الأصحاح الأول – سفر الملوك الأول – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر الملوك الأول – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

المقدمة

تفاسير أسفار الكتاب المقدس.

أولا: كاتبه.

ثانيًا: تسميته.

ثالثًا: زمن كتابته.

رابعًا: مكان كتابته.

خامسًا: سمات العصر.

سادسًا: أغراضه.

سابعًا: رموزه.

ثامنًا: أقسامه.

.

أولا: كاتبه:

1 - يجمع اليهود على أن كاتب سفري الملوك هو أرميا النبى بدليل:

أ - تشابه الأحداث المذكورة في (2 مل25، أر39، 52) وهي الخاصة بالهجوم البابلي على أورشليم.

ب - في أخبار ملوك يهوذا الذين حكموا قبل السبي والذين عاصرهم أرميا لم يذكر أرميا نفسه رغم أهمية دوره وذلك من أجل اتضاعه.

2 - قد ساعد في كتابة بعض أجزاء من هذين السفرين جاد وناثان النبيان بدليل ما ذكر في (1 أي 29: 29).

3 - هناك آراء بأنه قد اشترك في كتابة هذه الأسفار عزرا الكاهن وسليمان الملك وحزقيا الملك.

4 - غالبًا قرأ أرميا الكتب المسجلة قبله وأرشده الروح القدس أن يأخذ منها ما يناسب، وأهم هذه الكتب والتي أشير إليها في الكتاب المقدس هي:

أ - سفر أمور سليمان (1 مل11: 41).

ب - سفر أخبار الأيام لملوك إسرائيل (1 مل14: 19).

ج - سفر أخبار الأيام لملوك يهوذا (1 مل14: 29).

د - أخبار شمعيا النبي وعدو الرائى (2 أي 12: 15).

ثانيًا: تسميته:

كان سفرا الملوك الأول والثانى سفرًا واحدًا، كما كان سفرا صموئيل سفرًا واحدًا وفى الترجمة السبعينية تم تقسيمهما إلى أربعة اسفار وسمى سفرا صموئيل ملوك الأول وملوك الثاني أما سفرا الملوك فسميا ملوك الثالث وملوك الرابع، إذا اعتبرت الترجمة السبعينية الأربعة أسفار هي تاريخ الملوك. وفى القرن الرابع عشر في الترجمة العبرية، دعيت هذه الأسفار الأربعة بالأسماء الحالية الموجودة بالنسخة التي بين أيدينا أي صموئيل الأول والثاني، ثم ملوك الأول والثاني.

ثالثًا: زمن كتابته:

يشمل سفرا الملوك فترة من الزمن تبلغ 455 عامًا منذ عام 1015 إلى 560 ق. م وكان الهيكل لا يزال قائمًا في معظم هذه الفترة إذ أُحرِقَ حوالي عام 584 ق. م. وهذا يعنى أن إتمام كتابة هذين السفرين على يد أرميا كان عام 560 ق. م.

ويغطى سفر ملوك الأول فترة تبلغ حوالي 126 عامًا منذ عام 1015 إلى 889 ق. م، أي منذ شيخوخة داود، ثم تولى سليمان الملك، حتى موت يهوشافاط ملك يهوذا وآخاب ملك إسرائيل.

.

رابعًا: مكان كتابته:

في أورشليم وبعض بلاد اليهودية وربما يكون الأجزاء الأخيرة منه قد أكملت في مصر، حيث استشهد أرميا.

خامسًا: سمات العصر:

يشمل هذا السفر جزءً من تاريخ مملكة اليهود المتحدة في نهاية حكم داود، ثم في عصر سليمان. ويحدثنا أيضًا عن انقسام المملكة إلى المملكة الجنوبية وهي مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم وتشمل سبطى يهوذا وبنيامين، والمملكة الشمالية وهي مملكة إسرائيل وعاصمتها السامرة وتشمل العشرة أسباط الباقية. ويلاحظ في هذه الفترة ما يلي:

قوة سلطان سليمان وحكمته التي جعلت المملكة تتسع إلى أقصى مداها، كما وعد الله، فتمتد من نهر مصر إلى الفرات وتخضع الأمم لها وتعظمها.

التهاون مع العبادات الوثنية وإدخال الآلهة الغريبة إلى حياة اليهود وأيضًا في أورشليم.

مخالفة الشريعة بالتهاون في الزيجة مع الأجنبيات، مما أبعد شعب الله عنه وآثار غضبه عليهم.

ضعف الملوك وابتعادهم عن الله خاصة بعد الانقسام وبالأكثر في مملكة إسرائيل، مما أظهر الحاجة إلى أنبياء الله، فكان لهم دورهم القوى، الذي يعلو مكانة الملك وذلك مثل إيليا وإليشع.

سادسًا: أغراضه:

الحكمة الإلهية: هي عطية من الله يعطيها لمن يطلبها ويهتم بها قبل الماديات، كما في حالة سليمان.

المشورة: تظهر أهمية المشورة الصالحة وخطورة المشورة الشريرة كما في حالة رحبعام (1 مل 12) وإيزابل زوجة آخاب.

الهيكل: وأهميته كمصدر قوة لشعب الله فاهتم سليمان ببنائه بمجد عظيم، فباركه الله.

حفظ الوصية: فمن يتمسك بالوصايا والشريعة يحفظه الله، وعلى العكس من يتهاون في حفظها عبادة الأوثان يتخلى عنه الله ويغضب عليه.

وعود الله: كما وعد داود العظيم بتملك نسله إلى الأبد ويظهر ذلك في نسب المسيح ومجيئه من سلسلة ملوك يهوذا وتملكه إلى الأبد في ملكوت السموات.

الدعوة للتوبة: كما منع إيليا نزول المطر حتى يرجع الملك والشعب لله بالتوبة بسبب الضيقة، وكما تاب آخاب جزئيًا عندما سمع بقضاء الله (1 مل 17: 1).

