الأصحاح الحادي عشر – تفسير إنجيل مرقس – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل مرقس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الحادى عشر

مقدمة لأسبوع الألام.

ملخص سريع للأعياد اليهودية.

(لمزيد من التفاصيل يراجع لا23).

تنقسم الأعياد اليهودية إلى مجموعتين (أنظر الخريطة في الصفحة القادمة).

المجموعة الأولى:

المجموعة الثانية:

وبهذا يكون عدد الأعياد الرئيسية 7 أعياد ورقم 7 هو رقم كامل. فالله يريد أن تكون حياتنا كلها أفراح وأعياد. الحياة مع الله هي فرح وليست ضيق وحزن.

وكان شهر تسرى هو أول شهور السنة. وأول يوم في هذا الشهر هو عيد رأس السنة. وبعد أن أسس الله عيد الفصح وهو يأتي في شهر نيسان. طلب الرب أن يكون شهر نيسان، شهر عيد الفصح هو أول شهور السنة. وبالتالي صار هناك لليهود تقويمين. الأول هو التقويم أو السنة المدنية وأول شهورها تسري / مول.... والثاني هو التقويم أو السنة الدينية وأول شهورها نيسان / زيو / سيوان.... والرب طلب هذا لكي يذكر اليهود دائماً خروجهم من أرض العبودية. وأن حريتهم التي حصلوا عليها هي بداية جديدة لحياتهم مع الله. وتستخدم السنة المدنية في الأمور السياسية والمدنية والزراعية، ولكن كل ما يخص الأمور الدينية كانوا يستخدمون فيه السنة الدينية.

المجموعة الأولى: من الأعياد تمثل عمل المسيح على الأرض حتى تأسيس الكنيسة يوم الخمسين فالفصح يمثل الصلب والباكورة تمثل القيامة، فقيامة المسيح كانت باكورة الراقدين. والخمسين (وتعني باليونانية البنطقستي) تمثل حلول الروح القدس على الكنيسة يوم الخمسين. وتأسيس الكنيسة كان يوم حلول الروح القدس. وكون أن عيد الفطير يستمر 7أيام فهذا إشارة لأن كنيسة المسيح التي أسسها هي كنيسة طاهرة فالخمير يشير للشر ويشير أيضا لأن كل من آمن بالمسيح عليه أن يحيا فى البر. ويشرح هذا تماماً الآيات التالية (1كو6: 5 - 8 + 1كو20: 15 - 23).

المجموعة الثانية: من الأعياد تمثل حياة الكنيسة على الأرض وجهادها وغربتها حتى تنعم بالراحة في السماء. وهي تبدأ بعيد الهتاف وهو إنذار لكل فرد في الكنيسة أن يقدم توبة ويجاهد في حياته ويوم الكفارة هو يوم الصوم والتذلل، اليوم الذي يشير للصليب وهكذا ينبغي أن نحيا في جهاد ونصلب أهوائنا مع شهواتنا (غل20: 2 + 24: 5). أما عيد المظال الذي يقضون فيه 7أيام في مظال فهو يشير لغربتنا في رحلة هذه الحياة على الأرض. ثم في اليوم الثامن أفراح عظيمة إشارة لأبديتنا.

إنجيل مرقس 18
.

عيد الفصح.

كلمة فصح = بيسح بالعبرية أو بسخة وتعني عبور فهو تذكار عبور الملاك المهلك في أرض مصر ونجاة أبكار اليهود ثم عبورهم من أرض العبودية إلى الحرية. وكانوا يأخذون الخروف يوم 10نيسان ويوجد تحت الحفظ حتى 14نيسان ويذبحونه في اليوم الرابع عشر بين العشاءين (بين الساعة 3 والساعة 5 ظهراً.. أو بين الساعة 3 ووقت حلول الظلمة). وكان كثيرون من اليهود يأتون من الشتات وينصبون خيامهم على جبل الزيتون، ومن هنا ندرك إحتفال الناس الهائل عند دخول المسيح إلى أورشليم. وصار شهر نيسان أول شهور السنة لأن آدم الثاني أي المسيح بصليبه قد بدأ كل شئ جديداً (2كو17: 5). (وواضح أن الفصح يشير للصليب). ولقد قدَّر يوسيفوس المؤرخ اليهودى أن عدد المحتفلين بالفصح كان يقدر بحوالى 2 - 3 مليون شخص من كل أنحاء ارض.

عيد الفطير:

المسيح بصليبه أسس كنيسته لتكون طاهرة لا عيب فيها ولا غضن (أف25: 5، 27) وعلينا كمؤمنين مات المسيح عنا، أن نقضي أيام غربتنا وقد إعتزلنا الشر (1كو13: 5 + خر15: 12). وكان رمزاً لهذا يأتي كل رجل يهودي ليلة الفصح ويفتش في منزله ويبحث عن أي قطعة خبز مختمر ليعزلها بعيداً عن منزله. ومعنى هذا أنه بعد أن ذُبِحَ المسيح لأجلي فكيف أرضى وأسمح بوجود خطية في حياتي. وهذا لمدة العمر كله (7أيام رمزاً للكمال، كل الحياة) واليهود كانوا يفهمونها أنهم خرجوا من مصر وحملوا عجينهم الذي لم يختمر (خر34: 12). وهكذا نحن إذا أردنا أن نعبر من العبودية للحرية علينا أن لا نضع أي شر في قلوبنا أو أن نعزله لو وُجِدَ ونتخلى عنه.

عيد الباكورة.

راجع خريطة الأعياد لتجد أن هذا العيد يوافق حصاد الشعير. وقد إرتبط عيد الباكورة مع عيدي الفصح والفطير وعيد الخمسين. فعيد الباكورة يحتفل به خلال أيام عيد الفطير ويأتي عيد الخمسين بعده بخمسين يوماً. ويعتبر أول الأعياد الزراعية. وطقس العيد كان لتقديم الشكر لله واهب الخيرات. وكان ثلاث شيوخ من مجمع السنهدريم يخرجون للحقول المجاورة ليأتوا بأول حزمة من المحصول ويقدمونها للهيكل، وبتقديمها للهيكل يتقدس كل الحصاد. فبتقديم الباكورة يكون الله أولاً. وهذه الحزمة تمثل شخص السيد المسيح الذي قدَّم حياته تقدمة سرور للآب لكي يبارك كل الحصاد أي الكنيسة. كان هو حبة الحنطة التي سقطت في الأرض لتأتي بثمار كثيرة (يو24: 12). ونلاحظ أن الباكورة كانت تقدم من الشعير أكل الفقراء والمساكين فالمسيح جاء ليرفع المسكين.

وكما سنرى فإن المسيح صُلِبَ فعلاً يوم الجمعة وتوافق هذا مع تقديم خروف الفصح بل هم صلبوه وتركوه في حراسة الجنود الرومان، وذهبوا ليأكلوا الفصح (14 نيسان) وفي اليوم الثالث (16 نيسان) بينما كان اليهود يتبادلون التهنئة بعيد الباكورة. كان التلاميذ يتبادلون التهنئة بقيامة المسيح باكورة الراقدين أو باكورة القائمين من الموت. فالمسيح بقيامته أظهر أنه هو الباكورة الحقيقية فهو قام يوم عيد الباكورة. ونلاحظ أن الشعب إحتفل بعيدي الفصح والفطير في البرية ولكن عيد الباكورة إحتفلوا به لأول مرة بعد أن دخلوا الأرض. فعيد الباكورة أي القيامة لابد وأن تكون في الأرض الجديدة والسماء الجديدة.

موت المسيح كان رمزه الفصح فهو فصحنا الذي مات ليخلصنا من إنساننا العتيق أو من خميرة الفساد التي تسللت إلينا ويحولنا إلى فطير، وقام من الأموات ليهبنا نحن أيضاً فيه القيامة (كو15: 1 + 1كو20: 15) ورفعنا لحضن أبيه لنحيا في السماويات (أف6: 2) ونلاحظ أن هذا العيد أيضاً هو الثالث في الأعياد. وهو ثالث يوم الفصح فرقم 3 يشير للقيامة.

عيد الخمسين:

هذه المجموعة من الأعياد هي وحدة واحدة (فصح / فطير / باكورة / خمسين) رمزاً لوحدة أخرى هي (الصلب / القيامة / تقديس الكنيسة / حلول الروح القدس) وقد سمى هذا العيد بعيد الأسابيع لأنه يأتي بعد 7أسابيع من الباكورة (خر22: 34 + تث10: 16). كما دُعِىَ عيد الخمسين وباليونانية البنطقستي (أع1: 2) وقد حلّ الروح القدس على التلاميذ يوم الخمسين فعلاً (راجع أيضاً أع16: 20). وهذا العيد هو أيضاً عيد زراعي كالباكورة ويسمى عيد الحصاد (خر16: 23) إذ يأتي في ختام موسم الحصاد بعد نضج القمح. ونسميه عيد تأسيس الكنيسة ففي هذا اليوم حلّ الروح القدس على الكنيسة ليؤسسها وبعظة بطرس آمن 3000نفس وبدأ الحصاد. لقد ماتت حبة الحنطة وقامت وبدأت تأتي بالثمر الكثير (يو24: 12) وكان بالنسبة لليهود غاية هذا العيد هو تقديم الشكر لله بمناسبة حصاد القمح.

عيد الهتاف:

هو عيد بداية السنة المدنية، وبداية الشهر السابع من السنة الدينية وكانوا يحتفلون به بالهتاف في الأبواق من الصباح للغروب. والبوق يستعمل في الإنذار أو الدعوة للحرب. والكنيسة تستخدم كلمة الله في الإنذار وللدعوة للجهاد ضد الخطية. ومن يسمع ويتوب يبدأ حياة جديدة (رمزها السنة الجديدة) فالتوبة معمودية ثانية.

عيد الكفارة (يوم الكفارة):

رمز ليوم الصليب. وتأتي تفاصيله في (لا16) هو يوم تذلل ودموع.

عيد المظال:

هو عيد مفرح بهيج. فمن يزرع بالدموع (يوم الكفارة) يحصد بالإبتهاج. ومن يتذلل أمام الله ويحيا في غربة في هذا العالم (7 أيام المظال). يحيا في فرح هو عربون أفراح الأبدية (اليوم الثامن ورقم 8 يشير للأبدية).

التوقيت بحسب ما اعتدنا عليه الآن.

فاليوم يبدأ بالصباح وينتهي بالمساء

يوم الفصح

.

التوقيت بالطريقة اليهودية. وفيها اليوم يبدأ من مساء اليوم الذي يسبقه.

(نفس طريقة كنيستنا فاليوم يبدأ من عشية اليوم السابق).

تحديد يوم الفصح في أسبوع آلام السيد المسيح.

(كتاب الأسرار السبعة. حبيب جرجس).

هناك رأيين في تحديد يوم الفصح في أسبوع آلام السيد المسيح: -.

