الأصحاح العاشر – سفر أيوب – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر أيوب – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ العَاشِرُ

أيوب يشكو ويستدر عطف الله.

1 «قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي 2 قَائِلًا للهِ: لاَ تَسْتَذْنِبْنِي. فَهِّمْنِي لِمَاذَا تُخَاصِمُنِي! 3 أَحَسَنٌ عِنْدَكَ أَنْ تَظْلِمَ، أَنْ تُرْذِلَ عَمَلَ يَدَيْكَ، وَتُشْرِقَ عَلَى مَشُورَةِ الأَشْرَارِ؟ 4 أَلَكَ عَيْنَا بَشَرٍ، أَمْ كَنَظَرِ الإِنْسَانِ تَنْظُرُ؟ 5 أَأَيَّامُكَ كَأَيَّامِ الإِنْسَانِ، أَمْ سِنُوكَ كَأَيَّامِ الرَّجُلِ، 6 حَتَّى تَبْحَثَ عَنْ إِثْمِي وَتُفَتِّشَ عَلَى خَطِيَّتِي؟ 7 فِي عِلْمِكَ أَنِّي لَسْتُ مُذْنِبًا، وَلاَ مُنْقِذَ مِنْ يَدِكَ.

الأعداد 1-2

ع1 - 2:

:

أسيب شكواى: أطلق وأقدم وأعرض شكواى.

قسوة الضيقات أثرت على أيوب لما يلي:

سقط في اليأس حتى كره حياته.

دفعته للشكوى إلى الله؛ لعل هذا يخفف من الضغوط الداخلية في نفسه.

يتكلم في شكواه بحزن ومرارة شديدتين، فيطلب من الله أن يلتمس له العذر؛ لأنه مر النفس.

طلب من الله ألا يتهمه بالذنب، فهو يستدر مراحم الله، ليعلن براءته ولا يتهمه باطلًا مثل أصدقائه.

ترجى الله ألا يصير خصمًا له، بل يطلب رحمته.

طلب من الله أن يشرح له خطاياه ويعرفه ما سبب كل هذه الضيقات.

وفى هاتين الآيتين يظهر اختلاط اليأس مع الاتضاع في كلام أيوب مع الله.

العدد 3

ع3:

يعاتب أيوب الله لأنه سمح بهذه الضربات والضيقات له. ومن كثرتها شعر كل الناس أنه مخطئ أكثر من جميع البشر، فيقول لله لماذا ظلمتنى بكثرة الضيقات؟ ومن ناحية أخرى باركت الأشرار، أي أشرقت عليهم، أما أنا فقد وضعتنى في ظلمة الضيقة. وتعبير "تظلم" و "تشرق" هو تعبير مجازى عن الضيقة والراحة.

ولكن أيوب رغم عتابه يشعر ببنوته لله، فيقول له إنى عمل يديك، فلماذا ترذلنى وتبارك الأشرار الذين لا تحب شرورهم.

الأعداد 4-6

ع4 - 6:

:

يستمر أيوب في عتابه لله فيقول له، هل عينيك مثل عيون البشر؟ أي محدودة وقاصرة، بالطبع لا. فأنت فاحص القلوب والكلى وتعرف قلبى أنى أسلك بالبر. فلماذا تعاقبنى بهذه التجارب الشديدة؟ إن عيون البشر وفهمهم المحدود يجعلهم يلجأون إلى تعذيب المتهمين؛ لعلهم يعترفون بخطاياهم. أما أنت فتعرف جيدًا أنى لست مذنبًا أكثر من كل الناس، فلماذا تتركز فىَّ كل هذه الضيقات؟

من ناحية أخرى يقول لله، هل أيامك وسنو حياتك محدودة مثل البشر الذين يسرعون إلى تعذيب المتهمين؛ ليصلوا إلى كشف الحقيقة؟ أما أنت فلا نهاية لك. فلماذا تسرع إلى تعذيبى بكل هذه الضيقات؟

والحقيقة أن أيوب من قسوة الضيقة تجاوز في كلامه مع الله. والله ليس ظالمًا ولكنه قصور العقل البشرى الذي لأيوب جعله يقول هذا. والله يعرف أن أيوب بارًا أكثر من غيره ولكنه أيضًا يشعر ببره الذاتي. ولأن الله يحبه سمح بهذه الضيقات؛ ليتوب أيوب عنها، ثم يباركه أكثر من كل من حوله؛ لأنه بار وتجاوب مع الله.

