الأصحاح التاسع – تفسير إنجيل مرقس – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل مرقس – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح التاسع

العدد 1

الآية (مر1: 9): -

تفسيرها فى الإصحاح السابق.

التجلى.

الأعداد 2-8

الآيات (مر 2: 9 - 8): -

"2 وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ وَحْدَهُمْ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، 3 وَصَارَتْ ثِيَابُهُ تَلْمَعُ بَيْضَاءَ جِدًّا كَالثَّلْجِ، لاَ يَقْدِرُ قَصَّارٌ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يُبَيِّضَ مِثْلَ ذلِكَ. 4 وَظَهَرَ لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى، وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ مَعَ يَسُوعَ. 5فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقولُ لِيَسُوعَ: «يَا سَيِّدِي، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةً، وَلِمُوسَى وَاحِدَةً، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً». 6لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِذْ كَانُوا مُرْتَعِبِينَ. 7 وَكَانَتْ سَحَابَةٌ تُظَلِّلُهُمْ. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا». 8فَنَظَرُوا حَوْلَهُمْ بَغْتَةً وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا غَيْرَ يَسُوعَ وَحْدَهُ مَعَهُمْ.".

الآيات (مت 1: 17 - 8): -.

"1 وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. 2 وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. 3 وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. 4فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَارَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ». 5 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا». 6 وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. 7فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا». 8فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ.".

الآيات (لو 28: 9 - 36): -.

"28 وَبَعْدَ هذَا الْكَلاَمِ بِنَحْوِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ، أَخَذَ بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَصَعِدَ إِلَى جَبَل لِيُصَلِّيَ. 29 وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي صَارَتْ هَيْئَةُ وَجْهِهِ مُتَغَيِّرَةً، وَلِبَاسُهُ مُبْيَضًّا لاَمِعًا. 30 وَإِذَا رَجُلاَنِ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ، وَهُمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا، 31اَللَّذَانِ ظَهَرَا بِمَجْدٍ، وَتَكَلَّمَا عَنْ خُرُوجِهِ الَّذِي كَانَ عَتِيدًا أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ. 32 وَأَمَّا بُطْرُسُ وَاللَّذَانِ مَعَهُ فَكَانُوا قَدْ تَثَقَّلُوا بِالنَّوْمِ. فَلَمَّا اسْتَيْقَظُوا رَأَوْا مَجْدَهُ، وَالرَّجُلَيْنِ الْوَاقِفَيْنِ مَعَهُ. 33 وَفِيمَا هُمَا يُفَارِقَانِهِ قَالَ بُطْرُسُ لِيَسُوعَ: «يَامُعَلِّمُ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةً، وَلِمُوسَى وَاحِدَةً، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةً». وَهُوَ لاَ يَعْلَمُ مَا يَقُولُ. 34 وَفِيمَا هُوَ يَقُولُ ذلِكَ كَانَتْ سَحَابَةٌ فَظَلَّلَتْهُمْ. فَخَافُوا عِنْدَمَا دَخَلُوا فِي السَّحَابَةِ. 35 وَصَارَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا». 36 وَلَمَّا كَانَ الصَّوْتُ وُجِدَ يَسُوعُ وَحْدَهُ، وَأَمَّا هُمْ فَسَكَتُوا وَلَمْ يُخْبِرُوا أَحَدًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بِشَيْءٍ مِمَّا أَبْصَرُوهُ.".

فى الآية السابقة وعد السيد تلاميذه أن منهم من سوف يرون إبن الإنسان آتياً فى ملكوته، ها هو هنا يريهم عربون المجد الأبدى فى الملكوت.

أخذ السيد معه 3 تلاميذ ليشهدوا على ما حدث، ورقم 3 كافٍ جداً كشهود بحسب الناموس. وكان الثلاثة دائماً يرافقونه فى الأحداث الهامة مثل إقامة إبنة يايرس وفى بستان جثسيمانى، وهم بطرس ويعقوب ويوحنا. وبطرس لم ينسى ما رآه وسجله فى رسالته (2 بط 16: 1 - 18) وهكذا يوحنا (يو14: 1).

يقول تقليد الكنيسة أن الجبل كان هو جبل تابور. وهو جبل عالٍ يشير للسمو، سمو قدر المسيح الذى سيرونه الآن متجلياً.

التجلي هو إعلان لمجد المسيح ولاهوته بخروجه عن مستوى الأرض والزمن. فيه أعطى السيد لتلاميذه أن يتذوقوا الحياة الأخروية، معلناً أمجاده الإلهية بالقدر الذى يستطيع التلاميذ أن يحتملوه وهم بعد فى الجسد.

السيد حدث تلاميذه عن آلامه وموته، فكان لابد له أن يظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، وإذ رأوا مارأوه كان هذا قوة لهم وسنداً على إحتمال الآلام والاضطهادات التى سيواجهونها دون أن يتعثروا فيه. والله دائماً يعزى كل متألم ليحتمل ألمه.

صعدوا أولاً على جبل لكى يتجلى أمامهم. ولكى نعاين نحن مجد الرب يجب أن ندرب أنفسنا أن نحيا فى السماويات، وتكون لنا خلوة هادئة باستمرار نتأمل فيها فى الكتاب المقدس، ونرتفع فوق شهوات العالم ورغبات الذات لنحقق وصية بولس الرسول "فإن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق.. إهتموا بما فوق لا بما على الأرض.. أميتوا أعضاءكم التى على الأرض" (كو1: 3 - 5). وتأملنا فى كلمة الله المكتوبة فى الكتاب المقدس تكشف لنا عن كلمة الله أى المسيح، وكلما عاشرناه نحيا فى السماويات كمن يرتفع فوق جبل.

التجلي محسوب للإنسان، فنحن سنحصل على جسد ممجد (فى 21: 3 + 1يو 2: 3).

آية (مت 1: 17): -.

"1 وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ.".

وبعد ستة أيام.. ويقول لوقا وبعد هذا الكلام بنحو ثمانية أيام وحل هذه المشكلة بسيط فالقديس لوقا أحصى اليوم الذى فيه أعلن الرب وعده وأحصى يوم التجلى، أما متى ومرقس فأحصوا الأيام الستة التى بين يوم الوعد ويوم التجلي.

ولكن وجود رقم 6 ورقم 8 له معنى مقصود، فرقم 6 هو رقم النقص الإنساني، فالإنسان خلق فى اليوم السادس وسقط فى اليوم السادس. ورقم 8 هو رقم الأبدية. لذلك نجد أن رقم الوحش 666 (كمال النقص) ورقم إسم يسوع 888 (الحياة الأبدية). والمعنى أن الإنسان الناقص (6) صار له بالمسيح مجد أبدى (8). وما بين اليوم السادس واليوم الثامن يوم الأبدية المجيد يأتى اليوم السابع يوم الراحة. فمن ينتقل الآن يذهب للراحة فى إنتظار المجد. ولكن يمكننا أيضاً أن نقول أن رقم 6 التصق بالمسيح الذى صلب فى اليوم السادس والساعة السادسة وكانت البشارة به فى الشهر السادس، فهو الذى بلا خطية صار خطية لأجلنا. هو الذى له كل المجد (8) صار له جسد إنسان (6). هو الحى الأبدى (8) صار له جسد ليموت (6). ولكن هذا الجسد سيتمجد ثانية.

المسيح أخذ الذى لنا (الموت فى اليوم السادس والساعة السادسة 6).

ليعطينا الذى له (الحياة الأبدية فى المجد 8).

منفردين = الخلوة اليومية فيها الروح القدس يعطينا أن نرى صورة للمسيح في مجده، وبدون هذه الخلوة تضعف خدمة الخادم.

آية (مت 2: 17): -.

"2 وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ.".

تغيرت هيئته = هذا التغير هو كشف لأمجاده المختفية وراء الجسد، لقد إضطر أن يخفيها حتى يمكننا أن نراه ونسمعه دون خوف، ودون أن نموت وأضاء وجهه كالشمس = هو شمس البر (ملا 2: 4)، ينعكس نوره علينا فننير لذلك تشبه الكنيسة بالقمر. نوره هو نور لاهوته وكان يشع من جسده صارت ثيابه بيضاء = الثياب تشير للكنيسة الملتصقة به. ويقول مرقس لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثل ذلك = الثياب بيضاء لأن المسيح برر كنيسته، غسلها بدمه (رؤ 14: 7 + 1يو7: 1) وهذا التبرير لا يستطيع أحد أن يعطيه للكنيسة = لا يقدر قصار. المسيح فقط بدمه يبرر الكنيسة فتقول "تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج" + (إش 18: 1). قصّار = مبيض ثياب. ولاحظ أن المسيح إحتفظ بملامح وجهه وجسده فهو لن يتخلى عن جسده أبداً، وجسده هو الذى تمجد. وهو جلس بجسده عن يمين الآب. وهذا يعنى أيضاً أننا سنتمجد بجسدنا، إذ يقوم الجسد ولكن يكون جسد نورانى له نفس ملامح الجسد القديم. وبياض ثيابه ولمعانها إشارة لبر جسده وليس مجد لاهوته، فمجد لاهوته ظهر فى وجهه الذى أضاء كالشمس، أما بر ناسوته فظهر فى بياض ثيابه، وناسوته أى جسده الذى هو الكنيسة (أف 30: 5). بر ناسوته أى أنه كان بلا خطية.

