الأصحاح الثاني والعشرون – سفر صموئيل الثاني – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر صموئيل الثاني – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثانى والعشرون

نشيد النصرة.

هذا النشيد الذى يأتى هنا فى نهاية حياة داود نجده أنه هو نفسه كلمات المزمور (18). وفى مقدمة المزمور (18) نجد أن داود كتب هذا المزمور فى اليوم الذى أنقذه فيه الرب من أيدى كل أعدائه ومن يد شاول. ونجد نفس الكلمات بعينها فى آية (1) هنا. ولنلاحظ أن داود كتب مزمور (18) وهو فى قمة إنتصاراته ومجده قبل أن يسقط. ونجده فى نهاية حياته يرتل نفس المزمور بنفس الكلمات وهذا بعد أن سقط وأخطأ وتاب. أو ليست هذه هى قصة الخلاص. فلقد خلق الله الإنسان فى مجد وسقط الإنسان، وجاء المسيح ليعيده للمجد. والمعنى أن توبة داود أعادته لسابق مجده، وجعلته يرتل نفس الكلمات. فالله الذى أعانهُ فقتل جليات هو نفسه الذى أعانه فتاب "توبنى يا رب فأتوب" (إر31: 18). وهو الذى قبل توبته وأعاده لنفس رتبته. ألم يقل الأباء أن "التوبة تحول الزانى إلى بتول". والتوبة = إكتسبت قوتها من دم المسيح الذى يطهرنا من كل خطية (1يو7: 1). ولذلك نجد فى كلمات مز (18) أن داود يكلمنا عن بره وطهارة يده وحفظه طريق الرب وكماله لدى الرب. فكيف يعود فى نهاية حياته بعد سقطة أوريا ويتحدث بنفس الكلمات هنا؟ السبب فى التوبة التى مسحت خطاياه. ألم يقل لهُ الرب على لسان ناثان النبى الرب قد نقل عنك خطيتك. لا تموت. والسؤال إلى أين نقل الرب خطية داود؟ أليس إلى المسيح الذى حمل أثامنا (إش53: 4 - 6). وأليس هذا هو خلاص المسيح الذى شعر بِهِ داود فرتل نفس المزمور فى نهاية حياته. داود فى قمة مجده كان فى ثوب بر أبيض وهو فى مزمور (18) يزهو بثوب بره الأبيض. وفى هذا النشيد يذكر كيف سَوَّدَ ولَطَّخَ هذا الثوب الأبيض بخطاياه، وكيف أن المسيح بدمِهِ غسل له ثوبه وبيضه فى دم الخروف (رؤ14: 7). وإذا بثوبه يعود أبيضاً كالأول فعاد يزهو ببره وبثوب بره الأبيض الذى بيَّضه لهُ المسيح، عاد هنا ليفتخر بما عملهُ المسيح وبقوة ذراعه وقوة خلاصه (2كو21: 5). فهذا النشيد كان لابد أن يأتى هنا فهو يشير لعمل المسيح الخلاصى. وعلى خلاص المسيح نظل نرتل ونسبح كل العمر وإلى آخر لحظة كما يسبح داود هنا حتى آخر يوم فى حياته. هذا نشيد الكنيسة المنتصرة بالمسيح قائد موكبها الغالب.

العدد 1

آية (1): -

"1 وَكَلَّمَ دَاوُدُ الرَّبَّ بِكَلاَمِ هذَا النَّشِيدِ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَنْقَذَهُ فِيهِ الرَّبُّ مِنْ أَيْدِي كُلِّ أَعْدَائِهِ وَمِنْ يَدِ شَاوُلَ،".

هى نفس مقدمة مزمور (18). مِنْ أَيْدِي كُلِّ أَعْدَائِهِ = فى مز (18) كان أعدائِه هم شاول والفلسطينيين وغيرهم من الشعوب. أمّا الآن فهو رأى أعداءً جُدد لم يكن يعرفهم من قبل مثل إبليس عدو الخير / الذات / الشهوة الكامنة فى الأعضاء.... إلخ والله يخلص من كل هذه.

الأعداد 2-4

الآيات (2 - 4): -

"2فَقَالَ: «اَلرَّبُّ صَخْرَتِي وَحِصْنِي وَمُنْقِذِي، 3إِلهُ صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي. مَلْجَإِي وَمَنَاصِي. مُخَلِّصِي، مِنَ الظُّلْمِ تُخَلِّصُنِي. 4أَدْعُو الرَّبَّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي.".

اَلرَّبُّ صَخْرَتِي = هو يدرك ضعفه ويدرك قوة الله العجيبة العاملة فى ضعفه فتهبه قداسة وإنتصار على الشر. لذلك يسبح الله على ما أعطاه الله لهُ من قوة. إِلهُ صَخْرَتِي = إلهى صخرتى أرتفع عليه فلا تطولنى الحية التى تسعى لإبتلاعى. أعتمد عليه فهو راسخ وثابت، وفيه أحتمى من العواصف أى التجارب. فبالرغم من كل قوة داود العسكرية كان يشعر أن قوته هى فى أن الله يسنده.

