الأصحاح السادس عشر – تفسير إنجيل مرقس – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل مرقس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السادس عشر

أحداث القيامة.

(مت1: 28 - 20).

(مر1: 16 - 20).

(لو1: 24 - 53).

(يو1: 20 - 25: 21).

خرستوس آنستي اليثوس آنستي.

المسيـــح قام حقـاً قـــام.

مقدمة.

الصورة التي يظهر بها المسيح.

المسيح ظهر بعدة هيئات.

1 - ما قبل التجسد: - ظهر المسيح عدة مرات لأشخاص في العهد القديم مثل إبراهيم (تك 1: 18، 2) وليشوع (يش 13: 5 - 15 + يش2: 6). وهذا الظهور هو مجرد ظهور فقط، أي لم يكن للرب جسد حقيقي مثلنا.

2 - التجسد: - نقول في قانون الإيمان عن المسيح أنه تجسد وتأنس أي صار مثلنا، وشابهنا في كل شئ، جاع وعطش وتألم وبكي. كان هذا في أثناء حياة المسيح علي الأرض قبل صلبه وموته. وكان هو "الله ظهر في الجسد" (1تي16: 3). في فترة التجسد هذه كان المسيح الإبن قد أخلي ذاته آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس (في7: 2) ولكن بدون خطية. وفي فترة وجوده بالجسد كان ظاهراً لكل إنسان، ظاهراً بجسده الذي يشبه جسدنا، يستطيع أي إنسان أن يراه ويلمسه، إلاّ في الأوقات التي كان يريد هو أن يختفي فيها (يو59: 8 + لو29: 4، 30) أو يظهر مجده (كما حدث فى التجلي).

3 - ما بعد القيامة وقبل الصعود: - صار الوضع معكوساً. لقد صار المسيح مختفياً بجسده إلاّ في الأوقات التي يريد أن يظهر فيها بتنازل منه. فالمسيح قام بجسد ممجد لا يستطيع أحد من البشر أن يعاينه ويتطلع إليه. ولكن في هذه الفترة لم يظهر مجد المسيح بناسوته للبشر، لم يظهر هذا المجد ولكن لم يكن كل إنسان قادراً أن يرى المسيح وذلك بسبب خطايا البشر. كان هناك شروط ليرى أحد المسيح. ما عاد أحد يستطيع أن يراه إلاّ بالقدر الذي يسمح به هو. فالخطية جعلت إمكانياتنا الجسدية ضعيفة. وهذا ما نفهمه من قول الله "لا يراني الإنسان ويعيش" (خر20: 33). في هذه المرحلة بعد القيامة كان لابد أن تتوافر شروط فيمن يراه وهذه الشروط هي الإيمان والمحبة والقداسة والرجاء، وهذا ليكون للشخص بصيرة روحية يراه بها، وما يساعد علي وجود هذه البصيرة التناول من جسد الرب ودمه كما حدث مع تلميذي عمواس، وهذه البصيرة تعطي أن نعرفه لا كشخص عادى، بل كإله، كما صرخ توما "ربي والهي" وهناك درجات لرؤية المسيح فيما بعد القيامة.

1) لا يُرى 2) يراه أحد ولا يعرفه 3) يراه أحد ويعرفه.

فالمرات التي ظهر فيها المسيح لتلاميذه كانت قليلة وبقية الوقت كان لا يراه أحد. وتلميذي عمواس رأوه ولم يعرفوه وبعد كسر الخبز عرفوه، والمجدلية رأته ولم تعرفه ثم عرفته.

وهنا نجيب عن سؤال يُسأل كثيراً.. لماذا لم يظهر المسيح لليهود ولرؤساء الكهنة فيؤمنوا به؟ والإجابة أن هؤلاء كانوا بلا إيمان وبلا قداسة. والقداسة بدونها لا يرى أحد الرب (عب14: 12). فالمسيح لا يريد أن يستعرض قوته وإمكانيات نصرته على الموت أمام أحد.. بل هو يطلب تغيير القلب والذهن وبهذا يمكن للإنسان أن يعاينه. فالفرق بين ما قبل الصليب وما بعد القيامة، أنه قبل الصليب كان يمكن لكل إنسان أن يراه، وكان يمكنه الإختفاء ليس خوفاً إنما ليكمل رسالته. أما بعد القيامة فكان مختفياً عادة لا يظهر إلاّ في بعض الأوقات وبشروط.

ما بعد الصعود: - نقول في قانون الإيمان "وقام من بين الأموات وصعد إلى السموات وجلس عن يمين أبيه، والآب قطعاً ليس له يمين ولا يسار فهو غير محدود. ولكن المقصود باليمين القوه والمجد. أي أن المسيح بجسده صار له صورة المجد الذي لأبيه والذي كان له من قبل بلاهوته، ما كان بلاهوته من قبل صار له بناسوته الآن، وهذه كانت طلبة المسيح فى (يو 17: 5). هذا ما جعل يوحنا يسقط أمامه كميت إذ رآه في مجده (رؤ16: 1، 17). حين نقول جلس عن يمين أبيه فهذه عكس أخلى ذاته. لذلك قيل عند صعوده أن سحابة قد حجبته (أع9: 1) لأن التلاميذ ما كانوا قادرين على معاينة هذا المجد.

ماذا فعل المسيح خلال الأربعين يوماً؟

كان يؤسس كنيسته على أساس القيامة. لذلك سمعنا "هاهو يسبقكم إلى الجليل.. هناك ترونه" (مت7: 28 + مر7: 16) فلماذا الذهاب إلى الجليل؟ لقد إختار المسيح تلاميذه هناك، وهناك عرفوه على مستوى الجسد. ولذلك شكوا فيه. والآن فالمسيح يريد أن يرسلهم للعالم كله بعد أن عرفوا حقيقته وبعد أن أعلن لهم ذاته. والمسيح يأخذهم إلى الجليل ليجدد العهد معهم على أساس القيامة. وفي الناصرة التي في الجليل نشأ المسيح وعاش، وبهذا فهو يربط تأنسه وحياته بقيامته، بل أن قيامته أكدت تأنسه وتجسده وأظهرت سبب التجسد.

وكلمة ترونه مقصود بها ليس المعرفة الظاهرية بل المعرفة الحقيقية.

نلاحظ التأكيد على الأسرار الكنسية وتسليم المسيح إياها للرسل خلال هذه المدة:

أ - المعمودية: - إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم بإسم.. (مت19: 28).

ب_ الميرون: - ها أنا أرسل إليكم موعد أبى.. فأقيموا في أورشليم.

(لو49: 24).

ج_ التوبة والإعتراف: - أن يُكرز بإسمه للتوبة ومغفرة الخطايا.. (لو47: 24).

+ من غفرتم خطاياه تغفر له ومن أمسكتم.. (يو23: 20).

د _ التناول: - أخذ خبزاً وبارك وكسر وناولهما فإنفتحت أعينهما. (لو30: 24، 31).

هـ الكهنوت: - ولما قال هذا نفخ وقال لهم إقبلوا الروح القدس.. (يو22: 20).

و_ مسحة المرضى: - هذه الآيات تتبع المؤمنين.. يضعون أيديهم على المرضى (مر17: 16، 18).

تشديد إيمان التلاميذ وتثبيت فكر القيامة عندهم، ومحو أي شكوك تكون قد تكونت عندهم (مثال لذلك توما) بل وبخ عدم إيمانهم (مر14: 16).

