27- ما هو دور رئيس الملائكة جبرائيل فى البشارة بالتجسد الالهى؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

27 - ما هو دور رئيس الملائكة جبرائيل فى البشارة بالتجسد الالهى؟

يُقَدِّم لنا القديس مار يعقوب السروجى القديسة العذراء مريم مثالاً ونموذجاً حياً للتمتُع بالمعرفة خلال الإيمان. لقد حاورت مع رئيس الملائكة جبرائيل للتعرُف على سرّ التجسد الإلهى، ليس فى جدالٍ عقيمٍ، وإنما بروح الخضوع والتواضع مع المحبة الصادقة نحو الله، فتمتعت بتجسد كلمة الله فى أحشائها، مع تمتعها بالبتولية الدائمة. هكذا يليق بنا أن نكف عن الجدال الجاف، وفى إيمان صادق نتقبَّل عمل الله فينا، فيسكن مسيحنا فى داخلنا، ويهب نفوسنا بتولية روحية فائقة. يقول مار يعقوب: [امتلأت هذه اللحظة بالعجب، حين وقفت مريم لتناقش جبرائيل. الفقيرة بنت أحد الفقراء وملاك تقابلا، وتكلما فى قصة كلها عجب. عذراء نقية وساهر ناري تكلما فى روعة. بحديث صالح السمائيين مع الأرضيين. إحدى النساء وأمير كل الطغمات صنعاً اتفاقاً من أجل مصالحة كل العالم. جلس الاثنان بين العلويين والسفليين، تكلما وصنعا سلاماً لكل الذين كانوا غاضبين. الفتاة والساهر تقابلا وتناقشا فى الأمر، فزال الخصام بين الرب وآدم. هذا النزاع العظيم الذى بدأ بين الأشجار[62] (تك 3: 1 - 7)، أصبح موضع مناقشة، وأتى إلى نهايته، وأصبح هناك سلام. مخلوقة أرضية ومخلوق سمائى تكلما بمحبة، وتوقف الخصام بين الفريقين، وأصبحا فى سلام[63].].

الملاك جبرائيل هو ملاك الرب الذى كلّم فيلبس الشماس (أع 8: 26 - 40).

كان الملاك جبرائيل أحد الملاكين اللذين ظهرا للنسوة عند قبر المخلص بثياب برّاقة.

تُعَيِّد له الكنيسة فى 13 هاتور، 22 كيهك، 3 برمهات، 13 بؤونة.

جاء فى ذكصولوجية لرئيس الملائكة جبرائيل: [غبريال الملاك، رآه دانيال، واقفاً على قدميه على شاطئ النهر. ومدّ يده اليمنى إلى السماء، وحلف بالعلىّ، الدائم إلى الأبد. قائلاً من زمانٍ إلى زمانٍ، وإلى نصف زمان، إلى تمام الرؤيا، أنا أخبرك بها. ميخائيل وغبريال، رئيسا ملائكتك العظيمان، يُسَبِّحانك يا ملك المجد، صارخين، قائلين: قدوس الله: المرضى أشفهم، قدوس القوى: الراقدين يارب نيّحهم، قدوس الذى لا يموت: بارك ميراثك، ولتكن رحمتك وسلامك، حصناً لشعبك. إذا ما قالا الليلويا: يتبعهما السمائيون، قائلين: قدوس آمين، الليلويا، المجد هو لإلهنا. اشفعا فينا يا رئيسي الملائكة القديسين ميخائيل وغبريال، ليغفر لنا خطايانا.].


[62] - شجرة معرفة الخير والشر وشجرة الحياة أو شجرة الصليب.

[63] - ترجمة ناهد فؤاد.

26- ما هو دور الملاك جبرائيل كما جاء فى سفر دانيال النبى؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

26 - ما هو دور الملاك جبرائيل كما جاء فى سفر دانيال النبى؟

جاء الملاك إلى دانيال يفسر له الرؤيا التى رآها عند نهر أولاى. "وكان لما رأيت أنا دانيال هذه الرؤيا، وطلبت فهمها، إذ بشبه إنسان واقف أمامى. وسمعت صوت إنسانٍ من وسط نهر أولاى، فنادى وقال: يا جبرائيل فَهِّم هذا الرجل الرؤيا" (دا 8: 15 - 16).

