الأصحاح التاسع والثلاثون – سفر حزقيال – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 31- تفسير سفر حزقيال – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأصحاح التاسع والثلاثون

النصرة النهائية.

في هذا الأصحاح يكمل الله حديثه عن جوج معلنًا تدميره الكامل، مطهرًا أرض شعبه من جثث قتلى جيش جوج، وأخيرًا يختم حديثه عن الاستعداد للإصلاح المسياني بإعلان غاية الله من تأديب شعبه، موضحًا الفارق بين عقوبة جوج ممثل الشيطان وجنوده وبين تأديب أولاد الله حيث يشتهي الله أن يتمجد اسمه القدوس فيهم.

1. هلاك جوج [1 - 7].

2. تطهير الأرض [8 - 16].

3. وليمة الطيور [17 - 25].

الأعداد 1-7

1. هلاك جوج:

عاد ليؤكد الهلاك النهائي لجوج بكونه علامة النصرة النهائية لملكوت الله على مملكة الظلمة.

العجيب أن الله إذ يعلن مقاومته لجوج يقول: "أردك وأقودك وأصعدك من أقاصي الشمال وآتي بك علي جبال إسرائيل" [2]. كأن ما يفعله جوج من عنف ضد الله وأولاده ليس مخفيًا عن الله بل وبسماح منه لكي يتمجد الله في شعبه.

قبل أن يسمح بهلاكه يضرب الرب قوسه ويسقط سهامه، فإن الله لم يدن الشيطان أولاً وإنما أولاً حطم سلطانه، إذ كسر أسلحته الشريرة علي الصليب حتى يهب أولاده فرصة الغلبة عليه. أما سقوط جوج علي جبال إسرائيل هو وكل جيشه والشعوب الذين معه [4]، فإعلان عن موضع المعركة، جبال المؤمنين الراسخة، أي قلوبهم التي صارت كالصخر لا تتزعزع أمام تجارب إبليس. كما هزم السيد المسيح إبليس علي الجبل، هكذا ندخل معه في معركة داخل القلب فنحطمه ولا يكون له موضع فينا. أراد أن يملك علي القلب، وهناك نسقطه بالنعمة الإلهية تحت أقدامنا.

يسقط جوج فيصير نهبًا للمؤمنين الذين يرتفعون بالنعمة كالطيور، يحلقون في السماويات، والذين يتدربون علي الحرب الروحية فيصيرون كالوحوش الكاسرة لا تقوى الخطيئة أن تقف أمامهم. أما النار التي تحرقه فهي نار الروح الإلهي الساكن فينا، يطهرنا من كل خطيئة وضعف ويحرق كل شر وعمل شيطاني. هذا هو سر غلبتنا علي الشيطان: ارتفاع حياتنا بالمسيح يسوع نحو السمويات، والتدرب علي الجهاد بغير تراخ، ملتهبة قلوبنا بروح الله الناري.

الأعداد 8-16

2. تطهير الأرض:

غاية تحطيم إبليس وجنوده هي دخول المؤمنين إلي حالة من السلام النهائي فإذ يُلقى إبليس في النار الأبدية يدخل المؤمنون في الملكوت الأبدي، ويصيرون فيما بعد في غير حاجة بعد إلي سلاح، حيث لا عدو ولا حرب. "يشعلون ويحرقون السلاح والمجان والأتراس والقسيّ والسهام والحراب والرماح ويوقدون بها النار سبع سنين" [9]. أي يحرقون كل أنواع الأسلحة وإلي النهاية، حيث رقم 7 يُشير إلي الكمال.

حيث يغلب المؤمنون تنهزم الشياطين ولا يوجد موضع للنجاسة، إذ يقوم الشعب بدفن الجثث في "وادي عباريم" [11] فتطهر الأرض من هذه الجثث الدنسة، ويسمي وادي عباريم "وادي جمهور جوج" [11، 15]، وتسمي المدينة "همونه" أي جمهور، إذ يدفن فيها الجمهور التابع لجوج أو الشياطين.

وادي عباريم:

"عباريم" بالعبرية تعني "ما عبر"، وهي سلسلة من الجبال شرق الأردن دعيت "عباريم" لأنها عبر النهر، وهي خارج الأرض المقدسة. ذكرها إرميا النبي في تعداد الجبال التي في سوريا من بعد لبنان وباشان (إر 22: 20)، وقد أقام فيها العبرانيون قبلما عبروا نهر أرنون (عد 21: 11)، ثم منحت لبني رأوبين (عد 32: 2 - 37). تمتد جبال عباريم من وادي قفرين في الشمال إلي وادي الزرقا ما عين ووادي الحسا في الجنوب. ولعباريم قمم منها نبو وهوشع وعجلون، وقد وقف موسى النبي علي جبل نبو ورأى أرض الموعد (عد 27: 12، تث 32: 49، 34: 1).

لعل الرب أراد أن يعلن بأن جمهور جوج يدفنون في عباريم إشارة إلي غلبة أولاد الله وهم بعد في العالم قبل عبورهم الحياة الأخرى. يقفون مثل موسى علي قمة نبو ويرون أورشليم السماوية ويدركون الأمجاد الإلهية فيتطهرون بالروح القدس من كل نجاسة ويغلبون كل قوات الظلمة...

إن عمل المؤمن في هذه الحياة كما يؤكد هذا الأصحاح أن يقبر جمهور جوج، أي يدفن شياطين الظلمة فلا تكون لهم حياة في قلبه.