الأول: أنه كان يوم الخميس. وأن يوم الخميس في ذلك الأسبوع كان يوم 14 نيسان في تلك السنة. وأصحاب هذا الرأي هم الكنيسة الكاثوليكية وبحسب هذا الرأي يقولون أن السيد المسيح إحتفل بالفصح مع تلاميذه يوم الخميس مساءً ثم أسس سر الإفخارستيا. ولما كان بحسب الطقس اليهودي أنه يمنع إستخدام الفطير إبتداء من هذه الليلة ولمدة أسبوع، فهم يستخدمون الفطير في سر الإفخارستيا إستناداً على أن المسيح استخدم الفطير. وهم يستندون في ذلك على ما جاء في أناجيل متى ومرقس ولوقا. "وفي أول أيام الفطير" تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين له "أين تريد أن نعد لك لتأكل الفصح" (مت17: 26 - 19 + مر12: 14 + لو7: 22، 8). ويستندون على قول متى ومرقس وفي أول أيام الفطير. وعلى قول لوقا وجاء يوم الفطير.

الثاني: أن يوم الفصح كان يوم الجمعة 14 نيسان أي أن اليهود صلبوا المسيح وذهبوا ليأكلوا الفصح. وبالتالي كان يوم الخميس هو 13 نيسان قبل الفصح، ويكون ما قدّمه المسيح في سر الإفخارستيا هو خبز مختمر وليس فطيراً. وهذا الرأي هو رأي كنيستنا الأرثوذكسية والدليل على ذلك.

(يو1: 13 - 27) أما يسوع قبل عيد الفصح.. ثم يذكر حادثة غسل الأرجل فهنا يصرح يوحنا بأن العشاء الرباني وغسل الأرجل كانا قبل الفصح.

(يو1: 12 - 13) ثم قبل الفصح بستة أيام أتى يسوع.. عشاء بيت عنيا فهذا العشاء كان قبل الفصح بستة أيام. وهذا العشاء كان يوم السبت لأن في آية (12) يقول وفي الغد (أي الأحد) دخل يسوع أورشليم يوم أحد الشعانين. وبالتالي يكون الفصح قد تحدد أنه يوم الجمعة.

(يو28: 18) ثم جاءوا بيسوع من عند قيافا إلى دار الولاية.. ولم يدخلوا هم لئلا يتنجسوا فيأكلون الفصح. إذاً اليهود لم يدخلوا دار الولاية صباح الجمعة لئلا يتنجسوا لأن الذي يأكل الفصح يجب أن يكون طاهراً (عد6: 9 - 11). وهذا يدل أن فصح اليهود لم يكن قد بدأ في يوم الجمعة صباحاً وكانوا سيأكلونه مساءً.

(مت62: 27 - 64) وفي الغد الذي بعد الاستعداد..

(مر42: 15، 43) ولما كان المساء إذ كان الاستعداد.

(لو54: 23) وكان يوم الاستعداد والسبت يلوح.

فما هو هذا الاستعداد؟ هو الاستعداد للفصح كما أوضحه (يو13: 19، 14، 42).

أحداث شراء اليهود ورؤساء الكهنة لحقل الفخاري (مت2: 27 - 7). وشراء يوسف الكتان لتكفين المسيح (مر46: 15 + لو53: 23) وتسخير سمعان القيرواني ليحمل صليب المسيح (مر21: 15 + لو26: 23) لا يمكن أن تتم ويكون الفصح قد دخل ففي الفصح يمتنع البيع والشراء والتسخير. وكذلك نسمع أن سمعان القيرواني كان آتياً من الحقل وهذا لا يجوز في الفصح.

(يو31: 19).. لأن يوم ذلك السبت كان عظيماً.. فالسبت كان عظيماً بسبب وقوع الفصح فيه. وفي هذه الآية أيضاً نرى أن عصر الجمعة حين موت المسيح على الصليب كان استعداد الفصح لا يوم الفصح.

(مت15: 27 - 26 + مر6: 15، 15 + لو17: 23) نرى فيها أن بيلاطس كان يطلق لليهود أسيراً في العيد وأنه أطلق باراباس لهم يوم الجمعة ومن هذا نفهم أن الفصح لم يكن قد حل بعد. فالعادة أن يطلق الأسير قبل أن يحل يوم الفصح.

(يو27: 13 - 29). بعد اللقمة دخله الشيطان.. يسوع قال له اشتر ما نحتاج إليه للعيد. فواضح أن وقت تأسيس سر العشاء الرباني لم يكن الفصح قد حل بعد.

(مت3: 26 - 5 + مر1: 14، 2) نرى هنا أن رؤساء الكهنة اهتموا بأن يتم صلب المسيح قبل العيد لئلا يقع شغب في الشعب المجتمع من كل ناحية.

الكلمة المستخدمة في الأناجيل عن الخبز هي آراطوس وتشير للخبز المختمر (مر22: 14).

إن سر الإفخارستيا لم يتمم منذ الأزمنة الرسولية إلاّ بخبز مختمر.

الرد على الرأي الأول:

من يقول أن الفصح كان يوم الخميس يستند على قول متى ومرقس "وفي أول أيام الفطير. وقول لوقا وجاء يوم الفطير. وقول لوقا يسهل الرد عليه فهو لا يعني سوى ولما إقترب يوم الفطير فالأمور المقرر وقوعها في وقت معين يقال عنها جاءت أو بلغت إذا كان الوقت قريباً جداً. ويكون ما قصده لوقا أن الفصح صار قريباً على الأبواب.

أما قول متى ومرقس وفي أول أيام الفطير. نجد أن كلمة أول باليونانية هي "بروتي" وتعريبها أول ولكنها تعني أيضاً قبل. ويحدث هذا في لغتنا العربية أن كلمة أول تعني قبل (مثال أول من أمس = قبل أمس) وبهذا يصبح قول متى ومرقس بحسب هذا المفهوم "وقبل الفطير.." والفصح الذي أراده مخلصنا هو ليس الفصح اليهودي بل هو الفصح الجديد. الذي قال عنه شهوة إشتهيت أن آكل هذا الفصح معكم قبل أن أتألم (لو15: 22) والذي قال عنه "هذا هو دمي الذي للعهد الجديد" (مت28: 26). فهل كان السيد يشتهي أن يأكل الفصح اليهودي، وهو قد أكله معهم مرات من قبل؟! بل هو كان يشتهي أن يعطيهم جسده ودمه فصحاً جديداً بعهد جديد ليوحدهم به ويكون لهم حياة، بل يشتهي أن يكمل هذا بوصولهم للسماء [لو14: 25] بالقطع فالمسيح كان لا يشتهي أن يذكر الخروج من مصر أو يأكل لحم خراف، بل هو يريد أن يعطي تلاميذه سر الحياة جسده ودمه مأكل حق ومشرب حق (يو55: 6). هو إشتهى أن يكشف لتلاميذه سر الفصح الكبير الحقيقي.

مما سبق نرى تطابق رائع بين الأعياد اليهودية وما حدث في هذا الأسبوع: -.

فالمسيح دخل أورشليم مع إختيارهم لخروف الفصح وصُلِبَ مع ذبحهم لخروف الفصح وقام يوم الباكورة فهو باكورتنا. والروح القدس حلّ يوم الخمسين يوم عيد الحصاد، يوم تأسست الكنيسة وآمن 3000 بعظة واحدة لبطرس.

ترتيب أحداث أسبوع الآلام.

يوم السبت.

إقامة لعازر (يو1: 11 - 46).

ذهاب يسوع إلى مدينة إفرايم (يو47: 11 - 54).

مريم تدهن يسوع بالطيب في بيت عنيا (مت6: 26 - 13 + مر3: 14 - 9 + يو55: 11 - 11: 12).

ملحوظة: تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية بإقامة لعازر في يوم السبت وتسميه سبت لعازر، بينما أن المعتقد أن المسيح أقام لعازر قبل يوم السبت بعدة أيام. وهذا يتضح من (يو47: 11 - 54). ولكن الكنيسة تفضل الاحتفال به قبل أسبوع الآلام ويوم أحد الشعانين مباشرة. فإقامة لعازر كانت السبب المباشر لاستقبال الجماهير الحافل للمسيح يوم الأحد (يو17: 12، 18). وكانت السبب المباشر لهياج رؤساء الكهنة وإصرارهم على الإسراع بقتل المسيح بل وقتل لعازر أيضاً حتى لا يذهب الناس وراءه ويؤمنون به.

يوم الأحد أحد الشعانين.

دخول المسيح أورشليم في موكب عظيم.

(مت1: 21 - 11 + مر1: 11 - 11 + لو29: 19 - 44 + يو12: 12 - 19).

طلب اليونانيين أن يروا يسوع (يو20: 12 - 36).

يوم الاثنين.

شجرة التين غير المثمرة (مت18: 21، 19، [20 - 22] + مر12: 11 - 14، [20 - 26]).

تطهير يسوع للهيكل للمرة الثانية.

(مت12: 21 - 17 + مر11: 11، 15 - 19 + لو45: 19 - 48 + لو37: 21، 38).

كانت المرة الأولى في بداية خدمة المسيح (يو14: 2 - 17).

يوم الثلاثاء.

يوم الأربعاء.

بحسب تقليد كنيستنا فهو يوم المشورة الرديئة لرؤساء اليهود مع يهوذا وهو يوم إعتزال يرجح أن السيد مكث فيه في بيت عنيا.

يوم الخميس خميس العهد.

يوم الجمعة الجمعة العظيمة.

* هذه الأحداث لا يمكن تحديد ميعادها تماماً، هل هو قبل منتصف الليل أو بعده. وبعض الكتب تنسبها ليوم الخميس وبعض الكتب تنسبها ليوم الجمعة. وبحسب كتاب ترتيب قراءات أسبوع الآلام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقع معظم هذه الأحداث يوم الخميس أي قبل منتصف ليلة الجمعة.

يوم السبت.

الحراس على القبر (مت62: 27 - 66).

يوم الأحد يوم القيامة المجيدة.

يوم الأحد. أحد الشعانين.

دخول السيد المسيح إلى أورشليم هو طريق للقيامة.

كان الهدف من تجسد السيد المسيح وفدائه هو أن تكون لنا حياة أبدية وهذا ما تم بقيامة السيد المسيح من الأموات لنقوم نحن فيه.

والطريق لذلك يتم عبر موت الإنسان العتيق الذي فينا وقيامة إنسان جديد في المسيح وهذا يبدأ بالمعمودية، ونكمل بحياة التوبة التي هي قيامة أولى. وهذه لو تمت تكون لنا قيامة ثانية في مجئ السيد المسيح الثاني.

ولنرى الخط العام للأناجيل الأربعة وكيف شرحت هذا، ولنعلم أن الإنجيليين ليسوا مؤرخين لكنهم يقدمون بشارة الخلاص، والطريق للخلاص، كلٌ بطريقته.