اشتهى دانيال النبى تفسير الرؤيا بصورة أكمل، فقد عرف القليل، لكن لنفعه ولنفع الكنيسة ككل اشتهى أن يبحث عن المعنى، وقبل أن يسأل رأى "شبه إنسان"؛ غالباً ما يكون كلمة الله قبل التجسد الذى له سلطان أن يأمر رئيس الملائكة جبرائيل لكى يفسر له الرؤيا. "فجاء إلى حيث وقفت، ولما جاء ارتعبت وخررت على وجهي. فقال لى: افهم يا ابن آدم. إن الرؤيا لوقت المنتهى. وإذ كان يتكلم معى كنت فى نومٍ عميقٍ على وجهي إلى الأرض، فلمسنى وأوقفنى على قدميَّ. وقال: أعرفك ما يكون فى آخر السخط، لأنها تشير إلى انقضاء الزمن" (دا 8: 17 - 19).

المرة الثانية التى ورد فيها اسم الملاك جبرائيل أيضاً فى (دا 9: 20، 23). "وأنا أتكلم وأصلي... إذا بالرجل جبرائيل الذى رأيته فى الرؤيا فى الابتداء طار سريعاً ولمسني عند وقت تقدمة المساء. وفهَّمنى وتكلم معى، وقال: يا دانيال إنى خرجتُ الآن لتدرك الرؤيا وتفهمها. فى ابتداء تضرُعاتك خرج الأمر، وأنا جئتُ لأخبرك لأنك أنت محبوبّ جداً من الله. فتأمل الكلام وافهم الرؤيا.

إرسال الله رئيس ملائكة طائراً بسرعة إلى دانيال، اهتمام إلهى عجيب. لأول مرة نسمع عن أجنحة الملائكة أو أنها كائنات طائرة. ظهر له على شكل إنسانٍ، لذا قال: "الرجل جبرائيل". بهذا يؤكد الله تقديره للإنسان واعتزازه به، فيجعل ملائكته ليس فقط تظهر لخدمة الإنسان، وإنما تحمل أيضاً شكله، حتى يمكن التلاقي بينهم. يقول القديس جيروم: [قيل إنه "طار" لأنه ظهر بمظهر إنسان[59].].

كشف رئيس الملائكة جبرائيل لدانيال عن مركزه لدى الله إذ يقول: "لأنك أنت محبوب جداً"، وبالمعنى الحرفى للكلمة العبرية "الرجل الذى يرغب فيه الله"، أى موضع سرور الله. الله محب كل البشرية يُسَرّ بالأكثر بمن يتمتعون بشركةٍ عميقةٍ معه، فيُسَرّ أن يُعلِن لهم أسراره الإلهية.

قَدَّم له الملاك وصية إلهية، بل عطية إلهية، وهى عطية الفهم: "فتأمل الكلام وافهم الرؤيا". لقد درس دانيال نبوات إرميا، وفهم تاريخ العودة من السبي، لكنه كان محتاجاً إلى فهمٍ أعظم، حيث ينسحب قلبه من الرجوع إلى كنعان إلى الرجوع إلى السماء عينها خلال عمل المسيا. أنبأه عن مجيء المسيح الفادى، وتتميم الفداء والخلاص وعن خراب الهيكل والقدس (دا 9: 23، 27).

قَدَّم له الملاك خدمة ملائكية "وإذا بيدٍ لمستني، وأقامتني مرتجفاً على ركبتي وعلى كفَّي يدي" (دا 10: 10). واضح أن دانيال شاهد الرؤيا وهو منبطح على الأرض، وكان مستنداً على ركبتيه ويديه، وكان محتاجاً إلى عون سماوى ليُقِيمَه. اليد التى كتبت على الحائط فأرعبت الملك بيلشاصر، هى التى لمست دانيال واعطته قوة للقيامة والتمتُّع بالفهم. يرى البعض أن اليد السماوية تشير إلى التجسد الإلهى، حيث قَدَّم لنا السيد المسيح العمل الإلهى، واهباً إيّانا الفهم والحكمة مع الفداء والمجد.