إرسال التلاميذ للكرازة وتلمذة الأمم واليهود (مت19: 28) وأن يعلموا الأمم حفظ الوصايا التي علمها لهم السيد (مت20: 28). وأن يرعوا شعبه كما يرعى الراعي قطيعه (يو15: 21 - 17). وقطيع المسيح أي كنيسته مؤسسة على الأسرار التي هي استحقاقات موته وقيامته.

لأن المسيح حي وقد قام من الأموات فسيكون دائماً في كنيسته "ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر آمين" (مت20: 28) فخرجوا وكرزوا في كل مكان والرب يعمل معهم ويثبت الكلام بالآيات التابعة آمين "(مر20: 16).

نرى خلال مدة الأربعين يوماً المسيح الشافى: -.

فهو يشفى إيمان تلميذى عمواس والمجدلية.

هو المُعلم الذى علم تلميذى عمواس تفسير نبوات العهد القديم.

هو الذى شفى شكوك توما وهو الذى يشفى أى تساؤلات عقلية ممكن أن تشككنا فهذه إحدى حروب الشيطان.

رأينا فى معجزة صيد السمك الكثير أنه هو الرازق وأيضاً هو الذى يملأ الكنيسة، فالسمك رمز للمؤمنين.

هو الذى قام بشفاء محبة بطرس (راجع إنجيل يوحنا إصحاح 21).

هو الذى شفى محبة المجدلية غير الناضجة إذ كانت محبتها له كإنسان وليس كإله.

هو الذى أعطى الرجاء لبطرس أى شفى رجاءه. وهذا رأيناه فى قول الملاك للمريمات إذهبا قولا للتلاميذ ولبطرس. ثم قول المسيح نفسه لبطرس إرعى غنمى ثلاث مرات.

والمسيح له وسائل متعددة للشفاء قد تكون بأن يفيض من بركاته كما فى معجزة صيد السمك وقد تكون بأحداث مخيفة كالزلزلة التى جعلت قائد المئة يؤمن.

شفاء عبيده من الخوف ونرى كم تكررت كلمة سلام لكم.

أخيراً يكون الشفاء النهائى بأن نلبس الجسد الممجد وهذا معنى صعوده بجسده إلى السماء. وهو ذهب ليعد لنا مكاناً (يو 14: 2).

لمن ظهر المسيح أولاً؟

يقول القديس مرقس "وبعد ما قام باكراً ظهر أولاً لمريم المجدلية التي كان قد أخرج منها سبعة شياطين" (مر9: 16) وهكذا يؤكد القديس متى (9: 28، 10) والقديس يوحنا (1: 20). أمّا القديس لوقا فيذكر أن عدد من المريمات ذهبن للقبر أولاً ورأوا الملائكة وعرفوا حقيقة القيامة. ثم يؤكد القديس لوقا أن مريم المجدلية ومعها أخريات أخبرن الرسل وبشروهم بالقيامة.

بينما أن بولس الرسول لم يذكر المريمات ولا المجدلية في (1كو5: 15 - 9) بل قال إن المسيح ظهر لصفا ثم للإثنى عشر وبعد ذلك لأكثر من خمسمائة أخ وبعد ذلك ليعقوب ثم لبولس نفسه. فهل يوجد إختلاف أو تضاد بين الروايات المختلفة؟

1 - بالنسبة للأناجيل الأربعة إتفقوا على أن النساء سبقن الرسل في معرفة حقيقة القيامة، بل صرن كارزات بالقيامة للرسل أنفسهم. والأربعة بشائر تذكر إسم المجدلية كشاهد للقيامة ولأنها رأت المسيح وصارت كارزة. وهى التي كان بها سبعة شياطين. وهذا هو هدف الأناجيل الأربعة أن كل خاطئ بقوة القيامة قادر أن يتحول لكارز رأى المسيح. ونلاحظ أن المرأة في العهد القديم كانت هي سبب سقوط آدم. والآن صارت المرأة بعد القيامة كارزة وشاهدة للقيامة. هذا التحول العجيب هو الخلاص، وهذه هي بشارة الأناجيل المفرحة.

2 - أمّا بولس فعلى عادة الناموس ذكر صفا أولاً ثم الرسل ثم 500 أخ ثم بولس نفسه. فصفا (بطرس) ويعقوب من الأعمدة (غل9: 2). ثم الرسل وهم الذين إئتمنهم المسيح على الكرازة والـ500 أخ هم عدد من الشهود لا يشك أحد في أنهم كلهم كانوا في وهم. وإذا لم يرى الكل حقيقة القيامة فقد رآها بولس وهذا ما قصده بولس تأكيد حقيقة القيامة بشهود عاينوا القيامة. وكعادة اليهود فهم يعتمدون شهادة الرجال. والناموس يحدد أن تكون الشهادة على فم أكثر من شاهد (عد30: 35 + تث15: 19) لذلك لم يرد في كلمات بولس الرسول ذكر للنساء.

ملحوظة: - في هذه الظهورات كان يسوع بإرادته يظهر ذاته، وإن لم يظهر ذاته لا يراه أحد وظهوره هذا يعنى أنه يعلن ذاته.

ترتيب الأحداث.

هناك صعوبة في ترتيب الأحداث، لأن كل إنجيل اٍنفرد بذكر بعض الأحداث دون الأخرى، والصعوبة لا تتصل بحقيقة القيامة ولكن في ترتيب الأحداث. ونجد هنا محاولة متواضعة لترتيب الأحداث تظهر التكامل في روايات الإنجيليين الأربعة. والصعوبة تنشأ لو تصورنا أن الأحداث كلها حدثت في وقت واحد. ولكن: -.

1 - الأحداث لم تحدث كلها في وقت واحد.

2 - نفس الحدث يراه كل إنجيلي ويرويه بطريقة مختلفة، ولكن الحقيقة واحدة.

ملحوظة: - حاول البعض أن يروا في التعبيرات الآتية تسلسلاُ زمنياُ.

باكراً جداً والظلام باٍق / عند فجر الأحد / إذ طلعت الشمس.

إنجيل يوحنا / إنجيل متى / إنجيل مرقس.

قالوا أن هذا هو أول حدث / ثاني الأحداث / ثالث الأحداث.

ولكن التعبيرات الثلاثة يمكن أن تنطبق على نفس الوقت، وكل واحد من الإنجيليين يعبر عنها بطريقة مختلفة، فحينما تشرق الشمس في البداية، أي مع أول خيوط النور نستطيع أن نقول أن الظلام باٍق ونستطيع أن نقول أنه الفجر ويعبر آخر عن نفس المشهد بقوله إذ طلعت الشمس. ولذلك نرى أن الأحداث التي تم التعبير عنها في الأناجيل الأربعة بهذه التعبيرات إنما هي حدث واحد وفي وقت واحد أنظر الجدول.. مشهد رقم (3).

ومن هذا نرى أن ترتيب الحوادث كما يلي (أنظر الجدول).

1 - نرى في هذا المشهد أن النساء وعلى رأسهن مريم المجدلية التي اٍمتلأ قلبها بحب الرب يسوع "فمن يغفر له كثيراً يحب كثيراً"، وهذه أخرج المسيح منها 7 شياطين. هؤلاء النساء تبعن مشهد الدفن ليعرفن أين يوضع وكيف.. هن لا يردن مفارقته، وهن سيأتين لتكفينه أي يضعوا عليه العطور فيما بعد.

2 - في هذا المشهد نرى النسوة ذاهبات إلي سوق المدينة يشترين الحنوط والعطور، لأن واجباً عظيماً نحو الجسد المقدس فاتهن أداؤه. فإن أحداث يوم الجمعة الحزينة كانت سريعة خاطفة فلم ينتبهن إلي شراء الحنوط، بل لعلهن إنتظرن من الرب أن يفاجئ العالم بمعجزة كبرى، فينزل عن الصليب في قوة ومجد عظيمين. فيسجد له الأعداء قبل الأصدقاء. ولكن شيئاً من هذا لم يحدث.