التمسك بالإيمان: كما في غيرة إيليا على مجد الله وقتل أنبياء البعل (1 مل 18: 40).

.

سابعًا: رموزه:

سليمان: يرمز للمسيح في سلطانه ومجده وحكمته وغناه وخضوع الشعوب له والسلام الذي ساد أيامه واستخدامه للأمثال.

الهيكل: يرمز في عظمته إلى الكنيسة في العهد الجديد والكنيسة في الأبدية، أي ملكوت السموات.

انقسام المملكة: يرمز إلى الضعف الروحي في النفس أو الكنيسة ككل، بسبب الكبرياء والشهوات وعدم الخضوع للمشورة الصالحة والإرشاد الروحي.

إيليا: يرمز للمسيح في أمور كثيرة مثل في مباركة الزيت والدقيق عند الأرملة (1 مل 17: 8 - 16) كما بارك المسيح السمكتين والخمس خبزات (مت15: 32 - 39)، وصوم كل منهما 40 يومًا (1 مل 19: 8، مت4: 2)، وإقامة إيليا لابن الأرملة، مثل إقامة المسيح لابن أرملة نايين (1 مل 17: 17 - 23، لو7: 11 - 17) (أنظر تفاصيل إيليا كرمز للمسيح في نهاية الكتاب).

ثامنًا: أقسامه:

1 - القسم الأول (1 مل 1 - 11): ويشمل شيخوخة داود وثبات مملكة سليمان وبناء الهيكل وقصور الملك ومجد سليمان، ثم ضعفه وموته.

3 - القسم الثاني (1 مل 12 - 14): ويشمل مُلك رحبعام وانقسام المملكة ومُلك يربعام.

4 - القسم الثالث (1 مل 15 - 22): ويشمل سلسلة ملوك يهوذا حتى يهوشافاط وهو رابع ملك بعد الانقسام، وسلسلة ملوك إسرائيل حتى آخاب وهو الثامن بعد الانقسام وكذلك حياة الأنبياء وهم ثمانية وأهمهم إيليا (1 مل 17 - 21).

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

أدونيا يُمَلِّك نفسه.

1 وَشَاخَ الْمَلِكُ دَاوُدُ. تَقَدَّمَ فِي الأَيَّامِ. وَكَانُوا يُدَثِّرُونَهُ بِالثِّيَابِ فَلَمْ يَدْفَأْ. 2 فَقَالَ لَهُ عَبِيدُهُ: «لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنَا الْمَلِكِ عَلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ، فَلْتَقِفْ أَمَامَ الْمَلِكِ وَلْتَكُنْ لَهُ حَاضِنَةً وَلْتَضْطَجعْ فِي حِضْنِكَ فَيَدْفَأَ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ». 3 فَفَتَّشُوا عَلَى فَتَاةٍ جَمِيلَةٍ فِي جَمِيعِ تُخُومِ إِسْرَائِيلَ، فَوَجَدُوا أَبِيشَجَ الشُّونَمِيَّةَ، فَجَاءُوا بِهَا إِلَى الْمَلِكِ. 4 وَكَانَتِ الْفَتَاةُ جَمِيلَةً جِدًّا، فَكَانَتْ حَاضِنَةَ الْمَلِكِ. وَكَانَتْ تَخْدِمُهُ، وَلكِنَّ الْمَلِكَ لَمْ يَعْرِفْهَا.

العدد 1

ع1:

يدثرونه: يلفونه بأغطية.

اقتربت حياة داود من الانتهاء، وكان في أواخر الستينات من عمره، لأنه ملك وعمره ثلاثون عامًا ومات وعمره سبعون عامًا، أي ملك أربعين عامًا (2 صم5: 4، 5)، ومرض في نهاية حياته وأصبح لا يحتمل برودة الجو، ومهما ألبسوه ملابس ثقيلة وغطوه بأغطية فكان يظل يشعر بالبرودة ويرتعش. وهذا يبين مدى ضعف داود الجسدي وشيخوخته المبكرة مما جعله عاجزًا عن إدارة المملكة، وهذا شجع ابنه أدونيا على محاولة اغتصاب المُلك، ولكن الله نبّه داود فأمر بمسح سليمان ابنه ملكًا كما سيظهر في هذا الأصحاح.

العدد 2

ع2:

عبيده: العاملون في القصر الملكي والمقربون من الملك ويهتمون بشئونه الخاصة.

لما لم تنجح محاولات عبيد داود في تدفئته، فكروا في اختيار فتاة عذراء تخدمه وتنام بجواره، كانوا في ذلك يحاكون ما يفعله ملوك الأمم المحيطين بهم في مثل هذا الظرف، فتقوم الفتاة بهذه المهمة دون الارتباط به كزوجة بل كممرضة، إذ أصبح الملك داود ضعيفًا وغير قادر على التزوج، ويعانى من أمراض. وهذا علاج يوناني كانوا يقدمونه للشيوخ في هذه العصور، إذ كانوا يظنون أن الجسد الضعيف ينال نشاطًا وحيوية عند التصاق بجسد مملوء شبابًا وحيوية.

الأعداد 3-4

ع3 - 4:

:

الشونمية: من شونم وهي قرية تقع جنوب شرق الناصرة على بعد سبعة أميال.

أخذ عبيد داود يبحثون في كل أرجاء المملكة عن فتاة جميلة لهذا الغرض، واتفق اختيارهم على فتاة عذراء وجميلة تدعى أبيشج من بلدة شونم، فأحضروها إلى الملك، فكانت حاضنة له تقوم بخدمته ولكن داود لم يعاشرها معاشرة الأزواج.

† ضعف جسد داود رجل الحرب العظيم في النهاية وأصبح غير قادر على مواصلة الحياة بسبب مرضه. فلا تعتز بقوتك، أو مركزك لأن الإنسان ضعيف بطبعه والله هو مصدر القوة، فاشكره واستخدمها لمجده ولا تتكبر على غيرك.