إن أيوب يؤمن بالله وبحكمته التي تفوق البشر، ولكن ضغط الضيقات عليه جعله غير محتمل، وغير فاهم لحكمة الله، فتكلم بهذه الكلمات. وشعر أنه أحقر من أن يهتم الله بالبحث عن خطاياه.

العدد 7

ع7:

يصل أيوب إلى قمة اتهامه لله بالظلم، فيقول له أنت تعرف جيدًا أنى لست مذنبًا، أي أنى بار، ولكن مع هذا أنت مصر على تعذيبى بالضيقات، وفى نفس الوقت لا يستطيع أحد أن ينقذنى من يدك؛ لأن لك السلطان الكامل على كل المخلوقات.

† لا تسرع إلى التذمر عندما تقع في ضيقة، بل افحص نفسك واطلب معونة الروح القدس ليكشف لك خطاياك ويساندك فتخرج مستفيدًا من التجربة.

(2) طلب رحمة الله (.

ع8 «يَدَاكَ كَوَّنَتَانِي وَصَنَعَتَانِي كُلِّي جَمِيعًا، أَفَتَبْتَلِعُنِي؟ 9 اُذْكُرْ أَنَّكَ جَبَلْتَنِي كَالطِّينِ، أَفَتُعِيدُنِي إِلَى التُّرَابِ؟ 10 أَلَمْ تَصُبَّنِي كَاللَّبَنِ، وَخَثَّرْتَنِي كَالْجُبْنِ؟ 11 كَسَوْتَنِي جِلْدًا وَلَحْمًا، فَنَسَجْتَنِي بِعِظَامٍ وَعَصَبٍ. 12 مَنَحْتَنِي حَيَاةً وَرَحْمَةً، وَحَفِظَتْ عِنَايَتُكَ رُوحِي. 13 لكِنَّكَ كَتَمْتَ هذِهِ فِي قَلْبِكَ. عَلِمْتُ أَنَّ هذَا عِنْدَكَ: 14 إِنْ أَخْطَأْتُ تُلاَحِظُنِي وَلاَ تُبْرِئُنِي مِنْ إِثْمِي. 15 إِنْ أَذْنَبْتُ فَوَيْلٌ لِي، وَإِنْ تَبَرَّرْتُ لاَ أَرْفَعُ رَأْسِي. إِنِّي شَبْعَانُ هَوَانًا وَنَاظِرٌ مَذَلَّتِي. 16 وَإِنِ ارْتَفَعَ تَصْطَادُنِي كَأَسَدٍ، ثُمَّ تَعُودُ وَتَتَجَبَّرُ عَلَيَّ. 17 تُجَدِّدُ شُهُودَكَ تُجَاهِي، وَتَزِيدُ غَضَبَكَ عَلَيَّ. نُوبٌ وَجَيْشٌ ضِدِّي.

الأعداد 8-13

ع8 - 13:

خثرتني: كلمة "خثر" تطلق على اللبن إذا تجمد وصار كتلًا، أي تجبن.

يعاتب أيوب الله وفى نفس الوقت يستدر مراحمه، فيقول له أنك خلقتنى وكونت كل أعضائى من الطين. وكونتنى كما يتكون الجبن الصلب من اللبن السائل. ويواصل أيوب كلامه ويقول لله أنك كونتنى من لحم وجلد وعظام وأعصاب بكل دقة. ثم منحتنى الروح والحياة. أبعد كل هذا تبتلعنى بالضيقات التي لا تحتمل! وإن كنت قد كونتنى من الطين أتعيدنى إليه؟ لماذا لا تشفق علىَّ وترحمنى أنا المسكين؛ لأنى صنعة يديك. فكيف تصنع شيئًا جميلًا ثم تحطمه؟!

العتاب الشديد يظهر في (ع13) عندما يقول أيوب لله إنك كتمت في قلبك ضيقات كثيرة تريد أن تعاقبنى بها، والآن قد ضربتنى بها وحطمتنى، فلماذا كل هذا؟ ألست أنا صنعة يديك فارحمنى. وقول أيوب لله "علمت أن هذا عندك" بمعنى أنك أخفيت كل هذا الشر في قلبك لتعاقبنى به. وهكذا فشل أيوب في فهم مراحم الله وعطاياه أيام الغنى، ثم حلول الضيقات به، أي أنه عاجز عن تفسير سبب هذه الضيقات؛ لذا فهو في حيرة شديدة وإحساس بالظلم.