تأمل آخر فى (مت 6، 8): -.

نلاحظ أنه قبل حادثة التجلى تكلم المسيح مع تلاميذه عن صليبه (مت 21: 16) وبعد حادثة التجلى تكلم ثانية عن صليبه (مت 12: 17) والصليب كان فى اليوم السادس والساعة السادسة، والقيامة كانت يوم الأحد أى اليوم الثامن (بداية الأسبوع الجديد). فالصليب (6) هو طريق المجد (8). ومن يتألم معه يتمجد أيضاً معهُ (رو 17: 8). وكان قول لوقا وبعد ثمانية أيام من حديث المسيح فى قيصرية فيلبس عن صليبه. فبعد الصليب لابد وسيكون هناك مجد. ولاحظ أنه حتى فى لحظات التجلى كان موسى وإيليا يتكلمان معه عن "خروجه الذى كان عتيداً أن يكمله فى أورشليم آية (31). هكذا يلتحم الصليب بالمجد، والصليب سيكون موضوع تسبيحنا فى المجد، فحتى الملائكة يفعلون هذا (رؤ5: 9). ونحن لا يمكننا أن ننعم بمجد المسيح فينا وتجليه فينا الآن ما لم نقبل وصية الصليب معه، ولن ننعم بالمجد الأبدى بدون صليب.

خروجه = مغادرة أورشليم للمرة الأخيرة حاملاً صليبه.

وتكلما عن خروجه الذى كان عتيدا أن يكمله فى أورشليم = كان اليهود ينتظرون خروجا جديدا إلى أرض جديدة يجتمع فيها كل إسرائيل المشتتين فى كل الأرض والموجودين فى أرض إسرائيل تحت حكم الرومان. وهؤلاء المشتتين هم من تشتتوا بعد سبى أشور سنة 722 ق. م، وسبى بابل سنة 586 ق. م، وهم متغربين فى كل أنحاء العالم. واليهود الذين فى أورشليم خاضعين للرومان وليسوا أحرارا. والمسيا الجديد الذى ينتظرونه، يتطلعون أن يصنع لهم هذا الخروج ليتحرروا. ولكن نرى هنا أن موسى وإيليا يتكلمان عن أن هذا الخروج الجديد سيكمله فى أورشليم عن طريق الصليب الذى به نتحرر من عبودية الشيطان والخطية إلى حرية مجد أولاد الله. (راجع التفاصيل فى كتاب الجذور اليهودية فى سر الإفخارستيا وتجده فى مقدمة كتاب الأسرار الكنسية السبعة).

ولاحظ أيضاً لوقا آية (29) وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهه متغيرة يتميز إنجيل لوقا بالتركيز على الصلاة. ولوقا لاحظ من قبل أن المسيح كان يصلى قبل أن يسألهم "من يقول الناس إنى أنا إبن الإنسان" وها هو يلاحظ أنه كان يصلى قبل التجلى. فبالنسبة للمسيح فالصلاة هى حديث الشركة مع الآب الواحد معهُ فى اللاهوت، وأن هذا المجد الظاهر فى التجلى ناشىء عن الوحدة بين الآب والإبن فى اللاهوت. أما أهمية الصلاة لنا نحن البشر، فعن طريق الصلاة يتغير شكل الإنسان. وبها ننفذ وصية الرسول "تغيروا عن شكلكم" (رو2: 12) فمن تطول وقفته مع الله يفرح بالله ويكتشف لذة العلاقة مع الله فيبدأ يتخلى عن إهتماماته الدنيوية، بل تظهر عليه نعمة الله.

التجلى عيد سيدى = الكنيسة تهتم بالتجلى، وتحتفل به كعيد سيدى بكونه شهادة حق للاهوت السيد المسيح المختفى فى حجاب الجسد، أعلنه السيد لبعض من تلاميذه قدر ما يحتملوا ليدركوا ما تنعم به الكنيسة فى الأبدية بطريقة فائقة لا ينطق بها.

في إحتفالنا بعيد التجلي نفرح بما سنحصل عليه أي الجسد الممجد.

موسى وإيليا آية (3): -.

هنا نرى صورة رائعة للملكوت، فالله ليس إله أموات بل إله احياء. وفى المجد سننعم كلنا بهذه العشرة الحلوة مع المسيح، هو فى مجده ونحن معه فى المجد فى فرح أبدى، هو يفرح بالبشرية ونحن نفرح به. هناك حوار بين موسى وإيليا وبين المسيح، وهذا ما سيحدث لنا فى السماء، فلن نكون منعزلين عنه، بل فى علاقة حب وحوار ومعاملات حلوة وأبدية. وهذا ما يمكننا أن نختبره من الآن، فالحياة الأبدية تبدأ هنا والملكوت هو فى داخلنا، نحن نحصل الآن على العربون، عربون عشرة المسيح المفرحة.

إيليا لم يمت بالجسد بينما موسى مات بالجسد. ولكن كلاهما حول المسيح فليس موت لعبيدك يا رب بل هو إنتقال، هو نوم، ولكن العلاقة مع المسيح لا يقطعها موت الجسد الذى نتذوقه حالياً.

موسى ممثل الناموس وإيليا ممثل الأنبياء، وبهذا نفهم أن المسيح هو غاية الناموس ومركز النبوات (رو 4: 10 + رؤ 10: 19) فكل طقوس الناموس الموسوى كانت رمزاً للخلاص الذى تم بالصليب وكل النبوات كان هدفها المسيح والخلاص الذى تممه.

موسى كان حليماً وإيليا كان نارياً فى غيرته، وملكوت المسيح هو ملكوت الوداعة ولكن بغيرة. ووجود موسى وإيليا أمام التلاميذ الآن يعطيهم صورة لما يجب أن تكون عليهم خدمتهم في المستقبل.

لاحظ إجتماع المسيح مع ممثلى العهد القديم موسى وإيليا ومع ممثلى العهد الجديد بطرس ويعقوب ويوحنا، فالكل صار واحداً فيه (أف 14: 2 - 16).

قال بعض الناس عن المسيح أنه إيليا أو أحد الأنبياء. والتلاميذ الآن رأوا الفارق بين إيليا وموسى وبين المسيح الرب.

ظهور موسى مع المسيح يظهر أن المسيح ليس بناقض للناموس.

كان موسى فى غلبته على فرعون وتحرير الشعب من عبودية فرعون، وكان إيليا فى غلبته على أخاب وعبادة البعل، رموزاً للمسيح فى غلبته على الشيطان والوثنية، وتحريره لأولاده من سلطان الشيطان.

رفض السيد المسيح تقديم آية للفريسيين لأنهم لا يستحقون، أما لتلاميذه، فها هو يريهم آية سمائية ليثبت إيمانهم فهم يستحقون.

موسى الآن روح وقد ظهر بشكل نورانى، أماّ إيليا فقد ظهر بجسده لأنه لم يمت. وهذا يظهر سلطان المسيح فهو رب الأحياء والأموات. ولاحظ أن موسى مات بالجسد لكن الروح موجودة.

ويقول لوقا أنهما ظهرا بمجد. وهذا ما سيحدث لكل الكنيسة فى الأبدية أنها ستكون فى مجد لأنه سينعكس عليها مجد المسيح الذى ستراه ممجداً.

ألا تتكرر هذه الصورة يومياً فى المخدع حين نقف لنصلى ونتشفع بالقديسين، وكأننا نعقد اجتماع صلاة بيننا وبين القديسين، وحسب وعد المسيح إذا إجتمع إثنين أو ثلاثة بإسمى أكون فى وسطهم.

آية (مت 4: 17): -.

"4فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: «يَارَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ».".

يا رب جيد أن نكون ههنا = إذا تجلى الرب للنفس البشرية فإنها تود لو ظلت متمتعة به للأبد تاركة الدنيا وما فيها. وهذا يتذوقه من يتقابل مع المسيح فى الصلاة (لا يصلى بروتينية وسرعة) فإنه يود ألاّ تتوقف الصلاة.

ثلاث مظال = لقد تصوَّر بطرس أن المسيح سيؤسس ملكوته الآن على الجبل، فأراد ان يصنع ثلاث مظال للمسيح ولموسى ولإيليا، وربما تصوَّر أن هذه المظال، (وأن يمكثوا فى الجبل أمام هذا المنظر البهى) ستمنع المسيح من النزول ليتألم كما أخبرهم، ولكن كما قال مرقس أن بطرس ما كان يعلم ما يتكلم به، وهكذا قال لوقا. لقد إنبهر بطرس بما رآه فدخل فى حالة تشبه الهذيان، فهل الأرواح مثل موسى تحتاج لمظال. وهل يتساوى المسيح وموسى وإيليا فيكون لكل واحد مظلة، وهل مظلة واحدة لا تكفى، وهل بعد ان أخبرهم المسيح بأنه يجب أن يتألم ويموت، هل سيغير المسيح خطته ويقبل أن يهرب إلى مظلة فى الجبل؟

والمظلة عادة لتقى الإنسان من نور وحرارة الشمس، ولكن النور يخرج الآن من جسد المسيح فما فائدة المظلة. واضح أن كلام بطرس بلا معنى والسبب إنبهاره بما رأى.

ونلاحظ أن المسيح نزل معهم بعد ذلك لميدان الخدمة، فالخدمة ليست هى البقاء فى الجبل للتمتع بالمسيح فى مجده فقط، بل هى تمتع بالمسيح للإمتلاء ثم نزول للعالم للخدمة، هكذا قالت عروس النشيد (نش 11: 7 - 12) نزول للعالم حاملين صليب الخدمة والكرازة. لقد إشتهى بطرس أن يبقى على الجبل، لكن السيد ألزمهم بالنزول ليمارسوا الحب العامل الباذل.