أَدْعُو الرَّبَّ = هو قالها بصيغة المضارع وليس بصيغة الماضى أى لم يقل دعوت، فهو يدعوه بإستمرار ويصلى بلا إنقطاع (1تس17: 5).

وفيما يأتى نرى المسيح الذى أنقذ الإنسان من الموت، هو صخرة خلاص الإنسان ومنقذه بقوة من كل أثار الخطية. فالله حقا ثار وغضب بسبب كسر وصاياه بالخطية لكنه أيضا ثار بسبب موت الإنسان الذى أحبه فخلقه ليحيا أبديا، ولكن بحيلة إبليس هلك الإنسان ومات. ولنرى تسلسل أفكار المزمور وقصة الخلاص: -.

الآيات 1 – 4: المسيح المخلص والمنقذ.

الآيات 5 – 7: ماذا كان حال الإنسان قبل المسيح؟ هلاك وموت.

الآيات 8 – 16: عمل المسيح الفدائى وإنتشار معرفة الرب فى كل المسكونة.

الآيات 17 – 20: فرحة داود بل وفرحة كل البشر بخلاص المسيح وأنه يسندنا.

الآيات 21 – 25: المسيح تمم الخلاص وبررنا ولكنه يطلب أن نحيا فى التوبة.

الآيات 26 – 28: المسيح الديان يكافئ البار التائب ويجازى الخاطئ المتكبر.

الآية 29: المسيح نور يهدى ويقود فى الطريق.

الآيات 30 – 43: الجهاد ضد الخطية فنحن فى حرب روحية لكن المسيح يقوينا.

الآيات 44 – 51: تسبحة للرب المخلص الذى يرفع رؤوسنا أمام أعداءنا.

الأعداد 5-7

الآيات (5 - 7): -

"5لأَنَّ أَمْوَاجَ الْمَوْتِ اكْتَنَفَتْنِي. سُيُولُ الْهَلاَكِ أَفْزَعَتْنِي. 6حِبَالُ الْهَاوِيَةِ أَحَاطَتْ بِي. شُرُكُ الْمَوْتِ أَصَابَتْنِي. 7فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ، وَإِلَى إِلهِي صَرَخْتُ، فَسَمِعَ مِنْ هَيْكَلِهِ صَوْتِي، وَصُرَاخِي دَخَلَ أُذُنَيْهِ.".

نجد أن الله فى محبته لداود لا ينزع عنه مقاومة الأعداء لهُ، وإنما على العكس يتركهُ لتحل به الضيقات من كل جانب حتى يكاد الموت يحاصره مثل المياه حينما تحيط بشخص يغرق وكمن حاصرته الأمواج وحطمت طاقاته وكمن جرفته السيول لتنحدر به إلى هاوية بلا نهاية. وكانت المشاكل كجبال حولهُ أغلقت أمامه طرق الخلاص وصار كفريسة فى شباك = شرك العدو. لكنه لم ييأس بل فِي ضِيقِي دَعَوْتُ الرَّبَّ والرب إستجاب وتجلى لهُ الله كواهب حياة وقيامة. وهذا ينطبق على: -.

1 - الإنسان فى أى تجربة تعصف به فى حياته (مرض / فشل...).

2 - الإنسان فى حروبه الروحية فهى أيضاً كجبال تحيط به.

3 - الإنسان قبل خلاص المسيح وهو فى حالة حُكم إلهى صادر ضده بالموت فإلى أين يذهب. لقد تلمس داود حب الله الفائق وتعرّف على الله أكثر خلال الضيقات لذلك يقول المرنم فى المزمور "إدعنى فى وقت الضيق أنقذك فتمجدنى" (مز50: 15)، ويقول القديس يعقوب "إفرحوا فى التجارب" (2: 1). والله يسمح بهذه الضيقات لتنقية الإنسان. ونرى فى هذه الآيات صورة لما عانى منه الإنسان نتيجة الخطية، موت وضيقات وألام وفزع يصل بالإنسان للصراخ، والله إستمع لصراخ الإنسان، وهذا ما سنراه فيما يلى.

