15- كيف حطَّم السيد المسيح الشيطان؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الشيطان وحربه للإنسان, معوقات الحياة الروحية
آخر تحديث 13 يناير 2022
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ5 – المؤمن والطغمات السماوية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

15 - كيف حطَّم السيد المسيح الشيطان؟

أ. بالتجسد حطم عرش إبليس. يقول القديس أمبروسيوس: [تنبأ أيوب القديس عن مجيء الرب، الذى قال عنه بالحق أنه يهزم لوياثان العظيم (أي 41: 8)، وقد حدث! فقد ضرب لوياثان المُرعِب، الشيطان، وطرحه إلى أسفل وأذله فى آخر الأزمنة بآلام جسده المكرّمة[73].].

ب. بالتجسد حطَّم رؤوس التنين. يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [لما كان من الضرورى تحطيم رؤوس التنين نزل السيد فى المياه وربط القوى (مت 12: 29)، لكى يولينا سلطاناً ندوس به على الحيات والعقارب (لو 10: 19). إنه ليس وحشاً صغيراً، فمنظره كاف لإثارة الرعب، ولا يستطيع أى قارب صيد أن يقاوم ضربة واحدة من ذيله، وأمامه يعدو الهول، وهو يسحق كل الذين يقتربون منه (أي 41: 13). لقد أقبلت الحياة لتكمم الموت، حتى نستطيع نحن المخلصين جميعاً أن نقول "أين شوكتك يا موت؟ وأين ظفرك يا جحيم؟" (1كو 15: 15)، فبالعماد سحق شوكة الموت[74].].

ج. بالتجسد حررنا من العبودية لإبليس. يقول القديس دوروثيؤس من غزة: [عندما تجسد الرب يسوع المسيح من أجلنا، حَرَّر الإنسان من استبداد عدو الخير له، ونزع كل قوة العدو وكسر قوته، ونزعنا من يديه وحررنا من العبودية له. لم يعد للشيطان سلطان علينا ما لم نخضع له بإرادتنا ونطيعه بفعل الخطيئة، لأن الرب يسوع المسيح أعطانا السلطان والقوة أن ندوس الحياة والعقارب وكل قوة العدو. "ها انا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شيء" (لو 10 "19) [75].].

د. بالتجسد غلب السيد المسيح الشيطان وأدان الخطية فى الجسد. طمع إبليس فيه إذ رآه إنساناً، لكنه عوض أن يصطاده بشباك الخطية، وجده حاملاً بحُبِّه خطايا كل البشرية، ففزع وارتعب! يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [قديماً بعذراء أهلك الشيطان آدم، أما فيما بعد فبعذراء غلب السيد المسيح الشيطان.].

ﮪ. المسيح واهب النصرة. يرى القديس جيروم فى رؤيا زكريا النبى السيد المسيح وقد ارتدى ثياباً قذرة، ووقف عن يمينه الشيطان، هكذا فى محبته، احتل موقع آدم وبنيه، حتى إذ رُفِعَت الخطايا، وارتدى عمامة طاهرة على رأسه (زك 3: 4 - 5)، يعلن عن حالنا الجديد فى المسيح يسوع مخلصنا[76].

مركز السلاح أو جوهره هو تجلَّى السيد المسيح نفسه فى داخلنا، هو الذى غلب عدو الخير، ويبقى غالباً له خلالنا. السيد المسيح نفسه هو سلاحنا وغلبتنا ونصرتنا على إبليس وجنوده. تحدث العلامة أوريجينوس عن ذلك، وشبَّه مار أفرآم السريانى الشيطان بالذئب الذى انقض على يسوع الحمل ليفترسه، وإذ ابتلعه الموت لم تحتمل معدته ذلك ففجَّرها، وأخرج الذين سبق فأسرهم الموت فى داخله. وشبَّه القديس غريغوريوس النيسي الشيطان بسمكة شرهة انقضت على الطُعم، فأمسكت الصنارة بها[77]، ويشبهه غريغوريوس (الكبير) بالطائر الذى اجتذبته الحنطة، فسقط فى الشبكة[78].

و. بالرب تستقبلنا الملائكة أيضاً كمنتصرين. فى الحديث عن التجربة قيل: "ثم تركه إبليس، وإذا ملائكة قد جاءت فصارت تخدمه" (مت 4: 11). يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [بعد انتصاراتك النابعة من انتصاراته، تستقبلك الملائكة أيضاً وتُمَجِّدك وتخدمك كحراس لك فى كل شيءٍ[79].].

