الإصحاح الأول – سفر طوبيا – القس أنطونيوس فكري

العدد 1

ع1:

جُلي: سُبي.

كل ما يتيسر له: كل ما يتحصل عليه من أموال، أو طعام وشراب.

طوبيا: كلمة عبرية معناها الله طيب، أو المطوب.

نفتالى: كلمة عبرية معناها مصارعات.

نحشون: كلمة عبرية معناها حية.

نفتالى هو ابن يعقوب، وأحد أسباط بني إسرائيل، وقد استوطن سبطه في شمال فلسطين، من أيام يشوع - عند تقسيم الأرض - في منطقة تسمى الجليل، أي جليل الأمم، حيث كانوا قريبين من الأمم واختلطوا بهم. أما نحشون، فهو ابن عميناداب، أحد زعماء سبط يهوذا (أنظر خريطة 1←: توضح مكان سبط نفتالي حيث كان يعيش طوبيا).

فبالتفسير الروحي والرمزى قام طوبيا بمصارعات وسط الأمم، وانتصر على الشيطان الحية القديمة وثبت في الإيمان والحياة المقدسة، رغم كل الضيقات. أي أن الإنسان المطوب من الله هو الذي يجاهد في حياته ضد الشيطان ويصارع ويغلب بقوة الله، واثقًا أن الله يساعده ويضع إبليس تحت قدميه، كما كانت مدينة نحشون تحت مدينة نفتالي، التي يسكن فيها طوبيا.

العدد 2

ع2:

وقد تم سبى المملكة الشمالية وهي مملكة إسرائيل، التي عاصمتها السامرة، على عدة مراحل. وكانت المرحلة الثانية على يد شلمناسر، هذا المذكور، الذي حكم في المدة من (728 - 722 ق. م.) وقد سبى كثيرًا من اليهود وحاصر السامرة ولكنه لم يستولِ عليها، بل استولى عليها الملك سرجون خلفه، وتقع مملكة أشور شمال نهر دجلة، أي في العراق الآن، وقد امتد سلطانها، فاستولت على كل منطقة الشام وجزء كبير من اليهودية، حتى حدود مصر (أنظر خريطة 2↓: توضح مدينة نينوى عاصمة أشور ومدينة راجيس في مادي قرب بحر قزوين ومدينة حاران).

ويشهد هنا الكتاب المقدس لطوبيا، أنه رجل متمسك بشريعة الله وحقوقه، ليس فقط بين أهله في اليهودية، ولكن بعد سبيه ونقله إلى بلاد أشور.

.

العدد 3

ع3:

فقد كان يقتسم كل ما يحصل عليه مع أخوته المسبيين، الذين من جنسه.

† إن قداسة الإنسان لا تظهر فقط وسط الظروف السهلة ولكن في الغربة وفى الظروف المعاكسة أيضًا. هل تتمسك بالله رغم انشغال المحيطين بك عن الحياة الدينية؟

4 وَمَعَ أَنَّهُ كَانَ أَحْدَثَ الْجَمِيعِ فِي سِبْطِ نَفْتَالِيَ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ شُؤُونِ الأَحْدَاثِ. 5 وَكَانَ إِذَا قَصَدُوا كُلُّهُمْ عُجُولَ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا يَارُبْعَامُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، يَتَخَلَّفُ وَحْدَهُ عَنْ سَائِرِهِمْ 6 فَيَمْضِي إِلَى أُورُشَلِيمَ إِلَى هَيْكَلِ الرَّبِّ، وَهُنَاكَ كَانَ يَسْجُدُ لِلرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ، وَيُوفِي جَمِيعَ بَوَاكِيرِهِ وَأَعْشَارِهِ. 7 وَإِذَا كَانَتِ السَّنَةُ الثَّالِثَةُ كَانَ يَجْعَلُ جَمِيعَ أَعْشَارِهِ لِلدُّخَلاَءِ وَالْغُرَبَاءِ. 8 وَعَلَى هذَا وَأَمْثَالِهِ، كَانَ مُثَابِرًا مُنْذُ صَبْوَتِهِ عَلَى وَفْقِ شَرِيعَةِ اللهِ. 9 وَلَمَّا أَنْ صَارَ رَجُلًا، اتَّخَذَ لَهُ امْرَأَةً مِنْ سِبْطِهِ اسْمُهَا حَنَّةُ، فَوُلِدَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ فَسَمَّاهُ بِاسْمِهِ، 10 وَأَدَّبَهُ مُنْذُ صِغَرِهِ عَلَى تَقْوَى اللهِ وَاجْتِنَابِ كُلِّ خَطِيئَةٍ. 11 وَلَمَّا جُلِيَ مَعَ امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ إِلَى مَدِينَةِ نِينَوَى، حَيْثُ كَانَتْ كُلُّ عَشِيرَتِهِ، 12 وَقَدْ كَانُوا كُلُّهُمْ يَأْكُلُونَ مِنْ أَطْعِمَةِ الأُمَمِ، كَانَ هُوَ يَصُونُ نَفْسَهُ وَلَمْ يَتَنَجَّسْ قَطُّ بِمَأْكُولاَتِهِمْ.

