الأصحاح الأول – سفر صموئيل الثاني – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر صموئيل الثاني – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الأول

الأعداد 1-7

الآيات (1 - 7): -

"1 وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ شَاوُلَ وَرُجُوعِ دَاوُدَ مِنْ مُضَارَبَةِ الْعَمَالِقَةِ، أَنَّ دَاوُدَ أَقَامَ فِي صِقْلَغَ يَوْمَيْنِ. 2 وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ إِذَا بِرَجُل أَتَى مِنَ الْمَحَلَّةِ مِنْ عِنْدِ شَاوُلَ وَثِيَابُهُ مُمَزَّقَةٌ وَعَلَى رَأْسِهِ تُرَابٌ. فَلَمَّا جَاءَ إِلَى دَاوُدَ خَرَّ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ. 3فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ؟ » فَقَالَ لَهُ: «مِنْ مَحَلَّةِ إِسْرَائِيلَ نَجَوْتُ». 4فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «كَيْفَ كَانَ الأَمْرُ؟ أَخْبِرْنِي». فَقَالَ: «إِنَّ الشَّعْبَ قَدْ هَرَبَ مِنَ الْقِتَالِ، وَسَقَطَ أَيْضًا كَثِيرُونَ مِنَ الشَّعْبِ وَمَاتُوا، وَمَاتَ شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ابْنُهُ أَيْضًا». 5فَقَالَ دَاوُدُ لِلْغُلاَمِ الَّذِي أَخْبَرَهُ: «كَيْفَ عَرَفْتَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ ابْنُهُ؟ » 6فَقَالَ الْغُلاَمُ الَّذِي أَخْبَرَهُ: «اتَّفَقَ أَنِّي كُنْتُ فِي جَبَلِ جِلْبُوعَ وَإِذَا شَاوُلُ يَتَوَكَّأُ عَلَى رُمْحِهِ، وَإِذَا بِالْمَرْكَبَاتِ وَالْفُرْسَانِ يَشُدُّونَ وَرَاءَهُ. 7فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ فَرَآنِي وَدَعَانِي فَقُلْتُ: هأَنَذَا.".

لم يرسل داود أحداً ليسأل عن نتيجة المعركة فهى معروفة مقدماً. وربما خشى أن يظن أحد أنه متلهف على تولى العرش بموت شاول ورجاله. وهو فعلاً غير متلهف على ذلك.

الأعداد 8-13

الآيات (8 - 13): -

"8فَقَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: عَمَالِيقِيٌّ أَنَا. 9فَقَالَ لِي: قِفْ عَلَيَّ وَاقْتُلْنِي لأَنَّهُ قَدِ اعْتَرَانِيَ الدُّوَارُ، لأَنَّ كُلَّ نَفْسِي بَعْدُ فِيَّ. 10فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ وَقَتَلْتُهُ لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لاَ يَعِيشُ بَعْدَ سُقُوطِهِ، وَأَخَذْتُ الإِكْلِيلَ الَّذِي عَلَى رَأْسِهِ وَالسِّوارَ الَّذِي عَلَى ذِرَاعِهِ وَأَتَيْتُ بِهِمَا إِلَى سَيِّدِي ههُنَا». 11فَأَمْسَكَ دَاوُدُ ثِيَابَهُ وَمَزَّقَهَا، وَكَذَا جَمِيعُ الرِّجَالِ الَّذِينَ مَعَهُ. 12 وَنَدَبُوا وَبَكَوْا وَصَامُوا إِلَى الْمَسَاءِ عَلَى شَاوُلَ وَعَلَى يُونَاثَانَ ابْنِهِ، وَعَلَى شَعْبِ الرَّبِّ وَعَلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُمْ سَقَطُوا بِالسَّيْفِ. 13ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ لِلْغُلاَمِ الَّذِي أَخْبَرَهُ: «مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ » فَقَالَ: «أَنَا ابْنُ رَجُل غَرِيبٍ، عَمَالِيقِيٌّ».".