3 - في هذا المشهد نرى جماعة متجهة للقبر ليقدموا آخر خدمة ممكنة لجسد الرب!! وكان في الجماعة التي سعت إلي القبر بعض الرجال. وهذا الظن ليس بعيد الاٍحتمال، ويوجد ما يبرره في التقاليد الشرقية التي تجعل من الرجل حماية للمرأة وبالأولى في تلك الظروف وبعد منتصف الليل. ولعل هذا هو قصد القديس لوقا بقوله أناس (لو1: 24) ويقصد بالأناس الرجال الذين كانوا في المجموعة. ومن النساء نعلم بعض الأسماء.

أ - مريم المجدلية وهذه ذكرها الإنجيليون الأربعة.

ب - سالوما زوجة زبدى وأم يوحنا ويعقوب.

ج - يونا إمرأة خوزى. د - مريم الأخرى، بمقارنة "(مت 1: 28 مع مر1: 16) نفهم أن مريم الأخرى هذه ربما كانت هي مريم أم يعقوب. وربما كانت غيرها فإسم مريم كان شائعاً، والجماعة التي خرجت لتكفين المسيح كانت كبيرة ولا يستبعد تكرار إسم مريم في وسطها.

هل مريم الأخرى هي العذراء الأم؟

هذا الإحتمال مرفوض تماماً. فكيف يسميها متى مريم الأخرى، هل يليق هذا بأم المخلص، أما كان يقول مريم أمه كما هي العادة. لو كانت مريم العذراء في وسط هذه الجماعة لكان أحد الإنجيليين على الأقل وبالأخص يوحنا التي صارت لهُ أماً قد ذكر وجودها. وأليس عجيباً أن يذكر الإنجيليين مريم المجدلية بالإسم ولا يشار للعذراء سوى بالقول "الأخرى".

قد يكون هناك ظهور للسيد المسيح غير مذكور في الأناجيل لأمه العذراء. ولا حاجة لذهابها للقبر. وكما قلنا سابقاُ فهناك شروط ليظهر المسيح لإنسان بعد القيامة مثل الإيمان والمحبة، وهل هناك إيمان بقدر إيمان العذراء التي رأت منذ البشارة بالمسيح العجب. وحفظت كل هذه الأمور في قلبها (لو51: 2). وهل هناك محبة تعادل محبة الأم لإبنها، وهل هناك قداسة تعادل قداستها هذه التي إستحقت أن يولد منها المسيح. العذراء الأم إذن يتوفر فيها كل الشروط التي تسمح لها بأن يكون لها ظهور. بل أن إيمانها كان يمنعها أن تذهب للقبر فهي بالتأكيد كانت متأكدة من قيامته كما قال. وهل لا يظهر المسيح لأمه المتألمة لصلبه وموته بهذه الصورة البشعة، هذه التي جاز سيفٌ في نفسها (لو35: 2). نثق في أن المسيح ظهر لأمه ظهورأ خاصاً ليعزى قلبها فهي تستحق هذا.

ولنلاحظ أن المسيح لن يراه كما قلنا أحد من البشر إلا بشروط كالإيمان والمحبة والقداسة ولكن هناك ثلاث حالات لهذه الرؤيا: -.

من يستحيل أن يرونه: - كاليهود الرافضين له لأنه ضد مصالحهم المادية، لذلك تحجرت قلوبهم وعميت أعينهم. وأيضا من يعيش فى خطاياه.

من يعالج المسيح ضعفهم الناتج عن عدم الفهم: - مثل المجدلية والتلاميذ وشاول الطرسوسى. وهؤلاء يكون ظهوره لهم على درجات كما قلنا من قبل.

من يحب المسيح أن يُظهِر لهم نفسه فى حب: - هؤلاء هم من يحبونه من كل قلوبهم ويؤمنوا به ويحيون فى قداسة، مثل أمه العذراء مريم والقديس يوحنا فى رؤياه والقديس الأنبا بيشوى وكثيرين من الشهداء أثناء ألامهم وعذاباتهم.

درجات الحب تحول الجماعة إلى صف يتباعد أفراده.

ابتدأت الجماعة سيرها ليلاً، وكان لكل من في الجماعة دوافعه، ولكل منهم درجة.

لشجاعته تختلف من واحد لآخر، والحب القوى يعطى دفعة للشجاعة الضعيفة. لذلك فغالباً بدأت الجماعة سيرها كمجموعة واحدة ولكنها سرعان ما أصبحت صفاً، ومع الإستمرار في السير ما لبثت أن تفرقت إلي مجموعات، في المقدمة مجموعة تكاد تركض ركضاً (حب قوى) وأخرى تلحق بها في عجلة وهكذا. وفي المجموعة الأولى كانت مريم المجدلية هذه التي أحبت كثيراً لأن المسيح غفر لها كثيراً (لو47: 7). فالمجدلية ظلت بجانب القبر تراقب الدفن، وهنا أول مشهد من مشاهد القيامة. 3 - وها هي أول من يصل، لذلك رأت الزلزلة وكل ما حدث لحظة القيامة، فإرتعبت ولم تستطع الكلام هي ومن معها.

4 - في المشهد ترى المجدلية المسيح هي ومريم الأخرى، ويعطيهم سلاماً فتنطق ألسنتهم المعقودة وتتحول المجدلية لمبشرة بالقيامة، بل تمسك قدمي المخلص ولا يمنعها الرب من ذلك.

5 - هنا نرى مشهد ذهاب الحرس الرومان لليهود، وحيلة اليهود لإنكار حقيقة القيامة. وواضح أن كذبة نوم الحراس كذبة مكشوفة للأسباب الآتية: -.

أ - ما عُهِدَ في الجنود الرومان، أنهم يخضعون للنظام وتنفيذ القانون وأداء الواجب فأداء الواجب عندهم عبادة في مستوى عبادة الآلهة.

ب - كان الجندي الروماني إذا أهمل يقتلونه (أع19: 12).

ج - هل يعقل أن الحراس النائمين يتعرفوا على شخصية من سرق جسد المسيح.

6 - عادت المجدلية ومن معها بخبر القيامة، مقابلين باقي المجموعات في الطريق فلم يصدقهم أحد، ووصلوا للتلاميذ (ربما كان بعض التلاميذ في الموكب) وأخبروا بطرس ويوحنا وباقي الرسل. ولكن لم يصدقهم أحد (وقارن مع مت62: 27، 63) وهذا مما يخجل فالتلاميذ لم يتذكروا كلام المسيح عن قيامته في اليوم الثالث بينما تذكر هذا رؤساء الكهنة والفريسيين.

7 - ذهب بطرس مع يوحنا لمعاينة القبر، وكلما كانوا يقتربون كانت خطوات يوحنا الحبيب تسرع وخطوات بطرس تبطئ إذ يذكر إنكاره للمسيح منذ ساعات.

8 - أمام عدم تصديق أحد للمريمات عادت المريمات للقبر ومنهن المجدلية وهن في شك، فلقد ظن من سمع خبر قيامة المسيح من المجدلية، أنها قد رأت روحه (ملاكه) قارن (لو37: 24 + أع15: 12) [كان هذا إعتقاد اليهود أن الميت يمكن أن يظهر له شبحاً قد يكون روحه أو ملاكه] ولذلك شكت المريمات ومنهن المجدلية أن ما رأوه كان روحاً أو شبحاً، لذلك فقد وبخها الملاك فلم ترجع عن شكوكها. ولذلك لم يسمح لها المسيح أن تلمسه حين أرادت ذلك بسبب إيمانها الضعيف، إذ شكت بعد أن رأته [راجع مشهد (4)] بل لمسته. وكان ذلك الشك لأنها كانت تعتبره في فكرها مجرد إنسان.

