الإصحاح الثالث – سفر طوبيا – القس أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر طوبيا – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ

صلوات طوبيا وسارة وموت أزواج سارة السبعة.

العدد 1

ع1:

بعد تزايد الضيقة على طوبيا، لم يخطئ نحو الله، أو الناس ولكنه عبر عن مشاعره وألقى كل حمله على الله، في صلاة مملوءة بمشاعر الحزن والأنين من الضيقة ومزج صلاته بدموعه، إنها صلاة من القلب. وقدم صلاة متكاملة شملت:

العدد 2

ع2:

1 - تمجيد الله، فنسب له العدل والاستقامة والرحمة والحق والحكمة.

الأعداد 3-5

ع3 - 5:

:

أحدوثه: صار مجالًا لسخرية الناس وحديثهم.

2 - الاعتراف في توبة بالخطية وليس خطاياه فقط، بل خطايا آبائه وعدم حفظ وصايا الله والقلب غير النقى والنية غير الخالصة. وهذه الخطايا أدت إلى سقوطهم في السبي وتعرضهم للنهب والقتل، بل وصاروا عارًا وشعبًا تافهًا مزدرى به.

العدد 6

ع6:

3 - وقد طلب من ضغط الضيقة عليه، أن يسمح الله ويأمر بأن تنتهي حياته؛ ليخلص من هذه الأتعاب، ولكنه وضع شرطًا لطلبته، أن تكون بحسب مشيئة الله، فيظهر هنا الاتكال والتسليم لله.

.

7 وَاتَّفَقَ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَيْنِهِ أَنَّ سَارَةَ بْنَةَ رَعُوئِيلَ فِي رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ سَمِعَتْ هِيَ أَيْضًا تَعْيِيرًا مِنْ إِحْدَى جَوَارِي أَبِيهَا، 8 لأَنَّهُ كَانَ قَدْ عُقَدِ لَهَا عَلَى سَبْعَةِ رِجَالٍ، وَكَانَ شَيْطَانٌ اسْمُهُ أَزْمُودَاوُسُ يَقْتُلُهُمْ عَلَى أَثَرِ دُخُولِهِمْ عَلَيْهَا فِي الْحَالِ. 9 وَإِذْ كَانَتْ تَنْتَهِرُ الْجَارِيَةَ لِذَنْبٍ أَجَابَتْهَا قَائِلَةً: «لاَ رَأَيْنَا لَكِ ابْنَا وَلاَ ابْنَةً عَلَى الأَرْضِ، يَا قَاتِلَةَ أَزْوَاجِهَا. 10 أَتُرِيدِينَ أَنْ تَقْتُلِينِي كَمَا قَتَلْتِ سَبْعَةَ رِجَالٍ». فَلَمَّا سَمِعَتْ هذَا الْكَلاَمَ صَعِدَتْ إِلَى عُلِّيَّةِ بَيْتِهَا، فَأَقَامَتْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَالٍ لاَ تَأْكُلُ وَلاَ تَشْرَبُ، 11 بَلِ اسْتَمَرَّتْ تُصَلِّي وَتَتَضَرَّعُ إِلَى اللهِ بِدُمُوعٍ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهَا هذَا الْعَارَ. 12 وَلَمَّا أَتَمَّتْ صَلاَتَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَبَارَكَتِ الرَّبَّ،.

العدد 7

ع7:

سارة: كلمة عبرية معناها أميرة.

رعوئيل: كلمة عبرية معناها صديق الله.

لقد كانت هذه الأسرة مرتبطة بالله في حب وصداقة، كما يظهر من هذا السفر. وكانت سارة متميزة في علاقتها مع الله كأميرة وكانت تقيم في مدينة صغيرة بجوار مدينة راجيس في بلاد الماديين، التي استولى عليها الأشوريون ونقلوا إليها بعض اليهود كما ذكرنا سابقًا. ولقرب مدينة رعوئيل من راجيس سميت باسمها، باعتبار راجيس تشمل المدينة الكبيرة والبلاد المحيطة بها. وفى نفس اليوم الذي سمع فيه طوبيا تعييرًا من زوجته حنة، سمعت سارة تعييرًا من إحدى جوارى أبيها. وهذا يظهر أن رعوئيل كان رجلًا غنيًا، له منزل كبير وجوارى.

العدد 8

ع8:

ازموداوس: اسم إله وثني فارسى وإسم أزموداوس معناه روح العنف والتدمير، أو روح الشهوة الجنسية.

