الفصل الثانى وصية الله للزوجات – القمص أشعياء ميخائيل – larry christenson – أيقونة الأسرة المسيحية

الفصل الثانى

وصية الله للزوجات

إن الوصية الإجتماعية اللائقة هى "النساء أولاً Ladies First" والإنجيل يقدم نفس الوصية حين يتحدث عن وصية الله للأسرة. وليس مصادفة أن تكون الزوجة فى العائلة هى الرباط بين الزوج والأبناء. وحينما تعيش الزوجة وفقاً لوصية الله، فإنها سوف تسعى لجذب الزوج والأبناء إلى النظام. وهكذا حين يتحدث الإنجيل عن وصية الله للأسرة، فإنه يتحدث أولاً للزوجة:

"أيها النساء إخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد، ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح. كذلك النساء لرجالهن فى كل شئ".

(أف 5: 22 - 24).

وربما تشعر النساء الذكيات لأول وهلة، بأن وصية الخضوع والطاعة للزوج، هى إحساس بالسلبية، وأن هذه الوصية سوف تجعلهن خاملات بلا نشاط.

ولكن الخضوع والطاعة يعتبران أمراً آخر. إن الخضوع هنا معناه التواضع والطاعة بذكاء للقوة أو السلطة. والمثال هو خضوع الكنيسة لتدبير المسيح وهذا بعيد كل البعد عن تنزيل مكانة الفرد. وهذا هو مجد الكنيسة.

إن المسيح لم يجعل الزوجة خاضعة لزوجها بدافع الحقد والضغينة الموجود لدى الزوج ضد زوجته، بل على العكس، قد وضع هذا القانون (قانون الخضوع والطاعة) من أجل حماية المرأة، ومن أجل التوافق الأسرى. لقد قصد الله أن تكون الزوجة فى حماية من صعوبات الحياة.

إن الكتاب المقدس لا يعرف الديمقراطية بنسبة 50٪ (أى مناصفة بين الزوج والزوجة)، بل بنسبة مائة فى المائة. أى أن الزوجة هى مائة فى المائة زوجة. والزوج هو مائة فى المائة زوج.

إن الله قد أعطى الزوجات الفرصة أن يخترن بإرادتهن مبدأ الخضوع، كما أن المسيح إختار الخضوع لمشيئة الآب:

"فليكن فيكم هذا الفكر الذى فى المسيح يسوع أيضاً: الذى إذ كان فى صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد، صائراً فى شبه الناس. وإذ وجد فى الهيئة كإنسان. وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله أيضاً: وأعطاه إسماً فوق كل إسم" (فى 2: 5 - 9).

إن الله لا يكرم أولئك الذين يتمسكون بحقوقهم، بل أولئك الذين يختارون بإرادتهم أن يطيعوه!!

"إن الزوجة الفاضلة" ثمنها يفوق اللآلئ "(ام 31: 10).

إن بنات هذه الأيام يناقشن فى أنهن لابد أن يكون لديهن دخل خاص، لكى يؤسسوا البيت، الذى يستحيل أن يكفيه دخل الزوج بمفرده. ولكن للأسف الشديد يجب ألا تعمل الزوجة، لأن الزوجة العادية لو أعطت كل وقتها لزوجها وأولادها، ولو حاولت أن تفهم ظروف عمل زوجها، وأن تضبط أنانية زوجها، وفى نفس الوقت تحاول أن تبنى فيه الثقة، وأن تقتل التهور والبطش وأن تشجع فيه الرجاء والأمل، وأن تحيط الأسرة بمجموعة من الأصدقاء الحقيقيين، وأن تقدم للمنزل جو عائلى يحفظ التراث والتقليد، وأن تزرع حب الموسيقى الهادئة، وتبنى اللمسات الجمالية لأثاث المنزل ووضع الورود فى المنزل، فلو أنها فعلت كل ذلك فإنها سوف تكون مشغولة فى تلك الأعمال التى تأخذ كل إمكانيتها ومواهبها التى منحها الله إياها. وعندئذ تقدم الزوجة أقصى تضحية لحبها. وهذه الأمور ستأخذ كل الوقت الذى لديها بل وأكثر منه. وسوف تكتشف أنها لهذا قد خلقها الله. وسوف تكتشف أيضاً أنها تنفذ خطة الله وستكون مشتركة مع خالق الكون العظيم.

إن سفر الأمثال يقول:

"إمرأة فاضلة من يجدها؟ لأن ثمنها يفوق اللآلئ. بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة. تصنع له خيراً لا شراً كل أيام حياتها... يقوم أولادها ويطوبونها. زوجها أيضاً فيمدحها..." (أم 31: 10 - 31).

فهو يقدم لنا صورة كاملة وجميلة للزوجة الفاضلة التى يجب أن تكون عليها. إنها قادرة وطموحة، وعاقلة، وشفوقة، وحكيمة، ومستحقة للثقة، مبتسمة، وتدير بيتها، وتقدم أقصى ما هو مطلوب منها، وتستخدم ذكاءها فى أغراض صالحة، وتستثمر قدراتها الجسدية لخدمة بيتها، وسلوكها هو دائماً حسب مخافة الله، تجعل الحياة وفيرة لأجل زوجها وأولادها، ولأجل الفقراء والمحتاجين من غير عائلاتها. إنها إمرأة متميزة!!

إنه من الخطأ جداً أن يتمسك الزوج بحقه فى خضوع زوجته له رغم أنه يهينها جداً. وعلى عكس ذلك الزوج الذى يحترم زوجته ويمدحها، فإنها بسهولة تطيعه وتخضع له. إن نساء كثيرات صنعن فضلاً، ولكن أنت فقت عليهن جميعاً!! إن طاعة الزوجة تصير صعبة التنفيذ بسبب قسوة الزوج عليها، حيث يهمل الزوج فى كل شئ ويبقى فقط على سلطته البشرية. ولكن حين يكمل الزوج وصية الله وهى أن يحب زوجته ولا يكون قاسياً عليها (كو 3: 19). عندئذ يكون خضوع الزوجة هو رد فعل لحب زوجها لها، ومصدر للحب المشترك والوفاء، وهذا أمر يفوق الأخلاق والجمال الروحانى!!.