الأعداد 8-16

الآيات (8 - 16): -

"8فَارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَشَتْ. أُسُسُ السَّمَاوَاتِ ارْتَعَدَتْ وَارْتَجَّتْ، لأَنَّهُ غَضِبَ. 9صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ، وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ. جَمْرٌ اشْتَعَلَتْ مِنْهُ. 10طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ، وَضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. 11رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ، وَطَارَ وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ. 12جَعَلَ الظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مِظَلاَّتٍ، مِيَاهًا حَاشِكَةً وَظَلاَمَ الْغَمَامِ. 13مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ اشْتَعَلَتْ جَمْرُ نَارٍ. 14أَرْعَدَ الرَّبُّ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَالْعَلِيُّ أَعْطَى صَوْتَهُ. 15أَرْسَلَ سِهَامًا فَشَتَّتَهُمْ، بَرْقًا فَأَزْعَجَهُمْ. 16فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْبَحْرِ، وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ مِنْ زَجْرِ الرَّبِّ، مِنْ نَسْمَةِ رِيحِ أَنْفِهِ.".

لقد رأى داود الله، ويدهُ القوية خلال التجارب، بل بروح النبوة إمتدَّ نظر داود ليرى ما حلَّ بالإنسان بحسد إبليس، ورأى نتائج غضب الله بسبب الخطية، واللعنة التى أصابت الأرض بسببها، وكان ما أغضب الله أيضا موت الإنسان الذى أحبه الله فخلقه ليحيا معه حياة أبدية. وإمتدت نظرة داود النبوية إلى عمل المسيح الفدائى لينقذ البشر من الموت، وكيف نزل الله الكلمة بذاته من السماء وتجسد ليعلن حبه النارى نحو البشر، الأمر الذى أدهش المسكونة كلها، السماء والأرض. ارْتَجَّتِ الأَرْضُ... لأَنَّهُ غَضِبَ = لقد غضب الله بسبب الخطية وغضب الله لما فعلته الخطية بحياة الإنسان وبطبيعته. ولنرى نتائج غضب الله على الخطية، فلقد غضب الله على داود بسبب خطيته فلم يفارق السيف بيته، وغضب على سدوم وعمورة فإحترقا بنار وكبريت، وغضب على محاولة عزيا إغتصاب الكهنوت فحدثت زلزلة رهيبة. لكن غضب الله على ما حدث من دمار للإنسان الذى خلقه، جعله يتجسد ويصلب لينقذ الإنسان حبا فى الإنسان. وعملهُ هذا أدهش المسكونة فارْتَجَّتِ الأَرْضُ وَارْتَعَدتْ السَّمَاوَاتِ أمام هذا الحب الفائق الذى ظهر فى التجسد "عظيم هو سر التقوى، الله ظهر فى الجسد".

  • طَأْطَأَ = bow down = أحنى السموات أى أتى بالحياة السماوية على الأرض. فالمسيح جعل بنزوله على الأرض، جعل الأرض سماء. فحيثما يوجد المسيح تكون السماء. جعلها تنحنى لتتلامس مع الأرض. طَأْطَأَ السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ = هو نزول المسيح البار القدوس إلى ضعف البشر. فصارت سيرتنا هى فى السموات (فى3: 20) وسيرتنا هنا تعنى جنسيتنا أو مواطنتنا.

فارْتَجَّتِ الأَرْضُ = وعند الصلب نجد أن هذا قد حدث فعلاً فالأرض تزلزلت والصخور تشققت والقبور تفتحت (مت27: 51، 52). وكم من ممالك إهتزت أمام المسيحية وهاجت ضد المؤمنين، وفى النهاية سقطت هذه الممالك وسجدت للمسيح (الرومان). وإرتعدت السماوات = أولا إرتعدت من غضب الله، ثم إرتعدت حينما رأت ما فعله البشر بإبن الله إذ رفضوه وصلبوه.

ولقد كان التجسد سر عجيب لم يستطع أحد أن يفهمه = ضَبَابٌ تَحْتَ رِجْلَيْهِ. وكان هذا الضباب كثيفاً جداً فى العهد القديم. ولم يستطع أحد أن يدرك سر حب الله إلاّ بعد أن أشرق نور الصليب وأشرق هو بنوره فينا. صَعِدَ دُخَانٌ مِنْ أَنْفِهِ = علامة الغضب. وَنَارٌ مِنْ فَمِهِ أَكَلَتْ = الله فى غضبه يكون نار آكلة تأكل مقاوميه كما حدث فى سدوم وكما خرجت نار أكلت إبنى هرون (لا10: 1، 2) والنار التى أكلت الخمسين رجل مرتين أيام إيليا. ولكن الله فى محبته يكون نار تحرق لنا عدو الخير وسور نار ليحمينا منهُ (زك5: 2). وهو نار تشعل قلوبنا محبة وغيرة بعد أن تحرق أشواك الخطية فينا.

وآية (12) مِظَلاَّتٍ = هى الظلمة. مِيَاهًا حَاشِكَةً = الغمام (السحاب) الكثير المياه فيصير مظلما. فالمرتل هنا يشرح أن الله كمن إحتجب وراء غمام ثقيل فما عدنا ندركه أو نعرفه. وهذا نفس ما ردده إشعياء "حقا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل المخلص" (إش45: 15) لأنه فى محبته يخشى لئلا نموت إذا رأيناه "لا يرانى الإنسان ويعيش".