وسبب تعيير الجارية لسيدتها، أن سارة كانت قد تزوجت، وفى ليلة الزواج، فور دخول زوجها إليها في المخدع؛ للاقتران بها، هجم عليه شيطان اسمه أزموداوس، فآلهة الأمم كلها شياطين وهو يمثل القسوة والبطش وقتل الزوج. وقد تكرر هذا الأمر سبع مرات، أي قتل الشيطان سبعة أزواج، حاولوا الاقتران بسارة ولعلهم كانوا من الأمم وعدد سبعة يمثل الكمال، فيظهر سلطان الشيطان. ولعل أزواج سارة ليسوا من شعب الله، أي كانوا وثنيين غير مؤمنين، أو كانوا من اليهود الغير متمسكين بالإيمان ووصايا الله. وأيًا كانوا، فسبب اقترانهم بها، كان الشهوة الجسدية والغنى، الذان كانت تتمتع بهما.

العدد 9

ع9:

وإذ أخطأت إحدى الجوارى في عمل ما، انتهرتها سيدتها سارة، فردت عليها الجارية بوقاحة، بل وباتهامات زور وعيرتها بأنها فشلت في الزواج سبع مرات وبالتالي لم تنجب ابنا، أو ابنة مثل باقي النساء وكذلك اتهمتها زورًا، بأنها هي القاتلة للأزواج السبعة وهذا أمر يرفضه حتى المنطق العادي، فلماذا تقتل عروس عريسها الذي فرحت بالاقتران به؟!

العدد 10

ع10:

واتهمت أيضًا الجارية سيدتها بالشروع في قتلها وذلك بتساؤلها: هل تريدين أن تقتلينى؟

العدد 11

ع11:

ولأن التعيير كان شديدًا، تعبت جدًا سارة وصعدت إلى حجرة في الدور العلوى (عليّة) ومكثت فيها ثلاثة أيام وثلاث ليال، لم تذق طعامًا في صوم وصلاة مستمرة بدموع؛ ليرفع الله عنها عارها.

وكان أتقياء اليهود قديمًا يبنون أحيانًا فوق أسطح منازلهم حجرة صغيرة، يقضون فيها بعض الأوقات؛ للتعبد والصلاة. وكانوا يصنعون كوى (نوافذ) لهذه الحجرة تطل على ناحية الهيكل في أورشليم، حتى أيام السبي؛ ليتذكروا هيكل الله ويقدموا له العبادة. وقد ذكرت هذه العلية في حياة دانيال (دا 6: 10، 11) وكذلك في حياة يهوديت (يهو 9: 1). ونلاحظ أيضًا عُلية بيت مارمرقس، التي اجتمع فيها المسيح مع تلاميذه وأسس سر الإفخارستيا وظهر فيها أيضًا بعد قيامته وحل عليهم الروح القدس فيها (مر14: 15، أع 1: 13).

والدموع تدل على شدة حزنها. وقد تكررت الدموع في هذا السفر كثيرًا، مما يبين رقة المشاعر وقوة العواطف عند الشخصيات التي ظهرت في هذا السفر، سواء عند الحزن، أو الفرح. وهذه هي المواقف التي ذكرت فيها الدموع في هذا السفر: -.

بكاء طوبيا في العيد عندما قام ليدفن أحد الموتى اليهود (طو 2: 7).

دموع طوبيا في صلاته؛ بعدما فقد بصره (طو 3: 1).

بكاء سارة، بعد تعيير جاريتها لها (طو 3: 10).

بكاء أم طوبيا عليه، بعد مفارقته لها وسفره لاسترداد قيمة الصك (طو 5: 18).

بكاء رعوئيل وزوجته حنة وابنتهما سارة، عندما تقابلوا وتعرفوا على طوبيا الابن (طو 7: 6 - 8).

بكاء حنة أم سارة عند زواج ابنتها خوفًا من موت طوبيا (طو 7: 16).

بكاء غابيلوس عند مقابلة طوبيا في بيت رعوئيل فرحًا بلقائه (طو 9: 6).

بكاء حنة أم طوبيا؛ لتأخر طوبيا على الرجوع من سفره (طو 10: 3، 7).

بكاء طوبيا وحنة امرأته عند رجوع ابنهما طوبيا (طو 11: 9، 13).

العدد 12

ع12:

وقد كانت صلاة بدون تذمر، إذ كانت سارة تبارك الله فيها.