وهذا هو ما يقوله سفر الأمثال:

"إمرأة فاضلة من يجدها؟ لأن ثمنها يفوق اللآلئ. بها يثق قلب زوجها" (أم 31: 10).

1 - الخضوع نوع من الحماية:

إن المرأة تواجه فى العالم هجوماً جسدياً، وهى لذلك تحتاج إلى حماية من جانب زوجها. وهذا هو الأساس فى خضوعها. وهذه حقيقة معروفة لدى كل العصور والحضارات وعادات الشعوب.

إن المراة سريعة التأثر عاطفياً وجسدياً وروحياً. ولذلك فهى تحتاج إلى سلطة الزوج وحمايته. وطالما أن المرأة تحت حماية زوجها وسلطته، فهى حرة من المؤثرات العاطفية التى تأتيها من الخارج. والمرأة أيضاً تحتاج إلى حماية زوجها حين تواجه مضايقات أبنائها، وذلك حتى تنال الإحترام اللازم من أولادها، حتى تحتفظ بهدوئها وكرامتها، لحساب كل البيت!! إنها مسئولية الزوج أن يحمى زوجته من كل سوء معاملة يأتيها من الأبناء، فهو الذى يصد كل إمتهان وزلات عدم طاعة الأبناء لها، فهو يجب أن يوقف هذه الأمور للحال وبقوة، ويجب أن يعلم الأبناء جميعاً أن سلطة الأب تقف دائماً خلف الأم لحمايتها ومساندتها.

إن الزوج الذى يحمى زوجته من سوء معاملة الأبناء لها، فإنه يزرع فيهم نوع من الإحترام لجنس المرأة. وهذا يعتبر تطبيق للعطف وإهتمام الزوج بزوجته وهو جزء من واجبات كل أب نحو أبنائه.

وكذلك تواجه الزوجة هجوماً روحياً. ولذلك يقف الزوج لحمايتها من الحروب الروحية وسلاطين الشر (أف 6: 10). هذا هو ما إقترحه الرسول بولس حين قال:

"لهذا ينبغى للمرأة أن يكون لها سلطان على رأسها. من أجل الملائكة" (1 كو 11: 1).

ومعروف أن الرسول بولس يستخدم كلمة "الملائكة" للتعبير عن أمرين، أولهما هو الأرواح المخلصة لله (2 تس 1: 7) وأيضاً الأرواح الشريرة الشيطانية (1 كو6: 3رو 8: 38) وهو هنا يقصد المعنى الثانى. فهو يريد أن يقول أن الزوجة التى لا تتمتع بحماية زوجها تكون معرضة لحروب الشياطين!!

إن الرسول بولس يعلم أن المرأة سريعة التأثر بالكلمات التى تأتيها من الخارج خلال الحروب التى تتعلق بالغواية (السقوط فى الزنا) ولذلك لابد من حمايتها تحت سلطة زوجها. وهذه هى النصيحة التى يقدما الرسول بولس:

"ولكن لست أذن للمرأة أن تعلم ولا تتسلط على الرجل. بل تكون فى سكوت لأن أدم جبل أولاً ثم حواء. وأدم لم يغو ولكن المرأة أغويت فحصلت فى التعدى" (1تى 2: 12 - 14).

ولكن يسمح للمرأة أن تعلم الأطفال والنساء فقط فى الكنيسة، ولكنها لا تستطيع أن تعلم أو تقود الرجال فى الكنيسة. (يوئيل 2: 28 - 29، 1كو 11: 5). كم من الشرور حلت على البيوت، بل على الكنيسة، من جرار حرمان المرأة من حماية زوجها لها. نحن ندع الشيطان يخدعنا، حين نعتقد أن خضوع المرأة لزوجها هو تقليل من شأنها، وعندئذ تطرح كل التعاليم المسيحية جانباً. وكأن هذا الأمر نوع من التطاول من جانب الرجال!!

إن الإنجيل لا يشير قط إلى تعالى الرجل أو المرأة، لأن الوصايا وضعت لخدمة الأسرة بأكملها من أجل هدف الحماية الروحية. لأن سلطة الزوج وطاعة الزوجة هى نوع من الحماية ضد شرور الشيطان. والشيطان يعرف ذلك جيداً، ولذلك هو يعمل بكل جهده من أجل أن يقوض ويهدم المثال الإلهى للوصية الإلهية للأسرة!!

وحين تعيش المرأة تحت سلطة زوجها فإنها تستطيع أن تتحرك بحرية شديدة فى الأمور الروحية، وتتمتع بالحماية من الشرور الشيطانية التى تهاجمها وعندئذ تستطيع أن تتحرك بقوة وتأثير حياة الصلاة، والتدريب على المواهب الروحية.

إن قصد الله هو أن يقف الزوج بين زوجته والعالم، لكى يتقى كل الضغطات الجسدية والعاطفة والروحية التى تهاجمها. إن الزوج – وليس الزوجة – هو المسئول الأول عن كل ما يحدث داخل البيت والمجتمع والكنيسة. وحين يتخلى الزوج عن هذه القاعدة، أو حين تقوم الزوجة بإغتصاب تلك السلطة، فإن كل من المنزل فى الداخل، والمجتمع فى الخارج يعانى من جراء ذلك!!

والسؤال الذى يثار الآن، هو كيف تنال الأرملة، أو الفتاة التى لم تتزوج هذه الحماية؟.

إن العهد الجديد ينظر إلى الكنيسة أنها هى التى تقوم بحماية الأرامل والأيتام (أع 6: 10يع 1: 27 – 1تى 5: 3 - 16).

وحينما لا تكون المرأة فى حماية أبوها – أو أحد أقاربها لو كان والدها أو زوجها متوفى – فهى تنظر إلى القيادة الكنسية كأنها هى رأسها الروحى، ومن خلالها تأخذ المشورة الروحية والحماية، بل وأيضاً إحتياجاتها المادية (لو لزم الأمر) تأخذها من الكنيسة التى تقع فى دائرتها.