مِنَ الشُّعَاعِ قُدَّامَهُ اشْتَعَلَ = إذا كان الله قد أحاط نفسه بضباب وسحاب حتى لا نراه خوفا علينا، لكنه هو مشتاق أن يعلن نفسه لنا، وكان التجسد الذى رأينا فيه المسيح، ومن يرى المسيح يكون قد رأى الآب (يو14: 9). فالمسيح إستعلن لنا الآب "الإبن الوحيد الذى هو فى حضن الآب هو خبَّر" (يو1: 18). وكان المسيح هو الشعاع كان هو نور يخرج من مصدر للنور، فالشمس ترسل أشعتها للأرض، وبهذا نفهم أن المسيح إبن الله المتجسد هو الشعاع الذى رأيناه على الأرض، فأعلن لنا نور الآب، فالمسيح هو نور من نور، وإله حق من إله حق. وهكذا عبَّرَ حبقوق النبى عن المسيح وأنه شعاع خارج من يد الله "وكان لمعان كالنور. له من يده شعاع وهناك استتار قدرته" فالمسيح ظهر لنا بجسد بشرى ولكن أخفى فيه مجد لاهوته (حب3: 4).

وبعد أن أنهى المسيح عمله الفدائى صعد إلى السماء = رَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ وَطَارَ. ثم أرسل لنا الروح القدس النارى = من الشعاع قدامه إشتعلت جمر نار. ورمزياً فالروح القدس الذى أرسلهُ لنا المسيح يُشَبَّه بالمطر الذى ينزل من السماء، ويشبه بالنار التى تلهب القلوب حباً. وبهذا نفهم أن جمر النار هم المؤمنين الذين أشعلهم الروح القدس غيرة ومحبة لله. لذلك ففى صلاة السجدة يوم الخمسين المقدسة، يوم حلول الروح القدس نضع إناء به فحم كثير مشتعل رمزا للمؤمنين الذين أشعلهم الروح القدس، أما الجمر الذى فى المجمرة فى يد الكاهن فهو يشير للمسيح يسوع الذى فى بطن العذراء المتحد لاهوته مع ناسوته. والروح القدس يفتح حواسنا الروحية على أسرار السماء = فظهرت أعماق... = ظهر لنا أسرار ما كنا نعرفها.

وفى (16) فَظَهَرَتْ أَعْمَاقُ الْبَحْرِ = والآية يمكن ترجمتها هكذا فظهرت مجارى المياه (راجع الكتاب المقدس بالشواهد). وَانْكَشَفَتْ أُسُسُ الْمَسْكُونَةِ = بتجسد المسيح ظهرت المحبة التى أسس الله عليها المسكونة، المحبة التى جعلت الله يخلق العالم ويعطى حياة. وظهرت مجارى المياه أى ظهر لنا كيف نحصل على الروح القدس أى بتجسد المسيح. لقد فتح الروح القدس أعيننا فرأينا أسرار الحب الإلهى لنا.

تأمل روحى: - عمل المسيح يهز كل كياننا ويجدد طبيعتنا ويزلزلها. الجسد = (الأرض) والنفس = (السماء). فالجسد الشهوانى تجده يصلب نفسه أهواءه وشهواته كذبيحة حية، والنفس تتزلزل بسكنى الروح القدس فيها فنصير خليقة جديدة (2كو5: 17).

ورَكِبَ عَلَى كَرُوبٍ لأن عرش الله على مركبة كاروبيمية (راجع حز 1). وإذا كان كاروب يعنى معرفة، فيكون المعنى أن الله تمجد فوق كمال المعرفة، وتعنى أيضاً أن الله يرتاح فى من يعرفه. وَرُئِيَ عَلَى أَجْنِحَةِ الرِّيحِ = أى كان خلاصه وعملهُ سريعاً جداً، وأصبح عمل المسيح الفدائى معروفا فى كل العالم بسرعة وآمن به العالم، ولكن كيف؟ الإجابة.

أرْسَلَ سِهَامًا فَشَتَّتَهُمْ، بَرْقًا فَأَزْعَجَهُمْ = أرسل التلاميذ والرسل والإنجيليين إلى العالم كله كسهام وكبروق فى قوتهم وفى العجائب التى عملوها. ولاحظ البروق هى = إشارة للوعود بالمجد للمؤمنين، فبعد البرق يأتى المطر، والمطر خير لكل الناس. وهذه الوعود هى التى جعلت الناس لا ينخدعون بإغراءات الخطية التى هى سلاح إبليس. أما السهام فهى سلاح هجومى للقتل، وكانت كلمات الرسل كسهام نارية تحرق الشياطين.