آية (مت 5: 17): -.

"5 وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: «هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا».".

إذا سحابة نيرة ظللتهم = هى الحضرة الإلهية، لقد تصور بطرس أنه سيقيم مظلة من قش وبوص للمسيح. ولكن الآب بمجده يظلل عليه وها هو يعلن هذا. فكما ملأ مجد الرب الهيكل أيام سليمان وخيمة الإجتماع أيام موسى على شكل سحاب، ها هو بمجده يظلل على المسيح.

هذه الصورة ستتكرر فى المجىء الثانى حين يأتى المسيح فى مجد أبيه وهذه السحابة ظللت أيضاً على التلاميذ وعلى موسى وإيليا، فالآب يود لو يشعر كل أولاده بأنه يرعاهم ويظللهم ويشملهم بدفء محبته. ولكن الآب يوصى أولاده هذا هو إبنى الحبيب.. له إسمعوا إذاً حتى نتمتع بهذه المحبة الأبوية علينا أن نسمع وننفذ وصايا المسيح. موسى بظهوره يشهد للمسيح أنه هو النبى الذى تنبأ عنه، وإيليا بالنيابة عن الأنبياء بظهوره الآن يقدم المسيح على أنه هو محور النبوات، وها هو الآب يشهد بحقيقة المسيح أنه إبنه.

ولاحظ أن الله قاد شعبه فى البرية عن طريق سحابة فالله يحب أن يظلل على شعبه ويحميهم ويعزيهم من شمس التجارب، والسحابة نيرة لأن الله نور وساكن فى النور، ولكى يظلل علينا، يجب أن نترك الخطية فالخطية ظلمة ولا شركة للنور مع الظلمة.

ونلاحظ أن له إسمعوا قيلت هنا والمسيح في صورة مجده حتى نخاف وننفذ الوصايا فهي وصايا إلهية. هذا قول الآب للتلاميذ ولنا، أن كل كلمة يقولها المسيح هى كلمة إلهية من يسمعها يحيا. وهذه أيضا كانت وصية العذراء "مهما قال لكم فافعلوه" (يو2: 5).

الآيات (مت 6: 17 - 7): -.

"6 وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. 7فَجَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: «قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا».".

سقوط التلاميذ وخوفهم يعبر عن عجز البشرية عن الإلتقاء بالله بسبب خطاياها وفقدان سلامها. ولمسة يسوع لتلاميذه ودعوته لهم للقيام تشير أنه لهذا أتى وتجسد ليقيمنا من التراب الذى نحن فيه ويعطينا أن نتقابل مع الآب. لا تخافوا = هذه يقولها بسلطان أى أنه يعطى مع كلماته هذه سلاماً يملأ القلب. فالمسيح أتى ليعيدنا للأمجاد السماوية ولنتقابل مع الآب وليقيمنا من التراب الذى كنا فيه وليملأ القلب سلاماً فهو ملك السلام.

آية (مت 8: 17): -.

"8فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ.".

إختفاء موسى وإيليا وبقاء المسيح وحده يحمل معنى أهمية أن تتركز الأنظار على المسيح وحده كمخلص، فلا الناموس ولا الأنبياء يستطيعان أن يخلصا، ولكنها يقودان فقط للمسيح المخلص.

يقول لوقا وحده فى آية (32) أن التلاميذ تثقلوا بالنوم، ويبدو أنه ليس نوماً عادياً ولكن عدم إحتمال لهذا المجد الذى يرونه، وهم ناموا أيضاً فى بستان جثسيمانى فنحن فى جسد بشريتنا لا نحتمل الألم ولا المجد. لذلك سيلبس هذا الفاسد عدم فساد لنحتمل أن نرى مجد الله. عموماً حتى نشاهد مجد المسيح علينا أن نستيقظ من نوم الخطية (أف 14: 5) ويقول لوقا أما هم فسكتوا ولم يخبروا أحداً… وكان هذا تنفيذاً لأوامر المسيح (مت 9: 17 + مر 9: 9).

معنى سؤال التلاميذ أن إيليا ينبغى أن يأتى أولا.

الأعداد 9-13

الآيات (مر9: 9 - 13): -

9 وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ، أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُحَدِّثُوا أَحَدًا بِمَا أَبْصَرُوا، إِلاَّ مَتَى قَامَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ. 10فَحَفِظُوا الْكَلِمَةَ لأَنْفُسِهِمْ يَتَسَاءَلُونَ: «مَا هُوَ الْقِيَامُ مِنَ الأَمْوَاتِ؟ » 11فَسَأَلُوهُ قَائِليِنَ: «لِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟ » 12فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. وَكَيْفَ هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِ ابْنِ الإِنْسَانِ أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْذَلَ. 13لكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا أَيْضًا قَدْ أَتَى، وَعَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ». ".

الآيات (مت 9: 17 - 13): -.

"9 وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ». 10 وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ: إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟ » 11فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12 وَلكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.".

كون أن المسيح يذكر موضوع آلامه وصلبه وهو الآن قد ظهر مجده فالمقصود أنه حين يصلب فإن هذا قد حدث بحريته وإرادته.

آية (مت 9: 17): -.

"9 وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً: «لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ».".

السيد يوصيهم أن لا يعلموا أحد بما رأوه على الجبل لماذا؟

حتى لا يظن الناس أن التجلى مقدمة لملك عالمى (وبعد القيامة لن يحدث هذا).

حتى لا يتشكك الناس إذ تأتى ألامه، لذلك فليقولوا هذا بعد القيامة.

عليهم بالتأمل فيما رأوه، حتى يقوم المسيح ويمتلئوا بالروح القدس، هنا سيروا أحداث التجلى فى قلوبهم وليس كمنظر خارجى فقط.

حتى لا ينشغلوا بالمجد عن أحداث الصليب والآلام القادمة. فطريق المسيح هو الصليب وهكذا ينبغي أن يكون هذا طريق التلاميذ وطريق الكنيسة كلها.

الناس لن تصدق أن هذا الإنسان المتواضع له كل هذا المجد وسيتهمهم الفريسيين بالكذب، أما بعد القيامة يمكن إثبات هذا المجد.

وفيما هم نازلون = بعد الخلوة التى نستمتع فيها مع المسيح ننزل لنخدم.

موضوع أن إيليا ينبغى أن يأتى أولاً....... آيات (مت17: 10 – 13).

وتفسير هذه الآيات ورد تحت تفسير آيات (14: 11 - 15). ولاحظ أن الكتبة كان لهم معرفة نظرية بالكتاب ولكن دون روح، فيوحنا أتى كسابق وبروح إيليا فى زهده وتقشفه وشهادته للحق أمام ملوك ولكنهم لم يعرفوه فعيونهم مغلقة. فإيليا قد جاء ليس بحسب الفكر الحرفى، ولكن هناك إعداد تم بواسطة المعمدان للناس فقدموا توبة إستعداداً لمجىء المسيح الأول، وسيأتى إيليا فعلاً قبل المجىء الثانى لإعداد الناس برد قلوب الأباء على الأبناء (ملا 6: 4) = قال لهم أن أيليا يأتى أولاً ويرد كل شىء آية (11). وكلام السيد هنا يعنى أن المعمدان جاء بروح إيليا وقوته ليكون سابقاً للمسيح الذى هو إبن الإنسان الذى أتى هو أيضاً ولم يعرفوه بل سيتألم منهم. وكما لم يميزوا أن المعمدان هو السابق، لن يميزوا المسيح فهو ضد فكرهم الحرفى فى أن المسيح يأتى كملك زمنى. وكما قتل هيرودس يوحنا المعمدان سيقتلون هم المسيح (مر 10: 9) لاحظ أن التلاميذ ما كانوا فاهمين معنى القيامة.

شفاء غلام به روح نجس.

الأعداد 14-29

الآيات (مر 14: 9 - 29): -

"14 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا حَوْلَهُمْ وَكَتَبَةً يُحَاوِرُونَهُمْ. 15 وَلِلْوَقْتِ كُلُّ الْجَمْعِ لَمَّا رَأَوْهُ تَحَيَّرُوا، وَرَكَضُوا وَسَلَّمُوا عَلَيْهِ. 16فَسَأَلَ الْكَتَبَةَ: «بِمَاذَا تُحَاوِرُونَهُمْ؟ » 17فَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكَ ابْنِي بِهِ رُوحٌ أَخْرَسُ، 18 وَحَيْثُمَا أَدْرَكَهُ يُمَزِّقْهُ فَيُزْبِدُ وَيَصِرُّ بِأَسْنَانِهِ وَيَيْبَسُ. فَقُلْتُ لِتَلاَمِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا». 19فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ! ». 20فَقَدَّمُوهُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا رَآهُ لِلْوَقْتِ صَرَعَهُ الرُّوحُ، فَوَقَعَ عَلَى الأَرْضِ يَتَمَرَّغُ وَيُزْبِدُ. 21فَسَأَلَ أَبَاهُ: «كَمْ مِنَ الزَّمَانِ مُنْذُ أَصَابَهُ هذَا؟ » فَقَالَ: «مُنْذُ صِبَاهُ. 22 وَكَثِيرًا مَا أَلْقَاهُ فِي النَّارِ وَفِي الْمَاءِ لِيُهْلِكَهُ. لكِنْ إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ شَيْئًا فَتَحَنَّنْ عَلَيْنَا وَأَعِنَّا». 23فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ». 24فَلِلْوَقْتِ صَرَخَ أَبُو الْوَلَدِ بِدُمُوعٍ وَقَالَ: «أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي». 25فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ الْجَمْعَ يَتَرَاكَضُونَ، انْتَهَرَ الرُّوحَ النَّجِسَ قَائِلاً لَهُ: «أَيُّهَا الرُّوحُ الأَخْرَسُ الأَصَمُّ، أَنَا آمُرُكَ: اخْرُجْ مِنْهُ وَلاَ تَدْخُلْهُ أَيْضًا! » 26فَصَرَخَ وَصَرَعَهُ شَدِيدًا وَخَرَجَ. فَصَارَ كَمَيْتٍ، حَتَّى قَالَ كَثِيرُونَ: «إِنَّهُ مَاتَ! ». 27فَأَمْسَكَهُ يَسُوعُ بِيَدِهِ وَأَقَامَهُ، فَقَامَ. 28 وَلَمَّا دَخَلَ بَيْتًا سَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ عَلَى انْفِرَادٍ: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟ » 29فَقَالَ لَهُمْ: «هذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».".