9 - قصة تلميذي عمواس، وهؤلاء حاولوا الهرب من أورشليم بعد إنتشار إشاعة القيامة، إذ خافوا من اليهود وهربوا من أورشليم فتقابل معهم المسيح.

10 - المسيح يدخل والأبواب مغلقة وسط التلاميذ ويظهر لهم. ولم يكن توما معهم هذه المرة.

11 - المسيح يظهر للتلاميذ وتوما معهم.

12 - المسيح يظهر لسبعة من التلاميذ عند بحيرة طبرية، وصيد السمك (153 سمكة) ثم حواره مع بطرس.

13 - المسيح يظهر للتلاميذ على جبل بالجليل. وغالباً كان هذا هو الظهور الذي أشار إليه بولس الرسول بأن عدد الحاضرين فيه كانوا أكثر من 500 أخ.

14 - نجد ملخص أقوال المسيح خلال رحلة الأربعين يوماً.

الأرقام عاليه (1) - (14) هي الأرقام الموجودة بالجدول التالي وسنجد بجانب كل رقم شواهد الآيات التي وردت في الأناجيل الأربعة والتي تدل على الحدث.

الأرقام (I) – (VI) والموجودة بالجدول هى ظهورات لأشخاص ذكرهم بولس الرسول في رسالته الأولى لكورنثوس إصحاح 15 ولم تذكر في الأناجيل الأربعة.

الأحداث المذكورة داخل مربع واحد وتحت رقم واحد هي حدث واحد تم التعبير عنه بصور مختلفة في الأناجيل.

جدول ترتيب الأحداث.

لماذا لم يكن للمسيح تعاليم جديدة.

فى خلال الأربعين يوما بعد القيامة.

حين قال السيد المسيح على الصليب "قد أكمل" فهو كان قد أكمل كل عمل الفداء، وأيضا أكمل كل تعاليمه التى أراد لها أن تصل إلى شعبه فى العهد الجديد.

والآن بعد أن أتم السيد المسيح عمله، صار العمل فى الكنيسة هو عمل الروح القدس والذى قال عنه ربنا يسوع المسيح "وأما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" (يو14: 26).

مات المسيح على الصليب وقام فى اليوم الثالث وله حياة أبدية لا تموت (رو6: 9)، لنموت نحن معه فى المعمودية ونقوم متحدين به، ولنا حياته الأبدية. والروح القدس يثبتنا فى حياة المسيح الأبدية هذه.

يرافقنا الروح القدس فى حياتنا كلها من أول المعمودية ليصل بأولاد الله إلى السماء. فنحن نولد من الماء والروح فى سر المعمودية، ثم يسكن الروح القدس فينا فى سر الميرون. وهو يبكتنا لو أخطأنا فإن تجاوبنا معه ولم نقاوم وذهبنا لنعترف، ينقل خطايانا إلى المسيح، ثم تغفر الخطايا ونعود للثبات فى المسيح وتكون لنا الحياة الأبدية فى سر الإفخارستيا. والروح القدس هو الذى يحول الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه "الذى يعطى لغفران الخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه".

الروح القدس يرافقنا كل أيام حياتنا، فهو المرشد روح الحكمة. وهو "روح القوة والمحبة والنصح" (2تى1: 7). وهو الذى يعلمنا ويذكرنا بكل تعاليم المسيح. ويعطينا كلمة إذا وقفنا قدام الملوك والولاة (مت10: 18 - 20). والروح القدس يأخذ من المسيح ويخبرنا (يو16: 14) فنعرف المسيح حقيقة، ومن يعرف المسيح حقيقة فهو سيحبه، وهكذا يسكب محبة الله فى قلوبنا بأن يعطينا معرفة المسيح الحقيقية (رو5: 5). ومن يحب يفرح (غل5: 22).

لذلك قال الرب لتلاميذه أن لا يبرحوا أورشليم قبل حلول الروح القدس عليهم (أع1: 4).

لذلك بعد أن أتم الرب يسوع عمله صار العمل هو عمل الروح القدس فى الكنيسة.

بعض تأملات لشرح المواقف في إنجيل مرقس.

الأعداد 1-20

الآيات (مر: 1: 16 - 20): -

"1 وَبَعْدَمَا مَضَى السَّبْتُ، اشْتَرَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ وَسَالُومَةُ، حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّهُ. 2 وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. 3 وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: «مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟ » 4فَتَطَلَّعْنَ وَرَأَيْنَ أَنَّ الْحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ! لأَنَّهُ كَانَ عَظِيمًا جِدًّا. 5 وَلَمَّا دَخَلْنَ الْقَبْرَ رَأَيْنَ شَابًّا جَالِسًا عَنِ الْيَمِينِ لاَبِسًا حُلَّةً بَيْضَاءَ، فَانْدَهَشْنَ. 6فَقَالَ لَهُنَّ: «لاَ تَنْدَهِشْنَ! أَنْتُنَّ تَطْلُبْنَ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ الْمَصْلُوبَ. قَدْ قَامَ! لَيْسَ هُوَ ههُنَا. هُوَذَا الْمَوْضِعُ الَّذِي وَضَعُوهُ فِيهِ. 7لكِنِ اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ». 8فَخَرَجْنَ سَرِيعًا وَهَرَبْنَ مِنَ الْقَبْرِ، لأَنَّ الرِّعْدَةَ وَالْحَيْرَةَ أَخَذَتَاهُنَّ. وَلَمْ يَقُلْنَ لأَحَدٍ شَيْئًا لأَنَّهُنَّ كُنَّ خَائِفَاتٍ. 9 وَبَعْدَمَا قَامَ بَاكِرًا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ ظَهَرَ أَوَّلاً لِمَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةِ، الَّتِي كَانَ قَدْ أَخْرَجَ مِنْهَا سَبْعَةَ شَيَاطِينَ. 10فَذَهَبَتْ هذِهِ وَأَخْبَرَتِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ وَهُمْ يَنُوحُونَ وَيَبْكُونَ. 11فَلَمَّا سَمِعَ أُولئِكَ أَنَّهُ حَيٌّ، وَقَدْ نَظَرَتْهُ، لَمْ يُصَدِّقُوا. 12 وَبَعْدَ ذلِكَ ظَهَرَ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى لاثْنَيْنِ مِنْهُمْ، وَهُمَا يَمْشِيَانِ مُنْطَلِقَيْنِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ. 13 وَذَهَبَ هذَانِ وَأَخْبَرَا الْبَاقِينَ، فَلَمْ يُصَدِّقُوا وَلاَ هذَيْنِ. 14أَخِيرًا ظَهَرَ لِلأَحَدَ عَشَرَ وَهُمْ مُتَّكِئُونَ، وَوَبَّخَ عَدَمَ إِيمَانِهِمْ وَقَسَاوَةَ قُلُوبِهِمْ، لأَنَّهُمْ لَمْ يُصَدِّقُوا الَّذِينَ نَظَرُوهُ قَدْ قَامَ. 15 وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا. 16مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ. 17 وَهذِهِ الآيَاتُ تَتْبَعُ الْمُؤْمِنِينَ: يُخْرِجُونَ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِي، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَةٍ جَدِيدَةٍ. 18يَحْمِلُونَ حَيَّاتٍ، وَإِنْ شَرِبُوا شَيْئًا مُمِيتًا لاَ يَضُرُّهُمْ، وَيَضَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى الْمَرْضَى فَيَبْرَأُونَ». 19ثُمَّ إِنَّ الرَّبَّ بَعْدَمَا كَلَّمَهُمُ ارْتَفَعَ إِلَى السَّمَاءِ، وَجَلَسَ عَنْ يَمِينِ اللهِ. 20 وَأَمَّا هُمْ فَخَرَجُوا وَكَرَزُوا فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَالرَّبُّ يَعْمَلُ مَعَهُمْ وَيُثَبِّتُ الْكَلاَمَ بِالآيَاتِ التَّابِعَةِ. آمِينَ.".