إنه من الصعب على المرأة أن تتلقى التدبير الحكيم، إذا كانت لا تعيش تحت حماية والدها أو زوجها، وعندئذ يكون لدى الكنيسة القوة الروحية والسلطة التى تحميها وتسندها فيما تحتاج إليه. وحين تأخذ الكنيسة هذه المسئولية، فإن الوضع يكون قد تم تدبيره بالصورة الأفضل!!

وإشراف وحماية الكنيسة للمرأة يتم أيضاً إذا كان الزوج مشغولاً فى أعماله أو مسافراً لمدد طويلة، أو فى خدمة الجيش بعيداً، أو إذا كان غائباً عن المنزل لفترة من الزمن لأى سبب آخر، عندئذ تكون الرعاية الروحية وحماية الأسرة (الزوجة والأبناء) مطلوبة من قادة الكنيسة. ولذلك إذا كان الزوج سوف يذهب فى رحلة عمل لفترة مان فإنه يجب أن يترك خبراً بذلك لرعاة الكنيسة، وأن يطلب صلواتهم من أجل أسرته خلال غيابه. والأسرة أيضاً (الزوجة والأبناء) تخبر رعاة الكنيسة عند إحتياجها لأى خدمة خاصة خلال غياب الزوج. وهكذا فإن الأسرة الصغيرة تستدعى أسرة الكنيسة الكبيرة، حتى لا يكون أى أحد بدون رعاية وحماية روحية.

2 - الخضوع هو توازن إجتماعى:

كتب القديس بولس الرسول:

"لأن كلكم الذين إعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح: ليس يهودى ولا يونانى. ليس عبد ولا حر. ليس ذكر وأنثى. لأنكم جميعاً واحد فى المسيح يسوع" (غل 3: 27 - 28).

إن البعض يأخذ هذا النص ويفصله عن باقى النصوص، وينادى بفكرة المساواة بين الرجل والمرأة، وعدم التفرقة بينهما إجتماعياً. ولكن هذا لم يقصده الرسول بولس، لأنه يقصد المساواة وعدم التفرقة فيما يتعلق بالعلاقة مع الله كأولاد له. لأن فيما يخص الشركة الروحية مع المسيح، والعلاقة مع الله والملكوت، فإن الرجال والنساء يكونون على درجة واحدة من المساواة!!

ولذلك فإن وصايا الله المطلوبة فى هذا العالم لا تفرق بين الرجل والمرأة. ولكن الرسول بولس لم يقصد المساواة السياسية بين الرجل والمرأة. ولم يفكر القديس بولس لحظة أن يتحدث عن مثل هذه النظريات الحديثة لتقديم المساواة بين الرجل والمرأة.

إن هناك قاعدة إلهية ثابتة، غير قابلة للتغيير، فيما يتعلق بالرجل والمرأة، تم تأسيسها خلال الطبيعة البشرية، وموجودة فى طبيعة كل من الرجل والمرأة، ولم يتم تغييرها خلال المسيحية، بل تم تأكيدها فى العهد الجديد، وخلالها يتم التوافق فى الزواج المسيحى. ونحن حين نقدمها لكم هى سهلة جداً، وخلالها يتم حل المشاكل برضا، وعدم حلها خلال تلك القاعدة، إنما يسبب تعباً فى العلاقات الزوجية. ووفقاً لفكرة المجتمعات الشرقية فإن المرأة تخضع لزوجها كنوع من العبودية، وهذا يضايق المرأة جداً، ولكن فى فترة أخرى قد تم رفعها لتصير هى ربة البيت. ولكن كل من الفكرتين خطأ وهما عكس بعضهما تماماً (العبودية وربة البيت). والمثالية المسيحية تختلف عن كل منهما.

إن الإنجيل يعلم بأن تكون الزوجة خاضعة لزوجها، وهذا ما يعلمه كل من العهد القديم والجديد. وهذا الخضوع يرجع إلى الخلقة نفسها.. آدم جُبل أولاً ثم حواء وهذا يرجع أيضاً إلى سقوط أبوينا الأولين. آدم لم يغوى أولاً (حين كان وحيداً بدون حواء) ولكن حواء هى التى أخطأت وتَعدّت (1تى 2: 13 - 14). وبعد السقوط تم وضع حمل على كل منهما، وتم تثبيت خضوع المرأة لزوجها. وفى الواقع قد إرتفعت مكانة المرأة فى ذلك الخصوص. إن الله قال للمرأة (بعد السقوط):

"تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً. وإلى رجلك يكون إشتياقك وهو يسود عليك. وقال لآدم. لأنك سمعت لقول إمرأتك وأكلت من الشجرة التى أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك بالتعب تأكل منها كل أيام حياتك. وشوكاً وحسكاً تنبت لك وتأكل عشب الحقل. بعرق وجهك تأكل خبزاً حتى تعود إلى الأرض التى أخذت منها. لأنك تراب وإلى التراب تعود" (تك 3: 16 - 19).

إن هذه الكلمات تجلب لنا المسرة إذا فهمناها. لأن هذا القانون القديم، لم يتوقف فاعليته قط. والإنسان الساقط يجب أن يخضع لهذا القانون، إلا لو كان يريد أن يبعد بعيداً عن الله. ولا يوجد مقاومة لهذا القانون الإلهى، لأن هذه الكلمات لها فاعلية دائمة، وهذه الأحمال ملقاة علينا، ولا يمكن أن نزجرها بعيداً!!

إن مسئولية القيادة ملقاة على الرجل لكى يمارسها. وخلالها يقوم الرجل بالرعاية المكثفة، والعمل الشاق الملقى على الأرض الملعونة. وكل عمل فى الأرض يمارسه الإنسان يواجه جزء من هذه اللعنة (المسيح بالفداء رفع عنا عقوبة الخطية ولكن تبقى النتائج كما هى: فالمرأة مازالت تتعب فى الولادة، والرجل مازال يشقى ويعرق فى العمل) ويواجه الرجل التعب والمشقة فى العمل حتى لو تحلل من المسئولية والرعاية. ولكن الرجال الذين تنازلوا عن مسئوليتهم – كرأس البيت - يتحملون نتيجة ذلك فى الأيام الحاضرة!!!.

