كتاب الشخص والشيء – القمص مكسيموس صموئيل

كارت التعريف بالكتاب

البيانات التفاصيل
إسم الكاتب القس مكسيموس صموئيل
السلاسل سلسلة تربية و علم نفس - القس مكسيموس صموئيل
التصنيفات الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي, علم النفس المسيحي
آخر تحديث 22 أكتوبر 2023
تقييم الكتاب 4.999 من 5 بواسطة فريق الكنوز القبطية

تحميل الكتاب

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل الكتاب
1MB

يري الطفل العالم فيظنه جزءاً من ذاته ( الأنا ) يظن أن العالم وُجد ليخدم ذاته ويعتبر أمه أحد ممتلكاته  ثم تأتي صدمة الفطام ليكتشف أن ذاته ما هي إلا جزء ضئيل بالمقارنة بالعالم الفسيح وبالقياس إلى الذوات الأخرى وأن عليه أن يتعامل تدريجياً مع ذوات خارجة عنه يواجهها كشخص مستقل نسبياً وتقابل مرحلة الأنا الطفولية هذه مرحلة المهد ( من الولادة وحتى عمر سنتين ).

ينمو الطفل من خلال احتياجه للتعامل مع الآخرين لن يكفيه امتلاك الكرة كي يستمتع بها ولكنه يحتاج حينما يقذف الكرة إلى من يعيدها إليه مرة أخرى .وهكذا يقبل الطفل تدريجياً ذوات أخرى إلى جانب ذاته . هنا يتحول الطفل شيئاً فشيئاً من الأخذ فقط إلى مرحلة الأخذ مقابل العطاء فهو يعطي كي يأخذ

( مرحلة الطفولة المبكرة من 2 – 6 سنوات ).

ثم تبدأ مرحلة الصداقة في المدرسة أو النادي حيث يتحقق نضج أكثر للأنا وذلك في الفترة من ( 6 – 12 سنة ) وتستمر خلال مرحلة المراهقة وتمتد بعد ذلك حتى مرحلة الرشد .منذ الطفولة وحتى الشيخوخة لا يستطيع الفرد أن يحيا في غياب الشعور بالأنا بل إنه من الصعب أحياناً أن يفصل بين شعوره بذاته وشعوره بعالمه الخارجي وكثيراً ما يرى الأشياء من زاوية احتياج ذاته إليها وقد يرى الأشخاص من زاوية فائدتهم له ( مادية ، معنوية … )ومن ثم فقد يرى الفرد ذاته في الآخرين وقد يحب ذاته فيهم .

غير أن الإنسان يحتاج في كل الأحوال إلى الآخر كي يخرجه من سجن الأنا ويساعده على نضج شخصيته .

نضوج الحب :

هكذا يتزايد نضج الشخصية ويتزايد معه نضج الأنا كلما تحول الفرد من مرحلة العطاء مقابل الأخذ إلى العطاء الحر حباً بالآخر وإحساساً باحتياجاته كأنها احتياجاتي .هذا التطور يتحقق على المستوى الإنساني العادي ويتحقق بشكل متميز على المستوى المسيحي حيث الروح القدس يحرر الفرد من أنانيته ويطلقه من سجن الأنا ويطهره من الشهوات التي إذا استسلم إليها دفعت به إلى إرضاء الذات على حساب الآخرين .

مفهوم الآخر = مفهوم الشخص

خلق الرب كل الخليقة التي تندرج تحت الجمادات والكائنات غير العاقلة في 5 أيام حيث كان يقوم بإعداد كل هذه الأشياء من أجل الإنسان ( الشخص ) الذي يدرك معنى الحياة ولديه قدرات وطاقات وإمكانيات ممنوحة له من الله تجعله قادراً على التعامل مع الكون وتسخيره من أجل الخير والتفاعل مع الله بتلقائية بسبب كونه مخلوقاً على صورته .

الشخص : كائن له حضوره الخاص المتميز وله ذات عاقلة فاعلة خلاقه فريدة خالدة و، وله إرادة واستقلالية ، وله عالمه الداخلي الخاص ولذلك يشع حضوراً خاصاً به ، أي يُحدث حضوره مجالاً شخصياً متمايزاً ومن ثم فإن تعامله مع الآخرين يعني دخولهم في مجاله .

