الأصحاح الحادي والعشرون – سفر حزقيال – القمص تادرس يعقوب ملطي

هذا الفصل هو جزء من كتاب: 31- تفسير سفر حزقيال – القمص تادرس يعقوب ملطي.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأصحاح الحادي والعشرون

أنشودة السيف المدمر.

إذا أعلن الرب عن تخليه عن حماية المدينة بل وأكد إشعالها بالنار، أجاب اليهود قائلين: "أما يُمثِّل هو أمثالا؟!" (20: 49)، لهذا تحدث الرب بصراحة في هذا الأصحاح عن هذه النار، أو السيف الناري المؤدب:

1. نبوته ضد أورشليم [1 - 7].

2. سيف حاد مصقول [8 - 17].

3. طريقا ملك بابل [18 - 24].

4. حديث ضد صدقيا الملك [25 - 27].

5. نبوة ضد بني عمون [28 - 32].

الأعداد 1-7

1. نبوته ضد أورشليم:

طلب منه أن يوجه نظره نحو أورشليم [1] ويتنبأ صراحة ضد الأرض المقدسة والمدينة المقدسة والهيكل المقدس.

الذي سبق فوقف يشفع فيهم ويتضرع لأجلهم في أكثر من موضع (9: 8) يُدعي الآن لكي يُعلن أحكام دينونة الله التي تحل على إسرائيل التي اعلنت رفضها للوصية وعنادها المتعمد. إنه ينطق بكلمات الرب، قائلاً: "هأنذا علىكِ وأستلُّ سيفي من غمده، فأقطع منك الصدِّيق والشرير" [3]. إذ لم تعد هذه المواضيع في عيني الرب يرسل علىها سيفه ويقف ضدها، ويقطع منها الصديق والشرير. لا يعني هنا أن يقتل الاثنين بلا تمييز بينهما، إنما ينزع الصدّيق عنها لينقله إلي أرض الكلدانيين كالتين الجيد (إر 24)، وينزع الشرير بقتله في يهوذا فتخسر الأرض الاثنين خلال السبي والسيف. وقد أوضح الرب موقفه من التين الجيد في سفر إرميا هكذا: "كهذا التين الجيد هكذا أنظر إلي سبي يهوذا الذي أرسلته من هذا الموضع إلي أرض الكلدانيين للخير، وأجعل عيني علىهم للخير وأُرجعهم إلي هذه الأرض وأنبتهم ولا أهدمهم، وأغرسهم ولا أقطعهم، وأعطيهم قلبًا ليعرفوني أني أنا الرب فيكونوا لي شعبًا وأنا أكون لهم إلهًا لأنهم يرجعون إليّ بكل قلبهم" (إر 24: 5 - 7) هكذا يقطع التين الجيد والرديء عن أورشليم، لكن يفرز هذا عن ذاك.

لقد طلب منه أن يتهند بمرارة علانية ليسألوه عن سبب تنهده فيُجيب صراحة "على الخبر، لأنه جاء فيذوب كل قلب وترتخي كل الأيدي، وتيأس كل روح، وكل الركب تصير كالماء، ها هي آتية وتكون" [7]. إن الله لا يُعطي مثلاً بل خبرًا حقيقيًا وأمرًا واقعًا يرتجف له الكل!

الأعداد 8-17

2. سيف حاد مصقول:

هذا السيف المرهب في الحقيقة ليس سيف نبوخذنصَّر بل هو سيف الله نفسه الذي يستخدم هذا الملك للتأديب. إنه يقوم بدوره حسنًا، فهو مصقول وحاد، يذبح رؤساء يهوذا والشعب، سيف قاتل عظيم، يُلوِّح مرة فثانية فثالثة. يأتي في المرة الأولي بعد التحذير الشفوي، والمرة الثانية بعد أن يصفق النبي على فخذه [12] والمرة الثالثة بعد أن يصفق كفًا على كف [14]، وكأن انطلاق السيف ليس غاية في ذاته، إنما ينطلق حينما يرفض المسئولون والشعب إنذارات الله.

يلاحظ أنه سيف حاد قاتل للأشرار، لكنه بالنسبة لأولاد الله هو "عصا التأديب يذبح فيهم العود الأخضر (العبادة الوثنية) لا نفوسهم، إذ يقول عنه:" عصا ابني تزدري بكل عود [10]، وليس بكل نفس. إنه قادم لإبادة الشر والخطيئة لا الخطاة. هو سيف امتحان [13] أو عصا اختبار إن ازدري أحد بها تعرضه للهلاك، لكن إن رجع أحد عن شره خلص.

كما يلاحظ أنه موجه على الشعب كما على كل رؤساء إسرائيل الذين رفضوا نبوته... إنه لا يُحابي مسئولاً على حساب أفراد الشعب، إنما الكل متساوون أمامه.

أخيرًا فإنه يقف عند كل باب، متقلبًا، يضرب يمنةً ويسارًا، فلا يفلت أحد منه [15 - 16].