إن المرأة لا تخاف من تعب الولادة بل تفرح بذلك الحكم، ولا تقاومه. وهكذا فإن الحمل الملقى على كل من الرجل والمرأة، هو ما تقرر لهما، حتى يشارك كل منهما فى تحمل المسئولية الخاصة به. وفى الوضع الطبيعى فإن الرجل والمرأة يجدان أن هذا العبء الملقى على كل منهما هو نوع من اللعنة. ولو كان هذا غير محتمل فيجب أن يعلم كل منهما أن هذه المسئولية لا يمكن إحتمالها بدون معونة الله. وأن عبء هذه الحياة هو الذى يجبرهما أن يطلبا مساعدة الله.

ولو فعلوا هذا فإن البركة الخفية سوف تسكب عليهما لمواجهة اللعنة والعبء. والبيت سوف يناصف حمله (بين الزوج والزوجة) وسوف يكتشف كل منهما أن هذا القانون هو من حكمة الله ومحبته. وهو إستعداد وتدريب من أجل ملكوت الله.

إن كثير من حكماء هذا العالم يحاولون أن يغيروا طبيعة الزواج. كما لو كان شخص يقود سيارة على حافة الجبل ويتوقع من السيارة أن تطير ولا تهوى من حافة الجبل. أليس هذا نوع من الغباوة ومشهد مأسوى. ألا يخالف الطيران طبيعة السيارة؟ إن الله قد وضع قانوناً محدداً للزواج لكل طرف (الزوج والزوجة) وهذه القاعدة الواجب إحترامها هى جزء من طبيعة الزواج!! وإذا ما نحن تجاهلنا هذه القاعدة، أو إحتقرناها، أو حاولنا أن نبدلها، فإننا نبتدع أمراً جديداً فى الحياة الزوجية!!

وإذا ما تم تنفيذ قاعدة أن الزوج هو رأس الأسرة، ألا يجب أن تفعل الزوجة شيئاً حين يهددها ذلك الوضع؟ وهل هناك حدود لخضوع الزوجة لزوجها؟.

إن الإنجيل يقول:

"أيها النساء إخضعن لرجالكن كما يليق فى الرب" (كو 3: 18).

واضح هنا أن الرسول يقصد أنه من المناسب للزوجة أن تخضع لزوجها وهو يؤكد أن تكون طاعتها فى الرب. فلا يجب أن تخضع لأى أمر يقودها للخطية والإثم ولكن هذا لا يفيد أن المرأة يمكن أن تقاوم سلطة زوجها، حينما يكون هناك خلاف فى الحياة التى تخصها أو تخص أولادها.

إن كل من الرسولين بطرس وبولس طالب المرأة بالخضوع بدون أى إشتراطات:

  • "ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح. كذلك النساء لرجالهن فى كل شئ" (أف 5: 24).
  • "كذلك أيتها النساء. كن خاضعات لرجالكن" (1بط 3: 1).

والقديس بطرس الرسول يعطينا سارة كمثال واضح للطاعة الملحوظة. إن الخضوع هو ضرورة أساسية لا يمكن إنكارها.

وقد يحدث أحياناً أن يكون الزوجين غير مسيحيين. ولكن تدخل الزوجة فى الإيمان المسيحى، بينما يبقى الزوج كما هو، وقد أوصى الرسول بولس أن تبقى الزوجة فى علاقتها ورباطها الزوجى. ولكن قد يحدث أن هذا الزوج غير المسيحى يمنع زوجته من الذهاب للكنيسة للعبادة أو الإشتراك فى أنشطة الكنيسة. وهنا نصح آباء الكنيسة أن تخضع هذه الزوجة لزوجها، وتصلى من أجل زوجها لكى يرجع إلى الإيمان. وقد حدث فعلاً أن بعض هؤلاء الرجال قد رجعوا إلى الإيمان المسيحى. ولذلك يجب على الطرف المسيحى أن يناقش الطرف الآخر غير المسيحى ويصلى من أجله حتى تلمس العبادة قلبه ويرجع إلى الله (هنا الرسول بولس يتحدث فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس الأصحاح السابع: 12 - 15 عن زواج قائم فعلاً بين إثنين غير مؤمنين آمن أحدهما وبقى الآخر. ولا يتحدث عن إرتباط طرف مسيحى بطرف غير مسيحى).

إن الله قد كرم القانون الإلهى من أجل الأسرة. ولذلك يجب أن نفرق بين الطاعة والعبودية. فالمرأة التى ترى أن قرارات زوجها خاطئة، أو غير حكيمة، يجب أن تخبره بكل إحترام عن ذلك الخطأ وبحرية وأمانة تناقشه فى ذلك!! إن حكم الزوجة وحكمتها ورأيها كزوجة محبة لزوجها، هو أحد معونات الزوج العظيمة، أن تجنبه من الأخطاء الغبية العديدة. وجزء من مسئولية الزوج وأولوياته هو قبول المشورة الحكيمة من زوجته.

إن الزوجة التى تترك زوجها يفعل ما يريد، ولا تقدم له أى نصيحة وقت الضيق، حتى لو كان هو رأس الأسرة، فهى لا تكون خاضعة له حينئذ. ولكنها تصير عبدة غبية. لذلك يجب أن تمد الزوجة زوجها بفكرها الكامل وتجعل نصيحتها قوية حسبما تستطيع، ولا تطرح جانباً إحترامها. ولا تخبئ قط مخاوفها نحو بعض قرارات الزوج. وحين تفعل الزوجة ذلك، فإنها تكون بالحقيقة معينة لزوجها فى قراراته، ولذلك عليها أن تثق فى الله الذى يرشد زوجها إلى الأحكام الصالحة.