ونرى أن الطريق للقيامة كان الصلب "مع المسيح صلبت لأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ" (غل20: 2).

ونرى أن المسيح أتى ليطهرنا (تطهير الهيكل = تطهير القلب).

والطريق لسكنى حياة المسيح فيَّ هو التشبه بالمسيح في تواضعه. فالله يسكن عند المنسحق والمتواضع القلب (إش15: 57). وهذا معنى نزول زكا عن الشجرة ليدخل المسيح بيته. والتواضع عكس طلب أم إبنى زبدي. وطلب أم إبنى زبدي سبق تفتيح أعين العميان. ومن إنفتحت عيناه لن يطلب عظمة أرضية، بل يقبل ملك المسيح على قلبه بفرح.

دخول المسيح أورشليم كملك هو دخول المسيح كملك لقلبي ليملك عليه، وهذا معنى "من يحبني يحفظ وصاياي" (يو21: 14، 23).

ملحوظة: أناجيل مرقس ولوقا ويوحنا تذكر الجحش الذي دخل المسيح أورشليم راكباً إياه، بينما إنجيل متى يذكر أتان وجحش. وأناجيل مرقس ولوقا ويوحنا تذكر فتح أعين أعمى، ولكن متى يذكر فتح أعين أعميين. والسبب أن مرقس ولوقا ويوحنا يكتبون للأمم (رمزهم جحش لم يركبه أحد من قبل. والأمم لم يملك الله عليهم من قبل). ولكن متى يكتب لليهود (الذين رمزهم الحمار وهذا قد ركبه الناس رمزاً لملك الله عليهم منذ زمن) والمسيح أتى للكل يهوداً وأمم، وكلاهما كان أعمى فتح المسيح بصرهم.

قراءات الكنيسة لها نفس منهج الإنجيل.

(قطمارس الصوم الكبير).

أحد الرفاع: الصوم والصلاة والصدقة: هذا طريق السماء (فالقيامة هي هدف هذا الأسبوع: فالصوم صلب عن العالم، والصلاة هي صلة مع الله والصدقة هي فعل الخير للمحتاج، فالمحتاج هو أخ للرب، وبها نتقابل مع الرب فنحيا في السماء.

الأحد الأول: الكنز: من يفعل ما سبق لن يخسر بل يصنع له كنزاً في السماء.

الأحد الثاني: التجربة: لابد وأن نتعرض للتجارب، ولكنها طريق للإمتلاء من الروح والنمو (لو14: 4).

الأحد الثالث: الإبن الضال: هو دعوة لكل إنسان مهما كانت حالته ليأتي بالتوبة والله مستعد لقبوله.

الأحد الرابع: السامرية: المسيح أتى ببشارة الخلاص لكل العالم، لليهود والسامريين والأمم. ومن يقبل يجد الماء الحي والشفاء.

الأحد الخامس: المخلع: يسأله الرب هل تريد أن تبرأ؟ فالتوبة هي عمل مشترك بين الله وبيني، الله يدعو وأنا حر إن كنت أستجيب أو لا أستجيب "توبني فأتوب لأنك أنت الرب إلهي" (إر18: 31). ونلاحظ في قراءات الأسبوع أنها تشير لما يحصل عليه التائب من شبع فالمسيح خبز الحياة، وأن يحيا في النور، وهذا لن يحصل عليه رافض التوبة، بل يحيا في جوع وفي ظلمة. ولاحظ قول السيد المسيح للفريسيين في قراءات يوم السبت من هذا الأسبوع "كم مرة أردت ولكنكم لم تريدوا ها بيتكم يترك لكم خراباً" (مت37: 23) ومازال المسيح يسأل أنا أريد فهل تريد أن تبرأ.

الأحد السادس: المولود أعمى: المسيح يفتح عينيه بغسله في الماء إشارة للمعمودية التي تعطي إستنارة، فيعرف المسيح ويؤمن به، وهذا هو "أحد التناصير" ولاحظ أن الأسابيع الماضية كان موضوعها هو التوبة، فمن يقدم توبة تنفتح عيناه ويعرف المسيح. ويقبله ملكاً على قلبه.

الأحد السابع: أحد الشعانين: المسيح يدخل لقلبي كملك يملك عليه، وأطيعه في محبة فيطهر قلبي كما طهر الهيكل. ومن لا يقبل يُدان (شجرة التين).

أحد القيامة: من قبل المسيح ملكاً وتطهر قلبه وصارت له قيامة أولى، ستكون له قيامة ثانية بجسد ممجد.

المركبة الكاروبيمية.

الجالس فوق الشاروبيم اليوم ظهر في أورشليم.

راكبا على جحش بمجد عظيم وحوله طقوس ني أنجيلوس.

لنرى مصادر هذا اللحن الشعانينى.

ركب على كروب وطار (مز18: 10).

هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب.

على.. جحش.. (زك9: 9).

ركب على كروب = الجالس فوق الشاروبيم = المسيح يجد راحته فيهم لأنهم يعرفونه.

وهذا معنى أنهم مملوئين أعيناً.. (حز 10: 12) + (رؤ 4: 6). ولذلك يسبحونه قائلين "قدوس قدوس قدوس" (رؤ4: 8).

وطار = نرى في الإصحاح الأول من نبوة حزقيال منظر المركبة الكاروبيمية التي يركبها الله ويطير بها للسماء، وقطعا فالله لا يحتاج لمركبة من الملائكة لتحمله إلى السماء، فهو ساكن في الأعالي بل لا يحده مكان، ولكن هذا التصوير يشير إلى أن من يرتاح الله فيه، فالله هو الذي يحمله إلى أعلى السموات.

واليوم عيد دخول المسيح إلى أورشليم، وأورشليم تشير لقلبي أنا، فكيف يدخل المسيح إلى قلوبنا؟

أن يرتاح المسيح فينا كما يرتاح في الشاروبيم = بأن نعرفه.. كيف؟

هذا عن طريق الأربعة الأناجيل ولذلك فرموزها هي وجوه الكاروبيم (رؤ4: 7).

الإنسان = متى أكثر من تكلم عن المسيح ابن الإنسان.

الأسد = مرقس قدم المسيح كملك قوى.

الثور = لوقا قدم المسيح ذبيحة ليقبل الله الجميع.

النسر = يوحنا قدم المسيح ابن الله السماوي.

لكن بدون عمل المسيح فلا قبول لنا.. ومرة ثانية نتقابل مع وجوه الكاروبيم.

الإنسان = التجسد.

الثور = ذبيحة الصليب.

الأسد = القيامة.

النسر = الصعود.

والآن ما هو دورنا بعد ما تمم المسيح عمله؟... تقديس (تكريس وتخصيص) كل طاقاتنا للمسيح.

الإنسان = الطاقة العقلية.

الأسد = القوة العضلية.

الثور = الطاقة الشهوانية التي كانت طاقة حب لله.

النسر = الطاقة الروحية وهذه تعنى ممارسة التسابيح والصلوات مع الأصوام...

أن نتواضع متخذين المسيح نموذج لنا، فيسكن الله عندنا "فهو يسكن عند المنسحقين.." (اش57: 15).

بل قل أن التواضع لا معنى له بالنسبة للإنسان، هذا ممكن فقط للمسيح السماوي العالي الذي نزل، أما نحن أصلا فمن أسفل. التواضع لنا حقيقة هو أن ندرك حقيقتنا، وإننا لا شيء، قيمتنا هي بالمسيح.

وأيضا أن نعطى قيادة حياتنا للمسيح، كما قاد المسيح هذا الجحش اليوم ودخل به إلى أورشليم أو قل نكون كالفرس الأبيض الذي يركبه الفارس (المسيح) الذي خرج غالباً ولكي يغلب (رؤ6: 2).

والملخص فالمسيح يرتاح ويسكن فينا = 1) بأن نعرفه 2) التواضع والانسحاق.

3) أن نعطى المسيح قيادة حياتنا وهذه تأتى بأن نسلم تماما كل أمور حياتنا له بدون أي تذمر ونطيع كل وصاياه.

ومن يقبل ويفعل:

1) يصير مركبة مثل المركبة الكاروبيمية أي يحمله المسيح الساكن فيه فيحيا في السماويات هنا، ويدخل أورشليم السماوية في الأبدية.

2) الذي يسكن المسيح عنده تصير له إمكانيات لا نهائية عبر عنها بولس الرسول بقوله "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني" (فى4: 13) ونعود لوجوه الكاروبيم:

الإنسان = الحكمة.

الأسد = الأقوى جسديا.

الثور = شهوة الحب كلها لله.

النسر = هذا يحلق روحيا في السماويات وله قوة إبصار عجيبة (الإفراز).

3) بل تكون للإنسان شفاعة في الخليقة، ألم يقل الله عن الأنبا بولا "أن نهر النيل يفيض بسببه". وتغير طبع الثعبان من وجوده مع الأنبا برسوم العريان.

وقيل أن هذا كان عمل الكاروبيم:

فمن له وجه الإنسان يشفع في البشر.

والذي له وجه الثور يشفع في حيوانات الحقل.

والذى له وجه الأسد يشفع في حيوانات البرية.

والذى له وجه النسر يشفع في الطيور.

ولا شفاعة في الزواحف فمنها الحية رمز إبليس، ولا شفاعة في الأسماك فهي تحيا في البحر وهو رمز للعالم بشهواته، ومن يحيا فيها فهو ميت.

دخول المسيح أورشليم في موكب عظيم.

مت1: 21 - 11 + مر1: 11 - 11 + لو29: 19 - 48 + يو12: 12 - 19.

هذا اليوم كان في خطة الله الأزلية، وهو يوم إعلان ملكه ونوع ملكه. فدخل المسيح أورشليم في موكب ملك كمنتصر غالب في الحرب، لكن بتواضع ومحبة وما حدث من إستقبال الناس له لم يكن بترتيب بشري إنما هو بترتيب إلهي. وكملك دخل بيت أبيه أي الهيكل ليطهره.

الآيات (مت1: 21 - 11): -.

"1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا». 4فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5«قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ». 6فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8 وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ». 10 وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟ » 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».".

بيت عنيا وبيت فاجي هما من ضواحي أورشليم فهما تحسبان أنهما من أورشليم. فهناك طريق واحد منهما إلى أورشليم. وبيت عنيا توجد على السفح الشرقي، شمال جبل الزيتون، وبيت فاجي على السفح الشرقي، جنوب جبل الزيتون،.

أمّا السفح الغربي لجبل الزيتون فيقع عليه بستان جثسيماني. ونلاحظ أن قمة جبل الزيتون تحجب رؤيا أورشليم عمن هو في بيت عنيا. وقد أتى المسيح إلى بيت عنيا لوليمة سمعان الأبرص عشية يوم الأحد.