فإنزعجت ممالك إبليس = فأزعجهم حين دخل الإيمان للعالم كله. وبإختصار فكلمة الله يطأطئ السموات بتجسده لينزل إلينا مشرقاً كشمس البر على الجالسين فى الظلمة، أمامهُ يرتعد كل ما هو زمنى فينا، فتتقدس سمواتنا الداخلية (نفس) وأرضنا (جسد) ويبدد ظلمة الجهل التى كانت فينا. وأعطانا معرفة فصرنا هياكل لله والروح القدس وصرنا كمركبة كاروبيمية. وهو ركب على السحاب كما على كاروب وصعد ليحملنا إليه ويجلسنا معهُ فى السماويات. فكل من كان هيكلاً لله يكون فى السماويات وكل من صار كمركبة كاروبيمية يعرف الله صار فى السماويات. وأرسل تلاميذه ورسله كسهام وتنفذ كرازتهم الإنجيلية إلى القلوب. وتبرق فيها بنور المعرفة فيهتز كل شر فى القلوب وتتحطم مملكة الشيطان وتقوم بدلا منها مملكة الرب فى قلوب البشر. ويصبح المسيح ملكا يملك على قلوبنا بصليبه. فلنصلى "ليأتى ملكوتك".

الأعداد 17-20

الآيات (17 - 20): -

"17أَرْسَلَ مِنَ الْعُلَى فَأَخَذَنِي، نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 18أَنْقَذَنِي مِنْ عَدُوِّيَ الْقَوِيِّ، مِنْ مُبْغِضِيَّ لأَنَّهُمْ أَقْوَى مِنِّي. 19أَصَابُونِي فِي يَوْمِ بَلِيَّتِي، وَكَانَ الرَّبُّ سَنَدِي. 20أَخْرَجَنِي إِلَى الرُّحْبِ. خَلَّصَنِي لأَنَّهُ سُرَّ بِي.".

أَرْسَلَ مِنَ الْعُلَى فَأَخَذَنِي = الله بخلاصه العجيب كأنه مدّ يده من علائِهِ لينقذ داود وينقذنا بعد أن أشرفنا على الموت = نَشَلَنِي مِنْ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ = كما إنتشل موسى قبل أن يموت فى الماء. فالمياه الكثيرة تشير للموت المحيط بنا (آية5) والذى إنتشلنا منه المسيح. وداود واجه أحداث مميتة فى حياته (الأسد والدب ومحاولات شاول لقتله والحروب التى حاربها ثم محاولات قتله بيد إبشالوم إبنه...) وهذا ما كان داود يشير إليه، لكن المقصود بالموت الذى إنتشلنا المسيح منه هو موت الإنفصال عن الله.

لأَنَّهُ سُرَّ بِي = لسان حال داود أن الله سُرَّ به حين إختاره وحين مسحهُ وحين خلصه وحين جعلهُ ملكاً وحين قبل توبته. وهذا ينطبق على كل مؤمن، وبالنسبة للكنيسة التى دعاها الله من بين مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ إذ جمعها من بين الأمم والشعوب المتنوعة وخلصها من عدوها القوى الذى كان يربطها برباطات محبة العالم. وأخرجها المخلص إلى الرحب وأخرجها من ضيق الحياة الجسدانية إلى إتساع الإيمان الروحى فإنطلقت إلى حرية الروح. وخلصها من الموت الأبدى معطيا لها حياة أبدية.

الأعداد 21-25

الآيات (21 - 25): -

"21يُكَافِئُنِي الرَّبُّ حَسَبَ بِرِّي. حَسَبَ طَهَارَةِ يَدَيَّ يَرُدُّ عَلَيَّ. 22لأَنِّي حَفِظْتُ طُرُقَ الرَّبِّ، وَلَمْ أَعْصِ إِلهِي. 23لأَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ أَمَامِي، وَفَرَائِضُهُ لاَ أَحِيدُ عَنْهَا. 24 وَأَكُونُ كَامِلاً لَدَيْهِ، وَأَتَحَفَّظُ مِنْ إِثْمِي. 25فَيَرُدُّ الرَّبُّ عَلَيَّ كَبِرِّي، وَكَطَهَارَتِي أَمَامَ عَيْنَيْهِ.".

