الأصحاح الرابع – سفر المكابيين الثالث – القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الرابع

في كل موضع وصل إليه القرار، تنظّم عيدٌ علنيّ للوثنيين مع احتفال صاخب وفرح: كان البغضُ كامنًا في قلوبهم منذ زمن طويل، فجاء وقت الإفصاح عنه. (2) ولكن بين اليهود، كان الحزن والنواح والدموع الغزيرة، واشتعلت قلوبهم وهم يندبون ويولولون بسبب دمار غير متوقّع حلّ بهم. (3) وأية منطقة أو مدينة أو حاضرة أو قرية بسكانها، أو أي شارع لم يمتلئ بالندب والنواح بسببهم؟ (4) بمثل هذا الروح، روح الانتقام بلا شفقة، أرسلهم القوّاد معًا من مختلف المدن، بحيث إن أعداءهم أنفسهم حين رأوا هذا الألم الكبير تحرّكت فيهم الشفقة تجاه صروف الحياة، فذرفوا الدموع تجاه نفيهم التعيس. (5) أبعد الكثيرون من الشيوخ بشعرهم الأبيض. ومع أن أرجلهم ارتخت والتوَت بسبب السنين، دُفعوا دفعًا عنيفًا لسير مُذلّ لا توقّف فيه. (6) والصبايا اللواتي دخلن منذ زمن قصير خدر الزواج لينعمن بحياة زوجيّة، حوّلن الفرح إلى نواح، وجعلن الرماد على رؤوسهن فوق العطور، ومضين بلا حجاب، فانضممن إلى الجميع وأنشدن النواح بدل أناشيد العرس، وكأنهن تمزّقن تمزيقًا لقساوة الوثنيين. (7) قُيّدن وعُرضن أمام عيون الجميع، ثم ُنقلن بعنف إلى المراكب (8). وأزواجهنّ الذين كانوا في ملء قوّة الشباب، حملوا الثقّالة على أعناقهم بدل أكاليل الزهر، وقضوا الأيام الباقية من عيد زواجهم، لا في احتفال الفرح ومرح الشباب، بل في النواح، ورأوا قبورهم تحت أقدامهم. (9) جُعلوا في السفن كالحيوانات بقيود من حديد. بعضهم رُبطت أعناقهم بمقعد المركب، وآخرون جُعلت أقدامهم في القيود القاسية. (10) وأسوأ من هذا هو أنهم جُعلوا في الظلمة التامّة بحيث يعامَلون كالخونة خلال السفر.

(11) فلما وصلوا إلى الموضع المسمّى سخاديا، وانتهى السفر كما حدّده الملك، أمرهم بأن يُرموا في حلبة السباق التي في ضاحية المدينة، والتي كانت مؤهّلة لتجعل من هؤلاء الأسرى عبرة لجميع الذين يأتون إلى المدينة وجميع الذين يخرجون منها ليقيموا في الريف. وهكذا يراهم الجميع، ولا يستطيعون أن يجتمعوا بقوات الملك ولا أن يطالبوا بأيّة معاملة إنسانية. (12) ولما تمّ هذا، سمع الملك أن إخوتهم في المدينة يخرجون مرارًا ويبكون مصير إخوتهم المرّ، (13) فأمر بغضب، بأن يعامَلوا المعاملة عينها، ولا يُعفوا من العقاب الذي يناله الآخرون. (14) ثم أحصيت الأمّة كلها. لا من أجل العمل كعبيد، كما ذُكر سابقًا، بل ليعذّبوا بعذابات أمرَ بها، ويُقتلوا بقساوة خلال يوم من الزمن. (15) هذا الإحصاء الذي تمّ بسرعة مذلّة وبغيرة لا رحمة فيها، من شروق الشمس إلى غروبها، انتهى بعد أربعين يومًا، مع أنه لم يكن كاملاً. (16) امتلأ قلبُ الملك فرحًا متواصلاً، وأقام الولائم أمام هيكل أصنامه، بقلب بعيد عن الحقيقة وبفم نجس، فمجّد الأصنام التي لا تقدر أن تتكلّم ولا أن تساعد، وقال أقوالاً غير لائقة ضدّ الإله العظيم. (17) في نهاية الزمن الذي ذُكر أعلاه، أخبر الكتبةُ الملك أنهم ما عادوا يقدرون أن يواصلوا إحصاء اليهود، لأن عددهم لا يُحصى. (18) ومع أن معظهم كانوا بعدُ في الريف، وآخرون في بيوتهم أو في سفر، بدا العمل مستحيلاً لجميع القوّاد في مصر. (19) وبعد أن هدّدهم الملك بقساوة، واتّهمهم بالرشوة ليجدوا وسيلة بها يُفلت (اليهودُ)، اقتنع كل الاقتناع (20) حين أعلنوا وبرهنوا له أن الورق نفذ والحبر الذي يستعملونه للكتابة قد جفَّ. (21) غير أن هذا كان من عمل العناية الإلهية التي لا تُقهر، والتي أرسلت لليهود عونًا من السماء.

فشل مخطط الملك.

No items found

الأصحاح الخامس - سفر المكابيين الثالث - القمص تادرس يعقوب ملطي

الأصحاح الثالث - سفر المكابيين الثالث - القمص تادرس يعقوب ملطي

تفاسير سفر المكابيين الثالث الأصحاح 4
تفاسير سفر المكابيين الثالث الأصحاح 4