1 - المجدلية وأم يوسى كانتا تراقبان أين دفنوا المسيح فإستحقتا أن تتمتعا برؤية القيامة، فمن يقبل الصليب يشترك في أمجاد القيامة (رو17: 8).

2 - لقد ذهبت المريمات وهن لا يعلمن شئ عن موضوع الحراس، فالحراس وضعوا ليحرسوا القبر بمؤامرة من اليهود بعد أن إنتهى الدفن وإنطلقت المريمات راجعات. ولم يكن في ذهن المرأتين سوى مشكلة "من يدحرج لهن الحجر" والله حل المشكلتين: - الأولى التي يعلمون عنها وهى دحرجة الحجر والثانية التي لا يعلمون عنها وهى الحراس والله يحل لنا المشاكل التي نعلمها والتي لا نعلمها، فلا داعي للخوف.

3 - نجد هنا ملائكة في القبر، فبعد أن كان القبر نجاسة، صار بالقيامة بركة. ونلاحظ أنه في (لو4: 24) قيل رجلان أي ملاكان، وهنا ملاك واحد. والمعنى أن مرقس يشير للملاك الذي تكلم فقط وهكذا متى.

4 - قوله دخلن القبر، لا يعنى غالباً إلاّ دخولهم إلى غرفة الإعداد ومنها رأوا الملائكة (غرفة الإعداد تسمى الفسحة وسيأتي رسم لها فى تأملات إنجيل يوحنا) ونرى هنا ملائكة داخل القبر وملاك على الحجر. هوذا الموضع = لقد صار الموضع خالياً لأن المسيح قام. لم يقلن لأحد = حتى قابلن التلاميذ وأخبروهم (لو9: 24).

5 - ظهر السيد للمجدلية التى أخرج منها 7 شياطين، ومن يغفر له قليلاً يحب قليلاً ومن يغفر له كثيراً يحب كثيراً. فهذه أحبت وتطهرت فكان لها رؤية المسيح لمحبتها الكثيرة. ظهر لإثنين منهم = هما تلميذى عمواس (13: 24).

6 - المسيح حين ظهر وسطهم وبخهم على عدم إيمانهم فعدم الإيمان يغضب الله، بل سنرى فى إنجيل يوحنا أنه يمسك العينين عن رؤية المسيح القائم من الأموات، كما حدث مع المجدلية، التى ظنت أن المسيح هو البستاني ولم تعرفه، وكما سنرى في إنجيل لوقا مع تلميذي عمواس الذين شككوا فى أحداث القيامة فلم يعرفوا المسيح.

7 - فى آية 7 قولا لتلاميذه ولبطرس = قوله لبطرس حتى لا يشعر بطرس أنه بسبب إنكاره قد رفض.

8 - نلاحظ فى أناجيل متى ومرقس ولوقا أن ملخص كلام المسيح مع تلاميذه هو دعوتهم للكرازة والتعليم والتعميد. وفى يوحنا دعوة للرعاية (رعاية الخراف).

9 - تتكلموا بألسنة جديدة = كلام روحي بالروح القدس وهو التعليم المسيحي الجديد.

10 - تحملوا الحيات = أي [1] تحتملوا الناس الأشرار المضرين ولا يقدروا أن يضروكم. [2] الشيطان (الحية) له سلطان على الأشرار لكنه لا سلطان له عليكم. [3] لكم سلطان على الثعابين والحيوانات المتوحشة (برسوم العريان) + (أع4: 28، 5). [4] الخطية لا سلطان لها عليكم. [5] عموماً المسيح سيؤيد خدامه بمعجزاته التي يعملها فيهم.

11 - من آمن وإعتمد خلص = هذا هو المدخل للحياة المسيحية والخلاص.

12 - جلوس المسيح عن يمين الله = الجسد صار له مجد اللاهوت وهذا لحساب البشر.

إرتفع إلى السماء (آية19).

سبق رب المجد وقال في (يو28: 16) خرجت من عند الآب وقد أتيت إلى العالم (إشارة لتجسده) وأيضاً أترك العالم وأذهب إلى الآب (إشارة لإرتفاعه إلى السماء أي صعوده). وصعوده يشير للمجد الذي ناله بالجسد لحساب البشر.

رب المجد لم يكن محتاجاً إلى هذا المجد، فهذا المجد كان له بلاهوته قبل تجسده. ولكنه تجسد ليقوم بالفداء ثم يتمجد بجسده (يو4: 17، 5) ويكون هذا المجد لحساب البشر (22: 17).

خسر آدم كثيراً بسبب الخطية ولكن ما أخذناه بالفداء كان أكثر بما لا يقاس كما قال بولس الرسول: "ليس كالخطية هكذا أيضاً الهبة" (رو15: 5). وكتشبيه لفهم ما حدث: لنتصور أن آدم في الجنة كان يسكن في مسكن في الدور العاشر. وبسقوطه نزل للأرض. وجاء المسيح ليرفعه إلى الدور المائة.

كان آدم روح يسكن في مسكن مصنوع من الطين هو جسده. فصرنا نحصل على جسد ممجد (2كو1: 5، 2).

هذا الجسد سيكون مثل جسد المسيح الذي قام به (1يو2: 3) + (في21: 3).

كان آدم يسكن في جنة (فردوس = جنينة). فصار لنا وعد بالجلوس في عرش المسيح (رؤ21: 3). ونراه كما هو (1يو2: 3) ونرى مجده (يو24: 17) ونكون حيث يكون هو (يو24: 17) + (يو3: 14).

كان آدم معرضاً للموت وقد مات. وبالجسد الممجد لا نموت، فستكون لنا حياة المسيح (في21: 1 + غل20: 2). والمسيح لا يموت ثانية (رو9: 6).

في السماء لا نعود معرضين لتجارب إبليس كما كان آدم في الجنة. فأبواب أورشليم السماوية عليها ملائكة تحميها (رؤ12: 21) ولها سور عالٍ عظيم (رؤ11: 21) والخطية لا تدخلها لأن ليلاً لا يكون هناك.

(رؤ21: 25).

تسلسل الأحداث فى إنجيل القديس مرقس.

تبدو الاحداث واحدة فى الاناجيل الثلاثة، متى ومرقص ولوقا، فهى نفس القصص والمعجزات والتعاليم. ولكن الانجيليين ليسوا مؤرخين يكتبون كتبا تاريخية. بل كل منهم له رؤيته والزاوية التى ينظر منها للمسيح فيرتب الاحداث بتسلسل يشرح به هذه الرؤية.

وسبق ورأينا هذه الفكرة مع انجيل متى. فما هى نظرة القديس مرقس وما هو الشكل الذى يريد أن يرسمه ليصور به المسيح؟

رؤية القديس مرقس الرسول للمسيح.