داود كرجل من رجال العهد القديم يتكلم عن البر بمفهومه ومن وجهة نظره وأنه إلتزم بالوصايا. هكذا كان شعور داود فى مز (18) أنه بار ملتزم بالوصايا لذلك أنقذه الله. هو حقيقة إنسان متواضع قال عن نفسه "برغوث وكلب ميت" ولكن هذا ما فهمه داود أنه إذا إلتزم بالناموس وبالوصايا فهو بار. ولكن الآن بعد أن سقط وتلوث فكيف يتكلم هكذا؟ هو فهم أن التوبة أعطته نقاوة ثانية، وآمن بقول ناثان النبى أن الرب نقل عنه خطيته = "تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج". ولكن هذا الكلام بمفهوم نبوى يتحدث عن المسيح البار الحقيقى وَحْدَهُ وداود يرمز لهُ. والآن صار لكنيسته جَسَدِهِ أن تقول أنها طاهرة فهى مغسولة بالدم. فالخلاص هو أن المسيح نزل إلى العالم ليحملنا فيه ونصير أعضاء جسده المقدس فنقف أمام الآب أولاداً له مبررين فى الدم الثمين، كمن هم بلا عيب، نحمل كمال المسيح فينا. نقف فى تواضع ونقول إن فعلنا كل البر فنحن عبيد بطالون نحن كلاب ميتة وبراغيث. لكن نحن فى المسيح كاملين فالبر هو بالمسيح.

هذه الآيات نرى فيها أن المسيح بررنا بدمه، ولكننا ما زلنا فى الجسد ونخطئ، ولكن باب التوبة مفتوح ودم المسيح يكفر عن الخاطئ التائب. وفى الآيات (26 – 28) نرى الله الديان الذى يقبل توبة التائب ويعاقب المتكبر المُصِّرْ على خطيته. وفى آية (29) نجد أن الله هو الذى يقود وينير الطريق للتائب، فالله يعين من يقبل إليه.

الأعداد 26-28

الآيات (26 - 28): -

"26«مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيمًا. مَعَ الرَّجُلِ الْكَامِلِ تَكُونُ كَامِلاً. 27مَعَ الطَّاهِرِ تَكُونُ طَاهِرًا، وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا. 28 وَتُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ، وَعَيْنَاكَ عَلَى الْمُتَرَفِّعِينَ فَتَضَعُهُمْ.".

مَعَ الرَّحِيمِ تَكُونُ رَحِيمًا … وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا = هذا رآه داود فى حياتِهِ، فطوال فترة بر داود وكماله كان داود فى مجده منتصراً على كل أعدائه. وبعد أن سقط إختلف كل شئ. حين إعوجت طرق داود إلتوت الطرق معهُ وأمامهُ، فرأى الله قاسياً معهُ، فكلمة مُلْتَوِيًا تترجم هكذا، وتترجم أيضا قاسياً. ولكن كان هذا لتأديبه فيعود كاملاً ويعود طاهراً فيرجع الله إليه ويكون كَامِلاً وطَاهِرًا معهُ. إذاً إلتواء الطرق أمامه كان لتأديبه وَتُخَلِّصُ الشَّعْبَ الْبَائِسَ = حقيقةً الله يكون كاملاً مع الكامل، لكن المسيح جاء للعالم وهو فى أشد درجات إنحطاطه وخطيته ووثنيته، فحينما إزدادت الخطية "وحيث كثرت الخطية إزدادت النعمة جداً" (رو20: 5). فالعالم كان قد وصل لحالة من البؤس والعمى جعلته لا يعرف الله فلم يطلبه فكان أن تجسد الله ليعرفه العالم ويطلبه. وَعَيْنَاكَ عَلَى الْمُتَرَفِّعِينَ فَتَضَعُهُمْ = المترفعين أى المتكبرين وهم الشياطين وكل من يمشى وراءهم هؤلاء سينزلون إلى الهاوية. ونرى مثالاً للآية وَمَعَ الأَعْوَجِ تَكُونُ مُلْتَوِيًا فى قصة أخاب حين أضله الروح الشرير (1مل20: 22). ونرى الآن مفهوماً آخر للآية أن المسيح صار سر برنا وتقديسنا فإننا به وفيه ننال الطبيعة الجديدة المقدسة فنصير رحماء وكاملين وأطهاراً ومتواضعين فندخل إلى علاقة جديدة مع الآب وكأننا نقول بك صرنا رحماء فنرحم الآخرين فترحمنا أنت يا الله.

كما رأينا فى الآيات السابقة المسيح المخلص، نرى فى هذه الآيات المسيح الديان الذى يكافئ البار ويعاقب الشرير المتكبر.

العدد 29

آية (29): -

"29لأَنَّكَ أَنْتَ سِرَاجِي يَا رَبُّ، وَالرَّبُّ يُضِيءُ ظُلْمَتِي.".

كيف نصير رحماء وكاملين ليصير الله رحيم وكامل معنا (آية26). إن الظلمة قد حلت بالنفس، إذ صارت فى جهالة، لذا جاء المسيح كلمة الله المعلم، مشرقاً على النفس بالمعرفة الروحية المخلصة فتستنير أعماقنا الداخلية. والله يطلب التوبة والسلوك بالبر فكيف نسلك وما هو الطريق، المسيح هو الطريق وهو نور العالم، بحياته وتعاليمه ووصاياه. لنرى كيف كان المسيح يسلك ولنتعلم. الوصية الوحيدة التى قالتها العذراء "مهما قال لكم فإفعلوه" (يو2: 5).

