اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ – سفر الأمثال – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر الأمثال – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الخَامِسُ وَالعِشْرُونَ

التعامل مع الآخرين.

1 - هذِهِ أَيْضًا أَمْثَالُ سُلَيْمَانَ الَّتِي نَقَلَهَا رِجَالُ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا: 2 - مَجْدُ اللهِ إِخْفَاءُ الأَمْرِ، وَمَجْدُ الْمُلُوكِ فَحْصُ الأَمْرِ. 3 - اَلسَّمَاءُ لِلْعُلُوِّ، وَالأَرْضُ لِلْعُمْقِ، وَقُلُوبُ الْمُلُوكِ لاَ تُفْحَصُ. 4 - أَزِلِ الزَّغَلَ مِنَ الْفِضَّةِ، فَيَخْرُجَ إِنَاءٌ لِلصَّائِغِ. 5 - أَزِلِ الشِّرِّيرَ مِنْ قُدَّامِ الْمَلِكِ، فَيُثَبَّتَ كُرْسِيُّهُ بِالْعَدْلِ. 6 - لاَ تَتَفَاخَرْ أَمَامَ الْمَلِكِ، وَلاَ تَقِفْ فِي مَكَانِ الْعُظَمَاءِ، 7 - لأَنَّهُ خَيْرٌ أَنْ يُقَالَ لَكَ: ارْتَفِعْ إِلَى هُنَا، مِنْ أَنْ تُحَطَّ فِي حَضْرَةِ الرَّئِيسِ الَّذِي رَأَتْهُ عَيْنَاكَ. 8 - لاَ تَبْرُزْ عَاجِلًا إِلَى الْخِصَامِ، لِئَلاَّ تَفْعَلَ شَيْئًا فِي الآخِرِ حِينَ يُخْزِيكَ قَرِيبُكَ. 9 - أَقِمْ دَعْوَاكَ مَعَ قَرِيبِكَ، وَلاَ تُبحْ بِسِرِّ غَيْرِكَ، 10 - لِئَلاَّ يُعَيِّرَكَ السَّامِعُ، فَلاَ تَنْصَرِفَ فَضِيحَتُكَ. 11 - تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ، كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا. 12 - قُرْطٌ مِنْ ذَهَبٍ وَحُلِيٌّ مِنْ إِبْرِيزٍ، الْمُوَبِّخُ الْحَكِيمُ لأُذُنٍ سَامِعَةٍ. 13 - كَبَرْدِ الثَّلْجِ فِي يَوْمِ الْحَصَادِ، الرَّسُولُ الأَمِينُ لِمُرْسِلِيهِ، لأَنَّهُ يَرُدُّ نَفْسَ سَادَتِهِ. 14 - سَحَابٌ وَرِيحٌ بِلاَ مَطَرٍ، الرَّجُلُ الْمُفْتَخِرُ بِهَدِيَّةِ كَذِبٍ.

العدد 1

ع1:

تملك حزقيا الملك الصالح على مملكة يهوذا وهي المملكة الجنوبية، التي عاصمتها أورشليم، وتشمل سبطى يهوذا وبنيامين. وكان تملكه حوالي 716 ق. م حتى 687 ق. م، أي بعد حوالي 1000 عام من كتابة سليمان لسفر الأمثال.

ورجال حزقيا هم إما:

الأنبياء الذين عاصروه (أشعياء وهوشع، وميخا).

رجال أتقياء قاموا بنسخ هذه الأمثال تحت إشراف الأنبياء السابق ذكرهم.

ويلاحظ أن سفر الملوك الأول يخبرنا أن سليمان نطق بـ3000 مثل (1 مل 4: 32).

والأصحاحات التي جمعها هؤلاء الرجال هي (أم 25 - 29)، وتم ضمها إلى الأمثال السابقة المكتوبة من (أم 1 - 24). أما الأصحاحان الأخيران في السفر، فهي أقوال الحكماء، وسيتم الكلام عن كاتبها في مكانها.