ز. بالرب تحوَّلت الصور من عبادة الشيطان إلى تكريم المتجسد. كانت الصور تلعب دوراً خطيراً فى العبادة الوثنية، حيث سحبت قلوب الكثيرين إلى عبادة الشيطان والمخلوقات. والآن صار الكلمة جسداً، وحلّ وسطنا، وقدَّس الكثيرين كأعضاء فى جسده، فصارت الأيقونات تذكاراً له، ولعمل نعمته فى حياة قديسيه المجاهدين بروح الحب الحقيقى.

ح. احتراق الشياطين بنار الروح. بعد صعود السيد المسيح وُهِب للكنيسة روح الله القدوس الذى حلّ فى يوم الخمسين على شكل ألسنة نارية. قَدَّم الروح النارى للكنيسة ما للمسيح لكى تتمتَّع بالنصرة على إبليس، ويهب العاملين فيها أن يكونوا خداماً، لهم الروح النارى القادر أن يسحب البشر فى مملكة المغتصب إبليس إلى مملكة الله القدوس. يقول القدّيس جيروم: [إن كان الله ناراً، فهو نار لكى يسحبنا من برود الشيطان... ليت الله يهبنا ألا يزحف البرد إلى قلوبنا، فإننا لا نرتكب الخطيّة إلا بعد أن تصير المحبّة باردة[80].] ويقول القديس مقاريوس الكبير: [كما أن القضبان التى تُلقَى فى النار لا تستطيع أن تقاوم قوة النار، بل تحترق سريعاً، هكذا فإن الشياطين التى تسعى أن تحارب إنساناً نال قوة الروح تحترق وتتلاشى بقوة النار الإلهية، إن كان الإنسان ملتصقاً بالرب كل حين، واضعاً ثقته ورجاءه فيه. حتى إن كانت الشياطين أشداء كالجبال الراسخة، فإنها تحترق بالصلاة كما يذوب الشمع فى النار[81].] ويقول القديس أنطونيوس الكبير: [إنى أرى أن نعمة الروح القدس على أتم استعداد أن تملأ أولئك الذين يعزمون منذ البداية أن يكونوا ثابتين فى محاربتهم ضد العدو (الشيطان)، غير مستسلمين فى أى أمر من الأمور، حتى يغلبوه[82].].

ط. الغلبة على الشيطان بالإيمان. [يدخل المؤمن فى معركة خفية مع عدو خفي لا يهدأ. بإيماننا بالساكن فى السماء، محب البشر، مُخَلِّص العالم بدمه الثمين، نواجه العدو بمخافة الرب الواهب القوة الإلهية مع فرح مجيدٍ. فى تحدٍ للشيطان بروح القوة يقول الرسول يوحنا: "لأن كل من وُلِد من الله يغلب العالم. وهذه هى الغلبة التى تغلب العالم: إيماننا" (1يو 5: 4). قد يسأل أحد: من يقدر أن يغلب محبة العالم الذى يبذل الشيطان كل الجهد ليُقيم منه مملكة وجيشاً ضد الكنيسة، مستخدماً كل مغرياته وضيقاته؟ خلال إيماننا بربنا يسوع الذى غلب الشيطان والذى لا يزال يغلب بعمله فينا وسيغلب. فإذ نختفى فيه يصير الطريق سهلاً، والحمل الثقيل هيناً، وإغراء العالم كلا شيء، وضيقات العالم موضوع سرورونا. يقول أنبا بيمين: [يستحيل على مَنْ يؤمن بحق ويجاهد بمخافة الرب أن يسقط فى نجاسة الأوجاع وفى الأخطاء التى من الشياطين.].