هذه الخصائص التي تميز الشخص تنطبق بالدرجة الأولى على الله ( الشخص المطلق ) ومن ثم على الإنسان ( الشخص النسبي ) المخلوق على صورة الله . لقد خلقنا الله أشخاصاً ويعاملنا باعتبارنا أشخاصاً ولذلك لم يجبر الله آدم على طاعته حتى لا يسلبه حريته التي هي سمة أساسية ومكون رئيسي في شخص الإنسان المخلوق على صورة الله ولم يمنع الله آدم من عصيانه احتراماً لإرادته وحريته اللتين استخدمهما ضد الله نفسه .

هذا منتهى التواضع من الله أن يسمح للإنسان أن يعارضه حتى يتيح فرصة طاعته عن رضى وقناعة . لا عن خوف واضطرار إذ لا يريد الله عبيداً بل أحباء ( يو 1 : 15 ) وظل قلب الله ينبض حباً بالإنسان الشخص الساقط ورتب له خلاصاً عظيماً وقدم له فرصة العودة إن أراد ، فقد احترم حريته في أن يعصي والآن يقدم له الخلاص الاختياري ” من أراد أن يأتي ورائي … ” ( مت 1 : 24 ) ” هأنذا واقف على الباب وأقرع . إن سمع أحد صوتي ، وفتح الباب أدخل وأتعشى معه وهو معي ” ( رؤ 3 : 20 )

ماذا يضيف الآخر الشخص إليّ ؟

إن حبي للشخص يدفعني للدخول في مجاله وهذا يتطلب مني أن أنسى ذاتي فذاتي معي طوال الوقت أما الآخر فيتوافر بعض الوقت وبدخولي مجاله يدخل هو أيضاً مجالى في ذات الوقت ليبدأ نوع من الثراء المتبادل ( أي تبادل الثروات الإنسانية ) حيث يتفاعل كل منا عقلياً مع الآخر فيضيف كلانا فكراً جديداً للآخر وتتقارب عواطفنا فيخرج كل منا عن ذاته باتجاه الآخر ويُدخل كل منا الآخر في مواقف ومفاجئات شيقة فتتزايد خبرات كل منا .

هذا يعني أن التعامل بين شخصين يؤدي إلى ازدهار خصائص كليهما من خلال إضافة متبادلة كل إلى الآخر . أما التعامل بين شخص وشيء فيؤدي إلى فناء الشيء من أجل الشخص ، ومن ثم فإذا عامل شخص شخصاً آخر معاملة الشيء فإنه يحاول بصورة لا شعورية أن يستهلكه أو يستنفذه أو يتسلق على أكتافه أو يتزايد بنقصانه ويمكن تطبيق ذلك في العلاقات كالزمالة والزواج ..

الشخص – رؤية مسيحية

المتتبع لأسفار الكتاب المقدس من سفر التكوين حتى الرؤيا يلاحظ أن موضوع اهتمام الله هو الإنسان . حينما سقط وتشوهت طبيعته وفسدت اتخذ الابن الكلمة الأزلي له طبيعة إنسانية كاملة وعاش بين البشر وصلب ومات عوضاً عن الإنسان وقام من الموت وأقام معه الطبيعة الإنسانية مجددة ولم يكن كل ذلك إلا حباً بالإنسان الذي خلقه الرب الإله على صورته كشبهه ( تك 1 : 26 ) وأعاد تجديده حينما فسد ولم يشأ أن يفنيه لأنه يراه قيمة ثمينة حتى أنه أعد له ملكوتاً من قبل أن يخلقه ( مت 25 : 34 ).

في العهد القديم :

يتحدث داود النبي عن قيمة الإنسان قائلاً ” فمن هو الإنسان حتى تذكره وابن الإنسان حتى تفتقده وتنقصه قليلاً عن الملائكة وبمجد وبهاء تكلله تسلطه على أعمال يديك جعلت كل شيء تحت قدميه ( مز8 : 4 – 6 ) وكلها تعبيرات تدل على قيمة الإنسان في عيني الله حتى أنه توجه سيداً على الخليقة وأخضع كل الكون تحت قدميه ( تك 1 : 28 ) .

في العهد القديم أيضاً تحدث الرب إلى إرميا الذي يمثل الإنسان قائلاً ” قبلما صورتك في البطن عرفتك وقبلما خرجت من الرحم قدستك ..” ( إر 1 : 5 )

والعبارة تدل على أن الرب أحب الإنسان قبل أن يخلقه ولأنه أحبه لذلك خلقه شخصاً حراً إذ منحه إرادة وحرية وشخصية متميزة ثم تعامل معه باعتباره شخصاً بكل معنى الكلمة .

في العهد الجديد :

تتجلى قيمة الشخص من خلال تجسد الابن الكلمة الأزلي في صورة شخص إنساني الأمر الذي أكد قيمة الإنسان بالنسبة لله أي قيمة النفس الإنسانية الراقية والجسد الإنساني إذ اتخذ الابن له طبيعة إنسانية كاملة نفساً وجسداً .