إن خضوع الزوجة لزوجها، ليس أمراً خارجياً مظهرياً، ولكنه سلوك داخلى، خلاله تستطيع المرأة أن تكون مريحة فى آرائها، وتكون فى نفس الوقت خاضعة لسلطان زوجها، فهى تضع فى فكرها أن تحترم زوجها، وأن تكون راضية بالقرار الأخير لزوجها، ومن الناحية الأخرى لو أن الزوجة كانت نادراً ما تفتح فمها لتقول رأيها، ولا تشارك زوجها فى قراراته، وأن تجعل زوجها يستمر فى قراراته وأحكامه، مهما كانت غبية، فإن ذلك سوف يقود إلى خلافات كثيرة وعميقة. وإن آجلاً أو عاجلاً سوف يتفجر ما بداخلها. إن الله لا يهمه الأفعال الخارجية، ولكن يهمه حالة القلب من الداخل.

وفيما يتعلق بالأمور الروحية، فإن الزوج الحكيم سوف يرحب بالمشورة والرأى الذى يأتيه من زوجته، لأن المرأة لها حاسة روحية أكثر من الرجل.

ولقد قال أحد الرعاة، بأن الرجل له موهبة فى تحمل مسئولية الأمور الجسيمة، أما بخصوص الحياة الروحية، فإن الأمر على عكس ذلك، لأن المرأة لها رؤية جديدة، وهى ترى بعداً جديداً فيما يخص الحقيقة الروحية، ويجب على الرجل أن يتقبل تلك الحقيقة ويخرجها إلى حيز العمل والتنفيذ.

وهكذا فإن المرأة إذا رأت أن الأسرة تنحدر بعيداً عن الله، وتهمل الصلاة العائيلية والصلاة الخاصة، وتبتعد عن الكنيسة، لدرجة أن الأسرة صارت مرتبطة بالعالم أكثر، عندئذ يجب على الزوجة أن تناقش هذه الظاهرة مع زوجها. إن رؤية هذا التكامل الروحى هو من كشف الروح القدس. وهذا يشير إلى أن الزوج أصبح غير واع لواجباته لأن خطايا الإهمال تحمل على وجه الخصوص خداعاً من الشياطين.

ولا يخالف خضوع الزوجة لزوجها أن تقدم هذه المشورة لزوجها، حتى لو طلبت منه المساعدة أن يعيد الأمور إلى وضعها الصحيح ثانية. لأنه من الخطأ أن تظل الزوجة صامتة أمام هذه الأمور. لأنها لو شعرت بأن الروح القدس قد أعطاها فهماً فى بعض الأمور الخاصة، فإنها تكون مجبرة أن تشارك زوجها فى ذلك، حتى يضع رأيها فى إعتباره.

إن الصحة الروحية وتوجيه العائلة روحياً، تعتمد بالتمام على إستنارة وإهتمام الزوجة، تماماً مثل سلطة وحماية الزوج للأسرة.

وهكذا فإن الخضوع ليس معناه أن تبقى الزوجة صامتة، وكأن الصمت نوع من التقوى، وأن تترك كل شئ فى أيدى زوجها. إن الخضوع للسلطة معناه أن تضع نفسك بالتمام لتدبير الشخص المسئول عنك. وهذا هو المعنى الذى أراده القديس بولس الرسول من المسيحيين فى خضوعهم لله:

"قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم الآت بر لله" (رو 6: 13).

وهذا هو الخضوع المثالى لعلاقة الزوجة بزوجها. وأذا ما حدث أن الزوجة لم تظهر فهمها ومشورتها، نحو أى أمر من الأمور لزوجها، فإنها لن تكون خاضعة لزوجها، لأنها لم تضع هذه الأمور أمام تدبير زوجها. وحينما تعلن الزوجة أفكارها ومشورتها لزوجها، فإنها عندئذ سوف تساعد زوجها فى قراراته، وسوف ترضى الله أيضاً. ولكن يجب على الزوجة ألا تحاول أن تضغط على زوجها بقبول رأيها بأى حال من الأحوال. ولكن بحرية كاملة تعبر عن أفكارها، وإلا حرمت العائلة من البركات التى يريد الله أن يعطيها للأسرة خلال الزوجة.

إن عدم وضوح توزيع الأدوار بين الأب والأم، ربما يسبب ضرراً للأبناء. لأن كثير من الآباء يقومون الآن بغسل الأطباق وتنظيف الأطفال، علاوة على كثير من الأعمال النسائية الأخرى!! وعندئذ لن يفهم الأطفال معنى الرجولة، إذا كان الآباء والأمهات يقومون بنفس العمل (ولكن ممكن طبعاً أن يساعد الزوج فى بعض الأعمال المنزلية خصوصاً وقت مرض الزوجة أو إنشغالها مع الطفل الجديد أو لأى ظرف آخر..) ولن يرى الأبناء عندئذ الصورة الكاملة للأبوة أو الأمومة!! وهكذا فإن كثير من الأولاد والبنات أصبحت تدابيرهم باهتة فى هذه الأيام الأخيرة!!

إنها مسئولية كلا الوالدين فى الزواج، ألا يختلط دور الزوج والزوجة بعضها ببعض. وهكذا فإن الرجال يصيرون مخطئين حين يتنازلون عن دورهم كرأس للبيت، أو أن تقوم المرأة بإغتصاب ذلك الدور!! وعندئذ سيصبح ليس من السهولة أن تبقى الزوجة خاضعة لذلك الذى ألقى بمسئوليته عليها!! ويرفض أن يأخذ مسئولية القيادة فى الأمور المنزلية.

إن تحرر المرأة قد جلب عليها الكثير من الواجبات التى يجب أن تؤديها، ولكن أصبحت مسلوبة الأمان والحماية التى هى من حقها.

ولقد أصبح الآن لدى النساء الكثير من المشاكل المالية والهموم العائلية بخصوص تربية الأبناء، وعلاقات الأسرة بالمجتمع، والقرارات العائلية العامة. لدرجة أنه أحياناً أصبحت الزوجة هى قائد الأسرة!! كل هذا عكس الأوامر الإلهية، لأن المرأة غير مهيأة نفسياً بالطبيعة، لتقوم بمسئولية هذه الأمور وتهمل فى عملها الإلهى كأم وزوجة!! إن حقيقة إمكانية قيام المرأة بدور القيادة جعلها تنافس الرجل، مما نتج عنه دمار الزوجة والأسرة والمجتمع، خلال الإبتعاد عن هذا القانون الإلهى!!.

