الإصحاح الخامس – سفر طوبيا – القس أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر طوبيا – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الخَامِسُ

مقابلة الملاك وسفره مع طوبيا الإبن.

1 فَأَجَابَ طُوبِيَّا أَبَاهُ وَقَالَ: «يَا أَبَتِ كُلُّ مَّا أَمَرْتَنِي بِهِ أَفْعَلُهُ. 2 وَأَمَّا هذَا الْمَالُ فَمَا أَدْرِي كَيْفَ أُحَصِّلُهُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لاَ يَعْرِفُنِي، وَأَنَا لاَ أَعْرِفُهُ؛ فَمَا الْعَلاَمَةُ الَّتِي أُعْطِيهَا لَهُ؟ بَلِ الطَّرِيقُ الَّتِي تُؤَدِّي إِلَى هُنَاكَ لاَ أَعْرِفُهَا أَيْضًا». 3 فَأَجَابَهُ أَبُوهُ وَقَالَ: «إِنَّ عِنْدِي صَكَّهُ، فَإِذَا عَرَضْتَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عَاجِلًا. 4 وَالآنَ هَلُمَّ فَالْتَمِسْ لَكَ رَجُلًا ثِقَةً يَصْحَبُكَ بِأُجْرَتِهِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ الْمَالَ وَأَنَا حَيٌّ». 5 فَبَيْنَمَا خَرَجَ طُوبِيَّا، إِذَا بِفَتًى بَهِيٍّ قَدْ وَقَفَ مُشَمِّرًا كَأَنَّهُ مُتَأَهِّبٌ لِلْمَسِيرِ. 6 فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَجْهَلُ أَنَّهُ مَلاَكُ اللهِ وَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ يَا فَتَى الْخَيْرِ؟ » 7 قَالَ: «أَنَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ». فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «هَلْ تَعْرِفُ الطَّرِيقَ الآخِذَةَ إِلَى بِلاَدِ الْمَادِيِّينَ؟ » 8 قَالَ: «أَعْرِفُهَا، وَقَدْ سَلَكْتُ جَمِيعَ طُرُقِهَا مِرَارًا كَثِيرَةً، وَكُنْتُ نَازِلًا بِأَخِينَا غَابِيلُوسَ الْمُقِيمِ بِرَاجِيسِ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ الَّتِي فِي جَبَلِ أَحْمَتَا». 9 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «انْتَظِرْنِي حَتَّى أُخْبِرَ أَبِي بِهذَا».

العدد 1

ع1:

يتميز طوبيا الابن بفضيلة الطاعة السريعة الكاملة.

وكما يذكر لنا النص المطول أنه قد مر على كتابة هذا الصك عشرون عامًا وأن هذا الصك كُتب عندما كان طوبيا الابن طفلًا، أي أن طوبيا الابن الآن في سن العشرينات.

وهو يرمز للمسيح الذي أطاع الآب بتجسده وفدائه حين قال "لأنى قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتى بل مشيئة الذي أرسلنى" (يو6: 38).

العدد 2

ع2:

ولكن لصغر سنه وقلة خبرته في المعاملات المالية، وجد أمامه مشكلتين طلب لهما حلًا من أبيه، وهذا يظهر اتضاعه واهتمامه بطلب المشورة. وأول مشكلة، هي كيف سيعطيه غابيلوس المال وهو لا يعرفه؟ وثانى مشكلة، هي عدم معرفته بالطريق إلى مدينة راجيس.

† طوبيا الابن يرمز لأولاد الله في صلاتهم وطلبهم لمشورة الله وطوبيا الأب يرمز لله، الذي يرشد أولاده ويحل مشاكلهم.

العدد 3

ع3:

فأرشده طوبيا الاب وأوضح له أن الصك ورقة مالية كافية لتعريف غابيلوس بشخصه وتضمنه عنده؛ فيعطيه المال.

العدد 4

ع4:

أما بالنسبة للطريق إلى راجيس، فقد عرض على ابنه أن يبحث له عن رجل موثوق به، يعرف الطريق، يكون مرشدًا له ويصحبه إليها وينال أجرته. وقد كانت هذه هي الطريقة المتبعة للإرشاد في السفر، في زمن لم تكن الطرق فيه ممهدة، أو بها علامات للإرشاد، كما هو الحال الآن. وتمنى طوبيا الأب أن يتم هذا سريعًا؛ ليسافر الابن ويعود في حياة الأدب؛ ليطمئن عليه، إذ كان يشعر بقرب موته.

