الأصحاح السادس – سفر المكابيين الثالث – القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح السادس

(1) أما اليعازر الذي تميّز بين الكهنة في منطقته، وطعن في السن، وتميّزت حياته بالفضائل، فدعا الشيوخ الذين كانوا حوله بأن يتوقّفوا عن الصراخ بهذا الشكل، فيصلّوا هكذا: (2) أيها الملك العظيم في القدرة، والعليّ، والإله الضابط الكلّ. أنت تسوس الخليقة كلها بالرحمة. (3) أنظر إلى زرع ابراهيم (98)، إلى أولاد يعقوب الذين قدّستهم، إلى شعب ميراثك المقدس الذي يهلك جورًا كغريب في أرض غريبة. (4) دمّرتَ فرعون الملك السابق في مصر، مع مركباته الكثيرة، حين ترفّعَ وتجبّر بوقاحة، وتكلّم بعجرفة تاركًا كل شريعة. دمّرتَه في أعماق البحر مع جيشه المتكبّر، وأرسلت، أيها الأب، نور رحمتك على شعبك إسرائيل. (5) وسنحاريب، ملك الأشوريين الظالم، افتخر بجيشه الذي لا عدّ له، فساد على الأرض كلها بحرابه، وتشامخ على المدينة المقدسة، وقال كلامًا خطيرًا فيه العجرفة والوقاحة. وأنت، أيها الربّ، دمّرتَ قدرته على عيون الأمم العديدة. (6) والفتية الثلاثة في بابل عرّضوا حياتهم بإرادتهم للنار على أن يعبدوا الأصنام. نجّيتهم فلم تتأذّى شعرة في رؤوسهم، وجعلتَ النار المتّقدة مثل الندى لهم، وأرسلتها تحرق أعداءهم. وحُسد دانيال واتّهم افتراء، فرُمي للأسود طعامًا في الجبّ، تحت الأرض. (7) فأعدتَه إلى النور سالمًا. (8) وتأوّه يونان في بطن الحوت، في الأعماق، فنظرت إليه أيها الأب وأعدته ليرى كل بيته. (9) والآن، أنت الذي يُبغض الوقاحة. يا مليئًا بالرحمة والمحامي عن الجميع، تجلَّ عاجلاً للذين من شعب إسرائيل يُعيّرون من قبل وثنيين مبغوضين ولا شريعة لهم. (10) إن كانت حياتنا تتعرّض للعقاب بسبب أعمال شرّيرة خلال مبتغانا، فأنقذنا من يد أعدائنا، أيها الرب، ودمّرهم بالميتة التي اختاروها لنا. (11) لا تسمح للذين يفكّرون بالباطل، أن يباركوا آلهتهم الكاذبة، حين يدمّر شعبُك، فيقولون: "لم يستطع إلهُهم ذاته أن يخلّصهم". (12) فأنت كلّي القدرة وكلي القوة، أنت الأزلي. أنظر الآن إلينا، وارحمنا نحن الذاهبين إلى الموت كخونة من قبل الوقاحة والعجرفة في أناس لا شريعة لهم. (13) اجعلْ الوثنيين اليوم يخافون قدرتك التي لا تقهر. فأنت العليّ المجيد، وأنت القادر دومًا على خلاص شعب يعقوب. (14) فجمهورُ الأطفال والوالدين يتوسّلون إليك بدموع. (15) لتفهم جميعُ الأمم أنك معنا، وأنك ما ملتَ بوجهك عنا. قلت إنك لا تنسانا حتّى في أرض الأعداء. فتمّم كلامك يا ربّ.

وتبدّلت الأمور.

