الإصحاح الرابع عشر – سفر طوبيا – القس أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر طوبيا – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ عَشَرَ

نهاية حياة طوبيا ووصيته الأخيرة.

(1) موت طوبيا في شيخوخة صالحة (.

الأعداد 1-4

ع1 - 4:

).

(2) نبوة طوبيا بعودة السبي ووصيته الأخيرة (.

(3) ذهاب طوبيا إلى حمويه (.

1 وَفَرَغَ طُوبِيَّا مِنْ كَلاَمِهِ وَعَاشَ طُوبِيَّا بَعْدَمَا عَادَ بَصِيرًا اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَرَأَى بَنِي حَفَدَتِهِ. 2 فَتَمَّتْ سِنُوهُ مِئَةً وَاثْنَتَيْنِ وَدُفِنَ بِكَرَامَةٍ فِي نِينَوَى. 3 وَكَانَ حِينَ ذَهَبَ بَصَرُهُ ابْنَ سِتَّ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَعَادَ يُبْصِرُ وَهُوَ ابْنُ سِتِّينَ سَنَةً، 4 وَقَضَى بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ مَسْرُورًا. وَإِذْ بَلَغَ مِنْ تَقْوَى اللهِ غَايَةً حَسَنَةً، انْتَقَلَ بِسَلاَمٍ.

:

فى الإصحاح الأخير يلخص لنا السفر حياة القديس طوبيا الأب، الذي عاش ست وخمسين سنة في حياة تقية مع الله وأعمال الخير، ثم أصيب بالعمى واستمر أربع سنوات في هذه الضيقة الشديدة وفى نهايتها، سافر ابنه مع الملاك رافائيل، ثم عاد متزوجًا سارة وفتح عينى أبيه، فكان عمره حين أبصر ستين عامًا، ثم عاش بفرح مع الله ومع زوجته وابنه وكل أحبائه، بل ومع بني حفدته، في تقوى الله، حتى مات في شيبة صالحة، بعد إثنين وأربعين سنة من عودة بصره، أي كان عمره حينذاك مائة وإثنين عامًا وكان ذلك حوالي عام 631 ق. م. ودفن في مدينة نينوى، مكرمًا من أبنائه وكل أحبائه بكرامة عظيمة.

5 وَلَمَّا حَضْرَتْهُ الْوَفَاةُ، دَعَا ابْنَهُ طُوبِيَّا وَبَنِي ابْنِهِ السَّبْعَةَ الْفِتْيَانَ وَقَالَ لَهُمْ: 6 «قَدْ دَنَا دَمَارُ نِينَوَى، لأَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ لاَ يَذْهَبُ بَاطِلًا، وَإِخْوَتُنَا الَّذِينَ تَفَرَّقُوا مِنْ أَرْضِ إِسْرَائِيلَ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، 7 وَكُلُّ أَرْضِهَا الْمُقْفِرَةِ سَتَمْتَلِئُ، وَبَيْتُ اللهِ الَّذِي أُحْرِقَ فِيهَا سَيُسْتَأْنَفُ بِنَاؤُهُ، وَسَيَرْجِعُ إِلَى هُنَاكَ جَمِيعُ خَائِفِي اللهِ. 8 وَسَتَتْرُكُ الأُمَمُ أَصْنَامَهَا وَتَرْحَلُ إِلَى أُورُشَلِيمَ فَتُقِيمُ بِهَا. 9 وَتَفْرَحُ فِيهَا مُلُوكُ الأَرْضِ كَافَّةً سَاجِدَةً لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ. 10 اِسْمَعُوا يَا بَنِيَّ لأَبِيكُمُ، اعْبُدُوا الرَّبَّ بِحَقٍّ، وَابْتَغُوا عَمَلَ مَرْضَاتِهِ، 11 وَأَوْصُوا بَنِيكُمْ بِعَمَلِ الْعَدْلِ وَالصَّدَقَاتِ، وَأَنْ يَذْكُرُوا اللهَ وَيُبَارِكُوهُ كُلَّ حِينٍ بِالْحَقِّ وَبِكُلِّ طَاقَتِهِمْ. 12 اِسْمَعُوا لِي يَا بَنِيَّ، لاَ تُقِيمُوا ههُنَا، بَلْ أَيَّ يَوْمٍ دَفَنْتُمْ وَالِدَتَكُمْ مَعِي فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَجِّهُوا خَطَوَاتِكُمْ لِلْخُرُوجِ مِنْ هذَا الْمَوْضِعِ، 13 فَإِنِّي أَرَى أَنَّ إِثْمَهُ سَيُهْلِكُهُ».