ودخل المسيح فصحنا إلى أورشليم عشية يوم 10نيسان، وهو اليوم الذي يحفظ فيه خروف الفصح حتى يقدم يوم 14نيسان. فالمسيح دخل أورشليم في نفس اليوم الذي يختارون فيه خروف الفصح. كانت أورشليم تكتظ بالحجاج (أع8: 2 - 11) ويقدرهم يوسيفوس بحوالي 2700000حاج.

ونلاحظ أن الأناجيل الأربعة إهتمت بهذا الأسبوع الأخير من حياة السيد المسيح فمثلاً إنجيل متى إشتمل على الإصحاحات 21 - 28 ليروي فيها ما حدث في هذا الأسبوع، أسبوع آلام السيد والذي قدَّم فيه السيد نفسه ليكون فصحنا ويعبر بنا من الظلمة إلى ملكوته الأبدي.

الآيات (مت1: 21 - 3): -.

"1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَيْتِ فَاجِي عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، حِينَئِذٍ أَرْسَلَ يَسُوعُ تِلْمِيذَيْنِ 2قَائِلاً لَهُمَا: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَانًا مَرْبُوطَةً وَجَحْشًا مَعَهَا، فَحُّلاَهُمَا وَأْتِيَاني بِهِمَا. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئًا، فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا».".

جاءوا إلى بيت فاجي = ومرقس يقول بيت فاجي وبيت عنيا.. وأنظر الرسم، ومنه نفهم أن حدود بيت عنيا وبيت فاجي مشتركة ولهما طريق واحد مشترك إلى أورشليم. وقلنا سابقاً أن بيت عنيا تعني بيت الألم والعناء. أمّا بيت فاجي فتعني بيت التين (ربما لكثرة أشجار التين فيها). ولكن التينة تشير للكنيسة التي يجتمع أفرادها في محبة، وهي في العالم في عناء (الحدود مشتركة) لكن المسيح في وسطها. يفرح بالحب الذي فيها ويشترك في ألامها ويرفعها عنها ويعزيها وهي على الأرض. أتاناً مربوطة وجحشاً معها = أمّا باقي الإنجيليين (مرقس ولوقا ويوحنا) فقد ذكروا الجحش فقط وقالوا لم يجلس عليه أحد قط. وقال معظم الأباء أن الأتان المربوطة تشير لليهود الذين كانوا مؤدَّبين بالناموس مرتبطين به، خضعوا لله منذ زمان. لكنهم في تمردهم وعصيانهم مثل الحمار الذي إنحط في سلوكه ومعرفته الروحية، يحمل أحمالاً ثقيلة من نتائج خطاياه الثقيلة، والحمار حيوان دنس بحسب الشريعة. وهو من أكثر حيوانات الحمل غباءً، هكذا كان البشر قبل المسيح. أمّا الجحش فيمثل الأمم الشعب الجديد الذي لم يكن قد إستخدم للركوب من قبل، ولم يروَّض لا بالناموس ولا عَرِف الله، عاشوا متمردين أغبياء في وثنيتهم، لم يستخدمه الله قبل ذلك ولذلك فهم بلا مران سابق وبلا خبرات روحية. (مز12: 49). أتان = أنثى الحمار. جحش = حمار صغير.

ومتى وحده لأنه كتب لليهود أشار للأتان والجحش، أمّا باقي الإنجيليين فلأنهم كتبوا للأمم أشاروا فقط للجحش. ربما ركب المسيح على الأتان فترة من الوقت، وعلى الجحش فترة أخرى ليريح الجحش. لكن الإنجيليين الثلاثة يشيروا لبدء دخول الإيمان للأمم.

ونلاحظ في (رؤ2: 6) أن المسيح ظهر راكباً على فرس أبيض يشير لنا نحن المؤمنين. فالمسيح يقودنا في معركة ضد إبليس وخرج غالباً ولكي يغلب فينا. حينئذ أرسل يسوع تلميذين = رمز لمن أرسلهم المسيح من تلاميذه إلى اليهود والأمم. قولا الرب محتاج إليهما = هذه تشير لأن الله يريد أن الجميع يخلصون (يهوداً وأمم). ولاحظ أنه لم يقل ربك محتاج أو ربنا محتاج بل الرب محتاج فهو رب البشرية كلها، وأتى من أجل كل البشرية. وهو هنا يتطلع إلى البشرية ليس في تعالٍ بل كمن هو محتاج إلى الجميع، يطلب قلوبنا مسكناً له وحياتنا مركبة سماوية تحمله. فحلاّهما = هذه هي فائدة الكرازة التي قام بها التلاميذ في العالم، أن يؤمن العالم فَيُحَّلُ من رباطات خطيته (يو22: 20، 23) التي كان يحملها كما يحمل الحمار الأثقال على ظهره. الكنيسة تحل أولادها من رباطات الخطية ليملك عليها المسيح ويقودها لكن كفرس في معركة ضد الشيطان.

ونلاحظ أن المسيح لم يدخل أورشليم ولا مرّة، ولا أي مدينة أخرى في موكب مهيب بهذه الصورة سوى هذه المرة لإعلان سروره بالصليب، وهو قبل هذا الموكب فهو حسبه موكبه كملك يملك بالصليب. ويوحنا وحده الذي أشار لهتاف الجماهير بقولهم ملك إسرائيل. ونلاحظ أن المسيح لم يدخل كالقادة العسكريين على حصان، فمملكته ليست من هذا العالم، ويرفض مظاهر العظمة العالمية والتفاخر العالمي. ويطلب فقط مكاناً في القلوب، يحمل عنها خطاياها التي تئن من ثقلها (كالحمار) فترد لهُ جميله بأن تسكنه في قلبها (مز22: 73، 32) فيحولها لمركبة سماوية (مز10: 18) إن قال لكما أحد شيئاً = غالباً كان صاحب الحمار من تلاميذ المسيح الذين آمنوا به سراً.

الآيات (مت4: 21 - 5): -.

"4فَكَانَ هذَا كُلُّهُ لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: 5«قُولُوا لابْنَةِ صِهْيَوْنَ: هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِيكِ وَدِيعًا، رَاكِبًا عَلَى أَتَانٍ وَجَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ».".

إبنة صهيون = أي سكان أورشليم (أش11: 62 + زك9: 9) والإقتباس تماماً من السبعينية. يأتيك وديعاً = حتى لا يهابوه بل يحبوه لذلك دخل راكباً أتان ولم يركب حصان في موكب مهيب كقائد عسكري. ولكنه الآن يركب حصان، فرس أبيض الذي هو أنا وأنت ليحارب إبليس ويغلب. ومن الذي يغلب إلاّ الذي دخل المسيح قلبه وملك عليه، فدخول المسيح أورشليم يشير لدخوله قلوبنا.

الآيات (مت6: 21 - 8): -.

"6فَذَهَبَ التِّلْمِيذَانِ وَفَعَلاَ كَمَا أَمَرَهُمَا يَسُوعُ، 7 وَأَتَيَا بِالأَتَانِ وَالْجَحْشِ، وَوَضَعَا عَلَيْهِمَا ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِمَا. 8 وَالْجَمْعُ الأَكْثَرُ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.".

فرش الثياب هي عادة شرقية دليل إحترام الملوك عند دخولهم للمدن علامة الخضوع وتسليم القلب. ونحن فلنطرح أغلى مالدينا تحت قدميه. فما حدث يعني أنهم يقبلونه ملكاً عليهم، أو يملكونه عليهم. وإستخدامهم لأغصان الأشجار (غالباً شجر الزيتون) مع سعف النخيل يشير للنصرة (نصرة على الخطية) مع السلام. فالنخل يشير بسعفه للنصرة والغلبة (رؤ9: 7). والأغصان تشير للسلام (حمامة نوح عادت بغصن زيتون) وهذا ما كان اليهود يفعلونه وهم يحتفلون بعيد المظال، عيد الأفراح الحقيقية وهذا يدل على فرح الشعب بالمسيح الذي يدخل أورشليم. وكل من يملك المسيح على قلبه يغلب ويفرح. وفرش الأرض بالخضرة هو رمز للخير الذي يتوقعونه حين يملك المسيح.

آية (مت9: 21): -.

"9 وَالْجُمُوعُ الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ».".

إستعمل البشيرون عبارات مختلفة ولكن هذا يعني أن البعض كان يقول هذا والبعض الآخر كان يقول تلك. وكل إنجيلي إنتقى مما قيل ما يتناسب مع إنجيله. أمّا تسابيحهم فتركزت في كلمة أوصنا نطق أرامي معناه خلصنا فهي مأخوذة من هوشعنا بمعنى الخلاص أي يا رب خلص (هو من يهوه)، فالفرح كان بالمسيح المخلص وغالباً هم فهموا الخلاص أن المسيح سيملك عليهم أرضياً ويخلصهم من الرومان. وهذه التسبحة (أوصنا....) مأخوذة من مزمور (118).

الجموع الذين تقدموا والذين تبعوا = طبعاً هذه تشير لأن بعض الجموع تقدموا الموكب وبعض الجموع ساروا وراء الموكب. ولكنها تشير لمن آمن بالله وعاشوا قبل مجيء المسيح من القديسين، ولمن آمن بالمسيح بعد مجيئه. فالكل إستفاد بالخلاص الذي قدَّمه المسيح. الكل في موكب النصرة. لذلك فالمسيح نزل إلى الجحيم من قِبَلْ الصليب ليفتحه ويخرج القديسين الذين كانوا فيه ويأخذهم إلى الفردوس. فالمسيح هو مخلص كل العالم. أوصنا لإبن داود = إشارة لناسوت المسيح وتجسده. أوصنا في الأعالي = فهو الذي أتى من السماء وسيذهب للسماء.. (يو13: 3). ولاحظ أن متى الذي يتكلم عن المسيح إبن داود يشير لهذا بقوله أوصنا لإبن داود فهو تجسد ليرفعنا فيه للأعالي = أوصنا في الأعالي.

الآيات (مت10: 21 - 11): -.

"10 وَلَمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: «مَنْ هذَا؟ » 11فَقَالَتِ الْجُمُوعُ: «هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجَلِيلِ».".

سكان المدينة لم يعرفوه. ولكن من سمع عنه وعمل معه معجزات قد عرفوه. وهؤلاء كان أغلبيتهم من الجليليين الذين هم في وسط الجموع. وكل من دخل المسيح قلبه يرتج قلبه فيطرد من داخله كل خطايا تمنعه من الفرح بالمسيح المخلص ويبدأ في التعرف عليه. لقد خطط المسيح دخوله أورشليم في هذا الموكب المهيب ليعلن أنه ملك ولكن على القلوب وكجزء من تدبير صلبه يوم الفصح (الجمعة). فهو بهذا أثار اليهود ضده فهو دخل كملك ظافر، المسيا الآتي لخلاص شعبه (فهو ملك بصليبه).