يقول القديس جيروم: [ظهر الملاك فى شكل إنسانٍ ووضع يده على النبى إذ كان مستلقياً على الأرض، لقد حمل الشكل (البشرى) حتى لا يرتعب! [60]].

ظهور الملائكة على شكل بشر يكشف عن تقدير السماء لنا، فإنهم لا يحملون أجساداً لكنهم لا يستنكفون من الظهور بشكلٍ بشريٍ. بهذا يعلنون عن شوق السمائيين إلى الدخول فى صداقة معنا.

يُعلِّق القديس جيروم على تعبير: "المحبوب"، قائلاً: [إنه تعبير لائق، فإن كل قديس يحمل جمالاً فى نفسه، وهو محبوب من الرب[61].].

تذلل دانيال بالتوبة قدام الله إلهه، أى خلال العلاقة الشخصية مع الله الذى يحسبه إلهه، أى ينسبه إليه، لهذا تأهَّل ان يرسل الله ملاكه إليه، لأن ملاك الرب حال حول خائفيه (مز 145: 19).

هل كان رئيس الملائكة جبرائيل عاجزاً عن مقاومة الشيطان الذى يبث روح العنف والكراهية فى قمبيز Cambyses ضد المؤمنين؟ أو كان عاجزاً عن مقاومة الملك الشرير نفسه؟ لماذا أرسل له الملاك ميخائيل (دا 10: 12 - 14)؟ لست أظن أن حديث الملاك هنا يقلل من شأن الملاك جبرائيل أو قدرته، إنما يكشف عن روح العمل الجماعى حتى بين السمائين، وأيضاً يعلن عن اهتمام الله بشعبه، فيرسل أكثر من رئيس ملائكة من أجل شعبه. يقول يوناثان: "لأنه ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل" (1صم 14: 6).

لقد أنقذ الملاك جبرائيل دانيال النبى من جب الأسود وسدّ أفواهها فلم تؤذه: "فأجاب دانيال الملك: أيها الملك حييت إلى الأبد. إن إلهي أرسل ملاكه، فسدّ أفواه الأسود فلم تؤذنى، لأنى وُجِدت بريئاً أمامه وأمامك أيضاً أيها الملك، لم أصنع سوءاً" (دا 6: 21 - 22).

وفى تقليد الكنائس الرسولية فى الشرق والغرب أن الملاك جبرائيل هو الذى نقل بيديه الطاهرتين حبقوق النبى من أرض إسرائيل وتخوم الناصرة إلى دانيال النبى وهو فى أسفل بئر السباع الكاسرة فى أرض الكلدانيين "(دا 14: 32 - 38). وهو بعينه الذى بشر العذراء مريم بتجسد الله الكلمة منها (لو 1: 26 - 35). وهو الملاك الذى بشر الرعاة بمولد السيد المسيح (لو 2: 8 - 14). وهو الذى أمر المجوس بعد أن سجدوا للمسيح المولود وقدموا له هداياهم، أن لا يرجعوا إلى هيرودس الملك. وهو الذى رافق المسيح له المجد فى طفولته خادماً له، ورافق العائلة المقدسة فى رحلتها إلى مصر، وعودتها منها إلى فلسطين. كما ظهر للسيد المسيح فى بستان جثسيمانى أثناء صراعه وآلامه، وكان يقول له:" لك القوة "(لو 22: 43).

وفى التقليد اليهودى كما جاء فى (الترجوم) – وهو الترجمة الآرامية للتوراة مع تفسير لها كانوا يقرأونها فى المجامع اليهودية فى زمن الهيكل الثانى وما بعد ذلك – إن الملاك جبرائيل هو الرجل الذى قاد يوسف إلى إخوته عندما أرسله أبوه يعقوب ليسأل عن سلامتهم "فوجده رجل وإذا هو ضال فى الحقل. فسأله الرجل قائلاً: ماذا تطلب؟ فقال: أنا طالب إخوتى. أخبرنى أين يرعون؟ فقال الرجل: قد ارتحلوا من هنا إلى دوثان. فذهب يوسف وراء إخوته فوجدهم فى دوثان" (تك 37: 13 - 17). وأن الملاك جبرائيل اشترك مع رئيس الملائكة ميخائيل فى دفن جسد موسى وإخفائه عن بنى إسرائيل (تث 34: 6)، وأنه هو الملاك الذى أرسله الرب فضرب من جيش سنحاريب ملك أشور مائة وخمسة وثمانين ألفاً من جنوده (2مل 19: 35؛ 2 أى 32: 21؛ إش 37: 36).