الأعداد 14-17

ع14 - 17:

:

نوب: نوبات متتابعة، أي تأتى التجارب متلاحقة عليه.

يعاتب أيوب الله هنا أنه يراقبه ليتصيد أخطاءه وليس بغرض الاعتناء به. ويقول لله، ما دمت تجربنى بالضيقات، فأنت ضدى ولست رحيمًا بى. فإن أخطأت مثل باقي البشر، فالويل لى من عقوبتك وإن كنت بارًا لا ترضى عنى ولا ترفع رأسى وأظل مذنبًا في نظرك. فأيوب يشعر بكثرة الإهانات والتجارب التي أتت عليه ويرى نفسه في ذل شديد.

وإن صرت بارًا وعظيمًا مثل الأسد ملك الغابة فأنك يا رب تصطادنى بشبكتك وتظهر جبروتك وقوتك في إذلالى. ثم تجدد شهودك علىَّ، وهي هذه التجارب التي فوقى، فهي تشهد أنك مازلت غاضبًا علىّ.

ثم يقول في النهاية إنك لا تهدأ من معاقبتى بتجارب متلاحقة كأنى في حرب ويهجم علىّ جيش تلو الآخر.

هذا يبين مدى معاناة أيوب واتهامه الله بالظلم والقسوة.

† إذا كنت تعانى من التذمر الداخلي فحاول أن تمسك لسانك حتى لا تخطئ بشفتيك ويكفيك أنك سقطت في الفكر الشرير، وبمعونة الله تستعيد هدوءك وتتوب، فلا تزيد خطيتك ولا تعثر غيرك.

(3) طلب الموت (.

18 «فَلِمَاذَا أَخْرَجْتَنِي مِنَ الرَّحِمِ؟ كُنْتُ قَدْ أَسْلَمْتُ الرُّوحَ وَلَمْ تَرَنِي عَيْنٌ! 19 فَكُنْتُ كَأَنِّي لَمْ أَكُنْ، فَأُقَادَ مِنَ الرَّحِمِ إِلَى الْقَبْرِ. 20 أَلَيْسَتْ أَيَّامِي قَلِيلَةً؟ اتْرُكْ! كُفَّ عَنِّي فَأَتَبَلَّجَ قَلِيلًا، 21 قَبْلَ أَنْ أَذْهَبَ وَلاَ أَعُودَ. إِلَى أَرْضِ ظُلْمَةٍ وَظِلِّ الْمَوْتِ، 22 أَرْضِ ظَلاَمٍ مِثْلِ دُجَى ظِلِّ الْمَوْتِ وَبِلاَ تَرْتِيبٍ، وَإِشْرَاقُهَا كَالدُّجَى».

الأعداد 18-22

ع18 - 22:

:

اتبلج: أستريح وابتسم.

الدجى: سواد الليل.

وصل أيوب إلى قمة ضيقه في عتابه لله، فقال له لماذا ولدت وخرجت من بطن أمى؟ كان الأفضل لى أن أموت كجنين ولا أخرج للحياة؛ لأرى كل هذا العذاب. وهذا يعبر عن مدى معاناة أيوب ويأسه الشديدين.

ثم يطلب من الله أنه وإن كان الله تركه يعيش وتسقط عليه كل هذه التجارب، فليوقف الله الآن نكباته عنه؛ ليستريح ويبتسم ولو قليلًا، قبل أن يموت ويدخل في ظلام القبر والحياة الأخرى التي لا يعلم عنها أحد شيئًا. فهي في نظر القدماء ظلام مستمر، بل ظلام شديد مثل الدجى ويقصد الجحيم، حيث تحجز نفوس كل الأبرار والأشرار؛ لأن أبواب الفردوس لم تفتح؛ حيث أن المسيح لم يتمم الفداء بعد.

† إن معاناة الألم صعبة، فإذا حلت بك آلام فتب عن خطاياك واطلب معونة الله، واثقًا أن كل الأشياء تعمل معًا للخير، وسيسندك في كل آلامك ويرفعها عنك في الوقت المناسب؛ لأنه أب حنون لن يتركك، كما يوهمك الشيطان.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الحادي عشر - سفر أيوب - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح التاسع - سفر أيوب - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر أيوب الأصحاح 10
تفاسير سفر أيوب الأصحاح 10