ما هو عمل الروح القدس في حياة المؤمن؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, ثمار الروح القدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو عمل الروح القدس في حياة المؤمن؟

إذ حلّ الفساد بالطبيعة الإنسانية فى آدم الأول خرجت البشرية كلها من الفردوس، وفارقها روح الرب، الذى هو سرّ حياتها وصلاحها بل وهو كنزها المخفي. فصارت الحاجة إلى آدم الجديد الذى وحده يقدر أن يبارك طبيعتنا فيه، كقول القديس غريغوريوس الثيؤلوغوس[544]، هذا الذى وحده لن يفارقه روح الرب، لأنه روحه. بهذا قدم لطبيعتنا مجدها الأول بعودة الروح القدس إليها وثباته فيها. فلم يكن ممكناً تجديد طبيعتنا إلا فى المسيح يسوع، الذى حلّ وسطنا وتوَّجنا بمجد عدم الخطيئة، وأغنى طبيعتنا بروحه القدوس، مقدماً على الصليب ثمن هذا العمل الإلهى. وللقديس كيرلس السكندرى عبارات رائعة فى هذا الأمر، نقتطف منها الآتى: [بسبب تعدي آدم "ملكت الخطيئة على الكل" (رو5: 14)، وفارق الروح القدس الطبيعة البشرية التى صارت مريضة فى كل البشر. ولكى تعود الطبيعة البشرية من جديد إلى حالتها الأولى احتاجت إلى رحمة الله، لكى تحسب بموجب رحمة الله مستحقة للروح القدس. لذلك صار الابن الوحيد كلمة الله إنساناً، وظهر للذين على الأرض بجسد من الأرض لكنه خالٍ من الخطيئة، حتى فيه وحده تتوج الطبيعة البشرية بمجد عدم الخطيئة، وتغتنني بالروح القدس، وتتجدد بالعودة إلى الله بالقداسة[545].].

يدعونا القديس مقاريوس الكبير أن نتمتع بكنز الروح القدس المخفي، فيقول: [إذا كان إنسان غني فى هذا العالم وعنده كنز مخفي، فمن ذلك الكنز والغنى الذى له يمكنه أن يشترى أى شيء يشتهيه. وبسهولة يجمع كل الأشياء النادرة التى يشتهيها فى هذا العالم ويكدسها، معتمداً على كنزه... بنفس الطريقة فإن الذين يطلبون ويسعون إلى الله، وقد وجدوا الكنز السماوى، أى حصلوا على كنز الروح، الذى هو الرب نفسه، مضيئاً فى قلوبهم، فإنهم يتممون كل برّ الفضائل، وكل غنى الصلاح الذى أوصى به الرب، وذلك من كنز المسيح الذى فيهم.

وبواسطة ذلك الكنز يتممون كل فضائل البرّ، معتمدين على مجموع الغنى الروحى الكثير المتجمع فى داخلهم، ويعملون بسهولة كل وصايا الرب بواسطة غنى النعمة غير المنظور الذى فيهم. يقول الرسول: لنا هذا الكنز فى أوانٍ خزفيةٍ "(2كو4: 7). أى الكنز الذى أعطى لهم فى هذه الحياة ليقتنوه فى داخل نفوسهم،" الذى صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء "(1كو1: 30). فمن وجد واقتنى فى داخله كنز الروح السماوى هذا، يتمم به كل برّ الوصية وكل تتميم الفضائل بنقاوة وبلا لوم، بل بسهولة وبدون تعصب.

لذلك لنتضرع إلى الله، ونسأله ونطلب منه بشعور الاحتياج، أن ينعم علينا بكنز روحه، لكى ما نستطيع أن نسلك فى وصاياه كلها بطهارة وبلا لوم، ونتمم كل برّ الروح بنقاوةٍ وكمالٍ، بواسطة الكنز السماوى، الذى هو المسيح...

فليغصب كل واحد منا نفسه ليطلب من الرب أن يُحسب أهلاً أن ينال وأن يجد كنز الروح السماوى. لكى ما يستطيع أن يتهيأ بدون صعوبة، أن يعمل كل وصايا الرب بنقاوة وبلا لوم، تلك الوصايا التى لم ينجح قبل ذلك فى أن يعملها مهما غصب نفسه[546].].


[544] قداس الإلهى القبطى "باركت طبيعتى فيك".

[545] دكتور جورج بباوى: شرح تجسد الابن الوحيد للقديس كيرلس الإسكندرى، 1975، ص12، 11.

[546] راجع عظات القديس أنبا مقار الكبير، ترجمة مؤسسة القديس أنبا انطونيوس لدراسات الآبا، عظة 18: 1 - 3.

هل كان التلاميذ في حاجةٍ إلى معلمٍ آخر يعزيهم؟

ما هو دور الروح القدس فى حياة الكنيسة بعد صعود السيد المسيح إلى السماء؟