الملاك جبرائيل هو أحد الملاكين اللذين كانا مع الرب فى ضيافة إبراهيم أب الآباء، عندما تجلّى له الرب فى بلوطات ممرا. وأما الملاك الآخر فكان ميخائيل (تك 8: 1 - 23، عب 13: 2). ثك ذهب الاثنان بعد ذلك إلى لوط وأنقذاه هو وأسرته من الهلاك الذى حلّ بسدوم وعمورة (تك 19: 1 - 22).


[59] PL 680: 25 A.

[60] PL 697: 25 G.

[61] PL 697: 25 G.

25- ماذا قيل عن رئيس الملائكة جبرائيل؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

25 - ماذا قيل عن رئيس الملائكة جبرائيل؟

كلمة: جبرائيل "تعنى" جبروت الله "، لأنه يخبرنا عن جبروت الله وعظم أعماله معنا. وهو الملاك المُبَشِّر بالأخبار السارة. قال عن نفسه فى حديثه إلى زكريا رئيس الكهنة والد النبي يوحنا المعمدان، وهو يصف شرف مهمته وكرامة وظيفته:" أنا جبرائيل الواقف قدام الله: (لو 1: 19)، وهو ما يتفق تماماً مع ما قاله الملاك رافائيل لطوبيا: "أنا رافائيل الملاك أحد السبعة الواقفين أمام الرب" (طو 12: 15).

24- لماذا يدعو البعض الملاك ميخائيل ملاك القيامة العامة؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

24 - لماذا يدعو البعض الملاك ميخائيل ملاك القيامة العامة؟

يُعرَف رئيس الملائكة ميخائيل أنه ملاك القيامة العامة الذى سيبوق البوق الأخير، قُبيْل المجئ الثانى للمسيح، عندما يجئ ليدين الأحياء والأموات، فيقوم الموتى للدينونة. يقول الرسول: "لأن الرب نفسه سينزل من السماء، عند الهُتاف ونداء رئيس الملائكة وصوت بوق الله، فيقوم أولاً الذين ماتوا فى المسيح" (1 تس 4: 16). وجاء فى كتاب "التماجيد المقدسة": [أنت الذى تصيح ببوقك فى اليوم الأخير، فى الانقضاء، فيقوم كل الذين رقدوا ليلبسوا أجسادهم بقوة الله. وينال كل واحدٍ كأعماله أمام منبر القاضى العادل. نسألك يا رئيس الملائكة ميخائيل أن تكون معنا فى ذلك اليوم.].

جاء فى ذكصولوجية لرئيس الملائكة ميخائيل [ميخائيل رئيس السمائيين، هو الأول فى الطقوس الملائكية، يخدم أمام الرب. يرسل الله لنا مراحمه ورأفاته، بطلبات ميخائيل رئيس الملائكة العظيم. وتكمل الأثمار بطلبات ميخائيل، لأنه قريب إلى الله، يسأل عنّا. كل عطية صالحة، وكل موهبة تامة، إنما تنزل لنا من فوق من عند أبي الأنوار. فلنسبح ونمجد ونسجد للثالوث القدوس المساوى، الدائم إلى الأبد. اشفع فينا يا رئيس الملائكة القديس ميخائيل رئيس السمائيين، ليغفر لنا خطايانا.].

23- لماذا يدعو البعض الملاك ميخائيل ملاك قيامة السيد المسيح؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