والكنيسة أيضاً تعانى من موضوع سلب المرأة لدور القيادة!! ولأن الرجال قد تنازلوا عن قانونهم كقادة لعائلتهم، فإن الكثير من المسئوليات الروحية فى الكنيسة قد ألقيت على عاتق النساء. ولم يكتفوا بالتدريس فى مدارس الأحد فى فصول البنات والفتيات الشابات، بل أخذوا مسئولية التشييد والبناء للكنائس وقيادة إجتماعات الصلاة وإجتماعات درس الكتاب المقدس. وذلك فى الوقت الذى تخلى فيه الرجال عن أماكنهم القيادية فى الكنيسة وتركوا للنساء الكثير من القيادة الروحية حتى فى الكنيسة!! وأصبحنا نسير داخل دائرة خاطئة!! فالأمور التى يجب أن يقوم بها القادة الروحيين من الرجال أصبحت من إختصاص النساء والبنات!! والمصيبة هى أن الأولاد حينما يكبرون يتبعون خطوات أبائهم!!

ولكن هل يمكن أن نتخيل أن بطرس الرسول يرسل زوجته للهيكل لكى تصنع دفاعاً عن المسيحية أمام مجمع السهندريم؟ أو أن الرسول بولس يرسل أخته لكى تنظم جمع التقدمات المرسلة لفقراء أورشليم؟ ولم يكن إنتشار الكلمة فى الكنيسة الأولى يعتمد على أى من النساء. بل إن قيادة الكنيسة كانت فى أيدى الرجال ولم يحدث قط أن ألقوا هذه المسئولية على النساء!!.

إن الكنيسة سوف تسترد قوتها وسلطتها الروحية، حين يأخذ الرجال مسئوليتهم فى القيادة والسلطة الروحية. إن الكنيسة التى يجتمع خدامها الرجال فى الصباح الباكر للصلاة، ويقومون بمسئولية التعليم فى فصول مدارس الأحد وإجتماعات الشباب، ويقومون بمسئولية الزيارات والإفتقاد والمشورة الناضجة. وحينما يحيط الخدام الرجال حول راعى الكنيسة، لكى يكونوا مساعدين ومعاونين له فى رعاية القطيع، هى الكنيسة التى تستفيد من قصد الله فى أن تكون هى حسب قصد المسيح.

ومن المؤلم جداً أن يقوم النساء بهذا الدور فى الكنيسة بسب تخلى الخدام الرجال، وهذا الوضع مؤلم جداً وضار للغاية، أكثر من ضرر غياب سلطة الزوج فى الأسرة. إن المرأة التى تقود فى الكنيسة، بينما يجلس الرجل منعزلاً فى المنزل هى إحدى غرائب الخليقة فى العالم، لأن المرأة سوف تظل دائماً فى إحتياج إلى القيادة الروحية، لأن الله هو الذى وضع هذا القانون!!

إن الله قد أعطى المراة موهبة عظيمة وقدرات عجيبة، وذكاء النساء لا يقل أبداً عن ذكاء الرجال. ولكن الله قد أعطى النساء قدرات عاطفية وإمكانيات عظيمة فى الإحتمال. والله لا يريد من النساء أن يدفنوا مواهبهم وقدراتهم ولكنه يريد أن يعمل خلالهم. ويجب أن تفرغ المرأة كل وقتها وطاقتها لخدمة زوجها وأولادها وبيتها. وهذا ليس معناه حرمان المرأة تماماً من القيادة. إن الله قد ميز المرأة وكرمها، فهى أطول بقاء وإستمرار فى المكوث عند الصليب. وأول من ذهبن إلى القبر كان من النساء، وأول من ظهر لهن الرب بعد القيامة كان من النساء أيضاً. كما أن العهد القديم يخبرنا بأن مريم أخت موسى، هى التى كانت سبباً فى إنقاذه حين كان طفلاً. ودبورة كانت قائدة لبنى إسرائيل كنبية وقاضية. والملكة إستير الشجاعة هى التى أنقذت شعبها من الموت. وتحدث العهد الجديد أيضاً عن بعض النساء كن يتنبأن مثل حنه، وأولاد فيلبس العذارى. وليديا هى أول من أمن على يدى بولس الرسول. ولكن الأكثر بركة بين النساء والمطوبة باستمرار فى كل العصور، هى أم ربنا يسوع المسيح – القديسة العذراء مريم – فهى كانت إمرأة متواضعة وكاملة ومدبرة لبيتها وأم فى المنزل الذى عينه الله ليعيش فيه (ولكن لم تكن القديسة مريم شماسة ولا كاهنة ولا أسقف ولا كارزة ولا قائدة فى الكنيسة!!).

3 - الخضوع هو القوة الروحية:

إن المرأة هى أكثر من أم، هى ربة البيت، ومدبرة الطعام وإعداده، وهى المسئولة عن توصيل الأبناء إلى مدارسهم. وإن مصدر سعادة روحها هو فى زوجها وأولادها، وسوف تكون فى حزن وأسى لو وجدت الأسرة بعيدة عن الله.

إن المرأة التى تضع الرب يسوع المسيح أمامها دائماً، سوف تصير مصدر فرح للرب ولزوجها أيضاً (1بط 3: 6).

والزوجة الملتهب قلبها بحب الله، هى تلك الزوجة التى تبحث عما يريده منها المسيح أن تفعله. إن الرب يسوع المسيح وحده الذى يستطيع أن يغير إتجاهاتها ويجعل من الأعمال الروتينية ما يفيض فرحاً وسعادة. ويجب على الزوجة أن تعتمد على المسيح يسوع تماماً ولا تعتمد على زوجها، وعندئذ سوف تصير زوجة صالحة. إن السيد المسيح قد أعطى المرأة الدعوة أن تطرح كل همومها على الصليب، وأن تسلم ليد الله تدبير زوجها للأسرة.

إن الزوجة التى تثق فى الله ولا تشكو ولا تتذمر قط من زوجها، هى تلك الزوجة الصالحة الفاضلة.

