الأصحاح الثامن عشر – سفر الأمثال – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر الأمثال – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ

سلوكيات الجاهل والحكيم.

1 - الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ. بِكُلِّ مَشُورَةٍ يَغْتَاظُ. 2 - اَلْجَاهِلُ لاَ يُسَرُّ بِالْفَهْمِ، بَلْ بِكَشْفِ قَلْبِهِ. 3 - إِذَا جَاءَ الشِّرِّيرُ جَاءَ الاحْتِقَارُ أَيْضًا، وَمَعَ الْهَوَانِ عَارٌ. 4 - كَلِمَاتُ فَمِ الإِنْسَانِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ. نَبْعُ الْحِكْمَةِ نَهْرٌ مُنْدَفِقٌ. 5 - رَفْعُ وَجْهِ الشِّرِّيرِ لَيْسَ حَسَنًا لإِخْطَاءِ الصِّدِّيقِ فِي الْقَضَاءِ. 6 - شَفَتَا الْجَاهِلِ تُدَاخِلاَنِ فِي الْخُصُومَةِ، وَفَمُهُ يَدْعُو بِضَرَبَاتٍ. 7 - فَمُ الْجَاهِلِ مَهْلَكَةٌ لَهُ، وَشَفَتَاهُ شَرَكٌ لِنَفْسِهِ. 8 - كَلاَمُ النَّمَّامِ مِثْلُ لُقَمٍ حُلْوَةٍ وَهُوَ يَنْزِلُ إِلَى مَخَادِعِ الْبَطْنِ. 9 - أَيْضًا الْمُتَرَاخِي فِي عَمَلِهِ هُوَ أَخُو الْمُسْرِفِ.

العدد 1

ع1:

المعتزل هو الإنسان الذي يبتعد عن الناس الحكماء، ويبتعد عن الله والجو الروحي؛ حتى يتمم شهوته، ولا يوبخه أحد؛ لأنه يغتاظ من أية مشورة حسنة تقدم له من الحكماء. وبالتالي نفهم من هذا أنه متكبر وأنانى، ولا يريد أن يحيا مع الله، بل يريد أن ينغمس في الشر.

تكلم يهوذا الرسول في رسالته عن المعتزلين أنهم لا روح لهم (يه19).

العدد 2

ع2:

يضيف سليمان صفة أخرى للجاهل البعيد عن الله، وهي أنه لا يحب الفهم والحكمة، إذ هي تكشف خطاياه.

وما يفرح الجاهل، هو التكلم عن الأفكار التي في قلبه ومشاعره الشريرة، أي يتكلم عن الشر ببجاحة، ويفتخر أيضًا بها في كبرياء، ظنًا منه أنها أمور حسنة. وهذا يشجعه على تحويل الكلام الشرير إلى أفعال. وكشف القلب هنا يعنى أيضًا تحويل مشاعره وأفكاره إلى تصرفات ردية.

العدد 3

ع3:

صفة ثالثة للشرير يظهرها سليمان في هذه الآية، وهي أنه يحتقر أفكار الحكماء، وكل كلام الله، ولا يدرى أنه بهذا يأتي بالاحتقار والخزى والعار على نفسه؛ لأنه يرفض سماع صوت الله، بل ويستهزئ بكلام الله ويحتقره.

وهذا حدث كثيرًا في الكتاب المقدس، فأخيتوفل الذي احتقر داود، ودبر مؤامرة لقتله، جاء عليه الخزي عندما شنق نفسه (2 صم17: 23).

العدد 4

ع4:

تتكلم هذه الآية عن الإنسان الحكيم، وتصف فمه بأنه مياه عميقة، إذ يخرج من كنز قلبه الحكمة والمعرفة المتجددة كما قال المسيح: "كل كاتب متعلم في ملكوت السموات (حكيم) يشبه رجلًا رب بيت يخرج من كنزه جددًا وعتقاء (مت13: 52).