23 - لماذا يدعو البعض الملاك ميخائيل ملاك قيامة السيد المسيح؟

لم يذكر الإنجيل صراحة اسم الملاك الذى نزل من السماء ودحرج الحجر عن باب القبر، لكن ذكرته كتب الكنيسة وأوضحت أنه ميخائيل رئيس الملائكة. جاء فى قسمة عيد القيامة والخماسين بالخولاجى المقدس: [ميخائيل رئيس الملائكة نزل من السماء، ودحرج الحجر عن باب القبر، وبشّر النسوة حاملات الطيب قائلاً: "المسيح قام من بين الأموات.] وجاء فى ابصالية آدام للقيامة التى تُقَال فى أحد توماً: [تكلم ميخائيل معكنّ (النسوة حاملات الطيب) هكذا بفرحٍ، قائلاً:" ليس هو ههنا "(مر 16: 6).] وجاء فى كتاب" التماجيد المقدسة "[السلام لميخائيل رئيس الملائكة المنادي بخلاص القيامة، لأنك أنت الذى نزلت من السماء بمجدٍ عظيمٍ مُضيٍء ودحرجت الحجر عن باب القبر، ثم جلست عليه بخوفٍ عظيمٍ، وتكلّمت مع النسوة بفرحٍ وتهليلٍ وعفافٍ روحاني، معزّيَّاً إياهن أن يسوع الناصرى قام وليس هو ههنا.].

22- متى نحتفل بعيد رئيس الملائكة ميخائيل؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

22 - متى نحتفل بعيد رئيس الملائكة ميخائيل؟

تُعَيِّد له الكنيسة القبطية فى الثانى عشر من كل شهر قبطى، خاصة فى هاتور وبؤونة. أما الروم الأرثوذكس والكنائس التى تتبع الطقس البينزنطى فتحتفل بالملاك ميخائيل والملاك جبرائيل فى اليوم الثامن من نوفمبر. والكنيسة الرومانية الكاثوليكية تحتفل بالملاك ميخائيل فى التاسع والعشرين من سبتمبر وكذلك الكنيسة الأسقفية.

وكان من عادة الأقباط، خصوصاً فى الريف، أن تقام فى هذه المناسبة القداسات والصلوات، وبعد ذلك تُمد الموائد ليأكل منها الفقراء والمساكين، وخصوصاً من السمك، ونوع من الفطير والخبز الخاص المعجون بالسكر أو العسل والزيت يعرف بفطير الملاك. والأصل فى اختيار الثانى عشر من شهر هاتور القبطى عيداً لرئيس الملائكة ميخائيل، إن هذا اليوم كان عند المصريين القدماء عيداً يقيمونه للإله "زُحل". فلما صار الأقباط مسيحيين رأى البابا الكسندروس Alexandros وهو التاسع عشر من بطاركة الكرسى الإسكندرى (312 – 328 م) أن يُحَوِّلَه إلى عيد لرئيس الملائكة ميخائيل بعد أن بنى مكان هيكل "زحل" كنيسة باسم رئيس الملائكة ميخائيل.

كذلك اليوم الثانى عشر من شهر بؤونة كان يقع فى بدء الفيضان، وكان يُعَدّ عند المصريين القدماء عيداً من أهم الأعياد القومية والوطنية. وكانوا يُقيمونه فى مبدأ الأمر لإله النيل، اعتقادا منهم أنه كانت تأخذه الرحمة بالمصريين فى زمن التحاريق، فيطير إلى أعالى النيل، وهناك يُلقى فيها من فمه قطرات من الماء، فتتبخر وتصعد إلى السماء، وتتحوَّل إلى سحب كثيرة، فتهطل سيولاً من أعالى الجبال، ومن ثم يفيض نهر النيل بالمياه التى تروي البلاد، فيعم الخصب والنماء، ويفرح المصريون لهذا الخير العميم، ويتبادلون الهدايا.

فلما صار الأقباط مسيحيين، تحوَّل عندهم هذا العيد القومى لإله النيل، إلى عيد لرئيس الملائكة ميخائيل بصفته رئيس الملائكة الواقف أمام العرش الإلهى فى السماء يشفع فى الناس ويرفع إلى الله صلواتهم ويطلب من الله ارتفاع مياه النيل، ليعم الخير فى كل وادى النيل.

