الفصل الثالث وصية الله للأبناء الطاعة هى المفتاح – القمص أشعياء ميخائيل – larry christenson – أيقونة الأسرة المسيحية

الفصل الثالث

وصية الله للأبناء

الطاعة هى المفتاح

إن وصية الله للإبناء، كامنة فى أمر واحد فقط، هو الطاعة:

"إيها الأولاد. أطيعوا والديكم فى كل شئ لأن هذا مرضى فى الرب".

(كو 2: 20).

إن علاقة الأبناء بالرب يسوع المسيح تزدهر مع العلاقة المباشرة فى الطاعة للوالدين.

إن يسوع المسيح يعمل فى حياة الإبن المطيع.

إن الطفل المطيع هو الطفل السعيد. والطفل الذى يعرف حدود خروجه، فإنه يكون متحرراً من كل عبء ثقيل.

إن الإنسان العتيق يثار أحياناً تحت سلطة الوالدين، ولكن السلطة الأبوية حينما تمارس فى جو من الحب، فإن الطفل حالاً ما يقبلها، كأنها أمر صحيح. وسوف ننظر بنوع من الإشمئزاز والإزدراء نحو الأطفال الذين لا يقدمون إحتراماً لوالديهم.

إن الطفل الصغير قد يتبرم من سلطة والديه، ليرى إلى أى مدى يمكن أن يبتعد عن سلطتهم، ربما يشعر أحياناً بعدم السعادة حين تكون إرادته مقيدة مع والديه، ولكن يجب أن يعلم أن سلطة والديه هى ثابتة لكى يعتمد عليها.

ربما يجهد الطفل نفسه أمام طاعة سلطة والديه، وحتى لو تمرد عليها وحاول أن يتحرر منها، لأن الطبيعة القديمة تظل تعمل فى الطفل (رو 7: 15). وحين يصرّ الطفل على عدم طاعة والديه فإنه سوف يشعر بعدم الرضا فى أعماقه، لأن علاقته بالرب يسوع المسيح أصبحت معتمة!! وكل من والديه لهم خبرة خاصة فى رؤية الطفل وهو ينمو كثيراً، وتزداد عدم طاعته لدرجة نواله من عقوبة والديه. ولو أن الوالدين أدركا كيف أن محاولات عدم الطاعة هى حقيقة واقعية فإنهم لن يصلا إلى حد العقوبة. وفهم الطفل لهذه الأمور أصبح غير ناضج، فهو لا يعرف سبب عدم رضائه بالسلطة الأبوية، لأنه لا يستطيع أن يدرك ذلك عقلياً، ولكن روحه تستطيع أن تشعر بذلك. وعدم الرضا الذى يشعر به راجع إلى عدم الطاعة، ويجب أن يعدل مساره ويعود إلى طاعة والديه، لو حدث أن الأمور صارت من سئ إلى أسوأ، لأن الوالدين سيتخذان موقفاً من الطفل حيال عدم طاعته، وسوف ينال عقوبة الضرب من والديه على عدم طاعته. وليس كل طفل على مستوى من الذكاء لكى يدرك ذلك. وكل طفل سوف يشعر بالرضا العميق روحياً، حينما يتم مساعدته على أن يسير فى طريق الطاعة. لأن هذا هو المركز الذى تدور حوله العلاقة بين الطفل والرب يسوع المسيح.

وهذه هى المثالية فى تربية الأطفال، حيث نجعل الأطفال يدركون بداهة ما هو الصواب وما هو الخطأ؟ وما هو العدل وما هو الظلم؟

هناك عبء ثقيل ملقى على الوالدين فى أن يتعاملا بعدل مع الطفل وأن يعطيانه الوصية المناسبة له، بما يضمن للطفل ألا يسير فى الطريق الخاطئ.

إن الإنجيل لم يقل للأبناء أطيعوا والديكم حين يكونان على صواب، ولكنه يقول: أطيعوا والديكم فى الرب (أف 6: 1) لأن الطاعة واجبة حتى لو كان الوالدين خطاه. لأن الطفل المطيع يحيا حسب الأمر الإلهى، ويساهم أيضاً فى التوافق والتناسق العائلى.

وبالتأكيد يجب على الوالدين أن يتعاملا مع أبنائهم بالأستقامة ورقة الحبّ. وهناك أمر هام جداً وهو كمال حكم الوالدين ووزنهم للأمور. لأن الطفل غير مسئول عن وزن وتقييم قرار الوالدين وهو يطيعهما كما لو كانا دائماً على صواب ويعترض على أولئك الذين لا يتفقون مع الوالدين، لأن مسئولية الأمر تقع على الوالدين أنفسهما والمطلوب من الطفل هو الطاعة فقط.

