الأصحاح الثامن – سفر صموئيل الثاني – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفر صموئيل الثاني – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح الثامن

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1 وَبَعْدَ ذلِكَ ضَرَبَ دَاوُدُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَذَلَّلَهُمْ، وَأَخَذَ دَاوُدُ «زِمَامَ الْقَصَبَةِ» مِنْ يَدِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. 2 وَضَرَبَ الْمُوآبِيِّينَ وَقَاسَهُمْ بِالْحَبْلِ. أَضْجَعَهُمْ عَلَى الأَرْضِ، فَقَاسَ بِحَبْلَيْنِ لِلْقَتْلِ وَبِحَبْل لِلاسْتِحْيَاءِ. وَصَارَ الْمُوآبِيُّونَ عَبِيدًا لِدَاوُدَ يُقَدِّمُونَ هَدَايَا.".

حروب داود النبى ضد الأمم الوثنية التى إنجرفت تماماً فى الرجاسات مع عنف وقسوة ووحشية تشير لجهاد المؤمن ضد الخطية بكل رجاساتها وعنفها. ونجد داود هنا منتصراً دائماً فإذا كان هناك سلام بين الإنسان والله ينجح الإنسان فى كل طرقه. أَخَذَ دَاوُدُ زِمَامَ الْقَصَبَةِ = بالمقارنة مع المكان الموازى فى (1أى1: 18) نجد أن داود "أخذ جت وكل قراها" وذلك لأن جت هى قصبة الفلسطينيين وزمام دولتهم وكانت جت لها قلعة محصنة عالية على تل تشرف منه على دان وعلى يهوذا ومن هنا تضرب إسرائيل وتذلهم. لذلك كانت جت هى أهم مدنهم. وكلمة زمام القصبة جاءت فى الترجمة العبرية "لجام الأمة" فكأن من يسكن جت يمسك بلجام إسرائيل ويحرك إسرائيل كيفما شاء فأمسك داود بهذا اللجام ليتحكم فى الفلسطينيين فقد صارت هذه القلعة فى يده (لو22: 11) وفى آية (2) نجد داود يضرب موآب ولقد سبق أن إستودع داود والديه لدى ملك موآب راجع (1صم22: 3، 4) فلماذا حدثت هذه الحرب؟ هناك إحتمالين:

1 - أن موآب كان يساند داود لمّا كان داود ضد شاول أمّا وقد وصار داود ملكاً فقد حاربه موآب.

2 - ويقول اليهود أن داود كان عنيفاً مع موآب لأنهم قتلوا أبوه وأمه اللذان تركهما عندهم فى سلام. وداود ضرب موآب وصار موآب يدفع الجزية لإسرائيل حتى زمن موت أخاب حيث ثار موآب ضد إسرائيل وعصاه (2مل3: 3، 4). وكانت ضربة داود ضدهم شديدة قَاسَ حَبْلَيْنِ لِلْقَتْلِ أى أجلسهم على الأرض وقاس الثلثين منهم بحبل فكانوا للموت وَبِحَبْل لِلاسْتِحْيَاءِ = أى الثلث أبقى عليهم. وهؤلاء الذين قاسهم داود كانوا هم الأسرى فهو قتل الثلثين من الأسرى وأبقى الثلث.

الأعداد 3-8

الآيات (3 - 8): -

"3 وَضَرَبَ دَاوُدُ هَدَدَ عَزَرَ بْنَ رَحُوبَ مَلِكَ صُوبَةَ حِينَ ذَهَبَ لِيَرُدَّ سُلْطَتَهُ عِنْدَ نَهْرِ الْفُرَاتِ. 4فَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْهُ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَاجِل. وَعَرْقَبَ دَاوُدُ جَمِيعَ خَيْلِ الْمَرْكَبَاتِ وَأَبْقَى مِنْهَا مِئَةَ مَرْكَبَةٍ. 5فَجَاءَ أَرَامُ دِمَشْقَ لِنَجْدَةِ هَدَدَ عَزَرَ مَلِكِ صُوبَةَ، فَضَرَبَ دَاوُدُ مِنْ أَرَامَ اثْنَيْنَ وَعِشْرِينَ أَلْفَ رَجُل. 6 وَجَعَلَ دَاوُدُ مُحَافِظِينَ فِي أَرَامِ دِمَشْقَ، وَصَارَ الأَرَامِيُّونَ لِدَاوُدَ عَبِيدًا يُقَدِّمُونَ هَدَايَا. وَكَانَ الرَّبُّ يُخَلِّصُ دَاوُدَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ. 7 وَأَخَذَ دَاوُدُ أَتْرَاسَ الذَّهَبِ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَبِيدِ هَدَدَ عَزَرَ وَأَتَى بِهَا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 8 وَمِنْ بَاطِحَ وَمِنْ بِيرَوَثَايَ، مَدِينَتَيْ هَدَدَ عَزَرَ، أَخَذَ الْمَلِكُ دَاوُدُ نُحَاسًا كَثِيرًا جِدًّا.".

