الأصحاح الخامس – تفسير الرسالة إلى أفسس – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

بعد أن تحدث الرسول عن سلوك المؤمن وسط اخوته يتحدث هنا عن سلوكه وسط المجتمع الفاسد الذى يحاول أن يغويه بخطاياه. ويقول للمؤمن.. لقد صرت مختاراً ونوراً تكشف الظلام، فلا تنجذب للظلام ثانية، هو يذكر الكنيسة بمقامها الجديد ولكنه لم يدعو لإعتزال المجتمع بل رفض الشر.

العدد 1

آية (1): -

"1فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ.".

هذه الآية تتمة للآية الأخيرة فى الإصحاح السابق. أى هى دعوة أن نكون متسامحين شفوقين فى محبة = كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ: والله محبة. فلنسامح بعضنا كما يسامحنا الله (مت33: 18 - 35). فعلينا كأولاد أحباء أن نتمثل بأبينا فى محبته وتسامحه. وهذا ما عَلَّمَ به المسيح فى نهاية الصلاة الربانية (مت12: 6).

العدد 2

آية (2): -

"2 وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً للهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً.".

وصية بولس أن نسْلُكُ فِي الْمَحَبَّةِ فى كل قول وتصرف. وهو يقول فى المحبة ولم يقل بالمحبة. وهذا يعنى أن تكون المحبة هى الإطار الذى نسلك فيه، وخارجه يمتنع التصرف. وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا: علامة محبته قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً وهذا تفسير أسلم نفسه. رَائِحَةً طَيِّبَةً: أى قَبِل هذا بسرور. وكما مات المسيح ليغفر خطايانا علينا أن نغفر لبعضنا. ومن يغصب نفسه على التسامح ويغفر لمن اخطأ إليه يصير كذبيحة لها رائحة طيبة أمام الله. فنحن نشارك المسيح كهنوته بتقديم حياتنا ذبيحة حب عن الآخرين كما صنع هو. فلنتمثل بمحبة المسيح.

العدد 3

آية (3): -

"3 وَأَمَّا الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ أَوْ طَمَعٍ فَلاَ يُسَمَّ بَيْنَكُمْ كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ.".

الزِّنَا وَكُلُّ نَجَاسَةٍ: يشير لكل التصرفات الجنسية اللا أخلاقية وكانت تمارس عند الوثنيين فى الهياكل (وهذا ينطبق على الصور الفاضحة فى الإنترنت والدِش).

أَوْ طَمَعٍ: (كو19: 4) كان الطمع يشير للزنا مع زوجات الغير. وراجع أيضاً (1تس3: 4 - 7). ولكن الطمع هنا هو عدم الشبع والإكتفاء بالأمور المادية. (وهذا لهُ علاقة بالزنا، فكلاهما يطلق لنفسه العنان إماّ بشهوة محبة المال أو للشهوه الجنسية ولا يعود فى القلب مكاناً لله) والرسول أطلق على الطمع فى آية 5 عبادة أوثان، فالفضة والذهب صارا آلهة لبعض الناس، (أف5: 5) + (كو5: 3). وهو عبادة أوثان لأن الطماع صار يعتمد على أمواله فى تأمين مستقبله، إذ هو خائف من المستقبل لكن الله هو الذى يضمن المستقبل، وإلا صار المال إلهاً لهذا الإنسان يضمن له المستقبل. وهناك من قال عن الطمع زنا روحى فهو يفصل بين المؤمن والفضيلة.

لاَ يُسَمَّ: أى لا تتحادثوا فيه ولا تقولوا كلمات خارجة بأفواهكم، فهذا مما يثير الشهوات لدى المتكلم والسامع. كَمَا يَلِيقُ بِقِدِّيسِينَ: قديسين أى مخصصين لله، ومن تخصص لله لا يليق به مثل هذه التصرفات.

العدد 4

آية (4): -

"4 وَلاَ الْقَبَاحَةُ، وَلاَ كَلاَمُ السَّفَاهَةِ، وَالْهَزْلُ الَّتِي لاَ تَلِيقُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ.

الشُّكْر. ".

الْقَبَاحَةُ: السلوك المشين سواء بالأفعال أو بالأقوال. وكما اتخذ الصياح قبل ذلك علامة على الغضب. نرى هنا كلام القباحة علامة على الشهوة. واللسان القبيح يقود الجسد لإثارة الشهوة والزنا. السَّفَاهَةِ: الكلام الفارغ الذى لا يهدف لشئ. أو الخارج عن حدود اللياقة والتعقل بلا إحساس بالعيب.

الْهَزْلُ: كلام منحل يثير الضحك والرسول لا يقصد الضحك البرئ.

الشُّكْر: كلام النعمة المفيد وخصوصاً المديح والتسبيح لله.

العدد 5

آية (5): -

"5فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ هذَا أَنَّ كُلَّ زَانٍ أَوْ نَجِسٍ أَوْ طَمَّاعٍ­ الَّذِي هُوَ عَابِدٌ لِلأَوْثَانِ­ لَيْسَ لَهُ مِيرَاثٌ فِي مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ.".

فَإِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ: هم يعرفون من كرازته سابقاً ما يقوله هنا ولكن قطعاً فالتوبة مقبولة وتهيئ الإنسان للملكوت. عَبادٌة أَوْثَانِ: راجع آية 3.

مَلَكُوتِ الْمَسِيحِ وَاللهِ: فى النص اليونانى كلمة الله أتت بدون أداة تعريف. إذاً كلمة الله ليست معطوفة على كلمة المسيح. إذاً نحن لسنا أمام ملكوت لله وملكوت آخر للمسيح، بل هو ملكوت الله الواحد، هو ملكوت المسيح الذى هو الله. هذا إشارة لأن المسيح ليس مجرد إنسان بل لأنه هو الله، فبعمله الفدائى أهلنا لملكوته.

العدد 6

آية (6): -

"6لاَ يَغُرَّكُمْ أَحَدٌ بِكَلاَمٍ بَاطِل، لأَنَّهُ بِسَبَبِ هذِهِ الأُمُورِ يَأْتِي غَضَبُ اللهِ عَلَى أَبْنَاءِ الْمَعْصِيَةِ.".

لاَ يَغُرَّكُمْ: فى أصلها لا يغشكم، أى لا يصور لكم أحد أن وراء الخطية سعادة فهذا خداع لأن وراء الخطية غَضَبُ اللهِ، وإذا غضب الله يُنزع الفرح والسلام.

كَلاَمٍ بَاطِل: هناك من يتكلم كلاماً غاشاً يستخف فيه بخطية الزنا والنجاسة ويدعو الآخرين لها على أنها ليست شريرة، بل فيها متعة وتسبب سعادة. وهذه هى النظرة الوثنية لهذه الأمور، والوثنيون يحاولون خداع أهل أفسس بكلامهم. وهذا الخداع مستمر للآن، فالشيطان يستخدم بعض الناس ليوقع أولاد الله بنفس المنطق.

العدد 7

آية (7): -

"7فَلاَ تَكُونُوا شُرَكَاءَهُمْ.".

فلنشترك نحن فى أعمال البر والقداسة، ولنشترك مع الملائكة والسمائيين فى التسبيح. ولننفصل عن شركة البطالين الذين بمنظرهم الضاحك قد يخدعون البسطاء.

ولنعلم أن فى وقت بولس الرسول كان هناك بعض الفلافسة والهراطقة يدعون للزنا على أنه شئ عادى وضرورى، ومازال للآن من يغويهم الشيطان على مثل هذه الأقوال الغاشة والدعوة للزنا ويخدعون بها البسطاء.

العدد 8

آية (8): -

"8لأَنَّكُمْ كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً، وَأَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ. اسْلُكُوا كَأَوْلاَدِ نُور.".

كُنْتُمْ قَبْلاً ظُلْمَةً: كانوا تجسيداً للظلمة، كان الظلام فيهم ويسلكون فيه بل كانوا مصدراً للإظلام، هذا يعنى إنسان يسير فى الخطية ويدعو الآخرين للخطية فيحول النور الذى فيهم لظلمة. أَمَّا الآنَ فَنُورٌ فِي الرَّبِّ: صرتم تجسيداً للنور، النور الذى يظهر فيهم هو نور المسيح الذى فيهم. نور الحياة فى المسيح (لإتحادهم بالمسيح) فى الفكر والقلب والضمير، فى محبتهم وإيمانهم ورجائهم، فى تسبيحهم وسلامهم وفرحهم، فى صلواتهم وشكرهم المستمر، صاروا خليقة جديدة تحيا فى السماء. أَوْلاَدِ نُور: لقد ولدوا من الله ولادة جديدة، والله نور، فهم أولاد نور. ومن يسلك كأولاد نور أى يطيع وصايا الله، فلا يهرب من الله ويختبئ كما فعل آدم، فمن يسلك فى النور لا يخجل، أماّ من يسلك فى الخطية فهو فى ظلمة. كل من لا يستطيع إعلان ما يعمله فهو فى الظلمة يسلك وليس فى النور.

العدد 9

آية (9): -

"9لأَنَّ ثَمَرَ الرُّوحِ هُوَ فِي كُلِّ صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ.".

ثمر الروح هو محبة فرح سلام... (غل 5: 22، 23). وهذا ينتج فينا إن كنا نسلك كأولاد نور (انظر آية8). ومن يفعل يشرق النور فى قلبه فيُظهر له ما هو الحق فيتبعه وما هو باطل فيتركه. ثَمَرَ الرُّوحِ يظهر فى أولاد النور آية 8 أى أولاد المعمودية، فالروح يعطى إستنارة. لكن على المؤمن أن يغصب نفسه ليسلك بحسب وصايا المسيح. وبعد ذلك يشرق النور فى داخله، فيسلك بالنور الذى فى داخله. ثَمَرَ الرُّوحِ يظهر فى من يعمل صَلاَحٍ وَبِرّ وَحَقّ. صَلاَحٍ: هو سلوك نحو الآخرين. البِر: أى يسلك بالعدل ولا يظلم أحد وبلا طمع فى الناس وبسلوك مستقيم. وَالحَقّ: البعد عن الكذب والخداع والضلال. عموماً المولود من النور يظَهَرْ للناس حبه للخير والحق وبعده عن أى ضلال.