العدد 2

ع2:

إن حكمة الله تفوق عقل البشر، ولذا يخفى الكثير من الأمور عن الإنسان، لأنه لا يستطيع أن يدركها لمحدودية عقله. ويظهر مجد الله في ارتفاع حكمته عن فهم الإنسان، إذ يقول الكتاب المقدس "ما أبعد أحكامه عن الفحص، وطرقه عن الإستقصاء" (رو 11: 33). ولكن الله في محبته يكشف للإنسان كل ما يستطيع أن يفهمه من تدابير الله، وخاصة يكشف أموره للمتضعين والحكماء أولاده المحبين له (مت 11: 25). أما الملوك، فلكيما يكونوا عادلين ينبغى أن يفحصوا كل أمر في مملكتهم، ليشجعوا على المستقيمات، ويبعدوا الشر عن مملكتهم، هذا هو ما يمجد الملوك. وسليمان تميز بالحكمة والاهتمام بفحص الأمور، فكشف بنعمة الله سر المرأتين اللتين أتيتا إليه بسبب تنازعهما على الطفل (1 مل 3: 16 - 28). والإنسان الروحي يملك على نفسه، يضبط أفكاره وحواسه وكلامه وأفعاله بقوة الله، ليحيا مستقيمًا بحسب وصايا الله.

فلا بُد أن يراجع الإنسان نفسه كل يوم، ويفحص أفكاره وأعماله، ليصلح كل خطأ سقط فيه بالتوبة.

العدد 3

ع3:

السماء للعلو: تظهر عظمة الله وحكمته التي يصعب على الإنسان أن يكتشف إلا القليل منها.

والأرض للعمق: وكذا الأرض لا يمكن للإنسان أن يدرك كل أعماقها، لكن يدرك بعض أعماقها، حسبما يكشف له الله.

قلوب الملوك لا تفحص: فليس من السهل، أو الميسور للإنسان أن يفحص قلب الملك ويعرف أعماله وتصرفاته، فهو يحتفظ بخططه في داخله، ليقود مملكته بحكمة، أي أن الخاضعين لهذا الملك لابد أن يطيعوه، حتى لو لم يفهموا كل مقاصده، إذ سيفهمونها بعد حين.

وكذلك الإنسان الروحي الذي يملك بنعمة الله على حياته ويخضعها لله، فهذا لا يمكن فحصه ومعرفة كل ما في داخله، إذ هو يسير بخطة الله، ووصاياه التي لن يقبلها كل من حوله، ويحتفظ أيضا في قلبه بمشاعر، وخبرة خاصة في محبة الله، يتمتع بها كعلاقة خاصة معه، لأنه هيكل للروح القدس، الذي يعمل فيه في الخفاء بقوة عظيمة (لو 17: 21).

الأعداد 4-5

ع4 - 5:

: الزغل: الشوائب التي تلتصق بالمعادن، وهي معادن غريبة عن المعدن الأصلى.

إن كان من المعروف أنه لابد لتنقية الفضة إزالة الزغل منها، ليكون في يد الصائغ إناءً فضيًا نقيًا، فكذلك ينبغى إزالة الأشرار المحيطين بالملك، حتى تثبت مملكته. هذا ما فعله سليمان في بداية تملكه (امل 2).

وينبغى أيضا للإنسان الروحي أن يزيل الشر من قلبه بالتوبة، ليثبت تملكه على قلبه، ويحيا طاهرًا ليعمل فيه الروح القدس بحرية، كما يدعونا المزمور لهذا (مز 37: 27).

الأعداد 6-7

ع6 - 7:

: من يسعى للوجود في حضرة الملك والعظماء هو متكبر، ويعرض نفسه أن يستبعده الملك والرؤساء، فينحط قدره ويخجل.

أما الإنسان الروحي الذي يتباعد عن الكبرياء، وبالتالي عن مجلس العظماء والملوك، فعندما يستدعونه يتقدم، وينال كرامة عظيمة أمامهم.