أرام من أولاد سام ومنهم من سكن فى دمشق فكان إسمهم أرام دمشق ومن سكن فى صوبة صار اسمهم أرام صوبة ومن سكن بين النهرين صار إسمهم أرام بين النهرين وهكذا. والأراميين هم السوريين. وأرام كانت تضم فى الشمال مملكتين عظيمتين متمايزتين: أرام صوبة (عاصمتها صوبة ويظن أنها حمص) وأرام النهرين (وعاصمتها دمشق). ولقد بدأ داود بمحاربة هدد عزر ملك أرام صوبة. وصوبة كانت مملكة أرامية قوية غرب الفرات وإمتد سلطانها يوماً إلى حماة. وكانت دمشق إلى جنوبها (جنوب غرب). لِيَرُدَّ سُلْطَتَهُ = ذهب هدد عزر ليرد هيبته عند بعض الملوك الذين كانوا تحت سلطانه وتمردوا عليه. وإنتهز داود الفرصة فضربه وفى (4) قيل هنا أَخَذَ دَاوُدُ 1700 فَارِسٍ وَ20000رَاجِل وقيل فى (1أى4: 18) 1000 مركبة، 7000 فارس، 20,000 راجل. والآية فى (2صم4: 8) يفهم منها أن داود أخذ 1000 مركبة حطم منها 900 وأبقى 100 مركبة فقط أيضاً فهو يقول أَخَذَ دَاوُدُ ُ أَلْفًا وَسَبْعَ مِئَةِ فَارِسٍ …… وَأَبْقَى مِنْهَا مِئَةَ مَرْكَبَةٍ. بينما لم ترِد كلمة مركبة فى الآية كلها ولذلك نفهم أن الأية تكتب هكذا أخذ داود ألف مركبة و700 فارس. وهكذا جاءت الآية فى ترجمات كثيرة ويصبح الخلاف بين سفرى صموئيل والأيام فى عدد الفرسان فهنا 700 وفى الأيام 7000 وهذه لها حلول مقترحة.

1 - كما قلنا فى المقدمة أن هناك خلاف بين الكُتّاب فهناك من يأخذ العدد كما هو وهناك من يأخذ عدد الصفوف وكل صف به 10 فرسان ولذلك دائماً نجد الخلاف بين الأيام وغيره من الأسفار فى الأرقام هو خلاف إن وجد فهو (إمّا مقسوم على رقم 10 أو مضروب فى رقم 10).

2 - إن هذا التقسيم المشار إليه فى –1 - راجع إلى أن كل قائد لهُ مجموعة من 10 فرسان فإذا ذُكِر 700 فارس فهم الـ 700 قائد وإذا ذُكِر 7000 فهو يقصد كل الفرسان بقادتهم. وحينما رأى ملك أرام دمشق ما حدث أتى لنجدة ملك أرام صوبة فضربه داود أقام مُحَافِظِينَ فِي أَرَامِ لا تتجمع جيوشهم ثانية لمحاربته وألزمهم بدفع الجزية. وفى آية (4) عَرْقَبَ دَاوُدُ جَمِيعَ خَيْلِ الْمَرْكَبَاتِ = عرقب الفرس أى قطع الوتر الذى فوق الحافر فيتحول الحصان إلى حيوان عاجز لا يستطيع الحرب. والسؤال لماذا لم يأخذ داود الخيل ليحارب بها. داود برجاله كانوا أقوى من أرام بفرسانها لأن الله معهم. فالله لا يريد أن يزيد ملوك إسرائيل من قوتهم العسكرية حتى لا يظنوا أنهم بقوتهم العسكرية يزيدون وينتصرون. وهذا ضد إرادة الله أن يكون لشعبه قوة عسكرية أو شهوة أن تكون لهم قوة عسكرية، فهو الذى يحارب عنهم وذلك حتى لا ينتفخوا أو يتركوا الله الذى يحميهم ويحتموا بقوتهم فينفصلوا عن الله. هنا داود طبق الناموس تماماً (تث16: 17) وكان غير إبنه سليمان الذى إقتنى من الخيل الكثير. وراجع (مز7: 20 + 3: 27 + 10: 147). وأتراس الذهب والنحاس الذى أتى به داود إستفاد سليمان بها فى الهيكل. وَمِنْ بَاطِحَ وَمِنْ بِيرَوَثَايَ = بيروثاى كانت بين دمشق وحماة. وباطح وبيروثاى هما طبحة وخون فى اللغة الأشورية (1أى8: 18).

