كيف يكون لله ابن؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, التثليث والتوحيد, اللاهوت العقيدي, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف يكون لله ابن؟

أ. كل جوهر فعَّال لابد أن يلد شيئاً، فالنار تلد ضوءاً وتعطي حرارة. والعنصر المشع يعطي طاقة نووية، والعقل البشري السليم يلد أفكاراً حكيمة. هكذا لا يمكن أن يكون الله كائناً جامداً، فإن الابن مولود منه منذ الأزل، وهو النور المولود من النور. فالنور الذي لا يلد نوراً هو ظلام! [79].

يقول القديس ديونيسيوس السكندري: [كُتب أن يسوع المسيح هو "بهاء مجده ورسم جوهره..." (عب1: 3) "صورة الله غير المنظور" (كو1: 15)، كما أن الكلمة هي صورة العقل غير المنظور. لكن بهاء النور أزلي، (فالابن) ذاته بالتأكيد أزلي، لأنه كما أن النور موجود دائماً فواضح إن البهاء أيضاً يوجد معه على الدوام. فبوجود البهاء يفهم وجود النور، وبالتالي لا يوجد نور لا يعطي نوراً... من ثم فالبهاء يشرق قدامه منذ الأزل، ومولود منه على الدوام، يسطع في حضرته، إذ هو الحكمة، القائل: "كنت عنده صانعاً، وكنت كل يومٍ لذته، فرِحةً دائماً قدامه" (أم8: 30). فالآب إذن أزلي، والابن كذلك أزلي، لأنه نور من نور[80]]. ويقول البابا أثناسيوس الرسولي: [لو كان جوهر الله غير مثمر في ذاته بل هو عقيم – كما يدعون – فيكون كنورٍ لا ينير، وكنبعٍ جافٍ، أفلا يخجلون عندما يتحدثون عن قوته وطاقته الخالقة بينما ينكرون ما هو بالطبيعة؟ [81]] كما يقول: [الله أيضاً كلمته... ليس خارجاً عنه بل من ذاته. إن كان لله قوة الإرادة وفعَّال، فإرادته فعالة وقادرة على خلق الأشياء التي ستوجد؛ وكلمته فعّال وعامل، هذا الكلمة بالتأكيد يجب أن يكون هو إرادة الآب الحية، والطاقة الجوهرية، والكلمة الحقيقي الذي فيه يتأسس كل شيءٍ ويدبر حسناً[82].].

ويقول العلامة أوريجينوس: [ماذا نظن في النور سوى الله الآب؟ ألم يكن بهاؤه (عب1: 30) حاضراً معه؟ يستحيل تصور نور دون بهاء. إن كان هذا حقاً، فإنه لم يكن يوجد زمن فيه الابن ليس ابناً[83].].

ب. تكشف ولادة الابن الأزلية عن طبيعة الله الكائن المحب، الذي في حبه اللانهائي يلد الابن، مقدماً له ذات جوهره الإلهي بكونه واحداً معه. إنه حب فريد، أن "الكائن" يهب ذات جوهره. هذا الحب اللانهائى قد اُستعلن لنا ولكن بما يناسبنا.

ت - يُدعى الأقنوم الثاني "الابن" تأكيداً لوحدانية الجوهر مع الآب؛ ولئلا يٌفهم أنه منفصل عن الآب، كما لو كانا جوهرين وإلهين، دُعي "كلمته" و "حكمته". بهذا نفهم بنوته بمفهومٍ غير بشرىٍ.

يقول القديس أثناسيوس: [يلزم عدم مقارنة الولادة الإلهية بتلك الولادة الطبيعية لدى البشر، وعدم اعتبار الابن جزءً من الله، كما لا تتضمن الولادة أي نوع من العواطف مهما كانت؛ فالله ليس إنساناً. بالنسبة للبشر يلدون من هو متغير. أما بالنسبة لله فالأمر غير هذا، لأن الله لا يتكون من أجزاء، ولا يتغير؛ فالابن لا يجعله يتجزأ.

هذا ثابت في الكتاب المقدس وواضح ومُعلن فيه. فإن كلمة الله هو الابن، والابن هو كلمة الله وحكمته. الكلمة أو الحكمة ليس مخلوقاً ولا هو جزء ممن هو كملته، وليس نسلاً يمكن بدوره أن يتناسل. يوجد بالكتاب المقدس اللقبان معاً، فيتحدث عن "الابن" ليعلن عن الميلاد الطبيعى الحقيقى الكامن في جوهره، ومن ناحية أخرى لئلا يظن أحد أن هذه البنوة تشابه التناسل البشري، بينما يشير إلى جوهره يدعوه أيضاً الكلمة والحكمة والبهاء، ليعلمنا أن هذا الميلاد غير قابل للتغيير، أبدي، لائق بالله[84].].

يليق بنا ألا نتطلع إلى الله بمنظارٍ مادىٍ، فإنه ليس كائناً بشرياً أو مخلوقاً. عند سماع لقبي الآب والابن لا يعني هذا إن الله تزوج وأنجب إلهاً آخر، إذ لا وجود للجنس في جوهر الله.

يلد الآب الابن كما تلد الشمس أشعتها أو كما يُولد العقل من نفس الإنسان، والبهاء من النور. هذه الأمثلة وغيرها قاصرة عن التعبير عما هو إلهي.


[79] H. H. Bishop Pishoy: Article on “Trinity”.

[80] St. Athanasius: De Sentia Dionysii 15.

[81] Against the Arians 2: 2.

[82] Ibid.

[83] In Hebr. frag 24.

[84] Against the Arians 28: 1 (See De Decretis 17).

كيف نفهم وحدة الثالوث القدوس؟

كيف كان الله محباً منذ الأزل؟