† إن الله هو ملجأ لأولاده المؤمنين به، فعندما عيرت حنة طوبيا زوجها، أسرع للصلاة ولم يتشاجر مع امرأته ولم يلتجئ للبشر العاجزين عن معونته. وهكذا سارة أيضًا، أسرعت تختلى بالله في صوم وصلاة، أمام تعييرات واتهامات جاريتها. فالله هو أبونا السماوى وبابه مفتوح لنا دائمًا بالحب والحنان؛ ليسمع صلواتنا ويعيننا في ضيقاتنا، بل ويرفعها عنا ويعطينا عزاء وسلام أثناء الضيقة وفى كل أيام حياتنا. ليتنا نسرع نحو الله مثل هذين القديسين طوبيا وسارة، فنجد راحتنا في الكنيسة وأسرارها، أي في الاعتراف والتناول وكل وسائط النعمة، خاصة الصلاة والكتاب المقدس.

13 قَالَت: «تَبَارَكَ اسْمُكَ يَا إِلهَ آبَائِنَا الَّذِي بَعْدَ غَضَبِهِ يَصْنَعُ الرَّحْمَةَ، وَفِي زَمَانِ الْبُؤْسِ يَغْفِرُ الْخَطَايَا لِلَّذِينَ يَدْعُونَهُ. 14 إِلَيْكَ يَا رَبِّ أُقْبِلُ بِوَجْهِي، وَإِلَيْكَ أَصْرِفُ نَاظِرَيَّ. 15 أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ أَنْ تَحُلَّنِي مِنْ وِثَاقِ هذَا الْعَارِ أَوْ تَأْخُذَنِي عَنِ الأَرْضِ. 16 أَنَّك يَا رَبِّ عَالِمٌ بَأَنِي لَمْ أَشْتَهِ رَجُلًا قَطُّ، وَأَنِّي قَدْ صُنْتُ نَفْسِي مُنَزَّهَةً عَنْ كُلِّ شَهْوَةٍ، 17 وَلَمْ أَكُنْ قَطُّ أُمَازِجُ أَرْبَابَ الْمَلاَهِي، وَلاَ أُعَاشِرُ السَّالِكِينَ بِالطَّيْشِ، 18 وَإِنَّمَا رَضِيتُ بِأَنْ أَتَّخِذَ رَجُلًا لِخَوْفِكَ لاَ لِشَهْوَتِي. 19 وَلَعَلِّي لَمْ أَكُنْ مُسْتَأْهِلَةً لَهُمْ أَوْ لَمْ يَكُونُوا مُسْتَحِقِّينَ لِي، فَلَعَلَّكَ أَبْقَيْتَنِي لِبَعْلٍ آخَرَ، 20 لأَنَّ مَشُورَتَكَ لاَ يُدْرِكُهَا إِنْسَانٌ. 21 عَلَى أَنَّ مَنْ يَعْبُدُكَ يُوقِنُ أَنَّ حَيَاتَهُ إِنِ انْقَضَتْ بِالْمِحَنِ فَسَتَفُوزُ بِإِكْلِيلِهَا، وَإِنْ حَلَّتْ بِهِ شِدَّةٌ فَسَيُنْقَذُ، وَإِنْ عُرِضَ عَلَى التَّأْدِيبِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى رَحْمَتِكَ؛ 22 لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِهَلاَكِنَا، فَتُلْقِي السَّكِينَةَ بَعْدَ الْعَاصِفَةِ، وَبَعْدَ الْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ تُفِيضُ التَّهَلُّلَ. 23 فَلْيَكُنِ اسْمُكَ يَا إِلهَ إِسْرَائِيلَ مُبَارَكًا مَدَى الدُّهُورِ».

ختمت سارة صلوات الثلاثة أيام بهذه الصلاة، التي تظهر إيمانها ومشاعر قلبها. وفى الجزء الأول من هذه الصلاة تعلن فيه:

العدد 13

ع13:

1 - اتضاعها واعترافها بخطيتها، وأيضًا رجاؤها في الله الرحوم، الذي وإن سمح ببعض الضيق، لكنه يعود فيرحم ويرفع التجربة.

العدد 14

ع14:

2 - التجاؤها بكل قلبها ورفع عينيها لله، وليس لأحد آخر في العالم.

العدد 15

ع15:

3 - طلبها من الله أن يرفع عنها العار، الذي يتعبها نفسيًا ويذلها، أو ينهى حياتها على الأرض حسب مشيئته. وهذا يبين مدى الضيق الذي تعانيه.