الأعداد 9-14

الآيات (9 - 14): -

"9 وَسَمِعَ تُوعِي مَلِكُ حَمَاةَ أَنَّ دَاوُدَ قَدْ ضَرَبَ كُلَّ جَيْشِ هَدَدَ عَزَرَ، 10فَأَرْسَلَ تُوعِي يُورَامَ ابْنَهُ إِلَى الْمَلِكِ دَاوُدَ لِيَسْأَلَ عَنْ سَلاَمَتِهِ وَيُبَارِكَهُ لأَنَّهُ حَارَبَ هَدَدَ عَزَرَ وَضَرَبَهُ، لأَنَّ هَدَدَ عَزَرَ كَانَتْ لَهُ حُرُوبٌ مَعَ تُوعِي. وَكَانَ بِيَدِهِ آنِيَةُ فِضَّةٍ وَآنِيَةُ ذَهَبٍ وَآنِيَةُ نُحَاسٍ. 11 وَهذِهِ أَيْضًا قَدَّسَهَا الْمَلِكُ دَاوُدُ لِلرَّبِّ مَعَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ الَّذِي قَدَّسَهُ مِنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ أَخْضَعَهُمْ 12مِنْ أَرَامَ، وَمِنْ مُوآبَ، وَمِنْ بَنِي عَمُّونَ، وَمِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَمِنْ عَمَالِيقَ، وَمِنْ غَنِيمَةِ هَدَدَ عَزَرَ بْنِ رَحُوبَ مَلِكِ صُوبَةَ. 13 وَنَصَبَ دَاوُدُ تَذْكَارًا عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنْ ضَرْبِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ أَرَامَ فِي وَادِي الْمِلْحِ. 14 وَجَعَلَ فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيدًا لِدَاوُدَ. وَكَانَ الرَّبُّ يُخَلِّصُ دَاوُدَ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ.".

أَرْسَلَ تُوعِي = أو توعو إبنه ليبارك لداود على إنتصاره على هددعزر لأن هددعزر كان عدواً لتوعى. وقبول داود للهدايا أعلن أنه يحب السلام وليس الحرب لكنه كان يهيئ لسليمان إبنه كل الظروف بإخضاع الأمم المقاومة حوله مثل أرام وأدوم … أو بإقامة علاقات سلام وود مع الأمم المسالمة مثل حماة حتى يتفرغ سليمان لبناء البيت. وكان فى حروبه يجمع المواد التى إستخدمها سليمان لبناء البيت مثل الذهب والنحاس … ألخ. وفى (2صم21: 5) نجد داود ينزع الأوثان الذهبية. وكلمة نزع هنا أتت بمعنى حطم وحرق ودمَّر فهو لم يأخذها لبناء الهيكل ولكن الذهب الذى أتى به من كل مكان غير الأصنام كرسه للهيكل.... لماذا؟ الله ليس فى حاجة لأى ذهب وأى فضة فهذا الذى تنجس فى الأوثان لا يريده الله (ومن هذا يتعلم رجال داود أن لا يقدسوا الأوثان بل يحتقرونها) وبالنسبة لنا فكل شهوة داخلنا يجب أن نصلبها، أمّا قوتنا وصحتنا وأموالنا فيجب إستخدامها لمجد الله. وفى (13) نَصَبَ دَاوُدُ تَذْكَارًا = ليذكر كل إنسان عمل الرب.

العدد 15

آية (15): -

"15 وَمَلَكَ دَاوُدُ عَلَى جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ دَاوُدُ يُجْرِي قَضَاءً وَعَدْلاً لِكُلِّ شَعْبِهِ.".

بعد أن هدأ داود ممن حولَهُ إهتم بشؤن شعبه وإجراء العدل (مزمور72: 2 - 4).

الأعداد 16-18

الآيات (16 - 18): -

"16 وَكَانَ يُوآبُ ابْنُ صَرُويَةَ عَلَى الْجَيْشِ، وَيَهُوشَافَاطُ بْنُ أَخِيلُودَ مُسَجِّلاً، 17 وَصَادُوقُ بْنُ أَخِيطُوبَ وَأَخِيمَالِكُ بْنُ أَبِيَاثَارَ كَاهِنَيْنِ، وَسَرَايَا كَاتِبًا، 18 وَبَنَايَاهُو بْنُ يَهُويَادَاعَ عَلَى الْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةِ، وَبَنُو دَاوُدَ كَانُوا كَهَنَةً.".

نجد داود يوزع المسئوليات مُسَجِّلاً = يكتب أحكام وأوامر الملك ويحفظها.

سَرَايَا كَاتِبًا = أى وزيراً ومفتشا للدولة. الْجَلاَّدِينَ وَالسُّعَاةِ = ينفذون العقوبات فى المذنبين وهم أيضاً حراس الملك. بَنُو دَاوُدَ كَانُوا كَهَنَةً = كلمة كهنة هنا أى شفعاء. يحكمون مع داود وإذا وجدوا لدى الشعب طلبة يقدمونها إليه. وفى (1أى17: 18) يقول بنو داود الأولين بين يدى الملك أى ندمائه المقربين ورؤساء لهم كلمتهم ربما فى القضاء أو الإدارة ووجودهم بين يدى داود يجعلهم تحت عين داود.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح التاسع - سفر صموئيل الثاني - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح السابع - سفر صموئيل الثاني - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 8
تفاسير سفر صموئيل الثاني الأصحاح 8