ومن يتضع أمام الله في صلواته وميطانياته ودموعه، يرى الله ويتمتع بعشرته، ثم يرفعه الله ببركات عظيمة يعطيها له، بل يمجده أيضا في كثير من الأحيان أمام الناس. ولكن من المؤكد أنه سيتمجد أمام كل البشر في يوم الدينونة العظيم عندما يدخل إلى ملكوت السموات.

والمسيح يدعونا إلى نفس السلوك في مجالس العظماء، فيقول لنا أن نختار المتكأ الأخير (لو 14: 7 - 11). وأمنا العذراء تؤكد نفس المعنى في تسبحتها (لو 1: 52). والمسيح مدح قائد المئة المتضع الذي حسب نفسه غير مستحق لدخول المسيح تحت سقف بيته (مت 8: 10)، ووبخ سمعان الفريسى الذي تكبر عندما رأى المرأة الخاطئة تمسك قدمى المسيح (لو 7: 44 - 47).

العدد 8

ع8:

لا تبرز عاجلًا: لا تندفع.

الإندفاع في التشاجر والعراك أمر سئ، فإن استفزك إنسان قريبك، أو إنسان له ارتباط بك، فلا تندفع في الوقوف ضده لئلا تكون مخطئًا في فهم الموقف وكلام قريبك، ثم في النهاية تكتشف خطأك فتكون في خزى لأنك تسرعت في الوقوف كخصم له، ولا تندفع في الذهاب إلى المحكمة هذا يزيد المشكلة تعقيدا، أو على الأقل تجمع أناسًا ليقضوا بينكما، كل هذا يظهر إندفاعك وتهورك.

المسيح يوصينا أن نحسب حساب النفقة، فإذا كنت كملك ستدخل في حرب، لابد أن تعرف قوتك، وقوة عدوك. فإن كنت أضعف منه تصالح معه (لو 14: 31 - 32).

لا تكن مثل يوشيا الملك الذي اندفع لمحاربة "نخو" فرعون مصر بدون داعى، فقتل في الحرب (2 مل 23: 29 - 30).

لا تندفع فيما يسمى الضربات اليمينية، أي الزيادة في الصلوات، أو الأصوام، أو القراءات، لئلا تعجز عن استكمال ما وعدت به، فيستهزىء بك الشيطان.

لا تندفع أيضا في تحمل مسئولية أكبر من مسئولياتك، فيظهر ضعفك وخزيك، سواء عمل تقوم به، أو مواجهة لا تقدر عليها، بل على العكس اطلب معونة الله وفكر جيدًا، وإن كان لك فرصة، فاهتم أن تأخذ مشورة أبيك الروحي، فتسلك بأمان وطمأنينة.

الأعداد 9-10

ع9 - 10:

تكمل هذه الآيات التعامل مع القريب، فإن كانت (ع 8) تنهينا عن الإندفاع في الخصام، فهاتين الآيتين تدعونا للتفاهم مع القريب إذا حدث أي خلاف. وتقيم دعواك معه سرا، دون إدخال أطراف أخرى، ولا يصح أن تنشر الاختلاف بينك وبين قريبك، لئلا يظهر خطأك، ويعيرك من يسمع شكواك، وينتشر الكلام عليك، وتصير في خزى ولا ينصرف الكلام عنك، أي يثبت لمدة طويلة أنك تميل إلى النزاع والشجار.

والخلاصة، كن ميالًا للتفاهم بحب مع من تختلف معه، ومستعدا للتنازل عن شيء من كرامتك، أو حقوقك لتحصل على السلام، وتصنع سلامًا مع الآخرين.

والمسيح يوصينا بهذا فيقول، إن أخطأ إليك أخوك إذهب وعاتبه بينك وبينه، ولكن إن لم تنجح في هذا إدخل أناسًا متزنين عقلاء لتهدئة الموقف، والمساعدة على الصلح. وإن لم تنجح تدخل الكنيسة في شكل الكاهن والخدام، كل هذا يظهر مدى محبتك لصنع السلام مع من يسىء إليك.

العدد 11

ع11:

مصوغ عن الفضة: طبق مسبوك (مصنوع) من الفضة.

