ماذا يعني قول السيد المسيح عن الروح القدس: “ومتى جاء ذاك يبكت العالم… على برّ” (يو8:16)؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, ثمار الروح القدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يعني قول السيد المسيح عن الروح القدس: "ومتى جاء ذاك يبكت العالم... على برّ" (يو16: 8)؟

تبكيت العالم على خطية يعني عمل الروح القدس فى الكشف عن حقيقة العالم أنه خاطئ. وأما على البرّ فهو الكشف عن حقيقة ما فعله العالم بالمسيح، أى الصلب، فإن آلام المسيح المخلصة وصلبه هي لأجل تبريرنا. فالروح الذى ينير العينين ليدرك الإنسان خطاياه، ينيرهما أيضاً ليدرك قوة موت المسيح واهب البرّ.

"وأما على برّ، فيقول السيد المسيح:" فلأنى ذاهب إلى أبي، ولا ترونني أيضاً "(يو16: 10). أى يبكتهم على عدم إدراكهم لبرّ المسيح وقداسته، فقيامته وصعوده إلى السماء هما الدليل على برّه. لذلك إذ يصعد السيد إلى السماء يرسل روحه ليحمل قلوب البشرية إلى حيث المسيح جالس، فيتلامسوا معه ويختبروا برّه فيهم، بل يصير المسيح لهم براً.

لم يعرف الكثيرون برّ المسيح إلا بعد صعوده إلى السماء. حلول الروح القدس فى يوم العنصرة حسب الوعد الإلهي هو برهان على مجد المسيح الجالس على يمين العظمة (أع2: 33)، وهذا دليل على برّه الإلهي.

يتساءل القديس أغسطينوس لماذا قال السيد المسيح إن الروح القدس يبكت على برّ لأنه ذاهب إلى أبيه. ويجيب بأن الكلمة عند تجسده ومجيئه من عند الآب أظهر رحمته علينا، وبصعوده إلى السماء وذهابه إلى الآب نقوم معه، ونطلب ما هو فوق حيث المسيح جالس. إنه جالس على يمين الآب، يجلس بكونه الرأس والجسد، وكأن الكنيسة وقد صارت جسداً تتمتع ببرْ المسيح، حيث صار لها حق الجلوس فى السماء عن يمين الله[570].

يقول القديس أغسطينوس: [لذلك يليق بنا ألا نحسب أنفسنا منفصلين عن ذاك البرْ الذى يشير إليه الرب نفسه، قائلاً: "عن البرْ، لأنى ماضٍ إلى الآب". فإننا نحن أيضاً نصعد مع المسيح، ونحن مع المسيح رأسنا، الآن بالإيمان والرجاء إلى حين، لكن رجاءنا يكمل فى القيامة الأخيرة من الأموات. لكن حين يكمل رجاؤنا يكمل أيضاً تبريرنا. والرب الذى كمل هذا أظهر لنا فى جسده (أى فى رأسنا) الذى فيه قام وصعد إلى الآب ما يلزمنا أن نترجاه. فقد كُتب: "أُسلم من أجل خطايانا، وأُقيم لأجل تبريرنا" (رو4: 25).

يقول القديس أغسطينوس: [عندما يُوبخ بار (معتد ببره)، فإنه يُوبخ على خطية وليس على برّ. لهذا يجب ملاحظة إن هذا النطق الإلهى: "لا تكن باراً بزيادة" (جا7: 16، 20)، لا يخص برّ الإنسان الحكيم، وإنما كبرياء الإنسان المتعجرف. فالإنسان الذى يصير "باراً بزيادة"، بهذا الزيادة عينها يصير غير بارٍ. فإنه يجعل نفسه باراً بزيادة بقوله إنه بلا خطية، وتصوره أنه صار باراً ليس بنعمة الله، وإنما بالاكتفاء بإرادته الذاتية. وهو ليس باراً بالحياة البارة بل بالأحرى باكتفائه بالتصور بما هو ليس عليه[571].].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [ "على برّ، فلأني ذاهب إلى أبي، ولا ترونني أيضاً" (يو16: 10). بمعنى: "لقد أظهرت حياة بلا لوم، وهذا برهان إنى ذاهب إلى الآب". إذ كانوا على الدوام يحتجون ضده بأنه ليس من الله، ولذا دعوه خاطئاً وعاصياً، لذلك يقول إن الروح سينزع عنهم أيضاً هذا العذر. فإن كان يبدو عليّ إننى لست من الله اظهروا لى إنى عاصٍ؛ عندما يعلن الروح أننى ذاهب عنده، ليس إلى حين بل أسكن هناك، لأن القول "لا ترونني أيضاً" يعبر عن هذا؛ فماذا سوف يقولون إذن؟ لاحظوا كيف أنه بهذين الأمرين أزال شكهم الشرير، لأنه لا تُنسب المعجزات إلى شريرٍ، ولا البقاء مع الله يخص خاطئاً. لذلك لا تقدرون بعد أن تقولوا إن هذا الإنسان شرير، وأنه ليس من الله[572].].


[570] Sermon on N. T. Lessons, 3: 94 - 5.

[571] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractates, 3: 95.

[572] Homilies on St. John, 1: 78.

ماذا يعني قول السيد المسيح عن الروح القدس: "ومتى جاء ذاك يبكت العالم... على دينونة" (يو8:16)؟

ماذا يعني قول السيد المسيح عن الروح القدس: "ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى برّ وعلى دينونة" (يو8:16)؟