الآيات (مت 14: 17 - 21): -.

"14 وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الْجَمْعِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ جَاثِيًا لَهُ 15 وَقَائِلاً: «يَا سَيِّدُ، ارْحَمِ ابْني فَإِنَّهُ يُصْرَعُ وَيَتَأَلَّمُ شَدِيدًا، وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي النَّارِ وَكَثِيرًا فِي الْمَاءِ. 16 وَأَحْضَرْتُهُ إِلَى تَلاَمِيذِكَ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَشْفُوهُ». 17فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ، الْمُلْتَوِي، إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ؟ إِلَى مَتَى أَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمُوهُ إِلَيَّ ههُنَا! » 18فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ، فَخَرَجَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ. فَشُفِيَ الْغُلاَمُ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ. 19ثُمَّ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ عَلَى انْفِرَادٍ وَقَالُوا: «لِمَاذَا لَمْ نَقْدِرْ نَحْنُ أَنْ نُخْرِجَهُ؟ » 20فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «لِعَدَمِ إِيمَانِكُمْ. فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَوْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ مِثْلُ حَبَّةِ خَرْدَل لَكُنْتُمْ تَقُولُونَ لِهذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ مِنْ هُنَا إِلَى هُنَاكَ فَيَنْتَقِلُ، وَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ غَيْرَ مُمْكِنٍ لَدَيْكُمْ. 21 وَأَمَّا هذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».".

الآيات (لو 37: 9 –43): -.

"37 وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي إِذْ نَزَلُوا مِنَ الْجَبَلِ، اسْتَقْبَلَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ. 38 وَإِذَا رَجُلٌ مِنَ الْجَمْعِ صَرَخَ قِائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، أَطْلُبُ إِلَيْكَ. اُنْظُرْ إِلَى ابْنِي، فَإِنَّهُ وَحِيدٌ لِي. 39 وَهَا رُوحٌ يَأْخُذُهُ فَيَصْرُخُ بَغْتَةً، فَيَصْرَعُهُ مُزْبِدًا، وَبِالْجَهْدِ يُفَارِقُهُ مُرَضِّضًا إِيَّاهُ. 40 وَطَلَبْتُ مِنْ تَلاَمِيذِكَ أَنْ يُخْرِجُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا». 41فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: «أَيُّهَا الْجِيلُ غَيْرُ الْمُؤْمِنِ وَالْمُلْتَوِي إِلَى مَتَى أَكُونُ مَعَكُمْ وَأَحْتَمِلُكُمْ؟ قَدِّمِ ابْنَكَ إِلَى هُنَا! ». 42 وَبَيْنَمَا هُوَ آتٍ مَزَّقَهُ الشَّيْطَانُ وَصَرَعَهُ، فَانْتَهَرَ يَسُوعُ الرُّوحَ النَّجِسَ، وَشَفَى الصَّبِيَّ وَسَلَّمَهُ إِلَى أَبِيهِ. 43فَبُهِتَ الْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ. وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ:".

هنا يشفى السيد ولداً يصرعه الشيطان ويخرجه منه. وتأتى هذه المعجزة مباشرة وراء حادثة التجلى. ونفهم أنه ليس معنى أن يعطينا الله ونحن مازلنا على الأرض بعض التعزيات السماوية أن نكف عن الجهاد ضد الشيطان. ونلاحظ دعوة السيد لتلاميذه لأن يصوموا ويصلوا ليهزموا إبليس. إذاً الحياة الروحية هى جهاد ضد مملكة إبليس بصوم وصلاة وخدمة النفوس التى يعذبها الشيطان بل يستعبدها، وجَذْبَ هذه النفوس المعذبة للمسيح، وهى أيضاً تعزيات سماوية مفرحة. ولننظر لخادم مثالى هو بولس الرسول، وقارن تعزياته (2كو3: 1 - 7) (كم مرة يذكر كلمة تعزية) مع جهاده فى خدمته (2كو 23: 11 - 33). ولكن هناك من يخطىء ويظن أن الحياة الروحية هى خلوة مع الله فقط، وأيضاً هناك من يخطىء ويظن أنه قادر على الخدمة المتواصلة بدون خلوة مع الله.

يُصرع ويتألم شديداً = أصل الآية يُصرع فى رؤوس الأهلة وبعض الترجمات ترجمتها يُصرع بالقمر (رؤوس الشهور القمرية) وهذا خداع شيطانى ليوحى للناس علاقة صرع الولد بالكواكب. عموماً فلنلاحظ أن كل من يُستعبد لإبليس يفقد سلامه ويعيش فى ألام حقيقية. وهكذا يحدث لمن يؤمن بالحسد وأن عين فلان تسبب الأذى، فحينما يزورنا هذا الفلان يسبب الشيطان مشكلة لنصدق هذا الموضوع.

يقع كثيراً فى النار وكثيراً فى الماء = وهذا ما يفعله إبليس مع كل واحد منا فهو يحاول أن يدفعنا لنيران الشهوات أو نيران الغضب أو يدفعنا لبرودة الفتور. إن من يخضع للخطية يفقد سلامه ويتشتت فكره ويتألم جسده، ويندفع فى خصام بل قتال عنيف مع من حوله، أماّ عن حياته الروحية فهى فتور كامل.

تلاميذك لم يقدروا أن يشفوه = المسيح منع عنهم الموهبة حتى يفهموا أهمية الصلاة (الصراخ لله باستمرار) وأهمية الصوم (الزهد فى ملذات الدنيا) ويكون لديهم شعور مستمر بالإحتياج. فيبدو أنهم بعد التجلى وما رأوه شعروا بنشوة وإكتفاء جعلهم ينسون الصلاة والصوم. والصوم هو سحب السلاح الذي في يد إبليس الذي هو ملذات العالم. والصلاة هي سلاح في يدي أضرب به إبليس. فالصلاة هي صلة مع الله القوي الذي يرعب إبليس.

أيها الجيل غير المؤمن = 1) ضعف إيمان التلاميذ 2) ضعف إيمان الوالد وهو صرح بهذا أعن عدم إيماني (مر 24: 9) 3) ضعف بل عدم إيمان الجمع، جلسوا يحاورونهم فى إستخفاف وقساوة قلب وعدم إيمان. هنا نلمس فى كلمات الرب رنة عدم الرضا ونفاد الصبر فالمسيح أراد أن يرى تلاميذه ولهم صلوات قوية وأصوام يصرع أمامها الشيطان. ولنعلم أن الإيمان ينمو حتى ولو كان مثل حبة خردل، لذلك فالتلاميذ طلبوا مرة من السيد قائلين "زد إيماننا" (لو 5: 17) وبولس يمدح أهل تسالونيكى أن إيمانهم ينمو (2تس 3: 1). والله يعمل مع كل واحد من أولاده ليزيد إيمانه، تارة بعطايا حلوة وتارة بتجارب نرى فيها يد الله. ولكن من يأخذ عطايا حلوة فليشكر ويسبح، ومن تأتى عليه تجارب فليسلم الأمر لله ويصلى فيرى يد الله. أماّ من يأخذ عطايا فينشغل بها عن الله أو من تأتى لهُ تجارب فيتذمر ويترك صلواته، فمثل هذا لن يرى يد الله ولن ينمو إيمانه. ونرى هذا الأب أتى للمسيح وإعترف بأن إيمانه ضعيف أو معدوم، لكن المسيح لم يرفضه إذ أتى إليه، بل شفى له إبنه وبهذا زاد إيمانه. فلنصرخ لله بدون تذمر شاكرين على كل حال فينمو إيماننا وما يساعد على نمو الإيمان. أيضاً الصلاة الكثيرة والأصوام المصاحبة لها.

ولكن فى الحقيقة فإن القديس مرقس يقدم إجابة واضحة لسبب غضب الرب على تلاميذه فى (مر9: 33 - 37) فبعد رجوع السيد مع تلاميذه للبيت سألهم عما كانوا يتكالمون فيما بينهم فى الطريق، وهم تحاجوا فيمن هو أعظم. والسيد الذى يعرف ما فى القلوب عرف ما فى قلوبهم. وكانت سقطتهم وهى البحث عن العظمة الدنيوية، هى سبب فشلهم فى إخراج الشيطان من الولد. ولذلك كانت إجابة السيد أن هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم. ولاحظ أن الصوم هو الزهد الكامل عن كل ملذات الدنيا، أما البحث فيمن هو أعظم فهو على النقيض تماما، أى البحث عن أمجاد الدنيا.