العدد 4

ع4:

يحدثنا الكتاب المقدس هنا عن حياة طوبيا الأولى في شبابه، عندما كان في فلسطين في مدينة نفتالى. كان شابًا صغير السن، وله القدرة أن يعمل أكثر من غيره، لا ليصير غنيًا ويتمتع بلذات الدنيا؛ بل ليساعد الفقراء والمحتاجين، فكان لا يتصرف بطياشة الشباب، بل بنضج الرجال.

ونفهم من النص الطويل لهذا السفر أن طوبيا كان يتيمًا وقد ربته جدته التقية دبورة، فاهتمت بتعليمه الإيمان والممارسات الطقسية، فتمسك بها عندما كبر.

العدد 5

ع5:

أما من جهة العقيدة، فقد كان طوبيا متمسكًا بإيمانه، فلا يسجد إلا في هيكل الله، في أورشليم، مع أنه كان يبعد عنه مسافة طويلة، ولم يكن يذهب للسجود عند التماثيل، التي عملها يربعام بن نباط، الذي شق المملكة في عهد رحبعام بن سليمان الملك وعمل عجلين ووضعهما في مدينتى بيت إيل ودان؛ ليسجد لها اليهود في المملكة الشمالية، التي تشمل عشرة أسباط وبهذا يضمن عدم ذهابهم إلى أورشليم وبالتالي لا يخضعوا لملك يهوذا الساكن في أورشليم، وبفعل يربعام هذا، جعل اليهود يسجدون للأوثان ولكن بقى قليلون متمسكون بالإيمان، لا يسجدون إلا لله في هيكل أورشليم، منهم طوبيا هذا، العظيم في إيمانه.

العدد 6

ع6:

بواكيره: أي بكوره وهو أول ما يحصل عليه الإنسان من إنتاج الحقول، أو الكروم، أو..

أعشاره: أي عشوره، كما أوصت الشريعة أن تعطى لله.

وكان طوبيا مواظبًا على تقديم البكور والعشور، محافظًا على ناموس الرب وحقوقه، مهتمًا بإضافة الغرباء.

العدد 7

ع7:

فكان طوبيا يوجه عشوره في السنة الثالثة؛ للاهتمام بالغرباء.

العدد 8

ع8:

صبوته: صباه وشبابه.

على وفق: حسب.

وكان مواظبًا بتدقيق على كل أعمال الخير وعبادة الرب السابقة.

† ما أجمل أن تكون لك شخصية متميزة في العطاء وليس الأخذ، فتفكر كيف تتعب لتريح الآخرين. لا تفكر في متعتك ومزاجك الشخصى، خاصة في سن الشباب، حيث يكون للإنسان قدرة وحيوية لإنجاز خدمات كثيرة. وتكون متمسكًا بالله، حتى لو عارضك الآخرون واختلفوا عنك.

العدد 9

ع9:

حنة: اسم عبري معناها حنان، أو نعمة.

عندما كبر طوبيا وصار رجلًا، اختار زوجة يهودية واسمها حنة من سبطه، لأنه كان متمسكًا بشريعة الله، وأنجب منها ولدًا، أسماه طوبيا كإسمه.

† فالمطوب من الله بالحقيقة ينسكب عليه حنان الله ونعمته وتصير ثمرته أيضًا مطوبة.

العدد 10

ع10:

وتظهر هنا أيضًا صفة جديدة في طوبيا، كأب ومربى، يهتم بتربية ابنه تربية دينية، في تقوى الله والابتعاد عن الشرور.