21- هل من جولات أخرى لرئيس الملائكة ميخائيل مع الشيطان ومملكته؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

21 - هل من جولات أخرى لرئيس الملائكة ميخائيل مع الشيطان ومملكته؟

ميخائيل هو الذى ساند الملاك جبرائيل، وأعانه على الشيطان، رئيس مملكة فارس، عندما وقف الأخير ضد جبرائيل وقاومه مدة واحد وعشرين يوماً، ليمنعه من الوصول إلى النبى دانيال، وكان جبرائيل قد أتى من السماء ليبشر دانيال بخلاص شعبه، استجابة لصلواته ولصومه الطويل لمدة واحد وعشرين يوماً. قال الملاك لدانيال بعد أن وصل إليه أخيراً بعد واحد وعشرين يوماً من بدء صومه وصلواته: "لا تخف يا دانيال فإنك من أول يوم وجَّهت فيه قلبك للفهم، ولإذلال نفسك أمام إلهك، استُجيب كلامُك، وأتيتُ أنا لأجلِ كلامك. وقد قاومني رئيس مملكة فارس، واحداً وعشرين يوماً، فأتى لنُصرتى ميخائيل أحد الرؤساء الأولين فلم أبطئ هناك عند ملوك فارس، ثم أتيتُ لأُبيّن لك ما يحدث لشعبك فى الأيام الآتية" (دا 10: 12 - 14).

ثم يقول جبرائيل الملاك لدانيال فى نهاية رسالته إليه: "لا تخف أيها الرجل المحبوب، سلام لك، تقوّ وتشدَّد... أُعلِمتُ لماذا جئتُ إليك. فالآن أرجع لأحارب رئيس فارس... ولكنى أخبرك بما هو مرسوم فى كتاب الحق. وليس أحدُ يساعدنى على تحقيقه إلا ميخائيل رئيس رؤساء الملائكة" (دا 10: 19 - 21). يظهر في هذا النص الإلهى قوة الملاك ميخائيل وسلطانه.

يدعونا القدِّيس باسيليوس الكبير أن نجاهد ونفرح مع الملائكة، قائلاً: [افحص تصرفاتك كل يومٍ، وقارنها بأحداث اليوم السابق وجاهد نحو التقدُّم. تقدَّم فى الفضيلة، لتصير فى صحبة الملائكة، اقضِ وقتك فى خلوة لا لأيام وشهور بل لعدة سنوات، تُسَبِّح ربك بالأغانى، ليلاً ونهاراً، مقتدياً بالشاروبيم. إن بدأت هكذا، وانتهيت هكذا مسافراً فى الطريق المستقيم إلى وقت قصير لامتحانك، فإنك بنعمة الله تدخل الفردوس بسراج نفسك المنير ببهاء، لتفرح مع المسيح إلى أبد الأبد. آمين[57].].

كما يقول: [ما هو أكثر غبطة من مشابهة الملائكة على الأرض؟! فى بدء النهار ينهض الإنسان للصلاة وتسبيح الخالق بالترتيل والأغانى الروحيَّة. ومع شروق الشمس يبدأ العمل مصحوباً بالصلاة أينما ذهب مملِّحاً عمله بالتسبيح. إن سكون الوحدة هو بدء تنقية النفس، والعقل ألا يضطرب لأى شيءٍ، ولم يتشتَّت عن طريق الحواس فى أمور العالم، يرتد إلى ذاته، ويرفع إلى التفكير فى الله. هناك فى الوحدة يجد فى الأسفار المقدَّسة، كما فى مخزن الأدويَّة، العلاج الحقيقى لعلّته].

[الآن وأنت عبد لا للناس بل للخطيئة، المنادي يدعوك إلى الحريَّة، ليعتقك من أسرك، ويجعلك معادلاً للملائكة فى الحقوق، ويقيمك ابناً لله بالتبنّي، بواسطة النعمة، وارثاً لخيرات المسيح، وتقول بأن الوقت لم يحن بعد لك لنيل هذه المواهب[58].].


[57] On Renunciation of the World, (Frs. Of the Church, volume 9, p. 31).

[58] - راجع الأب الياس كويتر المخلصى: القديس باسيليوس الكبير، منشورات المكتبة البوليسية، بيروت، 1989، ص 272. ترجمة الأب سليمان أبوزيد.

20- ماذا قيل عن مقاومة رئيس الملائكة ميخائيل لإبليس؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

20 - ماذا قيل عن مقاومة رئيس الملائكة ميخائيل لإبليس؟

يرى الأسقف فيكتورينوس أن هذه هى بداية فترة "ضد المسيح"، إذ يحارب رئيس الملائكة ميخائيل إبليس فيقوى عليه، ويُسقِطه من السماء حتى لا يشتكي على المؤمنين. على أثر هذه الحرب يسقط إبليس محتضراً، لهذا يبثّ كل سمومه، باذلاً كل طاقاته للانتقام فيما تبقّى له من وقت يسير ليُطرَح في جهنم إلى الأبد. وبهذا تبدأ فترة ضد المسيح ويأتى الشاهدان إيليا وأخنوخ.