5 ثُمَّ إِنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ تَرَفَّعَ قَائِلًا: «أَنَا أَمْلِكُ». وَعَدَّ لِنَفْسِهِ عَجَلاَتٍ وَفُرْسَانًا وَخَمْسِينَ رَجُلًا يَجْرُونَ أَمَامَهُ. 6 وَلَمْ يُغْضِبْهُ أَبُوهُ قَطُّ قَائِلًا: «لِمَاذَا فَعَلْتَ هكَذَا؟ » وَهُوَ أَيْضًا جَمِيلُ الصُّورَةِ جِدًّا، وَقَدْ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ أَبْشَالُومَ. 7 وَكَانَ كَلاَمُهُ مَعَ يُوآبَ ابْنِ صَرُويَةَ، وَمَعَ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ، فَأَعَانَا أَدُونِيَّا. 8 وَأَمَّا صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَشِمْعِي وَرِيعِي وَالْجَبَابِرَةُ الَّذِينَ لِدَاوُدَ فَلَمْ يَكُونُوا مَعَ أَدُونِيَّا. 9 فَذَبَحَ أَدُونِيَّا غَنَمًا وَبَقَرًا وَمَعْلُوفَاتٍ عِنْدَ حَجَرِ الزَّاحِفَةِ الَّذِي بِجَانِبِ عَيْنِ رُوجَلَ، وَدَعَا جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بَنِي الْمَلِكِ وَجَمِيعَ رِجَالِ يَهُوذَا عَبِيدِ الْمَلِكِ، 10 وَأَمَّا نَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو وَالْجَبَابِرَةُ وَسُلَيْمَانُ أَخُوهُ فَلَمْ يَدْعُهُمْ.

الأعداد 5-6

ع5 - 6:

:

أصبح داود بسبب شيخوخته غير قادر، على ممارسة مهامه كملك، فكان لابد من مسح خليفة له يدير أمور المملكة في أواخر حياته. سعى أدونيا ابن حجيث للاستيلاء على العرش، باعتباره أكبر أبناء داود الأحياء في ذلك الحين، فحسب نفسه الوريث الشرعى للعرش. وأدونيا هو الرابع من أبناء داود ولكن ابنه البكر أمنون قتله أبشالوم (2 صم13) والثانى كيلآب (2 صم3: 3) وكان قد مات، أما الثالث فهو أبشالوم وقد قتل عندما حارب داود (2 صم18).

بدأ أدونيا يخطِّط لتوليه الملك وأعطى لتحركاته مظهرًا ملوكيًا، فأعد مركبات وفرسانًا، وجعل خمسين رجلًا يتقدمون موكبه. وقد كان جميلًا يتباهى بجماله، ولم يستطع داود لضعفه أن ينتهره ويمنعه من محاولة اغتصاب المُلك، وكان الجمال أمرًا مرغوبًا في الملوك في هذا الوقت، ولكن الجمال الجسدي لا علاقة له بجمال الروح والطباع الطيبة.

العدد 7

ع7:

يوآب: كان رئيس جيش داود وكان قاسيًا وعنيفًا.

أبياثار: كان رئيس الكهنة مع صادوق الكاهن. وأبياثار هو الباقى من نسل عالى الكاهن بعد أن قتل شاول الكهنة (1 صم22: 20). وكان أبياثار مع تابوت العهد في أورشليم بعد أن شارك داود في ضيقاته وهروبه من وجه شاول. أما صادوق فكان مع باقي أجزاء خيمة الاجتماع في جبعون أيام داود، أي كان الاثنان رئيس كهنة موجودين في نفس الوقت في أيام داود وبعد قتل أبياثار صار صادوق رئيسى كهنة وحده أيام سليمان. وبهذا تم كلام الله بإفناء بيت عالى الكاهن (1 صم3: 11 - 14).

بدأ أدونيا يحصن نفسه بجذب قيادات عسكرية ودينية حوله، فتجاوب معه يوآب قائد جيش داود وكذلك أبياثار الكاهن، وانضما إليه في تمرده ساعيين وراء مصالح ومنافع شخصية. فلعل أدونيا قد وعدهما باستمرارهما في رئاسة الجيش والكهنوت. فكان أدونيا بذلك متكلًا على الذراع البشرى متجاهلًا الإرادة الإلهية.

ولعل يوآب اختار أن يناصر أدونيا مخالفًا لوعد الله (1 أى22: 9) لأن أدونيا أضعف من سليمان، فيستطيع يوآب من خلال تملك أدونيا أن يسيطر على المملكة. أما أبياثار فكانت مخالفته لوعد الله ومناصرته لأدونيا بسماح من الله لكي بهذا الشر الذي عمله أبياثار ينتهى الكهنوت من بيت عالى الكاهن، كما أمر الله قديمًا على فم صموئيل؛ لأن أبياثار هو آخر النسل الكهنوتى لعالى.

العدد 8

ع8:

شمعى: بنيامينى من أبطال داود هو المذكور في (1 مل 4: 18) باسم شمعى بن أيلا كأحد وكلاء سليمان الاثنى عشر على جميع إسرائيل.

ريعى: هو نفسه عيرا اليائيرى المذكور في (2 صم20: 26) وكان من الكهنة في أيام داود.

في نفس الوقت كان صادوق الكاهن وبنياهو وناثان النبى وشمعى وريعى وأبطال داود المحبين له غير مستريحين لتصرفات أدونيا في سعيه ليرث العرش.

الأعداد 9-10

ع9 - 10:

حجر الزاحفة: حجر كان يقدسه الكنعانيون، كان من معالم منطقة بالقرب من "عين روجل".

عين روجل: نبع بالقرب من أورشليم على الحدود بين يهوذا وبنيامين. في وادي قدرون جنوب أورشليم.