الأعداد 5-6

ع5 - 6:

:

خرج طوبيا الابن؛ لينفذ كلام أبيه، في البحث عن رجل يرشده، في الطريق إلى راجيس، وحيث أن صلاة طوبيا الأب استجيبت، فلم يتعب الابن، إذ فور خروجه، وجد شابًا يبدو البهاء على وجهه ومستعدًا للمسير والسفر، فسلم عليه وسأل عن جنسه.

العدد 7

ع7:

فأعلمه أنه من بني إسرائيل، أي من شعب الله، فاطمأن طوبيا أنه من جنسه، فسأله هل يعرف الطريق إلى بلاد الماديين؟

العدد 8

ع8:

فعرفه أنه سلك كل الطرق إليها، بل أكثر من هذا، أعلمه أنه كان عند غابيلوس المقيم بمدينة راجيس مدينة الماديين، التي في جبل أحمتا (أنظر خريطة 2 - ص 265 بالكتاب المطبوع).

العدد 9

ع9:

ففرح طوبيا جدًا، إذ وجد علامات كافية تجعله يثق في هذا الفتى. فهو يهودي ويعرف كل طرق الماديين، بل ويعرف غابيلوس نفسه، الذي يريد طوبيا أن يذهب إليه ولم يعلم طوبيا أن هذا هو ملاك الله رافائيل. وقوله أنه من شعب الله، كان يعنى أنه من المقربين لله ويعرف كل طرق السفر ويعرف غابيلوس ويحل في بيته وفى كل بيوت أولاد الله. ثم استأذن الشاب؛ ليبشر والده، بأنه قد وجد المرشد المطلوب للطريق.

† الصلاة النابعة من قلب المؤمن بالله والذي اجتاز التجربة بصبر واحتمال، تصل سريعًا إلى السماء وتُستجاب في الحال، بل وتفوق ما يطلبه الإنسان أو يفتكر به. فلم يرسل الله رجلًا يرشد طوبيا إلى مدينة راجيس، بل أرسل ملاكًا وليس ملاكًا فقط، بل رئيس الملائكة رافائيل؛ ليرشده ويصحبه ويفيض عليه ببركات كثيرة من الله. إن الصلاة باب مفتوح لنا كل يوم؛ لنتحدث مع الله ونشعر بوجوده أمامنا وجهًا لوجه ونختبر عمله ورعايته، في تفاصيل حياتنا اليومية.

10 وَدَخَلَ طُوبِيَّا وَأَخْبَرَ أَبَاهُ بِجَمِيعِ ذلِكَ، فَتَعَجَّبَ أَبُوهُ، وَطَلَبَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ. 11 فَدَخَلَ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَقَالَ: «لِيَكُنْ لَكَ فَرَحٌ دَائِمٌ». 12 فَأَجَابَ طُوبِيَّا: « وَأَيُّ فَرَحٍ يَكُونُ لِي أَنَا الْمُقِيمَ فِي الظَّلاَمِ لاَ أُبْصِرُ ضَوْءَ السَّمَاءِ؟ » 13 فَقَالَ لَهُ الْفَتَى: «كُنْ طَيِّبَ الْقَلْبِ فَإِنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ تَنَالُ الْبُرْءَ مِنْ لَدُنِ اللهِ». 14 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «هَلْ لَكَ أَنْ تُبَلِّغَ ابْنِي إِلَى غَابِيلُوسَ فِي رَاجِيسَ مَدِينَةِ الْمَادِيِّينَ، وَأَنَا أُوفِيكَ أُجْرَتَكَ مَتَى رَجَعْتَ؟ » 15 فَقَالَ لَهُ المَلاَكُ: «آخُذُهُ وَأَعُودُ بِهِ إِلَيْكَ». 16 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ عَشِيرَةٍ وَمِنْ أَيِّ سِبْطٍ أَنْتَ؟ » 17 فَقَالَ لَهُ رَافَائِيلُ الْمَلاَكُ: «أَفِي نَسَبِ الأَجِيرِ حَاجَتُكَ أَمْ فِي الأَجِيرِ الَّذِي يَذْهَبُ مَعَ ابْنِكَ؟ 18 وَلكِنْ لِكَيْ لاَ أُقْلِقَ بَالَكَ، أَنَا عَزَرْيَا بْنُ حَنَنْيَا الْعَظِيمِ». 19 فَقَالَ لَهُ طُوبِيَّا: «إِنَّكَ مِنْ نَسَبٍ كَرِيمٍ غَيْرَ أَنِّي أَرْجُو أَنْ لاَ يَسُوءَكَ كَوْنِي طَلَبْتُ مَعْرِفَةَ نَسَبِكَ». 20 فَقَالَ لَهُ الْمَلاَكُ: «هَأَنَذَا آخُذَ ابْنَكَ سَالِمًا، وَسَأَعُودُ بِهِ إِلَيْكَ سَالِمًا». 21 قَالَ طُوبِيَّا: «انْطَلِقَا بِسَلاَمٍ، وَلِيَكُنِ اللهُ فِي طَرِيقِكُمَا وَمَلاَكُهُ يُرَافِقُكُمَا». 22 حِينَئِذٍ أَخَذَا كُلَّ مَا أَرَادَا أَخْذَهُ مِنْ أُهْبَةِ الطَّرِيقِ، وَوَدَّعَ طُوبِيَّا أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَسَارَا كِلاَهُمَا مَعًا.

