ما هى نظرة المسيحية للأخلاقيات؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, إرشاد ومشورة, الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي, عوامل نمو الشخصية
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى نظرة المسيحية للأخلاقيات؟

الأخلاقيات المسيحية طابعها فريد ومتميز، فهى ليست قوانين مجردة تضبط سلوك الفرد أو الجماعة، لكنها علاقة حب عميق فى النفس بين الإنسان ومخلصه الذى يُعد له شركة فى الأمجاد السماوية. خلال هذه العلاقة يعرف كيف يتعامل المؤمن مع إخوته فى البشرية، حتى بالنسبة لمقاوميه ومضطهديه، كما مع السمائيين، بل ومع الحيوانات والطيور والطبيعة الجامدة. لذلك يقول القديس أغسطينوس: "حب، وأفعل ما شئت". وضع السيد المسيح أساس الناموس السلوكى المسيحى: "وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً. بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذى، إن كان لكم حب بعضاً لبعض" (يو13: 34 - 35). ويقول الرسول بولس: "لا تكونوا مديونين لأحد بشئ، إلا بأن يحب بعضكم بعضاً، لأن من أحب غيره فقد أكمل الناموس. لأن لا تزن لا تقتل لا تسرق لا تشهد بالزور لا تشته، إن كانت وصية أخرى هى مجموعة فى هذه الكلمة: أن تحب قريبك كنفسك. المحبة لا تصنع شراً للقريب. فالمحبة هى تكميل الناموس" (رو13: 8 - 10). لقد ترك للكنيسة أن تقدم تفاصيل السلوك الروحى الحى قائماً على الأسس الإنجيلية: "أخيراً أيها الإخوة، كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مُسرّ، كل ما صيته حسن، إن كانت فضيلة، وإن كان مدح، ففى هذه افتكروا" (فى4: 8). على نفس المنوال قدمت لنا الديداكية ([240]) حق الخيار بين طريق الحياة وطريق الموت، ولم تضع قائمة بالتفصيل عن الفضائل والرذائل التى تدفعنا إلى طريق الموت ([241]).

[يوجد طريقان – أحدهما للحياة والآخر للموت ([242]). لكن الفرق بين الطريقين. طريق الحياة هو هكذا – أولاً: أحبب الله الذى خلقك (تث6: 5). ثانياً: حب قريبك كنفسك (لا19: 18؛ مت22: 38، 39). مالا تريد أن يفعله الناس بك لا تفعله أنت بالآخرين (طو4: 15مت7: 12؛ لو6: 31).

إليك ما تحمله هذه الأقوال من تعليم: باركوا لاعنيكم، صلوا من أجل أعدائكم، وصوموا من أجل مضطهديكم. لأنه اى فضل لكم إن أحببتم الذين يحبونكم؟ أليس الوثنيون يفعلون ذلك؟! أما أنتم فأحبوا مبغضيكم، فلا يكون لكم عدو (مت5: 45 - 47؛ لو6: 27 - 31).

ابتعدوا عن الشهوات الجسدية (1بط2: 11) الزمنية (العالمية). "من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً" (مت5: 39؛ لو6: 29) وكن كاملاً (مت5: 48)].

فى كل جيل، بل وفى كل إيبارشية يهتم الرعاة بالحديث عن فضائل معينة لمعالجة ظروف الجماعة، لكنهم يقدمون هذه الفضائل على أساس فكر إنجيلى حى، يُبرز عمل الحب مع البرّ والعدل وذلك بالنعمة الإلهية المجانية، وأيضاً الالتزام بالجهاد الروحى بإرادة حرة مقدسة فى الرب.

يقول القديس أمبروسيوس: [العدل موضوع يخص المجتمع وجماعة الجنس البشرى. فإن الذى يجعل المجتمع متماسكاً معاً هو: العدل والإرادة الصالحة. الأخيرة تُدعى أحياناً التسامح واللطف. يبدو لى أن العدل هو الأسمى والتسامح أكثر الاثنين يجلب المسرة. واحد يحكم والآخر يُظهر صلاحاً ([243])].

يقول القديس أغسطينوس فى حديثه للمتأهبين لسرّ العماد: [المحبة هى وحدها العلامة المميزة بين أولاد الله وأولاد إبليس. لنطبع أنفسنا بسمة صليب يسوع المسيح... ولنصطبغ جميعاً بالمعمودية. وليحضر الكل إلى الكنيسة لنبنى أسوار الكنيسة، فليس ثمة شئ يميز أولاد الله عن أولاد إبليس إلا المحبة]. كما يقول: [يقدم لى الرسول فى موضع ما تجميعاً رائعاً فائقة، يكشفها أمامى، وأنا أقول له: "اكشف لى إن كنت قد وجدت من بينها ثوب العرس. يبدأ يكشف الواحدة تلو الأخرى. ويقول:" إن كنت أتكلم ألسنة الناس والملائكة... "(1كو13: 1) يا لها من ثياب ثمينة! ومع ذلك لا يوجد بعد ثوب العرس! لماذا تتركنا أيها الرسول فى إثارة قلقين؟..." إن كانت ليس لى محبة لا انتفع شيئاً ". انظروا ثوب العرس! ارتدوه يا أيها الضيوف فتجلسوا فى أمان! ٍ ([244])].


[240] [] جاءت كلمة "ديداكية" Didache عن الحروف اليونانية الأولى لعنوان عمل يسمى "تعليم الرب للأمم بواسطة الاثنى عشر رسولاً". وهى تعتبر أهم وثيقة بعد كتابات، تكشف لنا عن الحياة الكنسية من كل الجوانب: السلوكى والليتورجى والتنظيمى.

[241] [] الديداكية 1: 1 - 4.

[242] [] فى رسالة برناباس طريق للنور والآخر للظلمة.

[243] [] On the Duty of the Clergy, 28: 1: 130.

[244] [] Sermons on New Testament Lessons, 7: 45.

[245] [] نقلاً عن كتاب: الإيمان الإباحة إعداد القمص تادرس يعقوب ملطى وماجد سامى سوس المحامى، 1998، ص10 الخ.

ما هى نظرة المسيحية فى حق الدفاع عن النفس والأسرة والوطن؟

ما هو موقف المؤمن من الصحبة والصداقة!