بحسب التقليد اليهودى فهذا الغلام هو إبن دُواغ الأدومى. هو شعر أن داود سيملك لا محالة فإختلق هذه الرواية الكاذبة المناقضة لما جاء فى الإصحاح السابق ليتملق داود. وهو مزّق ملابسه ووضع عليها التراب. وهو يخبر داود بأن شاول ويوناثان ماتا أى لا وريث للعرش فهنيئاً لك. وحينما أراد أن يخبر داود بأنه قتل شاول لم يقل قتل يوناثان أيضاً فهو يعرف المحبة التى تربط بينهما. وحينما رأى علامات الضيق على داود أكمل "لأَنِّي عَلِمْتُ أَنَّهُ لاَ يَعِيشُ بَعْدَ سُقُوطِهِ" = أى هو كان سيموت سواء فعلت ذلك أم لا. وليهنئ داود بالملك اعطاه إِكْلِيلَ شَاوُلَ وَسِّواره. وغالباً كان مع دُواغ الأدومى وشاول فى المعركة وحينما إنتحر شاول أخذهما الغلام معهُ ويُقال أن دُواغ الأدومى هو الذى أوحى لإبنه بهذه الفكرة ليضمن لهُ مكاناً فى بلاط داود. والإِكْلِيلَ = عصابة ضيقة من الذهب حول خوذته. وَالسِّوارَ يوضع على الذراع. هى قصة كاذبة مختلقة لكنه جنى ثمرة كذبه وطمعه "كراهة الرب شفتا كذب …" (أم22: 12 + يو45: 8).

لم يفرح داود بموت شاول ولم يفكر فى التشفى فيه ولا فى المجد الذى سيعود عليه بموت شاول بل ندبه وبكى وصام إلى المساء لأجل شاول ويوناثان وكل الرجال الذين ماتوا فى هذه الحرب. لذلك نفهم أن داود مع كل هذه الرقة حين يطلب الهلاك لأعدائه فى مزاميره لا يقصد إنتقاماً منهم ولا لمجد شخصى بل لمجد الله. (أم17: 24، 18 + 5: 17) والإنسان الروحى عموماً لا يفرح بما يحل بأعدائه من تعب فهو يطلب سلام الخليقة كلها وهكذا بكى المسيح على أورشليم الساقطة فحمل ظلاً للسيد المسيح.

الأعداد 14-17

الآيات (14 - 17): -

"14فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «كَيْفَ لَمْ تَخَفْ أَنْ تَمُدَّ يَدَكَ لِتُهْلِكَ مَسِيحَ الرَّبِّ؟ ». 15ثُمَّ دَعَا دَاوُدُ وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَقَالَ: «تَقَدَّمْ. أَوْقِعْ بِهِ». فَضَرَبَهُ فَمَاتَ. 16فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: «دَمُكَ عَلَى رَأْسِكَ لأَنَّ فَمَكَ شَهِدَ عَلَيْكَ قَائِلاً: أَنَا قَتَلْتُ مَسِيحَ الرَّبِّ».

لم يتوقع الغلام مثل هذا السؤال فصمت وحكم بصمته على نفسه.

الأعداد 18-27

الآيات (18 - 27): -

17 وَرَثَا دَاوُدُ بِهذِهِ الْمَرْثَاةِ شَاوُلَ وَيُونَاثَانَ ابْنَهُ. 18 وَقَالَ أَنْ يَتَعَلَّمَ بَنُو يَهُوذَا «نَشِيدَ الْقَوْسِ». هُوَذَا ذلِكَ مَكْتُوبٌ فِي سِفْرِ يَاشَرَ:

19«اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ. كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ! 20لاَ تُخْبِرُوا فِي جَتَّ. لاَ تُبَشِّرُوا فِي أَسْوَاقِ أَشْقَلُونَ، لِئَلاَّ تَفْرَحَ بَنَاتُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، لِئَلاَّ تَشْمَتَ بَنَاتُ الْغُلْفِ. 21يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ، وَلاَ حُقُولُ تَقْدِمَاتٍ، لأَنَّهُ هُنَاكَ طُرِحَ مِجَنُّ الْجَبَابِرَةِ، مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِالدُّهْنِ. 22مِنْ دَمِ الْقَتْلَى، مِنْ شَحْمِ الْجَبَابِرَةِ لَمْ تَرْجعْ قَوْسُ يُونَاثَانَ إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَيْفُ شَاوُلَ لَمْ يَرْجعْ خَائِبًا. 23شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ الْمَحْبُوبَانِ وَالْحُلْوَانِ فِي حَيَاتِهِمَا لَمْ يَفْتَرِقَا فِي مَوْتِهِمَا. أَخَفُّ مِنَ النُّسُورِ وَأَشَدُّ مِنَ الأُسُودِ. 24يَا بَنَاتِ إِسْرَائِيلَ، ابْكِينَ شَاوُلَ الَّذِي أَلْبَسَكُنَّ قِرْمِزًا بِالتَّنَعُّمِ، وَجَعَلَ حُلِيَّ الذَّهَبِ عَلَى مَلاَبِسِكُنَّ. 25كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ فِي وَسَطِ الْحَرْبِ! يُونَاثَانُ عَلَى شَوَامِخِكَ مَقْتُولٌ. 26قَدْ تَضَايَقْتُ عَلَيْكَ يَا أَخِي يُونَاثَانُ. كُنْتَ حُلْوًا لِي جِدًّا. مَحَبَّتُكَ لِي أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ. 27كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ وَبَادَتْ آلاَتُ الْحَرْبِ! ». ".

