الأصحاح الحادي عشر – سفر أيوب – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أيوب – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الحَادِي عَشَرَ

صوفر يتهم أيوب ويدعوه للتوبة.

1 فَأَجَابَ صُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ وَقَالَ: 2 «أَكَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ يُجَاوَبُ، أَمْ رَجُلٌ مِهْذَارٌ يَتَبَرَّرُ؟ 3 أَصَلَفُكَ يُفْحِمُ النَّاسَ، أَمْ تَلِخُّ وَلَيْسَ مَنْ يُخْزِيكَ؟ 4 إِذْ تَقُولُ: تَعْلِيمِي زكِيٌّ، وَأَنَا بَارٌّ فِي عَيْنَيْكَ. 5 وَلكِنْ يَا لَيْتَ اللهَ يَتَكَلَّمُ وَيَفْتَحُ شَفَتَيْهِ مَعَكَ، 6 وَيُعْلِنُ لَكَ خَفِيَّاتِ الْحِكْمَةِ! إِنَّهَا مُضَاعَفَةُ الْفَهْمِ، فَتَعْلَمَ أَنَّ اللهَ يُغْرِمُكَ بِأَقَلَّ مِنْ إِثْمِكَ.

الأعداد 1-3

ع1 - 3:

:

صلفك: كبرياؤك.

تلخ: تناور وتتلاعب بالألفاظ؛ أي تكذب.

اندفع صوفر بقسوة في مهاجمة أيوب، فاتهمه بما يلي:

إكثار الكلام لتبرير نفسك.

التكلم بكلام فارغ أي "هذر".

الكبرياء.

الكذب والمناورة في الكلام.

من هذه الاتهامات يظهر أن صوفر لا يشعر بأيوب وكل أوجاعه، وهذا يعرضه لخطايا كثيرة هي:

غضب الله عليه.

يكون كلام صوفر غير صحيح لابتعاد الله عنه.

عدم إحساس صوفر بآلام أيوب وقسوته عليه.

كبرياء صوفر وإدانته لأيوب.

وبهذا يظهر أن صوفر هو أكثر الأصدقاء قسوة في كلامه مع أيوب. وكلامه مستفز لأيوب أكثر من أنه يدعوه للتوبة.

الأعداد 4-6

ع4 - 6:

:

مضاعفة الفهم: حكمة الله أعلى من أن نفهمها.

يغرمك: يجازيك ويعاقبك.

اتهم صوفر أيوب بأنه قال أن تعليمه زكى. وأيوب فعلًا قد قال هذا وتعليمه وإيمانه صحيح أكثر من أصدقائه الثلاثة.

واتهمه أيضًا صوفر بقوله لله "أنك يا رب تعرف أنى بار". وقد قال أيوب هذا فعلًا (أي 10: 7) ولكنه أيضًا أعترف بخطاياه وطلب الصفح عنها (أي 7: 21).

وفى بجاحة قال صوفر ليت الله - الكلى الحكمة وحكمته حفيه ولا تدرك - يتكلم معك يا أيوب؛ ليعطيك فهمًا أكثر فتعرف خطأك. مع أن الله عندما تكلم في نهاية السفر وجه الاتهامات الأكثر إلى أصدقاء أيوب. أما أيوب نفسه فباركه الله. وطلب من أصدقائه أن يتشفعوا بأيوب؛ ليرضى الله عنهم.

ثم في قسوة قال صوفر لأيوب، إن الضيقات التي حلت بك أقل بكثير مما تستحقه لأجل كثرة شرورك.

† اسمع الآخرين باهتمام ولا تعتز برأيك وتظن أنه الرأى الوحيد الصحيح وأن الله موافق عليه ورافض لآراء الآخرين. ولكن في اتضاع اطلب مشورة الله بالصلاة والمرشدين الروحيين، فيعطيك حكمة وإحساسًا بالآخرين، فلا تجرح أحدًا مهما كان مخطئًا.