العدد 5

ع5:

وقبل موت طوبيا الأب، استدعى ابنه طوبيا، الذي كان قد أنجب سبعة بنين وأعطاهم كلهم وصيته الأخيرة وهي مملوءة بنبوات مفرحة لشعب الله.

وإنجاب سارة - التي ترمز للكنيسة، بزواجها من طوبيا الابن الذي يرمز للمسيح - سبعة بنين فيرمزون إلى أسرار الكنيسة السبعة، التي وهبها المسيح لكنيسته.

العدد 6

ع6:

ثم أكد كلام الأنبياء، مثل ناحوم (نا3: 1)، بأن نينوى ستدمر تمامًا، وكان هذا شيئًا غريبًا جدًا؛ لأنها كانت المدينة العظمى في العالم، إذ هي عاصمة الإمبراطورية الأشورية التي تحكم العالم.

† وهذا يبين بطلان القوى المادية الفانية؛ فلا يجب أن يعتمد عليها أولاد الله. وكذلك لا يغتر أحد بقوته وسلطانه، بل لينظر إلى الله، القوة الوحيدة الثابتة في هذه الحياة وإلى الأبد، فلا يضطرب من الضيقات، أو من تهديدات الآخرين وسطوتهم، بل ويلتجئ إلى الله في كل شيء، حتى قبل تفكيره في قوته أو قوة المحيطين به. وهكذا يطمئن قلبه، بين يدى الله، تحت كل الظروف.

العدد 7

ع7:

وكذلك بشر برجوع شعب الله من السبي إلى أورشليم. إذ بعد السبي الأشوري، الذي كان يعيش فيه طوبيا، سيأتى السبي البابلي وبعده تقوم مملكة مادي وفارس، التي في بدايتها سيعود اليهود إلى أورشليم وبشر أيضًا بامتلاء المدينة وكل اليهودية بخائفى الله المحبين لعبادته، إذ سيبنى ثانية بيت الله المنهدم ويقدمون فيه ذبائحهم وعبادتهم لله الواحد.

الأعداد 8-9

ع8 - 9:

:

بل وتنبأ أيضًا عن إيمان الأمم ورؤسائها، الذين سيعظمون أورشليم ويسجدون لله فيها ويعبدونه وينضمون إلى شعبه، تاركين عبادة الأوثان.

لم تكن هذه نبوة عن أورشليم والرجوع من السبي فقط، بل وأيضًا عن رجوع العالم إلى الإيمان وانتشار المسيحية في كل مكان، قبل مجئ المسيح الثاني.

فرجوع الأمم لله سيتم بإيمانهم بالمسيح، حيث آمن الكثيرون من أمم العالم المختلفة.

العدد 10

ع10:

ثم يكمل طوبيا الأب وصيته الأخيرة، بدعوة بنيه للعبادة الحقيقية لله من القلب والاهتمام بإرضائه في كل حياتهم.

العدد 11

ع11:

كما أوصاهم، أن يعلموا أولادهم السلوك بإستقامة، ومراعاة العدل في كل معاملاتهم؛ حتى لا يظلموا أحدًا. ثم أكد على أهمية الصدقة والرحمة. وفى النهاية، الإهتمام بذكر اسم الرب كل حين وتسبيحه وتمجيده؛ للبقاء في معيته وعشرته الدائمة.

الأعداد 12-13

ع12 - 13:

:

ثم ختم وصيته بأمر محدد وهو ترك مدينة نينوى، فور موت ودفن زوجته حنة معه في قبر واحد؛ لينجوا من الهلاك في نينوى المدينة العظيمة، التي ستدمر نتيجة شرورها الكثيرة.

ونينوى ترمز للعالم الذي سيهلك بإثمه ولذا وجب على أولاد الله أن يخرجوا منه، أي يتغربوا عن شهواته وخطاياه ويحيوا للمسيح.