أراد أدونيا أن يعطى صبغةً ومظهرًا دينيًا لاستلامه السلطة، مقدمًا ذبائح سلامة، كما لو كان قد استلم السلطة من الله نفسه بشهادة رئيس الكهنة أبياثار. وهو في ذلك يقلد أبشالوم عندما ملّك نفسه بدلًا من داود (2 صم15). وأقام أدونيا مؤامرته خارج أورشليم عند حجر الزاحفة الذي بجانب عين روجل ودعا اخوته - باستثناء سليمان ورجال الحاشية الملكية مثل ناثان النبي وبناياهو - وهذا يؤكد أنه يعمل شيئًا ضد رغبة أبيه.

† هكذا إذ تتسلل الخطية إلى قلب الإنسان تعميه عن رؤية الحق، فلا يقبل المشيئة الإلهية ولا يلجأ إلى مشورة حكيمة، بل بعجرفة يتكل على حكمته الذاتية ورأيه الخاص. فليتك تكون متضعًا وتلتجئ بالصلاة إلى الله، فتسمع صوته وتطيعه ولا تكون معاندًا له لأجل أغراضك الشخصية.

11 فَكَلَّمَ نَاثَانُ بَثْشَبَعَ أُمِّ سُلَيْمَانَ قَائِلًا: «أَمَا سَمِعْتِ أَنَّ أَدُونِيَّا ابْنَ حَجِّيثَ قَدْ مَلَكَ، وَسَيِّدُنَا دَاوُدُ لاَ يَعْلَمُ؟ 12 فَالآنَ تَعَالَيْ أُشِيرُ عَلَيْكِ مَشُورَةً فَتُنَجِّي نَفْسَكِ وَنَفْسَ ابْنِكِ سُلَيْمَانَ. 13 اِذْهَبِي وَادْخُلِي إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ وَقُولِي لَهُ: أَمَا حَلَفْتَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لأَمَتِكَ قَائِلًا: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ فَلِمَاذَا مَلَكَ أَدُونِيَّا؟ 14 وَفِيمَا أَنْتِ مُتَكَلِّمَةٌ هُنَاكَ مَعَ الْمَلِكِ، أَدْخُلُ أَنَا وَرَاءَكِ وَأُكَمِّلُ كَلاَمَكِ». 15 فَدَخَلَتْ بَثْشَبَعُ إِلَى الْمَلِكِ إِلَى الْمِخْدَعِ. وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ شَاخَ جِدًّا وَكَانَتْ أَبِيشَجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخْدِمُ الْمَلِكَ. 16 فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ، فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَا لَكِ؟ » 17 فَقَالَتْ لَهُ «أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِالرَّبِّ إِلهِكَ لأَمَتِكَ قَائِلًا: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي. 18 وَالآنَ هُوَذَا أَدُونِيَّا قَدْ مَلَكَ. وَالآنَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لاَ تَعْلَمُ ذلِكَ. 19 وَقَدْ ذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ، وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ وَيُوآبَ رَئِيسَ الْجَيْشِ، وَلَمْ يَدْعُ سُلَيْمَانَ عَبْدَكَ. 20 وَأَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ أَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِكَيْ تُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ. 21 فَيَكُونُ إِذَا اضْطَجَعَ سَيِّدِي الْمَلِكُ مَعَ آبَائِهِ أَنِّي أَنَا وَابْنِي سُلَيْمَانَ نُحْسَبُ مُذْنِبَيْنِ».

العدد 11

ع11:

تضايق ناثان عندما سمع بأن أدونيا ملَّك نفسه على بني إسرائيل بعد داود، لأنه يعلم أن الله قد أعلن لداود أن سليمان هو الذي سيخلفه وكان هذا عندما وعده أن ابنه، الذي سيدعى سليمان هو الذي سيبنى بيتًا لله وليس هو (1 أى22: 29، 1 أخ 28: 5، 6) كما يظهر من (ع30)، ولذا فكر في إنقاذ الموقف وأخبر بثشبع بما فعله أدونيا دون علم الملك داود. وبثشبع هي امرأة أوريا الحثى التي تزوجها داود وأنجب منها سليمان.

العدد 12

ع12:

بعد أن أعلم ناثان بثشبع بالمؤامرة دعاها لمشاركته في تنفيذ خطة مضادة لخطة أدونيا، خاصة وأنها هي وابنها معرضان للقتل إذا ما نجح أدونيا واستولى على الحكم، لأن المعتاد أن من يغتصب المُلك يقتل كل من له علاقة بالملك القديم.

الأعداد 13-14

ع13 - 14:

:

كانت الخطة التي رسمها ناثان كالآتي: تدخل بثشبع إلى داود وتذكره بالقسم الذي سبق أن تعهد به أمامها بتمليك سليمان ابنها من بعده، وتسأله لماذا لم يتّمم ما تعهد به وتخبره بتملك أدونيا. وأفهمها ناثان أنه سيلحق بها في الحال ليكمل توضيح الأمر للملك لأن داود قد لا يصدق كلام بثشبع ولكن عندما يؤكده ناثان سيفهم ويقتنع.

العدد 15

ع15:

لم يكن داود وهو في حالته هذه من ضعف وشيخوخة يغادر حجرته إذ لم يكن قادرًا على الخروج، وكان لبثشبع دالة خاصة لدى الملك داود، فكان يمكنها أن تدخل إليه في أي وقت لتطمئن عليه وتشرف على تمريضه واحتياجاته. ولم يكن مع داود سوى أبيشج الشونمية.

العدد 16

ع16:

دخلت بثشبع إلى الملك وأظهرت احترامها الشديد بالسجود للملك حتى يفهم الملك بأنها خاضعة له، عندما تذكره بنسيان وعده بتمليك ابنها سليمان من بعده. وأحس داود أن لدى زوجته شيئًا ما تريد أن تقوله، فشجعها على الكلام قائلًا لها "مالك". وكان المتبع ألا يدخل أحد إلى الملك عند لقائه بإحدى زوجاته، أو أحد مشيريه ولذا لم يدخل ناثان مع بثشبع إلا عندما استدعاه الملك.