7 «أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ 8 هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟ 9 أَطْوَلُ مِنَ الأَرْضِ طُولُهُ، وَأَعْرَضُ مِنَ الْبَحْرِ. 10 إِنْ بَطَشَ أَوْ أَغْلَقَ أَوْ جَمَّعَ، فَمَنْ يَرُدُّهُ؟ 11 لأَنَّهُ هُوَ يَعْلَمُ أُنَاسَ السُّوءِ، وَيُبْصِرُ الإِثْمَ، فَهَلْ لاَ يَنْتَبِهُ؟ 12 أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ، وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ.

الأعداد 7-9

ع7 - 9:

:

أظهر صوفر لأيوب أن الله غير محدود، وبالتالي فأحكامه تفوق عقولنا، ويجب ألا نعترض عليه. فقال لأيوب أنه عاجز عن الوصول إلى عمق الله، أو نهايته. واختار لأيوب أربعة أشياء لا يمكن إدراك نهايتها. الأولى هي السماء التي لا يستطيع أيوب أن يبلغ إلى ارتفاعها. والثانية هي الهاوية التي يعجز أيوب عن الوصول إلى عمقها. والشئ الثالث هو الأرض التي لا يصل أيوب إلى معرفة طولها، فالله أطول منها. والشئ الرابع هو البحر الذي لا يمكن إدراك عرضه، فالله أعرض منه.

وهذا الكلام الذي قاله صوفر صحيح واقتبسه بولس في كلامه عن محبة الله (أف3: 18، 9)، ولكن أيوب لم يقل عكسه وبسبب شدة ضيقه عبر عن آلامه. فهذا يبين أن صوفر لا يشعر بآلام أيوب ولم يتعاطف معه؛ ليلتمس له العذر، ولكن اتهمه بأنه تعامل مع الله ككائن محدود وأيوب لم يفعل هذا.

العدد 10

ع10:

بطش: تصرف بعنف وقسوة.

بعد أن أعلن صوفر لأيوب عدم محدودية الله، بين له في هذه الآية صفة ثانية في الله وهي سلطانه المطلق. فإن أمر الله بشئ لا يمكن أن يقف أمامه أحد، سواء تصرف بعنف وعاقب أحدًا عقوبة شديدة، أو أغلق عليه؛ أي وضعه في سجن، أو جب ومنعه من الحركة، أو جمع عددًا من الناس وألقى بهم إلى الهلاك؛ في كل هذه التصرفات لا يستطيع إنسان أن يرده عن أحكامه. وبالتالي يعاتب أيوب في أنه يراجع الله في حكمه عليه، مع أن أيوب متألم ومن حق المتألم أن يتأوه، أو يصرخ. فلماذا يا صوفر لم تتعاطف مع أيوب؟!

العدد 11

ع11:

الصفة الثالثة في الله التي يوضحها صوفر لأيوب أنه عالم بكل شيء، فيعرف الأشرار ويراقب ويدرك كل خطية تحدث على الأرض، سواء كانت في الخفاء، أو مستترة وراء فضيلة. ولكنه يطيل أناته على البشر؛ لعلهم يتوبون. فهو غير موافق على الشر ولكن يعطيهم فرصة للرجوع إليه. وهو بهذا يوبخ أيوب ويذكره بأن الله يعرف جميع شروره المخفية، والتي من أجلها استحق كل هذه النكبات.

العدد 12

ع12:

الفراء: الحمار الوحشي.

بعد أن أوضح صوفر صفات الله الثلاثة بين على الجانب الآخر صفات الإنسان وهي:

فارغ، أي باطل، فهو بدون الله لا شئ؛ لأن تميز الإنسان هو في روح الله التي فيه.

عديم الفهم، أي جاهل وغبى؛ لأن حكمته هي من الله، فإن انفصل عن الله بسبب شره، فقد فهمه وصار مثل أغبى الحيوانات، أي الجحش وهو ابن الحمار الوحشي، فهو غبى جدًا وعنيد في نفس الوقت.

بهذا يوبخ صوفر أيوب، فهذه الصفات تنطبق على أيوب، وبالتالي كيف يتجاسر ويجاوب الله؟!

† إن تأملك في الطبيعة التي خلقها الله لك يكشف لك عظمته، فتمجده وتشكره؛ لأنه خلق لك كل هذه المخلوقات.

