزامة فى الأنف وهى طريقة أشورية لمعاملة الأسرى فكأن ملك أشور أسير فى يد الرب يفعل إرادته. وفى (25) قوله أَلَمْ تَسْمَعْ = هل لم تسمع عن النبوات التى يتنبأ بها عليك أنبيائى وهل لم تسمع ما عملته مع شعبى عبر السنين.

وإبتداء من (29) كلام الرب لحزقيا. هذِهِ لَكَ عَلاَمَةٌ = أى علامة صلح الله مع شعبه ليطمأنوا أن الله تصالح معهم. ولاحظ إن نتاج الأرض قد إلتهمه الجيش الأشورى. والله هنا كأب حنون لن يرفع عنهم الجيش الأشورى فقط ثم يتركهم جوعى ولكنه سيدبر لهم طعامهم. إذاً هى علامة محبته وصلحه معهم.

فهذِهِ السَّنَةَ ستأكلون زِرِّيعًا = أى ما ينبت من نفسه وهذا سيبارك الله فيه فيكفيهم كلهم فإن كان الأشوريين قد أكلوا ما زرعتموه فستأكلون أنتم ما لم تزرعوه. والسنة التى بعدها ستكون سنة سبتية ومنها ترتاح الأرض فلا يزرعون ولا يفلحون ولكن الله العجيب سيعطيهم فى هذه السنة أيضاً حصاد ما لم يزرعوه = فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خِلْفَةً = وفى السنة الثانية سيذكرون أن الله هو الذى أنبت الأرض أولاً حيث لم يكن من يزرعها (تك 11: 1) وفى السنة الثالثة يعودون للزراعة وتعود الزراعة لعادتها.

وفى آية (30) يَتَأَصَّلُونَ إِلَى أَسْفَل = فبعد هذه الحرب تشتتت العائلات ولكن الله سيعيدهم لأماكن سكنهم. فالنبى يشبههم بنبات لهُ جذوره الثابتة فى الأرض ولهُ ثماره، أى سيثبتون ثم يزدهرون ويكون لهم ثمار نافعة للآخرين. وكل مؤمن يكون لهُ جذوره بإيمانه بالمسيح ثم يصير لهُ ثماره. وهذه هى بركات الآلام التى مروا بها وهذه هى الولادة الجديدة التى تكلم عنها حزقيا الملك.

لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ، = الذين كانوا محجوزين داخل الأسوار سيخرجون ويكون لهم حرية ولا شىء يعود يخيفهم.

وقد حدث خراب كبير ولكن هناك بقية نجت. ولكن هذه الآيات تنظر للبقية التى ستنجو من إسرائيل فى الأيام الأخيرة (رو 28، 27: 9) وسيدخلون مجد أولاد الله وهى إشارة لأن الخلاص سيخرج من صهيون.

الأعداد 35-37

الآيات (35 - 37): -

"35 وَكَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ خَرَجَ وَضَرَبَ مِنْ جَيْشِ أَشُّورَ مِئَةَ أَلْفٍ وَخَمْسَةً وَثَمَانِينَ أَلْفًا. وَلَمَّا بَكَّرُوا صَبَاحًا إِذَا هُمْ جَمِيعًا جُثَثٌ مَيْتَةٌ. 36فَانْصَرَفَ سَنْحَارِيبُ مَلِكُ أَشُّورَ وَذَهَبَ رَاجِعًا وَأَقَامَ فِي نِينَوَى. 37 وَفِيمَا هُوَ سَاجِدٌ فِي بَيْتِ نِسْرُوخَ إِلهِهِ، ضَرَبَهُ أَدْرَمَّلَكُ وَشَرَآصَرُ ابْنَاهُ بِالسَّيْفِ، وَنَجَوَا إِلَى أَرْضِ أَرَارَاطَ. وَمَلَكَ آسَرْحَدُّونُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.".

فى بعض الأحيان يتأخر تنفيذ النبوات ولكن هذه النبوة تم تنفيذها فى تلك الليلة. فقد تمرد سنحاريب وثار ضد خالقه فكان من العدل أن يثور ويتمرد عليه إبناه ويهلك جيشه. والسجلات المصرية تقول إن جيش ملك أشور هلك بوباء على حدود مصر، لكنهم نسبوا هذا لآلهتهم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ الْعِشْرُونَ - سفر الملوك الثاني - القمص أنطونيوس فكري

اَلأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ - سفر الملوك الثاني - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر الملوك الثاني الأصحاح 19
تفاسير سفر الملوك الثاني الأصحاح 19