العدد 17

ع17:

ذكرته أولًا –كما أوصاها ناثان– بالقسم الذي تعهد به أمامها بأن يملك سليمان ابنها بعده، فيجلس على عرش المملكة.

† إن وعود الله كثيرة جدًا لك ويمكنك أن تتمتع بها إن تمسكت بها وطالبته أن يعطيها لك فهو رحيم وحنون على كل من يشعر باحتياجه ويؤمن بقوة الله.

الأعداد 18-19

ع18 - 19:

:

أخبرته بما قام به أدونيا من إعلان نفسه ملكًا دون علم أبيه، كما أخبرته بالوليمة التي أقامها بهذه المناسبة وتقديمه ذبائح بكميات كبيرة ودعوته لهذه المأدبة جميع إخوته أبناء الملك، كما دعى إليها أبياثار الكاهن ويوآب رئيس الجيش ولم يدعُ سليمان أخاه.

العدد 20

ع20:

أشارت أيضًا إلى مسئوليته تجاه جميع شعبه، الذين ينتظرون منه إذ هم شاخصون نحوه أن يعلن لهم عمن يجلس على كرسى المملكة بعده، لأنه ليس من الضرورى أن يملك البكر بعد أبيه ولكن من يختاره الملك.

العدد 21

ع21:

أوضحت له أنه بعد انتقاله من هذا العالم دون إعلان سليمان ملكًا ستتعرض هي وابنها للموت على يد أدونيا.

22 وَبَيْنَمَا هِيَ مُتَكَلِّمَةٌ مَعَ الْمَلِكِ، إِذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ دَاخِلٌ. 23 فَأَخْبَرُوا الْمَلِكَ قَائِلِينَ: «هُوَذَا نَاثَانُ النَّبِيُّ». فَدَخَلَ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ. 24 وَقَالَ نَاثَانُ: «يَا سَيِّدِي الْمَلِكَ، أَأَنْتَ قُلْتَ إِنَّ أَدُونِيَّا يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي؟ 25 لأَنَّهُ نَزَلَ الْيَوْمَ وَذَبَحَ ثِيرَانًا وَمَعْلُوفَاتٍ وَغَنَمًا بِكَثْرَةٍ، وَدَعَا جَمِيعَ بَنِي الْمَلِكِ وَرُؤَسَاءَ الْجَيْشِ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَ، وَهَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ أَمَامَهُ وَيَقُولُونَ: لِيَحْيَ الْمَلِكُ أَدُونِيَّا. 26 وَأَمَّا أَنَا عَبْدُكَ وَصَادُوقُ الْكَاهِنُ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَسُلَيْمَانُ عَبْدُكَ فَلَمْ يَدْعُنَا. 27 هَلْ مِنْ قِبَلِ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَانَ هذَا الأَمْرُ، وَلَمْ تُعْلِمْ عَبْدَكَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ؟ ».

الأعداد 22-23

ع22 - 23:

:

طبقًا للخطة التي رسمها ناثان، عندما بدأت بثشبع كلامها، وصل هو فأخبروا الملك فأذن بدخوله وسجد ناثان أمامه وبهذا أصبحت لناثان فرصة أن يؤكد كلام بثشبع فيتحمس الملك، فيأخذ قراره بتولية سليمان ملكًا ومما شجع ناثان أنه بهذا ينفذ كلام الله الذي قاله لداود.

الأعداد 24-25

ع24 - 25:

:

سأل ناثان داود بحكمة لينبهه للخطر، فقال له هل أنت أمرت بتمليك أدونيا؟! لأنه أعلن نفسه ملكًا وأقام وليمة يجتمع بها الآن بنو الملك ورؤساء الجيش وأبياثار. وذلك لينبه الملك أن أمرًا عظيمًا يحدث دون علمه، وهذا مخالف لكلام الله ولقانون المملكة، إذ لم يأذن لهم داود بذلك ونداؤه ليحيا الملك أدونيا يعنى ضمنيًا أن داود قد مات وهذا أمر لا يمكن قبوله.

العدد 26

ع26:

كما بين له أن أدونيا استثنى من دعوته هذه ناثان نفسه وصادوق الكاهن وبنياهو ابن يهوياداع وسليمان بن داود. ليفهم الملك من هم الخاضعون له والذين يخاف منهم ويتجنبهم أدونيا.

العدد 27

ع27:

كرّر ناثان سؤاله لداود هل هو الذي أمر بتمليك أدونيا، لينبهه ويستحثه في اتخاذ القرار المضاد، أي تمليك سليمان بدلًا من أدونيا. ويفهم من هذا أن داود قد اعتاد إبلاغ كل أوامره إلى ناثان النبي لأنه يمثل وجود الله معه.

† من الحكمة أن تنبه الآخرين وتدعوهم بلطف لاتخاذ القرارات دون أن تلومهم، فالكلام باتضاع ولطف يجذب القلوب وليعمل فيها الله ويساعد على اتخاذ القرارات.