العدد 11

ع11:

وفى عام 725 ق. م تقريبًا، سُبى طوبيا مع عشيرته من مدينة نفتالى. ونقله الملك شلمناسر ملك أشور إلى مدينة نينوى، عاصمة أشور، وتقع على نهر دجلة، وبعد أن تهدمت يقوم مكانها الآن، مدينة الموصل بالعراق (انظر خريطة 2 ص265 بالكتاب المطبوع). وهكذا كانت سياسة ملوك أشور، إلغاء قومية من يحتلونهم، فينقلونهم من بلادهم إلى بلاد أخرى في الإمبراطورية، وينقلوا آخرين إلى مكانهم. وهكذا وجد طوبيا نفسه فجأة يعيش وسط الأمم، هو وعشيرته.

العدد 12

ع12:

وفى هذا البلد الغريب، تأثر اليهود بالأمم المحيطين بهم، وبدأوا يأكلون أطعمتهم، ويتشبهون بعاداتهم، أما طوبيا فظل متمسكًا بإيمانه، يأكل فقط الأطعمة المحللة، التي نص عليها ناموس موسى، ويرفض أى طعام حرمه الله وإن كان يأكله الأمم المحيطون به.

13 وَلأَجْلِ أَنَّهُ كَانَ يَذْكُرُ الرَّبَّ بِكُلِّ قَلْبِهِ، أَتَاهُ اللهُ حُظْوَةً لَدَى الْمَلِكِ شَلْمَنْأَسَرَ، 14 فَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ حَيْثُمَا شَاءَ وَيَفْعَلَ مَا يُرِيدُ. 15 فَكَانَ يَطُوفُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ فِي الْجَلاَءِ، وَيُرْشِدُهُمْ بِنَصَائِحِ الْخَلاَصِ. 16 ثُمَّ إِنَّهُ قَدِمَ رَاجِيسَ مَدِينَةَ مَادَايَ، وَكَانَ مَعَهُ مِمَّا آثَرَهُ بِهِ الْمَلِكُ عَشَرَةُ قَنَاطِيرَ مِنَ الْفِضَّةِ. 17 فَرَأَى بَيْنَ الْجُمْهُورِ الْغَفِيرِ الَّذِي مِنْ جِنْسِهِ رَجُلًا مِنْ سِبْطِهِ يُقَالُ لَهُ غَابِيلُوسُ فِي فَاقَةٍ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الزِّنَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنَ الْفِضَّةِ بِصَكٍّ.

العدد 13

ع13:

حظوة: نعمة.

وهنا نرى بركات الله لأتقيائه، فمن أجل تمسك طوبيا بشريعة الله، أعطاه الله نعمة في عينى الملك شلمناسر، الذي يعيش معه في العاصمة نينوى.

العدد 14

ع14:

إذ وصل طوبيا أن يعمل عند الملك، كما يظهر في النص العبري لهذا السفر، كمتسوق - أي كمتعهد توريد لاحتياجات القصر الملكى - فاقتنى ثروة من عمله، وصار من المقربين للملك، فمنحه امتيازات خاصة، في التصريح بالسفر بين كل بلاد الأمبراطورية كما يشاء ومنحه حرية أن يعمل ما يريد، لأنه من خاصة الملك ووهبه فضة وعطايا مادية كثيرة.

العدد 15

ع15:

وإستخدم طوبيا هذه الامتيازات في السفر إلى البلاد المختلفة؛ ليفتقد اليهود ويرشدهم إلى وصايا الله وشرائعه، ويثبتهم في الإيمان، وينصحهم بعدم الاختلاط بعادات الأمم وخطاياهم.

† هل تستخدم بركات الله التي يعطيها لك، لمتعتك الشخصية، أم لخدمة المحيطين بك؟ وهل تفكر في نفسك ورغباتك، أم تشعر بمسئوليتك عن الآخرين وتسعى لراحتهم وربطهم بالكنيسة؟

العدد 16

ع16:

راجيس: وهي تقع على بعد ثمانية كيلو مترات إلى الجنوب الشرقى من طهران، في دولة إيران الحالية، بجوار بحر قزوين، وكانت تبعد مسيرة إحدى عشر يومًا عن أكبتانًا أو أحمتا، ويقال أنها مسقط رأس زرادشت وقد صارت بعد ذلك المركز الدينى للمجوس (انظر خريطة 2 ص 265 بالكتاب المطبوع).