(3) دعوة أيوب للتوبة (.

13 «إِنْ أَعْدَدْتَ أَنْتَ قَلْبَكَ، وَبَسَطْتَ إِلَيْهِ يَدَيْكَ. 14 إِنْ أَبْعَدْتَ الإِثْمَ الَّذِي فِي يَدِكَ، وَلاَ يَسْكُنُ الظُّلْمُ فِي خَيْمَتِكَ، 15 حِينَئِذٍ تَرْفَعُ وَجْهَكَ بِلاَ عَيْبٍ، وَتَكُونُ ثَابِتًا وَلاَ تَخَافُ. 16 لأَنَّكَ تَنْسَى الْمَشَقَّةَ. كَمِيَاهٍ عَبَرَتْ تَذْكُرُهَا. 17 وَفَوْقَ الظَّهِيرَةِ يَقُومُ حَظُّكَ. الظَّلاَمُ يَتَحَوَّلُ صَبَاحًا. 18 وَتَطْمَئِنُّ لأَنَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ. تَتَجَسَّسُ حَوْلَكَ وَتَضْطَجِعُ آمِنًا. 19 وَتَرْبِضُ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُ، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى وَجْهِكَ كَثِيرُونَ. 20 أَمَّا عُيُونُ الأَشْرَارِ فَتَتْلَفُ، وَمَنَاصُهُمْ يَبِيدُ، وَرَجَاؤُهُمْ تَسْلِيمُ النَّفْسِ».

الأعداد 13-14

ع13:

بعد أن أوضح صوفر عظمة الله وشر الإنسان، ويقصد أيوب، دعاه للتوبة وقدم له خطوات محددة للتوبة السليمة، بدأها في هذه الآية وهي:

أعددت أنت قلبك، وإعداد القلب هو محاسبة النفس لمعرفة الخطايا والنية لتركها وطلب الغفران من الله.

بسطت إليه يديك، أي وقفت في الصلاة وطلبت غفرانه عن كل خطاياك.

أبعدت الإثم الذي في يدك، أي ترك الخطية التي يعملها وإيقافها والانفصال عنها والابتعاد عن مصادرها كدليل على التوبة.

لا يسكن الظلم في خيمتك، لا يكتفى الإنسان برفض الخطية ولكن يتابع نفسه؛ حتى إذا عاد للخطية بضعفه يرفضها مرة ثانية وثالثة. أي لا تستقر الخطية أو الظلم في بيته. وإن ترك فعل الخطية يهتم أيضًا ألا تظل في خيمته، أي في قلبه داخل بيته.

رغم أن هذه الخطوات صحيحة وجيدة جدًا للتوبة، ولكن صوفر يتهم ضمنيًا أيوب بأنه لم يفعلها وهذا غير صحيح، فأيوب كان يحاسب نفسه ويصلى ويبتعد عن الخطية ويهتم بنقاوة أولاده، فيقدم محرقات عنهم. فكان هو وكل بيته في نقاوة. وكان حريصًا أن ينقى نفسه وأهله من كل شيء، بالإضافة إلى أن صوفر يدعو أيوب أن يترك الإثم الذي في يده ولا يسكن الظلم في خيمته، مع أن أيوب ملقى على الأرض بأمراض وأوجاع ناتجة عنها شديدة جدًا، فليس له فرصة - حتى لو أحب الإثم - أن يفعله فهو منتهى عدم الإحساس من صوفر لأيوب.

العدد 15

ع15:

أعلن صوفر لأيوب أنه إن سار في خطوات التوبة الأربعة السابقة، سينال بركات كثيرة أهمها:

ترفع وجهك بلا خوف: أي تنال نعمة وقوة من الله وتستعيد كرامتك التي أفقدتك إياها الخطية.

تكون ثابتًا ولا تخاف: أي تنال بركة ثانية وهي الطمأنينة والاستقرار والثبات في القلب، فلا تخاف من أحد وتستطيع أن تنطلق في حياتك بحرية.

