النقلون – الدكتور إبراهيم ساويرس

تحميل المقال

إنتبه: إضغط على زرار التحميل وانتظر ثوان ليبدأ التحميل.
الملفات الكبيرة تحتاج وقت طويل للتحميل.
رابط التحميل حجم الملف
إضغط هنا لتحميل المقال
1MB

النقلون

إبراهيم ساويرس

26 - 12 - 2021

منطقة النقلون الرهبانية، تمتد لمساحة شاسعة تتجاوز 4 كم2، في جنوب الفيوم، المنطقة تمتد في التلال الواسعة في المنطقة، والسهل المنخفض الموجود جوارها، بعض الكتاب الكلاسيكيين والجغرافيين أشاروا لها في كتاباتهم، والأنبا صموئيل المعترف سكنها في القرن السابع حيث كانت آنذاك عامرة بعدد من الأديرة. وكان بها عشرات المنشوبيات لسكنى الرهبان، وكنيسة كبيرة يأتي إليها سكان المنشوبيات والمتوحدين يومي السبت والأحد.

بدأت بعثة حفائر بولندية ضخمة إعادة استكشاف المنطقة في ثمانينيات القرن الماضي، ولم تزل تعمل حتى تاريخه. وأثناء أعمال المسح الطويلة والمعقدة استكشفت البعثة البولندية حوالي 90 مسكن رهباني، موزعة في مجموعتين شرقية وغربية. واكتشفت جبانة بيزنطية، ودير من العصور الوسطى به كنيسة الملاك غبريال بالإضافة لبعض البنايات الأحدث. أما المباني الديرية الملحقة فهي متداخلة ومعقدة جدًا حيث توجد بقايا أثرية يمكن تأريخها من منتصف القرن الخامس حتى القرن الثالث عشر، وبنفس الموقع توجد جبانة قبطية متأخرة تعود لزمن الفاطميين والأيوبيين وبقايا كنيسة مهدمة. خلال ما يزيد عن عشرين سنة من الحفار استكشف البولنديين بقايا أثرية تخرج عن الحصر، بما فيها رسوم جدارية تعود للقرن الحادي عشر بكنيسة دير الملاك غبريال.

حفر الرهبان القبط منشوبياتهم في التلال المنخفضة بحجم متوسط يكفي لسكنى راهبين، أحدهما هو المعلم والآخر تلميذ مبتديء. كل منشوبية لها مساحة خارجية مفتوحة ربما للضيافة وجدار يعزلها عما حولها. كل منشوبية مكونة من حجرتين، صغيرة وكبيرة، للصلاة والعمل والأخرى للنوم فقط. الحجرة المخصصة للعمل والصلاة تم تسوية جدرانها وحفر النيشات (الدخلات أو الشرقيات) فيها. النيشة الموجودة ناحية الشرق كانت الأكثر جودة وجمالًا، وبعضها كان مرسومًا، وبطبيعة الحال كانت هي المعدة للصلاة تجاه الشرق برهبة واحترام وجمال. احتوت المنشوبية على دخلة عميقة في أحد أركانها تصل لحوالي 180 سم استخدمت كمخزن لساكني المنشوبية تضم حاجياتهم الأساسية.

لم تكن كل المنشوبيات متطابقة، بل تميزت عمارة وحجم بعضها عن الآخريات. المنشوبية المرقومة 44 ومعروف الكثير عن الراهب الذي سكنها، كان حجمها مبالغ فيه، وتضم ساحة واسعة يبدو أن الرجل كان يلتقي فيها مع أهل قريته، وكان بها ثلاثة غرف يستخدم أحدها كعيادة لمعالجة مرضاه، حيث وجدت بها بعض أدوات طبية ووجد بها بعض نصوص وصفات علاجية باللغة القبطية. هذه المنشوبية تؤرخ بمنتصف القرن الخامس، ولكن يبدو أنها ظلت مستخدمة في أغراض طبية حتى القرون الوسطى.

المنشوبية رقم 85 لها وضع خاص أيضًا في عمارتها وحجمها وجودة جدرانها، وقد سكنها أمون، كاهن المنطقة الرهبانية، وكانت بها مساحات واسعة ربما استخدمت في اجتماعات أو في الصلوات. فربما كانت تلك أقدم قلاية وكنيسة في ذات الوقت لم تزل قائمة بمصر منذ القرن السادس.