تقولون لهذا الجبل إنتقل = الجبل هو أى خطية محبوبة او شهوة نستعبد لها أو عقبة مستحيلة أو أى صعوبة بحسب الظاهر تواجه المسيحى، كل هذا يمكن أن يتزحزح بالصلاة والصوم مع الإيمان. ولقد تم نقل جبل المقطم فعلاً بحسب هذه الآية.

جاء المسيح للتلاميذ فى الوقت المناسب، فهم فشلوا فى إخراج الروح والكتبة والجمع يحاورونهم فى إستهزاء. ودائماً يأتى المسيح لكنيسته فى الوقت المناسب ليرفع عنها الحرج ويبكم المقاومين "الله فى وسطها فلا تتزعزع" (مز 5: 46). وهذا هو وعده (مت 19: 10 - 20) فهو المسئول عن الكنيسة والمدافع عنها، فهى عروسه.

مفهوم السيد المسيح هنا عن الصلاة والصوم ولزومهم لطرد الأرواح الشريرة إلتقطته كنيستنا ووضعت أصواماً كثيرة مع صلوات وتسبيحات عديدة، حتى تعطى شعبها قوة فى حربه ضد إبليس. والله يعطى مواهب (كما أعطى التلاميذ سلطان إخراج الشياطين) لكن لنحافظ على هذه الموهبة لابد من الصلاة والصوم.

(مر 15: 9): -.

تحيروا = ربما لأنه كان نازلاً من الجبل مبكراً، أو لأنهم فوجئوا به، وهم أرادوا أن يستمر حديثهم السافر مع تلاميذه، وهم يعلمون أنهم لا يستطيعون شيئاً أمامه هو شخصياً، فإن حضر لن يستطيعوا السخرية من عجز التلاميذ. أو هل كان وجهه مازال يشع نوراً من أثار التجلى!! عموماً فالسيد لاحظ تكتل الكتبة ضد تلاميذه فسألهم بماذا تحاورونهم (مر 16: 9) فلم يجيبوا. ثم صرخ هذا الأب طالباً الشفاء. ولاحظ أن هناك من يفضل الحوار غير الهادف بدلاً من الإيجابيات كالصلوات والتسابيح وهذا ما أسماه بولس الرسول "المباحثات الغبية" (2تي23: 2).

(مر 20: 9) للوقت صرعهُ الروح = إن طرد روح الشر من حياتنا يصحبه صراع شديد، ولكن بعد أن تتقابل النفس مع المسيح وتدخل فى عشرة معه تموت عن العالم ثم يمسك بيدها ويقيمها فتقوم مستندة على ذراعه.

أومن يا سيد فأعن عدم إيماني = أعلن الوالد إيمانه = أومن.. ولكن خشى أن لا يكون كافياً فصرخ متذللا = أعن عدم إيمانى … فهو إعتبر إيمانه كالعدم، وطلب من الرب أن يعينه فى حالته. فمهما كان إيماننا فهو مازال ناقصاً، وإذا قيس بما يجب أن تكون عليه ثقتنا فى المسيح فهو عدم. ولكى يقوى إيماننا يجب أن نصرخ أؤمن يا سيد فأعن عدم إيمانى. والله دائماً يستجيب لهذه الصرخة وإستجابته تزيد إيماننا. ولاحظ أن السيد لم يرفضه إذ اعترف بعدم إيمانه بل شفى له ابنه وبالتالى شفى له إيمانه.

قول المسيح إلى متى أكون معكم = فيه إشارة لصعوده، فإن كان تلاميذه ضعفاء وهو فى وسطهم يسندهم، يرونه ويسألونه ويكلمونه، فماذا سيحدث لهم بعد الصعود إذ لا يجدونه.. هذا يحتاج لإيمان، لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان.

كم من الزمن منذ أصابه هذا (مر21: 9) = هذا السؤال يوجه لكل من طال زمانه فى الخطية (زمان بقائه مستعبداً لها) وطال زمان بقائه فى أسر إبليس. وسؤال المسيح معناه لماذا لم تأتى إلىَّ لأشفيك منذ زمان. ويشير السؤال لتأثر المسيح لاستعباد الشيطان للبشر كل هذا الزمان.

(مر 26: 9) فصار كميت = من يخرج منه روح شرير يصير كميت عن العالم (مر27: 9) فأمسكه يسوع وأقامه = هو ميت عن العالم حى مع المسيح، وهذه = مع المسيح صلبت فأحيا (غل 20: 2).

السيد أعطى تلاميذه الموهبة على الشفاء وإخراج الشياطين ولكن يلزم إضرام أى موهبة بالصلاة والصوم (2تى 6: 1).

نفهم من (لو 37: 9) أن هذه القصة كانت فى اليوم التالى للتجلى.

إلى متى أكون معكم وأحتملكم = واضح تكرار الأناجيل الثلاثة لهذه الجملة. إن أكثر ما يحزن الرب يسوع هو أن يرى أولاده مهزومين أمام الشياطين. لقد أعطانا سلطاناً أن ندوس الحيات والعقارب (لو 19: 10) فلماذا لا نستخدمه، لماذا نستسلم ونقول "الشيطان شاطر" هذه الجملة تحزن رب المجد جداً.

يسوع ينبئ بموته.

الأعداد 30-32

الآيات (مر30: 9 - 32): -

30 وَخَرَجُوا مِنْ هُنَاكَ وَاجْتَازُوا الْجَلِيلَ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ، 31لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ. وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ». 32 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ.

الآيات (مت 22: 17 - 23): -.

"22 وَفِيمَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي الْجَلِيلِ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «ابْنُ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ 23فَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ». فَحَزِنُوا جداً.

الآيات (لو 43: 9 - 45): -.

"43فَبُهِتَ الْجَمِيعُ مِنْ عَظَمَةِ اللهِ. وَإِذْ كَانَ الْجَمِيعُ يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَ يَسُوعُ، قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: 44«ضَعُوا أَنْتُمْ هذَا الْكَلاَمَ فِي آذَانِكُمْ: إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ». 45 وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هذَا الْقَوْلَ، وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ، وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هذَا الْقَوْلِ.".

السيد يخبر تلاميذه بالصليب وهذا يأتى بعد 1) التجلى 2) إخراج الروح الشرير.

وهذا يعنى 1) مع أهمية التجلى وأفراحه وتعزياته لكن حتى ننعم بهذا أبدياً لابد من الصليب.

2) حتى يُهزم عدو الخير نهائياً فلابد من الصليب (كو 14: 2 - 15).

3) ولاحظ أن أحداث الصليب كانت تقترب لذلك كان السيد المسيح ينبه تلاميذه حتى لا يفاجئهم ما سوف يحدث. ولكن كون السيد يخبرهم بما حدث إذاً هو يذهب للصليب بسلطانه إذ هو أتى لذلك.

4) السيد لا يريد أن تلاميذه يذهب فكرهم إلى الأمجاد الزمنية خصوصاً بعد التجلى وبعد معجزة إخراج الروح النجس، وبالذات بعد جدالهم فيمن هو الأعظم، فيعود ويحدثهم عن أهمية الصليب فالعالم هنا طالما كنا فى الجسد هو عالم ألم وصليب أماّ المجد فهناك. لم يفهموا = فهم فى ذهنهم الأمجاد العالمية، فما علاقة الأمجاد العالمية التى ينتظرونها بالصليب. ولم يفهموا أن الصليب هو طريق المجد. هم لم يفهموا لأنهم لم يريدوا أن يفهموا لأن لهم رأي مخالف.

5) لاحظ البعض أن السيد فى بعض الأحيان كان يطلب إخفاء أخبار مجده كما حدث فى موضوع التجلى، وهنا فى (لو44: 9) يطلب من تلاميذه كتمان موضوع ألامه.

فضعوا أنتم هذا الكلام فى أذانكم = فكلا الأمرين غير منفصل فالمسيح تمجد بألامه وأيضا بقيامته وبتجليه وبصعوده.

من هو الأعظم.

الأعداد 33-37

الآيات (مر33: 9 - 37): -

33 وَجَاءَ إِلَى كَفْرِنَاحُومَ. وَإِذْ كَانَ فِي الْبَيْتِ سَأَلَهُمْ: «بِمَاذَا كُنْتُمْ تَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ فِي الطَّرِيقِ؟ » 34فَسَكَتُوا، لأَنَّهُمْ تَحَاجُّوا فِي الطَّرِيقِ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ فِي مَنْ هُوَ أَعْظَمُ. 35فَجَلَسَ وَنَادَى الاثْنَيْ عَشَرَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلاً فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ». 36فَأَخَذَ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ ثُمَّ احْتَضَنَهُ وَقَالَ لَهُمْ: 37«مَنْ قَبِلَ وَاحِدًا مِنْ أَوْلاَدٍ مِثْلَ هذَا بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي فَلَيْسَ يَقْبَلُنِي أَنَا بَلِ الَّذِي أَرْسَلَنِي». ".

الآيات (مت 1: 18 - 5): -.