هى مرثاة داود على شاول ويوناثان: هذه المرثاة هى قصيدة شعرية تكشف عن مشاعر الحب والإخلاص. وعجيب أن داود الذى عاش فترة طويلة مطارداً من شاول يبكيه كأم تبكى ولدها. وَقَالَ أَنْ يَتَعَلَّمَ بَنُو يَهُوذَا: حتى تبقى ذكرى شاول ويوناثان دائمة. وأسماه داود نَشِيدَ الْقَوْسِ ربما لسببين: -.

  1. ربما من أجل أنه ذكر قوس يوناثان المحبوب لديه (2صم22: 1).
  2. ربما إشارة إلى أن الرب رجل الحرب (خر3: 15) وقوسه هم رجاله (زك3: 9) فكأن يوناثان ببطولته وإيمانه كان قوس فى يد الله يضرب أعداء الرب. (وهكذا كل مؤمن).

سِفْرِ يَاشَرَ: هو كتاب أدبى وليس من أسفار الكتاب المقدس (يش13: 10) ويقال أن ياشر إسم مأخوذ من يشورون وهو إسم التدليل لإسرائيل المحبوبة.

اَلظَّبْيُ يَا إِسْرَائِيلُ = يقصد يوناثان فسرعة الحركة من أعظم سمات المحارب: ولكن مع سرعته وُجِدَ مَقْتُولٌ عَلَى شَوَامِخِكَ = أى على جبال إسرائيل. وداود يتعجب كيف حدث هذا: كَيْفَ سَقَطَ الْجَبَابِرَةُ. جَتَّ = أعظم مدن الفلسطينيين وأَشْقَلُونَ = المدينة التى فيها أعظم هياكل عشتاروت يَا جِبَالَ جِلْبُوعَ لاَ يَكُنْ طَلٌّ وَلاَ مَطَرٌ عَلَيْكُنَّ = هو يطلب من الطبيعة أن تحزن عليهما. وَلاَ حُقُولُ ولا تَقْدِمَاتٍ أى ليكن ما فى الحقول لا يستحق أن يقدم منه لله بل فلتكن بوراً. وهذا كلام شعرى لا يفهم حرفياً بل هو مجرد تصوير عظم المأساة فى الآتى... طُرِحَ مِجَنُّ شَاوُلَ بِلاَ مَسْحٍ بِالدُّهْنِ = فكانت العادة اليهودية أن يمسح السيف بالدهن قبل إستعماله حتى يلمع. أى شاول قُتِلَ قبل أن يأخذ فرصة للحرب ولإظهار براعته وقوته. وعوضاً عن الدهن تلطخ مجن شاول بدمهِ = مِنْ دَمِ الْقَتْلَى وشَحْمِ الْجَبَابِرَةِ. وحدث هذا بالرغم من أن شاول ويوناثان كانا جبابرة ولَمْ تَرْجعْ قَوْسُ يُونَاثَانَ إِلَى الْوَرَاءِ وهكذا سَيْفُ شَاوُلَ. ولاحظ أنه يكثر من مديح شاول ونسى كل إساءاته. هذا لنقاوة قلبه. شَاوُلُ وَيُونَاثَانُ لَمْ يَفْتَرِقَا = إشارة لمحبة يوناثان لأبيه وأميناً لهُ وسنداً لأبيه فى حياته وها هو يموت معهُ ولم يفترقا. ولقد تجاهل داود كل عيوب شاول ولم يذكر سوى حسناته… أَلْبَسَكُنَّ القِرْمِزً والذَّهَبِ بسبب إنتصاراته فى الحروب إستقرت البلاد. والقرمز والذهب هو غنيمة المعارك. وحب يوناثان أَعْجَبُ مِنْ مَحَبَّةِ النِّسَاءِ. فالمرأة تترك بيت أبيها لتلتصق برجلها ويوناثان لم يخضع لمشورة أبيه فى قتل داود حتى بالرغم من أنه سيفقد العرش وذلك لمحبته لداود. (وراجع تفسير محبة وصداقة داود ليوناثان وقول داود أن محبة يوناثان له أعجب من محبة النساء فى مقدمة الإصحاح العشرين من سفر صموئيل الأول).

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر صموئيل الثاني - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 1
تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 1