العدد 10

آية (10): -

"10مُخْتَبِرِينَ مَا هُوَ مَرْضِيٌّ عِنْدَ الرَّبِّ.".

الأخلاقيات المسيحية ليست وصايا بل هى بحث عن إرضاء الله، وهو إله محب يتوق لأن تكون لأبنائه نفس سجاياه الرفيعة حتى يسروا قلبه. وما الذى سوف يختبره من يرضى الله = مُخْتَبِرِينَ: كل من يرضى الله سيشعر بالراحة، فحين يفرح الله يملأ قلب من أرضاه فرحاً وسلاماً ورضى، والله يريد المحبة والوداعة والتسامح.. أماّ من يسلك سلوكاً خاطئاً فسيفقد سلامه فوراً، بذلك يكون الحزن والغم وفقدان السلام علامة على عدم رضا الله.

الأعداد 11-14

الآيات (11 - 14): -

"11 وَلاَ تَشْتَرِكُوا فِي أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ غَيْرِ الْمُثْمِرَةِ بَلْ بِالْحَرِيِّ وَبِّخُوهَا. 12لأَنَّ الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرًّا، ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ. 13 وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ. لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ. 14لِذلِكَ يَقُولُ: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ».".

أَعْمَالِ الظُّلْمَةِ: لها مظاهر كاذبة تَعِدْ باللذة ولكنها أم التعب. تُغرى بالسعادة وهى تخبئ التعاسة تحت نقابها فهى مخادعة وغير مثمرة.

وَبِّخُوهَا: هذه لابد أن تفهم بطريقة صحيحة. فلن يكون عمل المسيحى أن يعمل واعظاً فى المجتمع وكل عمل خاطئ يقف ويبكته ويوبخ عليه. وكلمة وبخوها يظهر معناها من الإنجليزية EXPOSE THEM أى أظهروها ويكون ذلك بأن نلقى عليها، أو نعرضها للنور، وذلك بأن نسلك فى النور، فالضلال ينكشف عن طريق إظهار الحق. السلوك فى النور يفضح من يسلك فى الخطأ دون أن نتكلم كلمة واحدة، وهذا معنى "أنتم نور العالم" أماّ داخل الكنيسة فعلى المسئولين والخدام علاج الأخطاء التى يرونها فى أولادهم، وأن يظهروا لهم الآلام التى تنشأ من ورائها. وقطعاً فالمفروض أن يكون فى الواعظ نور المسيح لكى يكون كلامه مؤثراً.

ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ: الأعمال القبيحة التى تمارس سراً. ذكرها شئ قبيح. فلا يصح حتى مجرد ذكرها أمام الجميع، فهى أشياء يخجل الناس من الكلام فيها. لذلك فالتوبيخ يجب أن يكون سراً. أماّ لو كان الخطأ مُعلَنْ، فاللوم من المسئول يجب أن يكون علناً. ويدينه علناً. كما حدث من بولس تجاه خاطئ كورنثوس (1كو5) ليرتدع الجميع.

وَلكِنَّ الْكُلَّ إِذَا تَوَبَّخَ يُظْهَرُ بِالنُّورِ: الكل أى كل خاطئ يجب أن توضح خطاياه وتفضح سواء علناً (إن كانت خطية علنية) أو سراً (إن كانت خطية سراً). والخطية تفضح بالنور، إما بسلوكنا (وسط المجتمع) أو بتوبيخ أولادنا وتعليمهم (داخل الكنيسة).

لأَنَّ كُلَّ مَا أُظْهِرَ فَهُوَ نُورٌ: هذه تتضح معناها من الترجمات الإنجليزية وتعنى أنه لو توبخت أعمال الظلمة التى فى إنسان ربما يخجل من نفسه ويتوب فيتحول إلى نور.

اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ: هذا قول مقتبس من (إش2: 9 + 19: 26 + 1: 60). لذلك يقول: أى بفم الأنبياء الموحى لهم بالروح القدس. وقطعاً فالآية كما أوردها بولس الرسول هنا لم تَرِدْ بنصها فى العهد القديم. ولكن بولس لا يهتم باللفظ ولكن بالمعنى، فالمعنى موجود فى أيات إشعياء. ويقصد بهذا أن نور المسيح الموعود به فى (إش2: 9) قد أتى... فعليك أيها الخاطئ أن تستيقظ فتشعر بنور المسيح القادر أن يكشف لك عن الظلمات التى أنت فيها، والتى جعلتك ميتاً روحياً = قُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ. والخاطئ يشبه النائم:

  1. فكلاهما فى ظلمة.
  2. وكلاهما بلا عمل مثمر.
  3. الخاطئ يحيا فى لذة الخطية التى هى كأضغاث أحلام ليس لها قيام.
  4. وكلاهما لا يشعر بما حوله حتى ولو كان هناك خطر، والخطر بالنسبة للخاطئ هو غضب الله، ولكنه مستمر فى خطيته (نومه) غير مصدق أن هناك خطر آت. وقيل أن الآية 14 هى ترنيمة تقال وقت المعمودية.

العدد 15

آية (15): -

"15فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ.".