"1فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟ » 2فَدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَدًا وَأَقَامَهُ فِي وَسْطِهِمْ 3 وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. 4فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. 5 وَمَنْ قَبِلَ وَلَدًا وَاحِدًا مِثْلَ هذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي.".

الآيات (لو 46: 9 - 48): -.

"46 وَدَاخَلَهُمْ فِكْرٌ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ أَعْظَمَ فِيهِمْ؟ 47فَعَلِمَ يَسُوعُ فِكْرَ قَلْبِهِمْ، وَأَخَذَ وَلَدًا وَأَقَامَهُ عِنْدَهُ، 48 وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ قَبِلَ هذَا الْوَلَدَ بِاسْمِي يَقْبَلُنِي، وَمَنْ قَبِلَنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي، لأَنَّ الأَصْغَرَ فِيكُمْ جَمِيعًا هُوَ يَكُونُ عَظِيمًا».".

فكر التلاميذ المتأثر بالفكر اليهودى، أن المسيا حين يأتى، سيأتى لكى يملك على الأرض، جعلهم يشتهون أن يجلسوا واحداً عن يمينه وواحداً عن يساره (مت 21: 20 - 22).. هذا الفكر إستمر حتى ليلة العشاء السرى (لو24: 22 - 27) ولكن المسيح كان يتكلم عن ملكوت السموات أمامهم دائماً، فإختلط عليهم الأمر، وظنوا أن ملكوت السموات هذا يمكن أن يكون على الأرض، وبنفس الفكر بدأوا يحلمون بمراكز أرضية حين يملك المسيح فى ملكوت السموات هذا، ودخلهم تساؤل عمن يكون الأعظم فى هذا الملكوت. وبمقارنة ما حدث فى إنجيلى متى ومرقس نجدهم وقد شغل هذا الموضوع ذهنهم تماماً يتحاورون فى الطريق عمن هو الأعظم فيهم، بالتالى سيكون هو مثلاً الوزير الأول فى مُلك المسيح. ولما أتوا إلى البيت فى كفر ناحوم سألهم الذى لا يُخفى عليه شئ عمّا كانوا يتكلمون فيه، فسكتوا (مر34: 9) ثم تساءلوا علناً ولم يستطيعوا أن يستمروا ساكتين (مت 1: 18)، فإذا دب فكر العظمة والكبرياء فى القلب فهو لا يهدأ. وحتى يكسر السيد كبريائهم أتى بولد ودعاهم أن يتشبهوا بالأولاد ومن يفعل فهو الأعظم.. قطعاً ليس فى السن بل: -.

فى حياتهم المتواضعة الوديعة كالأطفال (1كو 20: 14).

فى الثقة فى كلام أبيهم السماوى والإتكال عليه وطاعته.

البساطة وتقبل الحقائق الإيمانية والروحية، فالطفل يصدق ما يقال له من والده.

الأطفال لا يشعرون أنهم أفضل من الآخرين فالغنى يلعب مع الفقير.

لاحظ أن الأطفال لا يشعرون بأنهم متواضعين، فمن يشعر أنه متواضع، أو أنه يتواضع حين يكلم إنساناً فقيراً فهو ليس متواضع.

التسامح المطلق فالطفل لا يحتفظ فى قلبه بأى ضغينة.

إذا أحزن إنسان طفلاً فهو لا ينتقم لنفسه بذراعيه بل يلجأ لوالديه.

الطفل بلا شهوات، بلا طلب للمجد الباطل، بلا حسد للآخرين.

إذا تشاجر الأطفال فهم سريعاً ما يتصالحون ويعودون للعب معاً.

ملكوت الله الذى يؤسسه المسيح لا وجود فيه لمن يبحث أن يكون الأقوى والأعظم بل من يدخله هو من يحس بضعفه وأنه لا شئ، ولكن قوته وعظمته هى فى حماية الله له (2كو 9: 12 - 10). وهذه طبيعة الأطفال فهم يحتمون بوالديهم.

بلغة التعليم المعاصر، فهذا الولد فى حضن المسيح هو وسيلة إيضاح.

الطفل يطلب ما يريده واثقاً فى أخذه من أبيه، وهو لا يفكر فى أن أبوه يعطيه لأنه يستحق، بل هو يطلب بدالة المحبة.

قال السيد من قبلني يقبل الذي أرسلني أي الآب وهذا لإتحاده بالآب (كما جاء في إنجيل لوقا). ولاحظ قول السيد المسيح هنا من قبل ولداً واحداً مثل هذا بإسمى فقد قبلنى فالمسيح هنا وحَّد نفسه بالأطفال والبسطاء والضعفاء.. بإسمى = أى من أجل المسيح، فمن يقبل طفلاً يكون كمن قبل المسيح نفسه. والحقيقة فإن المسيح حين يقول إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فهو يقصد نفسه، أى إن لم ترجعوا وتستعيدوا صورتى التى حصلتم عليها فى المعمودية فلن تدخلوا ملكوت السموات. فنحن نولد بالمعمودية على صورة المسيح. نحن خلقنا أولاً على صورة الله (تك 26: 1 - 27) وفقد الإنسان الصورة الإلهية باختياره لطريق العصيان والخطية. وأتى المسيح وفدانا وأعطانا سر المعمودية وفيها ندفن ونموت ونقوم مع المسيح وبصورة المسيح. ولكننا مع إحتكاكنا بالعالم نفقد هذه الصورة الإلهية ثانية، وكلام السيد المسيح هنا، أن هناك إمكانية لإستعادة هذه الصورة = إن لم ترجعوا = إذاً هناك إمكانية للرجوع ولكن كيف؟ هذا هو عمل النعمة، التى تعيدنا للصورة الإلهية، والنعمة تحتاج لجهاد، لذلك نسمع بولس الرسول يقول "يا أولادى الذين أتمخض بكم (ألام الجهاد والخدمة) إلى أن يتصور المسيح فيكم (عمل النعمة)". وعمل النعمة يعطينا أن نصير خليقة جديدة على صورة المسيح (غل19: 4 + 2كو 17: 5) لذلك نحن نخلص بالنعمة (أف 8: 2) التى بها نعود للصورة الإلهية. والأولاد هم المولودين من الماء والروح وقد خرجوا بدون خطية، والمسيح هو الذى قال عن نفسه "من منكم يبكتنى على خطية"، لذلك كان هذا الولد فى حضن المسيح إشارة للمسيح نفسه. ولداً بإسمي = ولو فهمنا أن الإسم يشير لقدرة وقوة المسيح فيكون قول السيد بإسمي أن المسيح قادر أن يعيدني بقوته إلى صورة المعمودية الأولى أي كطفل. إذاً يمكننا فهم قول السيد ولداً واحداً بإسمي أنه عاد كولد بقوتي. ونحن إن لم نحصل على صورة المسيح لن ندخل ملكوت السموات. هذه تشابه أن لكل بلد فى العالم عملة يتم التعامل بها داخل حدود هذا البلد، لكن إن حاولت التعامل بعملة عليها صورة ملك آخر لن يُسمح لك بأن تتعامل بها. فنحن نصبح عُملة قابلة للتداول فى السماء لو إنطبعت علينا صورة الملك السماوى. فإن كان المسيح قد تواضع وترك مجده السمائى لأجلنا، أفلا نتخلى نحن عن أفكار العظمة الأرضية مثل ما فعل هو ونتصاغر أمام الناس وأمام أنفسنا، إذا كان المسيح قد صار عبداً أفلا نقبل أن نتصاغر مثله أمام إخوتنا. خصوصاً أن النعمة تسندنا، وبالمسيح نستطيع كل شئ (يو 5: 15 + فى 13: 4) فهل نقبل؟ والسيد يشرح كيف تساندنا النعمة.... هذا يكون بالجهاد.. وكيف نجاهد؟

إذا أراد أحد أن يكون أولاً فيكون آخر الكل وخادماً للكل (مر 35: 9) من أراد أن يصير فيكم عظيماً يكون لكم خادماً (مر 43: 10).

من أراد أن يصير فيكم أولاً يكون للجميع عبداً (مر 44: 10) والسيد ضرب بنفسه المثال فقال عن نفسه أنه أتى ليَخدم لا ليُخدم (مر45: 10).

وهو غسل أرجل تلاميذه وطلب أن نفعل ذلك (يو 12: 13 - 17).

ومن يفعل تسانده النعمة ليرجع ويكون كالأولاد أى يستعيد صورة المسيح ولاحظ قول السيد من وضع نفسه مثل هذا الولد = كلمة وضع نفسه تعنى أنه لا يَدَّعى الإتضاع طلباً لمديح الناس، فما أخطر أن تدعى النفس الإتضاع. بل هو عليه أن يفهم الحقيقة "اننا لا شئ.. تراب.. بخار يظهر قليلاً ثم يضمحل. ولكن نحن بالمسيح، وليس من أنفسنا، قد أصبحنا أولاداً لله. فقيمتنا ترجع لا لأنفسنا بل للمسيح الذى فينا. لذلك فالتواضع الحقيقي هو ما عمله المسيح إذ أخلى ذاته. أما التواضع بالنسبة لنا فهو أن نفهم حقيقتنا أننا لا شئ وأن قيمتنا هي في المسيح الذي فينا فكيف أنتفخ عليك والمسيح الذي فيَّ هو الذي فيك. ولاحظ أن عمل المسيح فى أن يأتى بطفل ويعمل ما عمله، بأن يحتضنه ويُوَحِّد نفسه به، ويقول ما قاله. هذا كان عجيباً فى أيامه، فقد إحتقر الرومان الطفولة، ولم يكن للطفل أى حق من الحقوق، ويستطيع الوالدان أن يفعلا بطفلهما ما يشاءا بلا رقيب، وتعرضت الطفولة فى اليونان لمتاعب كثيرة، فكانوا يتركون الأطفال فى العراء أياماً حتى يموت الضعيف ويبقى القوى. واليهود فى أى حصر أو تعداد ما كانوا يحصون النساء ولا الأطفال. ولكننا هنا نجد السيد يشير للطفل بأنه مثال يجب أن نتشبه به. الرومان واليونان كانوا يفتخرون بالقوة والعظمة لذلك إحتقروا الأطفال لضعفهم، أماّ المسيح فيطالبنا بالتشبه بهم فى ضعفهم وأن نعتبر أن قوتنا هو الله نفسه" الله لا يسر بقوة الخيل. لا يرضى بساقى الرجل "(مز147: 10).. هذا هو ملكوت الله.