28 فَأَجَابَ الْمَلِكُ دَاوُدُ وَقَالَ: «اُدْعُ لِي بَثْشَبَعَ». فَدَخَلَتْ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ وَوَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ. 29 فَحَلَفَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ، 30 إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضًا عَنِّي، كَذلِكَ أَفْعَلُ هذَا الْيَوْمَ». 31 فَخَرَّتْ بَثْشَبَعُ عَلَى وَجْهِهَا إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَتْ لِلْمَلِكِ وَقَالَتْ: «لِيَحْيَ سَيِّدِي الْمَلِكُ دَاوُدُ إِلَى الأَبَدِ». 32 وَقَالَ الْمَلِكُ دَاوُدُ: «اُدْعُ لِي صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ». فَدَخَلُوا إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ. 33 فَقَالَ الْمَلِكُ لَهُمْ: «خُذُوا مَعَكُمْ عَبِيدَ سَيِّدِكُمْ، وَأَرْكِبُوا سُلَيْمَانَ ابْنِي عَلَى الْبَغْلَةِ الَّتِي لِي، وَانْزِلُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ، 34 وَلْيَمْسَحْهُ هُنَاكَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَاضْرِبُوا بِالْبُوقِ وَقُولُوا: لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ. 35 وَتَصْعَدُونَ وَرَاءَهُ، فَيَأْتِي وَيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَهُوَ يَمْلِكُ عِوَضًا عَنِّي، وَإِيَّاهُ قَدْ أَوْصَيْتُ أَنْ يَكُونَ رَئِيسًا عَلَى إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا». 36 فَأَجَابَ بَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ الْمَلِكَ وَقَالَ: «آمِينَ. هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ سَيِّدِي الْمَلِكِ. 37 كَمَا كَانَ الرَّبُّ مَعَ سَيِّدِي الْمَلِكِ كَذلِكَ لِيَكُنْ مَعَ سُلَيْمَانَ، وَيَجْعَلْ كُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ دَاوُدَ». 38 فَنَزَلَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدُونَ وَالسُّعَاةُ، وَأَرْكَبُوا سُلَيْمَانَ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ دَاوُدَ، وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى جِيحُونَ. 39 فَأَخَذَ صَادُوقُ الْكَاهِنُ قَرْنَ الدُّهْنِ مِنَ الْخَيْمَةِ وَمَسَحَ سُلَيْمَانَ. وَضَرَبُوا بِالْبُوقِ، وَقَالَ جَمِيعُ الشَّعْبِ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ». 40 وَصَعِدَ جَمِيعُ الشَّعْبِ وَرَاءَهُ. وَكَانَ الشَّعْبُ يَضْرِبُونَ بِالنَّايِ وَيَفْرَحُونَ فَرَحًا عَظِيمًا حَتَّى انْشَقَّتِ الأَرْضُ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ.

العدد 28

ع28:

هنا أدرك داود خطورة الموقف وشعر بحكمته أنه لابد من اتخاذ إجراء لتصحيح الأوضاع، فاستدعى من فوره بثشبع، التي كانت قد خرجت من عند الملك عند دخول ناثان إليه، فدخلت ووقفت في حضرة الملك بعد خروج ناثان.

الأعداد 29-30

ع29 - 30:

:

مرة أخرى يجدّد داود قسمه بالإله الحي، الذي أخرجه من كل الضيقات التي مرت به، أن سليمان هو الذي سيخلفه في وراثة العرش، مؤكدًا لبثشبع أم سليمان أنه متمسك بقسمه السابق ويجدده هذا اليوم أيضًا ويفهم من هذا أن الله وعد داود أن يملك ابنه سليمان على كرسيه (1 أى28: 5، 6) وحينئذ أقسم داود لبثشبع أنه سيملك سليمان ولم يذكر هذا القسم في الكتاب المقدس وهنا في هذه الآية يجدد قسمه.

† جدد داود قسمه رغم تحدى الظروف؛ علينا نحن أيضًا أن نتمسك بتعهداتنا والتزاماتنا الروحية ولا ندع الانشغالات العالمية والأمور الوقتية تعيق مسيرتنا الروحية، واثقين في مساندة الرب لنا فننتصر على كل المعوقات.

العدد 31

ع31:

اطمأنت بثشبع وسجدت للملك معبرة عن شكرها لما قرره في حق ابنها بوراثة العرش، ودعت له بطول العمر حتى لا يفهم الملك من طلبها تمليك ابنها أنها تريد وفاته.

بهذا نالت بثشبع ما تطلبه وهو تمليك ابنها سليمان ونجاتها هي وابنها من الموت بيد أدونيا، وفى نفس الوقت نال ناثان النبي غرضه كنبى وهو تنفيذ أوامر الله الذي وعد بتمليك سليمان.

العدد 32

ع32:

واصل الملك اتخاذه القرارات اللازمة لمواجهة الموقف وتصحيح الأمور، فطلب من عبيده استدعاء صادوق الكاهن وناثان النبى وبناياهو بن يهوياداع، فحضروا جميعًا ووقفوا أمام الملك. وقد استدعى هؤلاء بالتحديد؛ لأن صادوق هو الكاهن الذي سيمسح الملك، وناثان هو النبي الذي يمثل حضور الله، وبناياهو هو قائد حربى يقود الجيش ويحمى الملك الجديد.

الأعداد 33-34

ع33 - 34:

:

جيحون: ينبوع ماء في ضواحى مدينة أورشليم أي خارج أسوارها، حفره اليبوسيون عام 2000 ق. م، وقد اختار داود خارج أورشليم ليبدأ فيه موكب تمليك سليمان حتى يراه كل الشعب أثناء مروره، وكان المعتاد قديمًا تنصيب الملوك عند عيون الماء إذ ترمز لاستمرار الملك مثل استمرار جريان الماء من العين.

أصدر لهم الملك تعليماته بأن يأخذوا معهم الحرس الملكى والمقربين من الملك الخاضعين له ويركبوا سليمان ابنه على البغلة الخاصة بالملك داود نفسه وهذا معناه أنه أصبح الملك، وأن يذهبوا إلى جيحون حيث يمسحه صادوق الكاهن وناثان النبي بالدهن المقدس ملكًا على إسرائيل، وأن ينفخوا في الأبواق صارخين قائلين ليحيا الملك سليمان. وقد أرسل مع رئيس الكهنة المسئول عن مسح الملوك ومع النبي ناثان قوة عسكرية بقيادة بنياهو للتصدى للمتمردين بقيادة يوآب القوى إن أصرّ على التمرد. ونرى هنا محبة داود واتضاعه، فيتنازل عن الملك لابنه وهو حى إذ شعر أن صالح المملكة أن يملك ابنه عوضًا عنه ليدير المملكة بقوة وحزم، أما داود فيكفيه أن يحيا ما بقى من عمره لمحبة الله وتسبيحه.