من خلال تعامل الرب يسوع مع شخصيات متعددة واردة بالأناجيل يتضح اهتمامه بالإنسان كشخص وتقديره له ككيان راق سواء من خلال لقائه بزكا العشار أو السامرية أو المرأة التي دفعت الفلسين أو الشاب الغني … أو من خلال معجزات الشفاء العديدة .

من أهم ما يوضح رؤية الرب يسوع للإنسان كشخص المثلان التاليان :

مثل الخروف الضال : يوضح أهمية الشخص الواحد مهما تضخم عدد الجماعة فقد ترك الراعي التسعة والتسعين وذهب يبحث عن الخروف الضال حتى وجده ، هنا وضعه على منكبيه فرحاً ودعا الأصدقاء والجيران ليشاركوه فرحه ويعلق الرب يسوع على ذلك قائلاً ” هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب ” ( لو 15 : 7 ) إنه مثل يوضح أهمية الشخص الواحد في عيني الله ومحبة الله لكل شخص على حده وكأنه لم يخلق غيره .

مثل الابن الضال : نجد فيه تجسيداً حياً لفكرة الشخص وتشيئ الشخص . في هذا المثل نلاحظ نوعين من النظرة للإنسان :

نظرة أصدقاء السوء : الذين أنفق عليهم الابن الضال ماله بعيش مسرف . لقد صادقوه ( إن جاز تعبير الصداقة هنا ) من أجل المنفعة الخاصة ” فلما انفق كل شيء . ابتدأ يحتاج . وكان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله فلم يعطه أحد ” ( لو 14 : 15 – 16 ) .  كان الابن الضال في نظر أصحابه وسيلة للمتعة فقد استخدموه حتى استهلكوه ولهوا به وبالنهاية استغنوا عنه فلما ضاع ماله تخلوا عنه ، فقد كان في نظرهم شيئاً استخدموه ثم ألقوا به بعد أن صار عديم الفائدة . إنها نظرة تشيئ الشخص .

نظرة الأب : إلى ابنه رغم العصيان ” وإذ كان لم يزل بعيداً رآه أبوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله ” ( لو 15 : 20 ) رغم عصيان الابن ورغم تبديده لمال أبيه ، وعودته فقيراً معدماً إلا أنه ظل ينظر إليه ( كشخص ) لا تقدر قيمته بثمن ( وغاية ) بحد ذاته وظل في عينيه إنساناً لم تتناقص قيمته حتى بعد أن أخطأ . إنها نظرة إلى شخص فريد مهم بحد ذاته ومحبوب لذاته لا لما يمتلك ولذلك قبله الأب دون أن يتوقع منه اعتذاراً فقد اعتبر مجيئه مكسباً وثروة قيمة بكل المقاييس . أخرجوا الحلة الأولى . قدموا العجل المسمن . لأن ابني هذا كان ميتاً فعاش ، وكان ضالاً فوجد ” ( لو 15 : 23 ، 24 ) ويؤكد الرب يسوع على قيمة الشخص من خلال تعبيرات كثيرة ورد في الأناجيل المقدسة من بينها ” لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية ” ( يو 3 : 16 ) لولا قيمة الإنسان في عيني الله لما تجسد وظهر بيننا في صورة إنسانية كاملة .

كيف يرى الله قيمة الإنسان ؟

الله محبة لذا يتدفق الحب الإلهي نحونا منسكباً علينا بغنى فائق مندفعاً نحونا بشوق بالغ فالله يسر بحضورنا الشخصي ويود أن يمتعنا بحضوره الإلهي . إنه ينظر إلى كل شخص منا كوحدة إنسانية فريدة لها قيمتها الخاصة ولها أهميتها بحد ذاتها .

إن حب الله يغمر الإنسان تماماً ونعمة الله وفضله يحيطان به من كل جانب فلم يكن للإنسان أهمية حقيقية فقد كان جسمه تراباً ولم يكن لنفسه أيضاً وجود حقيقي إلى أن نفخ فيه الله نفساً حية ( تك 2 : 7 )

إن منحة الله للإنسان هي منحة الحب لشخص لم يكن أصلاً شخصاً ولكنه صار بسبب حب الله وفضله كياناً إنسانياً حياً متميزاً اكتسب قيمته من نفخة الحياة الإلهية التي وهبت له دون غيره من الكائنات وبعبارة واحدة نقول : إن الله خلق للإنسان كياناً شخصياً ثم عاد وتعامل معه معاملة ( شخص لشخص ) حباً من الله وتنازلاً وتواضعاً ولكي يتحقق ذلك منح الله الإنسان إرادة شخصية وأعطاه حرية استخدمها كما يشاء ، وكان منتهى احترام الله لإرادة الإنسان أن سمح له أن يستخدم هذه الإرادة حتى ضد الله نفسه وهذا ما حدث بالفعل حينما عصى الإنسان الله ورفضه بملء إرادته .