الكلمة المقولة في وقتها لها أهمية كبيرة، يشبهها هنا بتفاح مصنوع من ذهب وموضوع في طبق من الفضة، أي شكله جميل جدًا. هكذا كل من يعطى الكلام المناسب في الوقت المناسب. فمثلاُ الإنسان الضعيف اليائس يحتاج إلى تشجيع، والإنسان الذي في حيرة يحتاج إلى توجيه في الطريق السليم.

هذه الكلمة المقولة في محلها تحتاج إلى الصلاة قبلها، ليرشد الروح القدس إليها، وقد تكون الكلمة سليمة، ولكن ليس في محلها، فتعطى نتيجة معاكسة، مثل تشجيع لإبن مدلل، فيزداد تدليلا، مع أن التشجيع يحتاجه السامع كثيرا عندما يكون في ضيقة وضعف.

فكلمة راعوث لبوعز كانت بحكمة تظهر إيمان راعوث، ومحبتها لله (دا 3: 9) وكلمة أبيجايل لداود كانت حكيمة فهدأت غضبه (1 صم 25: 31).

العدد 12

ع12:

قرط: حلق.

أبريز: ذهب خالص.

التوبيخ للشخص المستعد للتعلم والتلمذة أمر عظيم، إذ يستفيد منه، ويقبله ككلام من الله، ويشبهه هنا بقرط من ذهب وحلى من الذهب الخالص.

التوبيخ أمر يتعب السامع إن كان متكبرا، بل يرفضه بعنف، أما المتضع فيفرح به. وهنا تظهر الحكمة في عدم توبيخك للمتكبر الرافض التعلم، ولكن أنت مسئول كمعلم أن توبخ من له قابلية للتعلم ليتنقى وينمو ويصير حكيمًا.

أن توبيخ ناثان النبي لداود كان مفيدا جدًا، وجعل داود يبكى ويعوم سريره كل يوم في توبة عجيبة.

العدد 13

ع13:

الرسول الذي يؤدى رسالته بأمانة يرد نفس سادته الذين أرسلوه، أي يطيب قلوبهم ويفرحها، لأنه تمم رسالته بأمانة كاملة. وتشبهه الآية بأنه مثل برد الثلج، إذ تعود الحصادين في حر الصيف ان يشربوا مشروبات يضعون فيها ثلجًا لتنعش نفوسهم، فيحتملون الحر.

تنطبق هذه الآية بوضوح على المسيح، الذي تمم رسالته بأمانه بموته على الصليب، وقيامته، ثم صعوده إلى السماء، وأيضا كل إنسان يتمم رسالته في الحياة بأمانة يقول له الرب في اليوم الأخير نعما لك أيها العبد الصالح والأمين (مت 25: 21).

العدد 14

ع14:

المفتخر بهدية كذب هو من يدعى شيئا ليس عنده، فيعد الآخرين بهدايا لا يستطيع أن يقدمها لهم، أو مساعدات ليست في إمكانه، وعندما يأتي الوقت لا يعطيهم شيئا، أو من يدعى التنبؤ، ويقول كلاما متوقع حدوثه، ثم يظهر كذبه، أو يدعى موهبة الشفاء، ولا يعطى المرضى شيئًا وقد يورطهم بأن يقول لهم أرفضوا الأدوية، فتأتى عليهم متاعب صحية أسوأ.

تشبه الآية هذا المتكبر الكذاب بسحاب، يأتي ويتوقع الناس منه المطر، فلا يجدون، وتظل الأرض جافة، والنباتات والبهائم في عطش.

اقتبس يهوذا الرسول هذه الآية، ليصف المعلمين الكذبة فقال: "غيوم بلا ماء، تحملها الرياح، أشجار خريفية بلا ثمر، ميته مضاعفًا مقتلعة" (يه 12).

† كن أمينا في محبتك لمن حولك، وأطلب الله قبل أن تتكلم معهم، أو تساعدهم بأى عمل لتكسب الكل لله، إذ يرون محبته فيك، فيحبون الله، ويلتصقون به، والله يباركك في كل خطواتك.