ويصف قلب الحكيم أيضًا بأنه نهر متدفق، أي نهر مياهه غزيرة تندفع بقوة لتروى ما حوله. هكذا الإنسان الحكيم يخرج من قلبه العميق روحيًا كلمات الحكمة. كما قال المسيح في (يو7: 38) أن الإنسان المؤمن الحكيم تجرى من بطنه أنهار ماء حي.

العدد 5

ع5:

إكرام الشرير ورفعه وتعليته ليس أمرًا حسنًا؛ لأننا بهذا نبرر خطاياه، ونشجعه على الاستمرار في الشر.

ومن ناحية أخرى هذا الشرير يمكن أن يحكم بالظلم على البار، والله لا يرضى أيضًا بالظلم، فالله يعلن بوضوح أن "مبرئ المذنب، ومذنب البرئ كلاهما مكرهة للرب (أم 17: 15).

وقد حدث هذا فعلًا عندما حكم اليهود - بإيعاز من الكهنة الأشرار - على المسيح بالموت والصلب؛ وفى نفس الوقت طالبوا بإطلاق باراباس الشرير، فرفعوا الشرير، وحكموا بالظلم على البار (مت27: 20).

العدد 6

ع6:

تحذرنا هذه الآية من كلام الجاهل، وهو الإنسان البعيد عن الله، والمنشغل بالشر. فهذا يتدخل عندما يجد خصومة بين طرفين، فيهيج أحدهما، أو كليهما، بل يدعو إلى الانتقام من الآخر بضربات، فهو يحب الشر ويفرح بنشره بين الناس؛ لذا ينبغى أن الحكيم يحترس من كلام الجاهل، ولا يصغى إليه. بل على العكس يستمع لكلام الله الذي يدعو للمحبة والتسامح والتماس الأعذار.

وأمثلة الأشرار الذين يحبون الشر، ويشيرون به على الآخرين كثيرة في الكتاب المقدس، مثل أخيتوفل الذي أشار على أبشالوم بخطة لقتل داود أبيه (2 صم17: 1 - 14). وكذا الشباب أصدقاء رحبعام الملك ابن سليمان، الذين أشاروا عليه بالقسوة في معاملة الشعب، فانشقت المملكة عنه (1 مل12: 10).

العدد 7

ع7:

الجاهل عندما يثير الخصومات، ويهيج المشاكل بين الناس ستنقلب أفعاله على رأسه، فيتضايق منه الناس، ويعادونه، فيصبح كلامه فخًا له يسئ إليه، ويتعرض لانتقام الآخرين منه وإهلاكه، بالإضافة إلى الهلاك الأبدي الذي ينتظره.

العدد 8

ع8:

النمام هو الذي يتكلم عن أخطاء الآخرين، ويسر بالحديث عنهم، فيبدو كلامه كأنه لقم حلوة في فمه، فهو حلو في فم المتكلم، وفى أذن من يسمعه. ولكن بعد هذا يشعر بالشر الذي في كلامه، فهو مثل سم مغطى بالعسل يحلو في فم الإنسان، ولكن عندما ينزل إلى بطنه يهلكه.

لذا ينبغى الابتعاد عن كلام النميمة، وأيضًا الابتعاد عن الاستماع لها، أو المشاركة فيها.

العدد 9

ع9:

المسرف هو إنسان يبذر أمواله في عدم حكمة، فيبددها، ويسرع إلى الفقر. هكذا أيضًا المتراخى في عمله يبدد وقته، ولا يشعر بأهميته فلا يستفيد منه إلا قليلًا، ولا يكسب إلا القليل؛ لأن أعماله ضعيفة، فهو يسرع أيضًا إلى الفقر. لذا فالإثنان أخوان في الجهل والتصرف السئ.

المتراخى في عمله هو أيضًا الإنسان المتراخى في جهاده الروحي؛ لأن العمل الأساسى للإنسان هو حياته مع الله، قبل أن تكون أمواله، ومكاسبه المادية. لذا ينبغى أن يكون للإنسان قانون روحي يلتزم به، ويجاهد لينمو فيه.