نستطيع أن نقول أن الإصحاح مت18 وما يقابله فى إنجيل القديس مرقس. يشتمل على قوانين الملكوت. أى كيف ندخل الملكوت.

من ليس علينا فهو معنا.

الأعداد 38-41

الآيات (مر38: 9 - 41): -

"38فَأَجَابَهُ يُوحَنَّا قِائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ شَيَاطِينَ بِاسْمِكَ وَهُوَ لَيْسَ يَتْبَعُنَا، فَمَنَعْنَاهُ لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُنَا». 39فَقَالَ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يَصْنَعُ قُوَّةً بِاسْمِي وَيَسْتَطِيعُ سَرِيعًا أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ شَرًّا. 40لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا. 41لأَنَّ مَنْ سَقَاكُمْ كَأْسَ مَاءٍ بِاسْمِي لأَنَّكُمْ لِلْمَسِيحِ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ.".

الآيات (لو49: 9 - 50): -.

"49فَأجَابَ يُوحَنَّا وَقَالَ: «يَا مُعَلِّمُ، رَأَيْنَا وَاحِدًا يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ بِاسْمِكَ فَمَنَعْنَاهُ، لأَنَّهُ لَيْسَ يَتْبَعُ مَعَنَا». 50فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ تَمْنَعُوهُ، لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا».".

يا معلم رأينا واحداً يخرج شياطين بإسمك = طالما يستخدم إسم المسيح فهو مؤمن وهو ليس يتبعنا = أى ليس من الإثنى عشر أو السبعين. ولنلاحظ أنه ما كان ممكناً لهذا الإنسان أن يخرج شياطين إن لم يكن مؤمناً بالمسيح. لكن يوحنا تعجب أنه ليس من تلاميذ المسيح إذ ظن يوحنا أن المعجزات هى للتلاميذ فقط. لكن هذا الإنسان كان يعمل لحساب المسيح بإيمان صادق وإن لم تكن له فرصة للتبعية الظاهرة ونفهم من درس المسيح أن الكنيسة كنيسة واحدة ولا معنى فيها للتعصب لشخص ما أو جماعة ما، وهذا قطعاً لا يعنى قبول تعاليم مخالفة لتعاليم وعقيدة الكنيسة. ولكن على الكنيسة أن تفهم أنها متسعة القلب للجميع، لها وحدة ومحبة تجمع الكل خلال إيمان مستقيم. أماّ من يعمل قوات وأيات من خارج إطار الإيمان المستقيم فهؤلاء ينطبق عليهم قول السيد إذهبوا عنى يا فاعلى الإثم (مت 22: 7 - 23). من ليس علينا = الذى ليس مخالفاً لنا ولكنيستنا فى الإيمان = فهو معنا فى وحدة ومحبة.

وهذه الأيات أوردها القديس مرقس مباشرة بعد مشاجرة التلاميذ فمن هو الأعظم فيهم. ومن هذا نفهم أن العثرة تأتى فى الكنيسة من مفهوم من هو الأعظم. فيوحنا إعتبر أن هذا الشخص طالما ليس من مجموعتهم فهو أقل منهم وليس من حقه أن يحصل على نفس مواهبهم فى إخراج الشياطين. والسيد يعلمهم مفهوم آخر، يُفهم أن من ليس ضدنا (ضدنا = يعلم تعاليم مخالفة للإيمان) وهو يحب المسيح ويستخدم إسمه فهو معنا، فالكل جسد واحد والكل فى مملكة المسيح لهم سلطان على إبليس. ومن هذا نفهم أن.

قوانين مملكة المسيح: - الكنيسة أو ملكوت الله هو ملكوت الوحدة والمحبة بلا شعور بالعظمة. كنيسة واحدة وحيدة مقدسة رسولية.

من سقاكم كأس ماء بإسمى.. لا يضيع أجره.

كما يعاقب الله معثرى الكنيسة نجده هنا يكافئ من يقدم لها الخدمات، ولكن على أن يكون بإسم المسيح. فمن يقدم لخدام المسيح لأجل إسم المسيح فهذا ينال مكافأته من الله وبهذا نفهم أن.

قوانين مملكة المسيح: - الملك الذى يعاقب أعداء كنيسته هو يجازى (يكافئ) من يخدمها.

العدد 42

آية (مر 42: 9): -

"42« وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي، فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى وَطُرِحَ فِي الْبَحْرِ.".

الآيات (مت 6: 18 - 7): -.

"6 وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ الْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ الرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ. 7 وَيْلٌ لِلْعَالَمِ مِنَ الْعَثَرَاتِ! فَلاَ بُدَّ أَنْ تَأْتِيَ الْعَثَرَاتُ، وَلكِنْ وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ!".

نفهم من هذا أن العالم مملوء عثرات والكنيسة ستواجه ضيقات، ألام جسدية وإضطهاد وإستشهاد وستواجه حروباً شيطانية وخداعات وتشكيك من هراطقة أو إثارة حب العالم وشهواته فى قلوب أولاد الله (1يو19: 5)، لكن الله يحفظ أولاده (يو 15: 17). ولاحظ فالشيطان يعمل لحساب مملكته بأن يستخدم أولاده وأتباعه ليُعثِروا أولاد الله، إماّ بأن يوقعوا بهم فى شباك الخطية أو يضطهدونهم جسدياً. وهذا الأسلوب إستعمله إبليس مع يسوع نفسه فهو على الجبل حاول أن يعثر المسيح ويجعله يسجد لهُ ولما فشل دبر مؤامرة الصليب. ولكن الله فى مملكته يحفظ أولاده (يو 11: 17 - 12) هؤلاء الذين دخلوا مملكته وذلك بتواضعهم وبساطتهم = الصغار المؤمنين. صغار تعنى ضعيف وبسيط ويمكن إسقاطه فى الخطية فربما يظن أحد أنه بسبب بساطة ووداعة أولاد الله، فهو يستطيع أن يفعل بهم ما أراد.. ولكن لا فمملكة الله لها ملك قوى يدافع عنهم (خر 14: 14) ويا ويل من يقع فى يد الله الحى (عب 30: 10 - 31). والوقوع فى يد الله ليس هيناً، بل خيرٌ لذلك الإنسان أن يُعلق فى عنقه حجر الرحى ويغرق فى لجة البحر. وكانت هذه عقوبة رومانية ويونانية.

حجر الرحى = حجر ثقيل يستعمل فى طحن الحبوب.

ولاحظ أن الله قد يسمح ببعض الألام تقع على أولاده من الشرير إبليس أو من أتباعه الأشرار (كما حدث مع أيوب ومع بولس) ولكن يكون هذا بسماح منه لإعدادهم للملكوت ولتأديبهم (عب 5: 12 - 11).

وحجر الرحى هنا هو خطية هذا المعتدى على الكنيسة التى تجعله يغوص فى بحر الدينونة الرهيبة. وقطعاً المسيح هنا لا يدعو للإنتحار بل أن يعلم المعتدي أن عذاب الدينونة أصعب من الموت غرقاً، وهذا ليكف المعتدي عن عمله العدواني. ولاحظ أن المسيح لم يقل "خير له أن يُطَوِّق هو نفسه بحجر.." لأن هذا يعنى الإنتحار، بل أن آخرون يفعلون هذا بمعنى تنفيذ العقوبة فيه. فمتى يقول فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ ومرقس يقول فَخَيْرٌ لَهُ لَوْ طُوِّقَ عُنُقُهُ بِحَجَرِ رَحًى. وهكذا فى إنجيل لوقا خيرٌ له لو طُوِّقَ عنقه بحجر رحى (لو17: 2)... (لاحظ تشكيل كلمة طُوِّقَ وكلمة يُعَلَّقَ) فالأفعال أتت بصيغة المبنى للمجهول، والمعنى أن آخر سينفذ فيه العقوبة. إذن الموضوع ليس إنتحارا بل تنفيذ عقوبة ينفذها آخر فيه.

ولاحظ أن الشرير قد يحاول إثارة إضطهاد ضد الكنيسة أو ضد إنسان مؤمن، حتى يخيفه وينكر الإيمان فيهلك. من كل هذا نفهم أن.

قوانين مملكة المسيح: - الكنيسة موجودة فى عالم ملئ بالعثرات لكن ملك الكنيسة ورئيسها يحميها وينتقم من أعدائها.