إن الخضوع ليس هو الشكل الخارجى، إنه أتجاه داخلى، إنه أكثر من إنحناء الرأس، إنه قلب مملوء بالخشوع والكرامة والوقار للزوج. ولذلك نحن نحذر الزوجة أن تصلى امام الآخرين من أجل خلاص زوجها وتوبته.

ولا يجب أن تتمرد الزوجة على قيادة زوجها بزعم عدم صلاحيته الروحية للقيادة، وهذا ما يقوله أرميا النبى:

"القلب أخدع من كل شئ وهو نجس من يعرفه؟" (أرميا 17: 9).

ولا يجب أن تصاب الزوجة بالإحباط حين لا يكون للزوج أى إهتمامات روحية. ولكن مع إستمرار الزوجة فى الخضوع تنفيذاً للوصية الإلهية، سوف يكون لديها رجاء نتيجة القوة الروحية فى علاقتها مع الله:

"كذلكن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة يربحون بسيرة النساء بدون كلمة ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف" (1بط 3: 1 - 2).

وأحياناً تأتى الزوجة وتشكو للأب الكاهن، أن زوجها أصبح إنساناً غير روحى، لدرجة أنها لا تريد أن تعيش معه، وأنها حاولت مراراً وتكراراً أن تدعوه للحضور إلى الكنيسة، لكى تحتفظ للأسرة بحياة التقوى. ولكنه يرفض، ويستعمل فى المنزل الكلمات البذيئة، وبلا جدوى لم تنجح فى إصلاحه. وهو دائماً يسخر من أنشطتها الروحية، وهذه هى بداية الإحتكاك بينهما أمام الأبناء. وهى تسأل هل يجوز أن يكون لها علاقة زوجية معه بسبب أعمال التجديف التى يمارسها؟ ولكن الأب الكاهن يقول لها: إن العلاقات الزوجية بين المرأة وزوجها، لا تتوقف بسبب عدم سلوك الزوج حسب الوصايا المسيحية. ويقول لها الأب الكاهن: إن المشكلة ليست فى زوجها بل فيها هى. لأنها زوجة متمردة وغير مطيعة، تستاء من سلطة زوجها عليها. ويطلب منها أن تذهب إلى البيت وتعتذر لزوجها، وتطلب منه أن يسامحها لأنها زوجة غير مطيعة. ويطلب منها أن تترك توجيهه روحياً، بل تخضع له. وتقدم له الطعام المفضل لديه. ويطلب منها الكاهن أن تضع فى قلبها لزوجها فى كل شئ "(أف 5: 24).

إن هذه النصيحة قد هزت الزوجة، ولكنها قبلتها ونفذتها. وخلال أسبوع من تنفيذ الوصية حضر الزوج إلى الأب الراعى وقال له: لقد تحدثت مع زوجتى منذ أسبوع فقال له الراعى: نعم، فقال له الزوج: لقد فرحت بنصيحتك (وصية الخضوع والإعتذار وتقديم الطعام المفضل له وأن تقبل المعاشرة الزوجية رغم سوء سلوك الزوج) وأصبح الزوج يحضر إلى الكنيسة ويمارس العبادة والأسرار وأصبح شماساً وخادماً بالكنيسة. وما فشلت فيه المرأة خلال تأثيرها المباشرة، قد فعله الله حينما أطاعت لسلطة زوجها. ولذلك يجب على الزوجة أن تقدم لزوجها ما يحبه من المأكولات والمشروبات.

ومثل كسارة البندق واللوز التى لها كفين، هكذا هناك كسارة روحية تستعملها الزوجة أحد جانبيها هو النور، والثانى هو الأعمال. وخلال ضغط الجانبين سوف تطرد القشرة وتستخرج البندق أو اللوز. هكذا فإن الروح القدس هو اليد التى تمسك الكسارة وتضغط عليها لاستخراج قشرة البندق أو اللوز مع إلقاء القشرة خارجاً. والفك الأول هو النور الذى يرمز إلى الصلاة وطلب عمل الله مع الزوج وطلب معونة الله لكى يجعل المرأة زوجة فاضلة للزوج العزيز. والفك الثانى هو بعض الكلمات التى تفيد الإحترام والتقدير. وعندئذ سوف يجعل الروح القدس تأثيراً لهذه الأعمال على قلب الزوج. وسوف يتحول الزوج ويرجع إلى الله ويكون له شركة حقيقية معه.

إن الحكمة البشرية هى التى تحث المرأة أن تقوم وتأخذ على عاتقها المسئولية حين ترى الأسرة تتعثر بدون قيادة من الزوج. ولكن كلمة الله هى التى تعطى المشورة الصالحة، فى وجوب إستمرار خضوع الزوجة لزوجها، ولتثق الزوجة أن السيد المسيح سوف يأخذ المسئولية ويعمل فى الأسرة!!.

ومن الخطأ جداً أن تظهر الزوجة غباء زوجها أمام الآخرين، حتى أن الآخرين الذين يرون هذا يلاحظون أن زوجها أكثر ضعفاً منها. قد تكون الزوجة أكثر ذكاءً من الزوج، ومن الشائع جداً أن تكون المرأة أكثر تقوى من الرجل، لأن عقلها يكون أكثر قابليه للحق المسيحى، كما كان واضحاً فى القرن الأول لإنتشار المسيحية، وخلالها إنتشر الإيمان المسيحى، وتفوقت المرأة، بل وحتى فى العصور الحديثة من السهل جداً أن المرأة ترجع إلى الله أسرع من الرجل. ونحن نلاحظ أن التقوى الحقيقية الموجودة فى المرأة، كثيراً ما يقابلها نوع من التفكير العالمى، وعدم الإيمان، والقسوة، من ناحية الزوج. وهكذا فإن النظام الإلهى لم يضع المرأة فى وضع أقل من الزوج فيما يتعلق بالحياة الروحية. ولكن يجب على الزوجة أن تقدم الإحترام لزوجها حتى لو كان غير متدين ولا يوجد لديه علاقة وشركة مع الله. فهى تقدم له الإحترام تماماً كما لو كان متديناً وله شركة مع الله. وله أخلاق مسيحية. وتبقى وصية الطاعة والخضوع واجبة جداً فى هذه الحالة. وتكون الطاعة ثابتة ولا تتغير قط. ويجب على الزوجة ألا تهاجم سلطة زوجها حتى لو كان بدافع محبتها لله. بل يجب أن تستمر فى تواضعها وإحترامها لزوجها، ووداعتها، وصمتها، وخضوعها فى كل شئ، طالما لا يوجد خطية فى ذلك. وخلال هذه الفضائل تظهر الزوجة حقيقة شركتها مع المسيح. يجب على الزوجة أن ترى المسيح فى زوجها، ويجب أن تقدم عمل الإيمان نحو ذلك. وحين تكرمه فهى تكرم المسيح الذى أقامه رأساً لها. وفوق الكل هو يحمل وقار القائد والقاضى والأب، لأن الزوج هو رأس المنزل.