يقول: "إذا رأى أحد عظم إنسان يبني بجانبه صُوَّةً حتى يقبره القابرون في وادي جمهور جوج" [15]. يقصد بالصوة علامة. فإن المؤمن إذ يرى آثار سقطات الشيطان يصنع علامة الصليب، التي هي علامة الغلبة حتى يدفن الشيطان تمامًا في هذا الوادي فلا يكون له بعد مكان فيه. رسالتنا هي التمسك بعلامة الغلبة والنصرة حتى نكلل في النهاية.

الأعداد 17-25

3. وليمة الطيور:

لعله قصد في هذا الختام أن يوضح الفارق بين سقوط جمهور جوج في الأرض المقدسة والذبيحة العظيمة التي فيها مات كثيرون من أولاده، فإن جمهور جوج ينتهون بإبادتهم تمامًا في النار الأبدية، أما أولاد الله فيتأدبون إلي حين حتى يتوبوا ويرجعوا إلي الله فيتمجد اسمه فيهم.

وربما قصد بالوليمة العظيمة هنا على الجبال المقدسة قتل جمهور جوج الذي هلك... علي أية الأحوال لقد أوضح الرب تمامًا عودة أولاده إليه بالتوبة في سلام فائق، وغيرة الرب عليهم من أجل اسمه القدوس، فلا يعود يحجب وجهه عنهم بعد لأنه يسكب روحه عليهم [29]. بهذا يبلغ سفر حزقيال غايته. لقد فارق مجد الله شعبه وهيكله بسبب الخطيئة، والآن بالتأديب عادوا إليه تائبين فعاد إليهم مجد الله وتقدس اسمه فيهم.

والآن يعلن هذا المجد الإلهي في الأصحاحات التالية من خلال الهيكل الجديد والمدينة الجديدة والشعب الجديد.

من وحي حزقيال 39.

غلبة وعبور.

وتشتد حربه جدًا في نهاية الأزمنة!

لكنه يتحطم هو وكل جنوده علي الجبل المقدس!

يسقط العدو صريعًا تحت أقدام المؤمنين،.

أما هم فيرتفعون إلي السموات عينها.

عوض أن يملك على القلب،.

يصير قلبي مقبرة له!

عوض ان يجرحني بسهامه يموت بذات سلاحه!

  • متي أغلب بعلامة صليبك أيها المخلص؟

متي تنتهي الحرب،.

وأرتفع إلي أحضان أبيك،.

هناك لا أحتاج إلي سلاح،.

لأنه لا يعود يوجد العدو!

هناك أرى العدو ينحدر إلي نار جهنم أبديًا،.

ومؤمنيك ينعمون بمجدك وسلامك الفائق!

الباب السادس.

إصلاح الهيكل وأورشليم.

[ص 40 - ص 48].

التدبير الديني للعصر المسياني.

في هذه الأصحاحات (40 - 48) لم يقدم لنا إسرائيل بعد كدولة بل كمجتمع كنسي روحي يقوم على الهيكل وخدمته. فقد حوى هذا القسم رؤيا واحدة امتدت عبر هذه الأصحاحات، تعتبر أصعب جزء في الكتاب المقدس، لكنها من أعذب ما قُدم إلينا إن فهمناه روحيًا، إذ تمثل هذه الرؤيا عودة مجد الله الذي سبق أن فارق الهيكل المقدس والمدينة، بإقامة هيكل جديد له ملامح جديدة وإمكانيات جديدة، يسكنه الرب ولا يفارقه.

ما ورد هنا من تفاصيل دقيقة عن الهيكل الجديد الذي يقوم في العصر المسياني بضخامته التي لا يمكن تحقيقها بطريقة حرفية تكشف لنا أن ما ورد إنما يحمل معنى روحيًا، إذ يشير إلى هيكل الإنجيل الذي يقيمه السيد المسيح ويؤسسه على رسله الأطهار، معلنا لنا العبادة الروحية من خلال الرموز.

لقد ازدحم هذا الفصل بالتفاصيل الخاصة بالهيكل وخدمته: موقعه وملحقاته وترتيباته وعدد الموائد التي تقدم عليها الذبائح لتذبح، خدام الهيكل وطقوس العبادة الخ... الأمور التي بلا شك تشبع قلب حزقيال النبي الكاهن المحروم من ممارسة عمله الكهنوتي. لقد انفتح باب الرجاء، وأحس بشبع في داخله، ليس من خلال طقس جامد بل من خلال حياة طقسية تعبدية روحية، لا ينفصل فيها الطقس عن الحياة الداخلية والشركة العميقة مع الله وإدراك الحضرة الإلهية. إنه يرى أن التقديس في العبادة داخل الهيكل لا ينفصل عن الحياة بالروح (39: 29)، إنما لابد للروح أن تعبَّر عن نفسها. لقد رأى في الهيكل الجديد أو المدينة الجديدة "سكنى الله وسط شعبه".

وقد شملت هذه الأصحاحات الحديث عن:

1. الهيكل [40 - 43].

2. العاملين في الهيكل، والأعياد [44 - 46].

3. الأرض المقدسة [47 - 48].

لقد حاولت الاختصار الشديد في عرض الأمور الخاصة بتفاصيل مبنى الهيكل ومحتوياته حتى يمكن الإلمام به بسهولة ولعدم التكرار إذ سبق الحديث عنه في سفر الخروج.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الأربعون - سفر حزقيال - القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الثامن والثلاثون - سفر حزقيال - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 39
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 39