ماداى: وتسمى ميديا وهي دولة قديمة قوية ومكانها الآن إيران وكان يحدها من الشمال الشرقى بحر قزوين ومن الشرق صحراء فارس ومن الجنوب فارس ومن الغرب أشور وأرمينية ويبلغ طولها من الشمال للجنوب حوالي ألف كيلو متر ومن الشرق إلى الغرب حوالي أربعمائة كيلو متر وقد اتحدت مع مملكة فارس فيما بعد وانتصرت على مملكة بابل وسيطرت على العالم كله. والماديون سكان مادي هم نسل مادي بن يافث (تك10: 2).

آثره به: أنعم به عليه وخصه به.

وفى أثناء افتقاد طوبيا لإخوته، وصل إلى مدينة راجيس التي في مملكة ماداى. وبدأ طوبيا يفتقد إخوته اليهود ويسأل عنهم؛ ليهتم بالفقراء والمحتاجين منهم، وكان معه من الهدايا التي أعطاها له الملك عشرة قناطير من الفضة. وقنطار الفضة يساوى ثلاثة آلاف شاقل، أي حوالي ألف وخمسمائة دولار أمريكى بسعر اليوم (1).

ع.

العدد 17

ع17:

فاقة: فقر.

الزنة: الوزنة.

فوجد طوبيا أحد اليهود في محنة مالية، فأعطاه ما معه من الفضة كسلفة، وكتب هذا اليهودي - وَيُدْعَى غابيلوس - على نفسه صكًا، أي ورقة معتمدة، تعلن أنه اقترض هذا المبلغ من طوبيا، وملتزم بإعادته إليه، وهو بمثابة إيصال بالمبلغ المقترض.

وهنا يرمز طوبيا إلى المسيح، الذي يجول في كل مكان يصنع خيرًا وينادى للمأسورين بالعتق، كما تنبأ أشعياء. فهذا غابيلوس الذي في محنة، وعليه ديون، يدفع له طوبيا الفضة، والفضة ترمز إلى بر الإنسان، فالمسيح ابن الإنسان قد وهبنا بره وتبررنا به. فغابيلوس المتغرب في هذا العالم قد ناله البر من طوبيا، الذي يرمز للمسيح، فحلت مشكلة عوزه وفقره إلى البر، بالبر الذي نال. وكتابة الصك هنا تعنى أن الإنسان (غابيلوس) اصبح مديونًا بقيمة الدين للعدل الإلهي، الذي دفعه المسيح عنا.

18 وَكَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ أَنْ مَاتَ الْمَلِكُ شَلْمَنْأَسَرُ فَمَلَكَ سَنْحَارِيبُ ابْنُهُ مَكَانَهُ، فَوَقَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عِنْدَهُ مَوْقِعَ الْكَرَاهَةِ. 19 وَكَانَ طُوبِيَّا يَطُوفُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى جَمِيعِ عَشِيرَتِهِ وَيُعَزِّيهِمْ، وَيُؤَاسِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَمْوَالِهِ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ. 20 فَيُطْعِمُ الْجِيَاعَ، وَيَكْسُو الْعُرَاةَ، وَيَدْفِنُ الْمَوْتَى وَالْقَتْلَى بِغَيْرَةٍ شَدِيدَةٍ. 21 وَلَمَّا قَفَلَ الْمَلِكُ سَنْحَارِيبُ مِنْ أَرْضِ يَهُوذَا هَارِبًا مِنَ الضَّرْبَةِ الَّتِي حَاقَهُ اللهُ بِهَا بِسَبَبِ تَجْدِيفِهِ، وَطَفِقَ لِحَنَقِهِ يَقْتُلُ كَثِيرِينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ كَانَ طُوبِيَّا يدْفِنُ أَجْسَادَهُمْ.

العدد 18

ع18:

شلمناسر ملك أشور كان قد سبى عددًا ليس بقليل من اليهود، وحاصر السامرة ثلاث سنين، ولكنه مات عام 722 ق. م وخلفه سرجون الملك، الذي استولى على السامرة، وسبى عددًا آخر من اليهود، وقد ظلت لطوبيا مكانته وامتيازاته طوال حكم هذين الملكين. ولم يذكر الكتاب المقدس الملك سرجون اختصارًا للأحداث التاريخية، فهي ليست هدفًا للكتاب المقدس. ثم في عام 705 ق. م، ملك الملك سنحاريب، الذي كان يكره اليهود، وحاول الاستيلاء على المملكة الجنوبية لليهود، أي مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم، وحاصرها ووقف رئيس جيشه ربشاقى يعير اليهود (2 مل18: 19)، ويستهزئ بإلههم وأرسل رسائلًا من الملك سنحاريب مملوءة بالتهديد والتعيير لحزقيا ملك يهوذا. فصلى حزقيا واستنجد بأشعياء النبي، الذي طمأنه أن الله سينقذ شعبه وأرسل الله في هذه الليلة ملاكه، فقتل مائة وخمسة وثمانين ألفًا من جنود سنحاريب وهرب الباقون بخزى إلى سنحاريب.