عند ترميم كنيسة الدير القائمة بالفعل، وإزالة طبقات الدهان المتأخرة، تم الكشف عن رسوم قبطية غير معتادة تعود للقرن الحادي عشر، ويسميها المستكشفون الفنون القبطية في زمن الفاطميين، وهي أرثوذكسية الطابع بشدة، حيث تظهر العذراء حاملة الطفل الإلهي وبجوارها القديس مرقس المؤسس، والقديس أناسيوس حامي الإيمان في هيكل الكنيسة. ويعلو ذلك المنظر تصوير الآباء الرسل. على جدران صحن الكنيسة عدد من مشاهير الشهداء يتميز بينهم تصوير الشهيد الفارس بيجوش وهو فيما يعتقد التصوير الجداري الوحيد له. أحد الجدران يتزين بأحد القديسين الرهبان يُظن أنه شنودة الكبير.

كان بالمنطقة الرهبانية كنيسة أخرى على اسم الملاك ميخائيل، يحيط بها ما يمكن تسمية المباني الحياتية اللازمة للرهبان من مجمع وأماكن للعمل ومخازن وبعض الأبنية لم تستطع البعثة تحديد فيما كانت تستخدم بالضبط. لكنها أعطت لكل مبنى استكشفته ووثقته رقمًا حتى يتم دراسته مع المزيد من البحث والاستكشاف. بهذه المنطقة تم العثور على مئات الشذرات المكتوبة على البردي والرقوق والورق باللغات اليونانية والقبطية والعربية. محتويات هذه الشذرات المخطوطة شديدة التنوع والتعقيد ما بين الليتورجيا والخطابات والعقود وغيرها.

واحد من أهم اكتشافات البعثة البولندية كان أرشيف الثري القبطي جرجا ابن بيفام. هذا الرجل الغني اكتشف أرشيفه في جرة فخارية ضخمة كانت مدفونة في الرمال بالقرب من المبنى المرقوم E وهو أحد المباني قيد الدراسة حتى اليوم. الأرشيف عبارة عن 50 وثيقة مكتوبة باللغة العربية على الجلد، كلها تخص مكتب الثري القبطي الذي عاش في منطقة اللاهون في القرن العاشر غير بعيد عن منطقة اللاهون الرهبانية. بعض الوثائق مكتوبة على الورق، وأغلبها يخص التعاملات المالية لذلك الغني، وهي مصدر لا نظير له في دراسة الحياة الاجتماعية والاقتصادية في الفيوم في القرنين العاشر والحادي عشر، خاصة ان بعض تلك الوثائق مدون عليها تواريخها بدقة ووضوح في الأعوام 382 - 415 هجرية، 992 - 1029 ميلادية.

يبلغ مجموع الوثائق المكتوبة التي تم الكشف عنها فيما يزيد عن عشرين سنة من الحفائر أكثر من ألف وثيقة، تنوعت مواد الكتابة بين البردي والجلد والورق، واللغات ما بين اليونانية والقبطية والعربية. اكتشفت أغلبها بداخل المنشوبيات، وبالكوم الأثري الذي لم يزل يحتاج مزيد من الدراسة والحفر. أغلبها بلا تاريخ ويصعب تأريخه. لكن بطبيعة الحال هو ينتمي لزمن عمار المنطقة الرهبانية من القرن السادس حتى الرابع عشر، كما يرتبط بأنشطة الرهبان الذين سكنوه بطبيعة الحال. ليس كلها شذرات، بل بعضها أوراق كاملة من مجلدات، وليست كلها دينية الطابع. تنوعها يصل من أجزاء من سفر المزامير حتى عقود بيع المنتجات الزراعية. ويمكن تصنيف بعضها نصوص سحرية وقوائم حسابية وغيرها. أربعة كتب كاملة مكتوبة بالعربية، ولها تجليد خاص فخم، لا يُعرف لها أية علاقة بالمجتمع الرهباني، ومجلد كامل يضم إنجيل بوحنا، وشذرتين تضمان آيات قرآنية، ونصوص أخرى شديدة التنوع تحتاج سنوات من الفحص والدراسة. وبعض كلوفونات المخطوطات أيضًا بلا المخطوطات ذاتها. يربط بين تلك الشذرات علاقات شديدة التعليق أكشف عن بعض ما توصلت له دراستي له مع جاك فان در فليت في منشور مستقبلي.