(16) وما أن أنهى اليعازر صلاته، حتّى وصل الملك إلى الحلبة، مع الوحوش وهتافات الجيش الصاخبة. (17) لاحظ اليهودُ ذلك، فرفعوا أصواتهم إلى السماء، فتردّد الصدى في الوادي القريب، فحلّ بالجيش كله رعدة لا تُقاوَم عبّروا عنها بالنواح. (18) فالعظيم والمجيد والإله الحقيقيّ كشف عن وجهه القدوس، وفتح أبواب السماء من حيث نزل ملاكان يرتديان المجد والشكلَ المهيب. فرآهما الجميع ما عدا اليهود. (19) وقفا قبالة جيش الأعداء، وملآهم ضياعًا وخوفًا، وربطاهم بقيود لا تتحرّك. (20) وحلّت رعشة في جسد الملك، فصارت عجرفتُه ووقاحته كلا شيء. (21) واستدارت الحيوانات على الجنود الذين يتبعونها فسحقتهم ودمّرتهم. (22) عندئذ تحوّل غضب الملك إلى رأفة، فبكى لمشروع هيّأه. (23) فلما سمع الصراخ، ورآهم كلهم مرميين علـى الأرض وموتى، بكى وهدّد أصدقاءه قائلاً: (24) يا لسياستكم الخرقاء التي تدفع الطغاة إلى القساوة. فأنا المحسن إليكم حاولتم أن تشوّهوا حكمي وحياتي فنصحتموني سرًا بإجراءات تسيء إلى المملكة. (25) من الذي جلب من بيوتهم أولئك الذين أمسكوا القلاع في أرضنا بأمانة، وجمعهم بجهالة واحدًا واحدًا هنا؟ (26) من الذي فرض جورًا، عقوبات لم يستحقّها أولئك الذين دلّوا على ولائهم لنا منذ البداية، وخضعوا مرارًا لأبشع الأخطار فتفوّقوا على كل الأمم؟ (27) حُلّوا، أجل حُلّوا قيودهم الجائرة، وأعيدوهم إلى بيتهم بسلام، واطلبوا المغفرة ممّا فعلتموه لهم. (28) حرّروا أبناء الضابط الكلّ، الإله الحيّ في السماء، الذي منحنا الازدهارَ المجيد والدائم في أعمالنا، منذ أيام آبائنا حتّى اليوم ". (29) هكذا تكلّم الملك. وحُرّر اليهود بعد أن نجوا من موت قريب، فباركوا مخلّصهم، الإله القدوس.

الاحتفال بالعيد.

(30) ومضى الملك إلى مدينته، ودعا وكيلَ المال لديه، وأمره بأن يُعطي اليهود كميّة النبيذ الذي يحتاجون إليه ليعيّدوا سبعة أيام. وقرّر لهم أن يعيّدوا بكل فرح في الموضع الذي عرف خلاصَهم، وحيث انتظروا دمارهم. (31) عندئذ، فالذين أذلّوا واقتربوا من القبر، شربوا كأس خلاصهم بدل المصير المرّ والتعيس. وبعد أن امتلأوا فرحًا، احتفلوا بالعيد في كل مكان قاربوا الدمارَ والقبر. (32) تركوا أصوات النوح والبكاء، وأخذوا أناشيد آبائهم، فامتدحوا الإله المخلّص وصانع المعجزات. تخلّوا عن نواحهم وبكائهم، وكوّنوا حلقات الرقص ليدلّوا على الفرح والسلام اللذين نالوهما. (33) والملك أيضًا أقام وليمة عظيمة لكي يحتفل بما حصل، وعاد لا ينقطع عن الشكر الاحتفاليّ الدائم للسماء، بسبب خلاص لامتوقع أعطي لهم. (34) والذين سبق وتخيّلوا أن اليهود حُكم عليهم بالدمار بحيث يصيرون فريسة للطيور، وقاموا بالإحصاء بفرح، ولولوا الآن وارتدوا الخجل، وانطفأت نار غضبهم فانتقلوا من الوقاحة إلى العار. (35) أما اليهود، كما قلنا، فشكّلوا حلقات الرقص، وقضوا وقتهم في العيد. وأنشدوا مزامير الفرح ليشكروا الربّ. (36) واتّخذوا قرارًا علنيًا بأن يحتفلوا هكذا حتّى الأجيال الآتية، ما داموا غرباء. وهكذا جعلوا هذه الأيام أيامَ فرح، لا من أجل الشرب والأكل بشراهة، بل من أجل خلاص حصلوا عليه بيد الله. (37) وأخيرًا، طلبوا من الملك أن يتركهم يمضون إلى بيوتهم. (38) كان الإحصاء قد بدأ منذ اليوم الخامس والعشرين في باخون وامتد إلى الرابع من إبيفي، أي أربعين يومًا؟ فالإجراءات التي اتُخذت لأجل تدميرهم، امتدّت من الخامس من ابيفي إلى السابع منه، أي على ثلاثة أيام. (39) في تلك الأيام، كشف سيّد الكل رحمته بمجد عظيم، وخلّصهم كلّهم، فلم يُصب واحد بأذى. (40) وعيّدوا على حساب الملك أربعين يومًا، ثم طلبوا أن يُرسَلوا إلى بيوتهم. (41) فوافق الملك، وكتب رسائل بعثها معهم، إلى القوّاد في كل مدينة، يخبرهم بسخائه تجاههم. رسالة الملك.

No items found

الأصحاح السابع - سفر المكابيين الثالث - القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الخامس - سفر المكابيين الثالث - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير سفر المكابيين الثالث الأصحاح 6
تفاسير سفر المكابيين الثالث الأصحاح 6