.

15 - بِبُطْءِ الْغَضَبِ يُقْنَعُ الرَّئِيسُ، وَاللِّسَانُ اللَّيِّنُ يَكْسِرُ الْعَظْمَ. 16 - أَوَجَدْتَ عَسَلًا؟ فَكُلْ كِفَايَتَكَ، لِئَلاَّ تَتَّخِمَ فَتَتَقَيَّأَهُ. 17 - اِجْعَلْ رِجْلَكَ عَزِيزَةً فِي بَيْتِ قَرِيبِكَ، لِئَلاَّ يَمَلَّ مِنْكَ فَيُبْغِضَكَ. 18 - مِقْمَعَةٌ وَسَيْفٌ وَسَهْمٌ حَادٌّ، الرَّجُلُ الْمُجِيبُ قَرِيبَهُ بِشَهَادَةِ زُورٍ. 19 - سِنٌّ مَهْتُومَةٌ وَرِجْلٌ مُخَلَّعَةٌ، الثِّقَةُ بِالْخَائِنِ فِي يَوْمِ الضِّيقِ. 20 - كَنَزْعِ الثَّوْبِ فِي يَوْمِ الْبَرْدِ، كَخَلّ عَلَى نَطْرُونٍ، مَنْ يُغَنِّي أَغَانِيَّ لِقَلْبٍ كَئِيبٍ. 21 - إِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ خُبْزًا، وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ مَاءً، 22 - فَإِنَّكَ تَجْمَعُ جَمْرًا عَلَى رَأْسِهِ، وَالرَّبُّ يُجَازِيكَ. 23 - رِيحُ الشِّمَالِ تَطْرُدُ الْمَطَرَ، وَالْوَجْهُ الْمُعْبِسُ يَطْرُدُ لِسَانًا ثَالِبًا. 24 - اَلسُّكْنَى فِي زَاوِيَةِ السَّطْحِ، خَيْرٌ مِنِ امْرَأَةٍ مُخَاصِمَةٍ فِي بَيْتٍ مُشْتَرِكٍ. 25 - مِيَاهٌ بَارِدَةٌ لِنَفْسٍ عَطْشَانَةٍ، الْخَبَرُ الطَّيِّبُ مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ.

العدد 15

ع15:

طول الأناة وضبط النفس واللسان يجعل كلام الإنسان لطيفًا ولينا.

وبهذا يستطيع الإنسان التفاهم مع من حوله، ويقنعهم بكلامه، حتى لو كانوا أعداءً وعنفاء، فالكلام اللين يكسرهم، حتى لو كانوا قساة، مثل العظم. بل يستطيع بلطفه أن يقنع الرؤساء والمتسلطين، إذ يشعرون باتضاعه وحكمته، فيخضعون له.

كما حدث مع داود الذي كان لطيفا ولينا، ومتسامحًا مع شاول القاسى القلب، فقد سقط شاول تحت يد داود مرتين، وكان يمكن أن يقتله داود، ولكنه سامحه، وعاتبه بكلامه اللين (1 صم 24: 11، 26: 20، 21)، وكما تكلم جدعون بلطف مع رجال أفرايم فامتص غضبهم وقساوة قلوبهم (قض 8: 2).

العدد 16

ع16:

تتخم: تمتلئ معدتك بالطعام، ويصير الطعام ثقيلًا عليك وتتوجع منه.

الاعتدال في الأكل، حتى لو كان لذيذا مثل العسل مفيد جدًا. لأن الشراهة والأكل الكثير من الطعام يجعل الإنسان في تخمة ويتألم، بل يصير معرضا للقئ فتتحول اللذة إلى ألم لعدم الاعتدال. والاعتدال مطلوب في كل شئ، فكثرة الكلام لا تخلو من معصية (أم 10: 19)، أما الكلام باعتدال فإنه يفيد السامع. واستخدام الحواس وإمكانيات الإنسان باعتدال يريحه ويفيده، فكثرة التطلع تسقط الإنسان في نظرات ردية، وهكذا في باقي الحواس.