يكتب القديس مرقس للرومان الذين يتباهوا بقوة ملوكهم ويعبدون القوة والانتصارات ويؤلهون ملوكهم وقادتهم المنتصرين ويفتخرون بهم. لذلك يقدم مرقس لهم المسيح الملك القوى بل الأقوى بما لا يقاس من ملوكهم. هو ملك ليس من الارض بل هو ابن الله، أتى الى الارض ليؤسس مملكة ويحارب عدوا هو الشيطان ويحرر من كان قد استعبدهم ويشفيهم.

أقوى ملوك الرومان أو العالم كله لا يقدر ان ينتصر سوى على جنود بشر ويقتل منهم الكثيرين، لكن المسيح ملك يهزم القوى الخفية التى يرتعب منها كل البشر بما فيهم ملوك الرومان، وهذه القوى الخفية يسمونها الميتافيزيقية. لكن مرقس يقدم المسيح الملك الذى يهزم هذه القوى ويخطف من يده النفوس التى سبق وأسرها وقادها للموت، وجاء المسيح الملك ليحرر هذه النفوس من يده ويحييها فنجده هو الإله الحي المحيي. ومن هذه النفوس المحررة يكون مملكته، بل نجد أفراد هذه المملكة لهم نفس السلطان على الشيطان وعلى عمل المعجزات مثل المسيح (مر 16: 17، 18).

ولذلك تجد مرقس يقدم المسيح الملك القوى الذى له السلطان على كل الخليقة، الطبيعة، الانسان، الموت، الشيطان والأمراض... الخ فمَن مِن ملوك الارض له هذا السطان بل من يستطيع أن يهب هذا السلطان لرعيته او تابعيه.

1: 1 - إنجيل = مرقس يكرز ببشارة مفرحة إذن فما هى؟ ابن الله أتى لتكوين مملكة الحياة والشفاء. هو ليس ملك بشرى توارث الملك من أبيه الملك الانسان بل هو ابن الله.

1: (2 – 8) - هو له من يعد الطريق أمامه كالملوك، وهذا الذى يعد الطريق له غير مستحق لحل سيور حذائه. هذا لندرك عظمة هذا الملك. وطريق الإعداد هو الدعوة للتوبة، فمن يتوب ستنفتح عينيه ويعرف المسيح الملك ويتبعه. عمدتكم بالماء = هو قرار يأخذه من يقرر التوبة بنفسه ويعتمد علامة على ذلك. يعمدكم بالروح القدس = هو له هذا السلطان أن يهب الروح الذى يعين على اتخاذ قرار التوبة.

1: (9 – 11) – هو ملك متواضع يقف فى صفوف البشر، ولكن لأنه ملك من السماء وليس ملك أرضى، تشهد له السماء أنه ابن الله. وهذه الشهادة كانت لمن سمع ولنا. وهى شهادة من الله. هناك ملوك من قبل إدعوا هذا مثل الاسكندر الأكبر وقال أنه ابن الإله زيوس، وكان الناس والتاريخ يعرفون الحقيقة. أما المسيح فله شهادة من الله.

1: (12 – 13) – هو ملك أتى ليقيم مملكة، وها هو يعلن بدء الحرب ضد الملك القديم الشيطان وجنوده الوحوش. أما جنود جيش الملك المسيح الذى من السماء حتى الآن هم الملائكة السماويين. وهذا يعطى فكرة عن عظمة هذا الملك الآتى من السماء. هو سيقيم مملكته على أنقاض مملكة عدوه الملك السابق، أى الشيطان.

1: (14، 15) – الملك يبدأ تكوين مملكته، ويبشر بأن هذه المملكة قد اقتربت، وسمات هذه المملكة الطهارة لذلك يطلب التوبة، فالنجاسة والخطية هى سمات مملكة إبليس عدوه، هو يطلب أن نترك مملكة عدوه مملكة النجاسة ونهايتها الموت لننتمى لمملكته مملكة الطهارة والحياة الأبدية.

1: (16 - 20) – هنا يبدأ الملك يكون جيشه الأرضى ويدعو جنوده وسفراءه. هو ملك السماء والأرض.

1: (21، 22) – هو يدعو لمملكته بالتعليم ولايفرض على أحد شيئا إلا بعد أن يقنعه (ار 20: 7).

1: (23 – 28) – نرى هنا عدوه مهزوما. بدأ مرقس بهذه المعجزة فهى تبهر الرومان لأنها تظهر قوة وجبروت الملك المسيح على القوات الخفية التى ترعبهم وترعب ملوكهم وأبطالهم.

1: (29 – 34) – هو ملك يعطى الشفاء لمن ينتمى إلى مملكته بعد أن دمرها الملك السابق. وهذا معنى "يكرز ببشارة ملكوت الله" (مر1: 14)، فهى بشارة مفرحة أنه أتى ليخلص البشر من ملك طاغى دمر البشر. وللمرة الثانية نرى سلطانه على الشيطان، فهو يحرر من يتبعه من سلطان إبليس ويشفيه مما لحقه من أثار عبوديته له.

1: (35 – 39) – يصلى = هو له صلته وجلسته مع أبيه السماوى. الكرازة = لتأسيس مملكته. وهنا نرى للمرة الثالثة سلطانه على عدوه الملك المهزوم. هو أتى ليحاربه ونراه منتصرا دائما عليه.

1: (40 – 45) – سلطانه على شفاء الأمراض التى لا يشفيها سوى الله فهو ابن الله. والبرص مرض يشير للخطية (راجع تفسير سفر اللاويين) وهو من عمل الملك السابق الشيطان الذى دمَّر البشر. والمسيح أتى ليشفى مملكته التى سيحررها من الملك السابق ويملك هو عليها. وهنا نفهم أن الشفاء متاح لمن يريد ويأتى للملك يسوع المسيح منضماً لمملكته. ونرى هنا إنتشار المملكة. إذاً سمات مملكة المسيح هى شفاء طبيعة الإنسان.

2: (1 – 12) – الخطية هى سلاح العدو المهزوم، وهى سبب ألام البشر وأمراضهم. والله له السلطان على غفران الخطية. وهذا السلطان لابنه الملك المسيح الذى أتى ليؤسس مملكة الطهارة وغفران الخطية لكل من يأتى إلي مملكته تائباً قابلا أن ينتمى لهذه المملكة.

2: (13 – 22) – الكل مدعو لهذه للمملكة حتى أشر الخطاة. فالخطاة مرضى وهو الطبيب المعالج، بل هو أتى ليجدد الخليقة، ويخلق من الانسان خلقة جديدة. أليس هو الخالق للأولى. وها هو يجد لاوى العشار ويجدده ليصير تلميذه الانجيلى البشير القديس متى (مت 10: 3 + 9: 9). هى مملكة يحول فيها المسيح الملك السماوى الخطاة إلى قديسين.

2: (23 – 28) – رب السبت = هو الملك المشرع ابن الله واضع وصية السبت قديما. وهو لا يناقض نفسه. لكنه هنا يفسر روح الوصية فالتمسك بالحرف يقتل.

3: (1 – 6) – غلاظة قلوبهم = من الذى يرفض هذه المملكة الجيدة مملكة الشفاء والحياة والخليقة الجديدة؟ هو من كان قلبه متحجرا، مستعبدا لشهواته القديمة هذا يرفض الطهارة الداخلية متمسكا بالحرف، مختفيا وراءه، مُسَكِّناً قلبه بأن هذا التمسك الحرفى يحميه من اللوم إن ظل فى نجاسات قلبه. مثل هؤلاء تكشفهم تصرفاتهم القاسية فالإبتعاد عن الله يجعل القلب متحجرا بلا رحمة. أما تعليم المسيح "فكونوا رحماء كما أن أباكم أيضاً رحيم" (لو6: 36). وهذا يقدر عليه من كان ملتصقا بالله. وهذا يفسر موقف هؤلاء اليهود قساة القلوب الذين رفضوا الشفاء لإنسان. وهنا نرى المسيح الملك المشرع يشرح حكمة الشريعة ألا وهو الرحمة. أليس هو واضع قانون "أريد رحمة لا ذبيحة" (مت9: 13).