العدد 16

ع16:

يواصل صوفر سرد بركات التوبة، فيقول:

تنسى المشقة، أي تنال تعزيات وراحة وفرح داخلي، أما متاعب الخطية وكل اضطراب ينتج عنها يتحول إلى ذكرى في خيالك وليس لها أثر في الواقع، مثل مياه عبرت في قناة وجفت هذه القناة ولم يعد هناك أثر لهذه المياه.

العدد 17

ع17:

ويضيف صوفر إلى بركات التوبة بركة جديدة هى:

فوق الظهيرة يقوم حظك: إن كانت الشمس في الظهيرة تكون في كمال قوتها وإضاءتها للأرض، هكذا تكون أنت مشرقًا أكثر من الشمس وتدوم في إشراقك مدة أطول مما تدوم الشمس في الظهيرة، بل كل ما كنت تعانيه من ظلمة الخطية يتحول إلى نور مثل نور الصباح، فتكون في فرح.

العدد 18

ع18:

يتابع صوفر كلامه عن بركات التوبة فيقول:

تطمئن لأنه يوجد رجاء: فبعد أن كنت ترى الهلاك ينتظرك وأنت في الخطية، ترى أمامك رجاء في حياة سعيدة مع الله، فيعطى قلبك طمأنينة حقيقية.

تتجسس حولك وتضطجع آمنًا: اعتاد الناس الساكنين في الخيام أن يدوروا حول المنطقة المحيطة بخيامهم، ليتأكدوا من عدم وجود عدو مختفى يريد مهاجمتهم ليلًا، أو حيوان مختبئ في هدوء يمكن أن يؤذيهم؛ مثل ثعبان أو عقرب، فيضربه ويتخلص منه، ثم بعد هذا يستطيع أن ينام في خيمته مطمئنًا. هكذا التائب يكون قويًا فيستطيع التخلص مما يؤذيه ويتمتع بنعمة النوم الهادئ. فالتائب لا يتراخى بعد توبته، بل يظل منتبهًا محترسًا من أعدائه ويعمل في يقظة روحية؛ ليتمتع بالأمان والراحة.

العدد 19

ع19:

تربض: تستقر وتبيت.

يستكمل صوفر كلامه عن بركات التوبة، فيقول في النهاية:

تربض وليس من يزعج: أي تستقر في حياتك ويبتعد عنك كل من يزعجك من الأشرار، أي يعطيك الله راحة في حياتك فتعمل بهدوء وتنام مطمئنًا، ولا يوجد من يعاديك، أو يطاردك.

يتضرع إلى وجهك كثيرون: فيصير لك نعمة في أعين الآخرين، فيحبونك ويترجون رضاك وتصبح أنت المعين والمرشد والمساند لمن حولك. أي تكون لك مكانة ومركز عظيم وغنى وقوة تجعل الناس يلتجئون إليك.

العدد 20

ع20:

ختم صوفر حديثه بأن من لا يتوب يتعرض لما يلي:

عيون الأشرار تتلف: أي تفقد قدرتها على الرؤية، فلا يستطيع غير التائب أن يميز بين المستقيم وغير المستقيم، فيزداد سقوطه في شرور كثيرة.

رجاؤه بتسليم النفس: لا يعود هناك رجاء لغير التائب، بل كل ما يتمناه من كثرة يأسه أن يسلم حياته أي يموت. ولعله بهذا يشير إلى أيوب الذي طلب الموت من يأسه وعدم توبته. وهذا يبين استمرار صوفر في قسوة كلامه مع أيوب المتألم.

† إن بركات التوبة كثيرة، فلماذا تتوانى عن الرجوع إلى الله مهما كانت خطاياك. لا تتهاون مع الخطية، أو تعجب بلذتها فهي قاتلة ستهلكك، بل أسرع إلى الله الذي يحبك ويريد أن يعيد إليك كرامتك وراحتك وفرحك.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

اَلأَصْحَاحُ الثَّانِي عَشَرَ - سفر أيوب - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح العاشر - سفر أيوب - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر أيوب الأصحاح 11
تفاسير سفر أيوب الأصحاح 11