الأعداد 1-10

الآيات (مر1: 11 - 10): -

"1 وَلَمَّا قَرُبُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا، عِنْدَ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ، 2 وَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، فَلِلْوَقْتِ وَأَنْتُمَا دَاخِلاَنِ إِلَيْهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ. فَحُلاَّهُ وَأْتِيَا بِهِ. 3 وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَفْعَلاَنِ هذَا؟ فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ. فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُ إِلَى هُنَا». 4فَمَضَيَا وَوَجَدَا الْجَحْشَ مَرْبُوطًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا عَلَى الطَّرِيقِ، فَحَلاَّهُ. 5فَقَالَ لَهُمَا قَوْمٌ مِنَ الْقِيَامِ هُنَاكَ: «مَاذَا تَفْعَلاَنِ، تَحُلاَّنِ الْجَحْشَ؟ » 6فَقَالاَ لَهُمْ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ. فَتَرَكُوهُمَا. 7فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. 8 وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ. 9 وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا، وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! 10مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ الآتِيَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ». 11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

إنجيل مرقس كله 16 إصحاح، إستغرق 10إصحاحات منهم 3 سنة من حياة المسيح على الأرض و6 إصحاحات لأسبوع الآلام (11 - 16). ممّا يشير لأن مركز الثقل في خدمة المسيح كانت آلامه وفداؤه للبشرية أكثر مماّ هي تعاليمه لذلك تصلي الكنيسة "بموتك يا رب نبشر" وكانت كرازة التلاميذ محورها صلب المسيح وموته وقيامته. ونلاحظ أن زيارة المسيح لأورشليم هي إفتقاده الأخير لهذه المدينة حتى تكون بلا عذر.

آية (مر4: 11): -.

"4فَمَضَيَا وَوَجَدَا الْجَحْشَ مَرْبُوطًا عِنْدَ الْبَابِ خَارِجًا عَلَى الطَّرِيقِ، فَحَلاَّهُ.".

وجدا الجحش مربوطاً عند الباب خارجاً على الطريق = هذا أحسن وصف لحال الأمم. فهم مشبهون بالجحشن لم يتمرن ولم يخضع لناموس الله وشريعته من قبل، يعيشون في وثنيتهم وخطاياهم في غباوة كالجحش، خطيتهم أفقدتهم حكمتهم. مربوطين برباطات خطاياهم وشهواتهم. خارجاً عن رعوية الله كالإبن الضال الذي ترك بيت أبيه فصار على الطريق بلا حماية من أبيه ليس من يضمه ولا من يهتم به. ولكن المسيح إهتم بهذا الإبن الضال وأتى ليحله من رباطاته وأرسل تلاميذه ليحلوه.

الآيات (مر7: 11 - 8): -.

"7فَأَتَيَا بِالْجَحْشِ إِلَى يَسُوعَ، وَأَلْقَيَا عَلَيْهِ ثِيَابَهُمَا فَجَلَسَ عَلَيْهِ. 8 وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَانًا مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.".

إلقاء الثياب رمز للخضوع، فهل نخضع أجسادنا للمسيح عوضاً عن الشهوات الدنسة. ونلاحظ أن الشهداء فرشوا أجسادهم خلال قبولهم سفك دمائهم من أجل الإيمان كطريق يسلك عليه الرب ليدخل قلوب الوثنيين. والنساك فرشوا أجسادهم بنسكهم فصارت حياتهم طريقاً يسير عليه الرب لقلوب الناس. وهكذا كل خادم يخدم الله ويتألم ويتعب. وعلى كل منّا أن يطرح عند قدمي المسيح إنسانه العتيق فيدخل المسيح لقلوبنا منتصراً. ويعطي لنا الرب مسكناً في السماء، مسكن أبدي (2كو1: 5 + مز24: 118 - 26).

آية (مر10: 11): -.

10مُبَارَكَةٌ مَمْلَكَةُ أَبِينَا دَاوُدَ الآتِيَةُ بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ». ".

أوصنا في الأعالي = هنا نرى موكب المسيا الموعود، كلنا فيه وهو رأس هذا الجسد المنطلق للسماء. ومرقس الذي يكتب للرومان أصحاب أكبر مملكة في العالم، يقول لهم أن المسيح أتى ليؤسس مملكة بإسم الرب فهي ليست من إرادة إنسان كمملكة الرومان.

الآيات (لو28: 19 - 48): -.

"28 وَلَمَّا قَالَ هذَا تَقَدَّمَ صَاعِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 29 وَإِذْ قَرُبَ مِنْ بَيْتِ فَاجِي وَبَيْتِ عَنْيَا، عِنْدَ الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ، أَرْسَلَ اثْنَيْنِ مِنْ تَلاَمِيذِهِ 30قَائِلاً: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُّلاَهُ وَأْتِيَا بِهِ. 31 وَإِنْ سَأَلَكُمَا أَحَدٌ: لِمَاذَا تَحُّلاَنِهِ؟ فَقُولاَ لَهُ هكَذَا: إِنَّ الرَّبَّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». 32فَمَضَى الْمُرْسَلاَنِ وَوَجَدَا كَمَا قَالَ لَهُمَا. 33 وَفِيمَا هُمَا يَحُّلاَنِ الْجَحْشَ قَالَ لَهُمَا أَصْحَابُهُ: «لِمَاذَا تَحُّلاَنِ الْجَحْشَ؟ » 34فَقَالاَ: «الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ». 35 وَأَتَيَا بِهِ إِلَى يَسُوعَ، وَطَرَحَا ثِيَابَهُمَا عَلَى الْجَحْشِ، وَأَرْكَبَا يَسُوعَ. 36 وَفِيمَا هُوَ سَائِرٌ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ. 37 وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا، 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي! ». 39 وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ! ». 40فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ! ».

آية (لو30: 19): -.

"30قَائِلاً: «اِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا، وَحِينَ تَدْخُلاَنِهَا تَجِدَانِ جَحْشًا مَرْبُوطًا لَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطُّ. فَحُّلاَهُ وَأْتِيَا بِهِ.".

المسيح أتى ليقوم هو بكل العمل الفدائي ولكنه في محبته أراد أن يكون لكل واحد دور وخدمة. فالتلميذين يذهبان ويحضران الجحش، وصاحب الجحش يعطيه للسيد. ونلاحظ أن من يرسله المسيح لخدمة فهو يهيئ له النجاح فيها. ونلاحظ هنا عدم إعتراض صاحب الجحش.

الآيات (لو37: 19 - 39): -.

"37 وَلَمَّا قَرُبَ عِنْدَ مُنْحَدَرِ جَبَلِ الزَّيْتُونِ، ابْتَدَأَ كُلُّ جُمْهُورِ التَّلاَمِيذِ يَفْرَحُونَ وَيُسَبِّحُونَ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقُوَّاتِ الَّتِي نَظَرُوا، 38قَائِلِينَ: «مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي! ». 39 وَأَمَّا بَعْضُ الْفَرِّيسِيِّينَ مِنَ الْجَمْعِ فَقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ، انْتَهِرْ تَلاَمِيذَكَ! ».".

سلام في السماء ومجدٌ في الأعالي = قارن هذه التسبحة بتسبحة الملائكة يوم ميلاد المسيح "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام" فهما مشتركتان في المجد في الأعالي ومفترقتان في السلام على الأرض هذا ما يقوله الملائكة. بينما يقول البشر سلام في السماء. فالملائكة فرحت بالسلام الذي صنعه المسيح على الأرض، أمّا البشر فيفرحون بالسلام الذي على الأرض ويتطلعون بفرح للسلام الذي سيحصلون عليه في الأعالي، فرحين بهذا السلام المعد لهم في السماء. وهكذا نتبادل شركتنا مع السمائيين. بينما نلاحظ أن أعداء ملكوت الله لا يفرحهم التسبيح ولهذا طلب الفريسيين من المسيح أن يسكتهم. ولنلاحظ أن المسيح إذ يقترب من قلوبنا (أورشليمنا الداخلية) فيتحول كل كياننا الداخلي إلى قيثارة يعزف عليها الروح القدس تسابيح فرحة. هذه التسابيح الفرحة هي بمناسبة نزع العداء بين السماء والأرض الذي أتى المسيح ليصنعه بصليبه، فصار سلام في السماء مع الأرض إذ لم يعد الله عدواً لنا، ولا السمائيين أيضاً. أمّا المجد الذي في الأعالي فيعني إنفتاح السماء بأمجادها على الإنسان ليتمجد في الأعالي. حقاً كان الروح القدس ينطق على أفواه هؤلاء بهذه النبوات والتسابيح. القوات التي نظروا = المعجزات التي صنعها السيد المسيح خصوصاً إقامة لعازر.

ولوقا الذي يتكلم عن المسيح شفيعنا الذي صالحنا مع الله إختار القول سلام في السماء ومجد في الأعالي فالمسيح بشفاعته حملنا للسماء ليكون لنا سلام مع السماء، ومجد في الأعالي.

آية (لو40: 19): -.

"40فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنْ سَكَتَ هؤُلاَءِ فَالْحِجَارَةُ تَصْرُخُ! ».".

من عبد الأوثان من الأمم صارت قلوبهم حجرية كأوثانهم، حتى هؤلاء آمنوا بالمسيح وسبحوه. بل يوم الصليب تحركت الحجارة وتزلزلت الأرض فعلاً.

الآيات (يو12: 12 - 19): -.

"12 وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! » 14 وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: 15«لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَِهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ». 16 وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ. 17 وَكَانَ الْجَمْعُ الَّذِي مَعَهُ يَشْهَدُ أَنَّهُ دَعَا لِعَازَرَ مِنَ الْقَبْرِ وَأَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. 18لِهذَا أَيْضًا لاَقَاهُ الْجَمْعُ، لأَنَّهُمْ سَمِعُوا أَنَّهُ كَانَ قَدْ صَنَعَ هذِهِ الآيَةَ. 19فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ! ».".

الآيات (يو12: 12 - 13): -.

"12 وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 13فَأَخَذُوا سُعُوفَ النَّخْلِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ، وَكَانُوا يَصْرُخُونَ: «أُوصَنَّا! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! مَلِكُ إِسْرَائِيلَ! ».".