† كن حكيمًا، واستغل وقتك بما يرضى الله، واعلم أيضًا أن أموالك، وكل إمكانياتك نعمة من الله، وأنت وكيل عليها ستقدم حساب وكالتك له. فحاسب نفسك كل يوم لتفحص مدى أمانتك في وقتك وفى أموالك، وفى كل إمكانياتك.

10 - اِسْمُ الرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ الصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ. 11 - ثَرْوَةُ الْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ الْحَصِينَةُ، وَمِثْلُ سُورٍ عَال فِي تَصَوُّرِهِ. 12 - قَبْلَ الْكَسْرِ يَتَكَبَّرُ قَلْبُ الإِنْسَانِ، وَقَبْلَ الْكَرَامَةِ التَّوَاضُعُ. 13 - مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ، فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ. 14 - رُوحُ الإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا الرُّوحُ الْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا؟ 15 - قَلْبُ الْفَهِيمِ يَقْتَنِي مَعْرِفَةً، وَأُذُنُ الْحُكَمَاءِ تَطْلُبُ عِلْمًا. 16 - هَدِيَّةُ الإِنْسَانِ تُرَحِّبُ لَهُ وَتَهْدِيهِ إِلَى أَمَامِ الْعُظَمَاءِ. 17 - اَلأَوَّلُ فِي دَعْوَاهُ مُحِقٌّ، فَيَأْتِي رَفِيقُهُ وَيَفْحَصُهُ. 18 - اَلْقُرْعَةُ تُبَطِّلُ الْخُصُومَاتِ وَتَفْصِلُ بَيْنَ الأَقْوِيَاءِ. 19 - اَلأَخُ أَمْنَعُ مِنْ مَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَالْمُخَاصَمَاتُ كَعَارِضَةِ قَلْعَةٍ.

العدد 10

ع10:

يركض: يجرى.

يتمنع: يتمتع بالمناعة والحماية ولا يستطيع أحد أن يؤذيه.

تعلن هذه الآية فاعلية ذكر اسم الرب. فيشبهه ببرج حصين، أي يدخل إليه الإنسان المصلى، المتكل على الله، والمردد اسمه القدوس، فيجد فيه حماية وحصانة من كل شر. ولذا ففى أية ضيقة تقابله يسرع إليه، فيتمتع بالحماية والمناعة، ويحيا مطمئنًا.

من أجل هذا اهتمت الكنيسة بترديد اسم الرب يسوع المسيح في الإبصاليات كل يوم في التسبحة، بالإضافة إلى صلاة يسوع وهي "يا ربى يسوع المسيح ابن الله الحي ارحمنى أنا الخاطئ".

العدد 11

ع11:

هذه الآية تظهر فكر العالم الفاسد الذي يعتقد أن القوة والحصانة، والحماية هي في المال. فمن يجمع ثروات كثيرة يظن أنها تعتبر مدينة حصينة يحتمى فيها، وسور عالٍ يلتجئ إليه في كل ضيقاته. ولا يعلم أن الغنى معرض للزوال، بالإضافة إلى أنه سيتركه فجأة عندما يموت، كما حدث مع الغنى الغبى (لو12: 20)، أو يمكن أن يضيع منه في لحظة، كما في حالة نبوخذنصر الملك العظيم الذي تغير عقله فطرد من المملكة، وعاش مع الحيوانات سبع سنوات (دا4: 33).

العدد 12

ع12:

تظهر هنا خطورة الكبرياء التي تسبب لصاحبها متاعب كثيرة؛ لأنها تفصله عن الله، فيهاجمه الشيطان، ويكسره، ويسقطه في خطايا متنوعة، بالإضافة للمتاعب النفسية.

أما التواضع فهو فضيلة عظيمة، فيها الإنسان يتكل على الله الساكن فيه، ومع علمه بضعفه الشديد، لكنه يثق في قوة الله التي تسانده فيحيا مطمئنًا، بل قادرًا على تحمل المسئوليات، ويهبه الله فوق هذا كرامة ومهابة في أعين الناس، ثم كرامة لا توصف في أمجاد الأبدية.