3: (7 – 12) - نرى هنا إنتشار المملكة، وملكها يشفى من يتبعه، والملك القديم الشيطان يعلن هزيمته أمام المسيح الملك ويهرب من أمامه.

ملحوظة: - الشفاء الجسدى كان إشارة لشفاء طبيعة الإنسان المخلوق على صورة الله، ولكن فى بداية تكوين المملكة كان الشفاء الجسدى، لأن الداخلين للإيمان ما كانوا يفهمون سوى هذا. وبعد ذلك فهمنا أن ألام الجسد يسمح بها الله كأداة لنكمل وتشفى طبيعتنا. ولنذكر كم تألم بولس الرسول.

3: (13 – 20) – الملك يحدد ويعلن أسماء سفرائه وقادة جيوشه.

3: (21 – 35) – كل ملك خرج ليحارب فمن المؤكد أنه سيكون له أعداء هم بقلبهم لا زالوا تابعين للملك السابق الذى يحاربه الملك المسيح. والعجيب أن نرى أعداء الملك المسيح هم إخوته بالجسد، لذلك يشرح مرقس هنا أن الخليقة الجديدة التى يكونها المسيح لا علاقة بينها وبين الخليقة القديمة، فالمملكة التى يكونها المسيح ستصير جسده. فالمسيح ليس الملك المستبد بل هو جعل أفراد مملكته أقرباء له بالجسد وأحباء له. وعجيب أيضا أن نرى أعداءه هم من الكتبة دارسى وشارحى الناموس الذى وضعه المسيح الذى أمامهم، ولم يكتشفوا ذلك لحسدهم الذى أعماهم كما فهمهم أيضا بيلاطس (مر 15: 10). والحسد والغيرة أيضا سبب عداء إخوته له، والملك القديم هو الذى أثار حسد إخوته ضده وأيضا الكتبة وغيرهم، فهذا العدو لا يستسلم بسهولة. وهنا يشرح الملك خطته وأنه يهزم إبليس لينهب شعبه من بين يديه ويحررهم ويكون مملكته.

القديس مرقس تكلم عن أن المسيح الملك سيقيم مملكة، وحتى لا يفهم أحد أنها مملكة أرضية فها هو يشرح سمات وأوصاف هذه المملكة. ثم نرى أن هذه المملكة هى كسفينة تضربها الأمواج، لكنها لن تغرق أبدا فالمسيح الملك داخلها، ومسيطر على كل الأمور.

4: (1 – 34) – القديس مرقس يأتى بأمثال هنا ذكرها السيد المسيح عن ملكوت السموات ليشرح القديس مرقس أن المملكة ليست أرضية، وهى مختلفة عن ممالك العالم فهى مملكة طهارة ونقاء داخلى، وهى مملكة تنمو والعالم كله مدعو لها. يعلم = المسيح يشرح للناس مفهوم مملكته وأنها مختلفة عن مملكة من قبله أي الشيطان، فهو يقنع قبل أن يدعو (إر 20: 7).

4: (35 – 41) – هو ملك له سلطان على البحر بل وعلى كل الطبيعة. وهو ملك هادئ يبدو أنه نائم ولكنه يتدخل فى الوقت المناسب ويهدئ أمواج بحر هذا العالم (إش 18: 4). وهذا ما يضع السلام فى قلوب شعبه أنه ملك قوى، وأنه وسط كنيسته يحفظها. لذلك هو ملك السلام.

هنا نرى المسيح الملك له سلطان عجيب على جيش من الشياطين يسكن انسانا ويستعبده ويذله. الملك هنا يحارب بسلطانه جيشا لوحده. وهذه القصة تشرح عمل هذا الملك الملعون المستبد، وماذا عمل فى البشر.

فهذا الانسان البائس كان يحيا فى القبور (أى فى الموت)، وكان مقيدا (أى مستعبدا إشارة لرباطات الخطية) التى كبل الشيطان بها بنى البشر، مجنوناً (إشارة لكل من يحيا رافضا التوبة فهو يختار الطريق الذى هو ضد مصلحته). أما الملك المسيح فلقد أتى ليحررنا من هذا الوضع وهذا المصير. أما من يصر على أن يبقى فى النجاسة، نجاسة الخطية التى هى سلاح الشيطان الملك المهزوم (لذلك أسماه المسيح رئيس هذا العالم) فهو يظل مستعبدا لهذا الملك المذل، ويكون كالخنزير الذى يحيا فى النجاسة. مثل هذا الانسان البائس ستستعبده الشياطين وتخنقه فى بحر هذا العالم حتى يموت، ولهذا ترك المسيح الشياطين تدخل فى الخنازير لنفهم مصير من يصر على أن يحيا فى نجاسته. والمسيح بعد أن شفى هذا الانسان أرسله ليكرز بما صنعه المسيح به، إذ حوَّله إلى خليقة جديدة. فيصير نموذجا لمن يقبل أن يدخل الى مملكة المسيح.

ثم فى صورة مناقضة للصورة السابقة نرى المسيح يشفى ويقيم من الأموات... هذه هى مملكته. وبهذا نفهم لماذا بدأ القديس مرقس إنجيله بقوله "بدء إنجيل يسوع المسيح" فكلمة إنجيل تعنى بشارة مفرحة، والآن فهمنا ما هى البشارة المفرحة، أن المسيح أتى لينقل البشر من مملكة الموت والدمار والعبودية والذل لملك مستبد، إلى مملكته مملكة الحرية والشفاء والحياة الأبدية.

6: (1 – 6) – الشفاء والحياة هما فقط لمن يؤمن بالملك المسيح وينضم لمملكته. ولهذا تعجب المسيح ممن يرفض الشفاء والحياة منتميا للمملكة مصراً على رفض الايمان.

6: (7 – 13) – هنا نرى أن حتى تلاميذه لهم نفس سلطان المسيح. وهنا المسيح يرسلهم لينشروا مملكته ويشفوا الأمراض ولهم سلطان على الشياطين ولن يعوزهم شيئا. والويل لمن يرفض دعوتهم، إذ أنه يرفض الشفاء والحياة الأبدية ويظل مقيدا مع الشيطان. بل نجد أن هذا السلطان على عمل الشفاء والعجائب هو ليس لتلاميذ المسيح فقط بل "وهذه الآيات تتبع المؤمنين" (مر16: 17، 18). هى مملكة جبارة تحت مُلك ملك سماوى جبار هو ابن الله.

6: (14 - 16) – تطبيقا على ما فات نرى هنا رعب هيرودس الذى صور له قيامة المعمدان الذي كان قد قتله، وهذا مرض نفسى. هنا نرى ملك أرضى له جيوشه لكنه فى رعب، لأنه إختار مملكة الشيطان بخضوعه لشهواته الخاطئة.

6: (17 – 29) – أسباب الرعب معروفة وهى الخطايا التى يرتكبها الانسان. فسبب رعب هيرودس خطاياه. أما من يحيا فى التوبة فى طهارة فهو يحيا فى سلام فى مملكة السلام.

6: (30 – 44) – مملكة المسيح هى مملكة الشبع أى عدم الإحتياج (معجزة الخمسة الخبزات). وقطعا من يشبع الجسد فهو قادر على إشباع النفس والروح.

