26- ما هو دور الملاك جبرائيل كما جاء فى سفر دانيال النبى؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, الملائكة, عقيدة
آخر تحديث 13 يناير 2022
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

26 - ما هو دور الملاك جبرائيل كما جاء فى سفر دانيال النبى؟

جاء الملاك إلى دانيال يفسر له الرؤيا التى رآها عند نهر أولاى. "وكان لما رأيت أنا دانيال هذه الرؤيا، وطلبت فهمها، إذ بشبه إنسان واقف أمامى. وسمعت صوت إنسانٍ من وسط نهر أولاى، فنادى وقال: يا جبرائيل فَهِّم هذا الرجل الرؤيا" (دا 8: 15 - 16).

اشتهى دانيال النبى تفسير الرؤيا بصورة أكمل، فقد عرف القليل، لكن لنفعه ولنفع الكنيسة ككل اشتهى أن يبحث عن المعنى، وقبل أن يسأل رأى "شبه إنسان"؛ غالباً ما يكون كلمة الله قبل التجسد الذى له سلطان أن يأمر رئيس الملائكة جبرائيل لكى يفسر له الرؤيا. "فجاء إلى حيث وقفت، ولما جاء ارتعبت وخررت على وجهي. فقال لى: افهم يا ابن آدم. إن الرؤيا لوقت المنتهى. وإذ كان يتكلم معى كنت فى نومٍ عميقٍ على وجهي إلى الأرض، فلمسنى وأوقفنى على قدميَّ. وقال: أعرفك ما يكون فى آخر السخط، لأنها تشير إلى انقضاء الزمن" (دا 8: 17 - 19).

المرة الثانية التى ورد فيها اسم الملاك جبرائيل أيضاً فى (دا 9: 20، 23). "وأنا أتكلم وأصلي... إذا بالرجل جبرائيل الذى رأيته فى الرؤيا فى الابتداء طار سريعاً ولمسني عند وقت تقدمة المساء. وفهَّمنى وتكلم معى، وقال: يا دانيال إنى خرجتُ الآن لتدرك الرؤيا وتفهمها. فى ابتداء تضرُعاتك خرج الأمر، وأنا جئتُ لأخبرك لأنك أنت محبوبّ جداً من الله. فتأمل الكلام وافهم الرؤيا.

إرسال الله رئيس ملائكة طائراً بسرعة إلى دانيال، اهتمام إلهى عجيب. لأول مرة نسمع عن أجنحة الملائكة أو أنها كائنات طائرة. ظهر له على شكل إنسانٍ، لذا قال: "الرجل جبرائيل". بهذا يؤكد الله تقديره للإنسان واعتزازه به، فيجعل ملائكته ليس فقط تظهر لخدمة الإنسان، وإنما تحمل أيضاً شكله، حتى يمكن التلاقي بينهم. يقول القديس جيروم: [قيل إنه "طار" لأنه ظهر بمظهر إنسان[59].].

كشف رئيس الملائكة جبرائيل لدانيال عن مركزه لدى الله إذ يقول: "لأنك أنت محبوب جداً"، وبالمعنى الحرفى للكلمة العبرية "الرجل الذى يرغب فيه الله"، أى موضع سرور الله. الله محب كل البشرية يُسَرّ بالأكثر بمن يتمتعون بشركةٍ عميقةٍ معه، فيُسَرّ أن يُعلِن لهم أسراره الإلهية.

قَدَّم له الملاك وصية إلهية، بل عطية إلهية، وهى عطية الفهم: "فتأمل الكلام وافهم الرؤيا". لقد درس دانيال نبوات إرميا، وفهم تاريخ العودة من السبي، لكنه كان محتاجاً إلى فهمٍ أعظم، حيث ينسحب قلبه من الرجوع إلى كنعان إلى الرجوع إلى السماء عينها خلال عمل المسيا. أنبأه عن مجيء المسيح الفادى، وتتميم الفداء والخلاص وعن خراب الهيكل والقدس (دا 9: 23، 27).

قَدَّم له الملاك خدمة ملائكية "وإذا بيدٍ لمستني، وأقامتني مرتجفاً على ركبتي وعلى كفَّي يدي" (دا 10: 10). واضح أن دانيال شاهد الرؤيا وهو منبطح على الأرض، وكان مستنداً على ركبتيه ويديه، وكان محتاجاً إلى عون سماوى ليُقِيمَه. اليد التى كتبت على الحائط فأرعبت الملك بيلشاصر، هى التى لمست دانيال واعطته قوة للقيامة والتمتُّع بالفهم. يرى البعض أن اليد السماوية تشير إلى التجسد الإلهى، حيث قَدَّم لنا السيد المسيح العمل الإلهى، واهباً إيّانا الفهم والحكمة مع الفداء والمجد.

يقول القديس جيروم: [ظهر الملاك فى شكل إنسانٍ ووضع يده على النبى إذ كان مستلقياً على الأرض، لقد حمل الشكل (البشرى) حتى لا يرتعب! [60]].