العدد 16

ع16:

ثم تعلن هنا سارة التقية، تمسكها بحياة العفة، كفتاة قبل الزواج.

العدد 17

ع17:

وكذلك اعتزالها عن الشباب الطائش والمحب للملاهى العالمية الفاسدة.

العدد 18

ع18:

وأيضًا عندما قبلت الزواج لم يكن هدفها هو الشهوة الجسدية، بل تكوين أسرة في مخافة الله. ومن أجل نقاوة قلبها لم يستطع الشيطان أزموداوس أن يمسها بأذى مع قتله لأزواجها، فهذا يؤكد اقبالهم على الزواج بغرض الشهوة الجسدية فقط.

العدد 19

ع19:

وفى اتضاع وتسليم لمشيئة الله، تقبل فشل زيجاتها السبعة السابقة، حيث تؤمن أنهم غير مناسبين لها وباتضاع تقول أنها غير مستأهلة لهم. وفى رجاء تنتظر الرجل الذي يعده الله زوجًا مناسبًا لها.

العدد 20

ع20:

وأخيرًا تعلن سارة إيمانها بسمو حكمة الله.

الأعداد 21-22

ع21 - 22:

:

وإن كان الله يسمح بالتأديب، فكل أولاده يثقون أنه يعود فينقذهم ويرحمهم. فالله يريد ويفرح بخلاص أولاده وليس هلاكهم ويسر بفرحهم وتهليلهم، فيسمح بالضيقة؛ لكيما يعطيهم الفرح بعدها.

العدد 23

ع23:

وهو يستحق البركة والإكرام إلى الأبد. وهكذا تنهى سارة صلاتها بتمجيد الله والخضوع له.

† إن سارة مثال للشباب المتزن، الذي يهتم بحياة الطهارة في كل سلوكه وكلامه، حتى لو ضحى ببعض الأصدقاء الغير أنقياء، مهما كانت معزتهم ولو ضحى أيضًا ببعض وسائل الترفيه والمجالس، التي تفقد الإنسان طهارته. هل تدققون يا إخوتى الشباب، بل وكل إنسان في حياته للحفاظ على الطهارة والتمتع بعشرة الله ومحبته؟

وهل يقتدى الشباب المقبل على الزواج، بفكر سارة وسلوكها؟ ويكون أساس الاختيار ليس مبنيًا على الجمال الخارجي والشهوات والماديات، إنما هو اختيار للشخص الذي يعمل على تكوين أسرة مسيحية، وينمى العلاقة مع الله، فنتمتع بمشاعر حب نقى في ألفة ومودة في اتحاد بالمسيح يسوع.

24 فِي ذلِكَ الْحِينِ اسْتُجِيبَتْ صَلَوَاتُ الاِثْنَيْنِ أَمَامَ مَجْدِ اللهِ الْعَلِيِّ، 25 فَأَرْسَلَ الرَّبُّ مَلاَكَهُ الْقِدِّيسَ رَافَائِيلَ لِيَشْفِيَ كِلاَ الاِثْنَيْنِ اللَّذَيْنَ رُفِعَتْ صَلَوَاتُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إِلَى حَضْرَةِ الرَّبِّ.

العدد 24

ع24:

وهنا تظهر الصلوات الحارة النابعة من القلب، التي ترفعها الملائكة في الحال، أمام عرش الله العظيم في السماء وكيف يستجيب الله باهتمام لهذه الصلوات، إذ أرسل رئيس الملائكة العظيم رافائيل؛ ليحل ضيقة كل منهما ويشفيه من أتعابه.

العدد 25

ع25:

رافائيل: أحد الثلاثة رؤساء الملائكة العظام، ميخائيل وجبرائيل ومعنى اسمه رأفة الله.

وهذا يبين ليس فقط محبة الله وحنانه من نحونا، بل وأيضًا محبة الملائكة وخدمتهم لنا.

وتعيد الكنيسة للملاك رافائيل في اليوم الثالث من الشهر الصغير (النسيء). ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم أنه في هذا اليوم ظهر الملاك رافائيل لتلاميذ المسيح. وهناك عيد آخر للملاك رافائيل، تذكارًا لبناء أول كنيسة على اسمه، بناها الملك أركاديوس على شاطئ نهر البوسفور وهذا العيد يوافق يوم 13 كيهك.

No items found

الإصحاح الرابع - سفر طوبيا - القس أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني - سفر طوبيا - القس أنطونيوس فكري

تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 3
تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 3