فداود الذي تطلع بلا داعى، سقط في نظرة شريرة، وزنى مع إمرأة أوريا الحثي (2 صم 11: 2).

العدد 17

ع17:

والاعتدال في زيارة الأحباء أمر مهم، لأنه إن زاد عن حده يضايق من نزورهم، فينبغى أن نشعر بمشاعر من نزورهم، لنحدد مدة الزيارة وترتيب الزيارات التالية، بهذا نضمن استمرار المحبة مع كل الأحباء، بل يكونوا مشتاقين لرؤيتنا بدلا من الضيق منا.

أما زيارة الله في بيته، أي كنيسته، والالتجاء إليه في الصلاة، والاشتياق لسماع صوته في الكتاب المقدس ليس لها مواعيد، بل على العكس، الله يرحب بنا، ويتمنى أن تأتى إليه في كل حين، وهذا يظهر عظمة محبة الله لنا.

العدد 18

ع18:

مقمعة: مطرقة.

من أصعب الأمور أن يفاجأ الإنسان بقريبه، أو بأى إنسان، يشهد عليه شهادة زور، وهو برىء، فيحكم عليه زورًا، إنه ظلم شنيع.

وتشبه هذه الآية شهادة الزور بالمطرقة، أو السيف، أو السهم الحاد، وكلها أدوات تؤدى إلى قتل الإنسان، فهو وإن لم يكن قتل جسدي، لكنه قتل نفسى. فإياك أن تسقط فيه، لأن هذا يغضب الله جدًا، لأنه يعتبر خطية قتل.

وإن أتت عليك شهادة الزور، فليس أمامك إلا أن تلتجئ إلى الله بالصلاة، وتدافع عن نفسك بكل الطرق، وإن أتى عليك ظلم فالله سيسندك، بل يحوله إلى فائدتك، كما احتمل داود شماتة وشتائم شمعى بن جيرا (2 صم 16: 11).

العدد 19

ع19:

مهتومة: مكسورة.

من الأمور الصعبة أيضا الثقة والاعتماد على إنسان، فعندما تأتى الضيقة وتحتاج إليه، لا يعمل شيئًا، أو يعمل عكس المطلوب. إنه خائن ويسبب ألما شديدًا لكل من اعتمد عليه.

وتشبهه الآية بسن مهتومة، أو رجل مخلعة، أي لا يمكن الاعتماد عليها، وهي مثل كلام الله على مصر التي حاول شعب بنو إسرائيل أن يعتمد عليها عند تعرضه للحروب أو المشاكل، فشبهها الله بعصا تخترق يد من يعتمد عليها (أش 36: 6).

العدد 20

ع20:

نطرون: ملح صودا إذا وضع عليه خل يحدث تفاعل وينتج رغاوى.

الإنسان المكتئب لا يحتمل الكلام العادي، فكم بالأكثر لو وجد شخصًا بجواره يغنى. إنه لا يحتمل هذا، ويكون ثقيلا على نفسه، مع أن الذي يغنى يظن أنه بهذا يسعد المكتئب. فيلزم أن ننظر إلى مشاعر المكتئب لنعرف ماذا يريحه، وهذا يختلف من شخص إلى آخر.

الأغانى للمكتئب تشبه نزع ثياب إنسان في البرد، فيرتعش من شدة البرودة، أو وضع خل على نطرون، فيتفاعل، أي يحدث هياج وضيق، كما طلب البابليون من بني إسرائيل المسبيين إلى بابل أن يغنوا، فرفضوا بشدة لاكتئابهم (مز 137: 1 - 4).