ومسح صادوق لسليمان تنفيذًا لشريعة الله في إقامة الملوك، أما أدونيا فلم يذكر الكتاب المقدس أن أبياثار الكاهن قد مسحه لكن كان معه فقط وشاركه الاحتفال، فالله لم يسمح بمسحه لأنه لم يرض عن تنصيبه ملكًا.

العدد 35

ع35:

بعد مسحه والمناداة به ملكًا تأتون به في موكب ملوكى ويجلس على كرسى ويكون ملكًا بدلًا منى، وهذه هي وصيتى للجميع أنه هو يترأس على يهوذا وإسرائيل.

العدد 36

ع36:

أعلن بنياهو موافقته واستعداده لتنفيذ كلام داود الملك؛ بل أعلن أيضًا أن هذا هو كلام الله الواجب تنفيذه.

العدد 37

ع37:

دعا بناياهو للملك الجديد سليمان بتعضيد الرب له في شئون الحكم كما فعل مع أبيه، ويزيده رفعة وسمو ويتعظم كرسيه ليصل إلى مراتب أعلى حتى من التي وصل إليها داود الملك نفسه. وهذه دعوة لا تغضب داود لأنه من المعلوم أن أي إنسان لا يتمنى أن يكون غيره أفضل منه إلا ابنه، فمتى حقق نجاحات أكثر منه يكون ذلك سبب سعادة لأبيه.

العدد 38

ع38:

الجلادون والسعادة: الشرطة والجيش.

قام المخلصون لداود وهم صادوق وناثان وبناياهو ومعهم رجال الشرطة والجيش بتنفيذ تعليمات داود لهم، وأركبوا سليمان بغلة الملك داود وذهبوا به إلى جيحون ليسير الموكب مسافة كبيرة ويراه أكبر عدد من الشعب.

العدد 39

ع39:

قرن الدهن: كانوا يصنعون من قرون الحيوانات أوعية للسوائل ولا سيما الزيوت والعطور ومنها دهن المسحة الذي يستخدم لمسح الملوك والكهنة.

كان صادوق الكاهن قد أخذ معه قارورة الدهن من مكانها في الخيمة التي بها تابوت العهد (2 صم6: 17)، وهناك في جيحون مسح سليمان ملكًا ونفخوا في الأبواق منادين بالحياة للملك سليمان.

العدد 40

ع40:

تجاوب الشعب كله مع صيحات أنصار داود وأخذوا يعبرون عن فرحهم بالملك الجديد بالعزف على الناى - كما كان متبعًا في مناسبات أفراحهم - وكانت فرحة الجميع غامرة حتى كادت الأرض تنشق من شدة صدى أصواتهم.

41 فَسَمِعَ أَدُونِيَّا وَجَمِيعُ الْمَدْعُوِّينَ الّذِينَ عِنْدهُ بَعْدَمَا انْتَهَوْا مِنَ الأَكْلِ. وَسَمِعَ يُوآبُ صَوْتَ الْبُوقِ فَقَالَ: «لِمَاذَا صَوْتُ الْقَرْيَةِ مُضْطَرِبٌ؟ » 42 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا بِيُونَاثَانَ بْنِ أَبِيَاثَارَ الْكَاهِنِ قَدْ جَاءَ، فَقَالَ أَدُونِيَّا: «تَعَالَ، لأَنَّكَ ذُو بَأْسٍ وَتُبَشِّرُ بِالْخَيْرِ». 43 فَأَجَابَ يُونَاثَانُ وَقَالَ لأَدُنِيَّا: «بَلْ سَيِّدُنَا الْمَلِكُ دَاوُدُ قَدْ مَلَّكَ سُلَيْمَانَ. 44 وَأَرْسَلَ الْمَلِكُ مَعَهُ صَادُوقَ الْكَاهِنَ وَنَاثَانَ النَّبِيَّ وَبَنَايَاهُوَ بْنَ يَهُويَادَاعَ وَالْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةَ، وَقَدْ أَرْكَبُوهُ عَلَى بَغْلَةِ الْمَلِكِ، 45 وَمَسَحَهُ صَادُوقُ الْكَاهِنُ وَنَاثَانُ النَّبِيُّ مَلِكًا فِي جِيحُونَ، وَصَعِدُوا مِنْ هُنَاكَ فَرِحِينَ حَتَّى اضْطَرَبَتِ الْقَرْيَةُ. هذَا هُوَ الصَّوْتُ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ. 46 وَأَيْضًا قَدْ جَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ الْمَمْلَكَةِ. 47 وَأَيْضًا جَاءَ عَبِيدُ الْمَلِكِ لِيُبَارِكُوا سَيِّدَنَا الْمَلِكَ دَاوُدَ قَائِلِينَ: يَجْعَلُ إِلهُكَ اسْمَ سُلَيْمَانَ أَحْسَنَ مِنِ اسْمِكَ، وَكُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّكَ. فَسَجَدَ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ. 48 وَأَيْضًا هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَعْطَانِيَ الْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ». 49 فَارْتَعَدَ وَقَامَ جَمِيعُ مَدْعُوِّي أَدُونِيَّا، وَذَهَبُوا كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقِهِ. 50 وَخَافَ أَدُونِيَّا مِنْ قِبَلِ سُلَيْمَانَ، وَقَامَ وَانْطَلَقَ وَتَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ. 51 فَأُخْبِرَ سُلَيْمَانُ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا أَدُونِيَّا خَائِفٌ مِنَ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا قَدْ تَمَسَّكَ بِقُرُونِ الْمَذْبَحِ قَائِلًا: لِيَحْلِفْ لِي الْيَوْمَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ إِنَّهُ لاَ يَقْتُلُ عَبْدَهُ بِالسَّيْفِ». 52 فَقَالَ سُلَيْمَانُ: «إِنْ كَانَ ذَا فَضِيلَةٍ لاَ يَسْقُطُ مِنْ شَعْرِهِ إِلَى الأَرْضِ، وَلكِنْ إِنْ وُجِدَ بِهِ شَرٌّ فَإِنَّهُ يَمُوتُ». 53 فَأَرْسَلَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ فَأَنْزَلُوهُ عَنِ الْمَذْبَحِ، فَأَتَى وَسَجَدَ لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ: «اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ».