وفي الغد = أي يوم الأحد. إذاً الوليمة كانت يوم السبت. الذين حضروا حفل العشاء أذاعوا النبأ السار أن يسوع الذي يريدونه كملك سيأتي إلى أورشليم. والجمع الذي إحتشد كان أغلبهم من الجليليين ومن الذين سمعوا بمعجزة إقامة لعازر فتحمسوا للقائه. وأمام هذا الإستقبال الحافل تأكدت مخاوف الفريسيين ورؤساء الكهنة ووقفوا ينظرون خائفين وحاقدين. وسعف النخيل هو رمز للنصرة والبهجة (لا40: 23 + رؤ9: 7). وهم رأوا أن يسوع هو المسيح المسيا الذي تنبأ عنه الأنبياء وأنه سيأتي من نسل داود ليعيد لهم الملك (صف15: 3 - 17 + لو32: 1 - 33) فهم كانوا يحلمون بإستعادة كرسي داود بل وأن يحكموا العالم كله. ونرى من (1مك51: 13 + 2مك4: 14) أنهم كانوا يستقبلون الملوك بسعف النخيل. ووجدت عملات مسكوكة من أيام سمعان المكابي عليها سعف النخيل. والنخيل شجرة محبوبة لأنها ترتفع شامخة نحو السماء فارشة أغصانها مثل التاج كأذرع تتوسل دائماً. خضراء على الدوام تزهر وتثمر لمئات السنين (مز12: 92 - 13 + نش6: 7 - 8) وفيه نرى النفس المحبوبة للمسيح تشبه بنخلة.

ويوحنا إختار قول الناس أوصنا مبارك الآتي بإسم الرب = فالمسيح أتى بقوة إلهية لخلاص الإنسان وتجديده، هو إبن الله الذي أتى ليخلقنا خلقة جديدة.

الآيات (يو12: 14 - 15): -.

"14 وَوَجَدَ يَسُوعُ جَحْشًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: 15«لاَ تَخَافِي يَا ابْنَةَ صَهْيَوْنَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي جَالِسًا عَلَى جَحْشٍ أَتَانٍ».".

لا تخافي = فدخول المسيح لأورشليم كان للسلام ولم يأتي ليحارب الرومان وتسيل الدماء في أورشليم لكن ليملأ القلوب سلاماً. بل ليصنع سلاماً بين السماء والأرض. وكان دخوله وديعاً هادئاً وليس كالملوك الأرضيين يصنعون حرباً ويطلبون جزية. والجحش يستعمله الفقراء وفي هذا درس لليهود المتكبرين الذين يحلمون بملك أرضي. وفي تواضع المسيح هذا إشارة لأن أحلام اليهود في مملكة عالمية هي أوهام خاطئة. ودرس لكل من يحلم بمجد أرضي أنه يجري وراء باطل.

آية (يو12: 16): -.

"16 وَهذِهِ الأُمُورُ لَمْ يَفْهَمْهَا تَلاَمِيذُهُ أَوَّلاً، وَلكِنْ لَمَّا تَمَجَّدَ يَسُوعُ، حِينَئِذٍ تَذَكَّرُوا أَنَّ هذِهِ كَانَتْ مَكْتُوبَةً عَنْهُ، وَأَنَّهُمْ صَنَعُوا هذِهِ لَهُ.".

لم يفهمها تلاميذه أولاً = كثيراً ما لا نفهم أعمال المسيح أولاً ولكننا من المؤكد سنفهم فيما بعد (يو13: 7). وأنهم صنعوا هذه له = أي أنهم إشتركوا في تكريم المسيح كملك، وإشتركوا في تنفيذ النبوات، فهذه عائدة على النبوات. لم يكن التلاميذ فاهمين ولا الشعب ولا الفريسيين وكم من أمور تجري في حياتنا ونحن لا نفهمها. علينا أن لا نطالب بالفهم فسيأتي يوم ونفهم. لكن علينا بالإيمان.

آية (يو12: 19): -.

"19فَقَالَ الْفَرِّيسِيُّونَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «انْظُرُوا! إِنَّكُمْ لاَ تَنْفَعُونَ شَيْئًا! هُوَذَا الْعَالَمُ قَدْ ذَهَبَ وَرَاءَهُ! ».".

هذه نبوة من فم الأعداء بإيمان العالم وذهابه وراءه، ونرى غيظهم من ضياع سلطانهم. لا تنفعون شيئاً = هذه مثل "راحت عليكم". فالناس تركتهم وهذا هو ما أغاظهم.

العدد 11

آية (مر11: 11): -

"11فَدَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ وَالْهَيْكَلَ، وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى، خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاثْنَيْ عَشَرَ.".

نظر كل شئ = هو الإله الغيور الذي لا يطيق في بيته فساداً أو شراً، بل عيناه تجولان وتفحصان كل شئ لتفرز المقدسات عن النجاسات وتطرد الأخيرة. والمسيح ينظر ويحذر ويعاتب وينذر قبل أن يمسك السوط ليؤدب ويطهر. ونلاحظ أن المسيح الوديع نراه حازماً كل الحزم مع من يفسد هيكله (1كو17: 3). ونلاحظ أننا هياكل الله والروح القدس يسكن فينا (1كو16: 3). (الوحيد الذي ذكر موضوع السوط هو يوحنا).

شجرة التين غير المثمرة.

الأعداد 12-14

الآيات (مر12: 11 - 14): -

"12 وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ، 13فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. 14فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ! ». وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.".

(مت18: 21 - 19، [20 - 22].

الآيات (مت18: 21 - 22): -.

"18 وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ، 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ! ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟ » 21فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ. 22 وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».".

الأعداد 15-19

الآيات (مر11: 15 - 19): -

"15 وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ. 16 وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ. 17 وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ». 18 وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ. 19 وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ، خَرَجَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ.".

ؤ.

"15 وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ".

نلاحظ أن المسيح بعد ذلك بأيام إستسلم لصالبيه بلا مقاومة، بينما نراه هنا يستخدم سلطانه في غضب ضد الذين أفقدوا الهيكل قدسيته. إذاً هو له القدرة أن يفعل هذا مع صالبيه ولكنه بإرادته لم يفعل.

آية (مر16: 11): -.

"16 وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ.".

تحول رواق الأمم إلى سوق. وصار كل من يريد أن يعبر من المدينة إلى جبل الزيتون، عوضاً عن الدوران حول الهيكل، كان يعبر من داخل دار الأمم أو رواق الأمم، فحُرِم الأمم الأتقياء من وجود مكان لهم للصلاة في الهيكل. والمسيح منع الناس من إستخدام الهيكل كممر أو معبر.

تعليق على الآية (مر17: 11).

حين دشن سليمان بيت الله صلى أن يستجيب الله كل صلاة توجه من هذا المكان والرب قال له قد سمعت صلاتك (1مل30: 8، 35، 38، 41، 42 + 1مل3: 9) أما الكهنة ورؤساء الكهنة فكانوا يتاجرون ويسلبون ما استطاعوا سلبه من عطايا الناس.

آية (مر18: 11): -.

"18 وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ، لأَنَّهُمْ خَافُوهُ، إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ.".

لاحظ أن قوة غربية كانت تخرج منه فخافوه ويقول البعض أن وجهه أنار. مرقس هنا هو الوحيد الذي قدم تفسيراً لماذا لم يهاجم الكهنة والجنود المسيح إذ أفسد تجارتهم وقلب موائدهم = خافوه. وطبعاً هو مرقس الذي يشير لهذا فهو يقدم المسيح القوي للرومان محبي القوة.

الآيات (مت12: 21 - 17): -.

"12 وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ 13 وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! » 14 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ. 15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! »، غَضِبُوا 16 وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟ » فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟ ». 17ثُمَّ تَرَكَهُمْ وَخَرَجَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا وَبَاتَ هُنَاكَ.".

في بداية خدمة السيد المسيح طهَّرَ الهيكل (يو14: 2 - 17). وهنا نسمع أنه يكرر تطهير الهيكل. ولكن نلاحظ فرقاً واضحاً بين متى ومرقس في ترتيب الأحداث فالإنجيلي متى يورد القصة كأنها حدثت بعد دخول المسيح إلى أورشليم مباشرة. أما مرقس فيذكر التفاصيل بصورة دقيقة. ففي يوم الأحد، يوم الشعانين عقب دخول السيد المسيح إلى أورشليم مساء الأحد، إتجه مباشرة للهيكل (مر11: 11). ولم يفعل شيئاً سوى أنه نظر حوله إلى كل شئ. ثم نجد أن المسيح يذهب للهيكل صباحاً وفي طريقه إلى الهيكل لعن شجرة التين ثم ذهب للهيكل لتطهيره (مر15: 11 - 19). ولا يوجد تناقض في هذا فمتى يكتب لليهود ويقدم لهم المسيح على أنه إبن داود الملك الذي دخل أورشليم كملك وإتجه مباشرة إلى هيكله الذى هو بيت أبيه ليطهره، هنا متى لا يهتم بالترتيب الزمني بل بالمعنى أو الهدف من دخول أورشليم، أن يذهب المسيح كملك إلى قصره. فكل ملك يدخل إلى قصره ولكن لأن المسيح ملك سماوي، بل هو الله فقصره هو الهيكل بيت الله أبيه. أمّا مرقس فأورد القصة في مكانها الزمني ولكن بطريقة تسترعى الإنتباه فهو دخل للهيكل عقب دخوله أورشليم مباشرة كما قال متى، ولكنه لم يفعل شيئاً سوى أنه نظر كأنه يعاتب، ألم أطهر هذا المكان من قبل، وذكرت قصة تطهير الهيكل الأولى فى (يو2: 13 - 22)... ما الذي حدث إذن؟ وترك الهيكل ومضى. ولكنه في الغد أتى وطهَّره بطريقة شديدة. وهكذا مع كل منّا قبل أن يطهر المسيح حياتنا بعنف يعاتب ويحذر ثم يتدخل بعنف.

متى يورد القصة مباشرة بعد دخول المسيح أورشليم، فمتى يريد أن يشير لملك المسيح الروحي على قلوبنا، فحين يدخل قلوبنا يطهرها ويملك عليها فهو الملك الإلهي. فإذ يدخل الرب أورشليمنا الداخلية إنما يدخل إلى مقدسه، يقوم بنفسه بتطهيره. والسوط الذي يستخدمه قد يكون صوت الروح القدس الذي يبكت على خطية وقد يكون بعض التجارب والآلام. (ونلاحظ أن الوحيد الذي أشار لموضوع السوط هو يوحنا إصحاح 2).

آية (مت12: 21): -.

"12 وَدَخَلَ يَسُوعُ إِلَى هَيْكَلِ اللهِ وَأَخْرَجَ جَمِيعَ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ.".

يبيعون ويشترون = كانت هناك أماكن مخصصة لتغيير العملة ليدفع منها العابدين الجزية (ضريبة نصف الشاقل المقررة على كل يهودي. والشاقل هو العملة اليهودية وهي بدون صُوَرْ)، ولما كان أناس يهود يأتون من كل العالم ومعهم عملاتهم كان لابد من تغييرها بالعملة المحلية. وكانوا يبيعون الطيور لتقديمها كذبائح. ولكن الموضوع تطور ليصير تجارة تدر عائداً ضخماً على حنان وقيافا بل أن المكان الذي كان مخصصاً لصلاة الأتقياء من الأمم خصصوه للتجارة. ويرى البعض أنهم كانوا يقدمون قروض في مقابل هدايا عينية إذ أن الربا ممنوع. بل صاروا يتاجرون في كل شئ في الهيكل. والأسوأ من كل هذا الغش والسرقات التى صنع منها رؤساء الكهنة ثروات ضخمة.