14 فَكَانَ أَنَّ طُوبِيَّا بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ، ارْتَحَلَ عَنْ نِينَوَى بِزَوْجَتِهِ وَبَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ، وَرَجَعَ إِلَى حَمَوَيْهِ. 15 فَوَجَدَهُمَا سَالِمَيْنِ بِشَيْخُوخَةٍ صَالِحَةٍ فَاهْتَمَّ بِهِمَا، وَهُوَ أَغْمَضَ أَعْيُنَهُمَا، وَأَحْرَزَ كُلَّ مِيرَاثِ بَيْتِ رَعُوئِيلَ، وَرَأَى بَنِي بَنِيهِ إِلَى الْجِيلِ الْخَامِسِ. 16 وَبَعْدَ أَنِ اسْتَوْفَى تِسْعًا وَتِسْعِينَ سَنَةً فِي مَخَافَةِ الرَّبِّ، دُفِنَ بِفَرَحٍ. 17 وَلَبِثَ كُلُّ ذَوِي قَرَابَتِهِ وَجَمِيعُ أَعْقَابِهِ فِي عِيشَةٍ صَالِحَةٍ وَسِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ، وَكَانُوا مَرْضِيِّينَ لَدَى اللهِ وَالنَّاسِ وَجَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ.

العدد 14

ع14:

أغمض أعينهما: ما يفعله المقربون للموتى بعد وفاتهم مباشرة، أي حضر وفاتهما ودفنهما.

أحرز: نال وكسب.

إهتم طوبيا الابن بتنفيذ وصية أبيه؛ فبعد دفن أبيه بسنوات قليلة، ماتت أمه، فدفنها بإكرام مع والده، ثم ارتحل هو وكل بنيه وحفدته وأخذ كل أمواله، مسافرًا إلى حمويه رعوئيل وحنة، اللذين فرحا جدًا بلقياه هو وابنتهما، وكل بنيهما الذين تمنيا أن يريانهم، وكان رعوئيل وحنة قد أصبحا شيخين.

وهكذا يظهر إيمان طوبيا الابن وطاعته لوالده، إذ تخلى عن المدينة العظيمة نينوى، بكل مجدها، واثقًا من صدق كلام والده، أنها ستخرب.

† ليتنا نطيع وصايا الله، مهما تعارضت مع حكمتنا البشرية وأفكار العالم.

العدد 15

ع15:

وبعد أن أنعم الله ببركات كثيرة على طوبيا الأب والابن، أنعم أيضًا على البارين رعوئيل وحنة؛ إذ عاشا سنوات مع بنى ابنتهما سارة، وأكملا حياتهما في التقوى والصلاة، فرحين بالرب، حتى ماتا بشيخوخة صالحة ودفنهما طوبيا بإكرام عظيم.

† ونرى هنا الفرح الذي يميز أولاد الله عن أهل العالم، هذا الفرح الذي يستمر طوال حياتهم، حتى وسط الضيقات وفى سن الشيخوخة، حين يضعف الإنسان وتزداد حروب الخوف والقلق والتذمر. ولكن نعمة الله تحفظ لهم فرحهم، حتى نهاية حياتهم على الأرض؛ ليكملوه بعد ذلك في السماء في الفرح الأبدي.

العدد 16

ع16:

وعاش طوبيا الابن أيامًا كثيرة في صلاح وبر. ورأى حفدته حتى الجيل الخامس حتى مات وعمره تسعة وتسعون عامًا.

العدد 17

ع17:

واستمر أبناؤه وأقرباؤه وأحباؤه في عيشة صالحة، كنموذج حسن وسط العالم، يعلن اسم الله.

† فمن بركات الله على الإنسان، أن يحيا أيامًا كثيرة في تقوى الله على الأرض وليس هو فقط، بل وأيضًا أن تكون له ذرية صالحة تشهد لله.

وهكذا يختم هذا السفر العظيم ببركات وفيرة وفرح دائم لأولاد الله الصالحين، الذين احتملوا ضيقات كثيرة وتمسكوا بإيمانهم.

No items found

الإصحاح الثالث عشر - سفر طوبيا - القس أنطونيوس فكري

تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 14
تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 14