الأعداد 30-43

الآيات (30 - 43): -

"30لأَنِّي بِكَ اقْتَحَمْتُ جَيْشًا. بِإِلهِي تَسَوَّرْتُ أَسْوَارًا. 31اَللهُ طَرِيقُهُ كَامِلٌ، وَقَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ لِجَمِيعِ الْمُحْتَمِينَ بِهِ. 32لأَنَّهُ مَنْ هُوَ إِلهٌ غَيْرُ الرَّبِّ؟ وَمَنْ هُوَ صَخْرَةٌ غَيْرُ إِلهِنَا؟ 33الإِلهُ الَّذِي يُعَزِّزُنِي بِالْقُوَّةِ، وَيُصَيِّرُ طَرِيقِي كَامِلاً. 34الَّذِي يَجْعَلُ رِجْلَيَّ كَالإِيَّلِ، وَعَلَى مُرْتَفَعَاتِي يُقِيمُنِي 35الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ، فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ. 36 وَتَجْعَلُ لِي تُرْسَ خَلاَصِكَ، وَلُطْفُكَ يُعَظِّمُنِي. 37تُوَسِّعُ خَطَوَاتِي تَحْتِي، فَلَمْ تَتَقَلْقَلْ كَعْبَايَ. 38أَلْحَقُ أَعْدَائِي فَأُهْلِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ. 39أُفْنِيهِمْ وَأَسْحَقُهُمْ فَلاَ يَقُومُونَ، بَلْ يَسْقُطُونَ تَحْتَ رِجْلَيَّ.

40«تُنَطِّقُنِي قُوَّةً لِلْقِتَالِ، وَتَصْرَعُ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ تَحْتِي. 41 وَتُعْطِينِي أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي وَمُبْغِضِيَّ فَأُفْنِيهِمْ. 42يَتَطَلَّعُونَ فَلَيْسَ مُخَلِّصٌ، إِلَى الرَّبِّ فَلاَ يَسْتَجِيبُهُمْ. 43فَأَسْحَقُهُمْ كَغُبَارِ الأَرْضِ. مِثْلَ طِينِ الأَسْوَاقِ أَدُقُّهُمْ وَأَدُوسُهُمْ. ".

داود هنا يتكلم عن حروبه ضد الموآبيين والعمونيين... الخ والتى إنتهت بإنتصاراته. وهو هنا لا يفتخر بقوته بل يرجع الفضل لله. وإن كان العدو قوياً فالله هو قوة داود وهو ترس لهُ يصد جميع سهام العدو. وهو سور نار يحميه. أَقْفِيَةَ أَعْدَائِي أى يهرب أعداءهُ أمامهُ فيرى أقفيتهم. ولكن هذه الحرب هى صورة للحروب الروحية فبعد أن فتح الله عيوننا نرى أن إبليس يحاربنا فنقوم ونحاربه ومن المؤكد ستكون لنا النصرة فالله قوتنا. وترفعنى = كما على المرتفعات العالية فلا يلحق بى أذى فمن عاش مع المسيح فى السماويات وتذوق أنه ما أحلى الرب يكون لهُ قوة جبارة ويرفض إغراءات العالم وخطاياه. وتُوَسِّعُ خَطَوَاتِي فألحق بعدوى وأفنيه بقوة الصليب. فالله هو الذى أعطانا السلطان أن ندوس على الحيات والعقارب وكل قوة العدو. وفى آية (35) الَّذِي يُعَلِّمُ يَدَيَّ الْقِتَالَ فَتُحْنَى بِذِرَاعَيَّ قَوْسٌ مِنْ نُحَاسٍ = لقد تذكر داود هنا معركته مع جليات وكيف لم يستطع يومها أن يحمل الأسلحة الثقيلة فحارب بالمقلاع. والآن هو محارب جبار يجيد إستخدام كل أنواع الأسلحة وتعلم أن يضع يده داخل القوس النحاسى ويحمله ويدافع به. وكلمة تُحْنَى المقصود بها إلتفاف الذراع داخل القوس وحمله للقتال. والمعنى الروحى، أنه إذا كان الإنسان مازال فى بداياته الروحية تكون أسلحته بسيطة، وبعد أن ينمو روحياً يدربه الله على إستخدام كل الوسائل الخاصة بالحرب الروحية (أف6: 11 - 18). وفى (31) قَوْلُ الرَّبِّ نَقِيٌّ. تُرْسٌ هُوَ = الله قال لإبراهيم "لا تخف أنا ترس لك" (تك15: 1) والمعنى أن الله يحميه. وبهذا نفهم الآية أن من يلتزم بقول الرب يكون فى هذا حمايته. وقوله نَقِيٌّ وطَرِيقُهُ كَامِلٌ = من يلتزم بوصايا الله سيجد أنها نقية أى تجعل حياته فى نقاء وسلام وفرح. ويكون كاملا فى طرقه أمام الله والناس. الله أمين مع أولاده ويعطيهم وصايا صالحة تقود للحياة والفرح. وقال داود فى (مز12: 6) "كلام الرب كلام نقى كفضة..". لذلك نفهم أن كل وعود الله سينفذها فهو أمين وكامل فى وعوده.