الأعداد 21-22

ع21 - 22:

: المحبة هي أكبر قوة إيجابية في العالم، تستطيع أن تحول العدو إلى حبيب. ويقول الكتاب المقدس أن المحبة قوية كالموت (نش 8: 6)، فإن سمح الله ورأيت عدوك جائعًا، فقدم له طعامًا، فيخجل من محبتك له في الضيقة، وإن وجدته عطشانا فاسعفه بالماء فتكسبه. أنك بهذه المحبة تشبه من يضع جمر نار على رأسه، فيخجل من عداوته لك، ويخضع لمحبتك، ويهدأ غضبه، بل يتجاوب مع محبتك بحب أيضا، فمحبتك لعدوك، حتى انك تسعفه في ضيقته، أمر غير متوقع وغريب جدًا على نفسه، فلا يستطيع أن يقاوم هذا الحب الذي يسيطر عليه ويحرق كل شر داخله، فيتحول ويصير حبيبا لك. والله يفرح جدًا بمحبتك، فيباركك، ويكافئك بمحبة أكبر.

وقد اقتبس بولس الرسول هاتين الآيتين (رو12: 20، 21). وقد أكد المسيح هذا المعنى عندما دعى المؤمنين به إلى محبة الأعداء (مت 22: 35 - 40).

من أوضح الأمثلة على محبة العدو، محبة داود لشاول، فلم يقتله، وأطلقه حرا، بعد أن وقع في يديه مرتين (1 صم 24: 11، 26: 20، 21)، وكما شفى المسيح أذن عبد رئيس الكهنة الذي جاء ليقبض عليه (لو 22: 51).

العدد 23

ع23:

ريح الشمال: رياح شديدة زوبعية دوامية.

المعبس: المتضايق.

ثالبًا: يتكلم بالإدانة.

الإنسان الذي يتكلم بالإدانة على الآخرين، ويشهر بهم يضايق من حوله، فيظهرون له وجوه معبسة، ليوقفوه عن هذا الكلام، فلا يجد له مكانا بين هؤلاء المتضايقين، وينصرف بعيدا عنهم.

إن الوجوه المعبسة الطاردة لمن يتكلم بالإدانة تشبه ريح الشمال التي تطرد المطر.

† والخلاصة، لا تتجاوب مع كلام الإدانة، بل إظهر ضيقك من هذا الكلام، ليتوقف من يدين عن كلامه، وارفع قلبك بالصلاة، لتستعيد هدوءك، وتذكر خطيتك، حتى لا تسقط في إدانة غيرك.

العدد 24

ع24:

سبق شرح هذه الآية في (أم 21: 9). ومعناها باختصار أن الخصام أمر متعب جدًا عندما يحدث داخل أى بيت، حتى أن الابتعاد عن المرأة المخاصمة يلح على الزوج، فيفضل السكن وحده، ولو في زاوية سطح بيته أفضل من الوجود مع هذه الزوجة المخاصمة.

هذا هو ما يشعر به الإنسان، ولكن بنعمة المسيح يستطيع أن يحتملها، ويصلى لأجلها، ويعالج المشاكل التي أدت لهذا الخصام، حتى يعود الصفاء والمحبة داخل البيت.

العدد 25

ع25:

الخبر الطيب الذي من أرض بعيدة هو:

المسيح الآتي من السماء إلى أرضنا، ليعطينا الخلاص من خطايانا والحياة الجديدة فيه.

الكتاب المقدس الذي انتشر في العالم كله إلى أراضي بعيدة، وقدم الخلاص للعالم كله.

هذا الخبر يشبه مياه باردة في الحر تقدم لنفس عطشانة، فترتوى بها وتفرح.

† ليتك تقد أخبارًا طيبة لكل من تقابله بكلمات الحب والتشجيع، ومن خلال كلامك يشعرون بالمسيح المحب، فترتوى نفوسهم، ويتشجعون في طريق الملكوت.

(3) الذات (ع 26 - 28):

26 - عَيْنٌ مُكَدَّرَةٌ وَيَنْبُوعٌ فَاسِدٌ، الصِّدِّيقُ الْمُنْحَنِي أَمَامَ الشِّرِّيرِ. 27 - أَكْلُ كَثِيرٍ مِنَ الْعَسَلِ لَيْسَ بِحَسَنٍ، وَطَلَبُ النَّاسِ مَجْدَ أَنْفُسِهِمْ ثَقِيلٌ. 28 - مَدِينَةٌ مُنْهَدِمَةٌ بِلاَ سُورٍ، الرَّجُلُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى رُوحِهِ.