هكذا يظهر فى الكتاب المقدس كقائدٍ لجيش الملائكة، بينما يظهر جبرائيل كقائد للمبشرين المُرسَلين للبشر. ومع قدرته وإمكانياته ومركزه فى حربه ضد إبليس يمارس التواضع (يه 9).

ميخائيل هو الأعظم بين رؤساء الملائكة السبعة، كما يشهد عنه الملاك جبرائيل "ميخائيل الرئيس العظيم" (دا 12: 1)، ويقول عن نفسه: "انا رئيس جند الرب" (يش 5: 14)، أى أنه رئيس الملائكة ورؤساء الملائكة، تصفه كتب الكنيسة فى أكثر من موضع انه "رئيس السمائيين بين أجناد الرب من الملائكة".

إنها نصرة عظيمة أن يُسقِط إبليس من السماء لكيلا يشتكي علينا الذى حتى فى اللحظات الأخيرة له لا يكف عن التضليل وهو يُدعَى[56]:

1. الكاروب المغطى (حز 28: 16، 14).

2. لوسفير (حامل النور) (أش 14: 12).

3. شيطان (زك 3: 1).

4. الشرير (يو17: 15؛ 1 يو 5: 18؛ مت13: 19، 38).

5. العدو (مت13: 28).

6. إبليس (أي المخادع).

7. رئيس هذا العالم (يو 12: 31؛ 14: 3؛ 16: 11).

8. إله هذا الدهر (2كو 4: 4).

9. رئيس سلطان الهواء (أف 2: 2).

10. بعلزبول (سيد الذباب) (مت 12: 24؛ لو 11: 15).

11. بليعال (2كو 6: 15).

12. الحية القديمة (2كو11: 43؛ رؤ 12: 9).

13. التنين العظيم (رؤ 12: 3، 7، 9).

14. المشتكي (رؤ 12: 10).

15. المخادع (رؤ 12: 9؛ 20: 3).

16. المضل (رؤ 12: 9).

17. القتال (يو 8: 44).

18. الكذاب وأبو الكذاب (يو 8: 33، 44).

إذ يسقط العدو فى أنفاسه الأخيرة، يقول يوحنا الحبيب: "وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً فى السماء: الآن صار خلاص إلهنا وقدرته وملكه وسلطان مسيحه، لأنه قد طرح المشتكي على إخوتنا، الذى كان يشتكي علهيم أمام إلهنا نهاراً وليلاً. وهم غلبوه بدم الخروف وبكلمة شهادتهم، لم يحبوا حياتهم حتى الموت. من أجل ذلك افرحى أيتها السماوات والساكنون فيها. ويل لساكني الأرض والبحر لأن إبليس نزل إليكم وبه غضب عظيم، عالماً أن له زماناً قليلاً" (رؤ 12: 10 - 12).

يكشف السمائيون عن ضعف إبليس، وتظهر هزيمته عندما يُلقَى من السماء. إنهم يبتهجون بإعلان نصرة الإنسان فى يوم الدينونة المجيد، وذلك بالدم الثمين. وفى بهجتهم وحبهم للبشر يدعون الكنيسة التى لا تزال على الأرض مجاهدة "إخوتهم"، إذ سيصيرون كملائكة الله.


[56] - راجع موقع الأنبا تكلا هيمانوت بالإسكندرية.

19- ماذا قيل عن رئيس الملائكة ميخائيل؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

19 - ماذا قيل عن رئيس الملائكة ميخائيل؟

تميل الكنيسة الغربية إلى الحديث عن ميخائيل العظيم بين رؤساء الملائكة، أما فى الكنيسة الشرقية فيُنظَر إليه كرئيس جند الربّ، أى يقود كل الطغمات فى المعارك ضد إبليس والشرّ.

فى ذهن الكثيرين الملاك هو ملاك بغض النظر عن رتبتة والطغمة التى ينتمى إليها.