الله يرى في الإنسان قيمته الأصيلة ككائن على صورته يحمل داخله نفخة الحياة الإلهية ومهما سعى الإنسان إلى تشويه صورة الله داخله فسوف يظل الله متطلعاً إلى معدن الإنسان الأصيل بغض النظر عن الشوائب التي تزيف هذا المعدن ..

كيف نرى نحن قيمة الإنسان ؟

إن عيوننا قاصرة لا تقدر أن تنفذ إلى ما وراء هيئة الإنسان الخارجية فهي تقف عند شكل الإنسان وملابسه وثقله الاجتماعي ونسبه العائلي ووظيفته ومؤهلاته الدراسية وإمكانياته المادية ..وتعجز عيوننا حقاً عن إدراك القيمة الشخصية الداخلية للإنسان وتقف عقولنا قاصرة عن فهم الأهمية الحقيقية لحضور الإنسان كشخص حي متميز يخفي داخله قيمة لا تعلوها أية قيمة أخرى هي صورة الله غير المنظور .

إننا كبشر كثيراً ما نرى في الإنسان مجرد قيمة مادية وننكر عليه قيمته الشخصية ولهذا نميل إلى تحويل الإنسان في نظرنا إلى مجرد شيء مادي ، إلى فائدة قد نحصل عليها منه سواء فائدة مادية أو اجتماعية أو حسية أو معنوية مثل اكتساب راحة نفسية من وجوده أو التمتع بكلمات المدح التي يتفوه بها . لكننا قلما ننظر إلى الإنسان كشخص له أهميته بكل ميزاته وعيوبه ، بغض النظر على مظهره الخارجي لذلك يعلمنا الرب يسوع ألا نكون سطحيين نحكم حسب الظاهر ” لا تحكموا حسب الظاهر بل احكموا حكماً عادلاً ” ( يو 7 : 24 ).

إن كان الله ينظر إلى الإنسان كشخص مهم بحد ذاته بغض النظر عن الجنس أو اللون أو المستوى الاجتماعي أو درجة الثقافة أو السن أو الحالة المادية .. وإن كان يسكب حبه على الكل أبراراً كانوا أم أشراراً ” يشرق شمسه على الأشرار والصالحين “( مت 5 : 45 ) وإن كنا أولاد الله السالكين بحسب وصاياه ، ألا ينبغي أن ننظر إلى الإنسان مثلما ينظر إليه الله ؟ ألا ينبغي أن نرى الخليقة بعيون الله ؟ ليسأل كل منا نفسه : هل أحمل داخلي قلباً يشعر بقيمة الإنسان ككائن مخلوق على صورة الله يليق به الاحترام والتقدير ؟

 

الشخص الشيء
من هو : كائن له حضوره الخاص المتميز ، يشع حوله مجالاً من الحيوية ( الشخص المطلق ) هو الله والشخص النسبي هو الإنسان أو الملاك . ما هو ؟ : كل ما يستخدمه الإنسان أو يستعمله أو يستثمره كالجمادات والحيوانات … .

 

الشخص هو الفاعل الذي يشاء ويمتلك الشيء أو يستخدمه . الشيء هو من يقع عليه فعل الشخص ( المفعول به ) فنقول ( شاء الشخص شيئاً ) .
حضور الشخص : الشخص كائن يشع حضوراً خاصاً فهو كيان عقلي وجداني أخلاقي روحي جسماني بآن واحد . وجود الشيء : الشيء موجود كمجرد جسم ويعني وجوده أنه جاهز ومعد كي يستخدمه الشخص .
الشخص هدف بحد ذاته ، والأشياء وسائل موجودة لأجل خدمته . الشيء وسيلة لغاية ، وسيلة لإراحة الشخص أو التعبير عن تقدير له ( هدية مثلاً )
الشخص هو من يقع عليه فعل العطاء ، فهو حاضر بالنسبة ( لي ) كي أتفاعل معه وأقدم له اهتمامي . الشيء هو ما يقع عليه فعل الأخذ فالشيء موجود بالنسبة ( لي ) كي آخذه وامتلكه  واستخدمه .
الشخص يحب ويعايش ويحب لذاته لا لاعتبارات مادية أو حسية . الشيء نستخدمه أو نستهلكه .
الشخص كائن حر لا يمتلك لأنه صاحب إرادة حرة الشيء يمتلك لأنه مسلوب الإرادة
الشخص يصعب الأستغناء عنه ، لأن كل إنسان له تفرده وتمايزه . الشيء يمكن استبداله أو الاستغناء عنه لأن خصائصه محدودة بالمقارنة بالشخص .