ولو كانت الزوجة تؤمن بالله وبالقيادة الإلهية، فيجب أن تدرك قيادة زوجها حتى فى الآلام التى يسببها لها زوجها. دعها تتنازل عن حقوقها حتى تتعلم من مدرسة الصبر، الفضائل المسيحية الصعبة. وخلال مدرسة الطاعة سوف تتعلم المسيحية فى المدرسة الوحيدة التى يعضدها الله، حيث تكون الفضائل ليست مجرد كلمات بل قوة!!

يجب على الزوجة أن تضع كل رجائها فى الله، وأن تعلم أن زوجها قد وضع لكى يكون بركة لها. ولا يمكن للزوجة أن تحصل على أى بركة إلا إذا تواضعت وإرتبطت به. ولكن لو حدث أن الزوجة إحتقرت زوجها، وتعالت عليه، فإنها تكون كأنها قد إحتقرت الله، وسوف تحرم عندئذ نفسها من البركة التى عينها الله لتكون لها. وعليها أن تطلب المعونة من الله لمواجهة الصعوبات ويجب على الزوجة ألا تتعجب إذا تأخر تغيير زوجها. ولكن إن كان لديها هذه الفضائل (الطاعة – التواضع – الوداعة) فإنها سوف ترى معجزات الله.

ويجب على الزوجة ألا تتحدث عن نفسها وعن مشاعرها وخبراتها الروحية، ويجب ألا تتسرع فى السعى لكسب زوجها فى الحياة الروحية، خلال بلاغة الحديث. إنها تطلب منه أن يذهب معها إلى الإجتماعات الروحية، ولكن يجب ألا تطلب هى بنفسها، لأن هذه المحاولة سوف تنتهى بالفشل، وحديثها سوف ينقلب إلى شكوى وحزن وخلاف، وهذه هى الخطوة الأولى نحو الإزعاج والخلافات!!.

هناك وسيلة تصل بها الزوجة إلى قلب الزوج. هى وسيلة شاقة ولكنها أكيدة، وهى أن تعمل فى صبر!! إنها وسيلة بطيئة وهادئة وبعيده عن الظهور، ولكن لها قوة غالبة، تلك الوسيلة هى سلوك التقوى (فى صبر وصمت) والرجاء والحب المقدم من الزوجة لزوجها!!

وربما لا يهتم الزوج، ويحاول أن يمحو التأثير الداخلى، ولكن سوف يأتى يوم الإفتقاد المرسل من الله، وليس من الإنسان، وسوف يعاين الزوج أسرار المسيحية وعمقها، التى كانت مخفاه عنه، ولكنه بدأ يعرفها. وسوف يشكر الله من أجل الصبر الذى تحملته الزوجة.

كانت مجموعة تدرس الكتاب المقدس معاً. وكان الجزء الذى يدرسونه، هو العلاقات الزوجية. وكتب كل أحد الأفكار التى أتته، بعد فترة صمت وتأمل، ثم شاركوا بعضها بعضاً فيما كتبوه. ولقد كتب أحدهما أفكاره الخاصة فى شكل صلاة. وهذا ما كتبه:

(أيها الرب أنا أشكرك من أجل زوجتى، إننى أمجد خطتك الإلهية، ورعايتك التى قادتنى إليها. أنا أشكرك أيها الرب من أجل صبرها، ومثابرتها، وصلواتها، خلال الإثنى عشر عاماً، التى كنت فيها بعيداً عنك. أنا أمجدك أيها الرب من أجل خلاصك الذى أدركته أخيراً خلال صبرها ومثابرتها وصلاتها. أيها الرب، إرسل ملاكك الحارس إليها وإحفظها. أشكرك أيها الرب يسوع المسيح...).

هذا تعبير جميل عن الزوجة الصابرة. ولكن الأمر هو أكثر من هذا هو شهادة لقوة الله التى تعمل خلال القنوات المعينة من الله لتنفيذ الأوامر الإلهية. إن هذه المرأة التى عاشت فى هدوء خضوعها لزوجها، هى زوجة واثقة أن الله سوف يعمل فى حياته. لقد مجد إيمانها الله، وغير زوجها. وكان الأكثر من هذا هو ان الزوج قد تحرك بإيمان، وأصبح فعلاً هو قائد ورأس وحامى وسند لهذه الزوجة. وخلال القوة الروحية التى عملت فيه، طلب لها بركات السماء، وحماية الملائكة.

وهذا هو القانون الإلهى الذى يعمل من أجل بركة الله للأسرة، والكنيسة، والمجتمع. أيتها النساء إفرحن بسلطة الأزواج عليكن. كن خاضعات لهم فى كل شئ. إن مصلحة الزوجة هى أن تتحرك تحت حماية سلطته. وخلال هذا القانون الإلهى والخضوع والطاعة، فإن الرب يسوع المسيح سوف يتقابل مع الزوجة ويباركها، ويجعلها بركة لزوجها، ولأولادها، وللكنيسة، وللمجتمع.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

لا توجد نتائج

No items found

الفصل الثالث وصية الله للأبناء الطاعة هى المفتاح - القمص أشعياء ميخائيل – larry christenson – أيقونة الأسرة المسيحية

الفصل الأول وصية الله للأزواج - القمص أشعياء ميخائيل – larry christenson – أيقونة الأسرة المسيحية

فهرس المحتويات
فهرس المحتويات

المحتويات