العدد 10

ع10:

عندما علم طوبيا الأب بما حدث مع ابنه، فرح وتعجب؛ لسرعة استجابة الله لصلاته وإرساله المرشد لابنه، وطلب أن يدخل المرشد إليه.

العدد 11

ع11:

وقد دخل الشاب وحياه وطلب له نعمة الله، التي يفيض بها على أولاده وتميزهم عن غيرهم، وهي الفرح الدائم.

وتبشير الملاك رافائيل لطوبيا بالفرح الدائم يرمز لتبشير الملاك للرعاة بالفرح العظيم (لو2: 10، 11).

العدد 12

ع12:

ولضيقة طوبيا الأب قال: كيف يكون لى الفرح الدائم وأنا أعمى؟ ‍!

العدد 13

ع13:

البرء: الشفاء.

لدن: عند.

فطيب الملاك قلبه وأنبأه بقرب شفائه من مرضه، وهكذا أكد الرجاء في قلب طوبيا الأب؛ بنهاية ضيقته ولكن ليس بالموت، إنما بالشفاء.

† وهكذا قد يكون الحل الإلهي بعيدًا عن ذهننا ولكنه أفضل من الحل البشرى ويتمتع به كل من له رجاء وإيمان بالله.

الأعداد 14-15

ع14 - 15:

:

طلب طوبيا الأب من الشاب، أن يصحب ابنه إلى راجيس ويأخذ أجرته متى عاد، فوافق.

العدد 16

ع16:

ولأجل أن يطمئن الأب، فقد سأل الشاب عن نسبه.

الأعداد 17-18

ع17 - 18:

:

عزريا: اسم عبري معناه الله مساعد.

حنانيا: اسم عبري معناه الله حنان.

فرد عليه بأنه لا حاجة لمعرفة نسب الأجير ولكن حتى يطمئن قلبه، فهو عزريا بن حنانيا العظيم. ويبدو أن عشيرة حنانيا كانت عشيرة معروفة عند اليهود؛ فاطمأن الأب.

لم يكذب الملاك رافائيل هنا بل أضفى شخصيته من أجل إتمام التدبير الإلهي وقد استخدم اسمان من باب الاستعارة للدلالة على المهمة المكلف بها فهو "المساعد" المرسل من الله "الحنان".

الأعداد 19-20

ع19 - 20:

:

وقد اعتذر طوبيا لسؤاله هذا، فطمأنه الملاك أن ابنه سيعود سالمًا.

† الله بحنانه يساعدنا وينقذنا من ضيقاتنا فقد أرسل رئيس ملائكته لمساعدة أحد أبنائه هكذا أنت أيضًا محاط بملائكة وقديسين فلا تخف ولا تضطرب بل أطلب مساعدتهم ومعونتهم دائمًا.

العدد 21

ع21:

أهبة الطريق: استعدادات السفر.

ودع طوبيا الأب ابنه والشاب عزريا بالسلام، وتمنى لهما أن يحفظهما الله في الطريق ويرافقهما ملاكه.

† ليس أفضل من معية الله في برية هذا العالم، حتى نصل إلى هدفنا وهو الأبدية السعيدة.