العدد 26

ع26:

عين مكدرة: ماؤها مختلط بالقاذورات والتراب، فأصبحت عكرة ولا يمكن الشرب منها.

ينبوع فاسد: ينبوع ماء اختلطت ماؤه بالطحالب فيصبح ماؤه ذا رائحة وطعم كريهين ولا يمكن الشرب منه.

يستنكر سليمان حدث صعب وهو خضوع الصديق أمام إنسان شرير، وهذا يحدث في حالتين:

لحظة ضعف ينحرف فيها الصديق وراء الشرير، ويسقط في خطايا، وشرور، ونجاسات، ويصبح تابعًا للشرير في شره، ومبتعدًا عن الله.

خوف الصديق وانزعاجه من الشرير، فيخضع لأوامره، ويتنازل عن فضائله، والأعمال الصالحة الإيجابية التي يعملها. إرضاءً له.

وخضوع الصديق للشرير يشبه عين ماء، أو ينبوع ماء فاسد لا يمكن الشرب منه. فعندما يأتي إليه العطشان في الصحراء يفاجأ أنه لا يستطيع أن يشرب منه، ويظل في عطشه. هكذا من يقبل على الصديق، ليرى فيه صورة الله، ويتمتع بعلاقة طيبة معه، فيجده قد ابتعد عن الله وانحرف في الشر والخوف، فيعثر هذا الإنسان، وتهتز المبادئ أمامه، ويكون معرضا للسقوط في الشر.

العدد 27

ع27:

تستنكر الآية بحث الإنسان عن مجد نفسه، والاستغراق في هذا البحث. فهو يصبح ثقيلًا على صاحبه إذ يبعده عن الله، ويتعب كثيرًا ليصل إلى هذا المجد الزائف الظاهرى، ويصاحبه تعب في الداخل بصغر النفس، وثقيل أيضا على المحيطين بهذا الباحث عن المجد، إذ يتضايقون من كبريائه.

إن كان المجد شيء يبدو حلوًا، لكن الجرى وراءه يشبه من يأكل عسلًا كثيرًا، فيتعب من زيادة اكله يتعرض للقئ، أي أنه إن أتى المجد من الله يصبح حسنًا نشكر الله عليه، أما البحث عنه فهو كبرياء، ومحاولة لتمجيد الإنسان نفسه على حساب من حوله.

إن كانت خطية الإنسان الأول آدم هي الكبرياء، وقبله الشيطان الذي كانت خطيته هي الكبرياء، فالمسيح كان مثالا للتواضع طوال حياته، في تجسده، وسلوكه بين الناس، وصلبه. فلنتعلم منه إلاتضاع، ونهزم الشيطان ونقترب إلى الله (مت 11: 29).

العدد 28

ع28:

الإنسان الذي ليس له سلطان على روحه، أى غير منضبط في أفكاره، أو كلامه، أو أعماله، هو إنسان ضعيف، يسهل على إبليس أن يحاربه ويقتحمه.

يشبه هذا الإنسان مدينة متهدمة، وليس لها سور، فيسهل على الأعداء اختراقها، ونهبها، والسيطرة عليها.

فإذا تهاون الإنسان يتعرض للخزى، كما تهاون نوح، فشرب خمرًا وتعرى (تك 9: 21) وكما تهاون داود وسقط في الزنى (2 صم 11: 2) ولذا يقول بولس الرسول "أقمع جسدي واستعبده" (1 كو 9: 27).

† احترس من حرب الذات بالكبرياء أو صغر النفس، واهرب من هذه الحرب بالسعى نحو محبة الله. اخرج من ذاتك وتعلق بالله فتستريح. فعلى قدر محبتك للصلاة وقراءة الكتاب المقدس، تثبت في الكنيسة وأسرارها، وتشبع، وتتضع، وينهزم إبليس عند قدميك.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ - سفر الأمثال - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح الرابع والعشرون - سفر الأمثال - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر الأمثال الأصحاح 25
تفاسير سفر الأمثال الأصحاح 25