المسيح هو النور وهو أقنوم الحكمة، وإتباع وصاياه هو منتهى الحكمة، لأن من يتبع وصاياه سيحيا فى سلام على الأرض وتكون له حياة أبدية. والله يعطى لأولاده أن يكونوا حكماء. أماّ الجهل فهو مجموع الأوصاف الشريرة والأعمال الشريرة والفاسدة. والمدقق لا يسمح بدخول الخطايا الصغيرة (الثعالب الصغيرة نش15: 2) فمن يسمح لنفسه بالخطايا الصغيرة، فهو مع الوقت سيسمح لنفسه بالخطايا الكبيرة.

العدد 16

آية (16): -

"16مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ.".

مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ: الأب لو خُطِفَ ابنه المحبوب يكون على استعداد أن يدفع أية فدية ليحرر ابنه ويسترده، فابنه غالٍ جداً فى نظره. والرسول باستخدام هذا التعبير يُعلن أن الوقت غالٍ جداً. وأن حياتنا الزمنية هى ثروتنا الحقيقية. فعلامة التعقل هو افتداء الوقت. فأهمية حياتنا الحالية هى فى كونها علة حياتنا الأبدية أو هلاكنا الأبدى. فأنظر لأهمية الوقت وكيف تستثمره فمن يسلك فى النور، ويحيا حياة سماوية الآن سيكمل ما بدأه على الأرض فى السماء ويكون نصيبه فى النور فى السماء. أما من يسلك فى الباطل والمسليات الفارغة، أو فى خطايا وظلمة هذا العالم سيكون مكانه فى الظلمة الخارجية ويضيع إكليله السماوى. وما هو الثمن المطلوب لنفتدى الوقت؟ الموضوع يحتاج تدريب لزيادة الأوقات التى نقضيها مع الله، وسهر الليالى فى الصلاة والتسبيح ودراسة الكتاب المقدس، وبخدمة باذلة لله ولأولاد الله ومن يفعل سيبدأ حياته الأبدية من الآن وسيشعر بأنه يحيا فى السماويات وسيكون له كنزاً سماوياً من الآن، هو بهذا سيكون يعمل لحساب أبديته، هو بهذا سيكون يتذوق عربون الأبدية.

الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ: بولس الرسول هنا كأب يحذر أولاده لمحبته لهم وكأنه يقول لهم يا أولادى باقى أيام قليلة وينتهى العالم بالإضافة لأن هذا العالم مملوء شراً = الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ: لأنها تخدع الإنسان فينجذب للزمنيات كمن هو لن يموت أبداً، ثم تطلب نفسه فجأة. لذلك إن لم ننتهز فرصة الوقت، يضيع هذا الوقت الثمين لحساب العالم الشرير. فلنستثمره ليصير وقتاً للسماويات، ولنبدأ حياتنا الأبدية من الآن.

العدد 17

آية (17): -

"17مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لاَ تَكُونُوا أَغْبِيَاءَ بَلْ فَاهِمِينَ مَا هِيَ مَشِيئَةُ الرَّبِّ.".

من أجل ذلك: من أجل أن الوقت ثمين جداً وقصير للغاية، ولأجل أن الأيام شريرة، والعالم يريد أن يبتلعنا فنهلك. لا تضيعوا الوقت فى الفراغ والكسل، بل عليكم أن تدركوا مشيئة الله وتستغلوا كل فرصة لتعرفوا إرادته وبذلك تكونوا حكماء فى تصرفاتكم. أَغْبِيَاءَ: من ينجذبوا لملذات العالم الشرير الخاطئ، ظانين انهم لن يتركوا هذا العالم.

العدد 18

آية (18): -

"18 وَلاَ تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ.".

الْخَمْرِ: هى إحدى خداعات العدو لينسى الإنسان ما يضايقه ويحصل على ساعات فرح، لكنه فرح ظاهرى غاش ليس من ورائه سوى تخريب الحياة وغياب العقل والمقارنة بين الروح والخمر:

  1. يتصور المرء أن فى الخمر فرح ونسيان لهمومه، وهذا خداع، فالفرح الحقيقى هو ثمر للروح القدس.
  2. فى كليهما (الروح القدس والخمر) يخضع الإنسان تحت تأثير قوة تسيطر عليه وعلى إرادته وسلوكه.
  3. السكران يصدر كلمات مجنونة، أماّ الممتلىء بالروح فهو يسبح.

بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ: الروح هو الذى يعطى الفرح الحقيقى. والروح القدس موجود وحاضر بفعل العماد والميرون. ولكن علينا أن نجاهد لنمتلئ أو نهيئ له الحرية للعمل بلا عائق حتى الملء، علينا أن نضرم الموهبة التى حصلنا عليها بالجهاد والتوبة والصلاة. والامتلاء بالروح لا يعنى حلاً خارجياً نتقبله، وإنما هو قبول عمل الروح فينا والتمتع بقوته العاملة داخل النفس، فالروح يعطى للإنسان قدر استعداده وقدر ما يفتح قلبه وقدر ما يطلب. وبالصلاة تتقابل أرواحنا مع روح الله وعدم التوبة معناها مقاومة روح الله. إن من يمتلئ من الروح يفرح كمن شرب خمر الروح. وقوله امتلاء أى لا مكان لشيء آخر، فالروح يملأ المؤمن بفرح لا يحتاج معهُ لفرح من الخارج. وإن دعانى أحد لوسيلة أخرى للفرح سأرفض كمن يدعوك للطعام وبطنك ممتلئة جداً، وفى حالة شبع كامل، بالتأكيد سترفض. وبشكل عام يكون المعنى.. لا تفرحوا بملذات العالم، بل حاولوا أن تكتشفوا أفراح الروح القدس، وما الخطورة على من لم يكتشف أفراح الروح القدس؟ الشيطان مستعد أن يجعلك تعمل معجزات لكن لا تكتشف الوسيلة التى بها تحصل على أفراح الروح القدس.. لماذا؟ لأن الشيطان يعرف أن العالم ملئ بالآلام والتجارب. فماذا يفعل الإنسان المختبر لأفراح الروح القدس وقت التجربة، هو سوف يجرى إلى مخدعه ليصلى فيمتلئ تعزية وفرح وقت الضيقة. أما الذى لم يختبر أفراح الروح القدس، فهو يكون صيدٌ ثمين لإبليس. فإبليس سيشكو الله فى أذن مثل هذا الإنسان، مصوراً له قسوة الله الذى سمح له بهذه التجربة، فيصطدم هذا الإنسان بالله ويترك الله فيضيع ويزداد حزناً على حزن إلى أن يهلك. لذلك فالملذات هى سلاح إبليس يلهى بها أولاد الله عن أن يكتشفوا أفراح وتعزيات الروح القدس التى يجدونها فى التسبيح والصلاة فى المخدع.

ومن يسكر بالخمر يغنى ويتمايل ويصيح بطرق غير محترمة وغير لائقة، أماّ من يفرح بالروح فهو يسبح، ومن يسبح يزداد امتلاءً وحينئذ يفرح أكثر فيسبح. وهكذا.

الأعداد 19-21

الآيات (19 - 21): -

"19مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ وَتَسَابِيحَ وَأَغَانِيَّ رُوحِيَّةٍ، مُتَرَنِّمِينَ وَمُرَتِّلِينَ فِي قُلُوبِكُمْ لِلرَّبِّ. 20شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، ِللهِ وَالآبِ. 21خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ.".

فى الآية السابقة يطلب الرسول منا أن نمتلئ بالروح، والروح هو روح الله إذاً فالإمتلاء منه هو عطية من الله، وعطايا الله هى نعمة يعطيها لنا مجاناً. لكن لا توجد نعمة بلا جهاد. وهذه الآيات تشرح الجهاد المطلوب منا لنمتلئ بالروح. فكيف نمتلئ؟

  1. نتكلم بالمزامير ونسبح فى القلب.
  2. شاكرين على كل حال.
  3. خاضعين لبعضنا البعض فى خوف الله.

مُكَلِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِمَزَامِيرَ: المعنى تسبيح صف والرد من الصف الآخر بالتبادل (كما فى التسبحة رُبع بحرى شمال الكنيسة، ورُبع قبلى يمين الكنيسة) وكم من إنسان تحرك قلبه نحو الله بفعل الألحان والتسبيح والترانيم. والعكس إن إجتماعاتنا هى للكلام الباطل الذى بلا معنى ولا فائدة فنحن نطفئ الروح. والخمر المسكر يتلف الجسد ويعقد اللسان ويوقف التفكير، أما الخمر الروحى فيطلق اللسان بالتسبيح ويتكلم الإنسان بالحكمة ويمتلئ الإنسان عزاءً وفرحاً لا ينزعه أحد منه (يو22: 16). ولاحظ أنه إذا امتلأنا بالروح ستكون أحاديثنا روحية. وتسليتنا ترديد التسابيح والألحان وإذا بدأنا بترديد التسابيح والألحان نمتلئ بالروح.. وهلم جرا. والبداية بالتغصب. بِمَزَامِيرَ: المزامير هى ترانيم أوصى بها الروح القدس (مز1: 45) + (2تى16: 3) + (2بط21: 1) لذلك فترديد المزامير يُساعد على الامتلاء بالروح فهى كلماته.

فِي قُلُوبِكُمْ: يجب أن يكون الترتيل ليس باللسان فقط. بل بإصغاء شديد وتأمل وفهم. فتخرج الكلمات من القلب كأنها صلاة. وهناك من يسبح بشفتيه أماّ قلبه فيجول هنا وهناك (1كو15: 14) + (إش 13: 29).

شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ: وهكذا نصلى فى صلاة الشكر، نشكر دائماً وعلى كل حال. فلا شئ يسر الله مثل قلب شاكر. لذلك تعلمنا الكنيسة أن نبدأ كل صلواتنا بالشكر، إن فى أفراح أو أحزان. ولنلاحظ أن الأحزان ليست حقيقية، فلا شئ قادر أن يلحق بنا حزناً، إن كان الله فى داخلنا، متمتعين بعمله فينا، وبمحبته التى تحصرنا. وعمل روحه فينا وسكناه فينا وإعداد الله مكاناً لأحبائه فى السماء. إن فهمنا هذا فلماذا لا نشكر دائما. والمسيح حين شفى العشرة البرص رجع واحد فقط منهم ليشكر وفرح به المسيح وسأل عن الباقى لماذا هل المسيح يحتاج للشكر؟ لا لكن نفهم أن المسيح يريدنا أن نعود بالشكر لنحصل على المزيد. فهو أعطى للأبرص شفاء جسده ولما عاد بالشكر حصل على ما هو أثمن بكثير إذ قال له المسيح "قم وامض إيمانك خلصك" (لو 17: 19). فالمسيح يريد أن يزيدنا نعمة فوق نعمة (يو1: 16). والشكر المستمر يجعل القلب فى حالة استعداد وقبول لعمل الله المفرح، ومثل هذا يزيده الله نعمة فوق نعمة. لذلك قال القديس إسحق "ليست عطية بلا زيادة إلاّ التى بلا شكر" أمّا التذمر فيقسي القلب، فيحول أيامنا لأيام شريرة عوضاً عن أن تكون أيام بركة وعلينا أن لا نتوقف عن الشكر حتى فى أيام الضيق والتجارب، فالشكر فى الألم يعتبر ذبيحة شكر بها نشترك مع المسيح فى صليبه. وهكذا يقول هوشع "نقدم عجول شفاهنا" (هو2: 14) والمعنى أن التسبيح فى الألم هو مثل ذبائح المحرقات.

فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ: لا شكر حقيقى من القلب إن لم أكن ثابتاً فى المسيح.

خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ: هذا مبدأ يقيم السلام بين الجميع، خصوصاً داخل الأسرة الواحدة. وهذه وصية الكنيسة للعروسين فى صلاة الإكليل "فليخضع كل منكما لصاحبه" وهذا مما يساعد على الامتلاء بالروح. والخضوع للآخر ليس هو الخنوع، بل القلب المتسع الذى يقبل رأى الآخر فى محبة، طالما ليس فى رأى الآخر خطية = فى خوف الله. والمهم أن نفهم أن المطلوب أن نحافظ على حالة القلب فى سلام، حتى لو كان الثمن التنازل عن بعض حقوقنا، "فثمر البر يزرع فى السلام" أماّ القلب الضيق فهو لا يقبل رأى المخالف لهُ. راجع تفسير يع 3: 18. لمزيد من الشرح.

والخضوع هو تمثل خطوات المسيح الذى أطاع حتى الموت، فعلينا أن نخضع فى خوف الله للاخوة أى نخدمهم بلا أنانية. فقوله فِي خَوْفِ اللهِ تعنى:

  1. الخضوع للآخر إن كان رأيه لا يخالف وصايا الله.
  2. خدمة الآخرين بمحبة خوفاً من التعرض لغضب الله لمن يحيا فى أنانية.
  3. علاقاتنا مع الناس لن تكون سليمة إن لم نضع خوف الله فى قلوبنا. إذاً علينا أولاً أن نحيا فى تقوى وصلاح.
  4. إن كنا نخاف الحكام وغضب الحكام، فلنخف بالأولى من الله ونتشبه بالمسيح ونقدم الخدمة للآخرين وهذا ما نسميه خدمة الميل الثانى.

"إن كانت الكنيسة الجامعة كما أعلنها الرسول فى هذه الرسالة هى كشف عن سر المسيح، أى سر حب الله الفائق للبشرية. ففى الأسرة المسيحية والبيت المسيحى ظلاً لبيت الله الأبدى. ونرى فى الوحدة الزوجية أيقونة للوحدة بين السيد المسيح وعروسه الكنيسة، والأولى أى الوحدة الزوجية تستمد كيانها من الثانية".

العدد 22

آية (22): -

"22أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ.".

فى آية 21 دعا الجميع لأن يكونوا خاضعين لبعضهم، وهنا رأى أن أهم مكان نرى فيه هذا الخضوع هو الأسرة. حيث يجب أن تخضع الزوجة لزوجها. ويرى الأولاد هذا فيتعلموا الخضوع لأبيهم وأمهم وتصير الأسرة فى وحدتها نموذج لما تكون عليه الكنيسة المتحدة فى محبة، وهذا هو موضوع رسالة أفسس. فالرسول بعد أن تكلم عن الكنيسة وكيف تصل للوحدة المستهدفة، ابتدأ هنا بالأسرة كوحدة اجتماعية قائمة بذاتها، ولكنها نموذج لوحدة الكنيسة.

كَمَا لِلرَّبِّ: أى تخضع كما للرب، فالرجل رأس المرأة كما أن المسيح هو رأس الكنيسة، والله خلق الرجل أولاً وجعله رأساً للمرأة، فإذا خضعت المرأة لرجلها فهى تطيع الرب الذى خلق الأسرة لتكون هكذا، بل بهذا تستقيم الأسرة ويسودها السلام كما قلنا. وليس معنى خضوع الزوجة أنها أقل، فالابن خضع للآب وهما متساويان. ويسوع المسيح كان خاضعاً لأمه وليوسف النجار (لو51: 2). مع كونه خالقهما ومخلصهما. والخضوع ليس استسلاماً ولا طاعة عمياء دون تفكير، بل بإتساع قلب وقبول لإرادة الغير بفكر ناضج متزن. والإبن خضع للآب علامة المحبة بينهما. وعلى الزوج والزوجة أن يشعر كلاهما أنهما خاضعين للرب أى لسيد واحد. إن حدث هذا وإتسع قلب كل من الزوج والزوجة وتحاورا بدون عناد واصرار على الرأى، وكان حوارهما فى محبة فالروح القدس الساكن فيهما سيرشدهما للقرار السديد، ولكن إن أصر الرجل على رأيه فعلى الزوجة أن تخضع حرصا على سلام الأسرة. وسيسود السلام هذا البيت. ولاحظ ان ثمر البر يزرع فى السلام (يع3: 18).