فى الآيات السابقة رأينا عمل المسيح الفدائى وإرسال الروح القدس وأهمية حياة التوبة، وأنه ليس معنى الفداء أن الله سيقبل الخاطئ الرافض للتوبة بل علينا بحياة التوبة، فالمسيح المخلص هو أيضا المسيح الديان، والله يقود ويرشد. وفى هذه الآيات نرى أهمية الجهاد ضد الخطية وأننا فى حرب ضدها ولكن الله الذى أعان داود فى حروبه سيعين كل الملتجئين إليه وكل المجاهدين ضد الخطية.

الأعداد 44-51

الآيات (44 - 51): -

"44 وَتُنْقِذُنِي مِنْ مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي، وَتَحْفَظُنِي رَأْسًا لِلأُمَمِ. شَعْبٌ لَمْ أَعْرِفْهُ يَتَعَبَّدُ لِي. 45بَنُو الْغُرَبَاءِ يَتَذَلَّلُونَ لِي. مِنْ سَمَاعِ الأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي. 46بَنُو الْغُرَبَاءِ يَبْلَوْنَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ. 47حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَمُبَارَكٌ صَخْرَتِي، وَمُرْتَفَعٌ إِلهُ صَخْرَةِ خَلاَصِي. 48الإِلهُ الْمُنْتَقِمُ لِي، وَالْمُخْضِعُ شُعُوبًا تَحْتِي، 49 وَالَّذِي يُخْرِجُنِي مِنْ بَيْنِ أَعْدَائِي، وَيَرْفَعُنِي فَوْقَ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ، وَيُنْقِذُنِي مِنْ رَجُلِ الظُّلْمِ. 50لِذلِكَ أَحْمَدُكَ يَا رَبُّ فِي الأُمَمِ، وَلاسْمِكَ أُرَنِّمُ. 51بُرْجُ خَلاَصٍ لِمَلِكِهِ، وَالصَّانِعُ رَحْمَةً لِمَسِيحِهِ، لِدَاوُدَ وَنَسْلِهِ إِلَى الأَبَدِ».".

مُخَاصَمَاتِ شَعْبِي = إشارة لمحاربات شاول ثم رفض 10 أسباط لهُ بعد ملكه ثم ثورة إبشالوم ضده. فالحروب ضدنا من خارج ومن داخل. وَتَحْفَظُنِي رَأْسًا لِلأُمَمِ = هو ساد على كل الشعوب الوثنية حولهُ. وهذا رمز لسيادة المؤمن على إبليس بالرغم من حروبه الداخلية والخارجية. مِنْ سَمَاعِ الأُذُنِ يَسْمَعُونَ لِي = هم سمعوا عنى فأحبونى والآن يسمعوا صوتى. ولكن هذه الأيات يتكلم فيها داود بالنيابة عن المسيح الذى صار رأساً للأمم وبالكرازة آمن به العالم أى من سماع الأذن بكلمات الكرازة سمعوا للمسيح وأصبحت الشعوب التى لم تكن تعرف المسيح تتعبَّد لهُ (الأمم). بَنُو الْغُرَبَاءِ يَبْلَوْنَ وَيَزْحَفُونَ مِنْ حُصُونِهِمْ = الذين رفضوا المسيح فصاروا غرباء عنهُ وتحصنوا داخل حصونهم ليهاجموه ها هم يَبْلَوْنَ أى يخورون ويستسلمون ويخرجون من حصونهم.

نجد هنا داود لا يفتخر بقوته فهو محارب قوى. وقد نفهم أن تحنى بذراعيه قوس من نحاس المعنى المباشر أنه فى قوته الجسدية قادر أن يحنى قوس من نحاس. لكنه لا يفتخر بقوته، بل يقول الله أعطاه هذا تطبيقاً لقول بولس الرسول "من إفتخر فليفتخر بالرب" (1كو31: 1). وعلينا أن لا نفتخر بمواهبنا بل ننسبها لمن أعطاها لنا ونشكر الله عليها بل نفهم أنها وزنات يحاسبنا الله عليها.

هنا داود يذكر عمل الله معه فيذكر أمانته معه وكيف رفعه أمام أعدائه، ويسبح الله على كل أعماله. هذه تسبحة شكر لله المخلص.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثالث والعشرون - سفر صموئيل الثاني - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الحادي والعشرون - سفر صموئيل الثاني - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 22
تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 22