كنزين من العملات تم الكشف عنهما بالمنطقة، الأقدم يعود للقرن الرابع وهو مجوعة عملات ذهبية بيزنطية ربما جاءت للطبيب الراهب الذي سكن منشوبية 44، والكنز الأحدث يعود لزمن الفاطميين وهو عدد من الدنانير الذهبية. الربط الطريف بين العملات والنصوص المكتشفة تجعلك تعرف مثلًا أن منزل ذا حديقة يتراوح سعره بين دينارين ونصف حتى أربعة دنانير بحسب مساحة الحديقة.

تظن البعثة البولندية أن أغلب من دفنوا بالجبانة التي نرجع للقرن السادس غير بعيدة عن منشوبيات التلال كانوا من العلمانيين وليسوا من الرهبان. وكانت بعض الدفنات فخمة تتميز بما وجد بها من منسوجات وأحذية. والجبانة الأخرى التي تعود للقرن الثاني عشر تتميز بذات الميزة، فقد وجدت بها دفنات لأطفال ونساء. ووجد ببعضها أدوات حياة يومية تخصهم. بعضها تونيات جميلة وأغطية رأس وشالات وغيرها، كما اكتشفت بعض أدوات ألعاب واستذكار الأطفال.

أغلب ما سبق مأخوذ من عدد من المقالات على موقع المركز البولندي لآثار الشرق الأوسط التابع لجامعة وارسو.

https://pcma.uw.edu.pl/en/.

قاد الحفائر لمدة عقدين حتى العام الماضي العلامة فولدزميريز جودلفسكي، ويمكنك مطالعة تقارير الحفائر إما على الموقع.

https://pcma.uw.edu.pl/en/research/season-by-season/.

أو بسلسلة مقالات مطولة نشرت في دورية PAM وبعض أعدادها متاحة بالمجان هنا.

https://pcma.uw.edu.pl/en/category/publications/pam-journal-en/.

بداخل كل تلك التقارير ستجد عناوين المراجع التي نشرت أي ما يستهويك من العناصر السابق ذكرها، إن أردت الحفائر بصورة عامة فهو جودلفسكي، إن أردت النصوص اليونانية فهو توماس دردا، إن تحب العملات اقرأ ليكوكا، وهناك الكثير لتكتشفه عن الفن والعمارة وصنعة النسيج وترميم الرسوم الجدارية، وإن كنت تريد النصوص القبطية فقد بدأنا في نشر بعضها في دورية JCoptS والبقية تأتي.

https://sohag-univ.academia.edu/IbrahimSaweros.

بعض صور الحفائر الجميلة بالألوان مع قائمة منشورات تجدها هنا.

https://pcma.uw.edu.pl/en/2019/02/16/naqlun/.

هنا عن ترميم بعض الرسوم الجدارية.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2002_XIV/127.pdf.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2001_XIII/93.pdf.

هنا عن المنسوجات المكتشفة بالجبانة.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2002_XIV/128.pdf.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_1999_XI/15.pdf.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2008_XX/PAM_20_Czaja_Szewczak_413_420.pdf.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2004_XVI/219.pdf.

عن صناديق الموتى الخشبية.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2004_XVI/220.pdf.

تقرير عن استكشاف الجبانة وما عثر عليه بها.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2009_XXI/PAM21_Dzierzbicka_Ozarek.pdf.

عن الحصر والسلال المكتشفة بالموقع.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2008_XX/PAM_20_Lyzwa_Piber_509_523.pdf.

عن الدفنات وشواهد القبور المكتشفة.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2006_XVIII/521.pdf.

بعض الحلي الثمينة والمجوهرات.

https://pcma.uw.edu.pl/wp-content/uploads/pam/PAM_2005_XVII/281.pdf.