العدد 23

آية (23): -

"23لأَنَّ الرَّجُلَ هُوَ رَأْسُ الْمَرْأَةِ كَمَا أَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا رَأْسُ الْكَنِيسَةِ، وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ.".

رَأْسُ الْمَرْأَةِ: فى القيادة والتدبير. ولكن التشبيه بالمسيح كرأس للكنيسة هو درس للرجل حتى لا يفهم كلام الرسول أنه يعطيه الحق أن يسيطر على زوجته بل عليه أن يحبها ويبذل نفسه لأجلها كما فعل المسيح لكنيسته، فالمسيح ملك على كنيسته بمحبته وصليبه، فرئاسة الرجل لزوجته ليست دكتاتورية بل فى محبة. ولاحظ أن الرسول قبل ان يتكلم عن خضوع النساء لرجالهن طلب خضوع الطرفين لبعضهما البعض (آية 21) وهذه وصية الكنيسة فى صلاة الاكليل. والسؤال للرجل... لماذا لا تعتبر ان رأى زوجتك هو صوت الروح القدس الذى فيها والذى يريد ان يمنعك من قرار خاطئ. عموماً فهذا هو الوضع الامثل، لكن فى حالة إصرار الرجل فلتخضع المرأة حفاظا على سلام الاسرة.

وَهُوَ مُخَلِّصُ الْجَسَدِ: قد نفهم هذا أن الرجل عليه أن يحافظ على زوجته كما خلَّص المسيح كنيسته. لكن بولس الرسول يقول هذا لنعرف الفارق فى التشبيه بين المسيح والكنيسة وبين الرجل والمرأة. فهنا يعطى كرامة فائقة للمسيح مخلص الجميع.

العدد 24

آية (24): -

"24 وَلكِنْ كَمَا تَخْضَعُ الْكَنِيسَةُ لِلْمَسِيحِ، كَذلِكَ النِّسَاءُ لِرِجَالِهِنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.".

الصورة المثالية للأسرة، هى صورة الحب، وحب الرجل لزوجته يظهر فى بذله نفسه عنها، وحب المرأة لزوجها يظهر فى خضوعها له.

العدد 25

آية (25): -

"25أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا.".

على الرجل أن يحب امرأته كما يحب جسده. وهذا يلغى من الزوجة الشعور بالدونية. بل على الرجل الذى شعر بمحبة المسيح له أن يحب زوجته بنفس المحبة. والمسيح أحب الكنيسة وهى بعد فى خطاياها، لذلك على الرجل أن يحب امرأته لا لأن فيها كل المواصفات الجميلة لكن لأنها زوجته.

العدد 26

آية (26): -

"26لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ.".

لِكَيْ يُقَدِّسَهَا: بدمه والتقديس يعنى التكريس عن طريق تسليم النفس لله.

مُطَهِّرًا: التطهير يسبق التقديس. لكن الرسول قَدَّمَ العمل الإيجابى على السلبى.

بِغَسْلِ الْمَاءِ أى المعمودية (ى5: 3).

بِالْكَلِمَةِ: الأصل اليونانى بدون الـ أى "بغسل الماء وكلمة" فما هى الكلمة المقصودة؟ هناك عدة آراء:

  1. ربما الكلمة هى أمر المسيح عمدوهم باسم الآب... (مت 19: 28). فيقول الكاهن فى العماد "أعمدك يا فلان باسم الآب.. باسم الابن.. باسم الروح القدس.
  2. ربما الكلمة هى الإنجيل والقراءات التى تُقرأ أثناء العماد.
  3. ربما الكلمة هى كلمات الإيمان التى يرددها المعمد قبل عماده.
  4. ربما الكلمة هى كلمة الله التى تلد الإنسان ثانية (1بط27: 1). وهى تنقى السامع (يو3: 15).
  5. ربما الكلمة هى المسيح نفسه كلمة الله الذى يقدس كنيسته.
  6. وربما كل هذا.

العدد 27

آية (27): -

"27لِكَيْ يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ كَنِيسَةً مَجِيدَةً، لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ، بَلْ تَكُونُ مُقَدَّسَةً وَبِلاَ عَيْبٍ.".

غرض التطهير والتقديس أن يُحْضِرَهَا لِنَفْسِهِ: وهذا سيتم بعد انتهاء الحياة الحاضرة. وفى طقس الزواج اليهودى كانت هناك فترة بين عقد الزواج وإستلام العروس، هكذا وقع السيد عقد الزوجية بدمه الطاهر على الصليب، اشترانا وقبلنا عروساً لهُ. وفى مجيئه الثانى يتسلم العروس وكأنه يحضر عروسه لنفسه.