ظهور الملائكة على شكل بشر يكشف عن تقدير السماء لنا، فإنهم لا يحملون أجساداً لكنهم لا يستنكفون من الظهور بشكلٍ بشريٍ. بهذا يعلنون عن شوق السمائيين إلى الدخول فى صداقة معنا.

يُعلِّق القديس جيروم على تعبير: "المحبوب"، قائلاً: [إنه تعبير لائق، فإن كل قديس يحمل جمالاً فى نفسه، وهو محبوب من الرب[61].].

تذلل دانيال بالتوبة قدام الله إلهه، أى خلال العلاقة الشخصية مع الله الذى يحسبه إلهه، أى ينسبه إليه، لهذا تأهَّل ان يرسل الله ملاكه إليه، لأن ملاك الرب حال حول خائفيه (مز 145: 19).

هل كان رئيس الملائكة جبرائيل عاجزاً عن مقاومة الشيطان الذى يبث روح العنف والكراهية فى قمبيز Cambyses ضد المؤمنين؟ أو كان عاجزاً عن مقاومة الملك الشرير نفسه؟ لماذا أرسل له الملاك ميخائيل (دا 10: 12 - 14)؟ لست أظن أن حديث الملاك هنا يقلل من شأن الملاك جبرائيل أو قدرته، إنما يكشف عن روح العمل الجماعى حتى بين السمائين، وأيضاً يعلن عن اهتمام الله بشعبه، فيرسل أكثر من رئيس ملائكة من أجل شعبه. يقول يوناثان: "لأنه ليس للرب مانع عن أن يخلص بالكثير أو بالقليل" (1صم 14: 6).

لقد أنقذ الملاك جبرائيل دانيال النبى من جب الأسود وسدّ أفواهها فلم تؤذه: "فأجاب دانيال الملك: أيها الملك حييت إلى الأبد. إن إلهي أرسل ملاكه، فسدّ أفواه الأسود فلم تؤذنى، لأنى وُجِدت بريئاً أمامه وأمامك أيضاً أيها الملك، لم أصنع سوءاً" (دا 6: 21 - 22).

وفى تقليد الكنائس الرسولية فى الشرق والغرب أن الملاك جبرائيل هو الذى نقل بيديه الطاهرتين حبقوق النبى من أرض إسرائيل وتخوم الناصرة إلى دانيال النبى وهو فى أسفل بئر السباع الكاسرة فى أرض الكلدانيين "(دا 14: 32 - 38). وهو بعينه الذى بشر العذراء مريم بتجسد الله الكلمة منها (لو 1: 26 - 35). وهو الملاك الذى بشر الرعاة بمولد السيد المسيح (لو 2: 8 - 14). وهو الذى أمر المجوس بعد أن سجدوا للمسيح المولود وقدموا له هداياهم، أن لا يرجعوا إلى هيرودس الملك. وهو الذى رافق المسيح له المجد فى طفولته خادماً له، ورافق العائلة المقدسة فى رحلتها إلى مصر، وعودتها منها إلى فلسطين. كما ظهر للسيد المسيح فى بستان جثسيمانى أثناء صراعه وآلامه، وكان يقول له:" لك القوة "(لو 22: 43).

وفى التقليد اليهودى كما جاء فى (الترجوم) – وهو الترجمة الآرامية للتوراة مع تفسير لها كانوا يقرأونها فى المجامع اليهودية فى زمن الهيكل الثانى وما بعد ذلك – إن الملاك جبرائيل هو الرجل الذى قاد يوسف إلى إخوته عندما أرسله أبوه يعقوب ليسأل عن سلامتهم "فوجده رجل وإذا هو ضال فى الحقل. فسأله الرجل قائلاً: ماذا تطلب؟ فقال: أنا طالب إخوتى. أخبرنى أين يرعون؟ فقال الرجل: قد ارتحلوا من هنا إلى دوثان. فذهب يوسف وراء إخوته فوجدهم فى دوثان" (تك 37: 13 - 17). وأن الملاك جبرائيل اشترك مع رئيس الملائكة ميخائيل فى دفن جسد موسى وإخفائه عن بنى إسرائيل (تث 34: 6)، وأنه هو الملاك الذى أرسله الرب فضرب من جيش سنحاريب ملك أشور مائة وخمسة وثمانين ألفاً من جنوده (2مل 19: 35؛ 2 أى 32: 21؛ إش 37: 36).

الملاك جبرائيل هو أحد الملاكين اللذين كانا مع الرب فى ضيافة إبراهيم أب الآباء، عندما تجلّى له الرب فى بلوطات ممرا. وأما الملاك الآخر فكان ميخائيل (تك 8: 1 - 23، عب 13: 2). ثك ذهب الاثنان بعد ذلك إلى لوط وأنقذاه هو وأسرته من الهلاك الذى حلّ بسدوم وعمورة (تك 19: 1 - 22).


[59] PL 680: 25 A.

[60] PL 697: 25 G.

[61] PL 697: 25 G.

27- ما هو دور رئيس الملائكة جبرائيل فى البشارة بالتجسد الالهى؟

25- ماذا قيل عن رئيس الملائكة جبرائيل؟