آية (مت13: 21): -.

"13 وَقَالَ لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! ».".

(إش7: 56 + إر11: 7 + 1مل29: 8 + نح17: 11).

آية (مت14: 21): -.

"14 وَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ عُمْيٌ وَعُرْجٌ فِي الْهَيْكَلِ فَشَفَاهُمْ.".

هذا هو المسيح الذي أتى ليشفي ويطهر ليُعِدَّنا للملكوت السماوي.

آية (مت15: 21): -.

"15فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ الْعَجَائِبَ الَّتِي صَنَعَ، وَالأَوْلاَدَ يَصْرَخُونَ فِي الْهَيْكَلِ وَيَقُولُونَ: «أُوصَنَّا لابْنِ دَاوُدَ! »، غَضِبُوا.".

عجيب أن يصنع السيد المسيح ما فعله في الهيكل وهو شخص وحيد منبوذ بلا إعتبار، مكروه من رؤساء الكهنة والكهنة، بل هو في قلبه لموائد باعة الحمام والصيارفة يهاجم مصالح رؤساء الكهنة المادية وشاهدوا دمار مكاسبهم. ولكن يبدو أن جلالاً إلهياً كان يبدو على ملامحه ونظراته أرعبتهم فسكتوا، ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً سوى أنهم غضبوا. وفي المقابل اكتشف الأطفال في براءتهم حلاوة وجهه ففرحوا به وسبحوا، أمّا من أعمتهم شهوات قلوبهم فرأوا فيه إنساناً مُضِّلاً للشعب. والأطفال لم يفهموا ما يقولونه لكنهم كانوا يرددون ما سمعوه من الكبار بالأمس = أوصنا لإبن داود. الأطفال الذين بلا معرفة إنفتح قلبهم وسبحوا أمّا دارسي النبوات فإنغلق قلبهم وعيونهم فلم يروا. والذي يريد أن يعرف كيف يسبح عليه أن يرجع ويصير مثل الأطفال في بساطتهم وبراءتهم وتصديقهم لما يسمعونه.

آية (مت16: 21): -.

"16 وَقَالُوا لَهُ: «أَتَسْمَعُ مَا يَقُولُ هؤُلاَءِ؟ » فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «نَعَمْ! أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ: مِنْ أَفْوَاهِ الأَطْفَالِ وَالرُّضَّعِ هَيَّأْتَ تَسْبِيحًا؟ ».".

(مز2: 8) أما الحكماء في أعين أنفسهم كالفريسيين فستكون لهم النبوات مجرد معلومات غير مفرحة ولا معزية.

الآيات (لو45: 19 - 48): -.

"45 وَلَمَّا دَخَلَ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِيهِ 46قَائِلاً لَهُمْ: «مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ! ». 47 وَكَانَ يُعَلِّمُ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ وُجُوهِ الشَّعْبِ يَطْلُبُونَ أَنْ يُهْلِكُوهُ، 48 وَلَمْ يَجِدُوا مَا يَفْعَلُونَ، لأَنَّ الشَّعْبَ كُلَّهُ كَانَ مُتَعَلِّقًا بِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ.".

لاحظ أن عمل التطهير يشمل عملين [1] عمل سلبي فيه طرد الرب الباعة وطهر الهيكل [2] عمل إيجابي قام فيه الرب بالتعليم.

مغارة لصوص = تاجر الكهنة ورؤساء الكهنة داخل الهيكل بالغش فاغتنوا جدا. فكان الكهنة يفحصون الخراف التى يقدم منها ذبائح فى الهيكل ويختموا ما يجدونه بلا عيب (يو6: 27) ويرسلونه للرعاة المتبدين (لو2: 8).

الذين يرعون هذه الخراف المختومة. ومن يريد ان يقدم ذبيحة يذهب ليشترى منهم ويأخذه للهيكل. فيفحصه الكهنة ثانية ويَدَّعون أن به عيب، ويدفعون للرجل ثمن بخس ويشترونه منه. ويعود الرجل ليشترى خروفا آخر. وهكذا وبمثل هذه اللصوصية اغتنوا جدا.

سؤال الرؤساء عن سلطان يسوع.

الأعداد 20-26

الآيات (مر20: 11 - 26): -

"20 وَفِي الصَّبَاحِ إِذْ كَانُوا مُجْتَازِينَ رَأَوْا التِّينَةَ قَدْ يَبِسَتْ مِنَ الأُصُولِ، 21فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «يَا سَيِّدِي، انْظُرْ! اَلتِّينَةُ الَّتِي لَعَنْتَهَا قَدْ يَبِسَتْ! » 22فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «لِيَكُنْ لَكُمْ إِيمَانٌ بِاللهِ. 23لأَنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ قَالَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ! وَلاَ يَشُكُّ فِي قَلْبِهِ، بَلْ يُؤْمِنُ أَنَّ مَا يَقُولُهُ يَكُونُ، فَمَهْمَا قَالَ يَكُونُ لَهُ. 24لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ. 25 وَمَتَى وَقَفْتُمْ تُصَلُّونَ، فَاغْفِرُوا إِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ، لِكَيْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ زَّلاَتِكُمْ. 26 وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا أَنْتُمْ لاَ يَغْفِرْ أَبُوكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَيْضًا زَّلاَتِكُمْ.".

هناك عدة تساؤلات في موضوع التينة.

المسيح هنا جاع وطلب أن يأكل من شجرة تين رأى أوراقها عليها خضراء ولماّ لم يجد ثمراً لعنها فيبست!! والسؤال هل هذا الموقف يمكن تفسيره بطريقة بسيطة؟ وهل المسيح الذي صام من قبل 40يوماً ورفض أن يطلب من الآب أن يُحوِّل له الحجارة خبزاً، حينما لا يجد تيناً على الشجرة يلعنها لأنه جائع.

والأعجب أن الوقت ليس وقت إثمار التين (مر13: 11).

من هذين السؤالين نفهم أنه لا يمكن تفسير هذه القصة إلاّ رمزياً. فشجرة التين تشير لإسرائيل (لو6: 13 - 9 + هو10: 9 + يؤ7: 1 + يه12). فالمسيح لا يشبع من التين بل من الثمار الروحية المباركة التي يراها في المؤمنين (يو31: 14 - 35). ومنها نفهم أن المسيح يفرح بإيمان البشر، هذا ما يشبعه + أش11: 53). وكان المسيح يتمنى أن يؤمن به اليهود فيشبع، ولكنه كان يعلم أنهم لن يؤمنوا، فهذا ليس وقت إثمار شجرة التين اليهودية أى إيمان اليهود، فالمسيح "جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله" (يو1: 12). والمسيح لعنها إشارة لهدم القديم لتقوم شجرة التين المسيحية أي الكنيسة، ينتهي عهد قديم ليبدأ عهد جديد. لا يمكن أن تقوم مملكة السيد إلاّ بهدم مملكة الظلمة. ولاحظ أن لعن الأمة اليهودية كان بسبب عدم إيمانهم بالمسيح وصلبهم للسيد. بعد أن قدَّم لهم السيد كل إمكانيات الإثمار من ناموس وشريعة وأنبياء. لكنهم ظَلَّ لهم الورق، أي منظراً حلواً فهم لهم طقوسهم وهيكلهم وناموسهم لكنهم للأسف بدون ثمار، والثمار التي يريدها الله هي إيمانهم وأعمالهم الصالحة. والأوراق بدون ثمر تشير للرياء، والرياء هو أن يظهر الإنسان غير ما يبطن مثل من له صورة التقوى ولكنه ينكر قوتها وهو بلا ثمر (2تي5: 3). وتذكرنا أوراق التين، بما فعله آدم حين غطى نفسه بأوراق تين فلم تستره، لكن الله قدًّم له الحل في ذبيحة تشير لذبيحة المسيح وستره بها. وهذا يعني أن كل من يحاول أن يستر نفسه بأعمال تدين ظاهري دون ثمار إيمان داخلية، إيمان بصليب المسيح وفدائه يكون قد فعل كآدم ولم يستر نفسه. علينا أن نعترف بخطايانا ولا نكابر كآدم فيستر المسيح علينا.

قارن (مت19: 21 مع مر20: 11) فنرى أن متى قال أنها يبست في الحال بينما أن مرقس يذكر أنهم رأوا هذا في الغد فما تفسير ذلك؟!

هذا يذكرنا بأن الله قال لآدم "يوم تأكل.. تموت" ولكنه عاش أكثر من 900سنة وبهذا نفهم أن وقت أن لعن السيد التينة إنقطع عنها تيار الحياة ولكن بدأ يظهر عليها هذا الإنحلال في غد الثلاثاء. (هذا يشبه من يقول أنه لو تم فصل التيار الكهربي عن مروحة لابد وستقف، ولكننا حين نفصل التيار تظل دائرة لمدة بسيطة ثم تقف) هكذا في موضوع آدم فهو يوم أخطأ بدأ يسرى فيه تيار الموت والإنحلال ومات بعد مدة، ويوم لعن السيد التينة إنقطع عنها تيار الحياة وقوة الحياة في الحال. وظهر عليها علامات الموت في اليوم التالي.

وهذا ما حدث مع اليهود فهم يوم صلبوا المسيح لُعِنوا وإنقطع عنهم تيار بركة الله وحمايته وظهر هذا بعد أقل من 40سنة على يد تيطس حين خَرَّب أورشليم وهكذا كل إنسان يخطئ تسرى فيه عوامل الموت فوراً وإذا لم يقدم توبة ويتناول ليحيا، ستظهر عليه علامات الخراب سريعاً.

والعكس فمن يكون في خطيته محروماً من بركة الله فحينما يقدم توبة ستعود له هذه البركات بالتأكيد حتى وإن تأخرت (حب17: 3 - 18).

آية (مت21: 21): -.

"21فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ، فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ، بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضًا لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ.".

لقد جفت تينة اليهود بسبب عدم إيمانهم، ولكن بإيمان الأمم إنطرح الجبل الحقيقي وإنطرح وسط بحر الأمم (أش6: 49). ونحن إن كان لنا الإيمان بالسيد المسيح سيجفف تينة إنساننا العتيق، ويدخل إلى داخلنا كما ينطرح الجبل (حياة المسيح وسلامه) في البحر (قلبنا المضطرب) ليكون خلاص لنا. بالإيمان ننعم بكل شئ في المسيح يسوع مادمنا نناله فينا، أي تكون لنا حياة المسيح فينا (غل20: 2).