ى. الغلبة على الشيطان بالصلاة والتسبيح. ليس من أمورٍ تسندنا فى مقاومتنا للشيطان وملائكته مثل الصلاة والتسبيح والشكر لله بكونه واهب النصرة فى الحرب الروحية. يليق بنا ألا نكف عن الصلاة من أجل نصرتنا، ومن أجل نصرة إخوتنا، فبالصلاة والحب يقدم الله لهم معونته ونعمته. قيل إنه لما كان القديس تادرس البرامي (الشيهيتى) فى الإسقيط أراد شيطان أن يقتحم قلايته، فإذا به يصلى فصار الشيطان مربوطاً فى الخارج، وجاء آخر فحصل له مثل الأول، وإذ جاء ثالث ووجد رفيقيه مربوطين بالخارج سألهم عن سبب ذلك. أجاباه: "بداخل القلاية من هو واقف ليمنعنا من الدخول". غضب الشيطان الثالث وأراد اقتحام القلاية بالعنف، لكن القديس ربطه بصلاته. أخيراً صاروا يطلبون أن يطلق سراحهم، فقال لهم: "امضوا واخزوا" [83]. يقول مار اسحق السريانى: [خدمة المزامير، والصلاة الربانية لأبينا السماوى، وصلاة التلاوة التى يرتجلها الإنسان ويطلب بها الرحمة والعون والخلاص، هذه الثلاثة مثل ثلاثة سهام بها تطعن الشياطين وتقتلهم[84].].

يقول القديس أنبا أرسانيوس: [لا تكفّ عن الصلاة حتى لا تجد الشياطين موضعاً تزرع فيه الزوان فى حقلك (مت 13: 25). لا تشفق على جسدك وتجعله ينام، بل بالحري انهض لتُسَبِّح.

إن كنت لا تعرف ان تُسَبِّح، فاشكر الله وقُل: "المجد لك يارب"، وقُل هذه الكلمة مرات عديدة، وإذا استطعت فقُل ألف مرة: "المجد لك يا الله"، وسيرسل لك الرب ملاكه ليعينك على طرد الشياطين. ولا تَخَفْ منهم (إش 8: 12)، لأنه قد أُعطي لك ملاك حارس كما قال الكتاب: "ملاك الرب حالُّ حول خائفيه وينجِّيهم" (مز 34: 7)، وقال أيضاً فى موضعٍ آخر: "يوصي ملائكته بك لكى يحفظوك فى كل طرقك" (مز 91: 11). ولا تجعل رجاءك فى الملائكة وحدهم، وتقول: "إنهم يحرسوننى"، بل لا تكفّ عن الصلاة، لأنهم مُكَلَّفون بك حتى يُسَجِّلوا برّك ويُقَدِّموه إلى الله. احفظ نفسك من الكسل، لأنه يثقِّل الجسد حتى لا يدعه يصلِّي. ليكن جهادك فى الصلاة والصوم، لأنه لا شيء يجعل الشياطين تهرب مثل الصلاة (مر 9: 29). فإذا كانوا يعوِّقونك عن النوم فى الليل ويعذبونك ويقلقونك، فانهض وصلِّ لكى تطردهم مثل الهباء (مز 37: 20)، وأنت تجد راحة. لا تقُل إن ساعة الصلاة لم تأتِ بعد، بل لا تكفّ عنها فى كل وقتٍ، لأن الصلاة سهم يطرد الشياطين. وإذا ظهر لك الشيطان مثل كوكب الصبح أمام عينيك، فاعلم أن الذى ظهر لك هو الشيطان وليس هو الرب، وذلك لكى يُلقى نفسك فى العُجب.] [إذا صلَّيتَ فلا تُسرع، تأمل أمام مَنْ أنت قائم. أسلك بهدوءٍ وصلِّ أكثر، لأنَ الصلاة تصير سهماً يطرد الشياطين الذين يولُّون هاربين. وإن كنتَ تريد أن تذهب إلى أحدٍ، فصلِّ لله وقُل: "لأجل هذه الغاية يارب أنا أخرج من القلاية".].


[73] Of the Christian Faith, 2: 5: 30.

[74] Myst. 11: 3.

[75] - نبذ العالم (تعريب القمص إشعياء ميخائيل).

[76] Cf. Homilies on Psalms. 36.

[77] J. Tixeront: History of Dogmas, vol. 2, P. 155.

[78] Moral 31: 33.

[79] In Matt, hom 5: 13.

[80] On Ps. hom 57.

[81] - عظة 43: 3.

[82] Letter. 1.

[83] - المؤلف: قاموس آباء الكنيسة وقديسيها مع بعض الشخصيات الكنسية.

[84] - جزء 1، ميمر 5.

16- ماذا قَدَّم لنا مسيحنا عوض الخسارة التى حلَّت بنا؟

14- ماذا يعنى القول: "أَتَلْعَبُ مَعَهُ كَالْعُصْفُورِ،أَوْ تَرْبِطُهُ لأَجْلِ فَتَيَانِكَ؟" (أي 5:41)