العدد 13

ع13:

هنا تظهر عظمة فضيلة حسن الإنصات، فمن لا يتمسك بها ويندفع ويجيب على الآخرين قبل أن يستمعهم، يسقط في حماقة وعار، إذ يكتشف خطأ ما قاله، وقد يتمادى في كبرياء ليبرر ما يقوله من أخطاء، فيزداد جهلًا في نظر الله والناس.

أما من يحسن الاستماع قبل أن يتكلم، فهو يأخذ فرصة للصلاة ولسماع إرشاد الله، وكذلك يتفهم وجهة نظر من يتكلم معه، بالإضافة إلى أنه يكسب من يستمعه، إذ يعطى اهتمامًا لكلامه ولا يقاطعه. فيكون المتكلم مستعدًا للاستماع إليه وقبول كلامه.

العدد 14

ع14:

إن روح الإنسان المقصودة في هذه الآية هى روح الإنسان المتكلة على الله، والذي يعمل فيها الروح القدس. هذا الإنسان إن تعرض لأمراض جسدية، أو متاعب نفسية، أو أية ضيقات فبمعونة الله روحه تحتمل هذه الآلام.

أما إذا كان الإنسان بعيدًا عن الله، مهملًا لصلاته، وقراءة كلام الله، فإن روحه تنكسر وتصبح ضعيفة، وعاجزة عن مواجهة مشاكل الحياة، بل يكون متألمًا ويشتكى من آلامه، ولا يجد أحدًا من البشر يستطيع أن يسنده، وليس له علاج إلا التوبة والرجوع إلى الله، فينقذه ويعمل فيه ويقويه.

فعندما كان شعب الله منكسرًا بعد الرجوع من السبي احتاجوا إلى تشجيعات عزرا، وقراءته في كلام الله (نح8: 3). وعندما كان جيران بني إسرائيل يضايقونهم، شجعهم نحميا، فقاموا وبنوا سور أورشليم في اثنين وخمسين يومًا (نح 2: 17، 18؛ 6: 15).

العدد 15

ع15:

تحدثنا الآية هنا عن الإنسان الروحي الفهيم، أو الحكيم، أنه يقتنى المعرفة الروحية؛ لأنه يطلبها ويسعى إليها ليقتنيها في داخله ويحيا بها، ويريد أن يستمع إلى العلم الحقيقي، أي الحكمة. فالحكيم يزداد حكمة؛ لأنه يطلبها، فهو يشعر بالجوع والعطش إلى البر، فيزداد شبعه ونموه الروحي. كما قال المسيح بوضوح: "من له سيعطى ويزاد" (مت13: 12).

وسليمان طلب الحكمة، فأفاضها عليه الله بغزارة، وداود أبوه طلب المعرفة، فصار قلبه مثل قلب الله (أع 13: 22).

العدد 16

ع16:

الهدية تفتح الطريق إلى قلب من تقدم إليه؛ لأنها دليل المحبة. وإن كان البعض يستخدمونها كرشوة لتعويج القضاء، ولكن هدفها الرئيسى هو إظهار الحب للآخرين، وحتى العظماء منهم، فتقديم الهدايا لهم، أو لمن يساعدونهم تفتح لمقدم الهدية فرصة لمقابلة العظماء والوقوف أمامهم.

الشهداء قدموا نفوسهم كهدية تسبقهم إلى المسيح، كما حدث مع مارجرجس ودميانة وكثير من الشهداء. والرسل والكهنة والخدام يقدمون قلوب التائبين هدية لله تفتح لهم الطريق إلى الملكوت.

يعقوب أب الآباء قدم هدايا، محبة لأخيه عيسو الخارج لمقابلته بربعمائة رجل، فلم يؤذه، بل عانقه بالحب وشكره على هداياه (تك33: 4 - 11).

العدد 17

ع17:

تستكمل هذه الآية ما ذكر في (ع13) لتعلن أن كثير من الناس يندفعون في حكمهم على الأمور فيستمعون، ويصدقون من يسرع إليهم بعرض المشكلة، ولكن عندما يأتي الطرف الآخر ويعرض شكواه، يفحصونه كأنه مخطئ مع أنه قد يكون الطرف المظلوم. لذا فلا تتسرع في الحكم على أي أمر إلا بعدما تسمع كل الأطراف التي في المشكلة، وليتك تصلى فيرشدك الله.