6: (45 – 53) – حتى لا يفهم التلاميذ أن المسيح سيقيم مملكته على الارض صعد الى الجبل إعلانا منه أنه سيصعد إلى السماء ولن يقيم مملكة أرضية. ولن تكون مملكته مملكة شبع مادى وسلام عالمى بل هناك ألام تنتظرها ولكنه هو ملك قوى وسيكون مسيطرا على كل الأحداث. لكل ذلك ألزم تلاميذه أن ينزلوا للبحر رمزا للعالم، فالكتاب يستعمل البحر رمزا للعالم الهائج الذى سيخدم فيه تلاميذه، والمسيح الإله الضابط الكل دبر وسمح بهياج الريح رمزا لهياج الشيطان رئيس سلطان الهواء (أف2: 2). والهواء هو الذى يُهَيِّج البحر = الشيطان هو الذى يهيج الناس ضد المسيح وكنيسته.

ماشيا على البحر أي مسيطرا على كل الأحداث فهو ضابط الكل.

4: (54 – 56) – ولكن الألام والضيقات التى ستواجه مملكة المسيح لن توقف إمتداد ونمو مملكة المسيح. فنراها هنا تمتد وتنتشر بالرغم من ألامها.

7: (1 – 23) – هنا نرى أن مملكة المسيح سمتها الطهارة، وطهارة المملكة هى طهارة داخلية فى القلب، وليست مظاهر خارجية بغسل الأيادى بالماء، وهذه ليست فى إمكان بشر، هذه فقط إمكانية دم المسيح القادر على تنقية الأعماق كما يقول بولس الرسول "مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير" (عب12: 22). وهذا طريق الشفاء والسلام لمن ينضم للمملكة.

7: (24 – 30) – سبب عدم الطهارة هو إبليس الملك السابق. والمسيح الملك له سلطان عليه ولكن لن يستفيد من هذا السلطان إلا من يأتى للمسيح طالبا الشفاء، وسيشفَى مهما كان نجسا ويتحرر من الملك السابق الظالم إبليس.

7: (31 – 37) – عمل كل شئ حسنا = هذا عن الخليقة الجديدة بعد أن فسدت الخليقة القديمة والتى كانت حسنة جدا (تك1: 31). وهنا نرى أن كل من يقبل إليه يشفى. ونرى هنا الطريقة التى يتم بها شفائنا وكيف يتحول الموت الذى فينا إلى حياة، تفل ولمس لسانه = تلامسنا مع جسده (لعابه) يعطينا حياة، فجسده متحد بلاهوته الحى المحيى. وفتح الأذن إشارة لأن من يُشفَى تكون له إمكانية أن يسمع كلام الله، ثم يكرز به (شفاء اللسان فينطق) وتنمو المملكة. فالمملكة لا تنمو بالسيوف بل بالدعوة والإقناع، وهذا هو عمل الروح القدس الذى يقنع المتكلم والسامع، ويعطى كلمة للكارز.

8: (1 - 10) – المسيح هنا يسأل كم عندكم من الخبز = ليشبع الألاف وليشرح أن طريق الشبع الحقيقى هو شخصه فهو خبز الحياة، هو مشبع لكل من فى مملكته بشخصه = لن نحتاج لغيره.

8: (11، 12) – من قلبه غليظ (كهؤلاء الفريسيين) لن يفهم بل هو يصر على عدم الفهم مهما رأى، لذلك فالمسيح يرفض أن يتعامل مع أمثال هؤلاء.

8: (13 – 21) – هنا نرى عدم فهم التلاميذ أنفسهم بعد كل ما رأوه، والمسيح يعاتبهم.

8: (22 – 26) – القديس مرقس يضع قصة شفاء هذا الأعمى على مراحل، ليشرح ويبرر عدم فهم التلاميذ السابق ذكره وأنهم سيفهمون كل شئ على مراحل كما حدث مع هذا الأعمى.

8: (27 – 30) – المسيح يشرح كيف نعرف أن عيوننا قد إنفتحت؟ هذا لو عرفنا من هو. بل هذا هو طريق الشبع به، إذ سنرى فيه كل إحتياجنا.

8: (31 – 38) – هى مملكة المسيح الذى يبذل نفسه عن العالم وعلى تلاميذه أن يسيروا على نفس الطريق الذى هو البذل وحمل الصليب (والصليب نوعان، صليب مفروض علىَّ كالمرض مثلا وصليب إختيارى كالصوم مثلا 1كو9: 27).

9: 1 - هناك من سيدرك هذا الملكوت من السامعين وبهذا يحيا، فهي مملكة الحياة.

9: (2 – 13) – المسيح يعلن ويظهر ذاته كإبن الله ويظهر لاهوته بالتجلى.

9: (14 – 29) – تلاميذ المسيح لا بد أن يكون لهم نفس سلطان المسيح على الشيطان. إلى متى أحتملكم = سر غضب المسيح أن تلاميذه لم يكن لهم نفس السلطان. وهو هنا يشرح لهم كيف يغلبوا إبليس. بالصوم والصلاة. الصوم = هو أن نحرم إبليس من سلاحه الذى هو ملذات الجسد.

والصلاة = هى صلتنا بالله وبهذه الصلة نغلبه.

9: (30 – 32) – المسيح يصل فى بذل ذاته ورفضه لملذات العالم إلى القمة وهى الصليب نفسه.

9: (33 – 37) – هنا مرقس يشرح سبب فشل التلاميذ فى إخراج الشيطان وهو شهوتهم للمراكز العالمية وجدالهم عمن هو الأعظم بينهم، وهذا تناقض لما قاله المسيح فى أنه سيصلب، وأنهم حتى يغلبوا إبليس عليهم بترك كل شهوة للعالم أى ما عبر عنه المسيح بالصوم ليحرموا إبليس من أسلحته. فحوارهم هذا عبر عن عدم فهمهم لما قاله المسيح.

9: (38 – 50) – هنا نرى قوانين المملكة وأهمية الموت عن شهوات العالم لنغلب نحن أيضا. (راجع مت18، 19 فى موضوع قوانين المملكة).

10: (1 – 27) – قوانين مملكة المسيح فى الزواج. وفى أن نعود كالأطفال الذين يعتمدون على أبيهم. وكتطبيق نرى قصة الشاب الغنى الذى شرح المسيح فيها طريق الكمال وهو الاتكال عليه وليس على المال أو غيره.

10: (28 – 31) – فى مملكة المسيح من يترك شئ لأجله يعوضه أكثر كثيرا، روحيا وماديا.

10: (32 – 34) – نرى التطبيق فى المسيح الذى يبذل ذاته ويترك كل شئ حتى الصليب.

10: (35 – 44) – مرة ثانية نرى عدم فهم التلاميذ فعيونهم مغلقة.

10: (46 – 52) – القديس مرقس يورد قصة تفتيح عين الأعمي ليقول أن المبصر يعرف المسيح. فالتلاميذ لم يفهموا والعكس بعد ذلك مباشرة نسمع عن دخول المسيح لأورشليم والأطفال يعرفونه ويقولون أوصنا يا ابن داود.

ثم تأتى بعد ذلك قصة دخول السيد المسيح إلى أورشليم كملك، ثم يتوج ملكا على القلوب بصليبه ويموت ليقوم ويصعد للسماء ليجلس عن يمين أبيه السماوى.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الخامس عشر - تفسير إنجيل مرقس - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل مرقس الأصحاح 16
تفاسير إنجيل مرقس الأصحاح 16