كيف يعود الآخر في نظرنا شخصاً ؟

الأمر يتطلب الخروج من الأنا في اتجاه الآخر أو بتعبير مسيحي : اكتساب المحبة التي من خلالها لا يطلب الواحد ما لنفسه بل ما للآخرين ( فيلبي 2 : 4 ) ومن خلالها يقدم الواحد الآخر على نفسه ( رو 12 : 10 ) المحبة الحقيقية موهبة مكتسبة من قبل الروح القدس ( غل 5 : 22 ) إنها ثمرة للعلاقة الشخصية المباشرة بين المؤمن والرب يسوع كما أنها طريق جهاد طويل طريق جبلي مرتفع إلى أعلى فيه يسير المؤمن عكس الجاذبية الأرضية ( أي جاذبية المادة والحس والأهواء الشخصية ) مجاهداً ضد شهواته ودوافعه الأنانية متمثلاً بسيده الذي أخلى نفسه حباً بنا وبذل ذاته حتى الموت من أجل خلاصنا .المحبة طريق فيه لا ينظر السائرون تحت أقدامهم بل تتجه عيونهم إلى أعلى  لتلتقي بعيني الرب يسوع فلا تعود تبهرها أضواء أخرى مهما لمع بريقها .. المحبة تكتسب بالصلاة ، حيث تنمو العلاقة الشخصية بالرب يسوع فتنطبع على المؤمن سمات إلهية إذ يتشرب المحبة ويمتصها من مصدرها الأصيل ” الله محبة ” ( 1 يو 4 : 16 ) غير أن المحبة لا تنمو بلا ممارسة فأعمال المحبة والمبادرة بتقديم الحب والاهتمام للآخرين تقود إلى مزيد من المحبة . هنا يعود الآخر في نظرنا شخصاً فريداً مهماً بحد ذاته ومحبوباً لذاته .

تشيئ الشخص :

الشخص قيمة بحد ذاته لا ينبغي أن يقارن بالأشياء بأي حال من الأحوال ومن ثم لا ينبغي أبداً أن ننظر إلى الشخص كشئ نحصل من خلاله على فوائد أو مطامع خاصة ولا ينبغي أن نستعمل الشخص أو نستهلكه بأي شكل من الأشكال أو نشتهيه أو نلتهمه وكأنه نوع من الطعام . فالشخص يُحب على مستوى العطاء ( أي أعطيه ذاتي ) ، وليس على مستوى التملك أو الاستهلاك أو التمتع أو الاشتهاء . إن هذا نوع من تشيئ الشخص أي تحويله إلى شئ للاستخدام وتجريده من قيمته ككيان إنساني راق .

كيف تؤثر حياتنا المسيحية على نظرتنا للإنسان ؟

ينال المؤمن الروح القدس ليسكن فيه ( 1 كو 6 : 19 ) وبفعل هذا الروح تتغير الطبيعة الأولي الفاسدة ويكتسب المؤمن طبيعة جديدة تنمو في القداسة والنقاوة بقدر أمانته وإخلاصه لله ( رو 12 : 2 ) ( أف 4 : 22 – 25 ) ومادام المؤمن ينمو في القداسة والنقاوة فإن نظرته للأمور بوجه عام وللآخرين بوجه خاص تتغير بما يناسب حاله النقاوة المسيحية فيصبح كل شيء طاهراً في عينيه ( تي 1 : 15 ) ويرى الحقائق مجردة ، ويرى الأمور في عمقها لا في مجرد شكلها ويرى في الآخرين صورة الله ، ويعتبر حضورهم تعبيراً عن حضور الله مهما كانوا خطاة أو ملحدين .. أي أنه يرى في الآخرين “شخص الإنسان ” في قيمته الأصيلة مهما كانت حالته الحالية .

 

كتاب اللغة الصامتة - القمص مكسيموس صموئيل

كتاب السلام - القمص مكسيموس صموئيل

سلسلة تربية و علم نفس - القس مكسيموس صموئيل
سلسلة تربية و علم نفس - القس مكسيموس صموئيل