وقد حدث هذا مع سليمان الملك عندما اختلفت امرأتان على بنوة الطفل، فأعطاه الله حكمة، وعرف الحقيقة، وسلم الطفل لأمه (1 مل3: 25 - 28).

العدد 18

ع18:

سبق ذكر القرعة في (أم 16: 33) وتؤكد هذه الآية أن القرعة تكون ضرورية عندما تتساوى الأمور ويصعب اختيار أحدها، فتقدم أصوام وصلوات وتلقى القرعة، وبهذا لا تحدث خصومات بين الناس، ويرضون بحكم الله مهما كانت قوتهم.

ومازالت الكنيسة تستخدم القرعة في اختيار البطريرك، كما استخدمها الرسل في اختيار بديل ليهوذا الإسخريوطى، وهو متياس الرسول.

العدد 19

ع19:

عارضة: ضلفة الباب.

تتكلم هذه الآية عن قوة الأخوة. والأخ المحب أقوى في محبته لأخيه من مدينة محصنة يصعب اقتحامها، فتستطيع أن تحطم الخصومات التي يحاول إبليس إشعالها، والتي تبدو كعارضة أبواب القلعة؛ لأن الحب أقوى من كل شيء كما يعلن سفر النشيد أن المحبة قوية كالموت (نش8: 6).

ويمكن تفسير الآية على أن الجزء الأول فيها يبين قوة المحبة، التي يشبهها بمدينة حصينة. ولكن إن ابتعدت المحبة يدخل الشيطان، ويجعل خصومات بين الإخوة، كما يصعب اقتحام باب القلعة القوى.

† ليتك تتذكر دائمًا محبتك لإخوتك في البيت، وفى الكنيسة، وتلتمس لهم الأعذار، وتسامحهم عن أخطائهم، وتطفئ نيران الغضب الشيطانى، وتحفظ نفسك وإخوتك داخل أسوار المحبة.

.

20 - مِنْ ثَمَرِ فَمِ الإِنْسَانِ يَشْبَعُ بَطْنُهُ، مِنْ غَلَّةِ شَفَتَيْهِ يَشْبَعُ. 21 - اَلْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فِي يَدِ اللِّسَانِ، وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ. 22 - مَنْ يَجِدُ زَوْجَةً يَجِدُ خَيْرًا وَيَنَالُ رِضًى مِنَ الرَّبِّ. 23 - بِتَضَرُّعَاتٍ يَتَكَلَّمُ الْفَقِيرُ، وَالْغَنِيُّ يُجَاوِبُ بِخُشُونَةٍ. 24 - اَلْمُكْثِرُ الأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَلكِنْ يُوجَدْ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ.

الأعداد 20-21

ع20 - 21:

: الإنسان البار يتكلم بكلام الله، وهذا الكلام يأتي بثمار طيبة، فتشبع نفس قائلها، وأعماقه، أي بطنه؛ لأن كلام الله مريح، ومشبع ويغذى النفس. وفى نفس الوقت يغذى قلوب الآخرين، ويجذبهم إلى الله، بل يزيل متاعبهم وضيقاتهم، ويعطيهم سلامًا مع الله، ومع بعضهم البعض، فيفرح البار المتكلم بكلام الله، ويفرح من حوله، بل يفرح أيضًا قلب الله.

وعلى العكس الشرير يتكلم بكلام الشر، فيبعد نفسه ومن يسمعه عن الله، ويهلكهم بكلامه، ويقودهم إلى الموت. فالكلام الطيب يحيى الإنسان، والكلام الشرير يميته، ويهلكه. هذا يظهر خطورة اللسان، كما أوضح يعقوب الرسول هذا في رسالته (يع3).

العدد 22

ع22:

يمتدح سليمان في هذه الآية من يجد زوجة صالحة، فينال خيرًا كثيرًا، والله يرضى عنه، ويباركه؛ لأن هذه الزوجة تشجعه على الحياة مع الله، وتحبه، وتسانده. فيحبها ويعيشان في استقرار، هما وأولادهما الذين يهبهم الله لهما.