الأعداد 18-24

3. طريقا ملك بابل:

يبدو أن ملك بابل جاء إلى ملتقى طريقين، أحدهما يؤدي إلى أورشليم والآخر إلى ربة عاصمة بني عمون، وهنا بدأ يفكر أيهما يحاربها أولاً: أورشليم أم ربة. لقد استخدم كل وسيلة وثنية من صقل السهام لكي يصوبها في الطريقين ويلقي قرعة، ومن سؤال بالترافيم[208]، والتطلع إلي كبد الذبيحة التي يقدمها لإلهه... فجاءت الإجابة أن يبدأ بأورشليم. حسب الظاهر جاءت الإجابة بطرقه الشريرة الوثنية، لكن الواقع أن الله هو الذي خطط خفية للتأديب. إن العرافة كاذبة، لكن الله ضابط الكل حول شر الملك وعرافته لتأديب الشعب.

يلاحظ أن الرب يقول: "عَيّنْ طريقا ليأتي السيف على... يهوذا في أورشليم إذ يبدو أن شعب يهوذا قد تجمهر غالبيته في العاصمة أورشليم ظنًا أنه حتى إن سقطت كل مدن يهوذا فإن الله يُدافع عن أورشليم بكونها" مدينة الملك العظيم ". لكن الله يؤكد أنها ستأخذ الضربة الأولى القوية ليس قبل كل مدن يهوذا فحسب بل وقبل مدن بني عمون. أورشليم التي عرفت كثيرًا عن الله استحقت أن تضرب أكثر، لأنها لا تخطئ عن جهل أو عدم معرفة بل في تمرد وعصيان.

الأعداد 25-27

4. حديث ضد صدقيا الملك:

يوجه الله حديثه ضد صدقيا الملك مباشرة، الذي يحطم شعبه بشرِّه، قائلاً: "وأنت أيها النجس الشرير" [25]، لقد جاء يوم نزع العمامة ورفع تاج الملك عنه [26]. لقد ظن في نفسه أنه عظيم فحطم شعبه، لهذا ينقلب الحال، ويفقد الملك تاجه إلي الأبد "منقلبًا منقلبًا أجعله" [27]. ويُنزل بهذا الملك المتعجرف إلي الحضيض "حتى يأتي الذي له الحكم فأعطيه إياه" [27]. يأتي السيد المسيح باتضاعه فيملك إلى الأبد.

إن كان شعب صدقيا قد هلك بمشورة ملكه، فسيملك رب المجد ويقيم شعبه ويخلصهم ليملكوا معه إلي الأبد.

الأعداد 28-32

5. نبوة ضد بني عمون:

لقد أفلت بنو عمون من سيف الدينونة بسبب انشغال نبوخذنصَّر بأورشليم، وقد وقفوا شامتين.

لقد عيَّر بنو عمون الشعب لهلاكه وأورشليم لحرقها، لكن تأديب أورشليم إلي حين حيث يقوم الملك الروحي ويخلص المؤمنين به، أما السيف الذي يُحطم بني عمون، وهو ذات السيف الذي حطم يهوذا، فيضرب لكن لا للتأديب بل للإهلاك، فلا يعود يذكر بعد.

لم يدخل بنو عمون في عهد مع الله كما دخلت إسرائيل، ومع ذلك فسقطوا في التأديب الإلهي، لأن الله لا يطيق الخطية لا في حياة شعبه أو في حياة غيرهم.

بنو عمون يشيرون إلي الشر لا الأشرار، يهلك بيدٍ قوية ولا يقوم بعد (ضُربت عمون بعد أورشليم بخمس سنوات).

من وحي حزقيال 21.

السيف المدمر والمنفذ!

فذاب كل قلب، وارتخت كل يد، وصارت كل الركب كالماء!

ضربت بالسيف لتفصل في القلب ما بين الشر والخير!

أردت بالسيف المدمر التوبة والرجوع إليك!

  • أمام تأديباتك ترتجف نفسي، ويهتز كل كياني!

مادام السيف في يدك يا ضابط الكل، يا محب البشر،.

تطمئن نفسي وتستريح يا قابل الخطاة!

إن سمحت بالتأديب فاسمح لي بالتوبة.

توبني فأتوب، اشفني فأُشفي!

  • سَخَر بنو عمون بأورشليم وكل يهوذا يوم تأديبهم،.

لكن السيف الذي أدبّ يهوذا هو بعينه حطم عمون!

حطم في داخلي عمون،.

وأدِب في داخلي أورشليم!

بدِّد في داخلي كل الشر،.

وقدّس عملك في يا واهب الخلاص والحياة!

إني مطمئن مادام السيف في يدك أنت مخلصي!


[208] "تراقيم" كلمة عبرية تعني "مسعدات"، وهي أصنام أو آلهة رب البيت، صغيرة الحجم جدا لسهولة حملها في الهروب بسرعة، يعتقد الناس أنها مجلبة للفأل الحسن وكانت تستشار في كل المقترحات (زك 10: 2) بحسب القانون البابلي كان لمن عنده الترافيم الحق في أن يرث النصيب البكر. وقد أباد يوشيا الترافيم مع غيرها من الأصنام (2 مل 23: 24).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني والعشرون - سفر حزقيال - القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح العشرون - سفر حزقيال - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 21
تفاسير سفر حزقيال الأصحاح 21