دُعِى "ميخائيل" ومعناها "من مثل الله"، لأنه يحب البشر ويغير عليهم، ويهبه الله سلطاناً أن يحارب التنين عنهم (رؤ 12: 7). له دوره الخاص كمُرسَل من الله لحماية شعبه فى الظروف الحالكة (طو 12: 6، 15؛ يو5: 4؛ رؤ 12: 7 - 9).

يحسبه اليهود ملاك أمتهم. وينظر إليه المسيحيون كحارسٍ للكنيسة. اعتاد الأقباط أن يبنوا كنيسة باسمه فى أعلى المبنى الخاص بكل دير، بكونه الملاك الحارس للدير والرهبان.

18- ماذا قيل عن الرتبة الثالثة التى تضم الرئاسات ورؤساء الملائكة؟

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

18 - ماذا قيل عن الرتبة الثالثة[55] التى تضم الرئاسات ورؤساء الملائكة؟

أولاً: الرئاسات Principalities. رتبة ذات وقارٍ روحيٍ مهوبٍ. فهم يتجهون نحو "رئيس الرؤساء"، ويقودون غيرهم إلى الطابع الرئاسى اللائق Princely fashion. الملائكة الحراس للمدن والأمم والحكام من غزو الملائكة الأشرار. الرئاسات تعنى التشبُّه بالله من حيث يصيرون رؤساء Princes أصحاب سلاطين فى نظام مقدس يليق بقوات ملوكية.

جاء فى رسالة يهوذا: "والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم their principalities، بل تركوا مسكنهم، حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيودٍ أبدية تحت الظلام" (يه 6). فكما يوجد رئاسات فى الملائكة صالحون، توجد أيضاً رئاسات بين قوات الظلمة، لأنهم أساءوا إلى مركزهم، فعوض القيادة المقدسة لمن هم أقل منهم للتشبه بالله، سقط هؤلاء من رئاساتهم بسبب الكبرياء فصاروا يحثون على الشرّ بالرغم من إدراكهم أنهم محفوظون تحت الظلام إلى يوم الدينونة.

يقدم الرسول يهوذا هذا المثل الشرير لكيلا يتكل المؤمن على ما وُهِب له من قدرات ومواهب ومراكز دينية، مظهراً خطورة سقوط القائد المتدين فى الكبرياء، طالباً أن يحفظه الرب من الانحراف والاعتداد بالذات.

ثانياً: رؤساء الملائكة. يُنظَر إليهم كرؤساء وقادة للملائكة (يه 9؛ 1تس 4: 16). لكل رئيس فرقة ضخمة أو اكثر من الملائكة يقودونها بطريقة فائقة غير منظورة. إنهم مرتبطون بالرئاسات كما بالملائكة. يُقَال إنهم سبعة رؤساء، لهم شرف المثول أمام عرش الله فى السماء، الذين قيل عنهم فى سفر الرؤيا: "ومن السبعة الأرواح التى امام عرشه" (رؤ 1: 4). وأنهم "سبعة مصابيح من نار متقدة حول العرش هى أرواح الله السبعة" (رؤ 4: 5). ويرى القديسان إكليمنضس الإسكندرى والشهيد كبريانوس أنهم السبعة رؤساء الملائكة كما يظهر من قول رافائيل عن نفسه أنه أحد الملائكة السبعة الواقفين أمام الرب (طو 12: 15). نطلب على الدوام شفاعتهم بعد شفاعة العذراء مريم والدة الإله مباشرة (كما فى مجمع الأبصلمودية)، خاصة "الثلاثاء العظماء المنيرون": ميخائيل، وجبرائيل (غبريال) ورافائيل.

ثالثا: الملائكة. أقل الرتب السمائية الحاملة الطبيعة الملائكية. يقومون بلقاءات مباشرة مع العالم. لكل إنسانٍ ملاكه الحارس خاصة خائفى الربّ والبسطاء والأطفال.

يرى البعض أن البشر المؤمنين والسالكين بالروح يصيرون فى يوم الرب العظيم، أى يوم القيامة أشبه بالطغمة العاشرة، وكأنهم احتلوا مركز إبليس وملائكته الذين سقطوا من رتبهم.