العدد 41

ع41:

القرية: المقصود بها أورشليم باعتبارها مدينة محدودة بالقياس بعواصم البلاد الكبرى مثل بابل ونينوى، وقد يكون المقصود بكلمة القرية في أصلها اللغوى حصن، أو قلعة وهذا معناه أنه يقصد حصن أورشليم أي مدينة أورشليم.

بعد تمليك أدونيا وانتهاء المدعوين في بيته من الوليمة، سمعوا صوت البوق والآلات الموسيقية تأتى عن بعد من أورشليم، وتساءل يوآب لماذا صوت البوق، إذ لا يضرب إلا في الأعياد أو في الحرب، أو المناسبات الخاصة مثل تنصيب الملوك.

العدد 42

ع42:

ساد القلق كل المدعوين، وفى أثناء ذلك دخل يوناثان بن أبياثار رئيس الكهنة الذي يرافق أدونيا، فاستقبله أدونيا بلهفة منتظرًا منه بشارة تهدئ قلق المجتمعين. وقد قال له أدونيا أنك تبشر بالخير، لأنه كان أخبر داود بإبطال مشورة أخيتوفل الشريرة ليستعد أمام الهجوم المقبل إليه من أبشالوم (2 صم15: 27، 36، 17: 17).

العدد 43

ع43:

أعلن يوناثان للمجتمعين أنه يحمل خبرًا مزعجًا لهم وهو أن داود الملك الذي مازال محتفظًا بسلطانه كملك، إذ قال عنه يوناثان سيدنا. وهذا يظهر خطأه في إعلان أدونيا ملك دون استئذان داود. وأيضًا أن داود قد ملّك سليمان فهذا يزيد موقفهم خطرًا وتعرضهم للأذى من سليمان الملك الجديد.

الأعداد 44-45

ع44 - 45:

:

قصَّ عليهم يوناثان تفاصيل الأحداث وهي أن صادوق مسح سليمان ملكًا في جيحون وكان معه بنياهو وناثان النبي، ثم أركبوه على بغلة الملك داود وساروا به في موكب عظيم وحولهم الجلادون والسعاة، ومروا في أورشليم بفرح عظيم وأصوات قوية، وهي التي سمعوها عن بعد وهم في مكانهم هذا.

الأعداد 46-48

ع46 - 48:

:

ثم وصل سليمان بموكبه إلى القصر الملكى وجلس على عرش الملك، ودخل عبيد الملك داود ليهنئوه بتمليكه سليمان ودعوا لسليمان أن يكون ملكًا أعظم منه، ففرح داود جدًا وسجد على سريره وبارك الله الذي أعطاه أن ينظر ابنه يملك من بعده بحسب وعد الله له.

العدد 49

ع49:

خاف جدًا جميع المدعوين في وليمة أدونيا لئلا يبطش بهم سليمان الملك الجديد لمشاركتهم لهذه الخيانة بتمليك شخص آخر دون علم الملك داود، وهربوا كل واحد في طريقه ليختفوا عن الأنظار، لأنه لا أخلاق بينهم، بل كان واحد منهم كان يبحث عن مصلحته وفائدته وكل واحد الآن يبحث كيف ينجى نفسه حتى لو مات الآخرين.

العدد 50

ع50:

خاف أدونيا خوفًا شديدًا من معاقبة سليمان له لتمرده، فأسرع إلى المذبح النحاسى في خيمة الاجتماع ليتمسك بقرونه ليستفيد من العرف السائد في ذلك الوقت وهو أن من يمسك بقرون المذبح لا يعنى عدم قتله وإنما لا يكون ذلك حتى تتم محاكمة عادلة يدافع فيها عن نفسه مبرءً ذاته من التهمة الموجهة إليه.

وقد كان خوف أدونيا الشديد علامة على شره؛ لأنه كان ينوى الإساءة إلى سليمان وكل التابعين له. وخاصة أن سليمان كان معروفًا عنه أنه قوى الشخصية.

† لا تتسرع في قراراتك لئلا تسقط في أمور لا يمكن علاجها. اهتم أن تصلى إلى الله قبل كل عمل، بل وتستشير أب اعترافك؛ خاصة في القرارات الكبيرة.

الأعداد 51-53

ع51 - 53:

:

إن كان ذا فضيلة: أي مخلصًا لسليمان.

أنزلوه عن المذبح: لأن المذبح مقام على مكان مرتفع ولكن ليس له درج (خر20: 26).

أخبر سليمان بما فعله أدونيا من تمسكه بقرون المذبح طالبًا أن يتعهد له سليمان بسلامته ولا يأمر بقتله، فأعلن سليمان أنه إن كان مخطئًا فسيعاقب وإن كان ذا فضيلة لا يصيبه شر، ثم أرسل سليمان رجالًا فأحضروا أدونيا إليه وسجد أمامه وهو مرتعد.

ولم يرد سليمان أن يبدأ حكمه بمعاقبة أحد، فسمح له أن يعود إلى بيته، وبهذا يعطيه فرصة للسلوك الحسن وإن أخطأ ثانية يستحق العقاب.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر الملوك الأول - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر الملوك الأول الأصحاح 1
تفاسير سفر الملوك الأول الأصحاح 1