وحتى يجد الإنسان زوجة صالحة لابد أن يصلى، ويبحث عنها باهتمام، ولا ينشغل بالمظاهر الخارجية، بل بصفاتها الداخلية، ومدى محبتها لله، وبالتالي ينال الخيرات الكثيرة التي يتمناها، وفوق الكل يحصل على أعظم خير وهو الحياة الأبدية.

العدد 23

ع23:

الفقير من أجل إحساسه بضعفه واحتياجه يكلم الغنى باتضاع، ويتضرع إليه ليساعده. ولكن للأسف الغنى المتكل على أمواله، ويثق بقوته من أجل غناه، يكلم الفقير بخشونة، وقد يعطيه قليلًا، أو لا يعطيه.

وحتى لو أعطاه كثيرًا فإنه يجرح مشاعره ويذله، مع أن الله لا يعاملنا كلنا إلا بالحنان، مهما كانت خطايانا، ما دمنا نتضع، ونتضرع إليه بالصلاة، ولا نسقط في الخشونة والضيقة إلا إذا تركنا الله، فيذلنا الشيطان القاسى.

ليت الفقير يتعود أن يتضرع إلى الله أولًا فيشبعه، سواء من يد الغنى، أو من أية وسيلة أخرى. والغنى يعلم أن كل أمواله هي نعمة من الله ينبغى أن يكون وكيلًا عليها، وأمينًا في استخدامها وتوزيعها على مستحقيها، وهم الفقراء.

العدد 24

ع24:

الذى يسعى إلى عمل علاقات كثيرة؛ لأنها تسنده في الحياة، ويفتخر بها، فيهتم بكثرة الأصدقاء، بالطبع سيكون معرضًا بعمل علاقات مع أصدقاء ليسوا روحيين، بل قد يكونون أصدقاء سوء، فيبعدونه عن الله. بالإضافة لتعرضه للكبرياء، إذ يشعر بفخر أن له علاقات كثيرة يعتمد عليها بدلًا من الله، فتسهل له احتياجاته، وشهواته، وأهدافه المختلفة. وسيضطر أن يجاملهم؛ ليكسبهم، فيسقط في خطايا متنوعة؛ لأن سلوكهم ليس دائمًا حسنًا. وبالتالي نفهم من هذه الآية أهمية التدقيق في اختيار الأصدقاء، فيكونوا بالطبع عددًا محدودًا؛ ليساعدوا الإنسان على الحياة الروحية والمستقرة التي تقوده للملكوت.

لكن من الناحية الأخرى لا يفهم أن الصداقة شيئًا مضرًا، بل فقط المطلوب التدقيق في اختيار الأصدقاء؛ لأن الصداقة مفيدة جدًا. وقد ينعم الله على الإنسان بصديق يكون قريبًا له أكثر من أخيه في الجسد، فيحبه، ويشعر به، ويسانده في حياته.

وأهم محب وصديق هو المسيح الذي يكون أقرب للإنسان من كل البشر وليس فقط الأخ. فحتى لو انشغل كل الناس عن هذا الإنسان، سيظل الله معه ويسنده في كل خطواته، وخاصة في الضيقات. فالأصدقاء قد يكون لهم أغراض لا يظهرونها، ولكن تظهر محبتهم في الضيقات، كما حدث مع الابن الضال الذي تخلى عنه أصدقاؤه عندما افتقر.

† إن المسيح يحبك، ويريد أن يكون معك دائمًا، فليتك تعتاد الصلاة والحديث معه كل يوم، وتفتح قلبك له، وهو سيتكلم معك، وتشعر بمحبته وصداقته. بل ويشجعك أيضًا على صداقة القديسين الذين يحبونه، لتثبت في محبتك له ولا تشعر أبدًا أنك وحيد.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح التاسع عشر - سفر الأمثال - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح السابع عشر - سفر الأمثال - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر الأمثال الأصحاح 18
تفاسير سفر الأمثال الأصحاح 18