الأعداد 19-21

ع19 - 21:

:

حاقه: حلت به.

طفق: استمر.

حنقه: غضبه الشديد.

ولما كان سنحاريب مغتاظًا جدًا، بسبب ما حدث له، فقد حنق على اليهود الساكنين في مملكته، فقتل الكثيرين منهم وشرد الآخرين، فعانوا من فقر وضيق شديدين، من جراء هذا الاضطهاد. وحينئذ أسرع طوبيا، بمحبته لعمل الرحمة، في مساعدة المحتاجين، فكان يطعم الجياع ويكسو العراة ويدفن اليهود القتلى، الملقى جثثهم في الشوارع، رغم أن سنه حينئذ كان قد جاوز الخمسين. وكان يقدم كل ما يستطيع من أمواله الخاصة، إذ كان من أغنياء اليهود في السبي؛ نتيجة حظوته عند الملوك السابقين.

22 فَنَمَى ذلِكَ إِلَى الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَضَبَطَ جَمِيعَ مَالِهِ. 23 فَهَرَبَ طُوبِيَّا بِوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ عَارِيًا وَاخْتَبَأَ لأَنَّ كَثِيرِينَ كَانُوا يُحِبُّونَهُ. 24 وَكَانَ بَعْدَ خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا أَنْ قَتَلَ الْمَلِكَ ابْنَاهُ، 25 فَعَادَ طُوبِيَّا إِلَى مَنْزِلِهِ، وَرُدَّ عَلَيْهِ كُلُّ مَالِهِ.

العدد 22

ع22:

وسمع الملك سنحاريب بما يعمله طوبيا، في مساعدة إخوته اليهود المضطهدين؛ فاغتاظ منه وأصدر أمرًا بقتله والاستيلاء على كل أمواله.

العدد 23

ع23:

فهرب طوبيا وزوجته حنة وابنه طوبيا في الحال، تاركًا خلفه كل ممتلكاته واختفى عند أحد أحبائه اليهود، ولكثرة محبيه، لم يرشد إليه أحد، بل اهتموا بضيافته وإخفائه.

وسنحاريب يرمز لإبليس، الذي يغتاظ من قوة الله، الذي يحمى شعبه، ويحاول أن يفترسنا ولكن الله وإن كان يسمح بالضيقة أحيانًا ولكن في حدود ولا يسمح للشيطان أن يسيطر علينا ويجعل الله مع التجربة المنفذ، كما جعل في محبة اليهود واستضافتهم وإخفائهم لطوبيا وأسرته، سببًا لخلاصهم. وكذلك تظهر أيضًا محبة طوبيا لعمل الرحمة، وخاصة في الضيقات، فهو شجاع متكل على الله، يعمل عمل الله، مضحيًا بنفسه؛ لذا حفظه الله، فلم يؤذه الملك سنحاريب.

العدد 24

ع24:

ثم نرى انتقام الله من الأشرار؛ ليخلص أولاده، فبعد إنكسار جيش سنحاريب، الذي حاصر أورشليم وما نتج عنه من غيظ الملك سنحاريب وقتله لكثير من اليهود، أنه دخل ليسجد في معبد الأوثان، لإله يدعى نسروخ؛ فهجم عليه ابناه وقتلاه بالسيف.

العدد 25

ع25:

وملك ابن آخر له مكانه، ويدعى اسرحدون الملك (2 مل19: 37). وكان ذلك عام 681 ق. م. وهذا لم يكن يكره اليهود، لذا أعاد لطوبيا كل أمواله وخرج طوبيا من اختفائه ورجع إلى بيته.

وقد ساعد رجوع طوبيا إلى وظيفته الأولى أن ابن أخيه أخيكار (كما يذكر النص المطول لهذا السفر) شغل مركز رئيس السقاة وأمين السر ورئيس الشئون الإدارية والحسابات وقد كان هذا بتدبير الله، فاستعاد طوبيا كل مكانته الأولى.

† وهكذا يتحقق وعد الله، الذي يحارب عن أولاده وهم صامتون؛ ليطمئن قلب كل إنسان يعمل الخير ويتقى الله.