إن الوقت سوف يمر سريعاً حين ينمو الطفل ويصير عندئذ مسئولاً عن الحكم والقرار، ويخرج عندئذ من إطار الطاعة للوالدين. وبهذه الطريقة فقط (طاعة الوالدين) يمكن حماية الطفل من الإنحراف أو السقوط فى طريق الغباوة والجهل والإنحراف.

ولو أن الوالدين لم يعطيا الأطفال أى توجيه، فإن الطفل سوف يصنع قراره من واقع معرفته وخبرته، لأنه يعيش فى عالمه الصغير، بمنطقة وعقله الخاص. وعالم الوالدين لغز محير ومتناقض مع عالم الطفل. والوالدين دائماً يفترضان أن عالم الطفل هو دائماً صغير، وقرار الطفل غير الموجه دائماً يقوده إلى صعوبات كثيرة وخطيرة، ولهذا فإن الله يحميه بأن يضعه تحت سلطة والديه. وبخصوص وصية الطاعة المعطاه للأطفال، فإنه لا يوجد أى إشارة لوجود إستثناء من هذه القاعدة، فهى مفروضة عليهم بدون أى إستثناء. ولكن ماذا لو أن الوالدين، طلبا من الأبناء شيئاً خاطئاً؟ هذا هو حب الاستطلاع لدى الأطفال. ولا يجب أن يقفز هذا السؤال على شفتى الأطفال. ونحن نعرف أن كثيراً من الآباء والأمهات قادوا أبناءهم إلى الخطيئة. ولكن يجب على الأبناء أن يُصلوا ويثقوا فى قدرة الله فى ألا يجعل مثل هذه الأمور تحدث. ولكن الله قد أعطى وصية الطاعة وإكرام الوالدين، ولكن لو حدث أن تعارضت هذه الوصية مع وصية أخرى، فإنه ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس. والله سوف يعطى وسيلة للهروب. فإن الإبن يجب أن يطلب من الله أن يحفظه من الضرورة المحزنة لرفض الطاعة، حين يطلب الوالدين من الأبناء إرتكاب الخطأ. فإن الله لا يمكن أن يترك مثل هذه الصلوات بدون إستجابة. وقيادة الله سوف تجعل كل الأشياء تؤول إلى الخير.

وبلا شك سوف يصدر من الوالدين أحياناً بعض القرارات الخاطئة، أو بعض الإدارة الضعيفة. وحين يحدث هذا، ويدرك الوالدين ذلك فيجب أن يهتما بذلك ويتم تصحيح الخطأ. ويجب ألا نتردد قط فى أن نعترف بأخطائنا الحقيقية، وأن نطلب السماح من أولادنا، ولا نخاف قط من أن ذلك يمكن أن يقوض سلطتنا كوالدين. إن سلطتنا لن نحرم منها – إذا إعترفنا بخطئنا لأولادنا – ولن يؤثر إعتذارنا هذا على كمالنا كوالدين ولن نحرم من سلطتنا على الأطفال. إن الإعتذار لن يؤثر على معونة ذلك الذى يقف خلفنا لكى يسند سلطتنا. إن سلطة الضابط تعتمد على سلطة القائد الأعلى منه، وهكذا فإن سلطة الوالدين تعتمد على الله الذى أعطاهم السلطة على أبنائهم. وهكذا حين يرتكب الوالدان أى خطأ. فإن السؤال ليس هو كيف سيتصرف الطفل لو أننى أعترفت بالخطأ. ولكن السؤال هو ماذا سوف يفعل الله لو أننى حاولت أن أخفى هذا الخطأ ولا أعتذر عنه؟

إن الله يمجد التوبة الصادقة فى الأبناء وفى الوالدين

إن الخوف من فقدانك السلطة على أولادك – إذا إعترفت بخطئك إليهم – هى خدعة شيطانية، بل على العكس فإن سلطتك سوف تثبت وتقوى، حين يكون لديك الشجاعة بأن تكون أميناً مع نفسك، كما تريد أن يكون الطفل مع نفسه، لأنك عندئذ سوف تحمل السلطة التى يسندها الله.

وقد حدث أن إحدى الأمهات وقعت فى الخطأ حين عاقبت طفلها فى تسرع دون أن تحقق سبب خطئه. وخافت الأم أن يحدث خللاً فى السلطة داخل الأسرة. ولكن لأن الله قادر أن يسند سلطتنا العائلية بدون أى تدخل من ذواتنا. وفجأة أخذت الأم الطفل وقالت له: إننى متأسفة لأننى ضربتك، لأننى إكتشفت إنه ليس خطأك. وكان يجب أن أتحقق من المخطئ أولاً. فهل تسامحنى على ذلك؟ وفجأة وضع الطفل ذراعه حول أمه وإحتضنها وقال لا شئ يا أمى. وفى اليوم التالى كان الطفل أكثر طاعة وتعاوناً من أى وقت مضى. والسلطة التى كانت محل قلق من الأم لم تضعف بعد إعتذارها، بل هى بالأكثر قد تقوت، لأنها تعمقت فى أمانة!!