كَنِيسَةً مَجِيدَةً: فى أصلها اليونانى "كنيسة فى حالة مجد" (أى ليست صفة).

لاَ دَنَسَ فِيهَا: المسيح غسلها وطهرها وقدسها لأنه أحبها، ليس لأنها تستحق فهى كانت فى حالة ظلام. غَضْنَ: كرمشة أو تجعد الوجه الناتج عن الفقر والحرمان وهذا إشارة للأثار المترتبة على الخطية. لكن المسيح جَمَّلَ كنيسته وزينها (رؤ8: 19) + (حز2: 16 - 14) + (نش15: 1، 16). وهذا ينطبق على من يعيش أميناً طاهراً، وليس من هذا العالم، يعيش فى العالم غريباً عن ملذاته وخطاياه.

العدد 28

آية (28): -

"28كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ.".

على الرجل أن يحب امرأته بالرغم من أى قصور فيها فهى قد صارت جزءاً حياً فيه، بسر الزيجة صار الزوجان جسداً واحداً.

العدد 29

آية (29): -

"29فَإِنَّهُ لَمْ يُبْغِضْ أَحَدٌ جَسَدَهُ قَطُّ، بَلْ يَقُوتُهُ وَيُرَبِّيهِ، كَمَا الرَّبُّ أَيْضًا لِلْكَنِيسَةِ.".

المسيح يقوت كنيسته ويرعاها وهكذا على الرجل أن يصنع مع إمرأته.

العدد 30

آية (30): -

"30لأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ.".

الكنيسة أخذت من جنب المسيح كما أخذت حواء من جنب آدم. فقال "هذه الآن عظم من عظامى ولحم من لحمى" (تك2: 22، 23). وحينما نقوم، سنقوم بجسد يشبه جسد المسيح الذى قام به من الأموات، له لحم وعظام ممجدة (لو39: 24). ونحن الآن جسده متحدين به بعد المعمودية (رو5: 6). ونتناول من جسده ودمه.

العدد 31

آية (31): -

"31«مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا».".

علاقة الرجل بزوجته أقوى من علاقته بأبيه وأمه، فهو يتركهما، ولكن لا يترك زوجته، وبهذا لا يصير حراً وهى لا تصير حرة بل صار هناك شركة فى الرأى والقرار بينهما بموافقة مشتركة. وعلى نفس التشبيه ترك المسيح مجد أبيه إذ أخلى ذاته عن أمجاده آخذاً شكل العبد (مع أنه يبقى واحداً مع أبيه فى الجوهر بلا انفصال) وترك المسيح أمه أى الشعب اليهودى الذى أخذ منه جسده. ليلتصق بكنيسته عروسه ويصير واحداً معها، يصيران جسداً واحداً، كما خرجت حواء من جنب آدم ليصيرا أيضاً جسداً واحداً.

جسدا واحدا = هذا تعبير عن العلاقة الزبجية التى تربط الرجل بإمرأته لإنجاب الأطفال، وهذا يفهم من قول الرسول فى (1كو6: 16).

العدد 32

آية (32): -

"32هذَا السِّرُّ عَظِيمٌ، وَلكِنَّنِي أَنَا أَقُولُ مِنْ نَحْوِ الْمَسِيحِ وَالْكَنِيسَةِ.".

سِّرُّ عَظِيمٌ: العلاقة بين المسيح وكنيسته كانت سراً إلى أن كشفه الله لنا. وكما أن إتحاد المسيح بكنيسته سر عظيم فعلى نفس المثال يكون إتحاد الرجل بإمرأته، فسر إتحاد الرجل بزوجته سر عظيم فهو صورة مصغرة للمسيح مع كنيسته.

العدد 33

آية (33): -

"33 وَأَمَّا أَنْتُمُ الأَفْرَادُ، فَلْيُحِبَّ كُلُّ وَاحِدٍ امْرَأَتَهُ هكَذَا كَنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا.".

الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا: أى توقره فى مهابة بلا إحساس بالتدنى.

المسيحية رفعت الزواج من المستوى الشهوانى الجسدى لمستوى الحب المقدس الطاهر. وكما يطهر المسيح كنيسته من كل عيب هكذا على الزوجين أن تكون حياتهما طاهرة مقدسة.

وواضح أن تعدد الزوجات كان منتشراً فى أيام بولس الرسول، لكن كلام بولس عن علاقة بين زوج وزوجة واحدة، هو عودة لنظام الزوجة الواحدة وإشارة ضمنية لشريعة الزوجة الواحدة هكذا فى موضوع العبودية فهو لم يدينها (أى بولس لم يدين العبودية) مباشرة إلاّ أنه قدم المبادئ والمثل الأخلاقية التى تعمل كالخميرة فى العجين حتى يأتى الوقت وتختفى هذه الآفات الإجتماعية كما تختفى الظلمة أمام النور الباهر.

No items found

الأصحاح السادس - تفسير الرسالة إلى أفسس - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الرابع - تفسير الرسالة إلى أفسس - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير الرسالة إلى أفسس الأصحاح 5
تفاسير الرسالة إلى أفسس الأصحاح 5