العدد 22

ع22:

وأخذ طوبيا الابن كل ما يحتاجه من استعدادات السفر، من أطعمة وملابس وكل الاحتياجات وهي ترمز للأسلحة الروحية، التي يحتاجها المجاهد الروحي في طريق جهاده؛ ليصل إلى الملكوت، وودع طوبيا والديه وبدأ السفر مع رفيقه عزريا.

ونتوقع أن طوبيا الابن أخذ استعدادات بسيطة للسفر؛ لأنه كان فقيرًا وهو هنا يرمز للمسيح، الذي أخذ فقرنا وعوزنا وتجسد مولودًا في المزود؛ ليتزوج بكنيسته على الصليب ويرفعها بقيامته ويغنيها ببركاته الجزيلة.

23 فَلَمَّا فَصَلاَ، جَعَلَتْ أُمُّهُ تَبْكِي وَتَقُولُ: «قَدْ أَخَذْتَ عُكَّازَةَ شَيْخُوخَتِنَا وَأَبْعَدْتَهَا عَنَّا. 24 لاَ كَانَ هذَا الْمَالُ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ لأَجْلِهِ. 25 لَقَدْ كَانَ فِي رِزْقِنَا الْقَلِيلِ مَا يَكْفِي لأَنْ نَعُدَّ النَّظَرَ إِلَى وَلَدِنَا غِنًى عَظِيمًا». 26 فَقَالَ لَهَا طُوبِيَّا: «لاَ تَبْكِي، إِنَّ وَلَدَنَا سَيَصِلُ سَالِمًا وَيَعُودُ إِلَيْنَا سَالِمًا، وَعَيْنَاكِ تُبْصِرَانِهِ. 27 فَإِنِّي وَاثِقٌ بِأَنَّ مَلاَكَ اللهِ الصَّالِحَ يَصْحَبُهُ وَيُدَبِّرُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا بِفَرَحٍ». 28 فَكَفَّتْ أُمُّهُ عَنِ الْبُكَاءِ عِنْدَ هذَا الْكَلاَمِ وَسَكَتَتْ.

العدد 23

ع23:

فصلا: أي انفصلا والمقصود رحلا، أو اختفيا عن أعينهما.

وبعد أن غاب طوبيا ورفيقه عن عينى الأم حنة، تحركت عواطفها، معبرة في بكاء كثير، لإحساسها بفقدان ولدها وقلقها ألا تراه ثانية وحاجتها له هي وأبوه؛ لكبر سنهما، إذ كان سن طوبيا الأب كان قد اقترب من الستين.

العدد 24

ع24:

وأعلنت الأم عدم أهمية المال، الذي سيحصل عليه ابنها من غابيلوس.

العدد 25

ع25:

بل وأظهرت أن تمتعها برؤية ابنها أمامها، هو الغنى العظيم، الذي يعوضها عن فقرها.

ويرمز طوبيا الأب إلى الآب الذي أرسل ابنه الوحيد إلى العالم (يرمز إليه طوبيا الإبن) ليسترد المال المفقود (أى الإنسان الذي فقد بالخطية وحكم عليه بالموت).

† ما أحوج الأسرة المسيحية الآن، أن تشعر بأهمية المحبة والود بين أعضائها وأن تمتعهم بشركة واحدة في المسيح يسوع أفضل من كل ماديات العالم وشهواته، فيتمسكون بعلاقاتهم بعضهم مع بعض، في صداقة وود، غير مكترثين بما ينقصهم من ماديات العالم، التي توجد عند غيرهم، فالمحبة حقًا هي غنى أفضل من كل مباهج العالم.

الأعداد 26-28

ع26 - 28:

:

أما الأب طوبيا الذي يتمتع بإيمان قوى، فشعر بعاطفة الأمومة وقلقها، لذا طمأنها، بأن ابنها سيعود سالما وسيحفظه ملاك الرب، حتى يرجع فرحًا. وطلب منها أن تكف عن البكاء، فكفت عن البكاء.

وحين طلب طوبيا الأب أن يرسل الله ملاكه ويرافق ابنه ويرشده، نجد استجابة سريعة من الله، الذي جعل مرشده هو رئيس ملائكة وليس ملاكًا فقط. فما أعظم محبة الله ورعايته لأولاده.

No items found

الإصحاح السادس - سفر طوبيا - القس أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع - سفر طوبيا - القس أنطونيوس فكري

تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 5
تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 5