الأعداد 43-48

الآيات (مر 43: 9 - 48): -

"43 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ يَدَانِ وَتَمْضِيَ إِلَى جَهَنَّمَ، إِلَى النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. 44حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. 45 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ رِجْلاَنِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ فِي النَّارِ الَّتِي لاَ تُطْفَأُ. 46حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ. 47 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ عَيْنَانِ وَتُطْرَحَ فِي جَهَنَّمَ النَّارِ. 48حَيْثُ دُودُهُمْ لاَ يَمُوتُ وَالنَّارُ لاَ تُطْفَأُ.".

الآيات (مت 8: 18 - 10): -.

"8فَإِنْ أَعْثَرَتْكَ يَدُكَ أَوْ رِجْلُكَ فَاقْطَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْرَجَ أَوْ أَقْطَعَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي النَّارِ الأَبَدِيَّةِ وَلَكَ يَدَانِ أَوْ رِجْلاَنِ. 9 وَإِنْ أَعْثَرَتْكَ عَيْنُكَ فَاقْلَعْهَا وَأَلْقِهَا عَنْكَ. خَيْرٌ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَاةَ أَعْوَرَ مِنْ أَنْ تُلْقَى فِي جَهَنَّمِ النَّارِ وَلَكَ عَيْنَانِ. 10«اُنْظُرُوا، لاَ تَحْتَقِرُوا أَحَدَ هؤُلاَءِ الصِّغَارِ، لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلاَئِكَتَهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ كُلَّ حِينٍ يَنْظُرُونَ وَجْهَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.".

سبق السيد وتكلم عن العثرات الموجودة فى العالم، فماذا يصنع الإنسان المسيحى أمام هذه العثرات والشهوات المحاربة فى أعضائه؟ قطعاً المسيح لا يقبل أن نقطع أيادينا وأرجلنا.. الخ. بل أن نحيا كأموات أمام الخطية. فإن كانت أعيننا تعثرنا فلنمنع أعيننا من أن تنظر، فهناك من يسير فى طريقه وعيناه للأرض ويمنع عن عينه كل الصور المعثرة. وقطعاً فى هذا تغصب، ولكن الملكوت يُغْصَب (مت 12: 11). ومن تعثره أماكن معينة فعليه أن لا يذهب فيكون كمن قطع رجله، وهناك من يعثره صديق معين أو جماعة معينة، فعليه أن يمتنع عنهم ويكون كمن قد مات.. وهكذا. وهذا ما يُسمى الجهاد، أن تغصب نفسك أن لا تفعل ما ترغب فيه إن كان فيه خطأ وتحيا كميت أمامه. وتغصب نفسك أن تفعل ما لا ترغب فيه إن كان صحيحاً كالمثابرة فى الصلاة والمواظبة على الذهاب مبكراً للكنيسة. والصيام بقدر الإمكان.. الخ. فهناك عثرات من الآخرين وعثرات من أنفسنا عندما ننخدع من شهواتنا وهذه يجب أن نقطعها مهما كانت عزيزة علينا، كما أن اليد والرجل والعين عزيزة علينا، أى نتخلص مما يسبب لنا العثرة [اليد (نبتعد عن أى عمل ردئ) والرجل (نمتنع عن الذهاب للأماكن المعثرة)..] أقمع جسدى وأستعبده (1كو 27: 9) ومن يجاهد ويغصب نفسه تملأه النعمة، فالنعمة لا تُعطى إلاّ لمن يستحقها، وهذه هى معونة الروح القدس لمن يغصب نفسه "لكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون" (رو8: 13). والنعمة تعطينا أن نكون خليقة جديدة، الشهوات فيها ميتة، خليقة لا تفرح بالخطية ولا تسودها الخطية رو 14: 6. ومن يصلب نفسه عن شهواته يقول مع بولس الرسول "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىّ غل 20: 2 ويقول لى الحياة هى المسيح (فى 21: 1) من هذا نفهم أن.

القانون الخامس: - أولاد الملكوت يحيون كأموات عن العالم لكن أحياء بالمسيح الذى فيهم، المسيح سر حياتهم الجديدة.

أنظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار.. ملائكتهم فى السموات.. ينظرون وجه أبى الصغار هم الأطفال الأبرياء، أو هم الذين بتواضعهم وقداستهم دخلوا من أبواب الملكوت وصاروا أو رجعوا وصاروا مثل الأطفال، هم المؤمنين بالمسيح والمتواضعين الذين يبدو أنهم ضعفاء لا حيلة لهم. وهنا المسيح يحذر العالم أن هناك ملاك حارس معين لمرافقة وحراسة كل منهم وهو غير مرئى، ولكنه قادر أن ينصف هؤلاء الضعفاء، وأن هؤلاء الملائكة ينظرون وجه الآب أى قادرين على حمل البركات منه لهؤلاء الصغار والآن نفهم أن.

قوانين مملكة المسيح: - ملكوت السموات صار مفتوحاً للأرضيين المجاهدين كما للسمائيين (يو 51: 1) والملائكة تحرس أولاد الله.

الأعداد 49-50

الآيات (مر 49: 9 - 50): -

"49لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُمَلَّحُ بِنَارٍ، وَكُلَّ ذَبِيحَةٍ تُمَلَّحُ بِمِلْحٍ. 50اَلْمِلْحُ جَيِّدٌ. وَلكِنْ إِذَا صَارَ الْمِلْحُ بِلاَ مُلُوحَةٍ، فَبِمَاذَا تُصْلِحُونَهُ؟ لِيَكُنْ لَكُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ مِلْحٌ، وَسَالِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا».".

لأن كل واحد = كل مؤمن إنتمى إلى ملكوت السموات. يُملح بنار = النار هى الروح القدس، روح الإحراق (أع 3: 2 - 4 + إش 4: 4). والملح يصون من الفساد والعفونة (كو 6: 4). والروح القدس هو الذى يُعطى نعمة لكل مؤمن تحفظه من الفساد وتعطيه أن يصير خليقة جديدة. ولاحظ أن هذه الأيات جاءت فى إنجيل مرقس بعد حديث السيد المسيح عن أهمية قطع اليد والرجل وقلع العين التى تعثر، وكما قلنا فإن هذا إشارة للجهاد، وأمام الجهاد يملأنا الروح القدس نعمة تغير من طبيعتنا وتكتم وتميت الخطية التى فينا، أو الشهوة التى فينا (رو3: 8) (فقوله دان الخطية أى حكم عليها بالموت). فنار الروح القدس أحرقت الشهوة أو الخطية فينا، وصارت الخطية بلا سلطان علينا، لأن النعمة تسود علينا (رو14: 6) وبهذا فنار الروح القدس تملح المؤمن أى تحفظه من الفساد. وهذا أسماه بولس الرسول "ختان القلب بالروح" (رو29: 2 + رو8: 13).

وكل ذبيحة تملح بملح = هذا إشارة إلى (لا 13: 2 - 15) لأن ذبائح العهد القديم تشير للمسيح الذى قَدَّمَ نفسه ذبيحة، وإضافة الملح إلى ذبائح العهد القديم يشير لأن المسيح هو بلا خطية وأنه حين يموت لن يطوله الفساد بل سيقوم ثانية (مز10: 16) "لن تدع تقيك يرى فساداً" وكل مؤمن عليه أن يقدم جسده ذبيحة حية (رو1: 12)، كيف؟ بقطع يده ورجله وقلع عينه (بالمفهوم الروحى وليس الحرفى). ومن يعمل تحفظه النعمة = تملح بملح وهذا = "لكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون" (رو8: 13).

الملح جيد = سبق السيد وقال أنتم ملح الأرض (مت 13: 5) ومن الذى يكون ملح الأرض إلاّ كل من إمتلأ نعمة. مثل هذا الملح يكون جيد.

ملح بلا ملوحة = أى ملح فاسد، أو هو لا يعُطى طعماً للطعام، فالمؤمنين المملوئين نعمة، بذوبانهم وسط العالم، يتقبل الله هذا العالم، قيل أن الله يفيض مياهاً فى نهر النيل بسبب وجود الأنبا بولا فى مصر. ليكن لكم فى أنفسكم ملح = أى لتمتلئوا نعمة لتكونوا ملحاً جيداً ويكون هذا بالإمتلاء بالروح (أف5: 18 – 21) وأيضا بجهادكم بأن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية، وتقديم الجسد ذبيحة حية هو جهاد الإنسان أن يحيا كميت عن ملذات الخطية.

ولاحظ أهمية الجهاد حتى تعمل النعمة فينا وتحفظنا، فالرب يقول ليكن لكم في أنفسكم ولم يقل أما أنا فسأعطيكم الملح الذي يحفظكم.

ولكن ما يبطل مفعول النعمة فينا، نزاعاتنا وصراعاتنا على الرئاسات والمجد الدنيوى، كما بدأ هذا الإصحاح بصراع التلاميذ عمن هو الأعظم. والسيد يعطى نصيحته بأن نحيا فى سلام، وطوبى لصانعى السلام ومن هذا نفهم أن.

قوانين مملكة المسيح: - النعمة تحفظ أولاد الملكوت من الفساد.

وشرط بقاء النعمة1) نكون ذبائح (نصلب شهواتنا) 2) الإمتلاء بالروح 3) نحيا فى سلام.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح العاشر - تفسير إنجيل مرقس - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثامن - تفسير إنجيل مرقس - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير إنجيل مرقس الأصحاح 9
تفاسير إنجيل مرقس الأصحاح 9