وهناك معنى آخر فإن الجبل إشارة للمسيح. والبحر = إشارة للعالم الوثني المضطرب. = والمعنى فإن المسيح (الجبل) سيؤمن به العالم (البحر). وهذا ما فعله التلاميذ بعد ذلك فعلا، فهم بكرازتهم آمن الأمم (البحر) بالمسيح (الجبل). بإيمان التلاميذ وكرازتهم صار الحجر الذى قطع بغير يد جبلا كبيرا ملأ كل العالم (دانيال 2). أى أن التلاميذ طرحوا المسيح الجبل وسط بحر الأمم، ليصير الأمم المؤمنين جبالا، وهو ثابت على رأس هذه الجبال (إش2: 2).

آية (مت22: 21): -.

"22 وَكُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ».".

فمن يطلب وهو متشكك لا يستجاب له.. ولكن إن كان لنا إيمان قدر حبة الخردل ووقفنا نصلي يستجيب الله فيزداد إيماننا، فنصلي بإيمان أكثر وحينما يستجيب يتزايد وينمو إيماننا وينزاح وينطرح جبل الشك في البحر ونصير مؤمنين فالله يداوي ويعالج عدم أو ضعف إيماننا.

ملاحظات على موضوع التينة:

إنتشرت وسط اليهود أيام المسيح أفكار وثنية مفادها أن هناك إله للخير وإله للشر، وفي موضوع لعن التينة نرى أن المسيح يلعن التينة وكانت المرة الأولى والوحيدة التي تخرج من فم الرب يسوع كلمات لعنة، وهو بهذا أظهر أن هناك إله واحد يجازي بالخير ويدين أيضاً ويعاقب بالشرور، هو القادر على كل شئ فهو يقيم لعازر من الأموات وهو يلعن الأمة اليهودية التي لها مظهر التدين لكنها بلا ثمر، وسيصل شرهم لأن يصلبوه. وطالما أظهر قدرته على فعل الخير وإلحاق الشر بمن يريد، فهو كان قادراً أن يلحق الشر بصالبيه والجنود الذين أتوا ليلاً ليلقوا القبض عليه لكنه لم يُرِدْ وسلَّم نفسه طواعية وهو القادر.

التلاميذ رأوا صباح الثلاثاء التينة يابسة وبعد دقائق سألوا المسيح عن علامات الأياّم الأخيرة فقال لهم أن إحدى العلامات "أن شجرة التين يصبح ورقها أخضر، وربما نفهم هذا عن الأمة اليهودية التي ظلت في خراب حوالي 2000سنة وبدأت منذ سنوات تظهر كدولة مرة أخرى. (راجع مت 24).

يرى الدارسون أن الجبل المتحرك يشير إلى كل ما هو صعب. وكانت اللغة المألوفة عند حاخامات اليهود وفي مدارسهم أن من يفسر نبوة أو نصاً صعباً من الكتاب أنه محرك الجبال. وكما رأينا سابقاً أن الجبل أيضاً يشير للمسيح (دا 35: 2، 45) وبالإيمان ينتقل المسيح إلى القلب الذي مثل البحر في إضطرابه فيسوده السلام. وينتقل إلى الأمم الذين كالبحر فيسودهم الإيمان والفرح. ولكن هناك شرطين:

أن نصلي ونطلب بإيمان وليس عن شك. إلى أن تكون طلبتنا وفق مشيئة الله (1يو14: 5).

أن يملأ القلب الصفح عن خطايا الآخرين ليغفر لنا الله، فالله لن يستجيب لمن يملأ قلبه الكراهية والغضب والحقد وطلب الإنتقام، ولا من يملأ قلبه الشهوات النجسة. الله يستجيب لمن يكون قلبه طاهراً فيسكن فيه.

ولاحظنا أن المسيح لعن التينة يوم الإثنين فتوقف عنها تيار الحياة فوراً ولكن علامات الموت ظهرت يوم الثلاثاء صباحاً.

تطهير الهيكل.

الآيات (مر11: 11، 15 - 19).

الأعداد 27-33

الآيات (مر27: 11 - 33): -

"27 وَجَاءُوا أَيْضًا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَفِيمَا هُوَ يَمْشِي فِي الْهَيْكَلِ، أَقْبَلَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ وَالشُّيُوخُ، 28 وَقَالُوا لَهُ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ حَتَّى تَفْعَلَ هذَا؟ » 29فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: « وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً. أَجِيبُونِي، فَأَقُولَ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا 30مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ أَجِيبُونِي». 31فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 32 وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ». فَخَافُوا الشَّعْبَ. لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّهُ بِالْحَقِيقَةِ نَبِيٌّ. 33فَأَجَابُوا وَقَالوا لِيَسوع: «لاَ نَعْلَمُ». فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: « وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا».".

الآيات (مت23: 21 - 27): -.

"23 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْهَيْكَلِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَشُيُوخُ الشَّعْب وَهُوَ يُعَلِّمُ، قَائِلِينَ: «بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ وَمَنْ أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟ » 24فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: « وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضًا بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا: 25مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ » فَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ لَنَا: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 26 وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، نَخَافُ مِنَ الشَّعْبِ، لأَنَّ يُوحَنَّا عِنْدَ الْجَمِيعِ مِثْلُ نَبِيٍّ». 27فَأَجَابُوا يَسُوعَ وَقَالُوا: «لاَ نَعْلَمُ». فَقَالَ لَهُمْ هُوَ أَيْضًا: « وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا.".

الآيات (لو1: 20 - 8): -.

"1 وَفِي أَحَدِ تِلْكَ الأَيَّامِ إِذْ كَانَ يُعَلِّمُ الشَّعْبَ فِي الْهَيْكَلِ وَيُبَشِّرُ، وَقَفَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ مَعَ الشُّيُوخِ، 2 وَكَلَّمُوُه قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا: بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هذَا؟ أَوْ مَنْ هُوَ الَّذِي أَعْطَاكَ هذَا السُّلْطَانَ؟ » 3فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: « وَأَنَا أَيْضًا أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، فَقُولُوا لِي: 4مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا: مِنَ السَّمَاءِ كَانَتْ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ » 5فَتَآمَرُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ قَائِلِينَ: «إِنْ قُلْنَا: مِنَ السَّمَاءِ، يَقُولُ: فَلِمَاذَا لَمْ تُؤْمِنُوا بِهِ؟ 6 وَإِنْ قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ، فَجَمِيعُ الشَّعْبِ يَرْجُمُونَنَا، لأَنَّهُمْ وَاثِقُونَ بِأَنَّ يُوحَنَّا نَبِيٌّ». 7فَأَجَابُوا أَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مِنْ أَيْنَ. 8فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: « وَلاَ أَنَا أَقُولُ لَكُمْ بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هذَا».".

هو كملك دخل وطهر الهيكل وبهذا يعلن أنه إبن الله والسؤال بأي سلطان تفعل هذا. والرد كان بسؤال عن يوحنا فلماذا؟ لأن يوحنا دعاهم للتوبة ولو فعلوا لإنفتحت بصيرتهم وعرفوه من هو. ورؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ الذين يُكَوِّنون مجمع السنهدريم، إذ شعروا بأن السيد سلب سلطانهم بطرد الباعة وتطهير الهيكل، بل وأنه كان يجلس في الهيكل يعلم سألوه بأي سلطان تفعل هذا (لو قال من الله وهو قالها مراراً ولم يصدقوا، لقالوا إصنع معجزة، ولو صنع قالوا من إبليس) وأنت لست من سبط لاوي ولا أنت مكلف من رؤساء الكهنة، لو أتوا ليتعلموا ويبحثوا عن الحق لأجابهم السيد، ولكنهم أتوا يدافعون عن الظلمة ويقتنصوا منه كلمة. وهم في ظلمتهم لم يدركوا أنه هو نفسه واضع الناموس. وهو طالما علَّم ولم يريدوا أن يفهموا فلماذا يجيب هذه المرة بوضوح وقلبهم متحجر. وكان أن المسيح سألهم هل معمودية يوحنا من السماء أم من الأرض وهنا نلاحظ عدة نقاط:

أن يوحنا علَّم بدون سلطان منكم فلماذا تعترضون علىَّ بأنني لم آخذ منكم سلطاناً. فالمسيح لا يتهرب من الإجابة بل يواجه ضمائرهم.

إن يوحنا قد شهد للمسيح. فإن كانت رسالة يوحنا صحيحة من السماء فلماذا لم يؤمنوا بالمسيح. بل هم سبقوا وإتهموا السيد أنه يخرج الشياطين بسلطان بعلزبول فهم يريدون التشكيك في المسيح أمام الجموع.

فهم لو أجابوا أن معمودية يوحنا من السماء فيكون السؤال لهم فلماذا لم تؤمنوا بالمسيح بل لماذا لم تعتمدوا من يوحنا، ولو أنكروا أن معمودية أي خدمة ورسالة يوحنا كانت من السماء فهم يسْتَعْدون الناس عليهم وهم بهذا ينكرون الحق أيضاً. وبالتالي لا يستحقون أن يجيبهم السيد. ولذلك تهربوا من الإجابة على سؤال المسيح وقالوا لا نعلم فأثبتوا أنهم وهم معلمو إسرائيل أنهم غير مستحقين لهذا المنصب ولا يستطيعون التمييز والحكم الصحيح وبالتالي لا يستحقون أن يجيبهم المسيح (فالحقيقة أنهم رفضوا يوحنا خوفاً على مراكزهم). ولكنه أجابهم بعد ذلك بمثل الكرامين الأردياء.

ونلاحظ أن مكر هؤلاء الرؤساء في سؤالهم أن المسيح لو قال أنا فعلت هذا بسلطان ذاتي لإقتنصوه بتهمة التجديف، ولو قال أنا فعلت هذا بسلطان من آخر يتشكك الناس فيه إذ هو يعمل أعمال إلهية وسطهم. لذلك لم يجبهم السيد. ولنلاحظ أننا لو تقدمنا للمسيح بقلب بسيط يدخلنا إلى أسراره إذ يفرح بنا ويقودنا بروحه القدوس إلى معرفة أسراره غير المدركة، أمّا من يستخدم مكر العالم فلا يقدر أن يدخل إليه ويبقى خارجاً محروماً من معرفته. وهذا حال كثيرين من دارسي الكتاب المقدس وناقدي الكتاب المقدس. فبينما ينهل البسطاء من كنوز الكتاب المقدس ويشبعون يقف النقاد بكتبهم ومعارفهم يحاولون إصطياد فرق بين كلمة وكلمة وبين فعل وفعل في الكتاب المقدس طالبين مجدهم الذاتي، ولذلك ضاع منهم سر معرفة لذة الكتاب المقدس ولم يعرفوا المسيح بل وجدوا أنفسهم. فالمسيح لا يعلن نفسه لمن يتشامخ عليه.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني عشر - تفسير إنجيل مرقس - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح العاشر - تفسير إنجيل مرقس - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل مرقس الأصحاح 11
تفاسير إنجيل مرقس الأصحاح 11