إن سلطة الوالدين ليست هى سلطتهما الذاتية، ولكنها قد أعطيت لهما من الله. وحينما يدرك الوالدان ذلك فإنهما لن يترددا بأن يعترفا بأخطائهما. وفى الحقيقة سوف يشعران بمدى إحتياجهما لذلك. لأن سوف يستمر الله عندئذ أن يكرمهما ويسند سلطتهما!! ومن ناحية أخرى فإن إدراكهما بأن الله هو الذى يمدهما بالسلطة، سوف يشجعهما بألا يضعفا تلك السلطة بأمور خادعة لا تستحق!!.

إن كل السلطة هى من الله، ولكنها أعطيت من أجل صلاح أولئك الذين هم تحت السلطة. لأن السيد المسيح لم يأت ليُخدَم بل ليخدم، وعندئذ سوف يتغير مفهوم السلطة. وكل الذين يدخلون المسيح فى فكرهم، فإن السلطة لديهم تتحول إلى خدمة، والخضوع يعبر عن الطاعة من أجل قبول الخدمة!!

ولا يستطيع أحد أن يلبس ثوب السلطة، ولكن الذى يأخذ السلطة من الله يجب أن يتمسك بها بثبات. ويجب أن يثق أنها من الله، وهو يمارس السلطة كأنها ثقة فى الله، وليس من أجل الأنانية. إن السلطة قد منحت من الله لكى يستخدمها الإنسان وليس لكى يتلذذ بها.

إن الله هو الذى وضع السلطة للوالدين من أجل الأولاد، ولذلك يجب ألا يتخلى الوالدان عن هذه السلطة بسبب ضعفهما ويُهملا رعاية الأطفال المسئولان عنهم.

ويجب ألا يظن الوالدان أنهم دائماً على حق، بل يطلبا من الأبناء الطاعة حين يتأكدان من صوابهم. والطاعة الإرادية تعتمد على الإحساس الداخلى بالإحترام. والطاعة بالنسبة للطفل ليست فضيلة فقط، بل هى تتضمن كل الصلاح الممكن أن يكون مطلوباً أو متوقعاً من الطفل.

وقد يبدو لأول وهلة أن الطاعة البسيطة هى طاعة للإنسان، ولكن هى فى الحقيقة طاعة لله. لأن طاعة الأطفال لإرادة والديهم، تعلمهم الطاعة لمن هو أعلى من والديهم. إن طاعة الوالدين هى مدرسة نحو الطاعة المباشرة لله، التى سوف يمارسونها حين لا يعودون يعيشون تحت سلطة والديهم. من أجل هذا نحن نعلم أولادنا، أنهم سوف يتبعون إرادة الله، وقيادة روحه القدوس، ليس بدافع الإجبار الخارجى، ولكن بدافع الضمير.

وأن تتعلم الطاعة هو أن تتعلم بداية الحياة الروحية، لأن سلطة الله دائماً تأتى إلى حياتنا خلال السلطة البشرية، وحينما نعرف وضعنا تحت السلطة، فإننا سوف نستريح ويكون لنا الثقة فى قبول معرفة الروح القدس.

ولقد كتب أحد الفلاسفة الأدباء يقول:

إنه من الصعب أن نؤمن.

ليس لأنه من الصعب أن نفهم.

ولكن لأنه من الصعب أن نطيع!!

ونحن نستطيع أن نعلم أولادنا ما يجلب لنا المسرة. ولكن يظل الأبناء بعيدين عن الشركة الحقيقية مع الله، ما لم يحدث خلال تعليمنا أن نطبع فيهم حاسة الطاعة. إن الله لا يظهر نفسه لأصحاب النظريات والمراكز ولكنه يظهر نفسه لأولئك الذين يطيعون!!.

أيها الأبناء اطيعوا والديكم، لأن هذه هى خطة الله لكم، وفى طاعتكم لهم، إنما تطيعون الله!!.

وعندئذ سوف تدركون حضور وبركة الرب يسوع المسيح فى حياتكم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

لا توجد نتائج

No items found

الفصل الرابع وصية الله للوالدين بخصوص الأبناء - القمص أشعياء ميخائيل – larry christenson – أيقونة الأسرة المسيحية

الفصل الثانى وصية الله للزوجات - القمص أشعياء ميخائيل – larry christenson – أيقونة الأسرة المسيحية

فهرس المحتويات
فهرس المحتويات

المحتويات